بفرشاتها الكبيرة وذاك الفضاء الابيض الواسع امامها وحجابها الابيض الموشى بخيوط ذهبية برخارف معقدة تدعو للتامل وجدته هذا الصباح بين الزنابق كما وعدها علي
وبعد صلاة الفجر وهي تعلم انه يقيمها في المسجد تسللت متخفية بجلباب محمد وكوفيته حول وجهها وراسها لتاخذه كما في كل صباح انه حقها تعويض بسيط عن كل خسارة لحقت بها منذ عام ونيف من الخسائر المتلاحقة التي لم تمنحها فرصة لالتقاط انفاسها حتى
والان لا تعلم كيف ولا من اين اخترقها كل هذا السلام
سلام بات يملؤها .... فجاة بهت كل شيء من حولها وبرزت تلك النعم .... نعم تغرقها .. انعم الله بها عليها دون ان تشعر بها
كيف لكلمات قالها قد يراها البعض مجرد حروف متصلة كما كل الكلمات ولكنها كانت لها اشعة من نور اخترقت كيانها اختراقا لترى بعدا ثالثا كانت غافلة عنه تتجاهله بتعنت المذنبين
سلام كان باسمه منه كان هو الدليل اليه ذاك المشعل المنير في بحر حياتها المظلم الهائج لتتشبث هي بالامل الذي لوح لها به فارسها وسلطانها
ضربت بفرشاتها مرة بعد اخرى على اللوحة الكبيرة البيضاء وهي تتطاول لتغطي طرفها البعيد بلون ليلكي يشبه لون ورودها المفضلة وبسمة باتت لا تفارق شفتيها منذ ذلك اليوم
كم انها في نعمة كم انها محظوظة رغم كل ما حصل كم ان الله يحوطها بنعمه دون ان تشكر كل ذاك ايقنته بعد ان راته بعد ان رات فارس النور ذاك القادم من زمن اخر من زمن الرجال زمن لو انها لم تره بعينها لكانت اقسمت انه انقرض وذوى وذرته الرياح كما كل شيء جميل واصيل
ضربات من الوان والوان حتى باتت اللوحة امامها متشابكة بالوان ورودها .... وفي الخلف هناك كانت بسمة منيرة حسبتها لورودها ولكنها كانت له لفارسها الاوحد ورجلها الاوحد ذاك الذي اقسمت ان تعيش على ذكراه مدى حياتها ... حتى وان قسمه الله لغيرها .... حتى وان كتبت ديمة زوجة له ولكنه كان لها بخصوصية لها كما لن يكون لديمة يوما ويكفيها هذا كعزاء لطول حياتها
:- هذه البسمة هناك خلف كل هذه الالوان لا بد انها رمز لشيء ؟؟؟
قالها الاستاذ زيد وهو يقترب منها لدرجة بدت عادية لكل من في القاعة من طلبة الفنون المنهمكين بالجداريات امامهم اما لها فقد بدت انتهاكا لمسافة خطتها لكل غريب لكل رجل ..... حدود مرسومة بجروح وندبات روحها الكثيرة تراجعت على الفور وعدلت اطراف حجابها الذي فاجا الجميع وتقبله الجميع دون سؤال
:- نعم انها رمز
:- لاي شيء ؟؟؟؟
امعنت النظر لتلك الشفاه المظللة خلف طبقات الالوان ووجهه بسماحته المالوفة لها ارتسم على الجدارية وقالت
:- اظن انها رمز للامل الامل المستتر خلف كل ظلام خلف كل خيبة خلف كل انهزام انه الامل بان تبتسم الشفاه التي لطالما صرخت بالم يوجع القلوب .... الامل بان تبتسم العيون التي بكت بجنون ..... تلك البسمة المستترة خلف طبقات الظلال والهموم انها ما يغرينا للعيش للبقاء للتشبث بانفاس زهدناها انه الامل
كان الاستاذ زيد يقف مشدوها بتلك اللوحة لا المرسومة على الجدارية الكبيرة ولكن تلك الناطقة تلك التي سلبته انفاسه منذ ان راها بضفيرتها التي سرقت الوانها من شمس الظهيرة عندهم فتتبعها بشغف باصرار الى ان علم انها باحد صفوفه التي اعتذر عن تدريسها هذا العام ليتراجع عن اعتذاره ويهرع لتقديم الدروس لها ولها وحدها امام تجاهلها التام له وكانه غير موجود مجرد صوت تسمعه فتجيب لا تنظر اليه حتى وكم اوجع ذاك غروره المعهود
:- رااائع
قالها دون ان ينظر للوحة وتجاوزها لمن هي قربها لتعود هي غارقة بعالم من الالوان وبسمته تنير المكان باكمله من حولها بل تكاد تضيء الكون باكمله بضياءه الفريد ونوره الذي ينبع من قلبه الطيب
|