عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-18, 02:39 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

-
-
-

من دياجير الظلام ينشق الفجر ومن غياهب اليأس ينبثق الأمل ..
ومن فرط الألم تتشكّل العزيمة ويُخلَقُ الصبر ..
ومن رحِم المُعاناة يولد الرِجال ..
ومن تجارب الوآقع تُروى القِصص ..


أما قبل:

أنتم بصدد الدخول تحت جُنُح العوالم الخفيّة حيثُ لا أهميّة للزمان ولا جدوى من ذكر المكان ..
إنكم أمام قصّة خيالية جديرة بأن تُروى ..
قصّة حدثت وراء القُضبان حيث تقبع الأرواح حبيسة والأحلام مسفوحة ..

ولأنها قصّة ذات طابع ذكوريّ فقد كان جليًا أنه من الإنصاف أن تُنسب لهم .. وتتسمّى بهم ..
رِجالُ الدينْ .. منهم .. وإليهم .. كُل شيئٍ يعود







أما بعد:

خلف قُضبان بوابة القصر الذي لم يكن يومًا سجنًا لي ..
لطالما تساءلت عن جدوى ما اقوم به لأجعل هذه القضبان بين يديّ حديدًا لينًا يتشكّل , أطوّعه كيفما شئت وكيفما اتفقْ .. لأجعلها بوّابة مفتوحة المصراعين على الدُنيا لآ تنغلقْ ..

لم أكن يومُا على سجيتي وأنا التي أسماني أبي "سجايا" , لكم كنت ذليلة أمام ذنوبي في الخفاء أتصنّع الشموخَ والكِبرَ في رياء .

حباني الله بوافرٍ من الجمال والفِتنه , كنت آية من آيات الحُسن , لستُ سيدة القصر الأولى ولكن لجدارتي التي منحتها لنفسي عنوة استحققت هذه المكانة تقديرًا وإن لم أكن محظية بها كالسيدة الأولى التي هي أم لإثنين من الذكور وفتاه .

ولمّا اقتضى العُرف لفاروق شرف الدين أن يُطلّق امرأته إذا ما حملت بأحشاؤها يومًا من قدّر الله لها بأن تمتلك أعضاءًا أنثويّة في تكوينها وليس قضيبًا ذكوريًا , كان هذا هو حال الكثير من نسائِه بعد إنجابهن لأول فتاة إلا السيدة الأولى .
فـ بعد "صلاح الدين" و "عزّ الدين" تفتحّت عينآ "سحاب" وهي ابنة لأم لم تُطلّق بسبب خطيئة انجابها لها والسبب يعود بديهيًا كونها أوّل زوجاته وأوّل أمّ لأبناءه .

إن "فاروق" رجلٌ يجد عنفوان رجولته بأن يتمادى في اثبات هذه الرجولة من خلال ازدياد وتكاثر أبناءه الذكور الذين وصل عددهم لإثنا عشـر , أنا أم لـ أربعة منهم .

إن ماستحققته من جدارة كان لأني استطعت أن أحمل بأحشائي بدلاً من الذكر الواحد اثنان , فشاء الله وقدّر لأوّل حمل ووضعٍ لي أن يكونا التوأمان "صفيّ الدين وتقيّ " يالشدّة وسامتهما , وهو ماتوارثاه من فاروق أباهما ومِنّي , حالهما حال بقيّة اخوتهم , فـ في قانون فاروق للزواج شروط لم يخِلّ بها يومًا أو يحيد عنها , أن تكون امرأته ذات جمال باذخ وأصل عريق .

كانت القبائل تتصارع حتى تنال مكانة شرفيّة رفيعة بدفع الفاتنات من نسائهم إلى الزواج من شرف الدين أو أحد أبناؤه الأربع , وكان فاروق هو أكبر هؤلاء الأربع .

كنت محظوظة إذ أني أنحدر من نسبٍ شريف ذا صِيت جَلِل وأسرة ذات شأنٍ ومكانة مرموقة وأسمٌ أصيل له ألَقُ مُشِّعٌ لامع .
تزوجت فاروق بطلب منه أعزّ به شأني , ولذلك تفضلّت على غيري من زوجاته اللآتي تم دفعهن عليه دفعًا لينال منهن وطره حتى اذا مانقضى وماعاد له بهن حاجة عادت لذويها من حيث أتت وهي أمًا لفتاه أو أمًا لصبيّ ومن بعده فتاه !

حملي في المرّة الثانية من بعد صفيّ الدين وتقيّ تم اجهاضه , وحين أقول أنه قد تمّ اجهاضه فبالتأكيد أنا أُشير إلى أنّه قد تمّ بفعل فاعل غير أن تكون مشيئة الله .
في تلك الأثناء كنت متزامنة بالحملِ مع الزوجة الثانية لفاروق من بعد عدد لابأس به وكنت أنا الزوجة الثالثة , أما الرابعة فقد تمّ تبديلها بعددٍ من الزوجاتِ لم أعد أتذكره .

وقتما اجهضت ابنتي وهي في شهرها الرابع .. نعم .. كانت فتاة ولم يعلم بجنسها أحد غيري , كانت الزوجة الثانية تحمل بإبنها الثالث من بعد توأم من الذكور تمامًا كـ صفيّ وتقيّ .. كانا "بهاء الدين" و"ضياء" .
ولذلك كان لي مثل مكانتها المقدسة لدى فاروق كوننا قد اهديناه رجلين في حملٍ واحد , ارتفعت هي شأنًا بعينه وقتما وضعت رجلها الثالث وأسمته "زين الدين" , وقتها علِمتُ بأني أحمل وللمرّة الثانية توأمان , لربما بدا جليّا الأن كيف استحققت مكانتي المُثلى لدى فاروق ولدى والده شرف الدين كذلك , فـ للمرّة الثانيه كنت أمًا لـ "شمس الدين " و "بدر" , كانا مُختلفين , فريدين , صارخيّ الجمال باذخيّ الوسامة حالهما حال أشقائهم صفيّ وتقيّ إلا أنهما كانا مُغايرينِ في نظري , تفردآ بـ كلّ عاطفتي , كانا يميني ويساري , شمسي وقمري حين اكتماله ليكون بدرًا .
آهـ يابـدر الدين , ياضوءًا ساطعًا وسط عتمة قلبي .

لطالما كانت لي نزعة ساديّة في تطويعه على هواي حتى أورثتة بؤسًا يعاند الزوال مهما تقادمت الأيام والسنون فأحسست كما قال عرار:
ولمحتُ في مرآة بؤسك صورتي
وقرأت فوق اطارها عنواني

كم من الآثام تبوأت أنا وكم من الآلام تحمّل هو , رأيتُه يتعذّب وسمِعتُه يصرخ وتفكرت بإلحاحٍ عن جدوى ما أقوم به وتساءلت أكان لِزامًا عليّ أن أفعل مافعلت فما ألبث إلا وأهتف في سِريّ مُتصبرة ومُتكبرّة أن نعم , فما كنت لأدع محض مشاعر عارضة أو عوارض زائلة أن تعيق طريقي بعد كل ماقدمّت من قرابين ووهبتُ نذورًا وبذلت تضحيّات , ماكان لأي عقبة أن تقف في الطريق وأنا التي كنت أعاجل العراقيل بالتماهي معها فتساءلت بأنانيّة مُطلقة وانعدام انسانيّة بعدما قد طوعته وروّضت نفسه وذللت مِراسه لم لآيتماهى معها بـدر , لِمَ لم يقوى ولم يستطِع !

في قاعِ الظُلُماتِ الباردة , ارتكبت من الآثام مايكفي لأن أحتل مكانًا قصيّا في غياهب الجحيم المستعر .

الواحد والثلاثون من آذار ..

الربيعُ يتفتّحُ في الأرض ويُزهِرُ في قلبي .
والنسيم يغزو روحي والدفئ بين جوانحي .

كنت متزنة , متزنة جدًا حتى أدركت ماهو موشك على الحدوث من ورقة قد تُركت فوق وسادتي , خُطّت بيدِ صغيري "بـدر" أتممتها قراءة وشعرتُ كأن سكينًا من الفجع قد انغرز في ظهري حتى ثقب قلبي , أحسست بالهواءِ في صدري , إن بدر قطعة من كبدي , المُضغة التي إن تألمت تداعى لها سائر جسدي , أدركت مؤخرًا أن كل ماكابدته أنا واستطعت بعزمٍ وجهدٍ وتجلّد احتماله لم يقوى هو على كتمانه , إنها الأقدار التي تمضي على غير إختيار .

لحظة كهذه لآيمكنني تخيلّها , وفقدٌ كهذا لايمكنني احتماله .. ليس بعد كل ماتشاركناه معًا وكل ماقتسمناه سويًا .

انها قبّة القصـر , حيث من فوقها تنتهـي الحيـاه .

يا الله , ياكفاية قلبي .. إني أرجوك المقدرة .. فلتشهد أني حاولت .. ولم أستطع .



-
-
-


لامارا غير متواجد حالياً