عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-18, 04:29 PM   #493

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الخامس عشر





" ادعوا الله من أجل الكابتن عصام . "
ادعوا للكابتن عصام ، قرأت الجملة للمرة الخامسة .
ادعوا له بماذا ، بماذا ؟
كلا يا رب كلا ، كلا .
تتابعت التعليقات أمام عينيها المتسعتين و الكلمات تحمل طلاسم جديدة لها في كل حرف .
رصاصة ،
ادعوا له ،
بين الحياة و الموت
موت ؟
من هذا الذي سيموت ؟
تركت المنشور المشؤوم و نقرت بإصبعها بعنف على لائحة الاتصالات ، بعد رنتين موجزتين فتحت عليها دون أن تتكلم .
- مهى ، قطعت هي الصمت بصوت مرتجف ، عصام ؟؟

سمعت صوت بكائها الواهن بوضوح قبل أن تجيبها بضعف :
- حالته حرجة يا شاهي ، حرجة جدا .
- حرجة كيف ، كان بخير آخر مرة رأيته فيها ، ما الذي حصل يا مهى ؟ سألت بجمود .
- تم إطلاق النار عليه خطأ في كمين بسبب تشابه سيارته مع سيارة ..
- و متى سيغادر المستشفى ؟ سألت تقاطعها بسرعة ، لا تريد معرفة المزيد من التفاصيل ، التفاصيل تجعل الموضوع يزداد واقعية .
- شاهيندا أخبرتك أن حالته حرجة ، هو الآن بين ال....

قاطعتها مرة أخرى و هي تقول بنفس الجمود :
- مهى أخبريني أنه لن يموت ، هيا قوليها مهى ، قولي أن عصام لن يموت .
- أتمنى يا شاهي لكني لا أعرف ، لا أعرف
- مهى ، أمرتها هذه المرة بصوت أعلى ، قولي لي أن عصام لن يموت .
- لا أعرف ، هو طيب جدا و الطيبون دائما يغادروننا مبكرا مثل وحيد ابن خالي..
- مهىىىىىىى ، قاطعتها و هي تصيح فيها بجنون ، قولي لي أن عصام لن يموت

سمعت ابنة خالتها تشهق بقوة قبل أن تقول باضطراب :
- شاهيندا ما الذي يحصل لك ؟
- قولي لي فقط أنه لن يموت ، أرجوك مهى ، أرجوك
أرجوك ، أرجوك
- لن يموت حبيبتي ، قالت مهى أخيرا بصوت أكثر تماسكا ، بإذن الله لن يموت
- لن يموت ؟ تساءلت شاهيندا بصوت طفولي
- كلا حبيبتي ، الكل يدعو من أجله ، اطمئني لن يموت

تراخت أصابع شاهيندا ليسقط الهاتف من يدها بينما كورت جسدها الهامد في زاوية الفراش و هي تهمس بصوت ضعيف :
- أرجوك لا تمت ، أرجوك يا عصام لا تتركني ، لا تمت ، من فضلك
الناس يحتاجونك ، العالم يحتاجك ، يحتاج من هو مثلك ، أنت إنسان جميل ، متوازن ، لذلك من فضلك ، من فضلك ، ابق حيا .
أنا من يجب عليها أن تموت ، أنا مشوهة من الداخل ، مؤذية و فارغة فارغة جدا و بدونك سأزداد فراغا
من فضلك يا عصام ، لا تمت .
كيف تجرأ تلك الرصاصة القذرة أصلا أن تغرس في صدر كصدرك .
أتعرف ما الذي سأفعله ، سأطلب منهم أن يخرجوها من صدرك و يزرعوها داخل صدر أي ابن كلب من الذين يملؤون البلد .
أو أطلب منهم أن يزرعوها في قلبي أنا لو كان هذا ما يتطلبه الأمر لتعيش .
عصام من فضلك ، من فضلك لا تمت .

……………………


يومان مرا ، شعر بنفسه خلالهما يدخل و يخرج من ضباب الوهم إلى الواقع ثم العكس .
تململ رأسه على الوسادة البيضاء ، عيناه مغمضتان و هو يتذكر ذلك الشعور الذي داهمه حين اخترقت الرصاصة ظهر الكرسي و بعده طبقات جلده و لحمه و عضلاته .
في البداية شعر بضربة شديدة على ظهره ثم بشيء حاد يمزق جسده قرب قلبه ، يذكر جيدا كيف ارتد بعنف فوق كرسيه ثم شهق يبحث عن هواء بدا كأنه اختفى فجأة من حوله .
" يا رب " ، كانت تلك أول و آخر كلمة استطاع النطق بها قبل أن ينتهي كل شيء أو هكذا ظن في تلك اللحظة .
فتح عينيه ببطء و هو يسمع حركة خفيفة بجواره ليجدها جالسة على الأريكة المقابلة لسريره تتطلع إليه بنظرة كلها قلق و لهفة .
ظل ينظر إليها طويلا حتى رآها تخرج من جمودها و تقف لتقترب منه ، حينها عادت عيناه لتغمضا رغما عنه .
- كم الساعة الآن ؟ سألها بصعوبة عندما فتح عينيه مرة أخرى .
- السادسة ، قالت بصوت خافت ، صباحا أضافت بسرعة و هي تلاحظ انسدال أهدابه مرة أخرى لتعلق كلمتها الأخيرة في الحاجز الفاصل بين يقظته و نومه .

حين فتح عينيه مرة أخرى كانت أخته سلوى هي الجالسة على الأريكة تتكلم في الهاتف بصوت خافت .
- سأكلمك بعد قليل ، سمعها تقول بسرعة عندما لاحظت استيقاظه قبل أن تتجه نحوه و هي تهمس :
عصام حبيبي الحمد لله على سلامتك

تمتم يشكرها بصوت منخفض و عيناه تجولان في المكان يبحث عما يؤكد له أن الأخرى لم تكن سوى حلم زاره و مضى .
- لا يوجد غيري حبيبي ، سمع أخته سلوى تجيب سؤاله الباطن بحنان ، أنا أول القادمين ، سأظل معك قليلا قبل أن أنصرف إلى عملي .
- ثم ستأتي ليلى و فرح ثم سامح ...

أغمض عصام عينيه و شبح ابتسامة يطفو فوق شفتيه .
ترى من اقترح عليهم أن أفضل زائر صباحي هو أخته سلوى بثرثرتها التي لا تنتهي .
شعر بها تنحني عليه بينما وصله صوتها فيه لمحة قلق واضحة :
- عصام هل مازلت تتألم ؟ هز رأسه نافيا ليسمعها تضيف :
اسمعني حبيبي ماما تريد أن تأتي لزيارتك و على فكرة نحن لم نخبرها بحقيقة إصابتك ، قلنا أنك تعرضت إلى حادث مروري بسيط و هي تكاد تجن من القلق عليك .

هز رأسه بصمت في إشارة إلى موافقته فانحنت أكثر لتقبله من جبينه بدفء و هي تهمس بصوت اختنق بدموعها :
- الحمد لله على سلامتك أخي ، لا أتصور كيف كانت حياتنا لتكون دون وجودك بيننا .
الحمد لله ، الحمد لله

بصعوبة رفع يده اليمنى يربت على ظهرها بلطف بينما تعالت شهقاتها تكسر صمت الغرفة .
طوال الساعات التالية ، لم يدر عصام أيهم أكثر تشتيتا لذهنه ، جرعات المسكن القوية التي يحقنونه بها كل بضع ساعات أم كثرة الوجوه التي ظلت تطل على وجهه من حين لآخر .
في صباح اليوم الرابع شعر بأنه استعاد ثلاثة أرباع تركيزه ، ضغط الزر بجانب سريره ليأتي الممرض الكهل في غضون دقائق .
- صباح الخير ، كيف تشعر اليوم يا بطل ؟
- الحمد لله ، أجابه بصوت ذي نبرات متراخية
من فضلك ضع السرير في وضعية الجلوس .
- حاضر ، قال الرجل الآخر و هو ينفذ طلبه فورا .
شيء آخر يا بطل ؟ نوبتي ستنتهي بعد ربع ساعة .

جاهد عصام كي يرسم ابتسامة و هو يومئ برأسه نافيا للرجل الذي بادله الابتسام ثم غادر بنشاط .


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس