عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-18, 06:37 PM   #995

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

..
حالما دخلت الى بهو البيت وجدت والدتها والخالة انجل ينظران في إثر عمها المتجه الى غرفة الضيوف
سألت زنبق أنجل وعلامات القلق بادية على وجهها
-هل تراه بخير؟
اجابتها أنجل:
-هذا يعتمد على تعرفينا لكلمة "بخير"... اعتقد انه بحاجة للراحة ... من الجيد انه جاء الى هنا
أومأت زنبق:
-ومن الجيد اننا جئنا جميعاً لرؤيته اليوم... لربما يظهر مراد بأنه لا يحبذ الاجتماعات العائلية... لكنه يشعر بالسعادة لرؤيتنا حوله.... أنا أعرف هذا
وافقتها أنجل رغم عدم تأكدها من صحة ما تقوله زنبق فمراد يبدو وكأنه يحاول تجنبهم جميعاً...... هي تفهم ما يشعر به مراد لأنها ذات يوم كانت معتقلة خلف تلك الجدران المغلقة ورغم ان اعتقالها لم يدم الا ساعات أنقذها بعدها يوسف.. لكنها ما زالت تتذكر البرد القارص ليس لجسدها داخل الزنزانة بل للروح داخل هذا الجسد
قالت لزنبق:
-انضمي للغداء.. سأحدث مراد لدقائق وأعود
سألتها زنبق بلهفة:
-هل آتي معكِ
هزت أنجل رأسها نفياً:
-من الأفضل أن أحدثه لوحدي
وتركتها متجهة نحو غرفة الضيوف.. طرقها بخفة فأذن لها مراد بالدخول...
قالت مبتسمة:
-مرحباً
ابتسم لها هو الاخر محيياً.... ولم تستطع الا ان تلاحظ مرة اخرى كمية الاختلاف في ابتسامته التي بدت مريرة بينما كانت في السابق مغرورة ومعتدة
خطت الى الداخل وجلست على المقعد الموضوع قبالة السرير.... ثم قالت دون مقدمات
-عندما كنت في التاسعة عشر.. تم اعتقالي
ظهرت ملامح الدهشة على وجه مراد وقد اثارت انتباهه تماماً بتصريحها
-ماذا؟... لماذا؟
ابتسمت بحزن:
-تلك قصة طويلة... لكنني اختصرها لك بأنني اعتقلت لأدلي بمكان رجل مقاومة ...
نظرت الى النافذة وقالت:
-لقد كانت الزنزانة باردة جداً... ومظلمة.... لكن هذا لم يكن اسوأ ما في الأمر.... الأسوأ من واقع تواجدي في سجن الاحتلال هو خيالاتي فيما سيفعلونه بي بعد ذلك.....كان البرد داخلي اقسى والظلمة اشد...
اعادت وجهها اليه تنظر مباشرة في عينيه:
-انا أعرف ان روحك ما زالت هناك.... لكنني اعرف كذلك بأنك ستتحرر منها وستخرج الى النور من جديد.....
ثم نهضت من مكانها وتقدمت نحوه معانقة اياه بحنان أمومي.... كانت تلك المرة الأولى منذ سنوات التي يسمح فيها مراد بتقارب كهذا معها... بعد ان قطع منذ زمن طويل أي نوع من التقارب العاطفي بينه وبين المقربين اليه باستثناء عائلته الصغيرة......
بقي للحظة محتجزاً بين ذراعي المرأة التي يحبها ويقدرها الى ابعد حد... ثم اخيراً حررته قائلة:
-سأجرك للغداء جراً..... ان الجميع هنا اليوم لأجلك .. قد يبدو الأمر ثقيلاً ومزعجاً على سيادتك... لكنك ستأتي وتظهر لهم كم انت ممتن لتواجدهم حتى وان لم يبدو عليك ذلك....
اتجهت نحو الباب لتفتحها لكن سؤاله استوقفها
قال لها:
-كيف استطعتِ ان تتعايشي مع جوزيف رغم كل الاختلاف بينكما
قطبت واستشعرت ان السؤال لم يكن مجرد سؤال عادي او عابر.... لكنها ابتسمت وكأنها لم تجد ما يثير الغرابة فيه
-لأنني حين اغمضت عيني عن اختلافنا الظاهري، اكتشفت بأننا من الداخل كنا متشابهين أكثر مما كنت أظن ..
***************************** ****
ما زالت تحبس نفسها في غرفتها، رافضة ان تتعاطى مع العالم الخارجي.... لا الضجة الاعلامية التي اكتسحت بها العالم بسبب قضيتها اثارت اهتمامها لتتابع ولا الاعتذار الرسمي الذي قدمته حكومة الاحتلال أشعرها بالانتصار... ولا شعارات البطولة التي ألصقها الجميع بها اشعرتها بأهمية...... كل ذلك كان يحدث أمامها دون ان تكون طرفاً فيه..... كل ما أرادته هو ان تتكور على نفسها وتنام كثيراً لتنسى كل شيء...
تنسى الضربة التي تلقتها من الرجل المتوحش... تنسى هروبها... تنسى السجن والانتهاك الذي تعرضت له .. ثم تنساه.......... الرجل الذي دخل حياتها ليقلبها رأساً على عقب... المغرور صاحب الخصلة الفضية التي اخذها بين ذراعيه قبل أسبوع كأن حياته وقف عليها... ثم غادرها بكل صفاقة رامياً كلمات وداع باردة .. ومن يومها لم تعرف عنه شيئاً..... رغم التواصل الذي لم ينقطع بين والدها وأخوه.....
انقلبت على جانبها الآخر.. ثم شعرت بالباب يفتح .. وصوت والدها يقول:
-أمل.. حبيبتي
استدارت اليه لتجده يقف عند مدخل الغرفة يحمل في يده حقيبة سفر.... سقط قلبها وطعم مرارة لاذع استقر في فمها.... ها هو سيسافر من جديد راكضاً خلف ذكرياته.....
همست بصوت متحشرج:
-نعم بابا
طالبها:
-انهضي الان .. وحضري حقيبتكِ
قطبت وقالت بدهشة:
-لماذا؟
أجابها:
-هناك قصة أريد أن ارويها لكِ...!
.................................................. .........
-كانت والدتكِ تطلق علي لقب شيطان، وكم كانت محقة
هكذا بدأ آدم الصالحي كلامه عن زوجته وهو يقف أمام شجرة تفاح في منتزه هايد بارك في لندن محيطاً كتف ابنته بذراعه
استطرد:
-لربما حدثتكِ كثيراً عن يافا... عن روعتها وجمالها... لربما حدثتكِ كم أحبها.... لكنني لم أخبرك بالقصة الكاملة..... ان والدتك يا أمل لم تكن امرأة عادية..... كانت معجزة..........
صمت للحظة ثم أكمل:
-لقد عانيت طفولة صعبة.. والدتي كانت امرأة منحرفة الميول... استخدمتني في طفولتي لفعل اشياء مشينة جداً وكثيرة العنف فزرعت داخلي وحشاً... كان يكبر كلما كبرت في السن
شهقت أمل برعب لفداحة الصورة التي ارتسمت في عقلها... لم تكن تعلم بهذا من قبل.... هو لم يتحدث عن جدتها ابداً ... وهذه هي المرة الأولى التي يفتح لها فيها جروحه العميقة....
همست وهي تحتضنه كأنها تريد ان تواسيه
-بابا
قبل شعرها واكمل:
-لقد كنت مريضاً نفسياً ... أعترف بهذا.... وحين رأيت والدتكِ ... كانت مثل الملائكة في براءتها ... كما كانت واضحة ورقيقة..... لقد مثلت لي كل الأشياء التي لا املكها... وكلما نظرت الى جمال روحها شعرت بقبح روحي......... لقد عذبتُ يافا كثيراً... كسرتها وآذيتها ومارست عليها كل عقدي...... لكنها كانت أكثر قوة من ان تتخلى عني.... كانت تؤمن بي كما أنا.... وهذا ما جعلني اتغير......
امسك وجه ابنته ورفعه ناظراً اليها بعينين غائبتين بمرارة الذكرى:
-والدتكِ التي اجري خلف ذكراها لم تكن حبيبة فقط... كانت امرأة غيرتني.... اننا قد نتعايش مع فقدان من نحب لكننا لا ننسى ابداً جميل الشخص الذي يغيرنا... لأننا كلما نظرنا في المرآة ورأينا نسختنا الجديدة نتذكر كذلك من ساعدنا في صنعها....
رفع رأسه الى السماء وعبّ من الهواء بنهم وكأنه كان يختنق، ثم عاد يقول:
-يوم توفيت والدتكِ... دخلت الى قبرها اثناء الدفن.. وطلبت منهم ان يرموا علينا التراب لندفن معاً اذ ان كلينا كنا ميتين..... ثم فجأة سمعت بكاءك.... عندها علمت ان شيئاً واحداً ما زال حياً بي... وهو أنتِ..... أنتِ التي أخرجتني من حفرة القبر لتجبريني على ان اعيش..... لقد عشتُ لأجلكِ أنت أمل...... وأنا آسف جداً لأنني لم أكن حياً بما يكفي لأصير أباً جيداً لكِ....
في تلك اللحظة شهقت أمل باكية وهي تتعلق بوالدها أكثر وتهتف من بين دموعها:
-أنت أعظم والد في الدنيا.... لا تقل مثل هذا الكلام
هز رأسه رافضاً:
-لو كنت كذلك لكنت علمت بذهابك الى يافا... لكنت رافقتكِ وحميتكِ... لكنني كنت أنانياً.... أردت ان اطارد والدتكِ لأن اثارها تخفف من وجع فقدها.... ونسيت في غمرة هذا أنني أهملتُ أهم أثر تركته لي والدتكِ.... وهو أنتِ يا أمل.....
دسها أكثر في حضنه وهو يردد...
-سامحيني يا ابنتي... سامحيني.....
كانت تلك المرة الأولى التي تشعر فيها أمل بأن والدها كامل الحضور معها.. بأنه موجود قلباً وروحاً وليس مجرد جسد خاوي ........ وهذه اللحظة كانت تحولاً حقيقياً وعميقاً في علاقتهما .....
*********************************
(بعد شهر)
كان مراد يقف أمام المرآة في شقته الأنيقة الباردة مرتدياً روباً منزلياً، ينظر بتعالي الى صورته والى شعره الذي بدأ ينمو من جديد حين سمع طرقاً على الباب.... توجه بلامبالاة ليفتح الباب ويطالعه وجه اخيه صخر....
قطب:
-صخر؟
دخل دون مقدمات:
-لماذا سافرت ليلاً كاللصوص
شعر مراد بالإحراج وهو يتذكر كيف غادر بيت اخيه الذي كان يقيم فيه لأسبوعين بعد عودته من المزرعة.... كل ما في الأمر انه استيقظ ليلاً وشعر بالضياع وبعدم الراحة... وبأن عليه ان يعود الى حياته التي كانت قبل ان يلتقي أمل لعله بذلك ينسى كل ما حدث ويتجاوز هذا الصراع القاتل الذي يحوم في روحه ... فما كان منه الا ان جمع اغراضه وخرج في الثانية فجراً تاركاً رسالة مختصرة على هاتف صخر يخبره بأنه عائد الى شقته
قال بلا مبالاة:
-وهل كنتُ سجيناً هناك؟
دخل صخر ورمى حقيبته الصغيرة بلا مبالاة:
-لا.. لكننا قلقنا عليك
-لقد تركتُ لك رسالة.. ماذا الان؟ هل انا ولد صغير تتابع خطواته
نظر اليه صخر بتفحص مما جعله يشعر بالضيق وكأنه يقع تحت مسح ليزري لدواخله
-ما الأمر مراد؟
قطب مراد متضايقاً
-بل انت ما الأمر.. وكأنها المرة الأولى التي اذهب دون خبر
-لقد اعتقدتكَ تغيرت
كتّف مراد ذراعيه أمام صدره..
-من المؤسف ان أخبرك بأنني لم اتغير... انني اعيش حياة مثالية فلماذا اغيرها
في تلك اللحظة خرجت فتاة من غرفة مراد وحين رأت صخر شهقت معتذرة وعادت تدخل
صاح صخر:
-من هذه؟
قال مراد بلا مبالاة:
-صديقة جديدة... لا تتصرف وكأنني لم اعرف نساءاً من قبل
التقط صخر حقيبته بعصبية وقال بقرف:
-لقد خيبت ظني
وخرج صافقاً الباب فلم يسمع همس مراد وهو يقول:
-أفضل من أن أخيب ظن نفسي !
.................................................. ...
في اليوم التالي كانت أمل تقلب بين صفحات الفيس بوك ... فوجدت منشوراً عن جلسة تصوير جديدة لعارض الازياء البطل .. مارت
خفق قلبها وهي تشغل الفيديو لتجد بضع لقطات من جلسة تصوير حديثة يظهر فيها شعر مراد حليقاً بينما ابتسامته المتهكمة وشكله المغرور ذكرها بأول مرة رأته فيها....
شعرت بطعنة ما في قلبها..... لقد عاد لحياته الصاخبة دون شك وهي لن تخطر على باله أبداً.... كانت التعليقات كلها بالإضافة الى التغزل به تمتدح شجاعته وانسانيته ودوره البطولي في انقاذها
رمت جهاز الايباد من يدها على السرير بغضب:
-التافه، السطحي، الـ........
قاطع شتائمها صوت هاتفها يرن... كان الرقم غريباً لكنها مع هذا اجابت:
-نعم؟
جاءها صوته المتهكم
-كيف حالكِ ايتها الشجاعة الحمقاء
خفق قلبها بشدة بين اضلعها لكنها حاولت ان لا تظهر ذلك وهي تقول بطبيعية
-ما الذي تريده؟
-أنتِ...........




نهاية الفصل


moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس