عرض مشاركة واحدة
قديم 16-08-18, 11:22 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


3




أجلس بقرب قدميه، أنفاسي عالقة في صدري، أترقب ردة فعل بسيطة لكن لا شيء، الفراغ حل تمام ولم يبقى لي مكان فيه.. أحاول استغلال هشاشته الحالية، ضعفه البادي على وجهه الحزين وقبل أن أقوم بأي شيء يرمقني بذات النظرة الفارغة ولكن هذه المرة تهم شفتاه بالتحرك، سيطلب مني المغادرة، أستطيع رؤية هذا، تصرفه صحيح وأن أظن لوهلة بأن كوني وحيدة سيعطيني ولو فرصة ضئيلة بالبقاء هنا بحد ذاته حماقة.
يرن الجرس، يستمر بالرنين، يغمض عينيه كمن قطعت أفكاره، صوته الأجش " أنا..." يتوقف عن الكلام، الرنين مجددا، تنفست الصعداء، فبشكل ما أحس بأنني نجوت، ينتصب واقفا، تنزلق يدي من فوق قدميه، تتسارع خطواته نحو الباب، اظل في مكاني، متفاجئة من رغبتي، هل جننت؟ ما الذي اريده من رجل وجدته في فندق مشبوه؟
"وحدتي أغرقتني" لم أخبرته؟ ثم ماذا ليس وكأن وحدتي شيء حدث في ليلة وضحاها بل أن الوحدة رافقتني منذ الصغر.
لا اتحرك أو بالأصح غير قادرة على ذلك وكأن هنالك مسامير تثبت قدمي في الأرض، اغمض عيني بشدة، أقف وبمجرد أن افعل ذلك وأنظر أمامي، أنتبه لوجود رجلين في غرفة لا رجل واحد، عزيزي البائس و أخر أحمر الشعر، ذو حاجبين شبه مختفيين و فك مربع، غمازة ذقن، عينين بخضرة التركواز، ليس طويلا لكن ليس قصير، رجل وسيم، أنيق، يدخل يده في جيبه و ينظر لي وقد مالت شفتيه في ابتسامة يغلب عليها الذهول.
" ألن تعرفني بالأنسة؟" يقول بصوت عميق جميل، يمد يده لمصافحتي، أقوم بالمثل، قبضة يده القوية ضيقت الخناق حول يدي، أبلع ريقي، ابتسامته ترحب بي في حين أن يده تخبرني بعكس ذلك، نعم، هذا هو العالم الذي فررت منه يوما، عالم الابتسامات الزائفة والنوايا الخفية، أتراجع للخلف، غريزة النجاة هي ما دفعتني لذلك.
يحل صمت يشوبه التوتر، عزيزي البائس لا يعرف اسمي ولا يعرف كيف يجب أن يعلن عن وجودي هذا اذا كان يريد الاعتراف به من الاساس.
"اليكس سميث، انا مدبرة المنزل، وظفت للتو." اقول، كان يمكنني اختيار كذبة أخرى غير أنه قادر على طردي بمجرد أن يلاحظ حركة خاطئة.
"مدبرة منزل؟ لم أكن اعرف بانك تبحث عن واحدة، لو علمت برغبتك هذه كنت سأبحث عن مدبرة منزل" توقف عن الكلام، كلمة واحدة ناقصة، مدبرة منزل ملائمة.
حدقت في عزيزي لأجد نظرة ارتياح بسيطة قد حلت محل الشك، تقدم وجلس على الأريكة، وضع يديه في الخلف و قدم فوق الأخرى، قال بصوت عدائي : سواء احتجت مدبرة منزل او لا هذا لا يعنيك، الآن ما سبب زيارتك.
" لطيف كالمعتاد، هل يمكنك ان تحضري القهوة، اريدها بالحليب و دون سكر." أمرني بلطف، بالطبع اراد أن ابتعد لا بد أن الموضوع مهم ولا يريد أن تنصت له مدبرة منزل مشبوهة.
توجهت للمطبخ الذي يكشف على الصالة في كل الحالات، بحثت عن القهوة وبصعوبة وجدته وابريق لا يبدو وكأنه استمعل منذ زمن، أشعلت الفرن الكهربائي وضعت الابريق وتفحصت الخزانات بحثا عن فناجين قهوة ووجدت طقم جميل من الخزف الذي لم يستعمل ابدا.
اعددت القهوة وتذكرت بأنني لم اساله عن نوع القهوة التي يحبها وحين كنت اعد القهوة تحدثا بصوت منخفض لكن فور أن عدت لأساله عن قهوته المفضلة وجدته يصرخ بعد ان نثر كومة أوراق من فوق الطاولة " لن أقوم بذلك ألا تفهم، ليس لدي ما اكتبه، لقد توقفت الكلمات عن القدوم، أنا عاجز، ألا يمكنك رؤية ذلك؟"
الحزن في صوته، الألم يشكل تعابير وجهه، يديه مضمومة فوق صدره، العجز، هذا ما رأيته، لحظتها حدق في واستحال حزنه لغضب، هو غاضب لأنني رأيت ما رأيت و سمعت ما سمعت، تراجعت للخلف وقبل أن اغادر صرخ الرجل الاصهب : انا لا اصدق ذلك، الكلمات موجودة، الطريق مقفل وأنت من أقفله، أنت لا تسمح لأي شيء بالعبور، ألتعاقب ذاتك؟ لا أعلم لكنك تترك موهبتك تذبل بتصرفاتك، الشرب حتى الثمالة، العبث في الأحياء الحقيرة، احضار مثل هذه النوعية..
كان يشير إلي، احضار نوعيتي الحقيرة، يجب الا أتأثر، يجب أن اكبت احساسي العميق بالاهانة، يجب أن امحو الم كبريائي المجروح، لا بأس، اعتدت على هذا فانا في النهاية احاول استغلاله الان، كبت مشاعري لان ببساطة لم تعد مهمة صعبة لكن قبل أن افعل ذلك، رأى ما يعتمل في صدري، فررت سريعا وعدت للمطبخ وكان اخر ما سمعته " اذا لم يعجبك ذلك يمكنك المغادرة." قال بصوت اكثر هدوئًا.
دقيقتين من الصمت تلاها صوت الباب الخارجي يقفل و الوسيم الحزين يتكئ على الجدار، يراقبني بينما أضع القهوة في الفناجين، قلت كي أقطع الصمت : اعددت قهوة سادة دون حليب، يمكنني وضع البعض لو اردت.
: لا بأس احبها هكذا.
ناولته الفنجان الذي بدا وكانه التهم داخل فك تنين عملاق لا يدين جملتين، قربه من انفه، اغلق عينيه واستنشق الرائحة ثم تناول رشفة.
قال : ليس سيئًا، اتبعيني.
لحقت به ببطء، جلست أمامه حيث كان يجلس الاصهب فوق اريكة وحيدة تقابله تماما.
تناولنا القهوة في الصمت وكلا منا غارق في افكاره وان كنت في الحقيقة غارقة في الحيرة فأنا لا احب ان ابقى الظلام وأفضل دوما معرفة الخطوة القادمة بدلا من الترقب الاعمى.
" لم كذبت؟" سال مباشرة.
وضعت الفنجان فوق الطاولة، لعقت شفتي " لا أعلم، ظننت بأن هذا التفسير أفضل."
" حقا ولم ذلك؟" سأل في سخرية وهو يحملق في كانني فأر سيرك يقلد بيكاسو.
" ماذا أخبره تحديدا عوضا عن ذلك؟ الليلة الفائتة؟ انت لا تتذكر ما حدث فما فائدة سرد قصتي الغبية، الفتاة الحمقاء التي تمسكت بوعد رجل ثمل، أفضل ان اكون مدبرة منزل على ان اكون تلك الفتاة" قلت في حدة لم اتعمد حدوثها، لست احقد عليه او حتى اكن له الغضب، أردت فقط... اردت ماذا؟
" وحين تكونين مدبرة منزل كيف يجب ان اتخلص منك الآن؟" سأل مجددا وهذه المرة عحزت عن فهم فحوى نظراته.
" هذا سهل، اذا سئل عني وهذا لن يحدث بالطبع، الاجابة هي الطرد، العذر هو ازعجتك، تدخلت في شؤونك، سرقت، حاولة اغوائك او ببساطة انت لا تريد مدبرة منزل لأجل هذا صرفتني عن العمل."
مالت شفته في زاوية ساخرة وقال : فكرت بكل شيء كما ارى.
" لا لم افعل انا سريعة التصرف وحسب، هذه الافكار خطرت لي الان ولم أفكر فيها من قبل." قلت في صراحة تامة.
مجددا عاود النظر الي ك لغز غامض لا يمكن فك شفرته.
" ماذا تجيدين غير سرعة التصرف؟" سأل وهذه المرة في جدية تامة، حاولت أن لا اظهر تعابير السعادة لكنني فشلت مما جعله يقول : لا تفرحي كثيرا، لازلت ادرس الفكرة.
" اجيد الطهي و التنظيف، اصنع قهوة جيدة كما ترى، لست ثرثارة، لن اسبب لك اي ازعاج، امم، لا املك مواهب كثيرة كما ترى." قلت، لم انظر لنفسي يوما بأنني من اصحاب الموهبة الفذة.
" لو اردت طردك في اي وقت، لن تزعجيني اليس كذلك؟"
تأملني وتأمل وجهي الذي اصبح ساحة للمشاعر المتضاربة، هذا سيء، أنا افقد سيطرتي على ذاتي.
" ارجو ان لا ترغب في شيء مماثل وبالطبع لن ازعجك."
" هل تريدين احضار اشيائك الخاصة ك الملابس و غيرها؟."
" انا لا املك شيئا." اجبت اجابة فورية دون تفكير مسبق، عضضت شفتي السفلية وأحس بها تورمت من شدة العض، ليست لدي نية استعطافه لكنها الحقيقة، فعليا انا لا املك المال.
" قلت بانك ستفعلين ما أريد لانك لا تريدين المغادرة، لا تريدين العودة للوحدة فهل هذا صحيح؟." اجيب بايماءة.
" حسنا، موافق، يمكنك اخذ اي غرفة نوم في الطابق العلوي، لا احب الازعاج ولن اسمح بقدوم اي شخص غريب، هل تفهمين؟ اريد ثلاث وجبات يتم تحضيرها حسب طلبي،لا احب الجدال، ستفعلين ما امرك به فقط، الباقي يمكنك التكفل به." قال وبدا كانه في حاجة للمغادرة.
" توقف" هتفت.
"ماذا" ضاقت عينيه وحمل صوته العتاب.
" اسمك؟ انا لا اعرفه."
ظل يتأملني كانه لم يفهم، ابتسم اخيرا، لوهلة ظننت بان الشمس اخطأت واشرقت في وجهه بدلا من السماء.
" ويليام"



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس