عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-18, 12:32 AM   #202

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


- هل سنظل هكذا دون كلام ؟ انفجرت الكلمات أخيرا من بين شفتيها .
أوشك لقاءهما الأول على الانتهاء و هو لم يفعل شيئا سوى الانتقال من فنجان قهوة إلى آخر و يفصل بينهم بالتطلع إلى هاتفه قليلا .
ثلاث فناجين من القهوة و نظرتين فقط ناحيتها .
- ما الذي تريدين التحدث عنه ؟ سألها بينما يتطلع إلى الوقت .
- الكثير من الأمور لكن على الأقل نبدأ بداية تقليدية تسألني مثلا ماذا درست و ماذا أعمل الآن ؟
- بما أنك سألت نفسك بنفسك فلتتفضلي بالإجابة و أنا من ناحيتي أؤكد لك أني سأستمع .

هزت كتفيها و هي تقول :
- أفضل أن تسألني أنت .

نظر إليها باستغراب و هو يتساءل : هل يعقل أن تكون تافهة و سطحية إلى هذا الحد ؟
و لم لا ؟
ماذا كان يتوقع من فتاة ثرية فارغة العقل و خالية من القيم .
تأملها قليلا بعينيه المتفحصتين ثم قال بهدوء :
- ماذا درست و ما هي وظيفتك الآن ؟

رفعت سبابتها و هي تقول بدم بارد :
- سؤال واحد في كل مرة لو سمحت .

تنهد بعمق ، يبدو له أنها هي من ستربيه في آخر الأمر .
قال ببطء متعمد :
- ما..ذا د..رس..ت ؟
- درست لغات و تخصصت في الفرنسية .

طبعا ، ماذا كان ليتوقع غير ذلك من بنت الذوات .
أسند قبضته تحت ذقنه و هو يتظاهر بالانتظار قبل أن يقول :
- هل أنتقل إلى السؤال الثاني ؟

أومأت برأسها فأضاف بنفس البطء :
- ماذا تعملين ؟
- معلمة أطفال .

رغما عنه رفع حاجبيه باستغراب ، بالفعل توقع أي شيء إلا هذه الوظيفة من أجلها .
- آمل فقط أنك لا تتعاملين مع الأطفال بنفس قاموسك اللغوي ، قال أخيرا .
- كلا طبعا ، أستطيع أن أكون لطيفة عندما أرغب بذلك ،
صمتت للحظات ثم أضافت دون أن ترفع نظرها إليه :
- لكن كلامي اللطيف لا يستحقه الجميع .

عاد الصمت ليكون جليسهما مرة أخرى قبل أن تقطعه هي لتسأله بصوت خفيض :
- ماذا عنك أنت ؟ محاسب و مدرب كرة قدم أليس مزيجا غريبا ؟
- الحياة فيها الأغرب .
- مثلا ؟
- مثلا : داعية دينية الصبح و راقصة بعد الظهر .

ابتسم تلقائيا أمام ضحكتها التي انطلقت رنانة رغما عنها . لدقائق ظلت تصمت قليلا ثم تعود لتضحك من جديد ، تمالكت نفسها أخيرا لتعود له باهتمامها :
- أنا آسفة ، كلماتك لمست وترا حساسا لدي فأنا أعاني و بشدة من الازدواجية التي نعيشها هذه الفترة .

فتحت فمها لتضيف شيئا ما ثم عادت لتغلقه بخيبة أمل و هي تشاهده يقف و يقول لها برسمية :
- تأخر الوقت ، لنذهب .
أوصلها إلى سيارتها و هو يتعمد المشي بخطوات سريعة حتى يقطع عليها أي حوار آخر مهما كان قصيرا .
راقبها تنطلق ثم عاد إلى حيث تربض سيارته و ملامحه متجهمة رغما عنه .
سؤالها لمس وترا حساسا داخله هو أيضا .
سألته كيف أصبح مدرب كرة قدم و هو في الأصل محاسب .
ما لا تعرفه و لن يخبرها به بالطبع هو أنه لم يكن أبدا في الأصل محاسبا .
حبه كان و مازال كرة القدم و كل ما يتعلق بها . هذا هو غرامه .
كان البطل الدائم في النادي المتوسط المستوى الذي انتمى إليه في طفولته و فيما بعد مع نمو موهبته بشكل فائق انتقل من ناد إلى ناد و جرب الحياة التي يتمتع بها المشاهير من الرياضيين قبل أن تجبره الحياة في أسوإ توقيت ممكن على التخلي عن كل شيء .
شقيقه الأكبر الذي كان الذراع الأيمن لوالده سافر في فرصة لا تأتي مرتين إلى بلد أخرى وهكذا أصبح المستقبل مرسوما بطريقة واحدة أمامه .
مدفوعا بنداء الواجب لم تعد لم يكن لديه اختيارات خاصة ، المحاسبة و فقط المحاسبة هي ما ستجعله يكون ذا جدوى لوالده .
ولفترة طويلة ظل حانقا ، يعيش فاقدا للاستمتاع بكل شيء ثم تعلم مع مرور الأيام أن يرضى و أن يحب ما يعمل .
و الصراحة تقال لم تكن الحياة بخيلة معه ، فبعد استقراره في وظيفته وجد وظيفة إضافية في أيام العطل و الإجازات كمدرب للفرق الشابة و اقتنع بأنه حتى لو حرم من مشاهدة حلمه يزدهر يستطيع على الأقل أن يكون جسرا تصل من خلاله أحلام هؤلاء الفتية إلى أرض الواقع و مع كل حلم يساهم في تحقيقه سيعيش هو حلمه في كل مرة .
و ربما كان هذا أفضل .
استرخت ملامحه ثانية عندما وصل بأفكاره إلى هذا الحد و استرخت أكثر عندما وصلته رسالتها : " لم نتفق متى سنتقابل مرة أخرى " .
أعاد الهاتف إلى مكانه بابتسامة .
بعض التجاهل بالتأكيد لن يقتلك و لكنه كفيل بأن يقتل بعضا من غرورك .


………………………………….


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس