الموضوع
:
حتى اقتل بسمه تمردك " الجزء الأول " مصريه بقلم/مريم غريب (مكتملة)
عرض مشاركة واحدة
20-12-17, 09:43 AM
#
20
فيتامين سي
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
?
العضوٌ???
»
12556
?
التسِجيلٌ
»
Jun 2008
?
مشَارَ?اتْي
»
42,438
?
الًجنِس
»
?
دولتي
»
?
مزاجي
»
?
نُقآطِيْ
»
?? ???
~
*حتي أقتل بسمة تمردك*
الحلقة (19):
إرتعدت بقوة علي أثر صوته الحاد ، لكنها إستطاعت أن تعيد هاتفهه كما كان بسرعة فائقة غير مرئية ، ثم إلتفتت بثقة و نظرت إليه باسمة ثم قالت:
-كنت بجهزلك هدوم.
و رفعت قطعة من ملابسه أمام عينيه ، فيما حمدت الله أنها كانت تمسك بها ، بدا غير مقتنع لكنه حدجها بقسوة قائلا:
-انا ماطلبتش منك تجهزيلي اي حاجة.
-منغير ما تطلب ده واجبي كزوجة .. دي ابسط حاجة ممكن اعملها.
أجابت بثبات واثق ، فرمقها بسخرية هازئة ثم قال:
-شكلك مابتعرفيش تأدي غير الواجب ده.
أجفلت خجلة ثم عضت علي شفتها بقوة ، فأضاف بحدة:
-بطلي تتذاكي عليا يا داليا .. انتي بتلعبي بالنار .. فاهماني ؟؟
إستقبلت نظراته الثاقبة بإضطراب ، بينما إبتعد عنها فجأة متجها صوب الخزانة و الماء يقطر من شعره علي كتفيه إلي صدره و ظهره .. بدا لها ظهره رائعا ، حيث تلألأت بشرته البرونزية المغطاة بقطرات الماء تحت أضواء الغرفة الخافتة ،كان حقا رائعا ، لم تبالغ أو تكذب حين قالت أنه أكثر جاذبية في غضبه ، كل هذه الأفكار وترتها كثيرا فإستدارت بقوة و إتجهت إلي الفراش ، أخذت تستعد إلي النوم و هي تدعو أن تمر الليلة بسلام كما مرت الليالي السبع الفائتة ، إستلقت ثم تظاهرت فورا بالنوم العميق ،بينما إنتهي هو من إرتداء ملابسه ، فسمعته يقترب منها، أحست به يعاينها و يتمعن في وجهها ، فوجدت صعوبة في المحافظة علي تنفسها الطبيعي المنتظم ، و قد راح قلبها يخفق كالمطرقة ، فتساءلت .. هل إنطلقت عليه حيلة نومها ؟ .. ليس من السهل أبدا خداع رجل حاد الذكاء و الملاحظة مثل"عز الدين" ، خاطبت نفسها و هي تترقب خطوته التالية ..
بدا أنه غير مكترث كثيرا بوضعها ، فها هو يبتعد قليلا و يحتل مكانه بالفراش في هدوء إلي جانبها ، كادت تفتح عينيها قليلا و تختلس النظر إليه ، ثم إستقر رأيها علي تحاشي أي خطأ يورطها في مماحكات مؤلمة و مهاترات باتت تعرف عواقبها ، و بعد لحظات معدودة إستطاع النوم أن يجردها من التفكير و التأهب بل من الواقع بأكمله ..
و كما بحدث عادة بعد ليلة من التفكير العميق و التوتر العصيب ، كان نومها متقطع قلق ، تخللته الأحلام و الكوابيس المزعجة ، لا تزال غير مطمئنة لوجود زوجها إلي جانبها ، فهو لا يزال يعاملها بقسوة و عنف ، غير أنها لم تنس بعد و لن تنس أبدا تلك العلاقة الحميمية التي تربط بينه و بين"جومانة" ..
في البداية كانت الأحلام متناثرة و متداخلة ضمت أشخاصا و أمكنة و أحداثا لا علاقة بهم تربط فيما بينهما علي الإطلاق ، ثم إتضح الحلم فجأة ، و عاد بها إلي اللحظات التي سبقت حادث"عبير"بليلة واحدة ، تلك الليلة الأولي بحق بينها و بينه ، تذكرت كافة التفاصيل ، و تراءت لها أيضا صورة تلك المرأة التي راقصت زوجها بالحفل .. أخذت تحس و كأنها تعيش المواقف و الأحداث من جديد و بشكل حقيقي جدا ، فضاق نفسها بشدة و راحت تنتفض في فراشها محاولة الخلاص من عذاب الحلم ، أوثق يديها خلف ظهرها بإحدي يديه ثم نزع ثوبها بالأخري ، دموعها تسيل من عينيها في صمت ، لا مجال لها من الهرب منه .... إنطلقت منها فجأة صرخة ذعر هائلة و هي تقاتل من أجل حريتها في ذلك الكابوس الثقيل ، فأنتفض"عز الدين"بمكانه مستيقظا علي أثر صرختها ، ثم أسرع و أضاء مصباح الطاولة المجاورة للفراش .. :
-في ايه ؟؟
سألها و هو يمسك ذراعيها بكلتا يديه ، فيما كانت ترتجف بذعر بين يديه ، و كانت عيناها تعكسان الخوف العميق الذي مازالت تشعر به جراء الكابوس .. :
-كـ كابوس.
أجابته بصوت مبحوح ، ثم قالت معتذرة و شفتاها ترتجفان بشدة:
-اسفة اني صحيتك.
رمقها بنظرة قاسية ذات مغزي ، فاجأتها تلك النظرة ، فهزت رأسها قائلة بعدما خمنت مغزي نظرته:
-بتبصلي كده ليه ؟ ماظنش انك معتقد اني بحاول اقربك مني بتصرفاتي ! انا فعلا شفت كابوس ماقصدش يعني.
-لو تقصدي ايه المشكلة ؟؟
إشتعل وجهها و هي تقول بإرتباك:
-لأ .. لأ طبعا مش قصدي أ ..
-اسكتي.
قاطعها بحدة ثم صمت قليلا و قال متهكما:
-مشكلتك يا داليا انك بتتعاملي معايا انا و اكيد .. لأ ده واضح جدا ان خبرتك قليلة مش زيي .. بس لازم تفهمي ان مش انا اللي بتأثر بدموع الستات زي غيري و لا بتأثر حتي بالجمال انا بقدر اتحكم في نفسي كويس وقت ما ببقي عايز علي عكسك انتي.
عليه اللعنة .. خاطبت نفسها .. إنه يعتقد أنها تفتعل تصرفاتها عمدا كي تثيره و تجذبه إليها ! .. يا له من شيطان خبيث .. :
-بس علي اي حال مافيش مشكلة احنا متجوزين و طبيعي يكون ليكي متطلبات.
رن صوته بإذنها هازئا قاسيا ، فأحست بمقاومتها المتلاشية تعود إلي التصلب ، فقالت بقوة نافية التهمة:
-انا مابفكرش في الحاجات دي خالص.
و لكي تثبت صدق كلامها نظرت إلي عينيه مباشرة ، و لكن قوتها لم تنجح تماما ، إذ قرأت في نظرته شيئا جعلها ترمش مضطربة ،و في اللحظة نفسها ، إنحني بغاية اللطف و الرقة و عانقها .. حاولت الإفلات لكنه قبض علي خصرها و ثبتها بمكانها حتي خارت قواها و هدأت ، فرفع يده و أخذ يداعب شعرها و يبعد خصلاته الحريرية عن جبهتها و أذنيها ، عانقته تلقائيا تحت تأثير لمساته الساحرة ثم رفعت يدها و أحاطت عنقه و مررت أصابعها في شعره الأسود ، فأبعد وجهه عنها قليلا و غمغم ساخرا:
-كنت بحسبك مابتفكريش في الحاجات دي خالص !!
لسعتها جملته الهازئة ، و أشعرتها بعجزها عن مقاومة إرادتها العاطفية ، فإندفع اللون الأحمر إلي خديها و قالت:
-تصرفاتك هي اللـ ...
-مش عارف ليه دايما بتدوري علي مبررات ؟!
قاطعها بخفة ساخرة ، فأجابته غاضبة:
-عشان تصدقني.
-انا مابقتش اصدق حد.
غمغم بخشونة و هو يضمها بقسوة مجددا إلي صدره ، فنسيت كل آلامها إذ كانت ترغبه الأن بمحض إرادتها ، رغم عنفه و قسوته فقدت الشعور بكل شيء إلا بحاجتها إلي قربه و دفئه .. فهتفت في نفسها الكلمة التي تتحرق شوقا لتهمسها بأذنه"بحبك" ... !
بعد مرور عدة أيام قليلة ، تعافت"عبير"تماما كما تمت إجراءات الزواج أيضا ، فتركت المشفي كي تنتقل إلي منزل زوجها ..
كانت السيارة في إنتظارهما عند المصف الجانبي للمشفي ، و بعد أن وضع"خالد"أغراضها و حقائبها علي المقعد الخلفي ، إستغربت أن يفتخ لها باب السيارة الأمامي ، و أن يتبرع بمساعدتها علي الصعود ، و فيما همت علي ذلك ، إستدارت بسرعة و نظرت إليه ...
لم يكن ينظر إليها ، بل كان مركز بصره أرضا ، أصبح جافا للغاية ، لكن خشونته أضفت عليه وسامة من نوع خاص ، عيناه السريعتا الملاحظة ، فمه المتماسك ، وجهه المتصلب ، شعره الأسود الكثيف اللامع ، أدركت في تلك اللحظة أنها بدأت تحبه !
و شعرت بالتعذية لكون تصرفاتها في الماضي وصلت إلي حد مبتذل غير لائق لا أخلاقيا و لا إنسانيا ..
كان ينتظر صعودها ليغلق الباب ، و عندما لم تفعل نظر إليها رافعا حاجبيه في دهشة:
-ماتركبي ! في حاجة ؟؟
هتف متسائلا ، فهزت رأسها نفيا ثم منحته إبتسامة صغيرة و إستقلت في هدوء ، فأغلق بابها بصرامة ثم إستدار و إستقل أمام المقود إلي جانبها ، شغل المحرك ثم أدار عجلة القيادة و أنطلق متجها إلي منزله ..
كانت خطوط الصباح الممتزجة بخيوط الشمس الذهبية تكسر السماء بضؤ ساطع أنار الطريق و ما حوله ، بينما ضاعف"خالد"سرعة السيارة عندما بلغ الطريق العام المؤدي إلي قلب المدينة الحديثة ..
و بعد مرور عدة دقائق كانت السيارة تنعطف إلي طريق جانبي يكسوه الغبار أمامه بوابتي حديد كبيرتين ، ترجل"خالد"من السيارة لفتح البوابتين ، ثم عاد و مر عبرهما ثم ترجل مرة أخري و أوصدهما من جديد قبل أن يعود و يتابع طريقه ، لم يكن المنزل يبعد أكثر من ميلين عن البوابتين ، فإتضح إلي"عبير"أنها سوف تمكث بفيلا أنيقة ، إذ أنها لم يسبق لها و زارت منزل"خالد"من قبل ، لم تكن بحاجة لذلك ، فهو كان دائم الحضور لديهم ..
كان المنزل رائع بحق ، رغم أنه لا يضاهي جمال قصر الـ"نصار"العظيم ، لكنه بني علي الطراز الإيطالي الجميل غير أن الأشجار أحاطته بشكل مذهل و الأزهار أيضا و ذلك الينبوع الصغير الذي صدر منه خرير مياه يجلب إسترخاء عالي، لم تكن تتوقع أن يكون منزل"خالد"بهذا الجمال ، بدت مذهولة و مضطربة في آن معا .. توقفت السيارة بصورة تدريجية بساحة المنزل البسيطة ، فترجل"خالد"برشاقة و في غضون دقائق قليلة كان قد نقل الحقائب من السيارة إلي الداخل ثم عاد إلي"عبير"و ساعدها بحزم في الدخول إلي المنزل ..
كان بيته في قمة الروعة و الأناقة و حسن الترتيب ، و قد تمازجت فيه المفروشات الحديثة بالتحف القديمة في ظل إضاءة عرف صاحبها كيف يبرز بواسطتها كل مكامن الجمال ، أفاقت من تأملها مذعورة حين حملها فجأة بين ذراعيه و توجه بها نحو الدرج ، كادت تتكلم فبادرها بجمود:
-اعتقد انك مش هتقدري تطلعي السلم علي رجلك.
كانت تنظر إليه بعينين خائفتين لكنه سرعان ما أخمد خوفها حيث إحتواها بلطف و كانه يبغي تطمينها بالشكل نفسه الذي يطمئن به حيوانا صغيرا و هو يأسره بين ذراعيه ، و هنا شعرت بنفسها مضطرة إلي قول أي شيء لتكسر حدة الأجواء المتوترة:
-البيت حلو اوي .. انت اللي فرشه علي ذوقك ؟؟
كان قد وصل بها إلي الغرفة ، فإتجه نحو فراش عريض ذا غطاء قرمزي أنيق ثم وضعها فوقه قائلا:
-كنت حريص اني اعمل نسخة مصغرة من القصر و لو بسيطة عشان ماتحسيش بأي فرق لما تيجي و تـ ...
صمت فجأة ثم رمقها بجفاء قائلا:
-عموما الببت بقي بيتك و الاوضة دي بتاعتك لو احتاجتي اي حاجة قوليلي.
ثم إستدار و كاد يخرج فأستوقفته قائلة:
-طب و انت هتنام فين ؟؟
أجابها و هو لا يزال علي وضعيته:
-البيت فيه خمس اوض .. اي اوضة ممكن انام فيها .. عن اذنك.
ثم تركها و غادر الغرفة سريعا مغلقا الباب من خلفه في هدوء ، فتنهدت بأسي ثم جلست تتأمل الغرفة بذهن مشوش و هي تفكر في المستقبل البعيد ... !
كانت تعدو مهرولة إلي خارج المنزل ، فأستوقفها صائحا:
-ياسمين !
توقفت فجأة ثم تلفتت حولها عابسة إلي أن وقع بصرها عليه فسألته:
-عمر .. ايه عايز حاجة ؟؟
إقترب منها بخطوات واسعة حتي وقف في مواجهتها في بقعة ظللتها أغصان الأشجار ثم سألها:
-رايحة فين علي الصبح كده ؟ انا فاكر ان ماعندكيش كلية انهاردة و لا مستشفي !!
أومأت رأسها مصححة قوله ثم قالت:
-صح انا ماعنديش اي حاجة انهاردة فعلا بس طلبوني في المستشفي في حالة مستعجلة.
ثم إنفرج ثغرها بإبتسامة بسيطة و قالت:
-بس انا ملاحظة انك حافظ جدول تحركاتي بالتفصيل !!
ضحك بخفة ثم أجابها:
-سو يا حبيبتي .. طبعا لازم احفظ جدول تحركاتك انتي بقيتي تخصيني و تهميني في نفس الوقت.
-ماشي يا عم المسؤول عن اذنك بقي عشان كده هتأخر.
-طب استتي هوصلك.
-لأ خليك في دكتور زميلي مستنيني برا .. سلام.
ثم تركته و تابعت سيرها المهرول ، بينما تجهم وجهه فجأة ، و أراد لو يمنعها من الخروج و لكن بأي صفة ؟ .. صر علي أسنانه بحنق و هو يتساءل .. ماذا يحدث ؟؟
-حمدلله علي سلامتك يا بيرو .. حمدلله علي سلامتك يا حبيبتي.
قالت"ريم"ذلك مخاطبة"عبير"عبر الهاتف ، فأجابتها"عبير":
-الله يسلمك يا ريم .. شوفتي اللي حصلي ؟!
واستها قائلة:
-معلش يا عبير علي اي حال ربنا ستر .. و كويس انك خرجتي من الكابوس ده علي خير مش مهم ايه اللي حصل بقي.
-بس اخواتي وحشوني اوي.
قالت باكية ثم تابعت:
-تصوري ماسألوش عليا خالص لحد دلوقتي !!
-طيب اهدي بقي و ماتعمليش في نفسك كده كله هيبقي تمام .. صدقيني كل حاجة هترجع زي الاول و احسن بس اصبري شوية .. هما لسا مصدومين يا عبير اللي حصل ماكنش سهل عليهم.
-لأ يا ريم .. انا عارفة اخواتي .. و خصوصا عز الدين عمره ما هيسامحني .. انا كرهت نفسي بجد اذيته اوي لتاني مرة في حياته مش هيسامحني .. مش هيسامحني.
ثم تعالي صوت نشيجها فهدئتها"ريم"قائلة:
-يا حبيبتي انتي اخته مش هيسامحك ازاي ؟ اصبري عليه بس زي ما قلتلك.
-اخته !!
هتفت ساخرة ثم أضافت كان أولي سامح امه يا ريم .. انتي ماتعرفيش هي حاولت معاه اد ايه طول السنين دي و هو كان دايما بيقابلها بالعنف و الرفض و لا كأنها امه .. عز الدين بارع في القسوة يا ريم لو قسي علي حد عمره ما بيحن تاني.
في تلك اللحظة سمعت طرقا علي باب الغرفة ، فكفكفت دموعها ثم إنهت الإتصال مع صديقتها و هتفت قائلة:
-ادخل.
إنتفتح باب الغرفة ليدخل"خالد"في هدوء حاملا بين يديه وجبة الغداء لها ، إقترب منها متمهلا و هو يصوب إهتمامه علي ما يحمله بين يديه حتي وصل إليها ، فوضع أطباق الطعام علي طاولة صغيرة قرب الفراش قائلا بجمود:
-ده الغدا .. اسف لو ماعحبكيش بس ده اللي عرفت اعمله من بكرة هاجيب واحدة تمسك شغل البيت.
إندفع الكلام من فمها بهدوء:
-مافيش داعي انا بقيت كويسة و ممكن اعمل كل حاجة بنفسي.
رمقها بدهشة ساخرة ثم قال:
-انتي !!
تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل ، فأومأت رأسها قائلة:
-ايوه انا.
-بس علي حد علمي انتي مابتعرفيش حاجة في شغل البيت !!
-مش مشكلة هتعلم.
هز كتفيه بلا إكتراث قائلا:
-ماشي .. كلي بقي قبل ما الاكل يبرد و ماتنسيش تاخدي دواكي.
-و انت مش هتاكل ؟؟
سألته بخفوت فأجابها:
-هاكل في اوضتي.
ثم إستدار و غادر الغرفة بعد أن أغلق الباب من خلفه ، هبطت دموع"عبير"دون شعور ، يبدو أنها سوف تتجرع الكأس المُرة لوقت طويل و قد لا تكون هناك نهاية أبدا ... !
خلال الأيام القليلة التي تلت ثاني ليلة حقيقية لهما ، لاحظت"داليا"تغيرا غريبا جدا في تصرفات"عز الدين"ليس في كل تصرفاته ، إنما في البعض منها ، لقد أبدي تحولا بسيطا أدهشها ، مثلا حين أعطاها مبلغا من المال و أرسل معها سائقه الخاص إلي السوق كي تشتري بعض الملابس و الأغراض لنفسها ، و لكنه علي أي حال لم يستطيع أن يبدل طباعه أبدا ، إذ أنه قال فور أن لمح الدهشة بعينيها"انا بس لاحظت ان هدومك قدمت شوية ده غير انهم من النوع الردئ جدا و ماتنسيش انتي متجوزة مين .. مايصحش تظهري قدامي او قدام اي حد بالشكل ده" ..
يا له من رجلا قاسٍ متغطرس ! .. لا يستطيع التخلي عن سخريته و إزدراءه إطلاقا ، و رغم ذلك سعدت"داليا"كثيرا بعد أن عادت محملة بعشرات القطع من الملابس و باقي الأغراض من أداوت التجميل و غير ذلك ، و لم تنس شقيقتها بالتأكيد ، فقد نالت"ياسمين"بعض القطع الثمينة و الأغراض المميزة أيضا ..
و مع أنها باتت أكثر أثارة و جاذبية في إطلالتها الجديدة إلا أنه بدا غير مكترث لذلك ، يبدو أنه لم يبالغ عندما أكد لها قدرته علي التحكم بغريزته و السيطرة علي نزواته الطارئة ، تمنت لو أنها تملك قوة إرادته و برودة أعصابه ..
مع الوقت راحت"داليا"تكتشف أن أعمال زوجها الواسعة تعد أهم شيء بحياته .. حيث أنها تبتلع معظم وقته ، علي الطرف الأخر لم تسمع"داليا"أي أخبار عن"عبير"سوي أنها بخير و في مأمن مع"خالد" ، يبدو أنها لن تنال عفو أخيها بسهولة !
كانت"داليا"تقف بوسط المطبخ ، تشرف علي الخادمات و تساعدهن في إعداد وجبة الغداء ، و فيما كانت تباشر في تقطيع الخضروات جاءتها"فاطمة"قائلة:
-ست داليا.
-نعم يا فاطمة في حاجة ؟؟
سألتها"داليا"و هي تركز إهتمامها علي عملها ، فأجابتها"فاطمة":
-في ضيفة طالبة تشوف حضرتك.
قطبت"داليا"حاجبيها بإستغراب قائلة:
-ضيفة طالبة تشوفني انا ؟ مين دي يا فاطمة ؟؟
-جومانة هانم.
أحست"داليا"بإنقباض خفيف في صدرها لدي سماعها إسم غريمتها .. فحولت نظرها إلي"فاطمة"متسائلة:
-انتي تقصدي جومانة خطاب ؟؟
أومأت"فاطمة"رأسها قائلة:
-ايوه هي حضرتك .. انا قعدتها في الصالون الصفير.
إحتقن وجه"داليا"بغضب ، فتساءلت مغتاظة .. لماذا جاءت ؟ .. ماذا تريد تلك الساقطة ؟؟ ..
تركت"داليا"ما كانت تفعله ، ثم توجهت نحو صنبور الماء و غسلت يديها ثم جففتهما و قبل أن تخرج من المطبخ نادت"فاطمة"و سألتها:
-قوليلي يا فاطمة .. شكلي كده كويس ؟؟
إبتسمت"فاطمة"ببساطة ثم أجابتها بصدق:
-قمر يا ست داليا .. انتي ما شاء الله جميلة جدا اصلا.
منحتها"داليا"إبتسامة لطيفة ثم أسرعت لتقابل الزائرة .. عندما إلتقتا كانت"جومانة"تجلس فوق مقعد وثير ، واضعة ساق فوق الأخر و قد إرتدت ثوب قصير بالكاد يغطي فخذيها ، لم تنهض علي الفور حين رأت"داليا"بل إتبعت البرود في تصرفاتها متعمدة ، ثم أخيرا نهضت و نظرت إليها بإعتلاء ساخر ، بينما إستقبلت"داليا"نظراتها بإبتسامة هادئة واثقة ، و تعمدت هي أيضا ألا تصافحها بل إكتفت بقولها:
-اهلا بيكي يا انسة جومانة .. منورة.
رمقتها"جومانة"بعداء سافر ثم قالت بحدة:
-ما بلاش تستمري في الترحيب المزيف ده يا .. هه .. يا مدام داليا .. انتي عارفة كويس زي ما انا عارفة اننا بنكره بعض.
إصطنعت"داليا"إبتسامة خفيفة ثم سألتها:
-طب و لما حضرتك عارفة كده كويس .. ايه اللي جابك ؟؟
هزت"جومانة"كتفيها بلا إكتراث قائلة:
-انا كنت جاية لعز .. بس اتضح انه مش موجود فقلت اقابلك انتي عشان توصليله حاجة كان نسيها عندي.
ثم فتحت حقيبة يدها و أخرجت خاتم عرفته"داليا"علي الفور ، أنه لـ"عز الدين"، قطبت حاجبيها في تساؤل ، بينما ضحكت"جومانة"بغنج قائلة و هي تضع الخاتم بكف"داليا":
-الخدامة بتاعتي لقيته و هي بتوضبلي السرير .. ماتنسيش تديهوله بقي.
لوهلة أرادت"داليا"أن تنهار باكية ، لكنها أخفت مشاعرها المتأججة في صدرها كي لا تعطي غريمتها مجالا للشماتة بها أكثر ، و بينما كانت تهم"جومانة"علي الرحيل ، إقتربت من"داليا"ثم همست بأذنها ساخرة:
-مسكينة انتي يا داليا .. يا حرام صعبانة عليا خالص .. كنتي فاكرة انك هتفضلي مراته علطول ؟ جايز انتي دلوقتي مراته فعلا و جايز هو مبسوط معاكي لانك حلوة .. بس مسيره يمل و يزهق منك .. انتي مش هتقدري تلبي احتياجاته .. عز الدين نصار مايكتفيش بست واحدة .. سلام يا حبيبتي.
ثم مضت في سبيلها إلي الخارج ، تاركة"داليا"خلفها تكاد تموت قهرا ، لم تستطع"داليا"السيطرة علي دموعها التي هطلت بغزارة ، فبسرعة وضعت يدها علي فمها تكبت نشيج مُر يكاد يفتك بها ، ثم ركضت مهرولة بإتجاه الغرفة ، إرتمت علي الفراش دافسة وجهها لدي الوسادة الناعمة ، ثم أخذت تجهش ببكاء مرير ، أرادت أن تصرخ بقوة حتي ينقطع نفسها ، فمازال صوت"جومانة"الهازئ يرن بأذنيها ، كما لا تزال كلماتها تعذبها و تحرق قلبها بلا رحمة ..
لم ينقطع بكاء"داليا"منذ أكثر من ساعة ، سكتت فقط حين أتاها صوته العميق متسائلا:
-ايه ده مالك ؟؟
رفعت وجهها المغطي بدموعها عن الوسادة المبتلة ، ثم نظرت إليه واهنة ، فسألها مجددا بنبرة جامدة إنما أقل حدة:
-ايه اللي حصل ؟؟
فإبتسمت بمرارة ، ثم تحاملت علي نفسها و نهضت لتقف في مواجهته ، ثم أمسكت بيده و وضعت بها خاتمه قائلة:
-انسة جومانة .. جت عشان ترجعلك ده .. بتقول خدامتها لقيته و هي بتوضبلها السرير.
حدق فيها"عز الدين"بثبات ، فلم تستطع قراءة تعابير وجهه ، إذ كانت ملامحه جامدة و كأنه يعترف بصحة شكوكها .. :
-طلقني.
هتفت دون وعي ، فسألها هازئا:
-نعم ؟!
-بقولك طلقني.
قالت بوعي هذه المرة ، ثم صرخت بوهن:
-انا خدت قراري .. همشي من هنا خلاص مش عايزة اعيش معاك.
تقلصت عضلات وجهه بغضب فقبض علي معصمها بعنف ، ثم صاح بقسوة:
-مافيش حد هنا بياخد قرارات غيري و مش بمزاجك انتي هتفضلي هنا لحد ما اقرر انا انك تمشي.
غالبت بجهد شعور بالغثيان إحتلها فقالت لاهثة:
-انا بكرهك .. بكرهك و مابقتش طايقاك خلاص انت انسان اناني خاين و ...
قاطعها حين إرتفعت يده المفتوحة و صفعتها بقوة ، فإنتفضت"داليا"بعنف باكية و هي مسجونة بين ذراعيه ، بينما أحمر أحد وجنتيها و سالت دموعها المتساقطة علي الأخر ، فأخذ"عز الدين"يهزها بعنف صائحا:
-لو نطقتي كلمة تانية هتشوفي تصرفات مش هتعجبك ابدا يا داليا .. اوعي تنسي نفسك مرة تانية و انتي بتكلميني و خليكي فاكرة كويس ان منغيري كنتي فضلتي في الشارع لحد دلوقتي.
كانت هزته العنيفة لها بكلماته بمثابة الضربة الأخيرة لتحطيم تماسكها ، فدفعته عنها بضعف و إندفعت صوب الحمام ، إرتفعت محتويات معدتها فجأة فأفرغت كل شيء بالحوض ثم غلست وجهها بالمياه الباردة حتي خارت قواها ، فتهاوت قدماها و جثت علي الأرض منهارة و هي ترتجف بقوة و دموعها تنساب بغزارة ، كانت تشعر بقدر هائل من الأعياء حال دون إهتمام بما يحدث بالإضافة إلي آلمها النفسي ..
بينما دلف"عز الدين"إليها مسرعا ثم ...
التوقيع
شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به
فيتامين سي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى فيتامين سي
البحث عن كل مشاركات فيتامين سي