عرض مشاركة واحدة
قديم 27-06-18, 10:08 PM   #7265

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

لم يعرف لقمان كم مر من الوقت منذ غاب عن وعيه أول مرة ...
إلا أنه عندما فتح عينيه أخيرا ... لتتسعا في قلب الظلام من جديد ... قلبه يخفق بعنف بين أضلعه حتى شعر بالألم يكاد يكتم أنفاسه .. أدرك بأنه فد أغلق عينيه غارقا في ظلمته الخاصة دون أن يدرك بأن خاطفيه قد تركوه وحده أخيرا بعد ساعات من الجحيم الخالص الذي قضاها بين أيديهم ...
خلال لحظة بعد أن فتح عينيه ... تمنى لو أنه يعود من جديد إلى الظلمة المريحة للا وعي .. عندما أعاده الألم الغير محتمل والذي تفشى في أنحاء كثيرة من جسده .. إلى ما تعرض إليه على أيديهم ... بالكاد عقله المشوش كان قادرا على التمييز بين الواقع الملموس ... والكوابيس التي كانت تحاصره دون حتى أن يغلق عينيه ... ازدرد ريقه ... يشعر بالجفاف في شفتيه و حلقه .. بالبرد الشديد من حوله يكاد يفقد الإحساس بأطرافه التي كان الدم يجد صعوبة في الوصول إليها في المقام الأول بينما هي مقيدة إلى المقعد الثقيل المثبت على الأرض ... بينما لم يكن قميصه الممزق .... المحترق .. يفعل أي شيء لحمايته من درجة الحرارة المنخفضة بشدة في الغرفة المغلقة والمظلمة التي كان حبيسا فيها لساعات ... أو ربما أيام ... هو حقا لا يعرف .. ولم يعد يمتلك أي حس بالوقت ...
في الظلام الدامس للغرفة .... كان يرى خيالات الماضي تتراقص حوله .... أجساد تتلوى ... صرخات كانت تشق الصمت فتكاد تصم أذنيه ... رائحة اللحم البشري وهو يحترق تحت وطأة النار ... وأعين واسعة ... بريئة ... تحدق في الفراغ في صدمة .. وكأن الألم كان أكثر قوة من أن تستوعبها العقول اليافعة ..
( أمسك به .... لا تسمح له بأن يتحرك ... قيده .... قيده بيديك .... بك )
ما زالت أثار أصابعه تبدو مرئية له حتى الآن وهو يتخيلها في قلب الظلام ... يستعيدها وهي توصم الأجساد الهزيلة والصغيرة ... أثار ربما تلاشت خلال ساعات قليلة ... إنما كانت ما تزال توصم أرواحهم به ... ربما كانت أشد وطأة من لمسات النار التي قدر لها أن تظل مرئية إلى الأبد ...
أغمض عينيه وهو يتذكر تلك العلامة التي شوهت كتف ثروت الأيمن .... في نفس المكان حيث كان لقمان يشعر بالنار وكأنها لم تخمد بعد وقد انغرست في لحمه حتى كادت تلامس عظام ترقوته ...
لطالما ألح على ثروت أن يزيل تلك الذكرى البشعة من جسده .... إلا أن الأخير كان يجيبه دائما باقتضاب بأن حياة قد ماتت تحمل واحدة مثلها .... وهو لن يموت إلا حاملا توأمها ...
حياة ...
وجد لقمان نفسه يضحك بمرارة وهو يقلب الاسم بين شفتيه وفوق لسانه ... حياة ... الفتاة الصغيرة والنحيلة ... والتي كانت تصغره بسنوات قليلة .. شقيقة ثروت ..
لم يكن اسمها حياة آنذاك ... لم يكن مسموحا لأي أحد بأن يحتفظ باسمه ... لقد كانت الخطوة الأولى التي كانوا يقومون بها فور أن يضموا طفلا جديد إلى قطيع الفتيان المشردين الذين كانوا يجمعونهم ... أن ينزعوا منهم أسمائهم ... فينزعوا من خلال هذا كل ما لديهم من آدمية .. متمثلة بهوية ... تاريخ ... ذكريات .. أي شيء يمكن أن يعيد أي منهم أو يربطهم خارج جدران الجحيم الذي باتوا ينتمون إليه ...
كان اسمها دنيا عندما عرفها لقمان أول مرة ... شعرها الأسود بطبيعته كان مصبوغا بشكل رخيص بلون أشقر مصفر ... شفتيها الرقيقتين كانتا دائما ملونتين باللون الأحمر .... وجسدها كان خاليا تماما من أي علامة تشوهه ... جسدها الذي كان بطاقة طعامها كما كانوا يرددون على مسامعها ومسامع غيرها من الفتيات .. حتى ذلك اليوم الذي فشلت فيه بالقيام بعملها بما يرضي الزبون ...
يذكر لقمان ذلك اليوم جيدا ... عندما جرؤ على الدفاع عنها عندما بدأ بضربها ... الرجل الذي اضطر لقتله في ما بعد ..
النار المحفورة في صدره ... عادت تنبض بالألم من جديد ... ألم لا يطاق .. ألم كان يمتد من حيث مس المعدن المحمي جسده حتى قلبه وروحه ...
ربما هذا ما كان عليه أن يحدث منذ سنوات طويلة ... لقد كان قدره .. أن يوصم كما وصم غيره ... أن يختم بالقهر والوحدة والألم ... بالإذلال والموت .. قدر تخطاه بأعجوبة قبل خمس وعشرين عاما ... إلا أنه في النهاية تمكن من أن يجد طريقه إليه ..
لقد كان شيئا استحقه حتما .. على كل ما فعله في حياته ... منذ كان طفلا في الرابعة .. أجبن من أن يصرخ حتى وهو يرى والدته تقتل أمام عينيه ... عندما كان مراهقا ... يرى أطفالا يتعذبون أمام عينيه .. في حين لم يكن يفعل أكثر من أن يزيد من غرقهم في القاع المر الذي قدر لهم أن يسقطوا فيه بدون أي حول منهم أو قوة ..
هو أبدا لم يكن منهم .... هو أبدا لم يكن واحدا منهم ... هم لم يختاروا أبدا ... في حين اختار هو .. وها هو الآن يدفع ثمن اختياره هذا ...
صرير الباب دفعه لرفع رأسه من جديد .... يفتح عينيه بشيء من الذعر ... ذعر لم يشعر به منذ سنوات طويلة .. أنفاسه التي كانت تخرج من صدره بصعوبة كانت لاهثة ... متقطعة ... وهو يراقب الرجل الذي أعاده من جديد إلى الحضيض الذي ظن أنه قد خرج منه يوما إلى الأبد ..






يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس