عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-09, 03:26 AM   #5

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
Elk الفصل الثاني

وأجبرت نفسها على النظرإليه :
- وهل هناك شيء خاطئ بهذا ؟
- لا .. لقد طرت عالياً منذ تلك الأيام . والطابعة المتواضعة أصبحت مساعدة مدير متفوقة ، اخبريني . هل تجدين وظيفتك مرضية لك كما كنت تأملين ؟
- تماماً .
- في كل المجالات ؟
- في كل المجالات ! فهناك في الحياة أكثر من مجرد محاولة التعايش مع رغبات رجل .
إذا كان هذا ما تقصده . فالمرأة يجب أن تتعلم استخدام رأسها بنفس البراعة التي تستخدم بها جسدها .
- كما تفعلين أنت ؟
- ولماذا لا ؟
- هذا يعني أنك لست نادمة ..على أي شيء .
- لا ..ولماذا أندم ؟ هل أنت نادم ؟
- وماذا لديّ لأندم عليه؟ لم أعرفك أبداً .
وساد الصمت ، حاولت خلاله أن تستعيد سيطرتها على نفسها ، ولكن الخيبة أملها ، لمست كلمات راوول الأخيرة وتراً حساساً لديها ،
ووجدتأن يديها ترتجفان ، وساقيها ضعيفتان / لقد كانت تعتقد أن لا شيء سيقوله يمكن أن يزعجها ، ولكنها كانت مخطئة .
بعد حوالي ثلاثين كيلومتراً شرقي بيتزا ، خرج راوول عن الطريق العام نحو طريق ريفي ضيق يقود إلى تلال ( توسكانيا ) وبدا من حولهما الآن الريف الإيطالي ، بإرضة الخضراء ، وغابات الزيتون ، ومساحات شاسعة من الكرمة ، التلال المغطاة بالغابات الكثيفة تشرف على وديان مليئة
بالقمح الذي بدأ الآن يتحول إلى اللون الذهبي ،
وبينما كانت شمس المساء تشع بشكل خفيف فوق قمم الكنائس وتعكس ظلالاً على النهر ،
نسيت جولي هواجسها أمام سرورها لكونها هنا ، وشهقت قائلة :
- هذا جميل . !
وصعدت المازاراتي تلة صغيرة وظهرت أمامها مناظر لوادي كأنه من الحليب والعسل .
فتابعت قولها :
- لم أكن أعرف ..لم أحلم أبداً بأن يكون هذا المكان هكذا !
- و هل هناك فارق؟
وكأنه يحاول أن يلتقي معها في منتصف الطريق ، أضاف :
- يقولون إن الطبيعة تتفوق على نفسها فيتوسكانيا . أنا أحب هذا المكان .
إنه بلدي ، أرضـي ، إرثي! ولا أستطيع التخلي عنه .
فهزت جولي رأسها ورفعت عينيها إليه :


- أستطيع فهم هذا ، هل هذا ديرهناك؟
وتبع راوول نظراتها ، فوق التلة على عدة مئات من الأقدام فوقهما ، كانت الجدران البيضاء لبناء قديم تقف بحدة ، وانفرجت شفتاه عن إبتسامة .
وكانت هذه المرة الأولى التي شاهد شيئاً قريباً من المرح يغطي ملامحه منذ أن ألتقيا في المطار ، والفارق الذي لاحظته كان مذهلاً ، فقد أختفت الخطوط الحزينة حول فمه ، واختفت أيضاً تجاعيد العبوس بين عينيه ، وانفراج شفتيه كشف عن أسنان بيضاء قوية ، وقال :
- أجل ..كان ديراً .
ثم أعاد انتباهه إلى الطريق ثانية ، وهو يدخل بالسيارة بين سلسلة من المنعطفات
الحادة المؤدية إلى قرية ( سانتو جيستينو) وتابع :
- إنه فندق الآن . صغير وبسيط . إنه حقيقي ، ولكنه قادر فقط على استيعاب درزينة من الناس فقط.
وقالت جولي ، وهي تتابع النظرإلى الفندق من وراء كتفيها:
- أود أن أقيم هناك . لا بد أن المناظر من هناك عظيمة .
- أتصور أنها كذلك .
ودخلت السيارة زقاقاً ضيقاً يقود إلى ساحة القرية ، ونظر إلى ساعته :
- لا بد أنك عطشى . سنتوقف هنا لنشرب شيئاً قبل متابعة رحلتنا .
ودهشت جولي . وسألت :
- هل لا تزال رحلتنا بعيدة ؟
وأوقف راوول الميزاراتي إلى جانب الطريق في فسحة مخصصة لوقوف السيارات .
وأجابها دونإ هتمام ، وهو يفتح بابه :
- ربما أربعون كيلومتراً بعد . تعالي ، لنشرب شيئاُ في المقهى .
وخرجت جولي من السيارة مترددة قليلاً . أربعون كيلومتراً . إنها مسافة طويلة . أليس من الأسهل لو تابع الطريق رأساً إلى القصر ؟
بعد ما قاله لها لا تستطيع التصديق بأنه يرغب في إطالة هذه الرحلة معها .
ولكن الأوان فات الآن للهواجس ، فقد كان راوول يقفل باب السيارة .
(سانتو جيستينو ) قرية صغيرة جميلة . يزيد في جمالها المباني القديمة الملونه على طرفي شارعها الرئيسي الضيق .
كانت قرية قديمة ، والمحلات والبيوت متلاصقة مع بعضها ، وفيها كنيسة صغيرة جميلة مزينة بالزهور ، وقال راوول شارحاً :


-إن موعد ( الكارنفال)غداً ، سيكون هناك عرض للعربات واحتفال للألعاب النارية احتفالاً بعيد
(سانتوجينارو) الذي يقع عادة في شهر كانون الثاني ، ولكن من يستطيع الأحتفال به تحت الثلج
على التلال والهواء البارد يعصف من جبال الألب؟
وابتسمت جولي له ، لم تتمالك نفسها . ولبرهة وجيزة شاركها راوول المرح، ثم كأن حاجزاً قد انتصب بينهما ، ابتعد عنها ، مشيراً إليها كي تجلس بينما ذهب ليحضر الشراب .
وشرباً العصير مع الصدودا ، جالسان حول طاولة صغيرة يغطيها قماش مقلم بالأبيض والأزرق .
ومع تقدم المساء ظهر العديد من الناس يتنزهزن ويدخلون المحلات ، أوينضمون إليهما
في المقهى على الطاولات الأخرى للتحدث وتناول الشراب ، ولكن جولي ، وسط هذا الجو الهادئ الراقي، لم تكن تشعر بالهدوء ، بل كانت تشعر فقط بانشغال بال راوول ، وعلمها أنه لا يمكن أن يرتاح في وجودها ، وقالت له :
- هل يمكن ..هل يمكن لنا أن نمضي قليلاً من الوقت في الكنيسة أنا أحب الكنائس القديمة .
وهذه قديمة جداً ، أليس كذلك ..كاتدرائية دو سانتو جيستينو ..
لقد قرأت الأسم على اللوحة هناك ..أرجوك ، أحب أن أشاهد ها من الداخل .
وأعاد راوول النظر في ساعته ، ونهض من مكانه قائلاً :
- إذا كنت ترغبين في هذا ..
وتنفست جولي عميقاً ، ورافقته صاعدة الدرجات الأربعة الحجرية التي توصل إلى المدخل المضاء بالشموع للكاتدرائية الصغيرة.
لم تكن تشبة أيه كاتدرائية شاهدتها جولي من قبل .
حجمها يتحدى كل نظام هندسي ، ولكن جوها كان مليئاً بكل إيمان الأجيال المؤمنة التي عبدت ربها هناك.
ولاحظت أن راوول دخل المكان بخشوع ، ومدّ يده إلى الماء المقدس وبدأ صلاة صامتة ، وبما أنها لم تتربي في جو متدين حسدته على إيمانه .
وأحنت رأسها بإحترام وهي تتجول في الممر بين المقاعد.
وكان المذبح مضاء بشمعتين ، طويلتين ، وعلى أحد الجوانب ينتصب تمثال للعذراء وابنها ،
وأمامه عدة شمعات تنتظر الإستعمال ، وقال لها راوول وهو يقف خلفها :
- إضاءة شمعة على نية شخص تحبينه هو فعل إيمان .
وتقدم أمامها ليضع بضع قطع نقود في صندوق التبرعات:


- ولكن الإيمان شيء لا تعرفين عنه الكثير .
أليس كذلك يا جولي ؟
واستدارت بسرعة لتنظر إليه ..كان قريباً جداً منها ، ياقة قميصة الكريم .
كانت مفتوحة قليلاً ، واشتمت رائحة عطرة القوي ، كانت رائحة مثيرة لها .
فقالت له :
- آخر مرة رأيتك فيها كنت في الكنيسة ، هل كنت تعرف هذا الأمر ؟
- وهل ذهبت يومها إلى الكنيسة .؟ لماذا ؟
- لقد كنت مدعوة ..ألا تذكر؟
- ولكنك قلتِ إنك لن تحضري .
- غيرت رأيي ، وهذا أمر تتميز به المرأة .
- كان يمكن أن تكوني عروساً جميلة ..طويلة ونحيلة ..وشقراء.
وعلى ضوء الشموع ، لاحظت وجهه وقد امتلأ بالمشاعر ، ولأنها كانت ترتدي حذاء عالي الكعبين، كانت عيناهما على نفس المستوى .
وعلى كرة منه كما يبدو ، رفع يده ليمررها على خدها ، وفي الجو العابق بالبخور ، شعرت جولي بأن حواسها قد تخدرت..
- هل هذه من ذهب يا أبتي .؟
صوت يافع لطفل . يرتدي ثياب الرهبنة يتحدث إلى رجل عجوز يرتدي أيضاً ثوب الكهنوت.
كسر جو السحر من حولهما . ففي لحظة كانت يد راوول تمر على وجهها وأصابعه الباردة السمراء
حساسة جداً على بشرتها الدافئة ، وعيناه السوداوان تتجولان فوق وجهها ، وفي اللحظة التي تلت ابتعد عنها وبدأ يسير في الممر المؤدي إلى خارج الكنيسة .
وساقاه الطويلتان تباعدان المسافة عنها .
وكأنما يحاول بهذا أن يخرجها من حياته .
ولحقت جولي به ببطء . وتوقفت قليلاً كي تشعل شمعة وأعدتها إلى مكانها . وأحنت رأسها بإحترام للكاهن العجوز ، الذي كان يراقب خروج راوول بحيرة ظاهرة.
- فليحفظك الله يا سنيورا.
وأشارإليها مباركاً ، وأحنت له رأسها بإحترام ثم خرجت لتواجه نور الشمس الغاربة لهذه الأمسية ...




* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس