فتح باب السيارة بعد أن رفع غطائها ...ثم أمسك جزءاً من مقعده مطوياً إلى الأمام ,و أشار إلى ليديا بالدخول إلى المقعد الخلفي ... فقالت :
-آلا يمكن أن أجلس في المقعد الأمامي ؟لم أزر هذه الجزيرة قبل اليوم ، وأحب أن أرى كل شيء يمر بنا .
كان المقعد الأمامي يتسع لثلاثة أشخاص و ستكون هذه طريقة مثالية لأبعاد سالي عنه ، فرد عليها بلهجة باردة :
-سترين جيداً من المقعد الخلفي فالسقف مرفوع ...أصعدي .
لم تعجبها طريقته في مخاطبتها . أنه يعاملها كطفلة أو خادمة يمكنه أن يوجه إليها الأوامر ،فاستدارت إلى شقيقتها لتطلب منها الجلوس معها .لكنها رفضت و حثتها على الصعود إلى الخلف.
-لقد تأخرت طائرتك في الوصول ،و كنت و كليف قد انتظرناك ما يزيد عن الساعة . -آسفة ... ما كان عليكما المجيء.بامكاني استئجار سيارة أجرة . نظرت إلى كليف مباشرة ... فلمستها أختها بنفاد صبرودفعتها :
- سبق أن أخبرتك بأنني سألقاك و قد فعلت .
بعد تردد استسلمت ليديا و استقرت في المقعد الخلفي المريح،أما الآخران فاستقرا في مقعديهما.
بدأت السيارة بالخروج من الموقف نحو طريق ضيق تحده شجرات نخيل مغبرة،فلفح الهواء الحار وجهها و شعث شعرها الأسود.
نظرت إلى منكبي كليف برودي العريضين متسائلة عما فيه ليؤثر فيها بطريقة خاطئة .كان ينظر و يتحرك و كأنه يملك الأرض كلها .تجهم وجهها و هي تفكر ...ربما هو يملك الدنيا ...نظرت إلى داخل السيارة الفاخر ،ربما هو أحد الأثرياء الذين قرأت عنهم .
كان يتصرف و كأنه يملك سالي كذلك .تسارعت أفكارها عندما شاهدته يرفع ذراعه البرونزية و يضعها على كتفي سالي ليجذبها إليه .
مرت بهم عدة سيارات تسير إلى الجهة المعاكسة للطريق ،فبدا لها هذا غير منطقي.سألت:
-لماذا يقود الجميع سياراتهم يساراً ؟
فردت سالي :
-لأن الجزيرة كانت من المستعمرات البريطانية .
أجاب كليف:
لكنها لم تعد مستعمرة.وإذا كان عليهم أن يستمروا في السير إلى اليسار فلمادا لا يستوردون سيارات مقودها إلى اليمين ؟
-بعضهم يفعل هذا لكن معظم السيارات المستوردة يابانية أو أمريكية الصنع و ستعتادين على هذا بعد فترة .فاسترخي...ليس هناك خطر.
وكأنه يقول بكلمات أخرى ...أخرسي .لكنها بدلاً من ال‘رتداد إلى الوراء مالت إلى آلأمام كي تتحدث إلى سالي :
-هوراد اشترى سيارة جديدة .لقدنال ترقية حديثاً و هو سيصبح مديراً في الشركة التي يعمل فيها .
أرادت أن تضع حاجزاً بين سالي و كليف بذكر زوج أختها .لكن سالي لم تعلق ،ولم تلتفت إلى شقيقتها بل وضعت رأسها على كتف كليف ،و إحدى يديها على ذراعه .
انضم الطريق الفرعي إلى طريق عريض على محاذاته رمال صفراء ممتدة تظللها بضع شجيرات بدت و كأنها الصنوبر .و خلف الرمال بدت المياه خضراء صافية،تشتد إخضراراً كلما أصبحت أعمق .و على بعد ميل من الشاطئ كانت الأمواج تتكسر بشكل قناطر من الزبد أثناء اصطدامها بجرف من الصخر المرجاني .
-لا أكاد أصدق أن الطقس كان مثلجاًعندما غادرت البلاد. قال لي هوارد أن هناك تفسخات بسبب الثلج في منطقة سكنكم .و قد حفر طريقه للخروج من منزلكم .
-إنه ليس منزلي ،إنه منزله .
-حسنا إنه المنزل الدي تسكنين فيه معه .لذا أقول منزلكما .
ولم ترد سالي ...بل هزت كتفيها .تباطأت السيارة و أخذ الطريق يبتعد عن الشاطئ ،فحل مكان الأشجار و الرمال من جهة اليمين جدار أبيض،تدلت منه أزهار حمراء كالاجراس .و عبر البوابات لمحت ليديا جدران الفيلات الفخمة و الحدائق المعتنى بها جيداً ،حيث تحافظ مضخات المياه على خضرة الأرض .سقوف حمراء كانت تلمع تحت أشعة الشمس ، في مواجهة السماء الزرقاء الموشحة بغيوم بيضاء كالريش.قالت سالي:
-هذه أميرالد كاي.
جذب كليف ذراعه عن كتفيها ،ثم أدارت السيارة إلى ما بين عامودي بوابة،فاندفعت في طريق خاص توقفت بعده أمام منزل ريفي مؤلف من طابقين جدرانه خضراء و نوافذه بيضاء . سألته سالي :
-هل ستدخل لتناول القهوة يا كليف؟لقد حان وقت الغروب .
-ليس هذا المساء.أنت دون شك تريدين سماع الأخبار العائلية التي تحملها ليديا في جعبتها .