عرض مشاركة واحدة
قديم 13-02-18, 07:14 PM   #391

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع والعشرون

قراءة ممتعة 💋

***************

كان ينتظرها أمام باب منزل يوسف... خرجت بهدوء لتقف تنظر إليه.... و كأنها لم تره منذ زمن.... طويل جداً و ضخم جداً.... لحيته ما زالت على كثافتها.... و كأنها طفلة صغيرة في حضرة رجل، من يراهما لن يظن أن ذلك العشق يجمع بينهما.... عشقٌ يفزعهما بنفس الدرجة التي يغرقهما.... عشق جمع بين متناقضين..... هو ضخم طويل و داكن..... هي قصيرة و البراءة ما زالت تستوطن مقلتيها.... و كأنها لا تنتظر طفلتين منه.... إرتبك و هو يلتقي بفيروزياتها.... ليبتسم بفخر و هو يلحظ الحجاب الأسود الذي تضعه على شعرها..... رغم أن بعضاً من خصلاتها أبت أن تسجن..
- " تبدين جميلة يا جميلة" قال بهمس وهو يقدم لها يده... لكنها تجاهلتها و هي تتخطاه قائلة ببرود
- " شكراً "
تسمر مكانه..... وهو متفاجئ بردة فعلها.... كانت تمر من جانبه ليوقفها فجأة
- " تعلمين أن ما أقوم به لمصلحتنا جميعاً.... فلا يعقل أن تبقي طول حياتك في جهة و أنا في جهة..... " رفعت نظراتها إليه ببرود لتقول و هي ترفع كتفيها.... دليل تعبها من الجدال المعتاد
- " حسناً "
قال بصوت متأوه وهو يحضنها برقة
- " إرحميني جميلة.... هي والدتي ولا يوجد لها غيري.... هي الفرد الوحيد المتبقي لي.... "
يعلم أن كلمة نطق " إرحميني " كانت تُسارع إلى ضمه إليها بقوة....و كأن الكلمة لها مفعولٌ سحري عليها، و كأنها تمتص كل ما يجعله متألمًا....لكن هذه المرة لم تقترب، ولم تخضن ولم تهمس له أنها هنا من أجله....توجس وهي تبتعد عنه بعنف لتقول بقوة.... و دموع الخزي و الغضب تعمي عيونها
- " يا ليتك لم تتكلم أبداً..... يا ليتك صمتت ولم تخبرني للتو أنني شخص ثانوي بحياتك....." و ضعت يدها على جبهتها الباردة لتقول بصوت مخنوق بالبكاء " بل أخبرتني للتو..... " خنقتها الغصة لتسكت تنظر إليه.... وجهه شاحب و عيونه تتساءل عما نطق به.... كان يعيد كلامه في دماغه.... فُتحت عيونه من الصدمة و هي تقول " أنت تعتبرني جزءا من حياتك..... لكن ليس فردا من عائلتك.... جزءا يمكن الاستغناء عنه في أي وقت و في أي ظرف لا يستلزم وجودي....جزء تستطيع التضحية به وقتما استلزم الأمر" إقتربت منه..... لتحرر عينيها دمعتان نزلتا ببطئ على طول خذيها.... كان يتبعهما بنظراته، و اصابعه توخزه أن يمسحهما.... لكنه لم يجرؤ، فلا يملك الحق بذلك..... رفع عيونها ينظر لمقلتيها.... أغلقتهما تعتصرهما بقوة.... لتفتحهما من جديد قائلة بهمسة.... زلزلت عالمه.... جعلت مئة و ثمانية و ثمانين سنتمترا بضخامته يحس و كأنه غرٌّ صغير جدا بجانبها....
- " حتى لو اعتبرتني كشئ فقط في حياتك.... كمزهرية منسية على رف غرفتك....سأرضى بذلك..... هل تعلم لماذا؟ لأنك بخلافي.... عائلتي الوحيدة..... و قلبي الغبي لا يدق إلا لأجلك...." كاد يقترب منها.... لكنه توقف حائراً.... ماذا يجب أن يقول.... كلام كثير يحتضنه صدره العريض... لكنه لا يعرف كيف يُخرجه.
ليقول بهدوء عكس ما يعتمل في صدره من إنفجارات....
- " هذا جيد....لأنني لا أنوي الاستغناء عنك أبداً " حاول الإقتراب لتضع يدها على صدره تحاول أن تنهيه عن ذلك.... وهي تقول بقوة لم يرها أبداً سوى مع الحمراء
- " لا تعتقد أنه ضعف مني أن أصرح للعالَميْنِ أنني أحبك.... أو أحميك بحياتي إن استلزم الأمر..... بل هو قوة لن تصل أبدا مهما فعلت لجزء ضئيل منها..... و ما أفعله لأجل والدتك هو عن طيب خاطر.... فلم يخلق أبداً من يتحكم بي.... و يفرض علي قراراته" قالت لتنطلق تعبر الشارع باتجاه سيارته المركونة
فتح لها الباب ليقول
- " اليوم سنبيت في منزل والدتي و غداً... "
قاطعته ببرود وهي تقول
- " لا يهم...."

دخلت للغرفة التي ظنت نفسها ستخرج منها منتصرة.... لتعود إليها شبه ذليلة..... وقفت في المنتصف تتذكر تلك الليلة التي لن تشابهها أخرى مهما حاولت .... لن تكون بجرأتها و لا بروعتها، تلك الليلة التي دخلت بها عرين وحشها لتطلقه من سجنه دون أن تعرف أنها سُجنت مكانه..... بسلسال غليظ من عشق فقط الموت ما سيحله.... تلمست بطنها، في تلك الليلة حصلت على ... جائرتها الثانية، بعد........ وحشها.

إهتزت أعماقها..... وهي تُحس بيديه تحتضنها من الخلف، عارٍ... إلا من منشفة صغيرة تغطي فخذيه.... لينزل برأسه و يهمس برقة بجانب أذنها... وهو يفتح أزرار بلوزتها الفضفاضة.... لتظهر بطنها التي تكاد تبتلعها.... إبتلع ريقه وهو يغلق عيونه من روعة المشهد ثم أحاطها و بطنها و كأنها لا تمثل شيئا أمام ضخامة جسده... لم تستطع أن تمنع شعور الراحة و الإطمئنان أن يتسلل إليها.... لترجع بجسدها تستند عليه، و كأنها فجأة تعبت من كل شئ و أرادت أن تستريح.

- " ستبقى أجمل ليلة في حياتي.... تلك الليلة جعلتني أحس باكتمال رجولتي.... " كان يفكر بنفس الليلة... التي غامرت بها صغيرته، لم تعرف أن بفعلها يمكن أن يكون.... عنيفاً..... همجياً.... و الأكثر أن يؤذيها.
لكنه ما زال يتذكر رقتها مقابل خشونته.... و مع كل قُبلةٍ لنذوبه كانت تخبره أنها هنا.... بجانبه و لن تتركه أبداً.... بالأحرى ذكراها ما لن تتكره أبداً..... لأنه بمجرد ما استيقظ.... كانت قد ذهبت..... فتح عيونه برهبة أن يكون طيفها ما بين يديه..... أن يكون في أحد أحلامه..... الواقعية جدا.... التي شهد الملايين منها.... بعد اختفائها..... لكن المشهد أسفله أخبره أنها هنا.... وكأنها لم تغادر أبداً...... أبعد حجابها برقة.... و كأنه يأبى وجود شئ بينهما... يبعدهما عن بعض" مصطفى ولد فقط في تلك الليلة " همس و هو ينزل بشفتيه على طول عنقها..... آهاتها جعلته يصبح أكثر عنفاً... و هو يديرها ليستولي على شفتيها بعنف.... عنفٌ تعرف أنه وسيلته ليخبرها إلا أي درجةٍ يعشقها.... تحولت قُبلته للرقة و هي تمسك بيديه لتضعهما على مقدمة بطنها......ليحس برفرقة بناته و كأنهما يرحبان به... جعلته يتوقف... ينظر إليها.... بسكون..... و عيونهما تلمع بمشاعر فقط وحدهما من يعرف حجمها.... نزل على ركبتيه.... ليصل إلى مستوى بطنها، كان يتحسسها برقة.... لتعاد تلك الرفرقة و لكن بشكل أقوى.... جعله يسبح لله و دمعة يتيمة تتسلل من عينه من هول المشهد.

********

تتشبث به حتى كادت تنغرز أظافرها في لحم مرفقه.... وكل مرة و ثانية يلتفت نحوها... يقربها إليها أكثر، يحاول دعمها و بث الطمأنينة في قلبها.....قال و هو يحاول تغطية دليل خشونته على جانب عنقها الأبيض.
-" لماذا لم تلبسي حجاباً أطول من هذا" قال بغضب
-" إهدأ مصطفى.... فعقلي به ملايين الأشياء غير الحجاب" قالت بهدوء يخفي توترها

أوقفها أمامه....يضغط على رأسها بذقنه....و يطوقها بذراعيه... يخفي ارتعاشة جسدها بجسده، يعرف أن اللقاء مع والدته سيكون صعباً عليها، و أنها تقوم به من أجله فقط.... كما همست مئات المرات له البارحة و هو يقتنص من كل ثانية غابتها بعيداً عنه..... رفعت عيونها إليه..... أراد أن يقبلها إلى أن تنسى نفسها، و هواجسها.... لا ينكر أنه متوتر أيضاً لكنه يحاول أن يظهر العكس لها...
- " هل أنتَ بخير؟!" همست... نظر إليها بحب ليقول
- " ما دمتي بجانبي فأنا بألف خير" ابتسمت له دون أن تصل لعيونها فتمحي نظرة الخوف....و الترقب
- " شكرا.... " قال يلفت إنتباهها... لتنظر إليه بتساؤل " أعرف أنك تقومين بكل هذا من أجلي فقط.... وهذا يجعلني......" قاطعته لتقول
- " أنا فقط أريد أن أرتاح للباقي من حياتي... "

نداء خاله جعله يرفع رأسه عنها.... ليقترب منهما جاراً جميلة وراءه..... وصل لوالدته ليعانقها بقوة.... دون أن يُخفي عن التي يضغط على يدها بقوة حتى يكاد يسحقها.... أنه يقوم به غصباً عنه.... أنَّت بألم، ليبتعد مصطفى عن والدته بسرعة.... و ينظر لجميلة بحزن.... و أسف، وهو يمسد كفها التي استحال لونها للأحمر.... لكنها ابتسمت بوجهه.... و كأنها تخبره أنها دائما موجودة لأجله...

لم تُخفي تلك النظرة الشغوفة بينهما عن فاطمة.... و تعرف جيداً أنها السبب في عناقه لها.... لا تعرف كيف و لكنها تعرف أن لجميلة دخلٌ بذلك العناق... مما أجج مشاعر إعتقدت أنها تخلصت منها... أخرجها من تأمل تلك الفاتنة رغما عنها، ببطنها الكبيرة صوت مصطفى وهو يخبرها عن شئ... لم تفطن إلا لاسم جميلة....
- " أمي جميلة تحدثك " أعاد مصطفى... لتبعد فاطمة نظراتها عن جميلة للحظة، باتجاه ابنها المضطرب... إذن هو يخشى أن تجرح دميته جميلة.... تفاجأت باقتراب جميلة لضمها... لكنها اسرعت بالإبتعاد و هي تقول
- " الله يسلمك " ثم تلتفت لأخيها الذي ينظر بتركيز للمشهد أمامه.... دون أن يخفى عنه انكماش جميلة و إحاطة مصطفى بها يخفي ارتعاشتها بصدره.... وهو يهمس لها بشئ بخفوت و تحرك رأسها رافضة بحزم..

*************


- " أبي.... كيف حالك؟" قال معاذ بهمس غير مسموع.... و كأنه يجاهد ذلك الصوت الذي يخبره أن يقطع الإتصال و يذهب وعده لورد إلى الجحيم.... منذ أن عانقته.... ليحس بضربة إبنه بينهما.... و كأنه يخبرهما أن هناك سببٌ كافي ليضعا طفوليتهما جانباً و يتصرفا كوالدين مستقبلين..... كناضجين خاضا قرارات رغم أنها لم تكن بملء إرادتهما.... لكنهما وافقا عليها يوم قررا الإستمرار في علاقتهما.... منذ ذلك الحضن....الذي اتبعه احتجاج ابنه و هو يرى الحياة لا تستحق أن تُهدر في تفاهات الأمور.... كصراع ديكة فاشل.... فمهما حدث و سيحدث عبد الجبار يبقى والده و هو ابنه.... و الدم لن يتحول للماء أبداً.


- " معاذ.... " قال والده بصوت كسير.... متعب و ضعيف، يخلو من تلك السحنة الغاضبة...اللكنة الأمازيغية الجبلية.... المضغوطة الحروف التي تجعل صوته الجهوري أكثر قوة و رعباً... و التي تُرهب أشد الرجال صلابة.... و التي زادت غضبا و صلابة بعدما أصبح مُقعداً.... و كأنه خشيَ أن يُؤخذ ارتباطه بالمقعد المتحرك في تنقلاته نقطةَ ضعفٍ و تستغل ضده.....
- " نعم والدي.... هذا أنا" قال معاذ بتأثر.... و هو يحاول تذكر والده في أضعف حالاته فلم يقدر.... لم يرهُ أبداً ضعيفاً.... حتى في أضعف حالاته الجسمانية و دخوله في اكتئاب حاد.... كانت عيونه تنطق بقوة و غضبٍ هادر..... و هي تتوعد الفاعل..... " ورد حامل بولد...." لم يعرف لما نطق بذلك.... ربما لكسر الصمت الذي امتد بينهما..... ليؤكد ذلك ما أخبره به عمه ذات يومٍ (أنت تُشبههُ..... تشبه أباك)....
- " مبارك ولدي.... " قال عبد الجبار بعفوية..... بفرحة أب لابنه.... رفع يده المجعدة يمسح دمعةً تسللت رغماً عنه.... تُخبره أنه بشر يحق له الفرح حد البكاء..... مسحها بسرعة و هو يسمع شهقة زوجته و رفيقة دربه.... الوحيدة التي تحملته و لم تفارقه أبداً، الحقيقة المرة التي عرفها.... عندما وجد البيت فارغ إلا منهما.... الكل ابتعد عنه.... الكل نفر منه إلا هي.... كانت تجلس فوق الوسادة العريضة أسفل سريره.... تنظر إليه بشفقة و هو منكس كتفيه يحس بالوحدة..... ليزمجر بقوة في وجهها أن تغادر.... و تتركه يموت وحيداً.... لم تتغير ملامح وجهها لتقول بهدوء، و حنية طُبِعت بها لتتشبع في خلاياها و تُصبح جزءاً لا يتجزأ منها
- " ساعدني يا حاج.... لأرفعك..... لتتوضأ و تصلي ركعتين.... عسى الله أن يجمعك بهم قريباً " لتميل عليه.... تمرر يدها على كتفيه المتيبسة.... تغللت رائحة القرنفل و الحنة خياشمه.... لا يعرف كيف تذكر والدته.... و توصياتها على طفلها الصغير.... الذي خسره الآن كما خسر ابنه من قبل.... ليشهش في بكاء مرير.... تتلقفه هي... لأول مرة يشارك ضعفه شخصا ما... لم تكن شخصا غريباً أكثر من كونها زوجته..... ظله الذي لا يغيب ليلا و لا نهارا...لم تخذله أبدا.....


- " سنأتي قريبا لزيارتك.... السلام عليكم " و أغلق الخط.... كان ينظر إلى الهاتف، بحيرة هل كلمه معاذ.... هل خاضا حوارا رغم كونه قصيرا إلا أنه أسلم حوار خاضاه أبدا....
- " أخوك بالبهو ينتظرك....هل أدعه يدخل؟!" قالت وهي تحاول إخفاء نبرة السرور من ملامحه المسترخية التي تنظر للهاتف بعيون متلألئة بالدموع....
- " دعيه يدخل... " استقام براحة و هو ينتظر دخول أخاه.... أو ابنه الأول.... الذي غاب لأيام لتغيب شمسه عن الشروق.... لم يحس بذلك الفقد عندما غادر معاذ.... كان يعرف أن أخوه الصغير موجود.... ويوم غاب عرف أنه هو السبب... الطريقة التي اعتقد بها أنه يحافظ على عائلته و قريته لم تعد مجدية.... و شخصان من لحمه و دمه يتركانه، عرف أنه المخطئ.... و سيسعى لإجبار الخواطر.

عاد إلى الطاولة في المقهى التي يجلس عليها مع ورد.... كانت تقرأ أحد المراجع فالإمتحانات النهائية على الأبواب.... أبعد الكتاب بعنف.... ليقول بلطف مصطنع وهو يحرك عيونه بالطريقة التي كانت تتبعها معه و تنجح بها.... لتحقيق مطالبها
- " ماذا هناك معاذ؟!" قالت وهي تعيد المرجع لمكانه
- " إشتقت إليك.... لم أرك منذ... " سكت قليلا و كأنه يقوم بعملية حسابية " إثنا عشر ساعة و ثلاثين دقيقة.... هذا كثير علي" لم تهتم لكلامه و هي تقول بجدية دون أن ترفع رأسها عما تفعله
- " كيف حال عمي؟"
شرد بعيدا عنها..... لترفع نظراتها باتجاهه.... و بعد صمت قليل أجاب
- " لا أعلم.... لكنه تغير كثيرا.... "
- " أو ربما أنت من تغير.... و صرت ترى الأمور متغيرة " نظر إليها بتركيز ليقول
- " ربما.... "
منذ أيامٍ و هي تلتقي به كلما سنحت لهما الفرصة.... ليس كزوجين، بل كابنا عمٍّ تعرفا مؤخرا ببعضهما.... ليغدوا صديقين.... كانا يثرثران طوال الوقت عن كل شئ غير مشاعرهما.... وكأنهما واثقان أن حبهما موجود..... لكنه مطمور تحت العديد من المشاكل و العراقيل.... تحتاج لحل كي يخرج للنور بالصورة التي يريدانها.
- " كيف حال فدوى بعد قرار تأجيل العرس..."
- " ما زال شفتاها تسبقانها أينما ذهبت بالبيت.... غاضبة أن العريس أجل العرس لأسبوعين إضافيين.... لتكون أخته متواجدة.... لا أدري لما هي مستعجلة على سجن الزواج " سكتت فجأة لتنظر إليه.... لوجهه الذي شحب، و الألم الذي ظهر في عيونه
- " ألهذه الدرجة أصبح الزواج في نظرك مجرد سجن؟؟"
- " لم يكن كذلك بالنسبة لجسدي.... بل لروحي "
نظر إليها كأنه يحاول أن يقارن بين ورد قبله و بعده... لكنه وجد نفسه لا يعرف إلا ورد بعد أن أصبحت زوجته...
- " كيف كانت مراهقتك... " تساءل و كأنه ليس ابن عمها الذي كان سيكون مثل أخاً لها لو لم يكن عنيداً و يترك مشاكله دون حل إلا أن تراكمت....استطرد و فكرة أن تعامله كأخ تثير حنقه
- " لم أكن سأعاملك كأخت...." قال بتقرير و هو يرفع البراد يسكب الشاي في الكؤوس المذهبة أمامه.... لتفوح رائحة النعناع و تملأ الجو بينهما.... كانت تنظر إلى حركته الرتيبة
- " لم تكن ستحس بأخوة تجاهي... فطبيعتي تثير في كل رجلٍ قريب حس الحماية...." قالت بثقة وهي تأخذ الكأس الذي ملأه... دون أن تهتم لسكونه و وجهه الذي استحال للأحمر من الغضب...... و الغيرة
- " أنتِ تحدثين زوجكِ.... بالمناسبة " قال يحاول أن يتمالك نفسه
- " زوجي السابق.... ما زلت أفكر في عرضك.... و لم أحسم قراري بعد"
- " لكنكِ و عدتيني...." قاطعته
- " وعدتك بالتفكير..... و ما زلت أفكر "
خطف من يدها الكأس....لتصيح برفض لكنه لم يهتم لها....


******************

-"سمعت أن جدتك كانت تدير وكراً للدعارة...." صمت ساد المكان.... حيث كانت تجلس عائلته.... و مرح التي قررت القدوم في اليوم الثالث لقدوم من العمرة.....بناءا على طلب جميلة.... رغم ثقل بطنها.... كانت تتصرف ككنة مثالية.... تهتم بطلبات الضيوف، و تقدم ماء زمزم و التمر للوافدين لزيارة والدته و التحمد لها بالسلامة..... منذ الصباح وهي واقفة في المطبخ، ووالدته تقف على رأسها.... كعسكري يراقب محكوماً بالأعمال الشاقة..... و رغم الضيوف الذي يجالسهم كان كل فترة و أخرى يتسلل للمطبخ.... ليراها و قلبه يؤلمه لمرآها.... وهي كالعادة تستقبله بابتسامة..... و تقدم له ما يجعله سببا ليراها..... دون أن يخلو ذلك من لمسات بعيداً عن عيون والدته المتربصة..... و الغاضبة طوال الوقت.
- " إذهب إليها يا غبي.... تبدو أبلهاً و أنت تتململ و كأنك تجلس على الجمر" همس يوسف في أذنه.... و كمراهق أجابه
- " أحتاج لسبب قوي هذه المرة.... لا أستطيع أن أقتحم مجلس النساء بدون سبب... " إبتسم يوسف بتهكم ليقول
- " عندي سبب قوي.... لكن بشرط" رفع مصطفى حاجبه بتوجس ليقول
- " رغم أنني غير مطمئن لشرطك لكن أقبل... "
- " غداً عصراً سنتقاتل.... أحتاج لإفراغ هذه الطاقة السلبية..... ولا من وسيلة ناجحة" كاد مصطفى يقهقه عالياً... لولا أن أمسك نفسه..... ليقول
- " كنتُ سأقدم لك نصيحة من النصائح القديمة التي كنتَ تتبجح بها أمامي........ لكنني أعلم أنك معاقب..... " ضحك دون مآربة " شعور رائع.... أن أرى الأدوار تنقلب.... أنا متزوج و أنت....." أكمل بخبث " شبه متزوج" ضربه يوسف في كتفه بقوة
- " يبدو أنني سألغي إتفاقنا مصطفى..... فأنا أحقد عليك لدرجة أتمنى أن تطلب والدتك من جميلة أن تبيت معها، في غرفتها كالأيام الخوالي" تغيرت نظرت الفكاهة في عيون مصطفى ليقول
- " يا ليت أخي.....يا ليت.... "
دفعه يوسف بقوة.... ليقول
- " إذهب لزوجتك و اخبرها أن تنادي مرح.... فحان وقت الذهاب للمنزل" نهض بلهفة....

و قف مستمرا أمام باب الصالة المفتوح
- " أمي..." صرخ
- " بالإذن..." قالت جميلة بألم.... وهي تحضن بطنها، أسرعت تتخطاه باتجاه غرفتها.... لم تكد تغلق الباب.... حتى دخل مصطفى..... و تلقفها قبل أن تسقط.....
- " أنا آسف حبيبتي.... أقسم أنني آسف"
- " فقط خذني من هنا...." قالت لتُغلق عيونها بتعب...

وضعها برفق على السرير لتفتح عيونها..... ابتسم لها بارتباك....
-"هل تستطيعين المشي للسيارة أم أحملك؟" نهضت بتثاقل
- " أستطيع المشي....شكراً " قالت برسمية، و هي تبتعد للجهة الأخرى من السرير..... وقفت لتتمايل قليلا..... أسرع مصطفى برعب ناحيتها.... لكنها أوقفته عن التقدم..... لتقول ببرود
- " أستطيع الإعتناء بنفسي..... سأرحل مع مرح..... "
- " سآخذك لمنزلك.... ولن يستطيع أحد إهانتك هناك... فقد أخبرتك في المطار بعدما حدث أنك لست مضطرة لتقبل والدتي بحياتك.... طالما هي لا تتنازل قليلا كما تنازلتِ" لم تهتم فعلا لما كان يقوله.... لكنه أكمل " أنت أصريت على الحضور....كان يكفيني أنك استقبلتيها معي" مرر يده على صفحة وجهه بتعب... آلامه تصرف والدته في المطار تجاه زوجته... و الجزء القليل الذي كان يأمل أن تكون والدته قد تغيرت مات.... همس لها أنها ليست مضطرة لتقبل والدته بعد ذلك، لكنها أصرت على القيام بواجباتها ككنة....إتجهت إلى الخارج و هو على أثرها

نزلا الدرج بهدوء.... وجدا فاطمة مازالت محاطة بالنسوة من العائلة.... يرغبن بالمزيد من أخبارٍ دسمة موضوعاً لثرثراتهن اللاحقة....

وقفا على آخر الدرجات.... تستند عليه بضعف.... و القفطان الذي تلبسه يكاد يخنقها، تركها ليتجه للصالة حيث مازالت الهمهات تعلو عن جميلة و عائلة جميلة.... ليقول بغضب مكتوم
- " أمي.... أظن أن الزيارة قد انتهت.... " التفت يرمق النسوة الفاغرات فاههن بانتظار حدث، ربما سيكون حديث المواسم القادمة.... الإبن البار يعلن أنه لم يعد كذلك..... من أجل عيون ساحرة حمراء ذات ماضٍ أسود.... " أظن أن الموضوع شخصي.... فهلا تفضلتن بدون مطرود!" قال بغضب.... و شخصية مصطفى العملية التي لا يعرفها إلا فريقه و المجرمين الذين يتعامل معهم تظهر....إحمرت وجوههن من الغضب و الإهانة.... ثم التفت بلطف باتجاه مرح المنكمشة على نفسها من الرعب....
- " مرح.... يوسف ينتظرك منذ فترة.... آسف أنني نسيت إخبارك منذ قليل" حك رأسه بحرج..... و عيونها مصدومة من تغير شخصيته السريع.... حركت رأسها بسرعة لتسرع باتجاه جميلة تعانقها بلهفة و كأنها تواسيها
- " خذيني معكِ" همست لها جميلة.... و مرح تبتعد عنها قليلا....لتنظر باتجاه يوسف الذي دخل فجأة.... لكنه أومأ لها برفض و كأنه يعلم في ما تستشيره.... كان يمنعها من التدخل
- " يجب أن تبقي.... زوجك معك.... لا تخشي شيئا"
هزت جميلة رأسها و هي تئن.....
- " أرجوكِ... لا تتركيني...." تشبثث بقوة بذراعها.... لتعاود النظر ليوسف بتحدٍ
- " حسناً حبيبتي.... هيا " ساعدتها لتنزل باقي الدرجات بمهل..... ليقف جدار يغطي عليهما الإنارة من الثرايا الذهبية المعلقة....
- " أنتِ لن تذهبي لأي مكان بدوني.... جميلة " قال بهدوء.... و هو يتجه للباب الضخم يغلقه بعد أن خرج آخر المدعوين.... و يعود يواجههما.... و يوسف واقف ينظر بإعجاب لزوجته.... التي أرجعت جميلة خلف ظهرها تحميها من مصطفى.... و تقف بتحدي بينهما
- " من فضلك مرح.... أتمنى ألا تتدخلي بيننا" لم تجبه.... و هي تصارع توتر جسدها من قرب مصطفى من أجل حماية صديقتها
- " بما أن جميلة طلبت منها التدخل..... فمن حقها ذلك يا ابن عمتي " قال يوسف ببرود.... وهو يستند على الحائط بجانبه.... و نظرات الفخر ما زالت مسلطة باتجاه زوجته.... رغم أن جسدها مرتعب...... فقط هو و هي من يعرف ذلك.... نظرت إليه مرح.... ليبتسم لها و يغمز لها بوقاحة.... جعلتها تجفل قليلا..... قبل أن تعيد رسم الجدية في ملامحها.... و تنظر لمصطفى.... الذي كانت نظراته مركزة على حمراءه التي تتشبث بقوة بعباية مرح السوداء.... و رأسها منكس للأسفل
- " جميلة... " نطق بصوت ملتاع.... لترفع نظراتها باتجاهه تنظر إليه بتأنيب..... فنفس السيناريو يعاد من جديد.... والدته تطعنها و هو يقف كالضحية

- " حسناً.... متى ستنتهي هذه المسرحية.... لأنني متعبة و أريد النوم " قالت فاطمة بملل
- " لم تكوني كذلك و أنت تطعنين في جميلة منذ لحظات.... ألا تخجلين من نفسك؟ "
إلتفتِ الأوجه بصدمة.... نحو مرح و هي تنطق بتلك الكلمات.... حتى فاطمة ارتبكت و شحب وجهها و هي تنال التقريع من مرح..... جميلة ارتخت قبضتها على جانبي مرح و مصطفى ينظر إليها بصدمة..... بينما يوسف تحول ذهوله إلى ابتسامة فخر بقطته التي بانت لها المخالب.
- " و من أنتِ لتعملين كيف أتصرف في بيتي و بين ضيوفي؟!" أجابتها فاطمة بغلٍّ
- " أقسم لو كنت في سن يخولني لأعلمك الأدب فلن أتوانَ.... لكن الظاهر أنك لا تحترمين حتى سنك أو المقام الذي عدت منه منذ أيامٍ فقط..." صاحت بغضب وهي تقترب باتجاهها لولا جميلة التي تشبثت أكثر بها.... نظر مصطفى بغضب جهة يوسف.... يأمره أن يسكت زوجته.... لكن هذا الأخير تقدم باتجاهها مستعدا لمجابهة هذا الضخم إن لزم الأمر.... فهي بالأخير تقوم بدوره هو.... هو الجبان الذي يخشى دائما الدفاع عن زوجته أمام جبروت والدته بدعوى بر الوالدين.... وماذا عن حق زوجته اليتيمة الحامل المهضوم؟!

- " ما الذي يحدث هنا؟!" صاح محمد العالمي وهو يدلف إلى البيت.... لتسرع فاطمة ترتمي في حضنه وهي تقص عليه كيف كنته عايرتها...

انكمشت مرح و هي ترى والد زوجها يرمقها بنظرات تكاد ترديها صريعة.... اقترب منها يوسف بسرعة وهو يهمس بين أسنانه " و أخيرا اكتمل السرك"
- " أراك ما زلت هنا يوسف.... كنت أعتقدك ذكيا لتتجنب مكان تواجدي طالما لم تحقق رغبتي.... " قال وهو يشير برأسه لمرح.... التي زاد انكماشها....ضحك يوسف عالياً ليقول
- " منذ متى رغباتك تكون مستجابة محمد العالمي.... مني" أكمل ببرود
- " فعلا.... الحثالة لا تتزوج إلا حثالة مثلها"
هاجت أعصاب يوسف ليقترب من والده الذي ارتبك من نظراته المرعبة..... لكن مصطفى وقف حائلا بينهما
- " أقسم بالذي خلقني، أنني سأنسى كونك والدي و أهشم وجهك....إن لم تحترمها"
- " لن تجبرني على احترام من لا يستحق.... و أنت قد اخترت....فانسى أن لك والد....و أسهمي بالمستشفى سأبيعها.... فلا يشرفني.... " نظر باتجاه مرح " أن يرتبط اسمي بهذه النوعية"
أبعد مصطفى بعنف.... ليقترب من والده يمسكه من ياقتك..... ينظر إليه بغضب....
- " يوسف " همست مرح.... ليتسمر مكانه " إهدأ....الأمر لا يستحق...." و كأن ذلك الجحيم الذي يستعر بداخله خمد فجأة..... ليفلت والده الشاحب بشئ من الحدة.... وهو يقول بعملية
- " أسهمك سأشتريها..... سأرسل غداً من يتكفل بالموضوع......الوداع "
جفل محمد العالمي من الهدوء الذي تحول إليه فجأة .... هذا ليس بابنه الذي يعرفه.... هذا الهادئ ليس يوسف أو جو... او أي كان.... هو لا يعرفه أو..... لم يتعرف عليه أبداً.

- " خذهما... " همس مصطفى ليوسف... الذي أومأ موافقا و هو يقترب من مرح....
- " هيا حبيبتي "

*******

وصلوا للمنزل منهكين.... الصمت كان سائدا في السيارة، إلا من بعض أنين جميلة
- " هل آخذك للمستشفى جميلة؟ " قال يوسف، وهو يسترق إليها النظر من المرآة الأمامية
- " لا شكراً لك.... هذا مجرد تعب، فمنذ ساعات و أنا واقفة في المطبخ...." قالت بتعب
- " لا يجب أن تهملي نفسك... فالحمل بتوأم أصعب من الحمل العادي " قال ليلود بالصمت.... دون أن يغفل عن انكماش مرح.... التي كانت النار تستعر داخلها، من البساطة التي يتحدث بها يوسف مع جميلة... متناسية ما حدث في منزل والدة مصطفى...

بعد أن ساعدت جميلة على تغيير ملابسها و الإستلقاء.. خرجت ليوسف الذي كان نائما على الأريكة داخل الغرفة...
- " يوسف.... هل أنت بخير؟ " استقام ليفسح لها المجال لتجلس بجانبه
- " ألن نتحدث عما حدث هناك؟!" قالت بهمس.... و هي منكسة رأسها للأسفل و تجلس على حافة الأريكة
- " ما حدث لا يهم.... منذ البداية كانت من شروط زواجنا أن نبتعد عن عائلتينا.... و ما حدث لا يهم" صمت ساد ليقطعه يوسف قائلا
- " مرح.... سنبتدئ العلاج معاً...."

***********************

- "لماذا أنتما هنا؟"
لأول مرة يقفد يوسف النطق فلا يعرف كيف يجيب عن سؤال بديهي.... كالذي طرحه المستشار النفسي..... عقله كطبيب و شخص مثقف توقف... ليعمل الجانب الرجولي الشرقي، كيف سيتكلم عن تجربته مع رجل آخر.... يقاسم ما عاشه و اعتبره سر من أسراره الزوجية مع رجل آخر.... رغم كونه خبير في مجاله..... فلم تكن ناديا سترشحه له لم لم يكن كذلك.... ناديا.... التي حاولت التكلم معه كطبيية....ثم كصديقة، لكنها لم تستطع اختراق القشرة التي غلف بها نفسه
- " أنا....أنا تعرضت للإغتصاب" أجابت مرح، بعدما يئست من استجابته لسؤال الطبيب..... رفع نظراته نحوها، ليقترب بعفوية يمسك يدها و يشبك أصابعهما..... وكأنه تذكر أنها من عانت و من عاشت الرعب.... وهو تعايش مع البقايا فقط..... كتب الطبيب عدة ملاحظات وهو يلمح لفتة يوسف... وكأنه بُرمج على تقديم العون لزوجته بمجرد أن ذكرت تعرضها للإغتصاب..... لم يفكر مرتين قبل أن يشبك أصابعهما.....
- " نحن هنا.... لأننا..... بالأحرى لأنني لم أستطع أن أخرج من تلك التجربة..... منذ سمعت التفاصيل و أنا لا أستطيع النوم.... و كأنني كنت شاهدا على ما فعلوه..... وكأنني كنت أحدهم.... "
جاء دور مرح لتضغط على يده برقة..... وكأنها تحاول مسح تلك الصورة البشعة من عقله، وهي التي عاشت تأنيب الضمير و الكوابيس لا تفارقه.... كان جسده يرتعش و صدره يعلو و يهبط بانفعال.... جسده متعرق وهو يناديها.... دائما ما يناديها و لا ينتظم تنفسه إلا بعد أن تهمس له أنها بخير.... و أنها معه.
- " مرح...." أفزعها نطق الطبيب لإسمها.... لتبعد نظراتها عن يوسف و تتجه بها نحوه
- " في ماذا كنت تفكرين.... و أنت تنظرين لزوجك؟"
أعادت نظراتها ليوسف لتقول بحرقة
- " كل مرة أراه ينتفض رعباً من كابوس..... أتمنى لو أن لساني قُطع قبل أن أتحدث و أخبره بالذي حدث..... " أبعدت يدها عن يده.... لتشبك يديها و سطها وهي تستطرد
- " أنا كنت سأخرج منها دون إخباره..... بدعمه كنت سأجتاز المحنة.... لم يكن يجدر بي أن أكون أنانية....." سكتت.... و كأنه السكوت بعد العاصفة..... " كل مرة أنظر في عيون شخصٍ الشفقة و المواساة.... أول فكرة تراودني هي كيف أحمل كل هذا الكم من القيح بداخلي وحدي... و كل من يدعي أنه يساندني لا يعرف حقاً ما أعانيه.... كان يجب أن يغوص في الوحل معي.... "
نظرت ليوسف الشاحب وهو يفكر في ما يعنيه كلامها.... لتقول
- " أردت أن أعرف فعلا إن كان سيظل على مساندتي.... أم....."
سكتت دون أن تُكمل..... ساد صمتٌ ثقيل لا يقطعه إلا عنف أنفاسها..... لا بل أنفاسه..... ليقول بخفوت..... و كأنه يخشى سماع الإجابة قبل حتى أن يسأل....
- " هل..... هل فقدتِ إيمانكِ في مساندتي لك..... "
نظرت إليه.... لتقول بقوة لم يعهدها في عيونها..... كانا ينظران في عيون بعضهما.....لأول مرة يحدقان بهذه الطريقة في بعضهما.... لأول مرة يرى خطوطا سوداء تزين بؤبؤيها الرماديين.....لأول مرة يفطن أن حجمهما كبير مقارنةً مع العادي..... و لأول مرة ترى أن رموشه الكثيفة لونها بني غامق..... نست أنهما ليسا بمفردهما..... بل في مكتب ضخم بلونه الأزرق الفاتح الذي يدعو للاسترخاء.... و أمام أنظار طبيب نفسي
- " لمستي تثير اشمئزازك.... فماذا تريد مني أن أعتقد؟"
و كضربة قوية وجهت له بغفلةٍ منه.... عيونه زادت اتساعاً..... و كأنها ستبتلع جميع وجهه.... و فمه فاغر باتساع.... يحاول التنفس من خلاله بصعوبة....لم يصدق أنه في ثانية..... او ربما جزء من الثانية..... دمر ما بناه لأشهر طويلة.... بكل صبر


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس