عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-09, 03:06 PM   #26

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 4 ـ إنذار القلب

مضت عشر دقائق قبل أن تقود كيم ميلودي كملاك في بيجامتها المزينة بأزهار زرقاء صغيرة إلى غرفة الجلوس لتحيي لوكاس تحية المساء، ولكن كان لدى لوكاس وابنتها رأي آخر.
ـ أعجبتني بيجامتك.
كان هذا أول ما قاله لوكاس لميلودي، وما كان لأي شيء آخر أن يزيد احترامه في عيني ميلودي.
فاشتبكت عيناها الداكنتان الكبيرتان بالعينين الفضيتين:" اشترتها لي العمة ماغي. وبابا نويل اشترى لي خفي هذا وهدايا كثيرة كثيرة"
لوى لوكس وجهه بشكل مضحك:" يا لك من محظوظة. فهو لم يحضر لي شيئا"
ضحكت ميلودي بشكل تآمري:" هذا لأنك رجل كبير يا للغباء!"
ـ هل هذا هو السبب؟ لقد استغربت ذلك.
ازدادت ميلودي ضحكا. واقتربت لتقف بجانبه واضعة يدها على ركبته:" يمكنك أن تأخذ إحدى حبات الشوكولا التي عندي إذا شئت. عندي علبة كبيرة وأمي تسمح لي بواحدة فقط كل ليلة لأنها لا تريد أن تتسوس أسناني"
ـ يا لأمك الحكيمة!
كان لكل ذلك وقع الإنذار في ذهن كيم، ولكن قبل أن تستطيع قول شيء، كان لوكاس قد انحنى وحمل ميلودي يضعها على ركبتيه وهو يقول بصوت كالهمس:" ما أريده منك حقا هو أن تريني رجل الثلج فهل هذا يناسبك؟"
ـ نعم.
ولفت الطفلة ذراعيها حول عنقه تبادله الهمس:" اسمه لسيد ثلج. أنا أسميته بذلك"
ـ ليس هناك ما هو أحسن من هذا الاسم.
لم يعجب هذا كيم، لم يعجبها البتة. كانت قد مشطت ضفيرتها، وارتدت بنطلون جينز وكنزه قبل أن تذهب إلى الحديقة مع ميلودي. والآن ربطت إلى الخلف شعرها الكث، وقالت بصوت حاد:" أري السيد كين رجل الثلج، ثم إلى السرير يا حبيبتي"
فقال بصوت هادئ:" بل لوكس. يمكنك أن تناديني باسمي لوكاس يا ميلودي"
شيء ما في لهجته جعل قلب كيم يخفق.
ـ لكن ماما قالت...
والتفتت ميلودي إلى أمها مشوشة الذهن، فسألها لوكاس بنعومة:" نعم؟ ماذا قالت أمك؟"
ـ قالت إن علي أن أدعوك السيد كين لأن هذا أكثر تهذيبا..
فقال لوكاس بنفس النعومة:" ماما على حق. ولكن بم أنني طلبت منك أن تناديني لوكاس، فهذا عمل مهذب. اتفقنا؟"
ـ اتفقن
وأخذت تتلوى بسرور، مفتونة به بشكل واضح، أما كيم فأخذت تصرف بأسنانها غاضبة. ماذا يظن نفسه وهو يرابط هنا يأكل كما يشاء ويعاكس إرشاداتها لابنتها؟ ثم تذكرت سبب زيارته فتلاشى غضبها بالسرعة التي أتى بها.
لقد اقترفت غلطة لا تغتفر، ولديه كل العذر في أن يقتحم بيتها كالعاصفة هذه الليلة. لكنه، بدلا من ذلك، يبدو هادئا متعقلا بشكل محير. لم تكن تعلم ما سيقوله لها عندما يصبحان بمفردهما. لكنها لن تخطئ موقفه أمام ابنتها لأنها مدينة له بشيء من حرية التصرف.
بقيت تكرر هذا لنفسها بينما كان يقف، ثم يلف ميلودي بمعطفه قبل أن يخرجوا، هم الثلاثة، لزيارة السيد ثلج. وكانت ذراعا ميلودي تطوقان عنق لوكاس، لكن كيم رفضت طلب ميلودي أن يقرأ لها لوكاس حكاية قبل النوم.
ـ لا حكاية هذه الليلة يا حبيبتي.
واستلمت ميلودي من لوكاس حالما أصبحوا في أسفل السلم بعد عودتهم إلى البيت، ثم ناولته معطفه بابتسامة متوترة وهي تتابع:" أنا والسيد كين لدينا حديث خاص وهام عن العمل، ولهذا عليك أن تعدي مما بأن تكوني فتاة طيبة وتذهبي للنوم رأسا"
ضمت ميلودي شفتيها باستياء وهي تنظر إلى لوكاس من تحت جفنيها، لكنها عندما رأت الصلابة على وجه أمها، أذعنت ببشاشتها المعتادة.
توقفت كيم عند باب غرفة الجلوس لحظة قبل أن تفتحه شعرة بالغثيان. ثم سوت كنزتها، ومسحت يديها العرقتين ببنطلونها. إذا كان سيصيح بها أو يصرخ، أما ما كان فعل ذلك على الفور؟
عندما دخلت، كان عند النافذة، فقفز قلبها عندما التفت إليها:" لديك ابنة فاتنة. إنها فخر لك"
ـ شكرا لك.
وقفت كيم عند الباب، لا تدري ما إذا كان عليها أن تجلس أم تبقى واقفة. كان هذا بيتها... قصرها الصغير، لكنها شعرت وكأنها ضيفة فيه. كيف جعلها تشعر بذلك؟
ـ ألا تتذكر أباها أبدا؟
لم يكن هذا ما توقعت أن يقوله. وقرأ هو جوابها في إظلام عينيها المخمليتين. ربما ما كان له أن يذكر زوجها مرة أخرى. اعترف لنفسه، لكنه يريد أن يعرف المزيد عن هذه المرأة المتحفظة العسلية البشرة الذهبية الشعر، ولديه شيء يمكنه أن يستغله الليلة وهو شعورها بالذنب بسبب ضياع التقرير. لم يشعر بالندم لأنه فكر في هذه الطريقة، إذ في الأيام الأولى لالتحاقه بشركة الأسرة، كان أبوه قد علمه أن يبحث دوما عن نقطة الضعف في الخصم، ثم يستفيد منها، فوجد في نفسه استعدادا طبيعيا لمثل هذه القسوة.
وكيم هي خصم. وهو لا يعرف تماما كيف حدث ذلك، لكنه كان يعلم هذا بالغريزة. فقد رأته، لسبب ما، عدوا لها، وكان هذا يتعاظم أكثر فأكثر مع كل يوم يمر. ودست يديها في جيبيها:" أبوها؟ لا. إنها لا تتذكر غراهام"
ـ تعالي واجلسي، يا كيم.
وأشار إلى الأريكة بينما عاد إلى كرسيه. ومرة أخرى بدا وكأنها الضيفة وهو رب المنزل.
جلست على حافة الأريكة، ولكن عندما جذب كرسيه نحو الأريكة، جعله هذا قريبا منها للغاية فابتعدت في جلستها، وقالت بصوت رسمي متوتر:" أنا آسفة جدا بالنسبة إلى التقرير، يا لوكاس. إذا كان في المغلف الخطأ فأنا أعلم أي ضرر سيسبب لك هذا... ولهذا ما زالت استقالتي قائمة"
حدق إليها لحظة وهو يميل إلى الأمام ومرفقاه على ركبته. كان حريصا على ألا تلمسها، ولكن عطرها الدافئ ملأ الجو حوله، وكانت حواسه ترى كم تبدو أصغر سنا وشعرها منسدل على كتفيها على سجيته لكن المظهر خداع. فقد كان يشعر بتوترها واضحا.
قال بصوت هادئ عميق أبح قليلا، وبلكنة خفيفة ما سبب الارتجاف لأعصابها:" التحقت بشركة" كين الكتريكال" حال تخرجي من الجامعة. وكنت ما أزال غرا ساذجا لكنني كنت حريصا"
وابتسم لها. فأرغمت نفسها على مبادلته الابتسام وإن لم تتجاوز ابتسامتها شفتيها. وجدت مستحيلا عليها أن تتجاهل رجولته الفياضة.
ـ كان أبي رجلا انكليزيا حذرا أما أمي فكانت امرأة كولومبية مندفعة سريعة الغضب. وهكذا كان علي أن أتعلم كيف ألطف من جينات أمي المتفجرة، وأنحو نحو أبي في طبعه. وقد نجحت في معظم ذلك.
أومأت كيم. إذن لكنته هذه من أمه.
أدرك لوكاس أنه استحوذ على انتباهها، فعاد يقول:" على كل حال، في أول سنة لي في العمل عند أبي، كانت جينات أمي تسيطر. وأنا أفضل هذا التعبير كعذر على حماقة وجهل الشباب. فأقدمت على مجازفة كبيرة للغاية. ولم يكن ثمة ضرورة لها كما أظن، ولكن ربما شعرت بالحاجة إلى إثبات ذاتي. لا أدري. وعلى كل حال، كانت تلك غلطة هائلة كادت تدمرنا، تبدو غلطتك بالمقارنة معها، شيئا ضئيلا تافها ولم أقترف تلك الغلطة مرة أخرى قط"
كان ينظر إليها مقربا وجهه منها، وعيناه تتفحصان وجهها، ثم قال برقة فائقة:" وأنت لن تقترفي مثل هذه الغلطة بعد الآن، يا كيم"
ولأمر ما، أحست بأنه يتحدث عن أكثر من غلطتها بالنسبة إلى التقرير.
سحبت نفسا عميقا، وغالبت دموعا مفاجئة أوشكت أن تسيل من عينيها:" يسرني أن تفكر بهذا الشكل، لكنني أدرك أن هذا مربك لك جدا"
قالت هذا بفتور، وحرصت على أن تبقى ملتصقة بقضية اليوم، رافضة الاعتراف بأي مضمون خفي في ما يقول.
ـ أنا لا أرتبك بسهولة.
وابتسم وقد التوى فمه، دون وعي منه، بشكل ساحر فانحبست أنفاسها.
وهجنار المدفئة، والقوة والدفء والجاذبية التي لا تقاوم والمستمدة قوتها من مغناطيسيته السمراء، كل ذلك كان مغريا للغاية، خطرا للغية، فقفزت كيم، مثيرة دهشتهما معا، قائلة:" قهوة. سأحضر القهوة"
ـ رائع.
كان صوته طبيعيا وهو يقف بدوره ويمسك بيدها من دون أن يظهر على وجهه الغضب الذي شعر به لأنه أحس بها تتصلب مرة أخرى للمسته:" انسبي ذلك إلى زيادة الخبرة، يا كيم. تعلمي، خذي الإيجابي من الأمر ودعي السلبي، ولا تدعيه يعيقك"
كان يتكلم عن أكثر من مجرد العمل. فترددت ثم رفعت رأسها تقابل عينيه بحذر:" قول ذلك أسهل من فعله"
ـ ممكن
شعر بها ترتجف قليلا، فكبح دافعا قويا كان يحثه على أن يأخذها بين ذراعيه معانقا.. صدمته قوة مشاعره، فهو لم يصعب عليه قط التفريق بين المتعة والعمل، بل كان يزدري في الماضي الجمع بينهما.
بدا وكأن حرارة يديه تسربت إليها وسرت في أعصابها وكل كيانها فألهبت جسدها بتيار كهربائي غريب. ماذا سيكون شعورها عندما يعانقها شخص مثل لوكاس كين؟ تخلت عن مقاومة هذه الفكرة التي كانت تتملكها معظم الليالي. إنه يعرف كيف يحرك مشاعر أي امرأة وذك باد في عينيه، في جسده، وفي طريقة سيره وحركاته حتى...
سحبت يدها من يده، مخفية هذه الحركة بضحكة قصيرة متوترة:" هذا لن يجهز القهوة"
يبا للقهوة. وابتسم لها متهكما:" هل يمكن أن أساعدك؟"
أسدل أهدابه الكثيفة السوداء يخفي عنها مشاعره، وكان صوته منضبطا وهو يعود إلى الجلوس:" لا ضرورة للسرعة"
لا ضرورة للسرعة؟ عندما أصبحت في المطبخ، أراحت جبينها على جانب الخزانة البارد، وأخذت تتنفس بعمق لعدة ثوان. وكانت ساقاها ترتجفان ويداها ممتلئتين شوقا من لمسته.
ربما لم يكن مستعجلا، لكنها تريده أن يخرج من بيتها في أسرع وقت ممكن.
كان خطرا. وابتعدت عن الخزانة إلى النافذة تنظر منها إلى حيث كان رجل الثلج يقف بصبر في عالمه الأبيض المتجمد. وتذكرت كيف تعلقت ميلودي بلوكاس وهو يتحمس لما صنعتاه.
خطر جدا جدا! وضاقت عيناها، وشعرت بشيء بالغ البرودة يطفئ الحرارة في داخلها وهي تحضر القهوة.
لو أن غراهام لم يمت حينذاك، لتركته خلال أسابيع، إن لم يكن أيام، على كل حال. ذلك أن شتائمه لها عندما كان يسكر ازدادت فحشا. وحادثة التسوق جرت قبل موته بيوم واحد. كانت حينذاك قد علمت أن نهاية زواجهما وشيكة فهي لن تجازف بتعريض ميلودي للخطر.
لم تعد تحبه في تلك المرحلة. وبقيت أشهرا تمقته ولكنها بقيت معه لأنه هددها بإيذئها وإيذاء ميلودي فيما لو تركته.
وذلك الصباح حين ضربها قطع آخر خيط يربطها بذلك الزواج. صادف أنها هي التي كانت في خط النار حينذاك، وسوف تكون ميلودي في المرة التالية، وهذه الفكرة محبطة بالنسبة لها..
ولكنها لم تعد مضطرة إلى المغادرة، فقد مات غراهام. وبالرغم من كل ما كشفه موته، شعرت بقوة، وبعزيمة على بدء حياة جيدة لابنتها. والحياة الجيدة تعني ألا تعرض ميلودي للخطر مرة أخرى.. ألا تسمح لشخص ثالث بأن يقتحم حياتهما. الأصدقاء شيء آخر، فقد كانت ماغي صديقة رائعة. ولكن، رجل....
لقد ارتكبت خطأ فظيعا في اختيار زوجها، وليس بإمكانها أن تثق بأن ذلك لن يحدث مرة أخرى.
لقد أحبت ميلودي لوكاس، وربما كان لطيفا ودودا معها بسبب حادثة التقرير المالي. لكنها لن تجرؤ على أن تسمح لمثل تلك العلاقة بأن تنمو بينهما.
ستفعل أي شيء لأجله، وتقوم بأي شيء يستدعيه العمل.. فهي مدينة له بذلك على الأقل.. لكنها ستبقيه بعيدا عنها. قد يجعل الأشياء مربكة أحيانا، ولكنها ستجتاز ذلك إذا اقتضى الأمر.
أومأت بحدة لهذه الصورة الذهبية الشعر التي عكستها النافذة، ثم أنزلت الستارة المعدنية فجأة وأخذت تعد صينية القهوة وقد زمت فمها بحزم ما جعله يختلف تماما عن شكله الطبيعي الناعم.



***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس