عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-18, 02:49 AM   #1063

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

ازداد شحوبها عندما توقف أخيرا أمام مبنى العمارة التي تقع فيها شقة أختها منى ، أطرقت برأسها و هي تراها تسير نحوهما بخطواتها شبه الراكضة لتفتح الباب الخلفي و تبدأ بالدخول حين أوقفها صوت عصام و هو يقول بجمود :
- اركبي بجانبي يا منى .

تركت الباب مفتوحا في نفس الوقت الذي خرجت فيه فرح لتقف بجانبها و هي تتمتم بتحية مرتجفة استقبلتها شقيقتها الأكبر بتعبير قرف في وجهها و احتقار في صوتها و هي تقول بينما تدفعها بقسوة في ظهرها :
- اركبي .

نفذت فرح في صمت .
صمت امتد و تواصل بين ثلاثتهم في أطول نصف ساعة قضتها في حياتها و هي تراقب الطريق للمرة الثانية بحيرة تحاول أن تكتشف ما هي محطتهم التالية بينما تهتز بقوة في مكانها كل حين و آخر لأن عصام على ما يبدو قرر على سبيل العقاب أن يدعها تجرب صلابة مطبات الطريق بجسدها .
عادت مخاوفها ترفع نبضات قلبها بشدة و هي تراه يتوقف أخيرا أمام المجمع السكني حيث تقع شقته الخاصة ، طفرت الدموع من عينيها و هي تشاهده يفصل مفتاحين عن مجموعة مفاتيحه و يناولهما لأختها منى .
- عصام ، همست متوسلة بصوت خرج بالكاد من بين شهقاتها الخافتة .

رأته يطرق برأسه في الوقت نفسه الذي فتحت فيه أختها الباب الخلفي و أمرتها بحدة :
- اخرجي .
تقدمي ، هيا بسرعة دون فضائح ، أضافت و هي تجرها ما إن خرجت من السيارة .


طوال الطريق إلى الشقة لم تيأس فرح و هي تحاول مع شقيقتها مرارا :
- أرجوك أختي ،
- اسمعيني قبل أن تحكمي علي ،
- دعينا نتفاهم من فضلك أختي .

لتحظى بنفس الإجابة في كل مرة :
- اخرسي .

استغلت وقوفهما القصير أمام باب الشقة لتلقي بآخر محاولتها :
- أختي أقسم بالله ....
- اعرفي الله أولا قبل أن تنطقي اسمه ، قاطعتها بخشونة و هي تدفعها بقسوة إلى الداخل .

مع صوت انغلاق الباب تراجعت فرح بتلقائية للخلف ، تراجعت أكثر و هي ترى شقيقتها تلقي بحقيبتها على الأرض و تتقدم نحوها .
خبأت وجهها بكفيها و هي تراها تمد يدها نحوها ، شعرت بها تنزع عنها حجابها بعنف و هي تقول باشمئزاز :
- اخلعيه لأنك لا تستحقينه .
- أختي ، من فضلك ، بدأت تقول ببطء حين فوجئت بأول صفعة على خدها .
و لم تكن الأخيرة .
توالت الصفعات على كلا خديها و عندما نجحت أخيرا في حماية وجهها ثانية ، غيرت أختها نظامها إلى ركلات و ضربات على كل جسدها .
لم تعرف متى بالضبط توقف الضرب حتى سمعت صوت الحنفية و فتحت عينيها لتشاهد من خلال دموعها أختها و هي تغسل وجهها مرارا .
رأتها تتقدم نحوها بخطى ثقيلة فتهاوت على الأرض بتعاسة و هي غير قادرة على تحمل كل ذلك الاحتقار في نظراتها إليها .
راقبت قدميها تبتعدان و رفعت عينيها لتراها تجلس على الأريكة و هي تسند جبينها على كفها و تهز رأسها كأنها سمعت مصيبة لتوها .
- مسكينة أنا ، سمعتها تقول بصوت خافت ، مسكينة .
طوال ثلاث سنوات بعد زواج أختك ليلى و أنا أرغم نفسي على الاستمرار معه .
كل أسبوع كان يعطيني أكثر من سبب لأرحل ، لأبتعد عن عيشة الهم التي أعيشها ، لأستريح أخيرا .
و لكني قاومت نفسي ، و فضلت البقاء في زواج الجميع يعلم أنه فاشل ، الناس يظنون أني فعلت ذلك من أجل الأولاد ، لكن الأولاد كبروا .
فعلت ذلك من أجلك أنت ، تحملت من أجلك أنت حتى لا يقال لديها أخت مطلقة ، حتى تكون فرصتك أفضل من فرصتي .

توقفت تمسح دموعها ثم واصلت بشبه همس :
- مسكين شقيقك محمد ، تغرب في عز شبابه و لم يتزوج إلا بعد جميع أقرانه لكي يحرص أن لا تحتاج إحدانا إلى شيء و خاصة أنت .
مسكين شقيقك عصام الذي يضحي يوميا بساعة من نومه لكي يوصلك و لا يتركك لجحيم المواصلات .
مسكينة أمك التي حملت بك على كبر و لزمت فراشها شهرا من أجل سلامتك ، أمك الساذجة التي حتى اللحظة تضرب بك المثل أمام الناس .

للحظات أغمضت عينيها تزفر أنفاسا محرقة قبل أن تستمر قائلة :

- و كله في كفة و بابا المسكين لوحده في كفة .
بابا الذي شاب شعره من أجلنا ، انحنى ظهره من أجلنا ، هرمت عظامه من أجلنا .
طوال عمره يتحمل قرف الخلق ، لماذا ؟ لكي لا يحوجنا لأحد .
و ما الذي طلبه منا بالمقابل ؟ ما الذي طلبه مني أو منك ؟
هل طلب منك أن تعوضيه و لو بفلس واحد ؟
هل طلب منك أن تهبيه من سنين عمره تعوضيه عن سنينه التي فقدها و هو يشقى من أجلي و من أجلك ؟
كل ما طلبه منك هو أن تحفظي شرفه ، هو أن تصوني عرضه .
هل هذا كثير عليه ؟ ألا يستحق منك أن تحفظي نفسك من أجله ؟ ألا يستحق ؟
لكن طبعا ابن الحرام الذي لم يخسر عليك سوى بعض كلمات رخيصة هو أرفع قدرا و أرفع مكانة عندك من أبيك .
- كلا يا أختي ، هتفت فرح مختنقة بدموعها ، لا تقولي هذا .

لكن أختها استمرت كأنها لم تسمعها :
- يا بابا يا مسكين ، تعال انظر لابنتك التي رخصت شيبتك .
يا رجل يا طيب ، يا من قضيت عمرك تردد و تقول " أنا لا أعتدي على عرض أحد حتى لا يعتدي أحد على عرضي " تعال انظر لابنتك التي ...

توقفت رغما عنها و فرح تضع يدها على فمها و كل جسدها يهتز بقوة نشيجها .
انحنت تقبل يديها مرارا و هي تقول بين شهقاتها :
- يكفي أختي ، أرجوك يكفي

أخذت يد شقيقتها و لطمت بها خدها مرتين و هي تواصل :
- اضربيني ، اصفعيني ، افعلي بي ما تشائين و لكن لا تتكلمي أكثر ، أرجوك أختي ، ارحميني ، أرجوك ، أرجوك ، أرجوك .

لدقائق اختلطت نشيجها بنشيج أختها حتى شعرت بها تربت على كتفها و تشير لها بالجلوس بجانبها .
- إلى أين وصل معك ابن الكلب ؟ سألتها بعد لحظة صمت .
لا تكذبي علي فرح ، أضافت بجمود و هي تراها تهرب بنظراتها منها .
- لا يوجد ... ، بدأت تتمتم قبل أن تغير رأيها و تقول باستسلام ، منذ ثلاث سنوات حدث و أن تقابلنا عدة مرات و في آخر مرة ..

انكمشت على نفسها و همست بضعف :
- في آخر مرة قبلني .
- و لماذا مازال يلاحقك إلى الآن ؟ هل تتقابلان من جديد ؟
- أقسم لك أختي ليس بيننا شيء الآن ، لم يحدث بيني و بينه سوى تلك القبلة .
- سوى تلك القبلة ، كررت شقيقتها و هي تضرب على ركبتيها مرتين .
و من علمك أن القبلة هينة ؟
ماما ؟ بابا ؟ نحن ؟
و لكنك لا تلامين ، أنت من جيل تربى على المسلسلات .

صمتت تتأملها طويلا قبل أن تقول بهدوء آسف :
- أخبريني فرح ، لماذا ؟
هل قصر أحدنا معك في شيء ؟
- لا أحد منكم قصر معي ، بالعكس ، كلكم تريدون مصلحتي و أنا أعلم ذلك .
- إذن ما هذا الذي أنت فيه ؟
- لا أعرف أختي ، لا أعرف ، لكني ضعيفة يا أختي ، ضعيفة ، لست مثلك ، لست مثل أي واحدة منكن ، أنا ضعيفة .
لا أدري أين الخلل ،ربما لأنه في وقت ما كان التركيز كله علي أنا ، ربما شعرت بالاختناق ، لا أدري
لكني لم أستسلم أختي ، كنت أحاول دائما ، أحاول أن أكون مثلكن و مثل أمي .
و الموضوع صعب .
البنات و كلامهن الدائم عن الحب و عن ... ، أنت تعرفين .
- أعرف ، نطقت أختها أخيرا .
الموضوع صعب عليك أنت بالذات ربما لأنك أجملنا يا فرح .
أنا أعلم أن الجمال ليس دائما نعمة و أعلم أنك تعرضت لضغوطات أكثر منا جميعا و لكن يا فرح يا أختي مشكلة أولئك الفتيات أنهن محرومات من الحب لكن أنت لم نحرمك يوما من شيء .
تذكري دائما أنه ليس كل البنات لديهن أب مثل أبيك .
وجود أبيك في حياتك نعمة يا أختي .


................................


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس