عرض مشاركة واحدة
قديم 27-11-18, 01:17 AM   #446

epilobe
 
الصورة الرمزية epilobe

? العضوٌ??? » 141258
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 676
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » epilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond reputeepilobe has a reputation beyond repute
افتراضي

ترددت شريفة كثيرا أمام غرفة "يحيى" ... كانت أشد تأثرا بما فعله و بالمشاعر المتعاقبة التي لاحت على محياه عند انتهاء حوارهم مع الجد. كانت تعلم أن موضوع تيتريت بشكل خاص يؤلم "يحيى" بل يؤلم الأشقاء معا لكن ما تعلمه على وجه اليقين أن يحيى يعاني صراعا موجعا.
رفعت يدها تحاول الطرق على بابه عندما عادت لتخفضها معتصرة إياها بيأس فهي لا تعلم كيف ستخفف عنه ألمه ... لأنها ببساطة تعلم أن وجع الذنب صعب تحويره ... صعب إجهاضه ... فذنبهم مبني على أساسات واضحة و سميكة.
زفرت بخفة و أغمضت عينيها تستجمع شجاعتها قبل أن تطرق على الباب بعجلة لكي لا تمنح لنفسها فرصة التراجع و التهاون. انتظرت بقلب راجف رده قبل أن بانحباس أنفاسها وهي تراه يفتح الباب ليقف أمامها يتفحصها لبرهة دون كلام قبل أن يتراجع مانحا لها الفسحة للدخول.
دخلت بخطوات أبطأها التوتر و شتت نظراتها بالأرجاء متهربة من محاصرة عينيه قبل أن تقول وقد صار الصمت بينهما ثقيل ثقل همومه :
- هل أنت بخير؟
لم تكن بحاجة للنظر إليه لتشعر بمرارته ... فلقد استشعرتها منذ لمحته بالأمس يسير هائما بأفكاره ليدلف لجناح سمية ولم تكن كلماته بعد سؤالها إلا تأكيدا لما تشعر به :
- باستثناء أنني أشعر بالحقارة يوما عن يوم .... و باستثناء القلق و التوجس الذي لم يبقي لحالة السلام في نفسي مكانا و الذنب الذي يثقل كاهلي يوما عن يوم ... فأنا بخير.
اقتربت منه دون إرادة منها ... متألمة لألمه ... وموجوعة بوجعه لتقول بهمس ... متسائلة بل آملة :
- لكنك صامد ؟
ضحك بسخرية و الحزن لم يغادر قسمات وجهه المتعبة :
- وهل لدي اختيار يا شريفة ... فأنا يجب أن أكون صامدا لأجلها قبل نفسي ...
لم يكن هناك حاجة للسؤال عن هوية المقصودة ... فهي باتت تعرف أكثر ما يؤرق "يحيى" ... لكنها تشعر أن هناك ما يسلب راحته أكثر فرفعت يدها بعد تردد و بخجل هزمته اللحظة لتحط على كتفه ... مواسية و قالت :
- لا تضغط على نفسك ... و لا تجعل الذنب يقهرك
ساخرا أجابها :
- أ ولم يفعل؟
نفت بشدة :
- لا ... و لا أظنه سيفعل أنت أقوى من هذا يا يحيى ... و تيتريت تحتاجك صامدا كما أشرت ... تحتاج سندا و حضنا يعوضها ... ينسيها ما عاشت ... تحتاج الشقيق الأكبر الذي لم تشعر بتواجده بحياتها يوما ... تحتاج لجدار صلد يحميها ضربات الحياة و صفعاتها.
ابتعد "يحيى" للخلف بملامح أكثر ألما ليقول ملوحا بالفضاء حوله بجنون و غضب لم يكن إلا موجه لنفسه :
- وماذا عن الصفعات التي تلقتها ... ماذا عن المكتوم بماضيها ... ماذا عن الضربات التي كادت تودي بها ... ألن تظل طوال حياتها تتذكر أننا لم نكن هناك ...أن ... أننا نسيناها في غمر حياتنا و أننا كنا من الحقارة بحيث لم نكن حتى نتتبع أخبارها ... ماذا إن حصل ما يجول بأفكاري ... هل ستتقبلنا بحياتها و نحن من كنا ملزمين بحمايتها ... بحماية شـ ... شــرفها .... شرفنا.
صمتت تجيل بأفكارها عن إجابة تمزج بين الصراحة التي لن تستطيع إنكارها و بين ما قد يخفف عنه وقد طال صمتها ليصرخ بجنون لم يخفها بقدر ما جعلها مشفقة عليه :
- ألن تفعل ؟ هيا شريفة لما الصمت ؟
فيضيف مقتربا منها و ممسكا بأعلى ذراعيها يهزها :
- لما الصمت يا شريفة ؟ هل هو صعب جدا التصريح بالحقيقة ؟ ألن تفعلي أنت إن كنت بمكانها ؟ ..... ألا تتذكرين أنت أفعال والدك و شقيقك بك ... بشقيقتك ؟ ألأا تتذكرين أن ما كانوا ينوون فعله ما جعلك تأتين إلي ... ألا تتذكرين باليوم مئات المرات ما جعلك والدك و شقيقتك تشعرينه ......
الوجع بداخله جعل الكلمات تتسرب دون حاصر ... غافلا عن عينيها التي اتسعت قبل أن تترقرق بالدموع فتصيح به هاتفة :
- بلى ....بلى ... أفعل ... أقسم أنني أفعل ....وهي أيضا ستفعل ... لن تنسى ... ستتذكر كل ما مر بحياتها و ستكرهكم ... بكل موقف في حياتها يعيدها لمعاناتها ستمقتكم ... بكل موقف يذكرها بالنقص الذي عاشته سيزيد رفضها لكم ...
بانتهاء كلماتها كانت تلهث والدموع بعينيها تتأرجح على خديها تحت نظرات "يحيى" التي لمعت وجعا قبل أن تسقط يديه باستسلام و يعود للخلف بخطوات متعبة حتى استقر على الكنبة .. خافضا رأسه قائلا :
- تماما ... وهذا ما سيكون
أغمضت عينيها تهدئ من نفسها قبل أن تسير لتجلس بجواره تمارس الصمت مثله فتقول بعض لحظات بهدوء :
- ليس بالضرورة ... يا يحيى
التفتت نحوه مقتربة لترفع وجهه نحوها بعزم و تضيف :
- صارع ذنبك حتى يتركك ... و اغمر حياتها بذكريات جديدة ستخفف ولو قليلا من وطأة الماضي .... التهاون والاستسلام للأمور على ما هي عليه ستزيد الأمر سوءا وستضيف المسافات بينكما ... الغرق بطوفان ذنبك سيزيده ....
فتضيف مبتسمة بتشجيع وتهز رأسها تؤكد فكرتها :
- اعتذر ...حتى وإن كنت تتوقع الأسوأ فاعتذر فلن يغير ابتعادك و قتلك لنفسك بسكين الإحباط و الذنب شيئا ... اعتذر و استمر في الاعتذار عن غيابك ... بالأفعال ... كن حاضرا بجانبها دوما وستغطي جزءا من سنوات الفراق و كن لها شقيقا أكبر كما كان يجب أن تكون و بهذا ستداوي بعض الجراح
كان يحيى ينصت لكلماتها وينظر لها وقد تخبط قلبه بين التأثر ... الألم لما جعلها تعانيه بكلماته عن ماضيها ... الحنو لمحاولاتها مؤازرته ومواساته .... و شعور آخر بات يطفر من الشقوق هناك بأعماقه ليجد نفسه يسحبها نحوه لاثما ثغرها بيأس مطالبا بالعزاء ... آملا الضياع بها ... مخرسا صدى أفكاره بالتصنت لدقات قلبها.
*****************************************
سارت "عائشة" بين الأشجار مستنشقة هواء الشتاء البارد بكثير من الارتياح ... كان تألق عيون الأطفال بالسرور أكثر تأثيرا على نفسها مما يمكن أن تشعر به لو ظلت حبيسة الجدران ... كانت المساهمة في رسم تلك الابتسامات البريئة على وجوههم أكثر إنجازا أسعد قلبها منذ زمن.
كانت تفكر بالأمر منذ أخبرتها المرأة المعنفة أن لديها من الأطفال ثلاثة و مما فهمته أن العوز كان أمرا تعانيه المرأة رغم أنها لم تشر إليه إلا أن من خلال حديثها استطاعت "عائشة" تبيان ذلك. و عندما حل الصباح كانت متحمسة لزيارتها للاطمئنان عليها كما كانت متشوقة للتعرف على هؤلاء الأطفال ... و لم يكن قرارا ستندم عليه بالمستقبل.
كانت هائمة بنظراتهم المتألقة و بأصواتهم المبتهجة عندما أفزعها المنبه الصوتي للسيارة و التي وجدت نفسها تعترض طريقها. أسرعت تفسح المجال للسيارة رافعة يدها ملوحة باعتذار عندما تفاجأت بالسيارة تتوقف بمحاذاتها و "معاذ" يطل برأسه من مقعد الراكب مبتسما تلك الابتسامة التي أحبتها و يقول ممازحا :
- ألا يكفي طرقكم الضيقة بهاته القرية ليضاف إليها سكانها المعترضون للسبل .
ضحكت "عائشة" بانطلاق غاب عنها لسنوات و قالت مقتربة لتمسح على شعره و تنثره بمرح و تقول :
- وما الذي تعترض عليه بقريتنا المتواضعة يا سيذ معاذ.
قطب "معاذ" لثوان مفكرا قبل ان يقول باعتراض طفولي محبب :
- غياب صالة ألعاب وناد للسباحة .
رفعت حاجبها تتصنع العبوس وانحنت نحوه تقول :
- ومن قال أنها لا تتواجد بالقرية ؟
اتسعت عيني "معاذ" بذهول واضح وقال هاتفا :
- أ تتواجد هنا ؟ حقا ؟ قال أبي العكس ؟
تابعت بنفس النبرة والجدية :
- طبيعي لأن أباك غاب عن القرية كثيرا فنسي أمرها
فسأل بلهفة وقد عدل نفسه ليميل من خلال النافذة نحوها :
- أين ؟ هل تستطيعين وصف موقعهما لنا ؟
أومات موافقة قبل أن تستقيم بعينين لمعت تسلية و قالت :
- بالنسبة لنادي السباحة فيتواجد بالجزء الجنوبي من القرية ... أتعرف مكان معصرة الزيتون التقليدية
أومأ يجيبها دون كلمات لتتابع وقد تسللت الابتسامة لشفتيها من منظره المتلهف :
- النادي خلفها تماما ....
قطب "معاذ" متذكرا المكان الذي يمر بمحاذاته معاذ و شقيقه يوميا في طريقهم لمنزل جدهم و الذي يصادف أن المعصرة المذكورة تتواجد هناك و خلفها لا يتواجد سوى وادي القرية. ..... وادي القرية ..... رفع عينيه نحوها بصدمة قبل أن ينظر لملامحها الضاحكة بينما تعالت ضحكات شقيقه بجانبه ليقول بعبوس طفولي :
- هل تسخرين مني ؟
كانت "عائشة" أكثر حرجا منذ سمعت ضحكات شقيقه وقد أنساها حضور معاذ العفوي المحبب الراكب بجانبه فهمست آملة ألا تصل كلماتها لشقيقه :
- ألا تسخر وأنت تتوقع إيجاد ناد رياضي و صالة ألعاب هنا بالقرية
مطط "معاذ" شفتيه بعدم رضا جعلها تنحني لتقل رأسه إرضاء له فقابلتها ابتسامته الجميلة قبل أن يعلو صوت شقيقه من جديد .. عارضا عليها إيصالها ورافقتهما تحت إصرار معاذ.
كانت تستمع بالحديث لمعاذ الصغير لذاك لم تنزعج عندما اعتذر لها فارس على اضطراره للمرور للبيت حيث نسي محفظة نقوده ... التقطت عينيها و السيارة تجتاز بوابة بيت "خليل" الذي كان مهجورا لسنوات ... سيد البيت نفسه و الذي كان يهم بفتح سيارته عندما قطب وهو ينظر للسيارة القادمة.
تقدم خليل ليقف بمحاذاة باب السائق و انحنى متسائلا عن سبب عودتهم عندما تفاجئ بوجود عائشة مع ابنيه ... كان ذهوله واضحا رغم أنه استدرك نفسه ففسر "فارس" :
- لقد عرضنا إيصال السيدة عائشة وقد وجدناها في طريقنا .
أومأ خليل للمرأة بتهذيب قبل أن يحيد بعينيه عنها و ينظر لابنه الذي قال بحماس :
- سأتأخر اليوم أيضا .... فلقد اتفقت مع الخالة عائشة المرور للجمعية و .....
- لا
توقفت الكلمات بحلق "معاذ" بينما تجمدت ابتسامة عائشة التي كانت تراقب معاذ بكثير من الحنو بينما ظل فارس هادئا و عينيه لم تفارق والده ... استدرك "خليل" الموقف مفسرا بهدوء :
- افعل ذلك يوما آخر يا معاذ ... فنحن اليوم مدعوون للغداء ببيت جدك فأبناء عمومتك سيكونون جميعهم هناك
أسدل معاذ جفنيه عن عينيه هامسا بنعم في حين أومأ "خليل" لعائشة مبتعدا قبل أن يترجل "فارس" بدوره لجلب ما جاء لأجله. وكان مسرعا لكي لا يجعل من معه ينتظراه عندما دلف أباه للبيت موقفا إياه ليسأله مباشرة :
- أين التقيتن بعائشة .
أجابه "فارس" واصفا له المكان فأومأ خليل قبل ان يعود ليستوقف فارس الذي صار بجواره قائلا :
- أنت تعلم لماذا فعلت ذلك و تتفهمه ؟
ميل "فارس" رأسه ينظر لأبيه ليقول بنبرة جادة :
- أنا أفهمك أبي ... لكن ربما عليك فهم معاذ ... فالأمر بالنسبة لمعاذ يتطور بسرعة
تابع "فارس" سيره بعد كلماته لكنه توقف عند عتبة الباب ليلتفت نحو ابيه و يضيف بتقرير :
- و أظن أن الأمر كذلك بالنسبة لها ...
*******************


epilobe غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم إني أسالك بأحب الأسماء إليك وأقربها عندك، أسالك ربنا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
أن ترفع الكروب والغموم والظلم عن أمة الإسلام، وعن إخوتنا في أرض الشام وسائر بلاد المسلمين ، اللهم عجِّل بنصرك الذي وعدت، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك