عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-18, 01:01 PM   #58

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن




" العودة "




بين كلمات ونظرات وضحكات .. جلست رحيق بين صغارها الثلاثة يتحدثوا عن الطعام .. فقد حان وقت الغداء ولم تجهز شيئا لتعده .. كانت في حالة ملل من زوجها ..غاضبة من تقربه من هويدا .. فلقد بدأ منذ اليوم الذهاب اليها ليعطيها خبرته في مجال الحسابات .. لم يهتم لضيقها .. لم يهتم لنظراتها الحانقه عليه .. لم يهتم لابتعادها وتجاهلها اياه منذ قذف بوجهها كلماته التي كانت تقطر قسوة .. فعل ما يريد .. وكأن زلتها ستجعلها تصمت عما يفعله وهي تري انجذابه نحو هويدا .. ظنت أنها تعرف زوجها .. لكنها الآن بدأت تشك .. هو يقترب من الهاوية وهي تشاهد الآن سقوطه.. تحاول الامساك به لكنه يرفض ويبتعد ..بين جذب وشد ..بين ضيق وغيظ .. تركته يفعل ما يريد .. هو لم يتحدث اليها بشئ وانما هي من نقلت له ضيقها من أمر هويدا .. اليوم عطلته .. وعطلة الصغار .. تركهم ليذهب اليها..كانت تنظر لثلاثتهم ثم قالت
" ماذا سنأكل اليوم .. بابا سيأكل بالخارج .. ماذا عنا ؟ "
قال زياد بطفولية
" فلنأكل نحن أيضا من الخارج .."
شعرت بالغيظ من ماجد ورأت أن ما يطلبه زياد هو الحل الأمثل لتفريغ حنقها.. لماذا يأكل هو طعاما شهيا سريعا وهي تتعب في اعداد الطعام .. فلتتساوي الرؤوس اذا .. وبالفعل طلبت طعاما من الخارج .. أمهلها المطعم نصف ساعة ويكون العامل أمام بيتها ... وبالفعل بعد مرور نصف ساعة كان الجرس يرن... قامت رحيق لتعطي أحمد المال ... وقالت له " أعطه المال بالكامل .. وخذ منه الطعام فقط .."
وبالفعل تناول أحمد الطعام من العامل ونقده المال ثم أغلق الباب وعاد اليهم ...
سعدوا كثيرا بالطعام وكأنهم فازوا بكنز ثمين ... ما ان همت بالجلوس لتأكل حتي سمعت صوت الباب يغلق بعنف ...وكيان ماجد يتجسد أمامها .. راقبت دخوله .. يبدو غامضا ... مر من جوارها ذاهبا الي غرفته في صمت .. عادت بنظراتها للصغار قائلة
" من سينهي طعامه أولا .. له مكافئة .. هيا ابدءوا يا صغاري"
ثم توجهت الي غرفة نومها وهي تتسائل لماذا عاد مبكرا .. لم يمر الكثير علي ذهابه .. وجدته يبدل ملابسه ...أقتربت تضع يدها علي كتفه .. فأسقط يديها عنه بعنف قائلا
" من أحضر هذا الطعام ..."
انتبهت وقد فهمت ما يرمي اليه
" آه .. لقد طلبنا طعاما .. جاء حتي البيت .. لم أخرج دون اذنك .. ولن أفعلها ثانية لقد وعدتك .."
بدت ملامحه أكثر شرا .. تطلعت اليه لا تفهم ما الأمر .. هل أنزعج بسبب طلبها للطعام من الخارج .. هل سيؤثر ذلك علي مصروف البيت .. لم كل هذا الغضب !.. فهي لم تعهده بخيلا
ازداد حنقه .. هو يعلم جيدا أنها طلبت الطعام الي هنا فقد أصطدم بالعامل وهو يهبط مغادرا .. شقتهم بالدور الخامس والأخير ... عندما صدم بالعامل فطن أنه قادم من شقته بعد أن وصل للرابع فلا شقه تليهم ..

" كيف تطلبين طعاما من الخارج وتعلمين أن من سيوصله بالطبع رجلا وأنا لست بالبيت .. من سيستلم منه الطعام .. رجل أمام باب بيتي وزوجتي بمفردها .. كيف تجرؤين علي فعل ذلك ..."
بدأ الاحمرار يزحف الي وجهه .. هي تخشاه .. كان دوما هادئا .. و اليوم يبدو في أوج غضبه ..
" هل تحبين لفت الأنتباه رحيق .. هل تستمتعين بنظرات الرجال زوجتي .. هل ترغبين بشئ زوجك مقصر معك به .. لماذا تثيرين حنقي كلما حاولت السيطرة عليه ؟.. لماذا تصرين علي اخراج اسوأ ما بي ؟ لماذا ؟ "
مع آخر كلماته بدأ صوته في العلو .. لم تستطع الا وهي تجيب بقوة ..

" أنا .. أنا استمتع بنظرات الرجال .. أنا من أحفظ بيتك وعرضك سواء أنت معي أو كنت خارجا .. هل أخطأت في أختيارك ماجد فلتعترف بذلك الآن .. ألست أنت من يهتم بنظرات النساء .. بل وتسرع لأرضائهم .. ألم أر بعيني أهتمامك بهويدا ؟.. ألم أسمعك بأذني تغازلها في وجودي ..؟ أنت لم تحترمني كزوجتك أمام عائلتك .. ناهيك عن أهانتي بيني وبينك .. أنا لم أخنك .. وما حدث كان قبل معرفتي بك .. أنا أخطأت أعرف ذلك تماما .. لكني لم أتمادي .. أخطأت .. وتبت الي ربي وهو الغفور الرحيم .. فلماذا لا تغفر انت !.. من منا يستمتع بالنظرات .. من منا اسرع خلف امرأة يعلم جيدا ما تريده ..."
تواجهت النظرات .. علت الأنفاس .. الهدوء الذي كان يكتنف حياتهم أصبح عواصف تثير الأفكار والمشاعر ... نظرا لبعضهما البعض بنديه وقوة .. أكملت رحيق
" أخبرني ماجد .. لماذا لم تقطع علي هويدا طريق القرب منك ؟.. لماذا لم تتزوجها طالما هي تريدك .. ؟ أخبرني لماذا توصمني بشئ أنت تفعله الآن وأنا علي عصمتك ... أنت تكيل الأمور بمكيالين ... تحلل الأمر لك .. وتحرمه علي ..."
صمتت مع صفعته ... صفعة قوية من يده دون تفكير .. هل تريد أن يحلل لها خيانتها .. هل تساوي بينها وبينه .. هو لم يفعل شيئا هل هي غاضبة لمجرد غزل برئ لابنة عمته.. أما هي .. فلن ينسي ما فعلت أبدا .. ولا يستطيع ايقاف النيران التي تشتعل بداخله من فعلتها ..نارا تتجدد كل يوم مع رؤيتها .. نارا تقضي علي استقراره وأتزانه .. كلما تطلع لشعرها .. كلما تطلع الي طول عنقها .. كلما نظر الي نحرها .. كل هذا رآه غيره .. رجل غيره غريب عنها شاهد زوجته هكذا .. ما الذي يجب عليه فعله

وضعت يدها علي موضع صفعته بألم .. دون أن تذرف دمعة واحدة .. ها هو زوجها الذي ظنت به خيرا .. ها هو ماجد الهادئ يخرج أخيرا عن طوره .. هو رجل ككل الرجال .. أين الخطبة العصماء التي ألقاها علي مسامع ولدها عن العقل وضرورة استخدامة قبل اليد .. لطالما فخرت بكلماته .. بل وبأفعاله .. فهو رغم كل شئ لم يتطاول بيديه عليها من قبل ...
سمعا صوت الباب يفتح ليدخل الصغار ثلاثتهم ... يجري زياد تجاه رحيق ليختبئ خلفها ... بينما ولديها يقفا عند الباب ... لم يتقدموا ولا خطوة واحده .. مصدومين مما سمعوه .. فأمهم ..وأبيهم يتشاجران ...لملمت نفسها سريعا ...ثم أمسكت بزياد تحمله ... وبيدها الأخري توجه صغارها للخارج .. بينما جلس ماجد علي السرير بأنفاس وأفكار متسارعة...هو لم يستطع منع نفسه من صفعها .. لقد تطاولت عليه ...لقد عاملته بنديه لن يقبلها ... أتكون مخطئة وتتطاول أيضا بالكلمات...

بعد قليل

وجد باب الغرفه يفتح ... وجد أحمد يتوجه نحوه ..جلس الطفل جواره ينظر اليه بخوف .. يقول بصوت مرتجف..
" أمي ... أنا ... أمي أعطتي مالا لأوصله الي العامل ... هي لم تخرج له .. لم يرها عمي ..."
اغمض ماجد عينه متألما .. عمي ... انها المرة الأولي التي ينعته أحمد بهذا اللقب .. منذ اليوم الأول من دخوله بيته هو وأخيه وهو يناديه أبي .. يبدو أنه بدأ في هدم بناء قد تعب في ارسائه طويلا مع الصغار .. قال ماجد وما زال مغمضا عينه جالسا علي السرير
" هل استمعتم لحديثنا .."
نظر أحمد أرضا ..مجيبا
" نعم .. أقصد لقد كان صوتكما عاليا ..."
يبدو أنه لم يعرف بأمر صفعه لوالدته أمسك الطفل من كتفه يضمه الي صدره ...قائلا
" أنه أمر طبيعي أحمد أن نختلف أنا ووالدتك في الرأي حول أمر ما .. هي تراه صحيحا بينما أراه أنا خاطئا .. عليها الأمتثال لأوامري علي كل حال.. ليس تسلطا مني وأنما لخوفي عليها وعليكم .. "
أستمع أحمد الي ماجد ثم نظر اليه وهو يبكي قائلا
" أمي تهتم لأمرك .. لا تزعجها ثانية ع..."
قاطعه ماجد بصرامة محببة قائلا
" بابا .. قلها ثانية أحمد .. أي خلاف بيني وبين والدتك لن يؤثر علي علاقتي بكم أنت وأخيك .. أنتم مثل زياد .. "
ثم قبل رأسه وتركه يغادر .. أذا فقد فتح له أحمد الباب وتعامل معه .. هي لم تخرج الي العامل .. هل اخطأ بحقها للمرة الثانية .. نعم .. وما بها .. فليخطئ الآف المرات .. فهو ما جنت يداها ....علها تكفر بعضا من ذنبها .. وعله يخفف قليلا مما يعتمل بصدره من نيران .
ليلا
وقف أمام النيل يتطلع الي مياهه السوداء حيث عم الظلام .. حدث نفسه و الهواء البارد يمتزج مع أنفاسه
" اذا فقد فتح أحمد للعامل .. لماذا لم تفتح له هي .. هل فعلت ذلك لأجلي .. "
" لماذا أنت غاضب هكذا .. ألم تذهب الي السوق و تتعامل مع الرجال .. ما مشكلتك في فتحها للعامل من عدمه .."
" كانت بمفردها "
" معها الصبية "
" وماذا سيفعلوا ان حدث شئ .. أو لو تجاوز العامل بنظرة .. أو لمسة "
" لا تشطح بأفكارك ماجد .. لقد تطرفت معها في رد فعلك .. "
"لقد عاندتني .. صاحت بوجهي "
" بل واجهتك بما تفعل "
" وما شأنها هي .. لقد أفقدتني عقلي "
" هل .. هل أحببتها "
انتفض لموجة الهواء الشديدة التي بعثرت ثيابه وشعره
انتفض لهذه المواجهة بينه وبين قلبه .
انتفض مما يحاول قلبه اقناعه به ..
هل يحبها حقا .. وهذا سببا لما هو فيه .. هل ما يفعله معها بسبب حبه وغيرته عليها .. أم بسبب استغفالها له وعدم مصارحتها بما كان .. عليه أن يحسم أمره .. لا مزيد من الشجار حتي يحسم أمره .
مسح علي شعره بيديه في محاولة لترتيبه .. نظر للمياة مضيقا عينيه ليتجب الهواء البارد قليلا ثم ألقي بأفكاره في المياة المظلمة .. عائدا للمنزل




وضع كريم مفتاح شقته في رتاج الباب .. وللغرابة أنه فتح .. اذا فنور لم تقم بأستبداله ..لم يكن الأمر غريبا علي الأطلاق فلقد توقع كل شئ .. بل يزداد ثقتا في نفسه لمعرفته خبايا عقلها .. وأنتظاره لتنفيذ ما تخطط له بصبر
شعرت بدخوله .. حملت أروي وتوجهت نحوه ...ناولتها له قائلة
" أذهبي لبابا أروي ..."
تناول طفلته منها ليجلس حاملا اياها بخفه .. أخذ ينظر اليها شاردا متسائلا .. هل أنتي ابنتي ؟..هل أنتي من دمي؟ .. هل تحملين جيناتي أنا ؟... .
جلست نور جواره مفسرة نظراته الي أروي أنه أشتاقها .. وكانت تقصد من منعها عنه أن يشتاقها .. هي ابنته الوحيدة ..فأبناءة من الأولي ذكور .. وللبنات سحر خاص مع والدهم .. فالبنت تغار علي والدها و تدلله ..

هي لا تنكر غيرتها من مني لأنها حظيت بكل شئ .. حظيت بكريم عندما كان رجلا بمعني الكلمة .. يذهب معها للطبيب لمتابعة حملها ... ينفق عليها فهي لا تعمل ..يحمل صغاره لجرعة التطعيمات الشبه شهرية .. كل شئ .. كما أنها أنجبت له الصبيان .. أي لها الكثير .. يكفي أن الشقه التي تجلس بها ملكه .. أما هي فقد حرمت من كل شئ ... فهي تجلس في ايجار .. هي من تدفعه..وتهتم بكل ما يختص بأروي
حقد نور علي مني لن ينتهي أبدا .. لو دون .. سيملأ مجلدات ..
ظلا متواجهين ..هي بأفكارها .. وهو بأفكاره ..
لم ينتبها الي أروي التي استسلمت للنوم بين يديه ..
حملتها نور لتذهب بها الي سريرها وعندما عادت .. وجدته كما هو .. بسترته الشتوية .. التي عاد بها من الخارج .. حتي حذاءة لم ينزعه بعد .. أقتربت منه تسأله
" أعد العشاء ؟..."
نظر اليها مبتسما بسخرية ..
" لا .. "
هي غير مطمئنة لنظرة عينيه .. شروده ازداد وكأنه يخطط لشئ .. قالت بوضوح
" ماذا تحمل لي بصدرك كريم !"
أتسعت ابتسامته وهو يمدد قدميه علي الطاوله أمامه قائلا
" مم تخافين نور ؟"
أستشعرت سخريته قائلة
" أنا لا أخافك كريم وأنت تعلم هذا جيدا .. "
قال بلهجة صارمة
" ما الذي أخبرتي محمد به ؟.."
أضطربت ملامحها وهي تقول
" أنت من أقحمته في الأمر ... عليك تحمل توابع تصرفاتك "
هنا قام يواجهها بعلامات غضب لم تره بها من قبل
"أنا لم أسرقك نور .. أنت تعلمين ذلك جيدا..لم فعلت كل ذلك .."
قامت من مجلسها تواجهه صارخة
" بل أنت كريم .. البيت لا يحوي سوانا .. ان لم أكن أنا .. فأنت"
ازداد غضبه ملتفتا حوله .. ليكسر ما تطاله يده .. صارخا بها
" ألا زلت تصرين علي كلامك ؟.. تبا لك .. لقد صار زواجنا علكة تلوكها الألسن بالعمل .. لقد جعلتني مسخا .. صورة لكل شئ .. صورة لأب .. صورة لزوج ..صورة لرجل .. أنا لم أعد كذلك نور .. لم أعد رجلا ..أخبرك سرا .. أنا أكرهك .. و أكره نفسي .. "
شهقت نور مرتده للوراء فسقطت علي الكرسي خلفها .. صدمت من كلماته .. من هذا .. من هذا الرجل الذي تزوجته .. ما الذي حدث له .. لا .. لم تكن هي السبب أبدا فيما حدث له ... أرادت تغييره حقا .. حقا فعلت .. لكن ليس بهذه الصورة التي هو عليها الآن أبدا..جلست ممسكة بذراع المقعد وكأنها تتمسك بالقوة لمواجهة زوجها الذي علي ما يبدو جن.. ظل يدور حول نفسه ويكسر اشياء أخري تزين بيتها .. واصل صراخه
" جعلتي مني أضحوكة لكل من بالعمل .."
قاطعته بصوت أشبه بالهمس
" أنت من أقحمت صديقك بالأمر .. لم تلومني أنا علي ذلك كريم "
هدر بقوة مقتربا من مقعدها تواجهها أنفاسه
" أنا ألومك علي كل شئ .. أنت تغارين .. قد أدفع أنا من سمعتي ومن واجهتي ومن عقلي ودمي من أجل غيرتك سيدتي .. أنا فداءا لكل شكوكك .. أنا من اسرق .. أنا من لا انفق علي بيتي .. أنا من لا يهتم لأمر ابنته .. أنا المدان دوما .. أنا السبب فيما يحدث بالأقصي ان شئت نور "
التقط أنفاسه متسائلا
" ألم تتسائلي فيم قصرت أنت .. ؟ أنت تمنعين نفسك عني .. لا تشبعيني كرجل بحجة أني أعاشر الأخري ... لقد أقسمت مرارا أني لا أفعل وأنت لا زلت تتمنعين ؟ .. ألم تتسائلي عن سبب زواجي ثانية .. ألم تنتبهي الي حبي وحاجتي اليك ..لقد قصرت بكل شئ لأجلك .. أبتعدت عن أطفالي لأبيت ليال بين يديك .. لم ألبث أن أعود اليك وتتفننين في طردي مرة أخري .. أبحثي عن شخص آخر تلصقي به أتهاماتك سواي .."
ابتعد عنها ليعطيها ظهره ممسدا جبينه بقوه..التقطت أنفاسها .. لم تكن تعلم أنها قد ضغطت عليه بهذه الصورة .. يبدو كمن أصابه مس من الجنون .. .حاولت تجنب هذا الجنون ليمر الأمر .. قامت من مكانها مرتعشة الأقدام .. تقترب منه متماسكة .. أحتضنت ظهره قائلة
" انا آسفه .. لم أكن أعلم أن ابتعادك عني سيجعلك هكذا ..."
التفت اليها بسرعة مما جعلها تفلته .. قال من بين أسنانه ...
" هل تظنين أن ما بي بسبب أبتعادك عني نور ... "
ثم أضاف بسخرية لم يظهرها لها
" بل من أجل أبتعادي عن ابنتي ...وهذا سبب عودتي .."
تركها مغادرا الي غرفة نومهم .. هو يعلم أنها ستأتي الآن لتلاطفه .. لتهدئ من ثورته .. لقد قام بما خطط تماما .. كان بحاجه لأسترداد ولو جزءا بسيطا من كرامته .. هو يعلم أنها سعيدة بما حققت .. سعيدة بتذلله لها من قبل .. وسعيدة بمكالمته لأخيها علي ظنا منها بأنها تظهر رجال عائلتها أمامه ليرتدع عن أفعاله و يخافهم .. هو يعلم جيدا مدي سعادتها لعودته .. فزوجته الآن بحاجه للحب ... هي بحاجه لقربه رغم كل شئ .. وهو سيفعل لها كل ما تريد .. بدل ثيابه .. صعد الي سريره .. تبعته نور مسرعة .. قالت وهي تجلس جواره
" أشتقت اليك .. ألم تشتق الي ؟.."
وضعت يدها علي صدره في بداية لشئ يعلمه جيدا .. وقد احتاج أن يطمئنها كثيرا .. فلن يصح انتقامه في ظل اشتعاله وانفجاره بها منذ قليل .. استجاب للمساتها .. وتركها تظن أن المياه بينهم قد عادت الي مجاريها





تطلع وليد الي ولدي مازن .. لقد حان وقت الرحيل .. هو عائد لزوجته ووطنه غدا ..كم بحث .. كم مر من الوقت وهو ينظر هنا وهناك .. مازن يتحدث الي هذا وذاك .. فعل كل ما بوسعه .. بحث في ايتوان وخارجها أيضا علي قدر استطاعته .. لم يسفر البحث عن شئ .. لم يجدها .. لم يجد جودي .. ليس لها أثر لا هنا ولا في وطنه .. ترك عمله .. ترك بلده .. ترك كل شئ لأجلها عله يعوضها عن أهماله لها .. لكن علي ما يبدو أنه سيصبح مدينا لها الي الأبد .. مات الأمل بداخله لم يعد له أثر ولو بسيط .. هكذا هو منذ تحدث مع سارة في آخر مرة .. كان يهاتف عصام ليطمئن عليها .. لن يتحمل أن يكون هو سببا في فقدانها الأمل الذي تحيا به وهو بعيدا عنها لا يملك أن يخفف عنها ألم الفراق ..مازال يتطلع الي ولدي مازن .. بعد دعوته للعشاء معهم قبل سفره غدا... ما أجملهم .. ما أجمل أهتمام والديهم بهم .. ما أجمل العائلة حقا .. في السابق كان يتحسر علي العائله غضبا من زوجته لكن بوجود جودي .. الآن زوجته برفقته لكن جودي من تنقصهما .. يبدو أنه لا راحة له علي الأطلاق ...

بدأ عقله يحثه علي نبذ أفكار اليأس تلك .. الحياة أمامهما هو وزوجته .. فمن رزقه بجودي قادر بأن يزقهما غيرها ..عليه أن يستعيد ثقة سارة من جديد ليكون عائلة جديدة .. أبدا لن ييأس من رحمة الله .. سيكون له عائلة كعصام وزوجته .. او كعائلة مازن وولديه .. ما المانع لديه أن يفعل .. و لن ينس جودي بل سيظل يبحث حتي الموت عنها ..
تناول عشائه بهدوء مع عائلة مازن .. ظل الولدين يتشاكسان حول كل شئ .. بعد أن انتهوا من عشائهم ودعهم وليد مغادرا بصحبة دعواتهم ودعمهم الذي أثلج صدره.

صباحا

استقل السيارة جوار مازن متجها الي المطار ليعود الي وطنه .. عندما وصلا الي المطار .. ربت علي كتف مازن قائلا
" شكرا لك مازن علي كل شئ .. لقد أخذت من وقتك الكثير .. لقد كنت نعم و عون الصديق انت وأسرتك ..بارك الله لك فيهم "
عانقه مازن بقوة هو يعلم جيدا مدي ألم وليد الذي عاصره لثلاثين يوما مروا قائلا
" لا تيأس وليد .. ستعود اليك ابنتك .. أنا أثق بذلك .. لا توقف عن البحث .. وأنا أيضا أعدك بأني لن أوقفه حتي نجدها .. أنا هنا .. وأنت بوطنك.."
ثم ودعه مغادرا ..استقل وليد الطائرة .. الأفكار تتزاحم داخل عقله .. هو الآن عائدا الي وطنه .. قبل موعد الرحيل بيوم كامل .. حتي لا تنتظره سارة بأمل .. لا أحد يعلم بموعد عودته سوي عصام ..لم يجد ابنته هذا نتاج رحلته الذي وجب عليه الأعتراف به .. لم تعد معه جودي و بأنتظاره مواجهه دامية مع سارة عليه الأستعداد لها .. لابد أن يلتزم بعمله فهو شبه مفلس .. عليه أيضا أن يكثف جهوده للبحث عن ابنته في وطنه ثانية عله يصل لشئ..
استسلم للنوم بالطائرة .. كان مرهقا .. حزينا .. خائفا مما ينتظره بالعاصمة
وصل ليلا .. أستقبله عصام بسيارته التي سبق وأن ترك مفتاحها له.. أوصله لمنزله ثم تركه قائلا بتشجيع
" حمد لله علي سلامتك وليد .. "
ربت علي كتفه في بادرة دعم يقدمها لصديقه .
دلف وليد الي منزله يحمل حقيبة سفره.. كان الوقت متأخرا جدا .. يثق بأنها نائمة .. وضع حقيبته بالصالة .. وهم بالجلوس ليرتاح قليلا .. لم يكد حتي سمع صوت نحيب يأتي من غرفة ابنته ..قام متوجها نحوها .. رأي سارة جالسة تتوسط ملابس جودي و ألعابها التي اشترتها لها .. أستمع الي بكائها وكلماتها التي تقطر ألما ..

" جودي .. حبيبتي .. صغيرتي أنا جوارك .. أتعلمين .. أنتي كل الحب .. أنتي كل الحياة ..الحياة سواك عدم صغيرتي .. أود أن أنعم بقربك .. أستمع لبكائك .. أهدئ من روعك .. لم أكن بجوارك عندما ظهر أول سن لك .. لم أعاصر ألمك .. لم أنتبه الي طعامك .. لم أهتم بنظافتك .. لم أعطرك يوما .. لم أكن أما لك يا ابنتي .. أنا أمووت .. من دونك أموت ..."
لم تكن تراه فظهرها نحو الباب وهو لم يتحرك فتسمعه .. الي أن سمع صراخها بآخر كلمة .. دني منها ..ثني ركبتيه ليجاورها ممسكا كتفيها بهدوء ..

انتفضت لمرآه .. لم يكن موعد عودته .. لقد عاد .. عاد وليد دون جودي ... قالت من بين صرخاتها
" لقد وعدتني أنك ستعيدها الي .. أين هي ؟.. أين ابنتي وليد ..؟ "
ضمها اليه بقلب يكاد يقف متأثرا مم سمع منها .. هي لن تستطع أن تنسي أو تتأقلم علي عدم وجود جودي مثله تماما مهما مني نفسه بالأمل والقدرة علي النسيان .. قال بهدوء بوعد لا يعلم مدي صدقه
" ستعود .. ستعود سارة .."
أبعدها قليلا يتفرس وجهها قائلا
" اشتقتك حبيبتي .. "
ثم أمسكها لتقف ليذهب بها لغرفتهم بعيدا عن غرفة جودي التي تجدد الالم .. لم تقدر علي الوقوف ..لم تفق من صدمة عودته دونها .. كانت تعلم .. كانت تشعر بذلك .. أمتناعه عن محادثتها أثناء سفره سوي مرات قليله كان يخبرها بفشل مسعاه .. شعر بأرتجافتها .. شعر بقدميها رخوة ..حملها بين ذراعيه قائلا
" سارة .. أنت قوية حبيبتي .. انه قدر الله .. نحن معا .. سنظل هكذا دوما .. سأظل أبحث .. لكن حياتنا لن تقف .. علينا الرضا بقضاء الله والدعاء .. لن يضيعنا الله .. ثقي بذلك . لن ينفعنا نحيبك أو صراخك .. سينفعنا الدعاء والسعي لايجادها "
كان قد وصل الي غرفتهم .. وضعها علي السرير .. مدثرها بالغطاء .. مقتربا من وجهها .. يداعب خدها بأبهامة ..
" أتسمحين لي بحماما دافئا يزيل القليل من همومي وشقاء سفري .."
اومأت له برأسها والدمع يقطر من مقلتيها .. قبل جبينها وقام متجها الي الحمام .. ظلت مستلقية علي السرير شاردة ... لقد نحل زوجها .. مثلها تماما ..لقد انكسر زوجها .. مثلها تماما .. لقد ندم زوجها .. مثلها تماما ...عليها النهوض من هذه الأزمة .. عليها مواجهة الأمر بقوة .. هذا الضعف والوهن لن تسترجع به ابنتها .. .. جودي ..رددت بداخلها
" يا بسمة عمري التي لم ألتفت لها وأعطها حقها .. يا روحا أنتزعت من روحي ولم أحافظ عليها .. يا وجعا لن ينتهي الا بعودتك لصدري ...آه جودي..آه "
قامت من رقدتها ومن حزنها ومن رثائها لتعد طعاما بسيطا لزوجها الذي بذل أقصي جهده لأستعادة ابنته ولم يستطع بعد.

عندما أنهي حمامه خرج محيطا خصره بالمنشفة .. بحث عنها في الغرفة بعينيه فلم يجدها .. جلس علي السرير واضعا وجهه بين يديه مهموما .. أستشعرها أمامه .. أحتضنت رأسه التي تواجه صدرها .. احتضنته بقوة .. وهو يضمها اليه معتصرا خصرها ..كانت عينيه تلمع بالدموع وهي لا تراه .. لكنها تشعر بما يثقل كاهله .. هو رجل خسر الكثير لأجل ابنته .. وعاد محملا بخيبة الأمل .. تستشعر كل أنين من صدره لا يصدره .. تستشعر كل آهه من قلبه يكتمها لأجلها .. تستشعر حزنه وألمه ويأسه .. فهي تعلم أنهما في مركب واحدة بلا ربان..
أريحيني على صدرك
لأني متعب مثلك
دعي أسمي وعنواني وماذا كنت
سنين العمر تخنقها دروب الصمت
وجئت إليك لا أدري لماذا جئت
فخلف الباب أمطار تطاردني
شتاء قاتم الأنفاس يخنقني
وأقدام بلون الليل تسحقني
وليس لدي أحباب
ولا بيت ليؤويني من الطوفان
وجئت إليك تحملني
رياح الخوف .. للإيمان
فهل أرتاح بعض الوقت في عينيك
أم أمضي مع الأحزان
وهل في الناس من يعطي
بلا ثمن.. بلا دين.. بلا ميزان؟
فاروق جويدة




" ماذا بك عصام .."
رد عصام علي تساؤل سما قائلا
" لا شئ .. متأثر من حال وليد .. يحاول تجاوز محنته .. حزين لأجله .. "
أخفضت سما بصرها للأرض قائلة
" وسارة أيضا .. تبدو هشة في تماسكها .. ليس لنا الا أن ندعو الله لأجلهم ..ما رأيك بأن ندعوهم للغذاء يوما "
" فكرة جيدة .. موافق .. ومعها رحيق وزوجها .. نحن لم ندعهم منذ زواجهم .. رحيق بصغارها ونحن بمالك وجني تحيطون بسارة .. سيبدو الأمر ممتعا .."
ابتسمت سما قائلة بمكر
" هذا سيكلفك الكثير .. اليك بمبلغ محترم لأجل وليمتك تلك .."
فردت كفها اليه منتظرة المال .. أمسك بيدها قائلا
" أول الشهر حبيبتي ..لن تجدي بجيبي سوي أجرة مواصلاتي غدا للعمل .."
ابتسمت له قائلة
" ومن قال أن المال كل شئ .. أنت عندي أهم شئ .. أنت وصغاري عائلتي البسيطة .. ادامك الله لنا يا حبيبي "




" لا لست في مزاج يسمح لي سما "
ثم استدركت وهي تنظر بصحنها
" الأطفال و الواجبات .. "
انصتت الي رد سما ثم قالت متحججة
" حسنا سأخبر ماجد وأعطيك ردا .. شكرا لدعوتك سما "
بعد أن انهت المكالمة سمعته يقول
" ما الأمر "
لم تنظر اليه قائله
" تريد دعوتنا ببيتها الجمعة المقبلة "
تهللت أسارير محمد قائلا
" فلنذهب امي أشتقت مالك "
لم تجبه رحيق بينما قال ماجد
" سنذهب جميعنا ملبيين دعوتها .. فهي صديقتك .. أليس كذلك "
أنهت طعامها .. قامت لتغسل يديها فأمسكها وهي تمر جواره قائلا
" أليس كذلك "
قال مقتضبة
" نعم كذلك .. "
سألها مطيلا قربها منه
" هل سنذهب "
قالت بأذعان
" كما تشاء "
ثم ذهبت .. أغلقت باب الحمام خلفها فهو المكان الوحيد الذي تختلي فيه بعيدا عنه وعن الصغار..استندت عليه بظهرها .. لا تسامحه .. لن تنسي تطاوله عليها .. تخشي كرهه .. فهو يسحب من رصيد حبها له كثيرا .. هل طاوعته يديه علي صفعها .. هي لم تفعل شيئا سوي تنبيهه الي الهوة التي قد يسقط بها .. هل جزائها يكون بالصفع .. تدحرجت دمعة خائنة علي وجنتيها وقد أقسمت علي ألا تبكي .. مسحت دمعتها شاردة في القادم .. تنهدت بقوة وهي تتمني قادم افضل .

قراءة ممتعة

تنويه بسيط لمتابعي الرواية أعضاء أو زوار .. بدءا من الاسبوع القادم هنزل فصلين عشان انهيها قبل رمضان .. كل عام وانتم بخير



هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس