عرض مشاركة واحدة
قديم 14-12-18, 06:57 AM   #1256

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل الخامس و العشرون ( الجزء الأول )





" لست رجلا " ، نفس الكلمة التي دفعته للهروب من أمامها هي التي أعادته بعد دقائق طويلة قضاها يقطع الطرقات الواسعة بتهور مجنون .
خرج من السيارة ، لا يحتمل حبسه داخلها أكثر ، وقف على الرصيف قريبا من باب بيتها و اتصل بها .
ربع ساعة مريرة ثقيلة مرت عليه و هو واقف يعيد الاتصال لتقفل عليه في كل مرة قبل ان تغلق هاتفها نهائيا في وجه انتظاره تزيد من حيرته و تشتته .
عاد إلى البيت و سواد كبير يسكن صدره .
ليس رجلا فعلا ، لم يكن رجلا معها .
استغل ضياعها ، هشاشتها و حاجتها إليه و ضعف أمامها ، لم يقدر أن يسيطر على رغبته فيها .
شعر بسواده يكبر ، يتفاقم و هو يستلقي على سريره متقلبا على شوك تأنيب ضميره له .
هي أنكرت لكن كل فتاة في مكانها كانت لتنكر .
و هو يريد أن يصدقها ، من كل أعماقه يريد أن يصدقها لكنه لا يقدر ، شكوكه أقوى منه و من مشاعره.
يحبها ، يعشقها لكنه في ذات الوقت لا يستطيع نسيان تلك الصور الجارحة لقلبه ، رجولته و كرامته .
جسدها بين ذراعي رجل سواه ، يحضنها ، يشعر بها و تشعر به كما كانت تفعل معه .
غيرة سوداء بدائية تتدفق ملتهبة داخل عروقه لمجرد تصور الأمر ، غيرة تجعله عاجزا تماما عن سماع أي صوت آخر غير صوت دقات غضبه العاصف .
و يجد نفسه غير قادر على العودة إليها رغم يقينه باحتياجها له .
هو لا يحكم عليها بالتأكيد .
يعرف تماما أنها ليست ذلك النوع الرخيص من البنات ، ليست من الباحثات عن المتعة الوقتية ، يفهمها تماما و يعلم أنها تبحث عن علاقة دائمة ، عن استقرار لم تجده يوما .
لكن المشكلة أن ذلك ال... كان خطيبها ، خطيبها ، خطيبها ...
و مع خطيبها الموضوع يختلف و يختلف كل شيء بعد ما رآه و خاصة في وضعها هي .
قام من مضجعه يجلس بكآبة واضعا وجهه داخل كفيه .
يشعر بالنذالة إلى درجة لا توصف ، كيف طاوعه قلبه أن يقبلها كل مساء بينما أبوها مريض في الداخل ،
حتى و هو لا يحترمه ، لا يعتبره رجلا كان عليه أن يحترم نفسه هو و الأهم أن يحترمها هي .
ضرب جبينه بقبضته عدة مرات و هو يشتم نفسه بقسوة .
.
..


بعد أيام وقف في الشارع تائها في أفكاره ينظر في حال هذه الدنيا .
جاء يوم الخميس أخيرا ليذكره كم تستطيع الأيام أن تكون غادرة ليصير اليوم الذي كان ينتظره ، يحلم بقدومه ، يوم عقد قرانه ، يوم كان من المفروض أن يكون من أسعد أيام حياته و يصبح فجأة أتعس و أمر يوم في عمره .
ترى ماذا قالت لأهلها ، لصديقاتها ؟
ترى ما الذي تشعر به في هذه اللحظة ؟
هل يمتلئ صدرها بهذه الخيبة التي تضطرب بها أعماقه ؟
كان المفروض اليوم أن تكون زوجته ، حلاله ، ملكه .
و ها قد أصبحت غريبة من جديد .
.
..

مضى يومان آخران لم يعرف تماما كيف سوى أنه استسلم فيهما لروتينه اليومي بلا روح .
و يوم السبت وجد نفسه يدخل دون ادنى رغبة إلى كافتيريا النادي فقط مجاراة لإلحاح كمال المتكرر .
جلس بملل لم يحاول إخفاءه في أول طاولة شاغرة تقابله ثم بعد لحظات شرود رفع عينيه عن هاتفه ليلمح كمال ينظر لنقطة ما خلفه ، يبتسم ابتسامة صغيرة ثم يعود باهتمامه إلى فنجان قهوته .
بتردد بسيط و خفقات قلب لم يعد قادرا على السيطرة عليه ، استدار في مقعده ليراها جالسة ظهرها إليه في الطاولة التي تشغل زاوية الكافتيريا ، تقابلها مهى التي رفعت يدها في تحية قصيرة له قبل أن يراها تتمتم شيئا ما للتي تسكن أفكاره .
شعر برجفة أكبر في صدره و هو يراها تنكمش في كرسيها قليلا ثم ترفع يدها اليسرى إلى النادل في رسالة وصله معناها فورا و هو يرى إصبعها الخالية من خاتمه .
تضخم السواد داخل صدره حتى انفجر من نظراته و هو يسترجع تلك اللحظة التي ألبسها فيها إياه .
ذلك الشعور الذي لا يوصف و هو يمسك يدها بين كفيه يتأمل بعشق علامة ارتباطهما التي زينت خنصرها الرقيق .
شعر كأنه فاز بشيء غال جدا
و الآن ...
بحركة مفاجئة وقف دفعة واحدة .
- اعذرني كمال ، تمتم بصوت جامد ، مضطر للمغادرة حالا .
.
..

من مكانهما ، تأملت مهى ظهره المبتعد بشيء من الشجن حتى اختفى من أمام ناظريها ثم التفتت تقول لابنة خالتها بهدوء :
- تستطيعين الاسترخاء الآن ، لقد غادر
- في داهية
- إلى هذه الدرجة شاهي ؟! علقت مهى بصدمة و الخيبة تغزو ملامحها .

أشاحت شاهيندا بوجهها في صمت قبل أن تتأفف بقوة و هي تسمع مهى تقول بتردد :
- ما زلت مصرة ألا تخبريني بما حدث بينكما
- من فضلك ماهي لا أريد أن أتكلم عنه .

صمتت تتشاغل بإلقاء بعض النظرات الخالية من الفضول فيما حولها حتى أعادها صوت النادل إلى اللحظة الحالية و هو يسألها عن طلبها .
- ليمون من فضلك ، ردت عليه بابتسامة صغيرة .

لم يغب طويلا قبل أن يعود بالطبق المحمل بطلبها و طلب مهى .
راقبته يضعه على الطاولة الصغيرة ثم رفعت عينيها نحوه بنفس الابتسامة .
- شكرا .
- من فضلك و شكرا !! تمتمت مهى باستغراب بمجرد ابتعاده ، أين ذهبت شاهيندا القديمة ؟
- ستعود مهى لا تقلقي ، ستعود ، تمتمت بعبوس و هي تفكر رغما عنها فيه .

ثلاثة أشهر قضتهم معه ، مضوا بطريقة لم تمض بها الأيام أبدا من قبل .
كان دائما كما قال لها مرارا يسعى فيهم لإخراج المرأة الأخرى التي يعلم يقينا بوجودها بداخلها .
- قليل من المراعاة لهؤلاء الناس يا حبيبتي ، كان يطلب منها بدفء
- أنا أدفع لهم بسخاء ، كانت هي تجيبه ، تحاول الدفاع عن تهمة لا تعرفها .
- لا يكفي يا روحي ، لا نريد أن نصبح مثلما يريدون لنا أن نكون ، نتعامل مع كل شيء على أنه سلعة
مع المال دعينا ندفع قليلا من دفء روحنا ، قليلا من تعاطفنا .

كان ينظر داخل عينيها و يواصل بنفس الدفء :
- كل ما عليك فعله هو أن تحاولي وضع نفسك مكان هؤلاء الناس و تلقائيا ستتغير تصرفاتك نحوهم

و معه بالفعل لم يكن الأمر صعبا ، لم يكن أي شيء صعبا .
كم مرة رأته يقوم بكل تلك الأشياء التي ينصحها بها .
رأته يتعاطى ببساطة و بصدق مع أولئك الأقل حظا في الحياة كما يسميهم ، يجلس مع النادل بأريحية ، يسأل عامل النظافة عن حياته و أولاده باهتمام غير زائف ، يفتقد وجود البواب و يشعره بذلك .
طوال الوقت كان يكلمها بصوته العميق ، حنان نظراته يحضن قلبها و ذلك الاحتواء الأبوي الذي لم تشعر به سوى معه .
دفء كبير سرى منه إلى روحها دون عقبات و هي سمحت له لأن هذا بالضبط ما كانت تفتقده في حياتها .
و الآن يجرأ و يرحل عنها و عن أيامها ليتركها باردة كما لم تشعر أبدا من قبل .
- ماذا قلت ؟ تساءلت بتقطيب خفيف و هي تغادر ذكرياتها تدريجيا على وقع كلمات مهى .
- كنت أقول ليس من الضروري أن تخبريني بتفاصيل عما حصل بينكما ، أوضحي لي فقط ما نوع المشكلة ، ربما تكونين ظلمته حبيبتي
- ظلمته ، كررت الكلمة باستنكار

من منهما ظلم الآخر ، تساءلت بمرارة و هي تواصل الصمت ترتشف عصيرها دون رغبة فقط فرارا من مزيد من الكلام .
- أخبريني مهى هل أنت في صفي أم في صفه ؟ قالت أخيرا .
- في صفك طبعا بغض النظر عن من منكما المخطئ لكن بصراحة النظرة الحزينة التي رأيتها داخل عينيه أثرت في قلبي .
- حزن ، قالت شاهيندا باستهانة تكتم بقسوة ارتجافة قلبها ، صدقيني المرة القادمة التي يراني فيها لن يشعر فقط بالحزن ، سيشعر بالقهر ، بالدمار

.
..
...



التعديل الأخير تم بواسطة نغم ; 14-12-18 الساعة 07:22 AM
نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس