الموضوع
:
خانني من أجلك(2) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة بين قلبي و عقلي
عرض مشاركة واحدة
14-10-18, 04:38 PM
#
494
نغم
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
?
العضوٌ???
»
394926
?
التسِجيلٌ
»
Mar 2017
?
مشَارَ?اتْي
»
2,980
?
الًجنِس
»
?
دولتي
»
?
نُقآطِيْ
»
¬»
تأمل قليلا جدران الغرفة التي تحاصر ليس فقط جسمه بل روحه و عنفوانه ثم أغمض عينيه بسرعة يهرب إلى خيال ربما يكون أكثر سعة من سجنه الحاضر .
- عصام ، فتح عينيه بسرعة و هو يسمع همسها المتردد باسمه .
لثوان أو لدقائق ، لا يدري بات عاجزا عن الحساب ، ظل ينظر إليها دون كلام ، حائر في نفسه أكثر منها ، عاجز أن يفهم السر وراء إحساسه بطبيعية وجودها معه في نفس الغرفة قبل حتى أفراد عائلته كأن هذا هو مكانها و هذا هو وضعها .
هل الرصاصة أصابت صدره أم دماغه ؟ تساءل بتهكم و هو يتنفس بعمق .
- كيف تشعر اليوم ؟
- أفضل و الحمد لله
كم الساعة الآن ؟ سألها يريد التأكد .
- السادسة صباحا .
" إذن لم يكن حلما " ، فكر في سره قبل أن يقول مضيقا عينيه :
- لم أكن أعرف أن مواعيد الزيارة مبكرة إلى هذه الدرجة .
- هذه مواعيد خاصة ، قالت بابتسامة خفيفة
أنت بالتأكيد تعرف أن هذا الوقت الوحيد الذي أستطيع أن أتواجد فيه قبل قدوم ال.. الباقين .
لبضع دقائق ساد بينهما نوع من الصمت الحائر بدده صوتها أخيرا و هي تقول بارتباك :
- هل أفتح لك النافذة قليلا ؟
- كما تشائين .
شعر بانتعاش فوري و هو يستقبل النسمات الوليدة و أصوات الحياة التي انتقلت إلى سمعه من الخارج .
- أفضل أليس كذلك ؟
أومأ برأسه و هو يواصل تأملها دون كلام .
راقبها تنحني على الأريكة ، تتناول كيس ورقيا متوسط الحجم و تضعه على المنضدة الصغيرة بجانبه .
- أكل ؟ تساءل بتهكم لم تلحظه لأنها التفتت تسأله بسرعة :
- هل أنت جائع ؟ أنا آسفة لم يخطر على بالي أن أحضر لك شيئا يؤكل
أنا أعرف أن أكل المستشفيات مقرف و لكن ظننت ...
رفع يده يقاطع كلماتها الراكضة من بين شفتيها و نظرة الذنب داخل عينيها .
- لست جائعا ، ما الذي يوجد بداخل الكيس ؟
- كتب ، أجابته و هي تخرج مجموعة من المجلات .
بدأت تعرضهم واحدا تلو الآخر بينما هو يتأمل هو العناوين في صمت قبل أن تعيدهم إلى الكيس .
مجلات رياضية و اقتصادية .
- ظننت أنك قد تود تسلية نفسك قليلا عندما تظل لوحدك .
أنا أعلم كم يكون جو المستشفيات خانقا .
- ليس لديك فكرة ، تمتم و هو يحاول أن يعتدل في جلسته ، أغمض عينيه و هو يشعر بألم حاد مفاجئ .
- ما الذي حصل بالضبط ، سمعها تسأله بقلق .
فتح عينيه ينظر إليها بتساؤل فأضافت بسرعة :
- أقصد كيف أصبت و لماذا ؟
- كنت عائدا من بيت صديقي في وقت متأخر ، الساعة الواحدة ربما ، عندما صادفني كمين في الشارع ، تركوني أمر ثم سمعت أحدهم يطلب التوقف ، لم أعلم أنهم يقصدونني أنا ف...
- فنبهوك برصاصة ، قاطعته باشمئزاز
- لم يكن الأمر هكذا بالضبط ، لسوء الحظ كانت سيارتي تماثل سيارة من يبحثون عنه
و عندما لم أتوقف تصرفوا من وحي اللحظة ، و هذا ليس بمستغرب في ظل الظروف التي نعيشها الآن ، الكل خائف من الكل ، تنهد بتعب ثم أكمل :
- كما ترين الموضوع كان مجرد سوء تفاهم .
- الموضوع كان سوء تقدير ، كان غباءًا ، كان ...
- ما حصل قد حصل ، قاطعها بهدوء
- كان يمكن أن يحصل أكثر ، كان يمكن أن تموت
- روحي ليست أغلى من أرواح من سبقوني .
- بل أغلى ، هتفت بها دون وعي قبل أن تفيق لنفسها و تخفض نظراتها أمام تعبير الاستغراب الذي على ملامحه .
عاد ذلك الصمت المليء بالأسئلة يملأ الجو حولهما قبل أن يقاطعه دخول الممرضة الصباحية عليهما .
- صباح الخير ، قالت تحييهما بابتسامة ثم التفتت إليها تسألها :
- هل أنت زوجته ؟
رفعت شاهيندا حاجبيها باستغراب قبل أن تقول ببرود :
- أنا صديقة .
- إذن من فضلك اتركي لنا الغرفة ، سأغير له ضمادته .
جلست شاهيندا على الأريكة و مدت يدها إلى هاتفها و بدأت تتصفحه .
- آنسة من فضلك .
أشارت شاهيندا بيدها اليسرى نحوها دون أن تنظر إليها و هي تقول بلامبالاة :
- أنا لا أنظر إليك
ركزي فيما ستقومين به و لا تركزي معي .
أكملت كلماتها و هي تسترخي أكثر في جلستها و تضع رجلا على رجل .
تتركها لوحدها معه ، هل جنت البنت ، فكرت و هي تراقب الفتاة الأخرى بغيظ بينما تغير له ضمادته و تلمس في الأثناء صدره العاري بيديها.
كيف ترضى على نفسها أن تعمل في وظيفة مثل هذه ؟ أن تلمس طوال الوقت رجالا لا يحلون لها .
ما هذه الازدواجية التي يعاني منها المجتمع ؟
لدرجة أنها في مواقف كثيرة تتساءل إن كانوا يعيشون فعلا وسط مجتمع مسلم ، مثل هذا الموقف الآن : فتاة شابة يبدو من أصابعها الخالية أنها غير مرتبطة و تقترب جدا بل و تلمس بأصابعها صدرا عاريا لرجل وسيم موفور الرجولة ثم تدعي أمام نفسها أنها لا تشعر بأي شيء .
" لماذا هل جردتك شهادتك الجامعية من الإحساس الذي غرسه الله فيك ؟ " ، فكرت شاهيندا بغيظ أكبر و هي تراقب انحناءها عليه ، اقترابها منه تسأله بصوتها الناعم الخافت عن الجرح .
شيعتها بنظراتها الحارقة ثم التفتت نحوه ما إن أغلق الباب لتقول بصوت ممتعض :
- ألا يوجد ممرضون ذكور يقومون بتغيير ضمادتك ؟
- يوجد طبعا و لكن العنصر النسائي هو الغالب في المستشفيات خصوصا في المصحات الخاصة .
صمتت قليلا و شفتاها متوترتان قبل أن تندفع و تقول :
- من هنا فصاعدا عليك أن تستعين بممرض لا ممرضة ، إذا كان المجتمع متخبطا في مفاهيمه لا يجب علينا أن نجاريهم .
في هذه المواقف الرجل يتعامل مع الرجل و المرأة تتعامل مع المرأة ، نقطة إلى السطر.
شعرت بالتوتر تحت نظراته الطويلة المركزة على وجهها . أخفضت عينيها تهرب من تفحصه و بعد لحظات سمعته يقول بصوت هادئ :
- هذه أول مرة تقوم بها ممرضة بتغيير الضمادة من أجلي ، طوال الأيام الماضية كان الممرض هو من يقوم بالأمر ، و أنا نفسي لم أكن مستريحا الآن و لكنها فاجأتني ثم هي تؤدي عملها في نهاية الأمر.
لوت شفتيها بضيق و هي تقول :
- لا يوجد هذا عمله أو هذا عملها ، يوجد قيم ، توجد اعتبارات ، توجد حدود يجب على الناس أن يلتزموا بها .
صمتت قليلا قبل أ تضيف بتبرم :
- و لم يخطر على بالك مثلا أن تكذب عليها و تقول أنهم قد غيروا لك تلك الضمادة .
- كلا آسف لم يخطر الأمر على بالي ، قال بابتسامة و هو يراقب ملامح وجهها المستاءة .
.
..
…
بعد قليل جلس عصام يتصفح إحدى المجلات التي أحضرتها له بعدم تركيز .
يشعر بسعادة غريبة عليه و هو يتذكر غيرتها الواضحة و غضبها الأوضح ،
و تلك النظرة التي سكنت بداخل عينيها عندما تألم أمامها .
نظرة فيها مزيج من الألم و اللهفة و ال...
استند على الوسادة خلفه و هو يعترف لنفسه أنه في هذه اللحظة يتمنى أن يضمها إليه بقوة بينما خصلات شعرها تفترش صدره.
- أستغفر الله ، تمتم يذكر بها نفسه أنه ليس بينهما شيء و لن يكون هناك شيء في المستقبل .
و رغم ذلك ، بعد يومين ، كان مازال عاجزا عن تجاهل الشوق الذي رآه في عينيها و الشوق الآخر الذي يحسه في صدره عندما تغيبت عن زيارته منذ تلك المرة .
...................
نغم
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نغم
البحث عن كل مشاركات نغم