عرض مشاركة واحدة
قديم 06-10-18, 03:26 PM   #354

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الثالث عشر




بعد أيام تمددت شاهيندا بكسل على الأريكة الناعمة في شرفة حديقة فيلتهم و هي تحاول بشدة ألا يتجاوز تفكيرها صفحات مجلات الموضة التي تتصفحها منذ ساعة .
سمعت صوت خطوات متمهلة فرفعت نظراتها لتقابل وجه أبيها الرائق .
- سمعت من ماما أن حبيبة بابا مستاءة ، بادرها مبتسما بعد أن طبع على خدها قبلته الصباحية المعتادة .
- أنا بخير الآن يا بابا
- إذن لماذا الجميل يعبس ؟

جاهدت لترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تقبله بدورها و هي تقول بخفة :
- ها قد أصلحت الأمر .

عبث بشعرها قليلا ثم هز رأسه بعدم اقتناع :
- كلا ما زلت أشعر بأننا نحتاج إلى تسوية

حك ذقنه المربعة الحليقة ثم أضاف و هو يتأملها مضيقا عينيه :
- ماما أخبرتني أن مزاجك انقلب بعد أن سمعت بأن ابن ثريا أهدى يختا لزوجته .

هزت كتفيها باستخفاف و فتحت فمها تحاول أن تنفي لكن أبوها واصل بنبرة خفيضة :
- ما دام بابا موجودا فلن يقدر لا ابن ثريا و لا غيره على تعكير مزاج حبيبتي أبدا.

اعتدل واقفا و أضاف بصوت أعلى و هو يغمز لها :
- يجب على القمر أن يجهز نفسه حالا لأن بابا حضر له مفاجأة .
.
..
...
بعد ساعات ، وقفت شاهيندا بفستانها الصيفي المقلم بالأزرق و الأبيض في مقدمة يخت والدها تقبض بأصابعها على السياج المعدني و هي ترفع وجهها للريح بابتسامة مسترخية .
هذا بالضبط ما كانت تحتاجه ، فكرت بارتياح ، لكي تنسى الوهم الكبير الذي غرقت فيه مؤخرا .
و لكي تتذكر أن هذه هي حياتها .
هذا هو عالمها الذي لا تستطيع الاستغناء عنه .
الآن تشعر بذلك العصام بعيدا جدا ، تشعر بأنه قد عاد إلى حجمه و مكانه الطبيعي يقبع في زاوية صغيرة مظلمة من أفكارها .
" نعم " ، أكدت لنفسها و هي تهب الريح ابتسامة أخرى ، " أنا تقريبا نسيته تماما الآن . "
و لتثبت لنفسها الأمر أكثر ، قضت وقتا طويلا تلتقط لنفسها صورا شخصية و تقوم بنشرها .
عبست دون أن تشعر و هي تلاحظ أنه غير متواجد في الشبكة لكي يرى صورها .
لا بأس ، سيراها عاجلا أم آجلا و سيشعر بالقهر أليس كذلك ؟ تساءلت بداخلها.
طبعا سيشعر بالقهر ، جاءتها الإجابة بسرعة ، و سيظل لمدة طويلة يبكي خيبته وحيدا بعد أن جعلته يعيش قليلا في وهم إعجابها به .
وهم ، لم يكن سوى وهما .
- الجميل مازال عابسا ؟ سمعت صوت والدها قريبا جدا منها فالتفتت بدهشة و هي لا تعرف كيف وصل بجانبها دون أن تراه .

فتحت شفتيها لكنه سبقها و أجاب عنها :
- لا تشرحي شيئا ، أنا أعرف السبب .
أنت تشعرين بالجوع أكيد لكن لا تقلقي بابا حرص على أن يكون كل شيء مثاليا اليوم .
ربع ساعة و نرسو عند أفضل مطعم ساحلي .
- شكرا بابا ، همست بصدق و هي تستند على كتفه .

أشار إلى خده فطبعت قبلة رقيقة عليه و هي تشعر بدفء في قلبها افتقدته منذ زمن بعيد .
هذا هو المكان المثالي الذي يجب أن تتواجد مع أبيها فيه حتى تنعم به و بقربه دون منغصات ،
عرض البحر
حيث لا نساء يسرقن اهتمامه منها .

…………………..

في الغد أفاقت من نومها لتجد نفسها تتخذ قرارا مفاجئا ،
اليوم بعد انقطاع أكثر من أسبوع ستذهب إلى النادي ، لا لتقابل مهى بل لتراه هو ، لتثبت لنفسها أنه فعلا أصبح لا يعني لها شيئا .
رحلتها مع أبيها بالأمس كانت جرعة مفيدة أعادتها إلى الواقع و رؤيته اليوم ستكون الجرعة التي ستشفيها تماما من التفكير فيه .
تناولت إفطارها بسرعة ثم سارت تكاد تجري إلى غرفتها لتجهز نفسها قبل أن يطير مزيد من الوقت .
فتحت جميع أبواب دولابها و تراجعت إلى الخلف تتأمل الملابس المعلقة بعين حائرة و أخيرا بعد شد و جذب مع نفسها مدت يدا مترددة تتناول فستانها السماوي ذي القصة البسيطة ، نفس الفستان الذي ارتدته في ذلك اللقاء بينهما عندما رأت نظرة الرغبة الوحيدة اليتيمة في عينيه .
نظرة لم تشاهدها بعد ذلك أبدا .
لماذا هذا الفستان ؟ تساءلت حائرة في أمرها ،
لأنها تريده أن يتذكر شعوره نحوها تلك المرة و يشعر بمزيد من القهر و هو يراها بعيدة جدا عن يديه .
فتحت الدرج في يمين تسريحتها و اختارت رباطا سماويا ثم اعتدلت واقفة و هي تجمع شعرها في شكل ذيل حصان و تحرص أن تترك تلك الخصلة الشاردة التي تعرف جيدا تأثيرها على الرجال .
بعد ساعتين تقريبا كانت في النادي تتلفت بحيرة أمام سور الملعب الشاسع تبحث عنه و لا تجده ، نظرت إلى ساعتها مرة أخرى تتأكد من الوقت ، تأخرت لا تنكر و لكنه متعود دائما أن يبقى مع تلاميذه بعد انتهاء التدريب.
نظرت بخيبة إلى فستانها ، حذاءها و أظافرها التي قضت أكثر من نصف ساعة في تقليمها و تزيينها .
تأففت ثم توجهت بخطى بطيئة إلى الكافتيريا .
جالت بنظراتها في الأنحاء و هي لا تدري لم بدا المكان خاليا جدا رغم أنه يعج بالبشر من كل نوع و شكل .
حاولت أن تشغل نفسها بتحليل النفسيات التي تختفي وراء ملامح الجالسين حولها كما تفعل عادة لكنها عجزت تماما عن تركيز ذهنها .
- آنسة هل تشربين شيئا ؟ قاطع النادل الشاب سير أفكارها .

وجهت له نظرة مسمومة ثم قالت ببطء من بين أسنانها :
- منذ دقيقتين جاءني زميلك و سألني نفس السؤال و قلت له أني عندما أحتاج شيئا سأنادي عليكم .
و الآن انقلع من أمامي و إن أتاني أحدكم ثانية يسألني ماذا أشرب سأشرب من دمه .

حدق بها الشاب بذهول مصدوم للحظات ثم انصرف بسرعة من أمامها .
- مجنونة ، سمعتها بوضوح بينما ظهره يبتعد عن نظراتها التي كادت تخترقه .

زفرت بعنف ثم اختطفت حقيبتها و غادرت لتتوجه إلى الملعب مرة أخرى .
- ربما يكون .. ، بدأت تتمتم لنفسها قبل أن تتوقف فجأة و هي تراه في طريقه إلى الكافتيريا .

توقف كل ش
يء حولها و هي تراه يتوقف قليلا لتلحق به ...
مهى !!
تفاقم إحساسها بالانعزال عن العالم و هي تراهما يغرقان في وصلة حديث مطول .
أغلبه من طرف مهى بالطبع و لكنه هو لم يبدو عليه أنه يمانع ،
على العكس تماما ، رأت ابتسامته تزداد اتساعا و دفئا بينما مهى تقترب منه و تريه شيئا ما في هاتفها .
ابتسامته تزداد اتساعا و الهوة بينها و بين ابنة خالتها تزداد بدورها اتساعا خاصة و هي تلاحظ مدى انسجامهما مع بعضهما البعض شكلا و موضوعا .
لكنها لا تهتم ، أليس كذلك ؟ أقنعت نفسها و هي ترغم ساقيها على التحرك لتبدأ بالاقتراب منهما و هي تتصنع الثقة .
ما إن شاهداها حتى استقبلتها مهى بابتسامة مرحبة بينما أجاب عصام تحيتها ببرود و انصرف فورا دون أن ينظر إليها.
ضاعت كلمات مهى لها في زحام مشاعرها بينما وقفت تتابعه بعينيها بشحوب .
- شاهيندا ، أعادها الاستنكار في صوت مهى إلى الواقع بقوة .
ما سر كل هذا الشرود ؟
في الحقيقة حالك لا يعجبني هذه المدة الأخيرة ، أضافت باهتمام صادق ، تبدين كأنك ..
- كأني ماذا ؟
ضيقت مهى عينيها تبحث عن الكلمة المناسبة قبل أن تقول بهدوء :
- تبدين كأنك تائهة .

تائهة ؟ وصف يبدو جيدا لما تشعر به بالفعل .
تائهة و حائرة في فهم نفسها ، في معرفة السبب وراء البركان الثائر بداخلها .
فلطالما كانت تظن نفسها باردة ، قلبها و مشاعرها محفوظان داخل ثلاجة و كانت لا تمانع ، لا تمانع أبدا.
بالعكس كان ذلك البرود يناسبها تماما .
فحسب رأيها كلما كان الإنسان جامدا و غير متفاعل كلما صعب جرحه و صعب اقتحامه .
- تعالي لنجلس قليلا ، أعادتها مهى مرة أخرى إلى الواقع و هي تجذبها من ذراعها باتجاه الكافتيريا .
سأريك الصور التي كنت أريها لتوي لعصام .

تحفزت بفضول رغما عنها لدى سماعها لاسمه و انحنت برأسها على هاتف ابنة خالتها .
- كامي الصغيرة ، قالت مهى بفخر و طرف إصبعها ينزلق على الشاشة الناعمة لتتابع الصور ببطء تحت أنظار شاهيندا .

نظرت إلى وجه الطفلة الجميل بعدم تركيز و هي تشعر بمرارة غريبة ، نسيت تماما هذا الموضوع عنه و عن مهى .
بينهما طفلان هو خالهما و هي عمتهما .
الخال و العمة .
تنهدت بعمق و هي تواصل المشاهدة بصمت .
.
..



نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس