عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-18, 09:40 PM   #6954

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

لم يعرف لقمان كم مر من الوقت عليه منذ غادر خاطفه الغرفة تاركا إياه وحده من جديد في قلب الظلام ... ربما كانت ساعة ... ربما كانت ساعتان ... وكيف له أن يعرف في غرفة حكم عليها بأن تخلو من أي منفذ ضوء قد يرشده إلى الوقت ..
الظلمة كانت حالكة إلى حد جعله مع الوقت يفقد الإحساس بما حوله ... فاقدا قدرته على الرؤية ... الصمت الثقيل إلا من أنفاسه التي كانت تحرق صدره حرقا .. كان يشعره وكأنه قد فقد قدرته على السمع أيضا ..
أفكاره التي كانت تسبح الآن داخل عقله في بحر وعيه الغير مستقر .. كانت تنجرف تلقائيا نحو بحر ... نحو ما عساها تفعله الآن .. أتراها خائفة ... قلقة .. تتساءل عما أعادها إلى الوطن فتجد نفسها في وضع خطر كالذي وضعها فيه بتوريطها معه أمام المجتمع بأسره ليعرف الجميع بأنها تخصه ... بأنها زوجته .. بأنها قلبه الذي ينبض داخل صدره ..
ماذا عن عائلته ؟؟؟ فكر فجأة بوالده ... بريان وأكرم ... تخيلهم عند معرفتهم باختفائه ... تخيل الغضب الذي يعرف بأنهم سيشعرون به .. الحيرة والخوف .. وقد اعتاد دائما على أن يكون هو مرساة لهم .. تخيل والده وهو يهز الأرض وما عليها في سبيل العثور عليه .. عنيدا وقد ورث أبناءه العناد منه ..
فكر بآمال ... وبالجنون الذي يعرف بأنه سيعتريها فور أن تعرف ... رغم كل فعلته .. وبالرغم من عجزه عن مسامحتها .. إلا أن آمال كانت الشخص الوحيد الذي أحب لقمان بما يكفي كي يذكره بين الحين والآخر بآدميته ... خلال العام الماضي ... بعد رحيل بحر ... وعجز لقمان عن السماح لآمال بأن تكون جزءا من حياته بعد الآن .. كان يشعر أحيانا بأنه يعيش فقط لأن هذا ما عليه فعله ... فقط لأن هذا ما على لقمان الطويل أن يقوم به ... أن يستمر ... أن يثبت للناس بعد أزمته الصحية بأنه لا يقهر .. في حين أنه كل ليلة قبل أن ينام ... كان يتساءل ... ماذا لو أنه لم يصحو ؟؟؟
أغمض عينيه للحظة ... عله يبعد عن نفسه قليلا رهبة الظلام القسري بظلام من صنع يده ... يعود إلى واقعه فجأة .. إلى إحساسه وكأنه قد عاد مراهقا في الثالثة عشرة من عمره ... عندما تزوج أبوه من إيناس .. مباشرة قبل أن ترغمه آمال على أن يطلقها ...
لقد كان خائفا آنذاك ... يا الله كم كان خائفا وهو يستعيد تلك النظرة السوداء المطلة من عيني المرأة التي قتلت والدته .. لقد كان أكثر خوفا من أن يقف فيراقب ... فيعرف إن كان سيشهد من جديد تدمير شيء جميل آخر في حياته ..
غادر المنزل بدون أي تحذير ... بدون أن يأخذ معه شيئا ... فتح الباب فجأة وخرج ... وسار لساعات وساعات بين شوارع المدينة .. قبل أن يشعر بالإرهاق فيجلس على الأرض في أحد الأزقة الجانبية المهجورة .. مستندا إلى الجدار الخارجي لمبنى قديم ... ثم يغرق في النوم ...
عندما استيقظ فجأة ليجد أولائك الرجال يحدقون فيه بمزيج من الفضول والاهتمام والتهكم .. شيء ما حدث في تلك اللحظة ... شيء ما قد مات وتلاشى مرة واحدة وهو يجد نفسه واقفا في حضرة رجال غرباء ..
لقمان الطفل الخائف ... اختفى فجأة .. ليحل محله كيان آخر ... كيان قتل كل بذور الإحساس داخله ... وحوله إلى مجرد جسد ... خاوي الروح ... أسود الفؤاد ... ووحيد تماما ..
:- ما اسمك أيها الفتى الأسود ؟؟؟
في تلك اللحظة .... لم يستطع حتى تذكر اسمه ... وهو يلاقي تلك النظرات التي حملت قسوة .. جبروتا .. ظلما لا يضاهى ... إلا أنه ظلما كان يجيد التعامل معه ... لقد كان ظلما واضحا لا يخفي نفسه ... لا يختبئ وراء كلمات لا معنى لها .. وراء مظاهر جميلة كاذبة ..
لقد كان عالما واضحا ... عالما تلاشت منه كل الألوان فما عاد يرى فيه سوى السواد المطلق ...
عالما لم يفتقده ولو للحظة عندما عاد منه ... ذاهلا وهو يجد نفسه من جديد حول عائلته ... إنما غريبا عنهم .. دائما غريب ... وحتى الآن غريب ...
عالما ظن بأنه قد هرب منه إلى الأبد برفقة من تبقى من الأطفال آنذاك .... أطفال بعضهم لم يتمكن من إنقاذهم حتى بعد أن أخرجهم من هناك ..إذ أن العطب فيهم كان قد استفحل إلى حد ما عاد من شفاء بعده ... بعضهم تابع حياته في عالم مظلم من صنعه ... ينحرف رغما عنه في طريق لم يعرف غيره ... بعضهم قتل نفسه بعد مرور سنوات قليلة ... إذ لم يستطع التعايش مع نقاء عالم لم يتقبل التلوث الذي مس روحه ...
بعضهم تمكن من مساعدته بطريقة ما ... كثروت ... الذي كان مجرد طفل في الثالثة عشرة آنذاك ... طفل ظن أن شيئا لا يمكن أن يصدمه أكثر قبل أن يدرك بالطريقة الصعبة بأنه كان مخطئا .. تمكن من مساعدته .. إنما ليس تماما .. على اعتبار أن الرجل الذي يثق به لقمان أكثر من أي شخص آخر ... لم يتمكن حتى الآن من تجاوز ما حدث له في طفولته بحيث يتمكن من العيش حياة طبيعية ...
بعضهم تمكن من مساعدته .... إنما ليس بما يكفي ... وليس لفترة طويلة .. كتيسير .. الذي بذل لقمان كل جهده كي منحه حياة يستحقها بعيدة عن ماضيه الأسود .. لينتهي به الأمر ميتا بتلك الطريقة البشعة .. وبسبب لقمان ..
الخوف الذي كان يشعر به لقمان في ذلك الجزء المنسي من روحه .. لم يكن خوفا مما يمكن أن يحدث له .. إذ أن لقمان لم يكن يوما خائفا من الألم .. وقد كان جزءا من كينونته لفترة طويلة .. كما لم يكن خائفا من الموت .. وقد كان يتوقعه دائما وفي أي لحظة منذ كان في الرابعة من عمره ..
لقد كان خائفا من شيء آخر ... شيء كان يخشى أن يعترف به فيفقد كل ثباته في لحظة ضعف غير مقصودة
رفع رأسه بحدة عندما فتح الباب فجأة ... صريره المرتفع والمزعج جعل كل عضلة في جسده تتوتر .. وهو يراقب الرجل الذي سكن كوابيسه لسنوات طويلة يدخل .. يرافقه أشخاص آخرون هذه المرة .. رجلان لم يتبين ملامحهما في الإضاءة القادمة من الخارج ... الضوء لأصفر الذي تسرب إلى الغرفة من خلال الباب المفتوح جعل لقمان يرنو نحوه بشيء من الجوع للهرب من الظلمة المحيطة به ..
قال الرجل بهدوء لم يخدع لقمان ولو للحظة :- حسنا ... أظنك قد حظيت بما يكفي من الوقت للتفكير بمفردك .. هل أنت جاهز الآن لإخباري بما أريد ؟؟
قال لقمان ببرود :- أنت تطالبني بإخبارك بشيء لا أعرفه .. أكرر بانني لا أعرف ما تتحدث عنه .. أنا لا أعرفك .. ولم يسبق لي أن رأيتك من قبل ..
ساد الصمت للحظات كان لقمان خلالها قادرا على رؤية البريق في العينين الصفراوين رغم العتمة ... للحظة .. ظنه لقمان يفقد أعصابه .. يفعل ما كان لقمان يأمل أن يفعله .. أن يفقد السيطرة .. أن يتهور .. فيرتكب أخطاء يمنح لقمان من خلالها الفرصة للهرب .. أو في أسوأ الأحوال .. أن ينهي كل شيء مرة واحدة وبدون تأجيل .. إلا أن الرجل قال فجأة بلهجة حملت تأملا :- أظنني لم أقنعك بتذكر الماضي بالإلحاح الكافي ..
اقترب من لقمان ... ليغمره مجددا بالرائحة العطنة القادمة منه ... مد يده يحيط بها فك لقمان .. برفق كان مخيفا أكثر مما لو أن الرجل غرز خنجرا في عنقه ... رفع رأس لقمان كي ينظر إلى وجهه .. كي يسمح للقمان بأن ينظر إلى وجهه هو الآخر .. للمرة الأولى عن قرب .. تلتقي عيناه بالعينين اللتين كانتا تبرقان بشيء معطوب .. الرجل الذي تجاوز الخمسين بسنوات لو أن تقدير لقمان كان في محله ... كان يبدو أكبر عمرا .. إنما أكثر صلابة من الكيان الذي يذكره لقمان منذ عشرين عاما .. الكيان الذي رغم أنه قد انكمش حجما وفقا لضخامة جسد لقمان الحالية .. إلا أنه بدا له شخصا مختلفا عن الشاب الذي عرفه في الماضي .. لقد كان وكأن السواد داخله قد نمى وتفشى حتى ما عاد يتسع جسده ... فزحف فوق جلده وروحه وأنفاسه ..
قال الرجل بصوت ناعم :- ربما أنا أعرف السبب الي يمنعك من التذكر .. أنا لم أوسمك بي في الماضي كما وسمت الآخرين ... صحيح ؟؟
اتسعت عينا لقمان رغما عنه وهو يعود فجأة إلى سنوات ... سنوات طويلة مضت ... صرخات ألم مسعورة .. رائحة اللحم المحترق .. ذلك الصوت البشع لهسيس النار وهي تحرق جلدا بشريا ..
اللمسة الرقيقة ما عادت كذلك فجأة .. الأصابع الباردة اشتدت حول فكه .. بقوة أحس معها وكأنها تكاد تنغرز بلحمه ..
:- لم يكن هناك حاجة لأن أفعل .. إذ بدوت مروضا بما يكفي ... أنت لم تكن بحاجة إلى وسم يقيدك بي .. أنت كنت الطفل الوحيد الذي تواجد تحت ظلي راغبا ... لا راهبا ..
لقد كانت الحقيقة ... الحقيقة المرة لطفل ظن أن أحدا لا يريده .. أن أحدا لا يحتاجه .. فوجد من يفعل في أطفال كان كل ذنبهم أنهم لم يجدوا من يرغب بهم بما يكفي .. مثله بالضبط ..
:- ربما أنا كنت مخطئا آنذاك .. لقد استهنت بك ... استهنت بهدوئك وصمتك ... بخضوعك الظاهري .. إلا أنك لم تخضع لي يوما ... صحيح ؟؟؟ أنت كنت تسخر مني خلف واجهتك الجامدة .. كنت تضحك وراء وجهك الخالي من المشاعر ... ربما ما كنت امتلكت ما يكفي من الثقة كي تخونني كما فعلت لو أنني وسمتك كما وسمت غيرك ..
وكأنه يستجيب لإشارة غير مرئية ... خطا رجل رابع إلى داخل الحجرة .... رجل يحمل بيده قضيبا فولاذيا .. اتسعت عينا لقمان وهو يرى رأسه المحمي إلى حد حول لونه إلى أحمر قاني مشع بالحرارة حتى منح الغرفة الشبه مظلمة مزيدا من الإضاءة .. خفق قلبه بين أضلعه بعنف .. وهو يراقب القضيب بعينين لا ترمشان .. بينما صوت آسره يقول برضا :- ممممم .. تنكر تعرفك إلي .. تنكر من تكون ... إلا أنك تذكر هذا القضيب جيدا أليست مفارقة غريبة ..
قال لقمان بصوت أجش :- أنا لا أعرف ما الذي تتحدث عنه .. ما الذي تريده .. وما الذي تنوي فعله .. إلا أنني أؤكد لك بأنك ستندم .. وأنه من الأفضل لك أن تزن أفعالك وإلا دفعت ثمنها غاليا جدا ..
أطلق الرجل ضحكة متهكمة وهو يقول :- أدفع الثمن !! .. أنا أدفع ثمن خيانتك أنت منذ ما يزيد عن العشرين عاما ... إنه دورك أنت هذه المرة ..
دون أن تفارق أنظاره وجه لقمان الشاحب .... مد يده ليتناول القضيب المحمي من يد الرجل الآخر ... بينما أمسكت يده الأخرى بمقدمة قميص لقمان ... وجذبتها لتتمزق أزرار القميص وتقفز من مكانها متناثرة في كل مكان ... وينفرج جانبا القميص ليكشفا عن صدره الذي كان يعلوا ويهبط بعنف وسرعة ..
صوت الرجل ... كان أكثر بطئا ... أكثر استمتاعا .. أكثر انتشاءا .. وهو يقول :- إنه دورك .... كي تدفع ثمن أفعالك كلها يا حفيد الحكيم .. ألا تظن هذا ؟؟؟





انتهى الفصل الخامس عشر بحمد الله
قراءة ممتعة


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس