عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-18, 08:53 PM   #21

زمردة عابد

كاتبة في منتدى قصصمن وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية زمردة عابد

? العضوٌ??? » 433039
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 637
?  مُ?إني » 💜💜
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » زمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وكلّ مَا يأْتِي مِن الله جَمِيل فَالحمْدُ لله دائما -------------------------------------------- ايتًها الّصامتة .. مسَاء الخَير لعَيْنيكِ ، ليديكِ ، لشعْركِ المبعْثر ، لكنزتك المُضْحكة ، لأنامِلك ، لقلمك ... ---------------------------------------
افتراضي


الفصل الثالث

الذئب ....
هكذا عرف ، وهكذا لقب ..
لم يكن لان الشرطة لم تستطع التعرف عليه او معرفة اسمه فقط ،
بل لأنه ايضا لطالما اتصف بذكائه وفطنته ..

لم يخرج لساحة المعركة ابداا ..
لكنه كان دائما حاضرا في مقدمتها
يقاتل بلا رحمة ،
ويخرج في النهاية بابتسامة نصر ..
فشخص مثله كما لا يرفض التحديات ،
لا يقبل بالهزيمة ابداا ..

..
..
..



بعد مرور اسبوعا اخر اغرقت ايلينا نفسها فيه في البحث و التفكير
تحاول جاهدة الوصول لأي شيء .
كان الامر هذه المرة بالنسبة لها اكثر من تحدي لتفوز به ،
بل كانت معركة قائمة بين طرفين
معركة لا تحتوي القوة فقط ،
انما تضمنت الذكاء ايضا
ذكاء قاتل قوي ومحترف ،
والتي كما تراها ..
اقوى معاركها حتى الان ...

دخل عليها اركان في الصباح الباكر ليجدها منكبة امام بضعة اوراق ،
تنظر اليها باهتمام ، ثم سجلت ملاحظة ،
طرق الباب ،
فرفعت وجهها اليه مبتسمة :
" صباح الخير "
بادلها الابتسام :
" صباح الخير ...."
ثم تقدم اتجاهها :
" هل توصلتِ لشيء ما "
" اجل .. .."
اشارت له بالجلوس بينما اردفت :
" لا اعلم ان كان شيئا كبيرا ام لا ، لكنني اتمنى ان يساعدنا "
نظر اليها باهتمام :
" لقد فكرت كثيرا ، حتى انني بحثت كثيرا ، حتى عثرت على امر ما ..
المكان الذي يقومون فيه بصفقاتهم
لكبار المجرمين تكون في العادة
اماكن بعيدة بقدر كاف عن ضوضاء المدينة ، بعيدة بشكل ما كيلا يراهم احد ...
لقد حددت لك هنا بعض هذه الاماكن التي تتطابق فيها تلك الشروط .."
ناولته الورقة بالمواقع ، القى نظرة عليها بينما تابعت :
" علينا ان كنا نريد حقا
القبض على احد اعظم فاسدي هذه المدينة ، ان نشدد مراقبتنا لهم "
" انا لا اعرف متى موعد صفقتهم القادمة ، لكنني اود ان نكون في اتمة استعدادنا دوما ،
لأنني واثقة بشكل ما، ان الذئب لا يفوت تلك الصفقات ابدااا .."


كان سليمان يعتمد على مصدر امواله من تلك الصفقات الغير مشروعة
ونسبة لما خمنته ايلينا كانت هذه الصفقات لا تنقطع ابداا
وكان بالفعل يشرف عليها ساعده الايمن وجلاده
" الذئب "


داهمتهم الشرطة لأول مرة ...
ونجحت خطة ايلينا في الايقاع بهم ،
كان يقف بعيدا يتابع كل ما يحدث من منظاره
مبصرا اعتقال الشرطة لبعض رجاله
بينما تلاحق البعض الاخر ممن تمكن من الفرار .
لكن ما ازعجه حقا

هو وجودها ...

كان لابد ان يوقف القتال ،
يتقبل بالهزيمة لأجلها ..
كما كان يعلم انه قرار خاطئ ،
وانه لا يجب ان يسمح لحبه ان يكون نقطة ضعفه ..
لكنه برغم ذلك لم يعي لنفسه وهو يصدر اوامره لرجاله عبر سماعات الرأس اللاسلكية :
" المحققة .. لا تؤذوها ... هل سمعتموني ،
هذا أمر.."

وكان امرا منفذا بلا شك ...
لكنه كان غافلا ،
ان جروحهم ، ودمائهم هي... التي تؤذيها
رآها وهي تستحث الهواء الدخول الى رئتيها ،
وهي تجاهد كي تتغلب على الامر ،
وكانت تلك اللحظة التي خرق فيها القوانين مجددا لحمايتها
وضع قناعه ، ودخل المعركة
كانت طلقاته لا تستهدف شخصا بعينه وانما فقط لحمايته ،
حتى تمكن من وصوله اليها دون ان يتبعه احد ،
كان المجرم الذي كانت تحاصره قبل ان يهاجمها مرضها
في طريقه لقتلها ...
ما جعله يبادر في قتله اولا
اطمئن عندما وجدها لم تفقد الوعي
برغم انها كانت متعرقه ، ترتجف ، وتتنفس بثقل بينما عيناها مغلقتان
تحكم في مشاعره كيلا يقترب منها اكثر ، كم أمل لو يستطيع مساعدتها
لكن ذلك كان مستحيل
لانها لن تقبل به مساعدا ، وهو لا يستطيع المخاطرة بعد ...
ثم عندما كان على وشك الهروب قبل ان تلمحه عناصر الشرطة الاخرين
كانت تصوب سلاحها نحو ظهره ،
حين ارغمت نفسها على المقاومة والنهوض دون النظر الى جثة المجرم الذي كانت تحاصره
خاضعة كل تفكيرها على مجرم اخر اعظم منه قوة
سمع صوتها المهتز :
" لا .. تت حرك "
لكنه لم يستمع وتحرك خطوتان :
" اخبرتك الا تتحرك والا اطلقت عليك "

توقف ...
كان يعلم انها ستفعل
اصبحت خلفه تماما ، سلاحها في مؤخرة رأسه ،
ثم امتدت يدها ترمي سلاحه الذي في بنطاله ، قائلة في خفوت :
" ايها الذئب ... انت رهن الاعتقال "

سحبت نفسا ثقيلا ثم اضافت :
" الان التفت نحوي ببطء وقم بنزع قناعك "

مال بجسمه قليلا تنفيذا لما طلبت حتى في لحظة واحدة تماما قام بتبديل اوضاعهما ،
ليصبح هو خلفها يقيد معصميها خلف ظهرها وهي امامه ،،
كانت تقاتله في محاولة لتّحرر منه بأنفاس ضعيفة
انفاس استهلكه مرضها ،
لكن قتالها كان بلا جدوى ..

كانت " اشششش " التي تصدر منه اليها ما هي الا لتهدئتها وليس لتخويفها او ارهابها كما ظنت ،
كان فقط يتمنى لو يستطيع ان يوضح لها انه لن يؤذيها
لا يمكنه ان يفعل ابدا
وهل يستطيع ان يؤذي روحا في الروح مقيمة ؟!

استسلمت ..
اغمضت عينيها وهي تجاهد لسحب الهواء لرئتيها ...
كانت متعبة ، مستنزفة
وكانت تتمنى حقا لو انها بتلك القوة التي تجعلها
تنتصر فقط في هذه المعركة ..

كانت فقط ...
تتمنى لو ينتهي كل هذا ..

استكانت بين يديه ، هدئت
وكانت فرصته للانسحاب ...
لكنه فقط لم يفعل ،
وقرر هو ايضا التوقف ...الاستسلام
لو فقط كان بهذا القرب منها في وقت وزمان اخر
اغمض عينيه بينما آهه خافتة تخرج من اعماقه...
كانت رائحتها مزيجا من عبق الزهور ودفء الشمس ،
كما الربيع كانت ..
ببهجته .. بنوره ..
بالوانه التي بددت سواد عالمه
كانت هيلين ، هيلينته ...

ومن ثم اختفى هذا الهدوء المؤقت بدوى اطلاق الرصاص
افاق من غيبوبته
من عالم احلامه الى واقعه المؤلم
فك معصميها من بين يديه مكرها ببطء
وقبل ان تعي ما يحدث
كان قد اختفى ، وكأنه لم يكن هنا منذ لحظات ...

..
..
..

يدها مضمومة في حجرها تنظر اليها ،
بينما عقلها كان شاردا في البعيد ،
حيث انهارت مجددا ، حيث قاتلت بلا قوة تملكها ، وحيث استسلمت ..
ولا تفسير واضحا لديها حتى الان عن سببه لتركها ،
جميع من وقعوا تحت قبضته حتى هذه اللحظة قتلوا دون ان يرف له جفن ،
فلما اذاً ... تركها فحسب ....

عادت بتفكيرها في وضعها الحالي وهي تنظر حولها في غرفة المشفى
ان الامر لم يفلح ...
لم تستطع مواجهة خوفها ، كلا ...
انها لا تستطيع
انه يقيدها بيأس .. يأس يخبرها كم هي واهنة بشده لتتغلب عليه
لكنها كانت تعاند غير متقبلة
انها ببساطة فقط.... عاجزة ....

دخل عليها اركان بعدما طرق الباب ،
وقف صامتا حيث كانت تجلس على سريرها ،
لقد خسرت وزنا في الفترة الاخيرة بشكل ملحوظ ،
بدت اصغر سنا وحجما ،
ما جعلها تبدو امامه ضعيفة للغاية ،
جلس بجوارها ، امسك يدها في لفتة حنونة منه ثم قال :
" هل انت بخير ؟"
هزت رأسها بالإيجاب دون النظر اليه ،
كاذبة .. اخبر نفسه بينما يرسم ابتسامة زائفة على وجهه قائلا :
" لقد اتصلت بعمي وطمأنته عليك .... كما تحدثت مع الطبيب "
رفعت رأسها اليه ، اردف :
" انه يقترح ان لا تذهبي للعمل هذه الفترة "
لم تقل شيئا ، لم تقل عيناها شيئا ، بقيت جامدة برهة وكأنها تفكر في شيئا ما ،
ثم سحبت يدها من بين يده وهي تنهض :
" اعتقد ذلك ايضا ..."
ساعدها على ارتداء معطفها ، ثم امسك يديها وخرجا من المشفى ..

من سطح قريب ، كان واقفا .. ينتظرها ..
كان يريد الاطمئنان انها بخير تماما
حتى رآها وهي تغادر برفقة اركان ..
هز شعره بعنف
تنفس الصعداء في خنق
ثم وضع قلنسوته فوق رأسه و انطلق غاضبا يعدو كالبرق .....


فوضى ...
بدت الكلمة المناسبة التي تطلق على افكاره ، و حياته الان
حينما كانت هي تسعى للخلاص منه
كان هو دون ان يخطط قد
تعلق بها ...
احبها ...

فإلى أي منحنى يتجه نحوه مصيرهما
وقد وقع المسجون في حب السجان
وقد اصبح لا يدري أي طريق يسير نحوه الان
كما التائه في الضباب
كما الضال في غياهب البحر لا يرى أي شطآن ...


اخرجه من قطار افكاره وهو يتابع
لصا كان يسرق هاتف امرأة تتحدث في الطريق
في البداية بدا له مألوفا حتى تأكد بانه ذلك الشاب
لاحقه كشبح من الجحيم
عندما انتبه الشاب ان هناك من هو خلفه اسرع الخطى ثم الركض
حتى اصبح محاصرا في شارع مسدود
نظر الشاب اليه وقد عرف انه الذئب
بينما اقترب منه بخطوات متمهلة
كان الشاب يخطو بذعر خطوات اخرى مثلها للخلف
وفي محاولة يائسة منه رمى الهاتف امامه وقفز ليتسلق الجدار مسرعا
حتى اوقفته يدان قويتان ، تعتصران وجهه في الجدار وتقيدان معصمه خلف ظهره
قال الشاب بتوسل :
" ارجوك سيدي لا تقتلني ارجوك ...
ان ... ان امي امرأة مريضة ... ليس لديها سواي "
ثم اخذ يبكي مرددا :
" ارجوك ... ارجوك سيدي ... "

كان هناك تغييرا يحدث في داخله
شعور ... احساس .. تأثر
اشياء كان قد انتشلها من داخله ورماها منذ زمن
كي يستطيع ان يكون الوحش الذي اصبح عليه الان

لكنها الان تعود ...


ارخى قبضته رويدا مع توسلات الشاب المستمرة
التفت الشاب اليه وهو يسأل بحدة :
" كم عمرك ؟ "
مسح الشاب دموعه بحرج من بكائه الذي اتى رغما عنه ، ثم رفع رأسه مجيبا ببعض خوف :
" انني في الثامنة عشر .... سيدي "
سأل الياس باستفهام :
" هل تدرس ؟ "
اخفض رأسه :
" كلا سيدي ... "
ثم رفع عيناه نحو الياس ليقابل بعينان سوداء كالجمر تنتظره ليكمل ،
اطرق رأسه مجددا وهو يتابع بغم :
" لا املك المال .... ان ...
ابي قد مات منذ سنة .. وامي امرأة مريضة تحتاج الى الدواء "
اختنق بالبكاء مجددا وهو يضيف :
" انها كل ما املكه في هذه الحياة .."

ألم اطبق على صدره من نبرة الشاب
الذئب الذي لا يعرف الرحمة ... تألم
تألم لحال هذا الشاب الصغير الذي اجبره على هذا الطريق .... مثله
وفي ظل هذه المشاعر التي اصبحت غريبة عليه ...
اراد ان يساعده ... كلا ..
انه سيساعده ..
انه مدين للفتى الذي في داخله على الاقل بذلك ..

سأل بصوت خشن :
" من الذي ضمك للعمل ؟ .."
" الافعى السوداء ... سيدي ..."

ادار ظهره اليه
ثم توقف يسأل قبل ان يغادر دون ان يلتفت اليه :
" ما اسمك ؟ "
" علي ّ ... "
نظر اليه نظرة جانبية ، ثم سمعه يقول ، وكأنه يتكلم من وراء حجاب :
" حسنا عليّ ... ان كنت تريد مالا
فعليك ان تعمل ...
هناك رجل اعمال يدعى الياس ...
اسأله عملا ...فانه قد يوظفك ..
كما هناك شرطية قمت بسرقتها منذ مده ، اذهب اليها وعبر لها عن اسفك
انها امرأة طيبة القلب ... سوف تسامحك
التفت اليه :
" والان .... عد الى منزلك ، وابقى بجوار والدتك ..
اكمل تعليمك ، وكن رجلا صالحا ...
لا اريد ان اراك تسرق مجددا ..."

ثم عندما كان على وشك استكمال سيره
اوقفه الشاب بسؤال حائر :
" انك الذئب ... لماذا تفعل كل هذا ؟ "

التفت اليه قائلا بصرامة :
" لنقل بانني مدين به لشخص ما .... لذا فليكن هذا الامر بيننا ، ان خرج
سأقتلك ..."
ثم اختفى في الظلام امام نظرات الشاب التائهه ...

..
..
..


في صبيحة اليوم التالي
مع صوت زقزقة العصافير ..
وبزوغ خطوط الفجر الاولى
ابتدأت حياة جديدة للشاب عليّ
حينما ايقن في داخله ان الله كان دائما معه
حتى عندما سخّر اعظم مجرمي المدينة لمساعدته
انه سيظل دون هذا العالم والذي جعله يدرك في اعماقه
ممتنا للذئب
الذي كما كان بطريقة ما جلاد المدينة ووحشها
كان بالنسبة له منقذا

ارتدى ثيابه ، افطر والدته ، قبل يدها
وخرج لاستقبال يوم مليء بالتفاؤل ... والامل

صدق معه الذئب عندما اخبره انهم سيقبلونه في العمل ...
حيث باشر عمله فورا
حتى وان لم يكن عملا كبيرا
كان سعيدا انه اخيرا سيصبح لديه دخل من المال، مما سيمكنه من شراء الدواء لوالدته
كما خطط الشروع من الغد باستكمال دراسته
وبعد التخرج قد يتقدم لهذه الشركة مجددا ولكن مع مؤهل يقدم له عملا افضل واكبر

كان الان امام مركز الشرطة يحمل حقيبة تلك المحققة
لكنه خشي الدخول فقرر الوقوف بعيدا في انتظارها

عندما خرجت ورأته تجهمت اساريرها على الفور ثم تقدمت نحوه بخطوات كبيرة
يديها في وضع الاستعداد لسحب سلاحها
لكنها تفاجأت عندما لم يتحرك ، فقط مكث في مكانه

ايا كانت العقوبة التي سيحصل عليها
فهو يستحقها ، هكذا فكر ...

ابطئت خطواتها وهي تتقدم نحوه ، حتى اصبحت امامه ،
احنى رأسه بخزي وهو يمد لها يده بالحقيبة :
حقيبتك سيدتي "
انها كاملة .. لم اسرق منها شيء "
وبتمهل رفع يده الاخرى اليها لتضع فيهما الاصفاد مضيفا :
اذا اردتِ القبض علي الان .. لن اهرب " "
تسمرت ايلينا في مكانها قاطبة جبينها تنظر اليه بحيرة ،
وهي لا تعي ما يحدث بعد .. هل مثل هذا الشاب يزالون في عالمنا بعد ؟!
قالت اخيرا وهي تتنهد :
كلا ... في الحقيقة لن افعل ..." "
رفع وجهه اليها ليجد تلك الابتسامة المتسامحة تملأ وجهها الجميل ثم تابعت :
فليس كل يوم نقابل لصا تائب .." "
لكن عليك ان تعدني ايضا انك ستلتزم بما اقدمت عليه " "
وبتهديد زائف :
لن ارحمك المرة المقبلة ان عدت لهذا الطريق مجددا " .."
التقطت الحقيبة من يديه وهي تكمل سيرها ثم التفتت اليه هاتفة :
" تعال ... سأدعوك على كوب قهوة "


احتسى القهوة معها ، حيث في ثوان فقط اصبحا صديقين
كانت لطيفة معه للغاية تعامله كما لو كانت تعرفه من سنين
مما جعله لم يجد صعوبة كبيرة ان يحبها مباشرة ، وان يفضي لها ما في قلبه
وما مر معه في حياته .. ثم اخبرها عن بدء عمله الجديد ذاكرا اسمه امامها ، قالت :
" هل قلت اسمه الياس ..؟"
" اجل سيدتي ...انه رجل رائع .."
وفقط في تلك اللحظة لم تعد مع ما قاله عليّ لاحقا ،
والذي كان اغلبه مدحا لهذا الرجل الذي مجرد
ذكر اسمه فقط امامها ارسل شيئا بداخلها قررت تجاهله ...
انها لا تعلم ..
فهي لم تره منذ ثلاثة اسابيع ، ورغم ذلك مجرد سماع الان اسمه جعلها بهذا الاضطراب!

ثم كما جاء لقاءهما سريعا ، انتهى بنفس السرعة وهي تنهض مضطرة
لمباشرة عملها الذي يحتاج ان تنهي بعض منه قبل ان تفكر جديا في امر اجازتها ...

عاد هو ايضا لعمله وقد انتهت بالفعل وقت استراحته
عند دخوله للمبنى ، اصطدم برجل طويل ذو عينان بدتا للحظة له مألوفتان
ثم ما لبث ان طرد هذه الفكرة
عندما اقترب منهما رجل اخر يخاطبه والذي منه علم انه هو رئيسه ،
انتهى من الحديث مع الرجل الدخيل ، ثم استدار اليه
يسأل بنبرة مهتمة :
" انت هو الموظف الجديد ؟"
احنى الشاب رأسه في ادب وهي يجيب :
" اجل سيدي .."

ابتسم بغبطة ابتسامة لم يخرجها للعلن ، بينما يهز رأسه بتصميم مجيبا :
" ابذل جهدك اذا ايها الفتى ..."

ثم خطى خارجا نحو المبنى ....




..
..
..


كان يقف في منتصف الغرفة ، منتصبا بشموخ
يضع يديه في جيبي بنطاله
سترته مفتوحة كاشفة عن قميص اسود التصق بصدرة كما لو كان جلدا اخر ،
بينا تعلو وجهه نظرة لامبالية ..
كان الصمت يعم الغرفة ..
حتى سأل سليمان اخيرا بنفاذ صبر وغضب مكتوم :
" هلا فسرت لي سبب تدخلك هذه المرة ؟"
اجاب :
" وجدت الامر ضروريا "
نهض سليمان عن كرسيه نحو النافذه يخفي ملامحه الغاضبة :
" حقا ...
الم يكن بسبب تلك المحققة ؟"
اجاب بذات اللامبالاة :
" لقد اخبرتك بالفعل ، كانت لدي اسبابي الخاصة لا اكثر .. ولا اقل "
ثم استدار منصرفا قبل ان يتوقف في منتصف الطريق سائلا :
" لما قتلته ؟ لما امرت بموت ذلك الرجل ؟"
اتاه صوت رئيسه يعدو بغضب :
" لم اعهدك تسألني هذا السؤال قبلا الياس .. كنت تؤمر وتنفذ ، ما الذي حدث ؟"
لم يجب ... ليسمعه ينادي من خلفه بصوت يذيب الحجر :
" اليااس ..."
اجاب بهدوء :
" لنقل انتابني الفضول "
ثم التفت مضيفا :
" لماذا مات ؟ هو ومن قبله ؟ فقط اعطني جوابك لهذا السؤال وسينتهي الامر مني عند هذا الحد "
اقترب سليمان منه يزم شفتاه بغضب غير راضيا عن اعطاء تفسيرا لأي احد ،
لكنه اجا ب :
" لانهم خرجوا عن طاعتي ، خانوني ، بعد الذي قدمته لهم نكروا جميلي عليهم ،
لذا كان لابد ان يكون مصيرهم عندي الموت "

اذا ما كان ذلك تهديدا مبطنا ، او فقط بيانا بالذي حدث لهم ..
علم ان ذلك ما ستؤول اليه الامور
له ولغيره ، اذا ما حاولوا يوما ... النجاة

..
..
..


يقفان على سطح مصنع قديم
يراقبان رجال سليمان ، قتلة ، مدمني ، وسارقي المدينة
حيث ينفث سم انتقامه المجهول عن طريقهم ...
كالدمى في يده التي يحركها كيف يشاء ...
لم يروا رئيسهم يوما ، ولا يعلمه احد ، فلم يخاطر ان يتعرف على هويته احد سوى اهم
واكبر دماه ... الذئب ، والافعى السوداء ..
حيث كان الاخير حلقة الوصل بينهم وبين سليمان

تحدث الياس اخيرا مخاطبا اسماعيل :
" يمكنك السؤال .."
ابتسم اسماعيل بذكاء ، ثم وضع يديه في جيبي سرواله مجيبا :
" صدقني لم اكن لأشغل بالي بالأمر كثيرا لو لم تفعل .."
" ومع ذلك ينتابني الفضول لأعرف ما يدور في خلدك .."

التفت اسماعيل اليه وعلى وجهه الجدية قائلا :
" لماذا هي ؟ "
ابتسم الياس :
" كنت اعلم بان سؤالك سيكون مختلفا .."
اجاب الرجل الاخر ممازحا :
" حسنا .. لنقل بانني احب التغيير "
صمت قصير مر اجاب بعده الياس :
"هل سبق وان شعرت بان الله ارسل اليك احدهم ليساعدك ،
ليخرجك من ظلام كنت تعيش فيه .."
اعاد اسماعيل نظره امامه مجيبا :
" هل كانت هي ؟ .. هل تظن بانها ذلك الشخص ؟ "
" لا اعلم .... لكنني اتمنى "
" ان كنت لست واثقا ، اذا ..فاعلم بانها ليست هي "
" انك تعيش في الظلام الان وقد اعتدت عليه .
لذا لا يمكنك ان تخاطر بالخروج نحو النور ظنا منك انها النجاة ، فلربما تكون جحيما تحرقك .."
" انني اعيش في الجحيم بالفعل "
" انك لا تعيش في الجحيم ، انك لا تعرف ما هو الجحيم بعد "
صمت اخر اقتحم حديثهما قطعه الياس مجددا بسؤال اراد به تغيير دفة الحديث لبرهة :
" لم اسألك مسبقا .... لما تلقب بالأفعى السوداء ؟؟ "
التفت اليه :
" لأنني كذلك ..كالأفعى ، لا عزيز لي ، ولا يمكنك ان تثق بي "
" لكنني اثق بك .."
" لا تفعل اذاً ... خدها مني يا فتى ...
لا تثق ابدا باي شخص ،
لا انا ، لا الرئيس ، ولا حتى هي ...
لأنها ان عرفت حقا من تكون ، ستكون اول من يقتلك او يزجك في السجن ،
والاخير هو حقا الجحيم الذي لم تعرفه .."

قال اسماعيل جملته ثم انصرف تاركا خلفه الياس يفكر ،
كان يعلم ان الرجل الاكبر سنا منه محقا ، لقد عاش اسماعيل فوق عمره عشر سنين اخرى ،
ويعرف مالا يعرفه ، لكن برغم ذلك كان قد قرر مسبقا التمرد
فلا يمكنه التراجع الان على اية حال ....

..
..
..



في ذلك الوقت من اليوم كان سليمان في مكتبه تعلو وجهه نظرة غضب شديد لا تكون الا لشيء كبير
وما كان هناك اكبر من جانب التمرد الصغير الذي بدر من الياس اليوم
و لأول مرة يفكر
ليته لو لم يجعله بتلك القوة
ماذا ان انقلب عليه يوما
واصبح الامر محتملا الان بوجود تلك الفتاة ، ... اجل تلك الفتاة ..!
هي ستكون السبب في كل شيء ،
رفع سماعة الهاتف بيد واثقة ثم طلب من احدى رجاله ان يبحث في امرها ، ان يراقبها ،
وان يعرف له تماما امر هذه الفتاة ...

..
..
..

" انتِ جميلة للغاية عزيزتي ... شكرا لزيارتك "
قالت والدة عليّ لايلينا التي قامت بزيارة مفاجئة لهم بعد ظهر اليوم التالي
ابتسمت ايلينا بلطف :
" في الحقيقة عندما اخبرني عليّ عنك ، انتابني الفضول بشدة لرؤيتك ..
وكما اخبرني عنك تماما ، لازلت صغيرة وجميلة للغاية سيدتي "
نظرت الام لعليّ وهي تعاتبه بدلال :
" اه منك علي ... الم تخبرها انني ايضا اخجل من مثل هذا الكلام "
ضحك عليّ وهو يقترب من والدته قائلا بمزاح :
" فورا تدخل في الدور .."
ثم طبع قبلة كبيرة على جبينها ... بينما كانت ايلينا تبتسم وهي تنظر لتلك الاسرة الصغيرة
التي لم يعكس عليها الزمن اوجاعه واحزانه ، ثم نهضت قائلة بأسف :
" كنت اود حقا البقاء اكثر لكن علي الذهاب "
ابتسمت الام قائلة :
" حسنا عزيزتي .. لكن عليك ان تعدينا بزيارة اخرى قريبا "
قبلتها ايلينا قائلة :
" اعدك بذلك اذاً "

ثم خرجت وعليّ خلفها ، شكرها بامتنان على قدومها ، قالت بودّ :
" تذكر ... ان احتجت الي في أي امر .. لا تتردد "
هز رأسه بينما ودعته ثم غادرت
لم يكد يدخل المنزل حتى نادته والدته ان يلحق بها سريعا ليعطيها هاتفها الذي نسيته و
ولم يكن ذلك الا سببا من اسباب القدر ليكون حاضرا عندما ....
توقفت امامها سيارتان سوداوان
ثم خرج رجلان بسرعة خاطفة
احدهما يقيدها
والاخر يكممها ، حتى فقدت وعيها
وضعوها في السيارة ثم انطلقوا ...




**********

** يتبع **

*** دمتم في امان الله ***

**** رددوا معي : استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه ****



التعديل الأخير تم بواسطة زمردة عابد ; 18-10-18 الساعة 09:18 PM
زمردة عابد غير متواجد حالياً  
التوقيع



مابين صخر وصخر ينبت الزهر
وما بين عسر وعسر ينبتاليسر

فسبحان من بيده الملك والامر ...
رد مع اقتباس