عرض مشاركة واحدة
قديم 29-09-18, 07:14 PM   #357

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الثاني و العشرون و الأخير




بعد يومين من مكالمته الأخيرة لها صحى من نومه و هو يشعر بأعراض الانسحاب.
استهلك كامل مخزون غضبه في الشهريين الماضيين و بدأ يفتقدها .
و بدأ على مراحل يعترف أمام نفسه بأن غضبه لم يكن قائما على أسس منطقية.
و يوما من بُعدِها عنه بعد يوم ، كانت أعراض الانسحاب تتفاقم بشدة ليكتشف أنه أدمنها تماما ،
أدمن حتى أعماقه وجودها في حياته .
حفرت تفاصيلها داخله و داخل أيامه ثم رحلت لتترك كل شيء حوله يتحدث عنها .
كل صباح يلتفت آليا إلى وسادتها الخالية من وجهها النائم و من شعرها المبعثر حوله و يتجهم للذكرى .
كل مساء عندما يعود يرغم يديه الرافضتين على نزع ربطة عنقه بعد أن أصبح هذا الأمر من بين مهام أخرى كلفت نفسها بها منذ أن أصبحت تنتمي له.
عند كل غذاء أو عشاء ، يجلس ليبتلع طعامه في صمت و وجوم و هو يكاد يتخيل رؤيتها تضحك ، يتذكر كيف كانت تغص أحيانا باللقمة في فمها ، يتذكر خوفه عليها في كل مرة و نظرة العرفان و الاعتذار في عينيها ثم عودتها للضحك بعد قليل كأنه لم يحصل أي شيء .
يفتقد للإتيكيت الجديد في الأكل الذي فرضته عليه هو و ابنته بكل دكتاتورية .
- لا داعي للشوكة و السكين في كل وقت و حين يا باشا
- تريدين مني أن أعود قرونا إلى الوراء و آكل بيدي
- كلا حبيبي أريد منك فقط أن تعود في الثالثة و تأكل من يدي أنا

يذكر كيف أطاعها مرغما في البداية و لكن تلقائيتها و دفئها جعلاه يكتشف أن حتى لحظات الأكل تستطيع أن تكون متعة صافية .
يذكر كيف شعر بأنه أسعد ألف مرة من أي سلطان يتوسط جميع حريمه عندما كانت هي و ميْ تتنافسان على اختيار أكبر حبات العنب من أجله ثم تتسابقان على إطعامها له بأصابعهما الرقيقة.
حتى أثناء عمله لم تكن تتركه في سلام ، لا يكاد يمر يوم دون أن ترسل إليه رسالة ما ، فيها حكاية غريبة سمعتها ، خبر حصري عن أحد معارفها الذين لا يعرفهم أو نكتة سمعتها و أضحكتها .
إلى هذه الدرجة كانت كريمة معه ، كانت تريد أن تشاركه حتى ضحكاتها التي ضحكتها و هي بعيدة عنه .
و هو كيف تصرف معها ؟
كأي رجل متخلف ، غبي و جاهل : تغضب منه أمه ، يتذكر أشياء مريرة من الماضي ثم يعود ليصب كل ذلك على رأسها ، هي تخصه بضحكاتها و هو يخصها بمرارته ، إحباطه و غضبه
و شكوكه ،
الشكوك التي ولدتها حياته مع كاميليا ، ثقته الشبه مطلقة في أنه عجز عن الوصول إلى قلبها رغم كل ما قدمه لها .
و لكن ليلى مختلفة ، يعرف ذلك يقينا و مع ذلك عاقبها على ما لم تفعله و ما لن تفعله .
و عاقب نفسه من خلالها على عدم تمكنه من السيطرة على نفسه و مشاعره معها ، على انجرافه نحوها و على شعوره بتلاشي جميع دفاعاته القديمة يوما بعد يوم أمام دفء و دَفْق و عمق مشاعرها نحوه .
مشاعر نجح أخيرا في حرمان نفسه منها .
- ارتحت الآن يا غبي ، تمتم لنفسه و هو يستلقي على الفراش الفارغ منها ، في ظلام غرفته الساكن من صوت أنفاسها .

عندما سمحت له عجرفته أن يتنازل أخيرا و يتصل بها كان الأوان قد فات ، في البداية تجاهلت جميع اتصالاته ثم أغلقت هاتفها إلى أجل غير مْسَمَّى.
انتظرها أمام عملها في مختلف الأوقات لكنها لم تظهر و تأكد أنها أخذت إجازة إلى أجل غير معلوم .
حتى الرقم الذي كانت تتصل به على مي اتضح له و هو يعيد الاتصال به أنه رقم أختها الصغرى.
مرات عديدة وجد نفسه يتصرف كالمراهقين و يطلب من ابنته تشغيل مكبر الصوت حتى يستطيع على الأقل سماع صوتها .
لكنه لم يكن صوتها ، كان يحمل نفس الخامة ، نفس النعومة لكن ليس نفس الروح ،
ما الذي فعلته ببنت الناس ، فكر و هو يستمع إليها تفتعل الحماس و تحاول أن تكون تلقائية
يذكر كيف أخذ الهاتف فجأة من يدي ابنته في مرة من تلك المرات و ناداها :
- ليلى

يذكر كيف سمع صوت تنفسها المتسارع ثم الصمت
لم تغلق المكالمة لكنه عرف من صوت خطواتها أنها تركت الهاتف و ابتعدت.
شخصيته القديمة كانت لتغضب من ذلك التصرف ، من تعمدها تجاهله و لكن الرجل الجديد الذي يشعر به في داخله لم يغضب من أجله ، غضب من أجلها.
و الآن يجد نفسه في موقف لم يجد نفسه فيه أبدا من قبل .
يريدها أن تعود إليه و مع ذلك هو محرج أن يتصل بأبيها بعد ما قاله لها في مكالمته الأخيرة .
يخشى أن يذهب بنفسه لاسترجاعها و يجدها متمسكة بموقفها السابق و هو في وضعه النفسي الحالي لا يستطيع تحمل رفض آخر.
يعرف نفسه ، سينطق بكلمة ما ، يقوم بتصرف ما و سيزيد الأمور تعقيدا.
لذلك يحتاج أن يختلي بنفسه قليلا و في مكان آخر غير هذا البيت الذي كل شبر فيه يذكره بها .
رن الجرس و ألقى نظرة أخيرة على الملف قبل أن يضغط على زر الإرسال .
- تفضلي ، قال عندما سمع الطرقات .
سيدة سناء ، بادرها و هو يرفع عينيه إليها ، سأغادر البيت لمدة يومين لذلك أريد منكم أن تأخذوا إجازة
- أمرك سيد ماهر
وضع جهازه داخل الحقيبة السوداء و تناول هاتفه من فوق سطح المكتب ليجدها مازالت واقفة مكانها.
رفع حاجبيه مستفهما .
- سيد ماهر ، حضرتك تعرف أني قريبا سأتقاعد و ....
راقب ترددها باستغراب في البداية ثم بنفاذ صبر عندما طال صمتها.
- سيدة سناء لو تحتاجين تسوية من أي نوع فأنا لن أغيب طويلا ، سنتناقش في الأمر عندما أعود.
- كلا يا سيد ماهر ، الموضوع و ما فيه أني….
رآها تسترجع هيئتها العادية و تقول بنبرتها الجامدة
- أنا لا أعرف ما الذي قالته السيدة ليلى للسيدة ثريا آخر مرة تقابلا فيها لكنه لم يكن خطؤها ، الآنسة شاهيندا استفزتها
كانت تتصرف كأنها ستصبح سيدة البيت حتى أنها كانت تقول بأنها ستأمر باقتلاع المدفأة من مكانها .
و أنا ضميري لا يسمح لي أن أخفي عنك ما حصل أكثر من هذا

" كنت انتظرت قرنا آخر يا سيدة سناء " ، فكر بمرارة قبل أن يشكرها بهدوء و ينصرف.

…………………….


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس