عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-09, 01:45 PM   #24

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 4 ـ إنذار القلب

4 ـ إنذار القلب

بعد صنع رجل ثلج مع ميلودي، وتحضير حساء حار وكعك طري مدهون بالزبدة، شعرت كيم بتحسن قليل.
وقفت عند الحوض تغسل أواني الشاي بعد أن أرسلت ميلودي إلى غرفتها لترتبها، فاعترفت بأنها تصرفت بشكل بالغ الحماقة لأنها وقفت هناك كشخص فقد إدراكه، وراحت تحدق في وجهه. ولكن ربما لم يكن يعلم ما تفكر فيه!
ذلك أنها هي نفسها لم تدرك ذلك إلا بعد أن أحجم عن معانقتها.
تنهدت بخفة وهي تنظر من النافذة إلى الحديقة الخلفية بعينين لا تريان، وبادلها الرجل الثلجي التحديق بعينين لا تطرفان.
الشيء الجنوني هو أنها لم تكن تريد منه أن يعانقها، خاصة في وضح النهار. كان هذا آخر ما تريده، فحتى لو لم يكن لوكاس كين رئيسها، لما فكرت في أن تنشئ معه علاقة ولو بعد مليون عام... لا هو ولا غيره. وخصوصا هو. فهو رجل مستبد، وبالغ القوة جسديا وذهنيا، وبالغ القسوة والبرودة والسخرية. وهو جذاب للغاية، بذلك حدثها صوت ضئيل في داخلها، ومدفوعا بضميرها الصادق.
آه.. مهما يكن... وغطست يديها في ماء الصابون الساخن، غاضبة من نفسها ومن لوكاس كين ومن العالم أجمع. لم تعد تفهم نفسها، وتلك هي المشكلة، أو ربما لم تعد تثق بنفسها. فهو لم يتقرب إليها... وفي الواقع، أظهر بوضوح، بعد ظهر ذلك اليوم، أنها لا تجذبه أكثر مما تجذبه ورقة خس... وهكذا عليها أن تتقبل فكرة أن المشكلة كانت مشكلتها هي وحدها.. وخفف هذا الإدراك عنها قليلا.
لسبب ما، كان تأثير لوكاس فيها أكثر من تأثير أي رجل آخر من قبل.
وجمدت يداها مرة أخرى وشردت عيناها. عليها إما مواجهة الحقائق وكبح مشاعرها الحمقاء، والحرص على ألا يتكرر ما حدث بعد ظهر هذا اليوم، وإما ترك العمل. كان الأمر بهذه البساطة. وإذا هي تركت العمل، فسيكون معنى ذلك الوداع للراتب الرائع، والوداع للسيارة، وربما أيضا الوداع للبيت، لأنها غير واثقة على الإطلاق من أنها ستحصل مرة أخرى على وظيفة كهذه. أيمكنها حقا أن تجد تبريرا لسلب ابنتها ميلودي ما بإمكانها أن تعده لها من مستقبل لامع؟ لمجرد أنها تجد رئيسها أكثر الرجال جاذبية منذ نزل آدم إلى الأرض؟ لا، ليس بإمكانها ذلك.
وعادت تغسل الأطباق بشكل آلي. عليها أن تذهب إلى العمل غدا وكأن شيئا لم يحدث. لقد اشتغلت ثلاثة أشهر وبإمكانها أن تتابع ذلك، على العقل أن يسيطر على الأمور.
كان رنين جرس الباب راحة لها من أفكارها، لكن حاجبيها ارتفعا وهي تذهب لتفتح الباب. لا يمكن أن يكون القادم سوى ماغي، لكن صديقتها نادرا ما تأتي دون إنذار مسبق. أتراها تشاجرت مع "بيت" مرة أخرى؟ يبدو أن الأمور تتجه من سيء إلى أسوأ، وهي تعلم أن ماغي قد قرب صبرها من النفاد بسبب عدم تمكنه من التصميم على الزواج. يا للرجال! وفتحت كيم الباب مقطبة الجبين.
أساس مشكلتها الحالية والحقيقية كان واقفا أمامها... ومضت لحظة لم تستطع أثناءها إلا الوقوف جامدة تحدق في وجه لوكاس وهي تقلد سمكة في الحوض، فتفتح فمها ثم تغلقه من دون سبب. وسمعته يقول ببرودة:" آسف لقدومي إلى بيتك بهذا الشكل، لكنني حاولت الاتصال بك منذ قبل السادسة. أظن أن الجو وتساقط الثلج مؤخرا قد عطل بعض خطوط الهاتف"
وحدقت إليه بجمود. لم تسمع رنين الهاتف منذ دخولها إلى البيت، وإن يكن نادرا ما يرن في الواقع.
سألها بصبر:" هل يمكنني الدخول؟"
فهتفت:" ماذا؟"
ثم تداركت نفسها وقد احمر وجهها: "آه، نعم. طبعا تفضل بالدخول"
بدا أسمر، كبير الحجم بشكل لا يصدق في البهو الصغير المدهون بلون القشدة. وعندما أشارت له بالدخول إلى غرفة الجلوس، أبقت بينهما مسافة، ثم انتقلت إلى الناحية الأخرى من الغرفة حالما تمكنت من ذلك، مبتعدة عن وجوده المثير لاضطرابها.
كان يلبس معطفا قاتم اللون فوق بذلته فزاد ذلك من تأثير مظهر الرجولة الفياضة منه، ما جعلها تتلعثم:" ألا... ألا تتفضل بالجلوس؟"
شكرها، ثم فك أزرار معطفه وجلس على الكرسي الذي أشارت إليه واضعا ساقا على أخرى بشكل رجولي تماما. ظنت أنها بحاجة إلى أربع عشرة ساعة على الأقل قبل أن تستطيع مواجهته مرة أخرى.
الذكرى المحرقة لما حدث بينهما بعد الظهر، وخفقان قلبها العنيد أخرسها تماما. لماذا هو هنا؟
وإذا بلوكاس يجيب عن السؤال الذي لم تتلفظ به قائلا بهدوء وبصوت جامد:" كنت أبحث عن التقرير المالي الذي أحضرته كلير اليوم. لقد وضعت عليه ملحوظة أطلب فيها منك أن تتثبتي من رقمين فيه، وافترضت أنك أجلت ذلك إلى الغد، لكنني عندما بحثت عنه على مكتبك لم أعثر عليه. وأنا بحاجة إليه لكي أنهي العمل عليه الليلة مع ملف كلاركسن "
ـ التقرير المالي؟ كان مع الأوراق التي أخذتها إليك بعد الظهر.
فقال بنفس الصوت الفاتر:" أعلم هذا. لقد نظرت فيه ووضعت الملحوظة ثم أعدته إليك مع الرسائل التي ستُرسل الليلة"
تابعت التحديق فيه، لكن ظنا فظيعا أخرسها عن الكلام.
لم يتغير التعبير في عينيه الفضيتين، كما لم يتكلم مرة أخرى. ولكن، بشكل ما، ورغم مظهره الهادئ الجامد، أدركت أن الظن نفسه ساوره. فسألته بفتور:" هل أنت واثق من أنك أعدته إلي؟"
فأومأ بالإيجاب.
ـ و... ولم تجده؟
فهز رأسه.
شعرت بالغثيان، وانقلبت معدتها رأسا على عقب. وقالت بتعاسة:" أنا لم.. لم أره"
ـ ماذا يعني هذا؟
أخافتها فداحة هذه الغلطة الشنيعة. لم يكن تفكيرها قويما عندما وضعت الرسائل في أغلفتها وهذا يعني أنها ربما وضعت التقرير في واحد منها. كان التقرير سريا ويشكل وثيقة لعدد من العملاء. فإذا وضع التقرير خطأ في إحدى تلك المغلفات...
لم تحاول كيم المراوغة، بل جذبت نفسا عميقا لم يخفف من عنف خفقان قلبها:" لا بد أنني أرسلته خطأ مع إحدى تلك الرسائل، أنا آسفة للغاية يا لوكاس"
ـ هل لديك فكرة في أية رسالة؟
أرادت أن تغمض عينيها وتعتصر يديها، أو على الأقل أن تتأوه بصوت عال، لكنها هزت رأسها والحزن في عينيها وهي تكرر:" أنا آسفة كثيرا... أنا آسفة حقا... لا عذر لمثل هذا الإهمال. وأنا طبعا، سأستقيل على الفور"
ـ أنا لا أريد منك أن تستقيلي، يا كيم، بل أن تفكري وتخبريني في أي رسالة وضعت ذلك التقرير اللعين
ـ لا أدري.
وجاء قولها هذا بما يشبه النحيب:" قد يكون في أي واحدة منها"
لم يعد صوته جامدا: " بما في ذلك الرسائل الموجهة إلى تيرنرز و بريدون؟"
ـ نعم.نظرت إليه بعجز. كيف أمكنها أن تكون عديمة المسؤولية، ومهملة هكذا؟ إنها النهاية، عليها أن تستقيل، حتى ولو لم يطلب منها ذلك حاليا، فهو لن يثق بها مرة أخرى أبدا.
عبثا حدثت نفسها بأنها كانت تعاني من أسوأ نوبة من الذعر عرفتها في حياتها، وأن السقوط بين ذراعيه ولو للحظات قصيرة، سبب لها من المشاعر ما لم تكن تتصور أنها ستشعر بها مرة أخرى... أو في الحقيقة، لم تشعر بمثلها قط، لأن غراهام، حتى أثناء أيامهما المرحة في الجامعة، لم يلهمها قط مثل هذه المشاعر.
لو يرغب لوكاس كين في سماع كل هذا، حتى لو استطاعت أن تخبره به، وهذا مستحيل بالطبع... وهي تفضل الشنق على ذلك، والغرق، والتقطيع إربا إربا.


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس