:- توقفي نور يا الهي لقد تعبت اقسم انني فعلت
استدارت لتنظر اليه باستعلاء مضحك وهو يحمل كل تلك المشتريات لها
مشترياتها الخاصة لاطفالها
في العادة كانت تستعين بالعم سعيد الذي كان يقضي الطريق كله متبرما من وجع ظهره ومفاصله فاستبدلته اليوم بوردة صديقتها المقربة الجديدة
ابتسمت رغما عنها وهي تتذكر اعتذاره رغبته بمصالحتها تعلم بانها لم تسامحه للان تعلم بان جرحه لها لا زال نازفا هناك بصدرها تعلم بان جدارا من نوع ما غلف تلك العفوية التي كانت تتصرف بها معه
وكل ذلك العلم لم ينفع بقمع سعادتها برؤياه بوجوده قريبا منها هكذا تاركا اعماله ومسؤولياته كلها لاجل ان يصالحها ويطيب خاطرها
:- دون تذمرك المعتاد وردة
:- يا الهي توقفي عن قول وردة الكل ينظر الينا الامر بيننا فقط نور الدين
حسنا ها قد نال ساعة كاملة من التسوق بعد بما قاله سبقته نحو محل الالعاب وهي تتحرك على اقل من مهلها تختار لكل واحد من صغارها ما يناسبه لقد وعدتهم بالهدايا عند عودتها من رحلتها ولم تف بالوعد بسبب .... حسنا بسبب كل ما حصل والان عليها ان تفعل
:- نور توقفي ارجوك حسنا دعينا نتناول بعض العصير او اي شيء اخر لقد جف حلقي من كثرة التجوال انت حتى لم تنظري الي ولم تحادثيني لم تخبريني بانك سامحتني حتى
التفتت اليه فراى الجرح في عينيها جرحا واضحا للاعمى فاصر على الامر وهو يقول
:- ارجوك نور للحظات فقط هيا تعالي انت تعبت كذلك لا تنكري
تبعته على مضض وهي تاخذ اغراضها منه رغما عنه وتحملها جلسا على طاولة بالقرب من النافذة فتطلعت نور نحو الشارع القريب المكتظ بسكانه ذاك الزحام الذي لطالما استمتعت به في جولاتها وهي تؤلف قصة لكل من امامها تستمتع بانطلاق ضحكات والديها او صديقاتها
والان بينما هي تجلس امامه بدا الزحام كله هنا وليس في الخارج كل تلك القصص والنوادر تلك التي ما كانت تنتهي ابدا معها بدت كما لو انها محض ضباب مقارنة به بوجوده بكونه جالسا امامها الان بكل ما يمثله لها من خيبة وفرح
:- نور انظري الي
للحظات لم تمتثل للامر ولكنها لم تملك ان لا تفعل
نظرت اليه وليتها لم تفعل
كان الامر الخاطئ للغاية لفعله
ان تنظر لوجهه الوسيم لتلك الرموش المعقوفة التي لا تناسب الا اجمل الجميلات
للعيون الملونة التي بدت في شمس الظهيرة كقطع من الماس الملون الذي يحير بالوانه الناظرين
للحيته التي منحت وجهه الوسيم مسحة من الخشونة فبدا معها قاتلا
قلبها كان يرفرف كطير ذبيح والكلمات الخرقاء تلاعبت على طرف لسانها متسابقة لتظهرها بمظهر الحمقاء الا انها صمتت بقدرة قادر بانتظاره
:- انا حسنا من هذه النظرة فقط اعلم بانك لم تسامحيني للان لقد اخطات اذنبت بل حتى قولي اجرمت ولكن كل الامر انني عبرت عما اشعره عما مثلتيه لي منذ ان التقيتك نور انا لم اخبره سوى عن كوني قابلت فتاة استثنائية واحدة لا تشبه غيرها شجاعة وثابة عفوية .......تمنح للمكان من حولها رونقا خاصا وتلك كانت الحقيقة
الفرح الذي كان يرقص الان مهلهلا داخلها تلك الدبكات والرقصات المنتصرة التي تقام داخل عقلها المريض كانت في اوجها والضجيج كاد يصم اذنيها بالافراح المقامة بعقلها المثير للشفقة
استثنائية لا تشبه غيرها !!!!
يا الهي الثور يراني هكذا ؟؟؟؟؟
كبتت تلك البسمة البلهاء بانتظار ان يكمل كلامه لربما حينها حسنا فلتدعو الله ان تحافظ على شرف العائلة في هذا النهار الابيض
:- حين احرجني بطلب مقابلتك رفضت وحين اخبرني بان الامر جاد وانه لا ينوي اللعب كما اعتاد حسنا وانا اتذكر دعواتك على الدوام بان يعمي الله قلب احدهم وعقله فكرت للحظة واحدة فقط ولم لا صديقتي المفضلة وابن خالتي ستكونين قريبة بل من العائلة حرفيا بدا الامر حينها افضل من ان يكون حقيقة لم انوي سوءا لم احط من قدرك ولو للحظة لم اعرضك عليه كما ادعى نور انت اكبر من ذلك ولا بد انك تعرفين
حسنا لم يفقد مهارته للان بان ينقلها من الاقصى للاقصى من اقصى السعادة والامل الى اقصى البؤس والشعور بالاذلال
صديقته المفضلة ؟؟؟؟ وفردا من العائلة ؟؟؟؟
ايهما الاكثر ايلاما لها لم تعلم للان ولكنها تدبرت ان تبدو الواثقة بنفسها تلك التي لا يهمها شيء الفتاة التي تضحك على الامها وماسيها قبل ان يسبقها احد ويضحك عليها وقالت
:- عماد كل الامر انني تصرفت معك بعفوية الاصدقاء الاصدقاء الذين يقرؤون ما بين السطور كما حدث وقراتك كما حدث وفهمت من نظرة واحدة فقط كل ما يخفيه وجهك الباسم الامر انني لست يائسة لذلك الحد انا اعتدت المزاح في ذلك الشان لاغيض والدتي ولاضحك انا ووالدي على ملامحها المكفهرة وامتد الامر ليشمل بعض اصدقائي المقربين والامر شملك انت ايضا لانك اردت صداقتي والصداقة تعني اكبر من ذلك عندي
الامر انني تصورت انك تحترمني لدرجة ان لا تاخذ ما قلته ضدي انا لست تلك اليائسة التي تصورتها لم اعاني يوما من قلة الخاطبين والامر ليس غرورا عليك ان تسال حولي لتعرف انني انجح بابعادهم على الدوام قبل ان يصل الامر لوالدي ويخططان لعرسي
كان وجهه الان غير مقروئا وهو يرى ملامحها الجادة ذاك الجرح الظاهر على وجهها بدا غائرا قديما ربما لم يكن هو السبب به ربما هو لم يفعل سوى ان نكأه
:- انا لم افهم نور لا املك بصيرتك النافذة ورؤيتك الواضحة للامور لم تقولين ذلك هل ..... اعني هل لديك سبب ؟؟؟
ذاك الوجه الساخر الذي نظر اليه مس قلبه كما لم يفعل وجهها الباسم المنطلق من قبل وقالت
:- لا ادري ان كنت مناسبا لان تستمع لي حسنا ربما انت كذلك لانني اتصور انك سترحل بعد ان اخبرك اننا تصافينا كل الامر انني لا ابحث عن زوج ولا عن شريك حياة انا وخلف قناع الضحك والمزاح املك عقدا لا تعد ولا تحصى اي رجل يشبه ابي لا يثير اهتمامي اي رجل يشبه خالي لا يفعل كذلك واي واحد يشبه عمي او ابن عمي لا يثير في اهتماما
:- ولم ؟؟؟؟ اعني عادة الفتاة تتمنى من يشبه والدها ووالدك كما علمت رجل بالغ الاهمية
:- ابي انه افضل اب في الدنيا حنون متفهم كريم وافضل صديق ولكنه كان كذلك لي انا فقط لم يكن ابا ولا صديقا ولا حنونا ولا متفهما لنبيل لطالما تخيلت لو انني كنت ابنة المراة الاخرى ما الذي كان سيحصل لي ؟؟؟؟ وعمي حسنا انه يشبه ابي لقد تزوج مرة اخرى رغم انه لم يطلق عمتي خالي يفضل البقاء طيرا حرا كما يردد على الدوام وكل من سبق وتقدم لي كانو يحملون مواصفاتهم حتى فراس انا لم اوافق عليه لم يكلمني بل قامت والدته بالكلام مع والدتي لم يكن اختياري ولو ترك الامر لي لكان مرفوضا كغيره وحين رايت منه ما رايت واجهت الامر وتركته ولم اضع اللوم عليه كما صور الامر.......
الحيرة التي ظهرت على ملامحه والتعاطف الذي بدا مرتسما على وجهه شجعها لان تبوح وتبوح فهو في النهاية قرر ان يكون لها وردة وعليه الاحتمال
:- انا اريد من يمنحني الامان امان ان اكون معه امان ان يكون ابا لكل اولادي امان انه حتى ولو وجدني ذات يوم وقد صرت مملة وافتقرت للجمال والعناية بنفسي فانه سيبقى على العشرة سيحتمل كما كنت انا ساحتمل معه المر كل المر كما الحلو
كادت تفلت منها الكلمة بانه لا يشبه ايهم بانه كان تجسيدا لما تمنته قبل ان تعلم انه متيم بحب ابنة المعلم ولكنها كبتتها باقتدار
:- يا الهي كل هذا العمق فيك نور الدين وانا الغبي لم افهم
تعالت ضحكاتها التي افرغت بها توترا كاد يقتلها ليشاركها عماد الضحك ويقول اخيرا
:- انه حقك نور كل الحق لك ولكن ارجوك قولي انك سامحتني فقد نفيت تقريبا من وطني ومن عملي وكل من في القرية اجمعوا على ان لا اعود ان لم احصل على سماحك
:- وقد نلته وردة
:- اووووبا يا لطيبة قلب نور الدين خذي كلمي الوالدة انها تقاطعني من يومك والله
ناولها الهاتف بعد ان اتصل بوالدته لتقول لنور ما ان حدثتها
:- حبيبتي كيف حالك ؟؟؟؟ سامحي الغبيين لقد اخبرتني اختي بكل الذي حصل انه لا يستحق ظفرك والله لو انه كان هنا لاريته مقامه ولكنه هرب الجبان
احمر وجهها وهي ترى نظرات عماد المحدقة بها لتستدير وتكلم الخالة بعيدا عنه
:- لا تقلقي خالتي انه نصيب ولم يكتبه الله وانت كيف حالك وكيف حال الفتيات
:- نحن بخير حبيبتي ننتظر خبرا مفرحا ان شاااء الله حسنا وبما ان خائب الرجا عندك عقليه جدي له من تناسبه
كانت الخالة تغمز للريحانة الجالسة بقربها لتعض الريحانة على اصابعها وهي تولول من سوء اختيار السيدة نعمة للكلمات
بينما غرقت نور في بؤسها اكثر واكثر من تلك العائلة التي تتشارك جينات الغباء والفظاظة كلها لتقول
:- لا تقلقي خالتي الامر عندي ما ان اعرف مواصفات فتاة احلامه
صمتت السيدة نعمة وهي تتطلع للريحانة بعجز لتكمل نور
:- سلمي على الجميع خالتي والى اللقاء
اغلقت الهاتف وناولته لعماد الذي لم يكف للحظة عن الضحك لتقول اخيرا
:- لدينا مهمة عاجلة لا بد ان نجد لك زوجة لائقة خالتي كلفتني بالمهمة وانا لها
كانت تقول ما تقول وقلبها يغور في دوامة كونها لن تكون له يوما كونه صديقها كما طلب وكما حصل وكما سيظل حسنا ستقنع ذلك المجنون الساكن بصدرها بالامر الامر سهل لطالما فعلت ذلك ان تشعر بشيء وتقنع من حولها بغير ذلك
:- لدي قائمة كاملة لك ايها الصديق ولكن لا بد ان تخبرني بالمواصفات وارجوك ان لا تطلب ان تشبه ابنة المعلم فامثالهن قليل وهن ملك حصري للسلاطين
:- اوووه نور الدين لا تكن مملا دعنا من الزواج ومن وجع الراس واخبرني الان اين سنتعشى واين سنسهر
نظرت اليه شزرا وغيضا وقالت من بين اسنانها وهي تقف وتنظر اليه من علوها
:- يبدو بانك صدقت الامر ايها الثور انا نور ولست نور الدين وقد يقتلك سيادة اللواء ان علم بما قلته الان
تسمرت مكانها والصوت الحازم لوالدها ياتيها من خلف كتفها قائلا بصوته الامر
:- سيادة اللواء هنا الان ويريد ان يفهم السبب الذي من اجله سيقتل ذلك الولد المرتجف امامك
نظرت الى وجه عماد الذي غارت الوانه وهو يهمس لها ويحرك بشفاهه
:- هل اهرب ؟؟؟ نور اهرب ام ابقى ام ماذا افعل ؟؟؟؟؟
استدارت لتواجه والدها وملامحه الحبيبة التي تعشق وقالت بشقاوة
:- اووه ابي انه قضية خيرية من القرية حيث كنت
ابتسم والدها لردها الذي جعل الرجل امامها يرتبك ويغضب دون ان يملك الرد
:- امه ارسلته الى هنا لنزوجه ما رايك بالامر ؟؟؟ هل اصلح كخطبة ؟؟؟
تعالت ضحكات والدها واحتضنها لصدره وقال بينما يصافح عماد بود
:- اهلا بك دكتور لقد اخبرتني نور انكم هنا وقد جئت لاتعرف اليك واشكرك لكل ما فعلته لها
ملامحه التي انقلبت بين لحظة واخرى اخبرت نور انه غاضب وغاضب للغاية ولكنه يستحق
:- اهلا بك سيادة اللواء ولا شكر على واجب
:- هيا تعاليا معي لا بد ان تتغدى معنا اليوم لن ترضى سليمة ان لم تفعل
:- لا ارجوك لا اريد ان اثقل عليكم وانا اقيم مع اصدقائي
:- ابدا لن تستطيع الاعتذار ما فعلته مع نور انت وكل من حكت لي عنهم يستحق منا التقدير والاعتزاز هيا تفضل لتستطيع حينها ان ترى لائحة المرشحات التي اعدتها لك نور وقد امنحك بعض المساعدة واغششك عن من لا ينبغي لك ان تراها من الاساس
:- اوووه ابي
:- نعم نعم
:- وانا موافق
قالها عماد وهو يسبقها مغيضا اياها بحركة من حاجبيه بينما بقيت هي في مكانها تحارب تلك الحسرة تلك الدمعة تلك الصرخة الحبيسة فامامها ساعات وساعات من ادعاء الفرح والسعادة واحتراف الخداع
|