عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-18, 03:00 PM   #97

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السابع ( الجزء الثاني )



وقفت شاهيندا تمتص العصير من العلبة الصغيرة ببطء قدر الإمكان تحاول أن تنتعش بالبرد الذي يتسرب منه إلى جوفها في هذا اليوم القائض .
مع أن حرارة الجو على ما يبدو لديها تأثير عليها وحدها لأن منذ وصولها قبل نصف ساعة و الصبية الذين أمامها ما انفكوا يتقافزون مثل القرود .
الحمد لله أن مهى مشغولة بامتحاناتها في هذه الفترة ، فكرت و هي ترمي العلبة الفارغة بشيء من الأسف ، و إلا كانت استغربت حضورها شبه اليومي لمشاهدة تدريبات كرة القدم .
و كانت كالعادة ستبدأ في تأويل الأمور إلى أحلام مراهقة .
كيف كانت لتقدر على الشرح لعقل مهى المغلق أنها تأتي لتراقبه كل يوم لأنها لا تطيقه ، لا العكس .
تأتي لأنه يحز في نفسها أن هذا المعدم سبَّب اختلاف وجهات نظر لأول مرة بينها و بين ابنة خالتها التي كانت دائما بمثابة توأمها الفكري .
عدلت وضع قبعتها و هي تراقبه بتفحص ، تريد تصيد خطإ يصدر عنه ، أي خطإ و لو كان مجهريا .
في البداية كانت شبه واثقة أنه دون موهبة حقيقية و لكنها الآن و بعد أيام من المراقبة المستمرة عليها أن تكون صريحة مع نفسها و تعترف أنها تستمتع برؤيته يتحرك على أرض الملعب بكامل لياقته .
لكنها لا تريد أن تكون صريحة جدا و تعترف بأنه أيضا الأكثر تميزا بين المدربين الآخرين و أن أي حركة يقوم بها لها سحرها الخاص .
كلا طبعا ترفض أن تكون صريحة إلى ذلك الحد ستكتفي بأن تعترف له من وراء قلبها أنه " كُرَوِيًّا " ليس بالسوء الذي ظنته به .
و لكن أخلاقيا بالتأكيد لديه بدل العيب ألفا أو أكثر .
رغم أنه يُظهر نفسه كملاك دافئ بباله الرائق جدا مع تلاميذه الصغار و ضحكته الدائمة مع زملائه .
طوال الوقت و هو يتجول بينهم يوزع ابتساماته التي يبدو أنها لا تنضب إلا حين تلتقي عيناهما في المرات النادرة التي ينظر فيها باتجاهها .
اقتربت من سور الملعب و زفرت و هي تشعر بأنها كلما راقبته أكثر كلما ازدادت غيظا و مع ذلك بدا لها كأنها تعاقب نفسها بمزيد من المشاهدة .
ما يثير غيظها أكثر هو أنه على عكسها هي التي تشعر جدا بوجوده يبدو غير مبال تماما بها .
مع أنها كل يوم قبل المجيء تأخذ وقتها تماما و هي تختار ملابسها و ألوان ملابسها و اكسسواراتها لتحظى في النهاية بماذا ؟ مجرد نظرات عابرة منه كالتي يلقيها على الشجرة الجافة التي خلفها .
أما ما يفجر بركان غضبها الداخلي بقوة فهو ذلك الشيء بداخلها الذي يجعلها تشعر بأنها تتسول اهتمامه .
بالطبع هي الأخرى لم تبد له أي ذرة من الاهتمام لكن ذلك لا يمنع أنه موجود و يرفض أن يذهب لحال سبيله .
اتكأت على السور تشيح بنظرها بعيدا عنه عندما وصلت أفكارها إلى هذه النقطة .
لا تدري كم ظلت تتأمل الفريق الآخر بذهن نصف غائب قبل أن تشهق فجأة و هي تشعر بشيء صلب يصطدم بقوة بجانب وجهها .
رفعت كفها تلقائيا تحضن خدها الملتهب و هي تقف متجمدة في ذهول ، أحاسيسها ممزقة بين الألم و الغضب بينما تأتيها من خلال الضباب المحيط بعقلها بعض الأسئلة الموجهة لها و بعض كلمات التوبيخ لأحد ما .
سمعت كذلك الكثير من الضحكات بعضها مكتوم و بعضها مسموع جدا .
أدارت عينيها أخيرا بين الوجوه بمشاعر خرجت من قالب الذهول لتتحول إلى غضب عات .
- من الغبي الذي ضربني بالكرة على وجهيييي
- أنا آسف يا آنسة ، تكلم صوت مرتعش من خلفها ، صدقيني لم أقصد

التفتت تنظر إلى الفتى المراهق بعينين ناريتين بينما واصل هو بصوت أكثر ارتجافا :
- كان المفروض أن أرمي الكرة باتجاه الكابتن عصام لكن التراب دخل في عيني و أخطأت التصويب .

وجهت نظرة شرسة إلى عصام الذي وقف عاقدا ذراعيه على صدره يراقبها دون أدنى تعبير ثم أعادت عينيها إلى الفتى و هي تقول بصوت أكثر من عال :
- ليس الخطأ خطأك ، الخطأ هو خطأ الفاشل الذي يدربك .

حدق فيها الفتى في صدمة ثم ابتعد عنها ليقول لمدربه بحرج :
- أنا آسف يا كابتن عصام

مرر عصام أصابعه بلطف بين خصلات تلميذه الثائرة و هو يقول بتشف و برود :
- كنت لأعاقبك و بشدة يا حازم لولا أنك أجدت فعلا الوجه الذي تصوب عليه
- هل سمعتم ذلك ؟ هل سمعتم ما قاله ؟ رددت شاهيندا السؤال و هي تلتفت حولها تحاول اقتناص نظرة تأييد لها لكن دون جدوى فكل العيون تحاشت نظراتها بما فيهم عيني المدرب الآخر .

فتحت شفتيها لتعلق عندما فوجئت برجل لا تدري من أين ظهر يمسك ذقنها بلطف و يدير رأسها بكل بساطة ليتأمل جانب وجهها المصاب .
- ما..ماذا تفعل ؟ سألته بصدمة و هي تدفع يده بحدة
- أنا الممرض يا آنسة ، أجابها و هو يرفع إليها شارته المعلقة في أعلى معطفه الأبيض .
اتبعي اصبعي من فضلك ، أمرها و هو يحرك سبابته اليمنى أمام عينيها .

تبعت الحركة بنظرها بآلية بينما استمر يوجه إليها بضعة أسئلة إضافية و أخيرا توقفت إصبعه عن الحركة و توقفت معه عيناها ليسألها ثانية :
- فيما عدا الألم في خدك ، هل تشعرين بأنك بخير ؟
- كلا طبعا لست بخير ، أجابته بحدة ، ربما لدي ارتجاج في المخ و كله بسبب ذلك الفاشل .
- سيد منير ، تدخل عصام بصوت مسترخ ، اشرح لها أن الارتجاج في المخ يحصل فقط لمن يملك مخا .

و هذه المرة لم تكن هناك أية ضحكات مكتومة ، تعالت قهقهات الفتية كأنهم جوقة سعيدة بينما أشاح المدرب الآخر بوجهه و تنحنح الممرض في محاولة فاشلة لإخفاء ابتسامته .
- تعالوا الآن يا أولاد ، صاح عصام بصوت جهوري ، ليس لدينا المزيد من الوقت لنضيعه .
- الحقير ، قالت بصوت مسموع و هي تشاهده يبتعد .

نظر إليها المدرب الآخر بلوم ثم قال بهدوء :
- على فكره يا آنسة ، الكابتن عصام هو من قام باستدعاء الممرض من أجلك حين كان الكل مشغولا بالقلق عليك .
- الحقير ، أعادتها ثانية بنظرة تحدٍّ قبل أن تبتعد مسرعة بوجهها ذي الشطر المنتفخ .

..............


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس