عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-18, 09:50 PM   #61

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس


وقت الغروب حل سريعا .. و كان هو متكئا إلى مضجعه المفضل ... فوق شجرة صفصاف عتيقة شكل جذعها العريض فراشه المريح .

لا يغطيه إلا السماء المخضبة بدماء شمس المغيب و التي حملت نهاية لنهاره الغريب.

خفتت حرارة الشمس العالية و سرى بالجو نسيم ليلي خفيف داعب الشجيرات من حوله لينتج عن حفيفها سيمفونية متناغمة مع أنفاسه العميقة التي أزاحت بعض من الضيق الجاثم على صدره .

ضيق يعجز عن معرفة أسبابه الحقيقية.. و لكن هذا لا ينفي وجوده مثل شوكة في الخاصرة تقض مضجعه .

و ربما كان سبب ضيقه هو منفاه الاختياري الذي لجأ إليه بعدما سأم من حياته السابقة.
تلك الحياة المليئة بالعقد و المشاكل .. اعتاد أن يراها من خلف دخان سجارته المشبعة بالمخدر .

فبعد قائمة طويلة من الخيبات و الفشل على مستوى علاقاته الانسانية .. إضافة إلى الكثير و الكثير من الرفض و الخيانة و الألم و النبذ .

كانت تلك وسيلته للهروب حتى باتت سبب انحداره نحو جحيم من إنعدام السيطرة على الذات و الغضب الناري الذي هدد بإحراق جميع من حوله .

ليدرك أخيراً و بعد طول معاناة أن غياب الوعي لن يحل مشاكله و كذلك المواجهة .

ففي حالته كان الحل الأمثل هو الإبتعاد إلى هذه الصحراء ..x إلى منفاه الاختياري .

إلى حيث لا يعرفه أحد و لا يعرف بماضيه و ما حل به و قاده إلى أن يصبح ذلك الشخص البارد اللا مبالي .

تلك الصفة الأخيرة .. اللا مبالاة ... كانت سلاحه الفعال حتى يتأقلم مع عالمه الجديد ... و ربما هي الشيء الوحيد الذي احتفظ به من عالمه الأسود الذي كان يحيا به مغيب عن الواقع .

و لكن ما حدث معه اليوم كان غريبا بحق ... لأنه حين بدأ هذا النهار لم يتوقع أن يتعثر بمن قد تزلزل ثباته النفسي و تصدع وجهته الباردة دون أدنى قدر من الجهد من جانبها .

لهذا سوف يضيف هذا اليوم على رأس القائمة في ترتيب الأيام الأكثر غرابة.

نعم .. فمن الإنصاف أن يعترف ان ذلك الشخص الثرثار الفضولي المشاكس الذي كان عليه معها يخالف حقيقته بمئة و ثمانين درجة.

لقاء واحد أشعلت خلاله جذوة شيء انطفأ منذ زمن ... و داعبت ذكرياته التي أغلق بينه و بينها بجدار مصمت من الفولاذ .

خيالات من ماضيه أوقدت الجنون في أوردته .. جعلته يتحرق للعودة و إختلاس نظرة إلى العالم الذي خلفه وراءه .

تشبث بجنون اللحظة تماما كما فعل صباحاً و قفز من فوق الشجرة إلى الأرض... و بخطوات سريعة قطع الدرب عائداً إلى مسكنه الذي شغله منذ أول يوم له بالمزرعة و على مدار سبعة أشهر .

كان مسكن متواضع مكون من غرفتين.. إحداهما غرفة نوم ملحق بها حمام .. و الأخرى غرفة إستقبال واسعة إضافة إلى مطبخ صغير .

بحث في أدراج خزانته بعجالة متغاضيا عن الأغراض التي تناثرت في كل مكان حتى وجدهم أخيراً .

مفاتيح دراجته النارية .. كان قد ألقاهم دون إهتمام حينما قدم إلى المزرعة و الآن حان الوقت لاستخدامهم .

رفع عمر الغطاء عن دراجته الحديثة .. و تأملها قليلاً بغرابة و كأنها وحش يخشى الإقتراب منه .

و أخيرا حين صعد فوقها انتابه شعور لم يلتمسه منذ وقت طويل .. مزيج ما بين الشعور بالإثارة و القوة تدفق لأوردته جعله ينطلق بسرعة مثيرا خلفه عاصفة من الغبار .

قطع الطريق الداخلي للمزرعة في وقت قصير ليجد نفسها بعدها على الطريق الرئيسي .

توقف قليلاً و التفت إلى الخلف يلقي نظرة على المزرعة و المنزل الغارقين في الظلام الذي بدأ يحل و كأنه يفكر في العودة .. إلا أنه شحذ همته متمسكا بتلك اللحظة من الجنون و عاد لينطلق بسرعة أكبر ... ليكسر صوت دراجته المزعج سكون ذاك الجزء الخافت من العالم .

و حين لفح هواء الليل البارد وجهه شعر بدبيب من الحرية يتسرب إلى داخله .

و وجه يطفو على صفحة السماء يستقبله بإبتسامة حانية ... و بأذرع مفتوحة نحو جزء من ماضٍ تركه خلفه قبل بضعة أشهر.

***************

بعدما إنتهى من المرور على المزرعة و التأكد من أن كل شيء على ما يرام كان الظلام قد حل .

و بصورة مفاجئة كان الهدوء يخيم على المنزل بما يخالف حضور شقيقته و أبناءها.
لابد أن الجميع سقطوا صرعى للنوم بعد هذا النهار المتعب .

تسلل إلى مكتبه يتابع عمله.. بالأحرى يبحث عن مخرج من أزمته .

ليس من السهل عليه أن يكون مسؤول عن كل هؤلاء .

شهد تظن أن السبب خلف تمسكه بالمزرعة هو أنها تحمل ذكرى زوجته و لكن الحقيقة كانت تخالف وردية تصوراتها .

هذه المزرعة منزل و ملجأ للكثيرين .. بعضهم معلق في رقبته و بعضهم لا يملكون مأوى غيرها ... و لا يستطيع أن يتخيل ما قد يحل بهم إن فقدها .

بداية من صفاء و يوسف و والدته و انتهاء بعمر ذاك الرجل الهارب من بشاعة ماضيه .. و ما بينهم الكثيرين ممن يحتاجون مساعدته .

***************




Eman Sakr غير متواجد حالياً