عرض مشاركة واحدة
قديم 18-12-18, 09:02 PM   #8771

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي


بعد ثلاثة ايام .. قرابة الغروب



وسط العاصمة تقف جواره متكئين على سور قديم لاحد الجسور التي تعبر النهر من ضفة الى اخرى .. تلتزم شذرة الصمت وتنتظر منه بادرة لحديث حقيقي وقد طال صمته لايام ..

لم تره الايام الماضية لكنه كان يتصل بها اخر الليل فقط يطلب منها ان تتكلم في اي شيء عدا أمر واحد ... أشجان ... وقد اراحته وهي تستجيب لمطلبه فتثرثر في اي شيء دون ان تسأل ودون ان تأتي على ذكر ما حصل ... اما اليوم فقد اتصل عصراً وطلب ان يخرجا معاً فكان لقاؤهما عند بوابة بيت العطار اشبه بعبور خط فاصل ...فوضعت يدها في يده لتتركه يأخذها بصحبته في لفة طويلة يجوبان وسط العاصمة معاً ثم انتهى بهما المطاف على هذا الجسر ..

منذ خرجت معه وهو في حالة هدوء وسكون.. ثرثر قليلا لكن السكون يغلب عليه .. استغربته قليلاً لكنها تفهمته .. كان يعيش حالة خاصة من الحزن وربما هي اقرب لوقفة في محطة كي يستعيد توازنه قبل ان يواصل الرحلة ..

تنظر الى جانب وجهه الوسيم وهو يسرح بنظراته لمياه النهر فتتذكر دموعه قبل اربعة ليال لا اكثر.. ما زالت رعدة تمر بجسدها كلما تذكرت موت أشجان وصرخة بتول المفجوعة ..

ما زالت تحلم باشجان وهي تطلب الغفران.. تترجاه ان لا يسلمها للغرباء كي يدفنوها ..

صوت رقية المشاغب الموبخ يطن في اذنها .. ينغزها (يا كئيبة) فتنحى شذرة جانباً تأثرها بكلمات رقية لتأخذ نفساً قبل ان تمسك بذراع خليل وقد قررت ان تعبر معه هذه المحطة فتسأله بتحشرج وبعض التردد "كيف كان العزاء ؟" التفت اليها ونظر في عينيها مطولاً قبل ان يرد " بتول قامت بالواجب على اكمل وجه .. لم يكن هناك عزاء رجال .. فقط للنساء .."

تشجعت اكثر فذابت عيناها بالعاطفة والفخر وهي تقول همساً متأثراً " وانت أكرمت أشجان بالدفن وحققت امنيتها الاخيرة ان تجاور امها "

ملامحه كانت هادئة للغاية وهو يعقب على كلامها بالقول " رحمهما الله معاً .. اتمنى انها وجدت راحة اخيرة في قبرها .. راحة لم تجدها ابدا في دنياها "

مدت شذرة يدها لتستقر فوق كفه المستريح على السور وتقول له بإيمان كامل توصلت اليه خلال اليومين الماضيين وهي تستعيد كل حرف نطقته أشجان " لكنك منحتها الكثير في الدنيا يا خليل وقد كانت ممتنة لك حتى لو تمادت بافعالها المشينة معك .. سامحها الله وغفر لها "

أطرق قليلا وهو يتمتم " امين ..."

كانت سعيدة انها قالتها له بصدق وقناعة..

يدها ما زالت فوق يده فيحرك ابهامه للاعلى قليلا ويلامس جانب يدها فيخفق قلبها بالشوق فتتذكر كلمات رقية حول (طلب عطائه) لتبادر ببعض الجرأة

" خليل .. اريد منك طلباً الليلة ..."

يرفع عينيه الجميلتين اليها وهو يرد بكرم رجل عاشق سخيّ العاطفة " عيون خليل .. اطلبي وبحول الله وقوته سأنفذه لك.. "

تشعر بالخجل من شوقها اليه .. من حاجتها الملحة ليبقى قريباً منها .. تتورد وهي تطلب

" اريدك ان... تبيت الليلة عند .. خلود .."

ترققت ملامحه وهو يرد عليها بحنان " إن كنت قلقة علي فلا داعٍ.. انا بخير ... ام ربما هي خلود من دفعتك لتطلبي هذا ؟ "

دون شعورها يدها تلتف حول كفه تتشبث به وتتعشق اصابعها باصابعه وهي تقول بهمس دافئ وخدين محمرين

" لا ليست خلود .. انها أنا.. واطلبها لاجل نفسي .. اريدك قريبا ... مني... الليلة... ولو في البيت المقابل.. ربما تراه دلالا مني .. انا... اسفة .."ترتفع وجنتاه بابتسامة حلوة تنعكس في عينيه ثم يقول لها بصوت يقطر عذوبة "تدللي حتى آخر العمر .. ربي خلقني لادللك"

تغرق بالخجل وتشيح بنظراتها بعيدا بينما يضيف هو بصوت رجولي هامس حار

" لم أفعلها يوماً منذ زواج خلود وقد طلبتها مني مراراً ..لكني الليلة سأبيت عندها فقط لاجلك وبشرط واحد ... ان تقضي الامسية معنا حتى آخر الليل .." تهز رأسها وقلبها يخفق سعادة وهي تهمس " حاضر.."

يحاوط كفها بكفه ثم يبتعد بها عن السور وهو يسير معها ... كفه كان دافئا للغاية .. اصابعه تلامس باطن كفها فيجعلها تشعر بالشوق يكويها لتكون قربه الى الابد ...

***





الملحق .. بعد العشاء ...



تخرج من المطبخ وهي تحمل صحن المكسرات .. تمر بزوجها الذي خرج لتوه من الحمام وهو يجفف يديه بالمنشفة فتعقد حاجبيها بتركيز وتميل نحوه تسأله بخفوت " هل كلمت ابا جعفر ؟ ماذا قال لك بخصوص خليل ؟"

يعقد حاجبيه بطريقة تشبهها ليرد عليها بنفس الخفوت " لماذا تتكلمين بهذه النبرة وهذه التعابير وكأننا نتستر على جريمة ما؟!"

تعبس في وجهه فيغيظها وهو يرمي المنشفة ارضا ثم يأخذ صحن المكسرات عنوة من بين يديها ويقول مشاكساً " اين الشاي يا امرأة .. منذ نصف ساعة وانت تعدينه وكأنك تطبخين (باجة)* "

تزفر بحنق وهي تنحني لتلتقط المنشفة من الارض ثم تناظره بقهر وهو يضحك في وجهها ساخراً .. لكنها لا تهون عليه فيميل نحوها ويهمس لها " ابو جعفر يقرؤك السلام ويقول لك ابننا خليل يعادل وزنه ذهباً .."

تتنهد من اعماق صدرها وتمحنه أطيب ابتسامة قد يراها بشر وهي تقول بتؤثر "اقسم بالله ان ابا جعفر هو الذهب ذاته .."

يضحك حذيفة ضحكة قصية خافتة يداري على على غيرته ثم يغمز لها قبل يتحرك قائلا " الحقيني بالشاي ولا تتأخري .. اظن سوسو صدعت رأس خليل وشذرة بالاغاني الشعبية التي تشغلها منذ انتهائنا من تناول العشاء .."

بعد ربع ساعة كان حذيفة يضرب كفاً بكف بينما يرى زوجته الهبلاء تتراقص مع ابنته بطريقة مضحكة على انغام احدى الاغاني الدارجة هذه الايام ..

يضحك خليل من قلبه هو وشذرة لكن حالما اقتربت خلود لتجر شذرة للرقص معها عبس خليل وهو يتشبث بذراع شذرة رافضاً بحزم ..

ثم يستغل خليل الامر ليسحبها قربه اكثر تلاصقه فتحمر شذرة وهي تغطي على خجلها بالتصفيق مع رقص خلود وسوسو ...

***







قرابة الثانية عشرة





الشارع خال تماما وهو يعبر معها الى الجهة المقابلة .. انارات قليلة متفرقة جعلت الظلمة أقل وطأة .. يتمهل بالخطوات ليطيل البقاء فيثرثر في سكون الليل " هل كنت تعلمين ان .. مصعب... انتقل للعمل في مدرسة جديدة ؟"

تشعر بتوتر يده التي تحاوط يدها فترد وهي تلتفت اليه " لم اعرف الا عندما قالتها خلود الليلة .. " يزفر نفساً من صدره وهو يعترف لها "لم أكن اعرف كيف سأتعامل مع هذا الامر والعام الدراسي يوشك ان يبدأ "

لم تضف شذرة كلمة اخرى لكنها في داخلها كانت تعلم ان شخصية مصعب المغرورة في ظاهرها والمليئة بعقد النقص في باطنها لم يكن سيستمر بالعمل في المدرسة ذاتها معها... خاصة بعد رفضها للصلح وخطبتها لآخر ..

تكتمل خطواتها مع خليل حتى بوابة بيت العطار فيفتحه لها وشذرة تتمتم بالشكر في رقة ..

كانت ليلة لا تنسى .. والفرحة العارمة في قلبها انه سيبيت ليلته قريبا منها هي نفسها لم تكن تتخيلها ...

التفتت اليه عند البوابة فلم تر الا ابتسامته ليهمس بعدها " متى سيجمعنا بيت يا قرة عيوني ؟ سقف واربعة جدران فقط لاضمك الى صدري دون حسيب او رقيب..."

يشع وجهها حرارة وهي تبعد نظراتها عنه بينما تتمتم لم تعرف كيف دخل واغلق البوابة خلفه ثم جرها اليه وفي زاوية مظلمة ما بين البوابة والحديقة كانت تتأوه وهي يغمرها بحضنه .. تهمس اسمه " خليل .." وهي تنعزل عن العالم .. بل بات حضنه هو العالم كله وما فيه ..

يميل اليها وتشعر بفمه قريبا من فمها يهمس

" لم اتمن يوماً ان املك مالا كما تمنيت الليلة .. ليت بيدي ان اشتري لك بيتاً الحظة فلا نبيت تحت سقفين متفرقين .."

ترفع عينيها اليه يغلبها الخجل فتعض شفتيها بعجز وتفيض نظراتها بالشوق دون شعورها فيتنهد وهو يتوسلها همساً " بالله عليك لا تدعي عينيك هاتين تكلماني عن الشوق الآن .. يكفيني ما انا فيه .."

تتهور شفتاه والشوق يحكي حكايته ..

والقلب يحكي حكايااااات ...

***

تفتح شذرة باب المطبخ المظلم وهي تشعر بالحرج .. لكن ابتسامة شقية تتراقص على شفتيها وحمرة دافئة تزين خديها وقلبها ما زال يخفق بجنون اما جسدها فيأبى نسيان حضنه..

اطلقت صرخة مكتومة وصوت رقية العابث ينبعث من ظلام المطبخ " ما شاء الله .. ما شاء الله ! ما زال الوقت مبكراً للعودة يا انسة شذرة .." تغلق شذرة باب المطبخ وهي تضع يدها على صدرها وتوبخ رقية بصوت خافت " رقية لقد أرعبتني حتى الموت .. كاد قلبي يتوقف .. " تضيء رقية احد انارات المطبخ فتظهر ابتسامتها المشاكسة العابثة كعبث نبرتها وهي تقترب من شذرة وتقول " هل انادي خليل ليمنحك (قبلة الحياة) ويسعفك ؟"

تتأفف شذرة لتداري على خجلها وهي تدعي الحنق فتحاول تجاوز رقية لكن رقية ما زالت تشاكسها فتقف في طريقها وتضيف ما يزيد من احراجها " لحسن الحظ ان ابتهال تنام مبكرا رغم انها نامت وهي حانقة من تأخرك واوصتني ان انتظرك لاخبرها متى عدت .."

تبتلع شذرة ريقها ووجهها يحمر للغاية بينما تدافع عن نفسها عفوياً وتقع في فخ مشاكسة رقية لها " خلود ألحت كثيرا .. لم استطع .. المغادرة .. قبل الآن .."

تلمع عينا رقية بالخبث المرح وهي تسألها "وهل ألحت كثيرا ليحضنك اخوها هكذا وفي الزاوية المظلمة يا شذرة ؟! ألم يكن ينفع بعض الاضاءة لاركز اكثر !"

هذه المرة شعرت شذرة انها كلها غدت كتلة حمراء قرمزية فتهتف في رقية بحنق وخجل فظيع "رقية كفاك !" تضحك رقية ثم تغمزها وهي تشاكسها بوقاحة عابثة " اقسم بالله حتى الظلمة تنير بحضن من كائن رجولي فتّاك كهذا .. اما قبلته.... يا ويل قلبي .. وانت تذوبين حرفياً .. كان يجب ان يُصور هذا الحضن ويُدرس في المناهج لاجيال واجيال.." لم تعد تحتمل شذرة المزيد فتدفع رقية وهي تتجاوزها وتوبخها بصوت غاضب مكتوم " انت .. انت وقحة .. مستفزة... عديمة الحياء" تضحك رقية وهي تراقب هروب شذرة لتصعد درجات السلم ثم تتثاءب وهي تطفئ انارة المطبخ وتقول بابتسامة رومانسية " آآه من الحب وما يفعله ..."
***






يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس