عرض مشاركة واحدة
قديم 30-07-09, 08:21 PM   #8

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

لاحت الجزيرة للأنظار .صعدت هيلين الى سطح السفينة , في السابعة صباح اليوم التالي , تاركة الطفلين نائمين , كان خيط من النار يشق الأفق منبعثا من الشمس البازغة من وراء حافة العالم , وكانت السفينة تتجه شرقا على طول الساحل الجنوبي , ولكن على مسافة منه , وقال شخص ما:
" هذه بافوس".
وألتفتت هيلين... أنه روبرت ستوري المرح المسافر وحيدا عائدا من زيارة لأبويه في أنكلترا , قضى وقتا مع هيلين والطفلين , وشاركهما المائدة في الوجبات , وجالسهم على السطح الذي كان لهم وحدهم تقريبا , فكان المسافرون نفرا قليلا , لأن شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) أقل شهور السنة حركة , وعاد روبرت يقول:
" ستنقضي ثلاث ساعات تقريبا قبل أن نرسو".
ومرة أخرى ألقت هيلين نظرة الى الجزيرة , وقالت في دهشة:
" كل هذا الوقت؟ أنها تبدو قريبة جدا ".
قال:
" بافوس تبعد مسافة كبيرة عن ليماسول وبافوس – كما ترين – على الجانب الغربي للجزيرة ".
وأقترب من هيلين ولم يبتعد , فرغم عدم أكتراثها بالرجال لم تتمالك أن ترتاح الى روبرت , بعينيه الصافيتين الزرقاوين وقسماته الصريحة أخبرها أنه أعزب وأنه أحب الجزيرة بعدما قضى عليها أجازة طويلة , فأشترى كوخا صغيرا على سفح تل, وحوله بمهارة الى بيت للأقامة , وكان رساما , ومن الغريب أنه كان يعيش في لابيتوس , وقد عرف بيترو معرفة عابرة.
قال عندما ذكرت سبب قدومها:
" أنه شخصية صلبة , متشبث بالعزوبية , ولكن له وسائل لهوه طبعا".
وتضرّج وجه هيلين , فضحك روبرت , وزادها حرجا عندما أضاف أن أي قبرصي لا يستطيع أن يعيش بدون أمرأة , وأردف قائلا:
" سيقولون لك بصراحة أن الطقس هو عذرهم , أو بالأصح تفسيرهم لأن القبرصي لا يحلم قط بألتماس الأعذار لمسلكه".
سألته هيلين بفضول حتى تتصور البيت الذي سيذهب أليه الطفلان:
"ما شكل بيته؟".
فأجاب بلهجة تنم عن أعجاب :
" يا له من بيت! مشيّد على سفح الجبل شبيه ببيت خلوي بنغالي أبيض كبير , لكل حجرة شرفة , تطل من الخلف على سلسلة جبال كيرينيا , ومن الأمام على السهل الساحلي , وأشجار البرتقال والليمون وأنواع أخرى , ثم البحر الأزرق المترامي , ومن الشرفات الجانبية ترين منظرا شاملا للجبال والبحر, أنه جميل جدا في الواقع , شاعري وخرافي بدرجة لا تناسب شيخا أعزب مثل ليون بيترو".
" تقول شيخا ؟ كنت أظنه شابا".
هز روبرت كتفيه وقال:
" لعله في أواخر العقد الثالث , ويجوز أن أضيف أنه وسيم جدا , ولكنه محاط بجو من العجرفة يكسبه – كما قلت- مظهرا صارما صلبا".
فغمغمت هيلين, غير مطمئنة الى أحتمال أن يكونا بخير معه:
" آمل ان يكون الطفلان بخير معه".
فكان رده مثقلا بالشك:
"لا أدري , يدهشني أن يأخذهما – أذ يقال في القرية أن الصبر والفهم ليسا من خصاله , وأظن كل رجال الأعمال الشديدي المراس على هذا النحو , فالمال – فيما يبدو0 هو همه الوحيد في الحياة ".
سألته:
" وماذا يعمل؟".
فأجاب:
" من أعماله أنه يمتلك عدة مصانع للتعبئة في فاما غوستا , حيث تعبأ الفاكهة وتعد للتصدير , ثم يتجر في الأرض , ويمتلك مساحات كبيرة في أرجاء عديدة من الجزيرة , وأي شخص يمتلك أرضا هنا- في هذه الأيام- يمكن أن يصبح مليونيرا بين عشية وضحاها".
وجدت هيلين نفسها تزداد قلقا – عندما أمدها روبرت ببعض تفصيلات عن مسلك هذا العم القاسي , الذي بدا وكأنه لا يحب أيواءهما في بيته , ولكن لم يكن في وسعها أن تفعل شيئا , فعادت هيلين تؤنب نفسها وقررت بحزم ألا تفكر في الأمر... وأخرجها من تأملاتها صوت روبرت يقول:
" هيا تأملي تلك الشمس والسماء ... أنها جزيرة رائعة , ومن المؤسف أنك لن تعيشي هنا ".
وسكت لحظة ثم تابع الحديث قائلا:
" ولكنك ستمكثين أسبوعين ... هل أستطيع أن أصطحبك في جولة في أي وقت؟".
أبتسمت هيلين وقالت:
" سأكون مع أصدقائي ... ولكنني أشكرك في كل حال".
لم تكن راغبة في صحبته , ولا صحبة أي رجل , ولكنها لن تخبره بذلك, وعادت تقول:
" سيكون مركز أقامتي في نيقوسيا , وأتوقع أن ننطلق في جولاتنا من هناك ... أذا كان لصديقتي هي وزوجها من الوقت ما يسمح بأصطحابي ".
هز روبرت كتفيه ثانية , وقال أنه سيعطيها رقم هاتفه , لتتصل به في أي وقت تجده فراغا , فشكرته بدون أقل نية في أن تفيد من عرضه , وكان الأثر الذهبي اللامع أخذ يتلاشى – في تلك الأثناء – أذ أرتفعت الشمس , مرسلة سهامها خلال نتف السحب الصغيرة الطافية كنقاب فضي عبر سماء زاهية الزرقة , وألقى أنعكاسها صفاء على النور , وبدت الجزيرة وكأنها على مرمى حجر , لم تكن هناك تموجات في البحر , فلم تكن السفينة تهتز أقل أهتزاز , وهي تواصل تقدمها على طول الساحل الجنوبي للجزيرة , فقالت هيلين أخيرا:
" يجب أن أذهب لأعنى بالطفلين , من المؤكد أنهما أستيقظا الآن".
رست كنوسوس في ليماسول الساعة العاشرة , وكانت هناك سيارة تنتظر , ولكن هيلين أدركت حتى قبل أن يتكلم تشيبي – أن الرجل الذي أقترب منهم لم يكن ليون بيترو , كان أـسمر وقصيرا , ولكن أبتسامته كانت تلقائية وودية , وقال الرجل :
" هل أنت السيدة ستيوارت؟".
وأبتسم للطفلين , وداعب شعر فيونا بيده وهو يقول عندما أومأت برأسها :
"أوفدني السيد بيترو , أنه لا يستطيع الحضور بنفسه , لأنه مضطر للبقاء بسبب عمله , لهذا , سأصحبكم أليه".
" هل قال يجب أن أصحب الطفلين ؟ فهمت أنني سأفارقهما هنا, في ليماسول".
وعندما زحفت يد صغيرة الى يدها , أطلت لترى نظرة توسل , على وجه فيونا الجميل , وبدا الرجل مترددا لحظة ثم قال:
" هذا ما قاله , أتظنينني أرتكب خطأ ؟ كلا...".
ولكنه هز رأسه بسرعة وقال:
" لست مخطئا قال للموظفة في مكتبه أن تتصل بالفندق وتحجز مائدة لأربعة للغداء , عندئذ شعرت هيلين بتوتر قبضة فيونا يسترخي فأبتسمت لها بحنان , وبدا تشيبي هو الآخر سعيدا , وأشرق وجهه المليء بالنمش , فقالت ببشاشة والرجل يفتح باب السيارة :
" هيا أذن.... الى أين نذهب ؟ ليس الى لابيتوس؟".
" كلا, الى نيقوسيا , فهناك مكتب السيد بيترو".
كانت فرصة سانحة أذن , فكانت هيلين تتوقع أن تستقل سيارة أجرة الى مسكن ترودي.
مكتب ليون بيترو خارج مركز المدينة , أنه مبنى جديد ذو شرفة واسعة , وبدا أشبه بفيلا حديثة منه بمكتب , وأبدت هيلين دهشتها عندما غادر السائق مقعده , وفتح الباب , وسألها , رغم أهتمام الطفلين اللذين وقفا بجوار السيارة حزينين , مع أن هيلين كانت لا تزال معهما:
" هل أنقل حقائبك؟".
فقالت:
" قد يحسن تركها في السيارة بضع دقائق , فسأضطر لأن أستقل سيارة أجرة".
وبعد لحظة كانت هيلين في مكتب أنيق , تقف أمام مكتب , تتطلع الى ليون بيترو الذي نهض عن مقعده عند دخولهم , وبسط يدا الى هيلين , فمدت يدها , وشعرت بقوة قبضته وهو يقول في لهجة هادئة مهذبة :
"صباح الخير يا سيدة ستيوارت , لعل رحلتك لم تكن مضنية؟".
كانت له لكنة خفيفة لا تكاد تلاحظ , قالت:
ط أستمتعت بها كل الأستمتاع , شكرا لك يا سيد بيترو".
ولم تبتسم وهي تسحب يدها , بينما وقف لحظة يرمقها في صمت , ثم تحولت عيناه الى الطفلين , وتذكرت هيلين أنها لامتهما قائلة أن عمهما لا يمكن أن يكون بالقسوة التي صوراها لها , ولكنها الآن أيقنت أنهما وروبرت كانوا على صواب, في وصفهم له, ولاحظت جمود وصلابة قسماته السمراء , وخطوط خديه وفكه , وأنطباق فمه , والوميض البارد لعينيه اللتين لاحتا – وهو يقف في الظلال- سوداوين أكثر منهما أصطباغا باللون البني الداكن المميز للقبارصة من يونانيين وأتراك , أما شعره فكان منسقا لامعا , أسود يمسه الشيب خفيفا عند الصدغين , قال روبرت أنه وسيم , ولكنه بخسه حقه , أذ كان بالغ الوسامة , غير أن تعبير الخشونة والشراسة كان يشوب وسامته , ولم يكن من العسير التصديق أنه يكره النساء والأطفال.
قال وهو يوليها أنتباهه ثانية:
"يسعدني أن أسمع هذا , كنت واثقا – لمعرفتي بأبني أخي- من أنهما سيسببان لك بعض المتاعب ".
ورمقها بحدة – وهو يتكلم- ثم أردف:
" يجب أن أشكرك أذ أحضرتهما أليّ بسلام".
وشعرت هيلين بالغضب من كلماته الأولى , فقالت بحدة تفوق ما كانت تعتزم:
" لم يسببا لي أية متاعب يا سيد بيترو , أستمتعت بالرحلة تماما كما قلت".
وأومضت عجرفته من نبراتها المقتضبة , وأغتاظت هيلين عندما شعرت بتضرج وجنتيها , كان هذا الرجل مثيرا للأرتباك , شعرت أنها تستطيع أن تكرهه دون أي جهد.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس