عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-18, 04:32 PM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


" كلُّ الذين يكتِمون عواطفهم بإتقان ، ينفجرون كالسّيل إذا باحوا " ./ غادة السّمان .

السلام عليكم و رحمة الله .. أخباركم يا جميلين ؟
أتمنى أن يكون الجميع بخير ..
بإذن الله اليوم سأقوم بوضع الجزء الحادي عشر من روايتنا : كربةٌ بكْماء / قَـمـرْ !
أتمنى أن ينال إعجابكم و رضاكم ..
في البداية أود أن أبارك للجميع بالشهر الفضيل ، كل عام و أنتم بخير أعاده الله علينا و عليكم باليمن و البركات .. و أتمنى أن لا تلهيكم الرواية عن استغلال هذا الشهر الفضيل فيما يرضي الله عز و جل و رسوله الكريم ..


أتمنى لكم قراءة ممتعة ..

لا تُلهيكم الرواية عن أداء الصلاة .


( 11 )





روما – إيطاليا

نظر بدهشة إلى تلك التي كانت تقف أمام بابه ، تفحصته بدقة و هو يرتدي بدلته الأنيقة ، ابتسمت بخبث و هي تدخل إلى منزله دون الاستئذان : شو ما في تفضلي ؟؟
استمر طالب في وقوفه أمام الباب المفتوح و قال : ليش جيتي شتبي ؟
قالت و هي تجلس على الكنبة و تعدل فستانها الأسود الطويل : جيت لفرجيك شي مهم ، لازم تشوفه قبل ما تكتب كتابك ..
تأفف منها ، أغلق الباب و دخل إليها غاضباً : رشا ، احترمي نفسك و قومي بدون مطرود ، أناا مو فاضي لتفاهتك !
اكتفت بالابتسامة دون أن ترد ، فتحت حقيبتها و أخرجت منها شريط فيديو ، ثم توجهت نحو التلفاز في منتصف الصالة و قالت : كيف بدنا نشغل هالشريط ؟
عقد حاجبيه : شريط شنو هذا ؟؟
: تعال شغله و بتشوف ..
اقترب متذمراً و تناول منها الشريط بتوتر ، وضعه في مشغل الفيديو ، ثم أشعله و جلس إلى أقرب كنبة و هو يرمق رشا بنظرات حادة .. وجدها تبتسم إليه و تقول : شوف الفيديو ما تتطلع فيني !!
عندما أدار وجهه إلى التلفاز ، صُعِق مما رأى ، لم يكن يتخيل أن ما حصل بينهما كان بالقذارة تلك ، و الأقذر من ذلك أنها صورت جريمة كتلك و وثقتها لتبقى وصمة عار على جبينه لا تمحى أبداً ، اتسعت عيناه دهشة ، اقترب بسرعة و أغلق الشاشة و هو يشتاط غضباً ، صرخ في وجهها : اييييش هذااا ؟؟؟؟
وقفت و سارت بخطوات واثقة نحوه ، قالت و هي تتحسس ياقة قميصه بهمس : معقول ما عرفت حالك ؟
أمسك ذراعها و شد عليه بكل قوته و قال من بين أسنانه : ليش ساويتي كذا ؟
ردت بألم : عم توجع ايدي تركني !
ألقاها على الكنبة بعنف و صرخ : قوولي ليش ساويتي كذاا ايش تبي منيي ؟؟؟
اعتدلت في جلستها و قالت : ليك طالب ، رح حاكيك بجدية ، مش أنا اللي بتاخد منا اللي بدكياه و بعدين بترميا و كأنه ما صار شي !
بنظرة استفاهم سألها : المعنى ؟؟؟
: المعنى ، مش رح تتزوج سديم اليوم ، انت رح تتزوجني أنا ، و إلا هالشريط الليلة بيكون عند سديم و ما رح اتركك تتهنى يوم واحد ..
وقف عند النافذة و هو يمسح وجهه الذي يتصبب عرقاً بكفيه و يشتت أنظاره إلى الخارج ، يفكّر فيما يمكن أن يفعله الآن .. ورطة لا يدري كيف سيخلص نفسه منها ..
جاءه صوتها من خلفه يقول : أنا طالعة من عندك لعند سديم ، هونيك بده يوصلا مسج إنك مش رح تتزوجا ، و إلا رح خليا تشوف الشريط ، ما بتخيل إنك حابب إنه الكل يشوفوك بهالمنظر ، بالأخص سديم ، و بيّك .
أطبق عينيه بألم و غضب و حيرة ، لم يرد عليها ، تركها تخرج و جلس بانهيارٍ فوق الكنبة حين وصلته رسالة سديم الأخيرة : " ستكون خطيبي الليلة ، سنرقص سوية على أنغام فيروز و هي تقول : هيدا خطيبك قوليله ، صارت صحيحة الخبرية "



*

السعودية – الشرقية

مضت الأشهر طويلة عليهما هنا ، مر وقت طويل منذ آخر مرة رأته فيها ، لا تدري إن كانت قسوته وراء هجره ، و ما هو السبب ؟
انتظرت كثيراً حتى جاءها رده : آلو
بصوت ملؤه العتاب قالت : شلونك يا فواز ؟
أجاب بلهفة : سمر ! هلاا حبيبتي شلونك و شلون جوري بخير انتوا طمنوني عنكم ؟
كانت نبرتها خالية من أي تعابير حين ردت : احنا بخير ، الحمدلله ..
: مرتاحين عند أمي ، ناقصكم شي ؟؟؟
بعد أن أطلقت تنهيدة طويلة أجابت : مرتاحين و مو مرتاحين ، ناقص علينا و مو ناقص ..
قال ممازحاً : و تعا ولا تجي و كزوب علي ؟
اتضح الغضب و الجدية في كلامها : فواز قاعدة أتكلم جد ! من يوم ما جينا هنا ما شفنااك ! جوري راح تنسى إن لها أب و أنا رح أنسى إني متزوجة !!
بخجل : سمر أنا لام أظل بعيد عنكم علشان ما يلحقكم أذى بسببي ، خايف يوصلكم الأذى إذا زرتكم ..
رفعت حاجبها لتسأل باستنكار : و للحين ما تبين معاك متى بتنتهي هالحرب ؟؟
صمت و لم يرد على سؤالها ، فأكملت : فواز انت ما تزورنا عشان خايف ننصاب بأذى ، لكن عارف وش هو الضرر الأكبر ؟؟ إننا ما نشووفك هو الأذى بذااته يا فواز ، إني أقعد وحيدة لا زوج ولا أهل ، إن بنتك تكبر بعيد عنك من دون أي ذنب ارتكبناه بحقك هذا هو الضرر .. قول لي فوا إذا إنت منت حمل مسؤولية البيت و الزواج ، و تحب شغلك أكثر من نفسك ، ليش تزوجت ؟ إذا مو قادر تحب عائلتك ليش تزوجتني ؟
: هالحين هذي اهية النتيجة اللي طلعتي فيها ؟ إني ما أحبكم ؟؟ ايش اللي تبيه مني ؟ أترك شغلي اللي بعت عمري عشانه ؟
: ايه لازم تتركه عشاننا ، بعد اللي صار آخر مرة كان لازم تتأكد إنك لازم تترك شغلك و تشتغل شي ثاني ، إنت ما تعرف تشتغل غير بالمجرمين ؟؟
لم يدقق في كلماتها الأخيرة ، كان ينظر إلى الجوال الذي أنير باتصال من صديقه راشد ، فقال : سمر أكلمك بعدين راشد قاعد يدق علي أكيد وصل ، يلا انتبهي لنفسك و لجوري ، سلام ..
أغلق السماعة دون أن يسمع ردها و تحرك نحو الباب ليقابل راشد ، أما هي فجلست متألمة في مكانها ، لا يتغير هذا الرجل أبداً ، حتى لو رآنا نموت أمام عينيه .. اقتربت منها عمتها و هي تستند إلى عكازتها و تجلس إلى جانبها و تقول : وين شاردة يا بنتي منو كنتِ تكلمين ؟؟
ردت و هي تلعب في أظافرها بتوتر : هذا فواز ..
ابتسمت و قالت : شلونه ؟ ما يبي يزورنا ؟
نظرت لها و ابتسمت بسخرية : يزورنا ؟ أعذريني عمتي بهالكلمة ، لكن فواز ما عنده أدنى إحساس فيني ولا ببنته ، و أنا خلاص طاقتي و صبري انتهوا ..
وقفت و لم تترك مجالاً لها بالرد ، دوماً ما كانت تخلق المبررات و الأعذار لابنها ، و تحاول أن تخمد البراكين المشتعلة في قلب سمر ، لكنها اليوم ملت من الأعذار ، لم تعد بحاجة إلى سماعها ، كل ما تحتاجه الآن هو الراحة التي فقدتها منذ ذلك اليوم الذي خرجت فيه من بيت أهلها مكبّلة بيدي فواز ، مرتدية الأبيض الذي لم يكن يوماً سبباً في سعادتها ..


*


جدّة

دخلت بابتسامة واسعة إلى الغرفة و الجميع ينظر لها بإعجاب ، اقتربت من غادة و قبلتها في خديها و هي تقول : ألف مبروك حبيبتي ، يا رب تتهنوا مع بعض ..
ابتسمت لها غادة بقلق و قالت بشيء من الرسمية : تسلمي ..
اعتدلت عزة في وقوفها عندما شعرت بيدٍ حانية تلمس كتفها ، سلّمت عليها بشوق : شلونك خالتي ؟
: حبيبتي وحشتيني والله وين غاايبة كل هالفترة ؟
اكتفت عزة بالابتسامة دون أن ترد و هي تستذكر قسوة الأيام الماضية عليها .. أما خلفهم ، فكانت غادة تتأمل نفسها في المرآة و تتساءل : هل سأكون سعيدة معك يا عزيز ؟ أم أن لعنة البؤس ترافق كل فتاة تدخل إلى بيتكم ؟
نظرت إلى عزة من خلال المرآة ، تحاول أن تكون سعيدة لكنها ليست كذلك ، الحزن يرتسم في معالم وجهها و كأنه أصبح جزءاً منها أو علامة تُعرَف بها .. كم أذنب بحقك طلال حتى أصبحت عيناكِ بذلك الذبول ؟ شردت قليلاً و هي تستذكر ذلك الحديث الموغل الذي دار بينها و بين عزيز منذ أشهر ..
..
بلوم قالت له : من يوم ملكتنا ما زرتنا إلا اليوم و بعد ما أصريت عليك .. أسألك تتهرب من السؤال و تجرحني بإجاباتك ، أبي أعرف يا عزيز !
عقد حاجبيه بتعجب و سألها : وش اللي تبي تعرفيه ؟
شتتت أنظارها في الغرفة و هي تقول : قول لي ، انت تبيني ولا لاء ؟ و اذا ما تبيني ليش تزوجتني ؟ أبي أعرف أنا في السما ولا في الأرض ! عالبر أو عالبحر ؟
بسخرية رد : وش هالأسئلة اللي مالها داعي ؟ لو ما أبيك ليش أتزوجك ؟؟؟ وين عايشة انتِ ؟ واضح إنك متأثرة مرة بالأفلام !
وقفت غاضبة و قالت : عزيز إذا بتستمر بأسلوب الاستهزاء هذا خلينا ننهي هالنقاش هذا و ننهي معاه كل شي !
وقف بمحاذاتها و سأل : كل شي ؟؟ شنو تقصدين ؟
شبكت أصابعها و قالت بارتباك : كل شي بيننا ، الطلاق يا عزيز .. أنا ما رح أفوت بيتك و أنا مو متأكدة إنك تبيني بكامل إرادتك !
ابتسم و اقترب منها محاولاً تهدئتها ، أبعد خصلة من شعرها عن وجهها و قال بحنية " مصطنعة " : غادة ، لا تفهميني غلط ولا تفهمي تصرفاتي غلط .. أنا كذا طبعي رجل جامد ما أقدر أكون رومانسي ، و ماني متعود ع الزيارات و الزواج و سوالفه ! علشان كذا ما تشوفيني أزوركم ..أنا هذا طبعي و هذا أنا و ما أقدر أتغير ، لكن كوني متأكدة إني أبيكِ مية فالمية و لو ما أبيكِ مستحيل أتزوجك و أظلمك معاي !
تنهدت بشيء من الراحة ، و قالت بعتاب : بس انت لازم تتغير معاي ، أنا زوجتك ، مو خويك علشان تعاملني بهالجفاء هذا و كأني بلا مشاعر !
بابتسامة قال و هو يتحسس خدها : راح أحاول أتغير ، بس اوعديني إنك تتحمليني ..
ردت له الابتسامة براحة ، و قلق في ذات الوقت ، شيئاً ما في نبرة صوته لم يكن يرضيها ، لم يكن قادراً على أن يمنحها الأمان و الثقة الكافيتان لتشعر بالراحة تجاه زواجهما ..

..
انتفضت و خرجت من شرودها مع صوت رهام التي تقول : يلا يا حلو قومي بننزل !
وقفت بتوتر و ارتباك و هي تحمل بيدها اليمنى باقة من الورد و باليد الأخرى تجر فستانها الأبيض ، و قلبها ينبض دعاء لله أن يجعل أيامها بيضاء كفستانها هذا ..


*


روما – إيطاليا

وقفت معها ريم أمام المرآة و هما تضعان آخر اللمسات على طلّتها ، ابتسامتها الصامتة لم تفارق وجهها أبداً .. طرق الباب فطلت رشا ، بابتسامة مزيفة و هي تصفر و تقول : شوووو ، شو هالحلا كله يا آنسة سديم !
ابتسمت لها سديم بحب ، و أشارت لها بالدخول .. جلست رشا على الكرسي و هي تقول بلهجة سعودية ركيكة : اليووم بتهبلي فيه للمسيو طالب ..
ضحكت سديم على محاولاتها الفاشلة دائماً في نطق اللهجة السعودية ، و التي دوماً ما تخلطها باللبنانية بطريقة مضحكة .. لكن ، سرعان ما اختفت ابتسامتها لتقترب من دفترها و تكتب بخط كبير : طاالب للحين ما جاء !!
رفعت الدفتر أمامها بقلق ، حين قرأت رشا وقفت لتقول : اييه أكيد بيكون عالطريق ، ما تخافي مش رح يهرب العريس و يترك هالحلا كله وراه !
اقتربت منها و بدأت تعبث بشعرها و تقول : شعرك بيجنن حياتي ..
ضربتها ريم بخفة على يدها : خلااص بقى سيبيها حتبوظي شكلها !
ابتسمت لهما سديم و هي تنظر لهن بامتنانٍ على وجودهما إلى جانبها في ليلة كتلك ، لكن وجودهما لم يخفف من وطأة غياب أمها التي دوماً كانت تحلم أن تجدها إلى جانبها في الليلة التي سيعقد فيها قرانها على الرجل الذي أحبته منذ طفولتها .. اقتربت سديم نحو المكتب حين سمعت صوتاً لرسالة وصلتها على جوالها .. حين قرأتها ؛ ابتسمت بعدم تصديق ، لترسل بعدها فوراً : طاالب ماهو وقت المزح الحين ، تأخرت مرة وينك ؟؟
دققت كثيراً في جوالها إلى درجة أنها لم تنتبه إلى تلك النظرات السامة التي كانت تراقبها بها رشا ، جاءها الرد سريعاً و جدياً للغاية : سديم ، أنا ما أمزح .. لا تنتظريني !
انهارت فوق الكرسي حين قرأت كلماته و شعرت بجديتها ، ارتجفت أطرافها أما عيناها فبقيتا جاحظتين لا تعرف إن كان عليها أن تصدق أم لا ..
اقتربتا منها و صوت ريم يقول بخوف : سديم ! ايه اللي حصل مالك ؟؟
لم ترد عليها ، كانت تنظر في الأرض دون أي تعابير ، و جوالها في يدها يكاد يسقط من هول صدمتها و عدم قدرتها على السيطرة على أطرافها ، تناولت منها رشا الجوال لتقرأ رسائل طالب ، محاولة أن تخفي ابتسامة النصر التي كادت على وشك الظهور على مُحياها ، لتقول بصدمة مفتعلة : شوو هالحكي !!!!
ريم بخوف : رشاا هو في ايه بالموبايل ؟؟؟
: سمعي طالب شو باعت لسديم ! سديم ما رح أقدر أكون زوجك ، لا تنتظريني !
ارتجفت شفتي ريم و هي تسمع ، و قالت : ده أكيد بيهزّر يا سديم .. قومي وقفي ما تصدقيش الكلام ده ! ده زمانه جاي أكيد و يمكن قاعد تحت و بيستناكي !
لم ترد سديم ، كانت علامات الصدمة على وجهها و عدم التصديق ، و الانهيار في آن معاً ، حين دخل أبيها بعد أن طرق الباب و قال : وش صار مع طالب يا سديم وينه للحين ؟
لم ترد أي منهن على سؤاله ، لاحظ أن الأجواء مشحونة جداً ، و ابنته تجلس كالكسيرة فوق الكرسي ، اقترب منها بخوف و جلس على ركبتيه أمامها : يبه شفيك ؟ وينه طالب ؟
بعد ثوانٍ من الصمت و النظرات بينهما ، قالت رشا : عمو ، طالب قال لسديم إنه مش رح يجي !
رفع عينيه إليها بصدمة و قال و هو يتنقل في نظراته ما بينها و بين ابنته : شلوون يعني ما بيجي ؟؟؟؟
مدّت له جوال سديم ، و قالت : اقرا ..
وقف بصعوبة ، أخذ منها الجوال و بدأ يقرأ كلمات كالسيف كانت غرزت في قلبه ابنته الذي لم يستحق يوماً إلا أن يزهر كالورد ، لكن القدر كتب عليه أن ينزف طيلة حياته ..
ألقى بالجوال أرضاً غاضباً و صرخ صرخة هزت أرجاء المنزل بكامله ، الجميع ارتجف من صوته ، إلا ابنته التي كان يتضح أنها في عالم آخر تماماً .. على جلستها ذاتها دون أي حِراك .. خرج من عندها غاضباً متوعداً .. متجهاً نحوه ..


-

جلس و هو يلف قدماً فوق الأخرى ، و قد فك رباط عنقه و خلع جاكيت البدلة ، يضع سيجارة في فمه ، يطفئها ليشعل الأخرى و يدخنها بنهم .. وقف أمامه أبيه غاضباً : شلوون تسساوي كذاا بالبنية ؟؟؟ لييييش كذاا طييحت وجهي قداام أبوهاا ؟؟ قوول وش غرضك من هالتصرف النذل هذا ؟
ظل بارداً و لم يرد على كلمات أبيه اللاذعة ، كأنه لم يكن يسمعه .. فأردف : و قااعد بكل بروود و وقاحة تدخن كأنك ماا ساويت شي !! إنت من وين جايب هالنذاالة هذي أناا ماا ربيتك كذا !
اقترب من صحن السجائر ، ليطفئ سيجارته ، و تشتعل في داخله نيران لا يمكن اخمادها ، قال ببرود لا يعكس داخله : ماحد له حق يحاسبني ..
وقف و هو يتناول جاكيته و يهم بالخروج ، فوقف في وجهه سعود غاضباً : شلون مالي حق أحااسبك ؟ نسيت إني أبوك ؟؟
صرخ طالب : انت مووووو أبوي !
صُدِم سعود مما سمع ، و بدأت الأسئلة تتلاحم في عقله ، أيقول ذلك لأنه غاضب ؟ أم أنه عرف الحقيقة فعلاً ؟
قال بخفوت : شنو قلت ؟
أطبق طالب عينيه ليحاول أن يتمالك نفسه ، فتح فمه ليرد ، لكن جرس الباب كان أسرع ، كأنه جاء لينقذ سعود من كلام صادم كان سيسمعه الآن .. ذهب بهدوء ليفتح الباب ، كان متوقعاً أن يأتي الآن كبركان ثائر ، ضربه على صدره و قال بغضب : وينه ولدك ؟؟ ويين متخبي ؟؟
دخل مسرعاً دون أن يسمع رده ، فوجد طالب أمامه يقف مستعداً لما سيحدث ، و وقف ليقول : تعال يا عمي ، خذ حق سديم مني ..
اقترب منه بغضب لم يروه به يوماً ، و هو يضغط على أسنانه و العرق يتصبب من جبينه ، شده من ياقة قميصه : شلوون تساوي فيهاا كذااا ؟؟ شلوون ؟؟
لم يترك له مجالاً للرد أو التبرير ، انهال عليه ضرباً باللكمات على وجهه و أنفه حتى أسقطه أرضاً ، لو رأى دماءه تملأ المكان لن يكفيه ذلك ، جلس فوقه و كأن طاقة شباب الأرض أجمعين اجتمعت به ، ظل يلكمه بقوة و غضب و حقد ، حتى لم يعد بالإمكان تمييز معالم وجهه لكثرة الدماء و الكدمات ، و هو كالجثة تحته بلا حراك ، لم يحاول حتى أن يدافع عن نفسه ، كأنه كان ينتظر عقاب كذاك على فعلته .. اقترب منه سعود و هو يمسك ذراعه و يقول : خلاص يا جلال كاافي راح يموت بين ايدينك!
سيطر عليه و استطاع أن يبعده عن ابنه الملقى أرضاً و الدماء تسيل من كل مكان في وجهه ، وقف جلال و لا زال يشعر أنه يريد أن يضربه أكثر ليشفي غليله ، وقف بعيداً و هو يلهث تعباً و يؤشر بسبابته على كليهما : مابي أشوفك ولا أشوف ولدك لا أناا و لا سديم طول حياااتنا .. مااا نبي نشوووفكم ..
بصق في الأرض قبل أن يخرج و هو يلعنهم و يوجه لهم الشتائم و الدعوات التي لا تدل إلى على أب احترق قلبه على ابنته التي لم تر يوماً أبيضاً في حياتها ، كأنما الدنيا تعاقبها بلا ذنب ..

بمساعدة أبيه ، نهض طالب عن الأرض دون توازن ، كاد أن يسقط فأسعفته يد أبيه الذي لا زال يفكر في الكلمة الأخيرة التي قالها ،تحرك بصعوبة و خرج مسرعاً قبل أن يرى أبوه دمعه الذي اختلط بدمائه ، دون أن يرد على تساؤلات أبيه الكثيرة .. اتجه في سيارته نحو بيت تلك التي قضت على أجمل قلب عرفه في حياته ..

*يُتبَع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس