عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-18, 12:58 PM   #3

Hader Elsayed

? العضوٌ??? » 410916
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 482
?  نُقآطِيْ » Hader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond reputeHader Elsayed has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني


الفصل الثاني

أغلق الهاتف بعد محادثة طالت وجدالات كثيرة لم تثمر كالعادة .. فحلا العنيدة أقنعته كعادتها بوجهه نظرها التي لم تعد تفاجئه .. تلك الصغيرة المليئة بالحياة تمتلك من الحكمة ورجاحة العقل ما لا يمتلكه الكثيرين .. ابتسم وهو يحرك رأسه بمعني لا فائدة عندما لاحظ نظرات زوجته الفضولية له .. كعادتها تهتم بكل من حولها .. أمرأة بقلب من ذهب .. أم بالفطرة .. أحياناً يشعر بأنها تهادنه كطفل لا ككبير عائلة ورجل رأي الكثير وعلمته الحياة والتجارب ما هو أكثر .. اختيار صائب لمن يثق بأنها ستحتوي عائلته وتكون نعم العون والسكن .. ابتسم لها بمودة وهو يقترب مقبلاً جبهتها بامتنان صامت قبل ان تساله ,,,

- " خير يا حاج مالها حلا بقالكوا كتير بتتكلموا .. في حاجة , هي وجوزها كويسين ؟ "

أومأ لها ايجاباً قبل أن يتمدد علي الفراش متكئاً برأسه علي ظهر سريره ,,,

- " مفيش يا حاجة كلاتهم بخير .. كانت بتكلمني علي كريم أخوها "

ضيقت بين عينيها بتساؤل صامت فتابع ,,

- " كريم هيسيب الشغل في الشركة عندينا "

شهقت واضعة يدها علي صدرها وهي تهتف بجزع ,,,

- " محمد عمل حاجة تاني ؟ "

حرك رأسه نفياً ثم زفر بخفوت ,,

- " لا محمد معملش حاجة المره دي بس هي عاوزة تبعد اخوها عنيه وعن ندي علشان غيرة محمد "

رفعت فاطمة حاجبيها باعجاب لم تخطئه عيناه وهتفت ,,

- " ست الستات بصحيح عقلها يوزن بلد .. ربنا يكملها بعقلها ويخليلها بنتها "

أمن الحاج بلال عليها وشرد بعينيه في الفراغ .. لقد طال عقاب ندي لمحمد اكثر مما كان يتوقع .. رغم فخره بقدرتها علي اثبات نفسها بعيداً عن كنفه .. الا انه يخشي من طول الهجر .. ومحمد رغم حبه الواضح لندي الا انه في الأخير رجلاً .. يحتاج لزوجة ترعاه .. فبرغم عودة جمالات بعد شفائها وبقائها برفقته .. الا ان فراشه البارد يحتاج لدفء أنثي .. ويخشي أن تدفعه ندي رغماً عنه لما لا يحمد عقباه .. زفر بخفوت عندما اتته نبرة زوجته القلقة ,,,

- " مالك يا حاج سرحت في ايه ؟ "

حرك رأسه نفياً وهو ينزلق ليفترش سريره بينما يميل بجزعه ليطفيء نور الغرفة الجانبي ,,,

- " ولا حاجة يا حاجة .. تصبحي علي خير يا ست الستات "

لم تريحها نبرة صوته والقلق الذي استشعرته بها .. ولكنها اثرت الصمت وتمددت بدورها وهي تهمهم بخفوت ,,,,

- " وانت من اهل الخير "

***

في الصباح بمنزل عائلة باسم ,,,

وقفت مها تعدل من رابطة عنقه وهي تتشيح ببصرها عن عيناه والاحمرار يغزو وجنتيها من نظراته المتفحصة لها .. ابتسم بثقة واضعاً يديه في جيوب بنطاله وهو يرفع احدي حاجبيه بمكر هامساً وهو يميل عليها بوجهه ,,,

- " مالك ,, هو انتي لسة بتتكسفي مني ؟ "

عضت شفتها السفلي بحرج ولم تجيب فتابع بنفس النبرة ,,,

- " متخافيش عادي يعني ما نادر ساعات بيسيبلك حور .. مفيهاش حاجة يعني يوم من نفسنا نسيبلهم يزن "

اشتعلت وجنتاها وهي ترفع عيناها نحوه هامسة ,,,

- " ازاي بس يا باسم هقول لرحمة خدي ابني يبات في جناحك النهاردة .. موقف محرج "

قرص وجنتها ثم مال عليها مقبلاً لها وهو يهمس في أذنها ,,,

- " خلاص أنا هسيبه لنادر ,, ملكيش حجة أهو "

أطرقت برأسها ولم تجيبه .. فامتدت أنامله لتمسك بذقنها لتواجهه وهمس برجاء ,,,

- " علشان خاطري .. وحشتيني يا مها متستعبطيش بقي "

ابتسمت ولم تجيبه فتصنع الحزن وهو يترك ذقنها ليبتعد عنها ,,,

-" خلاص يا مها مش هقوله حاجة واضح ان انا موحشتكيش "

اتسعت عيناها بصدمة من مسار أفكاره وبدون وعي اسرعت لتقترب منه عاقدة ذراعيها خلف رأسه وهمست بشوق واضح ,,

- " والله وحشتني اوي .. خلاص متزعلش بس بردو انت الي هتقول لنادر "

ضحك بصوت مرتفع وهو يلف ذراعيه حول خصرها ليشدد من احتضانها وهمس امام شفتيها ,,,

-" هتوحشيني لحد بليل "

ثم قبلها قبلة سريعة و خرج مسرعاً ليلحق بنادر ,,,,

في نفس الوقت في جناح نادر ورحمة ,,,,

- " يلا يا نادر هتتأخر علي الشركة "

خرج من الحمام يلف المنشفة حول خصره وترك صدره عارياً .. بينما بمنشفة أخري يجفف رأسه .. أبعد المنشفه عن احدي عينيه وهتف ممازحاً ,,

- " حلاوتك يا واد يا صعيدي انت وانت متدبلج بالعامية "

تناولت منه المنشفة وبدأت تساعده في تجفيف شعره هاتفة بحنق ,,,

- " بلا عمتك بلا خالتك بقي "

ضحك بشدة وهو يقبض بيديه علي معصميها ليجذبها فتسقط علي صدره قبل أن يهمس باغواء ,,,

- " نيمي البت قبل ما اجي أنا بقولك أهو بدال ما ارتكب فيكي جناية "

ضحكت بغنج وهي تقترب منه هامسة ,,,

- " ولو منيمتهاش هتعمل أيه يا سبعي "

اعتصر خصرها فتأوهت بخفوت قبل أن يهمس بمكر أمام عينيها ,,,

- " لو قولتلك دلوقتي هعمل ايه مش هلحق أروح الشركة .. وعن نفسي شايفها فكرة ممتازة "

تململت بين ذراعيه وهي تهتف بتحذير و تبرق بعينيها ,,

- " بعد عني يا نادر أني بجولك أها "

ضحك بانطلاق وهو يبتعد عنها ليتناول وملابسه الموضوعه علي الفراش وهتف من بين ضحكاته ,,,

- " واضح أن المدبلج بتاعك بيتخلي عنك لما بتتوتري .. لازم أشوفلك واحد مستورد أنا عارف النوع الصيني ده عمره قصير زي طوله "

رن هاتفه فأسرعت لتنظر لرقم المتصل الذي ما كان سوي باسم ففتحت الخط وقالت ,,,

- " صباح الخير يا أبو يزن "

- " صباح الخير يا رحمة .. جوزك فين "

- " بيلبس أهو ونازل علطول "

صرخ بها نادر بسرعة ,,,

- " قوليله ميمشيش عربيتي لسه عند الميكانيكي "

سمعت صوت ضحكة باسم الذي وصلته كلمات أخيه هاتفاً ,,,

- " قوليله هستناه علي السفرة ميتأخرش "

- " حاضر "

***

بعد ان استقلا السيارة هتف باسم ونادر في نفس الوقت ,,,

- " بقولك يا ندور " - " بقولك يا باسم "

ضحك نادر بانطلاق وهو يهتف ,,,

- " استر يارب طالما فيها ندور تبقي فيه مصيبة "

باسم ضاحكاً ,,

- " عيب عليك ده أنت حبيبي ورجولة "

- " أيوة أيوة قسم وسمعني عاوز ايه يا كبير "

- " عاوزك تعمل مع اخوك حركة جدعنة وتاخد يزن يبات في جناحك النهاردة "

ضحك نادر حتي أدمعت عيناه وهو يضرب كف بكف ,,,

- " هار أسوووح انضربت الليلة "

- " ها "

- " ولا ها ولا با بقي .. أنا النهاردة هشوف حد من الفراشين يكون عنده مربية ثقة .. الوضع ده مينفعش هنحرف الله يحرقكوا "

أيده باسم وقال ,,,

- " صح وعلي الله واحده فيهم تعترض .. الوضع معادش ينفع يتسكت عليه "

***

كان يتحرك في مكتبه كالليث الحبيس .. لم ينم ليلته وعقله لا يستوعب تصرفات ندي .. لقد امتن حقاً لتصرف حلا عندما أخبره جده قبل أن يخرج من البيت باستقالة كريم .. يعترف بأن كريم كان مكسباً للشركة .. لقد أنبه ضميره الا أن فكرة عمله في شركة سيف كانت فكرة سديدة .. ستريح ضميره من ناحيتة علي الأقل .. رغم عدم اتفاقه معه بسبب التصاق ندي به واعتمادها عليه .. الا انه يعترف بكفاءته وجديته واخلاصه في العمل .. نظر في ساعة معصمة .. لماذا تاخر باسم اليوم وهو يحتاجه .. زفر بخفوت وهو يستمع لطرقات باب مكتبه التي قطعها دلوف باسم للمكتب ,,,

- " صباح الخير "

نظر له محمد بتأنيب قائلاً ,,,

- " كل ده تأخير "

ضحك باسم وهو يقترب منه واضعاً يده علي كتفه وقال ,,

- " ايه هتعملي لفت نظر ولا ايه ؟ "

دفع يده عن كتفه بحنق وهتف بحدة ,,,

- " مش وقت هزارك أنا علي أخري أصلاً "

ضيق باسم بين عينيه متسائلا ,,

- " خير حصل حاجة ولا ايه ندي كويسة هي واسر ؟ "

- " كويسين يا سيدي أنا الي مش كويس "

رمقه باسم بتساؤل صامت سرعان ما أجاب عنه ,,,

- " كريم قدم استقالته وجدي وافق "

ظهر الضيق علي ملامح باسم وهو يحدثه مؤنباً ,,,

- " يا شيخ ملعون أبو الغيرة .. الراجل ذنبه ايه في مشاكلك أنت ومراتك يا محمد .. وهتقول ايه ليوسف وحلا أكبر بقي بلاش شغل المراهقين ده "

تأفف محمد وهو يعود ليجلس خلف مكتبه قبل أن يعقد كفيه علي سطحه ,,,

- " هيشتغل في شركة سيف الشاذلي يا حبيبي متقلقش .. ده حتي الاستقالة دي كانت اقتراح حلا ويوسف وهو وافق "

رفع حاجبيه باعجاب وهو يتجه ليجلس بدوره علي المقعد أمام المكتب ,,

- " بصراحة حلا ويوسف دول زي المثل الي بيقول حلة ولقت غطاها .. نفس الدماغ .. ربنا يباركلهم "

ثم زفر بارتياح وهو يتابع بتساؤل ,,

- " طيب ولما الحكاية كدة انت متعصب ليه ؟ "

عاد بظهره ليستند برأسه علي ظهر كرسيه وهتف بضيق ,,,

- " ندي مش مدياني وش خالص يا باسم .. أنا تعبت والله ومش عارف أعمل ايه تاني علشان ترضي وترجعلي "

حرك باسم رأسه بتفهم قبل أن يتكلم بموضوعية ,,

- " بص يا محمد ,, المثل بتاع البعيد عن العين بعيد عن القلب ده مثل فاشل .. البعيد عن العين بيعشش في القلب أكتر .. الواحد مبيعرفش قيمة الي كان بيملكه الا بعد ما بيخسره .. ندي مسألة وقت وهترجعلك متخافش .. حب زي حب ندي الكبير ليك مبيموتش بالساهل ومش سنه بعد الي هتموته وحته منك رايحة جاية قدامها .. الفكرة هنا انت لازم تكون مستعد لخطوة رجوعكوا أكتر منها .. لان المرة دي غلطة كمان وتاكد ان ندي مش هترجع تاني لو السما انطبقت علي الأرض ,, فاهمني ؟ "

اومأ محمد برأسه ايجاباً بحركة بطيئة وعيناه ثابتتان علي باسم بشرود .. يعلم أن ما يقوله حق .. يعلم أن ندي الجديدة ان عادت لن تتحمل أخطاء جديدة .. يعلم أن طريقه معها سيصبح كالركض فوق صفيح ساخن وهو الأن يعلم أنه أهلاً لها فهل ترضي !!

***

بعد انتهاء يوم العمل في شركة الشاذلي ,,,

دلفت أميرة لمكتب زوجها كعادتها في نهاية اليوم لتعود برفقته للمنزل .. ابتسمت لها ماهي باشراق رغم علامات الارهاق والخطوط السوداء التي زينت اسفل عيناها .. لن تنكر انها رغبت في يوم أن تكون مكانها .. لقد غارت منها في أول أيام عملها .. سيف الشاذلي برجولته وقوته كان املاً لها في الخلاص .. نداً قوياً لأخاها .. لم تحبه يوماً ولم تتخيله اميراً وسيماً يشاركها أحلامها الوردية .. هي لا تمتلك تلك الرفاهية .. لقد كان الاحترام المتبادل هو محور علاقتها برئيسها في العمل .. الا أن اليأس كان اقوي من اي مشاعر أخري بداخلها .. بعد أن علمت بمعاناة أميرة .. رقت لحالها بل حمدت الله علي حالها هي .. والمثل الشهير يتردد بداخلها ( الي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته ) .. لذا عندما علمت بخبر زواجهما كانت فرحتها لا توصف .. فمن عايش الظلم يشعر بألم المظلوم .. وكم ظلمهما القدر .. تطلعت أميرة بوجل لملامحها المرهقه وهي تلتف حول المكتب لترمقها باشفاق ,,,

- " انتي مبتناميش ولا ايه يا ماهي شكلك مرهق أوي "

ابتسمت لها ماهي بارهاق وهي تجيب بتعب عجزت عن اخفاؤه رغم محاولاتها ,,,

- " لا انا كويسة هو بس شوية ارهاق من الشغل مع قلة نوم "

أومأت لها أميرة بتفهم قبل أن تبتسم لها مشجعة ,,,

- " طيب يلا علشان تروحي واهو فرصه بكرة الجمعة تنامي براحتك "

أخفت ماهي ابتسامة متهكمة بشق الأنفس .. وهل لمثلها راحة او خلاص .. قبل أن تتكلم كان باب مكتب سيف يفتح ويخرج سيف منه باسماً يحمل حقيبته السوداء قبل ان يقترب ليحتوي زوجته وهو يطبع قبلة حانيه علي جبهتها ,,,

- " سمعت صوتك فقولت متأخرش عليكي "

ابتسمت له اميرة بحب ظهر جلياً في مقلتيها العسليتان بينما كانا غافلان عن نظرة التمني التي كانت ترمقهما بها ماهي .. تماماً كيتيم يتابع حنان أبوان علي طفلهما .. يتابع الثمرة المحرمة التي تاقت نفسه لها .. اغتصبت ابتسامة دبلوماسية عندما نظر لها سيف .. قبل أن يتحدث بعملية أصبغ عليها رقته المعهوده ,,,

- " يوم السبت أن شاء الله هيجي أستاذ كريم العمري يا ماهي .. سجلي ده في دفتر المواعيد متنسيش "

أومات له بطاعة قبل أن يجذب زوجته من يدها ويغادرا المكتب ,,,

جلست علي مقعدها متناولة مفكرة المواعيد الخاصة برئيسها وخطت

( يوم السبت .. معاد الأستاذ كريم العمري )

شردت بعقلها لفترة وهي تعبث بالقلم في يدها لا تعلم لكم طالت .. قبل ان تنتبه لتنظر في ساعتها وتجدها قد تجاوزت ساعات العمل الرسمية .. ابتلعت ريقها بتوتر وهي تهم بالوقوف قبل أن تتجمد كل حواسها وهي تلاحظ الدوائر التي رسمها القلم فوق جملة واحدة فقط ( كريم العمري )

***

( أمومة مطعونة بنصل الخذلان .. مشاعر مبتورة يغلفها الحرمان .. نبات يابس تبعثر فوق أراضي الوديان .. وأحلاماً وأدت وأبحرت في عالم النسيان .. لتعود الوحيدة لوحدتها تلعق جراحاً خلفها سوط السجان .. تنشد خلاصاً عزيزاً رغم رخص الانسان )

جسدها يؤلمها دون أن تجد مصدر الألم .. رأسها يكان ينفجر من الصداع المؤلم الملازم لها منذ ليلتها الفائتة .. ذاهلة تتلفت حولها كمن أصابها مس .. تتمسك بمنامنته كطوق نجاة انبثق من قلب اعماقها الثائرة .. عيناها المتورمتان تغشاهما سحابة من الدموع تحجب الرؤية عنها .. تشعر بجدران الغرفة تكاد تطبق علي أنفاسها .. الهواء ! تشهق مناشدة الهواء بلا فائدة ترجي .. تحركت بتثاقل عاجزة عن التقاط انفاسها .. تتملمس الدعم من كل ما هو حولها علها تصل لوجهتها .. فتحت الباب بعد عناء .. ليظلم فجأة كل ما هو حولها .. ووعيها يرأف بها فيمنحها راحة مؤقتة ويتخلي عنها .. فتسقط علي الأرض فاقدة للوعي ,,,,

أنت بصوت خرج وهناً ورأسها يكاد يتمزق من الألم .. رفعت يدها لتمسد راسها ولكن شيئاً ما اعاقها .. فتحت عيناها علي مهل لتطالع السقف الأبيض للغرفة .. رائحة المعقمات تكاد تزكم انفاسها .. أنفاسها !!! للتو تنبهت للقناع المتشبث بوجهها .. يبثها انفاساً اصطناعية عجزت عن التقاطها بنفسها .. سمعت صوت والدتها الباكية يقترب .. بينما والدتها تهتف بصوت خرج مبحوحاً من البكاء ,,,,

- " هند ,, انتي كويسة يا بنتي ؟ "

حركت رأسها نفياً بحركة عنيفة وهي تشعر بصدرها يتضخم .. أخذت تلهث بشدة وهي تهمس بصوت متقطع ,,,

- " ش ش شيلي الماسك "

أسرعت والدتها لتزيح القناع عن وجهها .. لتشهق الأخيرة شهقة مرتفعة ثم تخرجها علي شكل زفير متقطع .. ربتت والدتها علي كتفها باشفاق وعندها .. أتاها صوت جلادها .. يتشدق بانزعاج واضح وهو يتحرك بخيلاء نحو فراشها هاتفاً ,,,,

- " ايه الدلع الماسخ ده .. قولتلك مفيهاش حاجة .. جبتينا بس علي ملا وشنا "

حركت رأسها للجانب الاخر .. لا تريد رؤيته .. صوته يزعجها .. وجوده حولها تمقته .. تبلد مشاعره وصلافة حديثه تشعرانها بالغثيان .. وصلها صوت والدتها المتوتر وهي تجيبه ,,,,

- " فين بس الدلع ده .. دى كانت قاطعة النفس .. لولا أمينة ( الخادمة ) أخدت بالها كانت راحت مننا "

لوح بيده بنفاذ صبر وهو يتأفف قائلاً ,,,

- " كانت ريحت ,, ادي خلفة البنات وقرفها "

لم تجيبه وهي تشعر بالخزي من عدم قدرتها علي الانجاب بعد هند .. لقد امتنت سابقاً لعدم زواجه لينجب ذكراً يحمل اسمه .. ولكنها الان ودت لو تزوج بأخري وأنجب .. لكانت ارتاحت وابنتها مما تعانيانه علي يديه .. لما تشدق بتضحيته الكبيرة كل لحظة .. أعادت وجهها نحو ابنتها التي تصرخ أمومتها بداخلها .. ترثي بنوتها وانتمائها لذلك الصلد فاقد الرحمة .. سمعت صوته المنزعج يهتف ,,,

- " أنا هروح أشوف الدكتور خلينا نمشي عاوز أنام "

بعد أن سمعت صوت انغلاق باب الغرفة .. التفتت لتواجه والدتها قبل أن تهمس برجاء تقطع له نياط قلب الاخيرة ,,,

- " هتخليني أشوفه تاني يا ماما صح .. مش هتحرميني من ابني "

بكت الأم بصمت وعجزها يكبلها .. عجز حتي عن مواساة وحيدتها وهي ترمقها بأعين يملؤها الرجاء .. فهتفت هند بعصبية وهي تتشبث بذراع والدتها ,,,

- " بالله عليكي قوليلي أنك هتتصرفي وتخليني أشوفه .. هموت يا ماما والله هموت لو مشوفتهوش تاني .. مش كفاية أخده من حضني واداه لواحدة غريبة تربيه .. فيه أب يعمل في بنته كده ! "

- " اهدي بس يا بنتي "

- " متقوليليش اهدي .. انتي مش حاسة بالنار الي جوايا .. انا مفرحتش في حياتي كلها .. هو فرحتي وعوضي عن عمري الي راح مع كلب استنزفني .. لولاه كنت انتحرت من زمان وخلصت .. لو مشوفتش ابني هموتلكوا نفسي واخلص من العذاب ده "

صرخت بها والدتها بجزع ,,

- " تنتحري ! عاوزة تموتي كافرة "

أشاحت هند بوجهها وهي تهمهم بجملة تعلم عدم صحتها ,,,

- " ربنا هيسامحني "

همت الأم بالحديث الذي قاطعه دلوف والدها للغرفة بصحبة الممرضة يهتف بنفاذ صبر ,,,

- " أنا هنزل أحاسب المستشفي وانتي لما الممرضة تشيل عنها المحلول هاتيها وحصليني علي الباركينج "

***

نظرت بجانب عينها لحيدر بينما تطعم بلال الصغير وهتفت ,,,

- " انت يابني الخط نازل يشرب من البحر ارحم امي بقي .. الأبلة بتاعتك ليها الجنة "

رفع حيدر حاجبه وهو يلوي شفتيه باستنكار واضح قبل أن يقول ,,

- " الأبلة جالتلي خطك زين .. انتي الي خطك عفش "

ضحكت بتهكم وهي تضع اللقمة بفم الصغير الذي ينقل بصره بينهما باستغراب واضح وكأنه يشاهد عرضاً لأحد أفلام الكائنات الفضائية وهتفت ,,,

- " ده زين .. ده نيلة علي رأي بلال .. الواد متعلمش يقول غيرها"

ضحك حيدر بانطلاق وهو يشير نحوها باصبعه ,,,

- " ده جصده عليكي "

ضيقت ليلي بين عينيها بتساؤل قبل أن تقول ,,

- " مش فاهمة "

تأفف حيدر وهو يغلق كراسته ليضعها جانباً ,,,

- " يابووووي .. مخك تاخين جوي بس أني هفهمك "

وضعت ليلي يدها أسفل ذقنها بينما ترفع حاجبيها باستهانة واضحة لتقول ,,,

- " فهمني يابو المفهومية .. مهي ظاطت "

تجاهل حيدر تهكمها الواضح وهو يجيبها بجدية مضحكة ,,,

- " بلال ازغير معيعرفش يتكلم واصل .. ومبيجولش غير نيلة ومبيجولهاش غير ليكي انتي .. نيلة جصده ليلة .. كيف ما بوي بينادم عليكي "

شهقت ليلي لاطمة صدرها وهي تنقل بصرها بينهما بينما الصغير يضحك من حركتها هاتفاً بسعادة ,,,

- " نيلة "

تخصرت ليلي وهي تقف بعد أن أجلست الصغير مكانها ,,,

- " نعم ناااعم يا ولاد حمزة .. واحد يقولي مرة والتاني يقولي نيلة .. لهو أنا ملطشة في البيت ده ولا ايه لاااااا أنا اتهزقت أووووي "

شعرت بكف حط علي قفاها فالتفتت شاهقة لتطالع حمزة الضاحك قبل أن تهمس من بين أسنانها ,,,

- " برستيجي راح ,, لما ندخل أوضتنا نضرب بعض بالروس كمان عادي بس هنا قدام العيال .. احترمني الشوية .. ده الي مطلعش من البيضة بيقولي نيلة "

ضحك حمزة وهو يغمز حيدر ويحمل الصغير مقبلاً وجنته هاتفاً ,,,

- " انتي عرفتي ؟ "

اتسعت حدقتاها بصدمة وهي تسأله باستنكار ,,,

- " انت كنت عارف ومقولتليش ؟ "

حمزة ضاحكاً ,,

- " لجيتك فرحانة جوي وكل ما تشوفيني وتجوليله جول أيوتها حاجة ,, الواد يضحك ويجول لامه الهبله يا نيلة .. جولت خليها علي عماها أحسن "

كتمت ضحكتها وهي تهتف بغضب مصطنع بينما تترك الغرفة ,,

- " كده يا حمزة تخلي عيالك يهزأوني .. أنا رايحة لجدي بلال ومش قاعدالك "

كتم حمزة ضحكته ووقف مكانه بينما حيدر ينقل نظره بينهما بترقب .. قبل أن يلتفت لوالده هاتفاً ,,,

- " انت هتهملها تروح يابوي ؟ "

نظر حمزة لليلي التي وقفت خلف الجدار تتوسله بعيناها ألا يخرب خطتها وهتف ,,,

- " بشوجها "

زفر حيدر بانزعاج وعندها خرجت ليلي تحاول احكام وشاحها حول رأسها .. لم يجد بداً من الانتظار ووالده لا يحرك ساكناً فأسرع نحوها ,,,

- " علشان خاطري يا أمي متهمليناش "

نظرت لحمزة الذي يرمقهما بحنان .. لقد كان يعلم سبب فعلتها .. يعلم بأنها لم تغضب من مزاحه الذي اعتادته .. ولكنها اشتاقت كلمة أمي من بين شفتي حيدر .. التفتت له قبل أن تفتح ذراعيها فيرتمي بهما .. احتضنته بحنان قبل أن تبتعد قليلاً ضاربة لرأسه بخفة ,,,

- " وهو أنا لازم علشان أسمع منك أمي أعملي مصيبة .. يعني شايفني غلبانة وبلال بيقولي يا نيلة مصعبتش عليك "

نظر لها ببلاهه لوهلة قبل أن يهمس بادراك متأخر ,,,

- " يعني أنتي مكنتيش هتهملينا "

حركت رأسها نفياً باسمة ,,,

- " وأنا أقدر اعيش من غير مناكفتك ولسان أبوك و كلمة يا نيلة من لسان الأوزعة الصغير "

ثم قرصت وجنته وتابعت ,,,

- " أنا بعيد عن السيرك القومي ده أموت "

احتضنها حيدر فهتف حمزة بملل من خلفهم ,,,

- " طيب يلا يا ست ليلي الحلو جهزيلنا الوكل "

أومأت ايجاباً وخلعت وشاح رأسها لتدخل المطبخ قبل أن تعود وهي تغمز حمزة خفية عن اعين حيدر الذي اولاها ظهره ليداعب أخاه ,,,,

- " وبعد كدة نشرب شاي بالياسمين "



التعديل الأخير تم بواسطة rola2065 ; 19-03-18 الساعة 06:40 PM
Hader Elsayed غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس