عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-18, 12:22 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


6



المتوقع بعد تلك القبلة حدوث بعض الاثارة إلا أن ذلك انتهى سريعا وان كانت القبلة بدت لي بطول الأبدية وبمجرد أن تركني ترنحت وكدت أسقط لولا تمسكي بالاريكة، خبرتي القليلة لم تسعفني والصدمة علت وجهي، تمنيت لو لم يحمر وجهي في تلك اللحظة لكنه احمر، دق قلبي بعنف و تهالكت قدمي فور توجهه لمكتبه، قلت بصوتي المرتبك : هل هذا يعنني بأنني لم أطرد؟
لم يجب بل تركني في حيرة من أمري و بعد أن عبث بقلبي، وضعت يدي فوق صدري، تأملت باب مكتبه المغلق، لم يبدو عليه أي اثر للارتباك بل بدا طبيعيا جدا وكانه لم يقبلني للتو، الاحراج يقتلني و يضاعف ذلك الاحساس في داخلي، الالتواء المقلق في امعائي، السعادة الحمقاء تعبث في عقلي، لا استطيع الوقوف هكذا لفترة طويلة، احتاج للعمل وهذا ما فعلته، نظفت كل شيء ومسحت اتربة لا وجود لها وبالرغم من الاجهاد الذي احسست بعد مرور اربع ساعات من العمل المضني الا ان شفتي لازالت تنبعث منها الحرار وقلبي ينبض بسرعة و الحرارة المنبعثة من جسدي مستمرة.
توقفت للاعداد العشاء، الثلوج لم تتوقف.
" هل العشاء جاهز؟" عاد وشعره في فوضى، الكآبة ذاتها تعلو وجهه.
" نعم."
وضعت الاطباق فوق الطاولة المتصلة بالخزانة، ظللنا ناكل الباستا في صمت.
" انت كاتب، هل هذا صحيح؟" سالت.
" نعم." اجاب دون النظر الي.
" ما نوع الكتب الي تؤلفها؟".
" لم؟ هل تريدين قرأتها؟"
هززت راسي بالايجاب، لوهلة ظل يحدق في.
" يمكنك ايجاد بعض النسخ في المكتب." قال.
توقعت ان يطلب مني الحصول على الكتب من المكتبة لكن السماح لي بدخول عرينه خطوة مهمة.
" شكرا." حاولت الا ابدو سعيدة جدا لكنني تراجعت عن ذلك، لقد كنت حزينة لفترة طويلة لذا يجب ان استخدم لحظات السعادة جيدا.
احسست بنظراته، فضلت ان لا اراها، لازلت احس بالغرابة بعد القبلة.
انهينا الطعام، غسلت الاطباق واخذت كوبين من القهوة، طرقت الباب، استغرق فته للمكتب فترة، ظننت بانه غير رأيه ولم يعد يريد دخولي، لكنه فتح الباب في النهاية، بمجرد ان دخلت ابرهني عدد الكتب الموجودة التي بالرغم من ضخامة الخزانة لازال بعضها لا يجد مكانا وبعضها الاخر متراكم في كميات على الارض.
" لطالما احببت الكتب وقرأتها باستمرار في المكتبات العامة لكنني لم ارغب في جمعها في مكان واحد لانني ظننت بانه لا يجوز حبسها في مكان واحد." قلت هذا دون وعي مني ولم اعلم بانني قلته حتى قال " حقًا؟ "
فضلت ان لا اعلق على ما قاله، يمكنني ان اتفهم تعجبه، ليست القراءة الصفة المشتركة بين فتيات الليل لكنني لست فتاة ليل وهو لا يعلم بهذا فعلا.
بقيت اتصفح الكتب واحساسي بالسعادة يتضاعف، احب الكتب، احب ملمسها ورائحتها و النظر اليها.
التفت ناحيته، كان قد اتكئ على المكتب البني الضخم، يمتص دخان سيجارته " اين كتبك؟"
تقدم و اخرج لي عدة كتب، من كل كتب اكثر من نسخة، حجمها الهائل ملمسها، " هل يمكنني؟" لم احتاج لاكمال السوال كان قد وضعها بين يدي وقال : يمكنك القدوم و القراءة هنا متى ما شئتِ؟
" شكرًا، هذا من لطفك." قلت في صوت تعلوه الحماسة.
" متى بدأت في القراءة؟"
" منذ المرحلة الاعدادية، اعجبت باحد الكتب الذي كان يجب ان اكتب تقريرا عنه، توقعات عظيمة لتشارلز ديكنز وبعد ذلك وقعت في حب كتبه ومن ثم قرأت لكتاب اخرين، دوستويفسكي، ليو تولستوي، ستينفن كينق والعديد من الكتاب".
كنت اتصفح كتبه بدقة بينما اشرح له حبي للكتب، اظن بانني اردت ان يعجب بي لكنني احتجت للكلام ربما لانني لم احادث شخص لفترة طويلة منذ زمن.
" اعتذر هل ازعجتك؟ اظن بان سبب ثرثرتي نتيجة لعدم تحدثي مع شخص لفترة طويلة، الصمت حتى لو اعتدت عليه، بمجرد ان تبدا بالحديث حتى تنهال عليك الكلمات و تتدافع لفمك راغبة في الفرار من حصن الصمت المنيع." الاثارة في صوتي جعلته يبتسم ابتسامة طفيفة، اجاب " جيد. "
جلست على الارض، فتحت الكتاب الاولى، ضحايا العاصفة، انتقلت من سطر لآخر دون الشعور بالوقت، كنت غارقة في كلماته الجميلة فعليا، دراماته المؤلمة، تمتلئ عيني بالدموع احيانًا، امسحها بصعوبة، لا اريد ان ابدو عاطفية واخاف ان يظن بان هذا كله ادعاء.
بعد ذلك اليوم بقيت معه لفترات طويلة في المكتبة، يقرا هو احيانا و يكتب وانا اقرا كتبه التي لم تخلو من حزن، الوحدة المؤلمة، اليتم و الوداع، الفراق الطويل الذي لا ينتهي بلقاء، قرأت روايات الخمس في اسبوع، لم اشعر قط بهذا الثقل في صدري فوق قرأة كتاب، ربما لان كلماته العاطفية لامست قلبي، موهبته ادخلتني في حالة شبيهة بالادمان، ادكرت بمجرد الانتهاء من كتبه بالفراغ العاطفي الذي لن يمتلئ الا بالمزيد من الكتب له لذا اندفعت قائلة بعد اغلاق اخر صفحة من اخر رواية.
" الا يوجد المزيد؟" تجاهلت حالة الصدمة التي كان فيها.
"لا يوجد" اجابني بعد صمت استمر اطول من اللازم.
"لم؟" سالت، علمت بان سؤالي له خاطئ وان هذا ليس من شأني.
" لم اعد استطيع الكتابة." قال، اقتربت منه وقلت " لكنك تبقى امام اللابتوب لفترة طويلة."
" هذا ليس من شأنك." تجاوزت الحد، تراجعت للخلف، صوته الغاضب يرن في اذني، اعتذرت، غادرت دون اصدار صوت وقبل ان اخرج من المكتب قلت : موهبتك موجودة هي ك صوتك و يديك وعينيك، ليست شيء يزول بسهولة، متصلة بجسدك بشدة لدرجة ان ابعادها شبه مستحيل.
تركته بعد ذلك و قضيت يومي في التنظيف و الطبخ و مشاهدة التلفاز.
" موهبتي بترت، قطعت وازيلت من جسدي." قال تلك الكلمات بينما كنا نتناول العشاء، لا اظن بانني استطيع تفهم معنى عدم القدرة على الكتابة بالنسبة لشخص مثله والمحاولة يوميا، البقاء امام لاب توب دون ان يكتب حرفا واحدا، هذا هو العجز بعينه.لذا قلت وارجو من الله ان لا يغضب مني : لم تبتر، اصيبت، ضمرت بعض الشيء لانها لم تستخدم، موهبتك ك عضلة لم تستخدم منذ فترة طويلة، يحب تمرينها و تقويتها حتى يمكن استخدامها، لذا ارجو الا تستلم.
تأملت وجهه، اتساع عينيه حين سمع ما قلت، انزال عينيه على الطبق، بعد انتهاء العشاء ولحظة جمعي للاطباق قال : يمكنك القراءة في المكتب مجددا.
بعد ذلك عاد لمكتبه، راقبته وهو يصعد الدرج للاعلى، يفتح الباب، انتظرت ان يغلق الباب خلفه لكنه لم يفعل، ظل الباب مفتوحا لمكتبه، لمكان آخر ايضا ربما قد يكون قلبه.







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس