عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-18, 08:58 PM   #4082

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

بداية الاسبوع ... الجامعة... صباحاً..


تدمع عيناها بينما تسمع صوت امها تجهش بالبكاء فتحاول السيطرة على نفسها وهي تلتفت ناحية الجدار تخفي وجهها وتعتزل الطلاب في صخبهم الذي ملأ الرواق والكل ما بين مشوش ومبتهج .. حزين وغاضب .. وهم يستلمون نتائجهم النهائية ..
تبتسم بحب لا يعادله حب بينما يترقق صوتها وهي تهمس لامها عبر الهاتف
" حبيبتي ... لا تبكي هكذا .. "
فترد امها بين شهقات البكاء ونبراتها تشع بالفخر والتأثر
" من فرحتي يا كل الرقة .. ما شاء الله لا قوة الا بالله .. من العشرة الاوائل ! والدك كان سيفخر بك ويطير بك لعنان السماء ..."
غامت عيناها وذاكرتها البعيدة تحاول تكوين صورة محددة لوجه والدها وهو يناظرها بفخر ..
هزت رأسها ثم هتفت بفرح وفخر وهي تبتلع غصتها عنوة قائلة
" بل من الخمسة الاوائل ايضا يا ابتهال .. فانا رقم خمسة .. وخلال ايام سأكون معيدة في الجامعة .."
أخذت الام تتمتم بالحمد وهي تدعو الله ضمنيا ان يعينها على اكمال مهمتها في الحياة
" الف حمد وشكر لك يا رب .. لم يتبق الا ان يحقق الله مرادي ويتمم نعمته عليّ لازوجك ممن يعرف قيمتك فارتاح اني اخيرا اديت الامانة وحققت ما اراده يونس لَكُن ..."
تبتسم رقية بفرح وهي تستدير بجسدها لتتكئ بظهرها على الجدار قائلة بتدللها المعهود " انا لن اتزوج ابدا .. هل انا مجنونة لاترك حضنك ؟! سأظل هكذا معك الى الابد .."
وبختها امها بالقول " اياك ان تقولي هذا مجددا .. انه فأل سيء .."
تضحك من قلبها فتشع بهجة وعندما ارادت الرد على امها بمزيد من المناغشة التقت عيناها بعينيه .. يبتسم لها بهيبته المؤثرة وهو يقترب منها تحديدا يشق افواج الطلبة المتفرقة ...
همست رقية لامها وما زالت ابتسامتها مشعة
" عن اذنك امي .. يجب ان اسلم على استاذي.."
سمعت رد امها " في رعاية الله حبيبتي .."
ثم اغلقت الخط وهي تتقدم من الدكتور سامان تبثه عفوياً بهجتها قائلة
" مرحباً دكتور سامان .. هل علمت بنتيجتي؟"
يمنحها ابتسامة خلابة وعيناه الذكيتان تلمعان بينما يهز رأسه ويقول برد ضمني على سؤالها " مبارك يا معيدتنا الجديدة .."
انتعشت كُلها للفظ (معيدة) ..
وشعرت بالفرح والفخر يضخ في كل جسدها واوشكت ان تشكره عندما رن هاتفه فنظر للشاشة ليرى المتصل ثم رفع يده الاخرى مشيرا بالسبابة بشكل انيق وهو يقول
" لحظة من فضلك ..."
في اللحظات التالية كان الدكتور سامان يتحدث اللغة الكردية مع احدهم ..
اعجبها للغاية صوته بلغته الام ....
انهى المكالمة خلال اقل من دقيقة ثم عاد بتركيزه اليها لتفاجئه بالقول " انها المرة الاولى التي اسمعك فيها تتكلم الكردية يا دكتور .."
سألها وعيناه في عينيها " هل تعرفين اللغة الكردية ؟"
هزت رأسها بحبور وهي ترد " كانت لي صديقة كردية ايام الثانوية وتعلمت منها بعض الكلمات والجمل .."
التمعت عيناه بشدة وكأن ما قالته اسعده للغاية .. للحظة ارتبكت رقية من ردة فعله .. واخذ عقلها يتساءل باسلوبه العملي ..
هل هو سعيد لانه فخور بلغته ويحب ان يعرفها الجميع ام لانها هي تحديدا تعرف بضعا من لغته الام ...؟
وجاءت تمتمته لتزيد السؤال ضجيجا في رأسها
" هذا جيد .. جيد جدا .."
شعرت رقية ان عليها ان تكون حذرة بطريقة ما مع الدكتور سامان .. لكن مؤكد يجب ان تعامله بلباقة خاصة .. فهي لن تخسر دعماً من شخص مثله له مقامه وهيبته ..
تلويح من بضع بنات تعرفهن في اخر الممر كان مخرجاً منتهى (اللباقة) لتمثل الابتهاج وهي تلوح لهن في المقابل ثم تعتذر بابتسامة عريضة للدكتور سامان قائلة
" اسفة دكتور ... صديقاتي ينادونني .. اتفقنا على الخروج سويا .."
غامت عيناه بغموض محير وكأنه انزل ستارة نصف شفافة لا تخفي كل شيء بل تجعل الرائي يحدق بفضول ليعرف ما يخفيه ..
ثم قال بابتسامة جانبية حلوة " اذهبي واحتفلي .. انت تستحقين الافضل .."
ليتركها ويتحرك مهيباً ملفتاً وكأنه وُلِد بتلك المهابة فأتت عفوية مؤثرة ...
تحركت رقية وعقلها يرسل اليها اشارات حول الدكتور سامان ..نظراته وتلك المعاني المحيرة التي يرسلها اليها لا يمكن ان تكون مغفلة ولا تفهمها ! ... انه .. مُهتم ...
ما لا تفهمه هو نوع (اهتمامه) بالضبط ؟!
يجب ان تعرف أبعاد ما يريده حتى تعرف كيف تتصرف معه مستقبلا ...
لكن مؤكد لن تفكر بكل هذا اليوم ..
فهذا اليوم سيكون للاحتفال بانجازها فقط ..



في نفس الوقت .. حي الشيخ .. السوق



في طرف السوق تجلس حسناء على الارض المتربة وبتوتر تفترش الخضار امامها على الارض وهي تشعر بالنظرات المتوجسة تحوم حولها كما حصل بالامس واول الامس ...
اتكأت بظهرها على جدار شبه مهدم تقع خلفه ارض خربة يستخدمها سكان الحي احيانا كمكب للنفايات ...
الرائحة تزكم الانوف احيانا خاصة في فصل الصيف لكنها لا تشتكي .. لقد خسرت موقعها داخل السوق بسبب غيابها عنه.. وعليها ان ترضى باي شيء حاليا ..
عينها من شق العباءة تناظر الداخل والخارج .. الكل بات يعرف من هي .. والكل يتجنب الاحتكاك بها والاقتراب منها ...
تحسين منذ اول يوم عادت فيه لعملها في سوق الخضار اعلن عن هويتها بالنسبة له فاصبحت منبوذة داخل دائرة الرعب التي اوجدها حوله...
اليوم الاول لم يشتري منها احد .. واليوم الثاني لم تبع الا حزمة خضار واحدة .. وهذا هو اليوم الثالث فدعت الله ان يرزقها ويفك حصار تحسين من حولها حتى يتشجع الناس ليشتروا منها دون ان يهابوا التعامل الطبيعي معها ...
ما يقلقها اكثر هو تعامله معها في البيت ...
لم يعاشرها منذ يومين بل حتى لم يحاول .. بات يصمت معظم الاوقات عندما يكون معها بالبيت بينما نظراته الممعنة فيها تبدو كنذير شؤم ..
لا تعرف ما ينتظره منها .. تحاول ارضاءه حتى لا يعيد النظر بتركها تعمل فتعد عشاء يعجبه وتغسل ملابسه باهتمام بل حتى تحاول ان تتكلم معه حول السوق والبيع والشراء .. لكنها لا تتلق منه الا الصمت وايماءات الرأس ونظرات تفيض بشكوك مبهمة ! هل يشك بها انها قد تهرب ام ان شكه مختلف هذه المرة ...؟!
خياله المرعب حط فوق رأسها فيجفلها ويخرجها من افكارها حوله لتواجه واقع وجوده فترفع نظراتها له وتراه امامها يحدق فيها من علو بنظرات صارمة وهو يقول " اليوم لك ساعتان فقط .. سألف في السوق وسأكون قريبا دوما .. واحد صبياني سيكون ملازماً لك اذا حصل شيء سيبحث عني .."
تمتمت حسناء وهي تحاول دفعه ليبتعد عن مكان رزقها " نعم.. حاضر ... اذهب انت.."
يضيق عينيه وهو يواصل تحديقه فيها ثم فجأة يهبط بجسده ليجلس القرفصاء قبالتها قائلا بنبرة تشكك مخيف " تريدين مني الذهاب سريعا يا ام تحسين ؟! اتساءل لماذا !"
فترد عليه وقد فاض كيلها " لان لا احد سيشتري مني اذا ظللت قريبا مني هكذا .. ارجوك يا تحسين .. فقط اذهب ودعني لرزقي.."
شعّت عيناه بالغضب فانكمشت خوفاً لكنه لم يفعل اكثر من ان يهب واقفاً على قدميه ليبتعد عنها ويدخل عمق السوق فتتنفس حسناء الصعداء وتستكين في ركنها وعينها تنظر للسماء تدعو الله الرزق الحلال ...
بعد اقل من ساعة كانت تتمتم حسناء بالحمد والشكر وهي تأخذ النقود من زبونتها الثالثة .. وبينما تخفي المال في جيب جلبابها جاءها زبون ...
لم تألف وجهه وكأنه من حي آخر .. بدا شاباً في العشرينات وقح الهيئة والتعابير وعيناه لم تنزلا عنها وهو يسألها بنبرة لامبالية عن سعر الخضار ..
كانت ترد والشاب يتواقح اكثر ويقلب في خضارها باستهانة مستفزة حتى تناثرت هنا وهناك فنهرته حسناء " لا تفعل هكذا بالله عليك.. ستتلف الخضار ..."
ليرمقها بنظرة مشمئزة ثم يهينها بالقول
" لم يتبق الا بائعة خضار قذرة ترفع صوتها علي .."
استغفرت حسناء بتمتمة خافته وقد اعتادت امثاله ..
صمتت تتركه يرحل من نفسه وهي تعيد ترتيب الخضار محمية تحت قطعة قماش رطبة كي تحافظ على رونقها من حر الصيف.. لكن الشاب لم يكتفِ فوقف على قدميه ورفس بقدمه الخضار وهو يلفظ بضع كلمات بذيئة ..
في لحظة عجيبة وقبل ان تستوعب حسناء ما يجري كان الشاب منبطحاً بوجهه على الارض بعد رفسة وحشية تلقاها من تحسين الذي ظهر من العدم ...
التصقت بالجدار وهي ترتجف من هول العنف الذي يتلقاه الشاب من تحسين ...
لم يكن آدميا على الاطلاق وهو يكيل اللكمات والرفسات للشاب الذي اخذ يلفظ الدم من فمه ..
ودون شعورها صرخت حسناء فزعاً وهي ترى تحسين يخرج سكينه ويجثم فوق صدر الشاب يفتح فمه عنوة ليمسك لسانه بين اصابعه وهو يقول له بعنف دموي رهيب " سأشق لسانك نصفين يا ابن ال(....) ..."
وقفت حسناء على قدميها لتركض نحوهما وتتوسل تحسين وهي تمسك ذراعه
" بالله عليك اتركه .. حلفتك بالله يا تحسين ان تتركه .."
دفعها بعنفه ذاك وقد بدا كوحش حقيقي خارج اي حدود انسانية ..
وقعت على الارض لكنها عاودت الوقوف تلملم عباءتها حولها لتعاود التوسل وهي تمسك ذراعه تمنعه من الاقدام على شق لسان الشاب فيدفعها بوحشية مرة اخرى .. لكنها لم تيأس والناس تجمهروا حولهم دون ان يجرؤا على التدخل .. فقط حسناء اخذت تبكي وتولول وتتوسل " لم يفعل شيئا.. دعه يا تحسين .. دعه .. "
كانت قد فقدت سيطرتها على نفسها واصبحت هستيريه فاخذت تحاول جر السكين من يده عنوة وهو يقاومها ويشتمها ثم فجأة ... سال الدم وسط هذا الصراع ...




الحي .. بيت العطار..


ترجلت رقية من سيارة الاجرة وهي تلمح عن مسافة العم سعدون بجلبابه الابيض يقف متخصرا وعابسا بغير رضا بينما رعد ببنطال جينز باهت وبلوزة بيضاء صيفية يضم لصدره وبين ذراعيه حزمة كبيرة من الاغصان المقطوعة والاعشاب اليابسة ليلقيها جانباً على الرصيف ثم تسمع رقية صوت رعد واضحاً وهو يحاول اقناعه او استرضاءه " اقسم لك يا عم ستغدو حديقتك جنة قبل أن يبدأ رمضان ولن أكلفك فلساً واحدا.."
تنقّد رقية سائق الاجرة وهي تخفي ابتسامتها عندما سمعت رد العم سعدون الحانق
" لماذا تحشر انفك في كل شيء ؟! الا يكفي انك غيرت ترتيب خزائن المطبخ واصبحت اتوه بينها ؟! "
فيبدو رعد بتعابير الاقناع المنطقي وهو يقول بنبرة هادئة مستفزة " التغيير مطلوب يا عم انه ينشط الذاكرة صدقني وانت قلت لي تحتاج لتمارين ذهنية .."
تدعي رقية البحث عن شيء ما في حقيبتها لتطيل وقوفها حتى تستمتع بما تسمعه ليقول العم سعدون بنبرة اتهامية وهو يشعر بمزيد من الحنق والغيظ
" واعدت ترتيب غرفة المعيشة على مزاجك حتى لم أعد اعرف اين اسكن انا ! "
فيواصل رعد اسلوبه الحلو المنطقي المغيظ قائلا " لكنك قلت ان الطابق الاول مهجور وانك تفضل الطابق الثاني .. فشعرت ان ربما اذا غيرت من غرفة المعيشة ستغير رأيك وتجلس معي فيها نتناول الشاي ونتباحث حول اخبار العالم والسياسة وربما نتفرج فيلما لجيمس بوند .."
عندها رد سعدون على حجج رعد وهو يكاد يشد بشعره من الجانبين هادرا فيه " كف عن ردودك الجاهزة هذه .. نحن لم نتفق ان تغير من هيئة بيتي الذي اعتدت عليه منذ سنوات..
كل ما سمحت لك به اعادة تأهيل الحمام السفلي وقد فعلت وانتهينا... رغم اني لم أكن راضيا جدا عن عمل السمكري .."
فيعبس رعد وكأنه يفكر للحظات ثم يقول
" اؤيدك.. انا ايضا لم أكن راضيا .. امممم .. ما رأيك ان نتصل بسمكري آخر ليأتي ويعيد عمل الصيانة في الحمام من اوله ؟"
رفع سعدون كفيه للسماء وكأنه سيخرج عن طوره ليهتف " اعوذ بالله .. لا اريد مزيدا من الغرباء والفوضى في بيتي .."
أفلتت ضحكة مشعة من رقية رغماً عنها فلفتت انتباه الاثنين اخيرا لتتهلل اسارير سعدون وهو يتقدم نحوها بخطوات واسعة قائلا بحماسة طفل يريد ان يكون الاول في كل شيء
" مبارك يا رقية نجاحك وتفوقك .. سعيد اني الاول الذي يبارك لك من الحي .. لا بد انك عائدة للتو من الجامعة .. والدتك حفظها الله وزعت الحلويات على اهل الحي كلهم .. انا سعيد لاني كنت اول من رآك وبارك لك.."
تركت العجوز يهذر ويثرثر لتكتفي بالقول متجاهلة رعد الذي ما زال يقف محاذيا لباب بيت سعدون القريب " شكرا يا عم سعدون ..."
فجأة قال رعد بصوت مرتفع من مكانه " اشم رائحة احتراق قادمة من مطبخنا يا عم .."
بدا العم سعدون فجأة كامرأة مولولة وهو يهتف عائدا بخطوات مهرولة لبيته
" يا ربي ! نسيت الاكل على النار .. كله بسببك يا ثرثار .. شغلتني بالكلام فاحترق طعامي .."
مر سعدون في هرولته برعد الذي كان يكتم ضحكته فتتباطأ خطواته وهو يعبس في وجهه مضيفاً بحنق " كما ان اسمه (مطبخي) وليس (مطبخنا) يا ولد .. هل سترثني وانت معي منذ يومين لا غير؟! "
ثم اكمل العم سعدون هرولته وهو يولول تحسرا على طعامه الذي احترق ..
انحنى رعد ليلتقط من كومة الاغصان والاعشاب التي رماها قبل قليل على الرصيف فاخذ يبحث بينها حتى التقط عشبة يابسه لكن تبدو مميزة بشكلها فابتسم وهو يعتدل بوقفته ليقترب من رقية التي تحدق فيه بتحدٍ تلقائي فينظر في عينيها الزرقاوين الجريئتين ويقول بنبرة حلوة مستفزة ومدغدغة " مبارك يا رقم خمسة ..."
نظرت بترفع لتلك العشبة الصفراء في يده وبابتسامة عريضة مغيظة قالت " شكرا يا ظريف "
لكن مؤكد لم تنجح في اغاظته وهو يتطلع اليها وكأنه مستمتع بمحاورة طفلة مشاكسة مشاغبة .. طفلة يرواغها ويستفزها ..
اللعنة لما يشعرها به هذا ... الغبي !
قلبها يخفق فرحاً في صدرها وهي تأخذ العشبة منه ..
داخلها تشعر بانوثتها ترتعش استجابة فورية عاطفية للغاية .. تشعر بحبال السيطرة تسرح من بين اصابع ارادتها الحديدية التي تراخت ..
لم تكن تعرف ان عيناها بدتا شفافتين تطل منهما نجوم مشعة غامضة تجعله يشعر بالحيوية والفضول المنعش لاكتشاف ما تخبئه بنجومها تلك...
يتمتم رعد وهو مشدود لتلك النجوم
" للاسف لا زهور في حديقة العم سعدون لاقدمها لك ..."
تطرق بنظراتها للعشبة في يدها وترد عليه بوقاحة وجرأة " لا تقلق .. الهدية تعكس شخص صاحبها .."
فيضحك رعد بضحكات مجلجلة وهو يسير متراجعاً للخلف بظهره بينما يواصل النظر اليها ويحييها منحنياً بشكل مسرحي مضحك
" هذا لا يمنع اني فخور بك يا دمية .. "
يواصل سيره العكسي للخلف فلم ينتبه لكومة الاغصان والاعشاب فيتعثر بها ويقع على مؤخرته لتنطلق ضحكة رقية عاليا تظهر شماتتها بوضوح وهي تلوح ناحيته بهديته (العشبية) وتقول
" واحدة بواحدة يا ظريف .."
يهز رعد رأسه وهو يضحك ثم يرجع بظهره للخلف ليتمدد فوق الاغصان فارداً ذراعيه وعيناه تتطلعان للسماء الصافية باسترخاء لذيذ ..
خلال لحظات كانت رقية قد دخلت بيتها وتغلق البوابة الخارجية ببطء متعمد وعيناها تخطفان ناحيته وهو ما زال مستلقيا بتلك الحالة ... الساحرة!
اصابعها تشد على حديد الباب تأثرا بمنظره الجذاب ذاك ... إنه يؤثر فيها رغم أنفها .. نفس التأثر الذي تشعره وهي تحدق ليلا في صورته التي رسمتها حبيبة قبل ايام .. تحدق بوجهه دون ملل بل العكس تزداد لهفة لتمعن اكثر ..
لا احد يعلم ان تلك الصورة باتت في حوزتها..
لقد سرقتها في نفس الليلة دون ان يشعر بها احد .. وعندما بحثت عنها حبيبة ورباب ادّعت امامهما بكل وقاحة وبراءة انها مزقتها ورمتها الى سلة المهملات ظناً منها ان حبيبة رسمتها للمزاح فقط ...
لا زالت تذكر حنق رباب عليها بينما حبيبة تهدئها وتعدها برسم صورة اخرى ...
لم تهتم لغضب اختيها فكل ما اهتمت به انها حصلت على الصورة لنفسها .. لها وحدها ...
وقضت ليلة طويلة تحدق بالتفاصيل التي رسمتها حبيبة للساحر ...
اجادت حبيبة رسم تفاصيل وجه رعد .. ابتسامته الغامضة ونظرة عينيه الاكثر غموضاً واثارة وسحرا ...
كان مخيفا ومثيرا في الآن ذاته .. ملفتاً بعلامات استفهام لا تنتهي .. جذابا بشكل متفرد مختلف ..
انه محير لمن يلتقيه وحبيبة اجادت نقل حيرتها الشخصية حوله بعفوية الفنانة داخلها..
واخيرا ..اللون الاسود لزي الساحر كان يمثل لرقية الستار المظلم الذي يخفي اسراره خلفه.. ستار تريد ازاحته بلهفة لم تشعرها قبلا...

يتبع ..


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس