عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-19, 09:25 PM   #1786

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السابع و العشرون ( الجزء الثاني )






بعد ساعات ، جلس عصام يرتشف شاي " ما بعد العشاء " المقدس و هو يلتزم صمتا مجبرا احتراما لصمت والده .
- بابا ، بدأ يقول ما إن استقر قعر كوب هذا الأخير على سطح الطاولة الصغيرة ، أريدك أن تعرف أني أرفض تماما موضوع ارتباط فرح بذلك الرجل .
- تقصد شقيق زوجتك ؟!
- هل هناك غيره ، تمتم بتجهم .
- و لماذا تعترض عليه بني ؟ عائلته معروفة جدا لنا و هو يكون صهرك .
- لا تنس أنه مطلق يا حاج .
- و إن يكن ؟
- و إن يكن !! كرر عصام الكلمة باستهجان حمله صوته و ارتسم بوضوح داخل عينيه .

تثاؤب عميق من والده حكى قصة إعياء لم يقتصر على يوم واحد بل امتد ليشمل عمرا كاملا ناء بحمله بسنواته ، بأعبائه و بأبنائه .
انحنت كتفاه قليلا و هو يسترخي أكثر في جلسته و جفناه يثاقلان رغما عنه .
- بني أنا لا أنكر أني كأب أفضل لابنتي رجلا أعزب لكني لاحظت أن أختك لديها قبول كبير له على عكس جميع من تقدموا لها من قبل .
و أنا ، صمت ليتنهد بتعب ثم أضاف ، لن أكرر أبدا خطئي مع أختك منى و أقترح عليها زوجا ليست مقتنعة به و أتحمل وزرها .

أغمض عصام عينيه و هو يهز رأسه بيأس قبل أن يقول بثبات و هو يميل نحو والده :
- يا حاج ، فرح ليس ناضجة و لا تعرف كيف تختار ، ليست لديها أي خبرة في الحكم على الناس .
- بني ، اسمعني ، أنت لم ترض أبدا عن زوج أختك ليلى و مع ذلك ها هي أختك و الحمد لله سعيدة معه .
- أفهم من كلامك أنه يعجبك يا حاج ؟
- بناءًا على خبرتي في الرجال ، نعم بني ، أشعر بأني ارتحت له .
لن أقول أني مقتنع به كما اقتنعت بزوج أختك ليلى و لكنه يبدو رجلا لا بأس به ، عائلته كما قلت لك معروفة لنا ، و هو إنسان مجتهد في عمله ، مؤدب جدا في كلامه .

تأفف عصام بصوت أكثر من مسموع و أطرق عاجزا عن التعامل مع هذا الوضع دون أن يسيء لها هي . رفع رأسه ببطء على وقع كلمات أبيه له :
- بني ، بدون لف و لا دوران ، أفهمني ما هو وجه اعتراضك عليه بالضبط ؟
- بصراحة بابا ، سيرته سيئة جدا و لا تقل أني لم أحذرك .
- و كيف تعرف أنت عن سيرته بني ؟ أنت تعلم مثلي أن الناس لا يتركون أحدا في حاله و أنا بدا لي أهله لا بأس بهم : أمه سيدة محترمة و والده شخص هادئ .

" شخص هادئ بالفعل " ، هدوء يخفي من المصائب ما سيشيب له السواد القليل المتبقي من شعر والده ، فكر بسخرية مرة .
- سمعت عنه كثيرا يا حاج و من شخص قريب جدا منه .

بتنهدة متعبة قال والده و هو يقف ينهي النقاش :
- لا أعتقد أن هناك من هو أقرب له من ابن خالته ، زوج أختك .
أنا كلمت أختك ليلى عن الموضوع و زوجها سيزورنا نهاية هذا الأسبوع و يعطيني رأيه بصراحة و بناء عليه سأعطي الولد جوابي .
- رأي الغريب أصبح أهم من رأيي ، تمتم عصام و هو يمط شفتيه بمرارة واضحة .
- أولا بني زوج أختك ليس غريبا .
ثانيا كلا لن يكون رأيه أبدا أهم من رأيك و لكني قلتها و أكررها ثانية لا أريد أن أظلم أختك .

………………………

بعد أيام كانت فرح جالسة في غرفتها التي لا تكاد تغادرها خاصة عندما يكون عصام موجودا كي لا يُشَنِّف سمعها بجمل تهديده اللطيفة و يمتع عينيها بنظرات احتقاره الحلوة .
تأففت في سرها و هي تتساءل ما الذي تغير في تصرفاتهم جميعا تجاهها منذ كانت في الخامسة .
بالنسبة لهم ، نما عودها و لكن لم ينمو لها عقل و لن تنمو لها أبدا شخصية .
زفرت ثانية بملل و عادت لتشغل نفسها بتبادل بعض الجمل التافهة مع إحدى صديقاتها .
رفعت عينيها عن هاتفها على صوت انفتاح الباب ، بدأت بالوقوف ببطء و هي تشاهد أختها ليلى تدخل بهدوئها المعتاد تحمل ابنتها بين ذراعيها .
- أهلا قمري ، تمتمت بحب و هي تنحني على وجه الطفلة تمرر شفتيها برقة على بشره خدها .
كيف حالك أختي ، قالت بعد قليل و هي ترفع رأسها تطبع قبلتين خفيفتين على خد شقيقتها لتعيدهما لها ليلى مضاعفتين كالعادة .

بعد لحظات ، كانتا تجلسان على السجاد متقاربتين ، تراقبان بفخر الطفلة البطلة و هي تحاول قطع أرض الغرفة بخطواتها اللينة و على ملامحها الصغيرة يرتسم تعبير جدية أضحك فرح رغما عنها .
- يعجبني تصميمها ، قالت بابتسامة صغيرة ، مشكلتها فقط أنها تقع أكثر مما تمشي .
إلى الأمام ، كامي هيا ، إلى الأمام ، صفقت تشجعها .
كلا ، كلا ، لن أساعدك ، أضافت أمام وجه الطفلة المتباكي و هي تُكَتِّفُ يديها إلى الخلف ، اعتمدي على نفسك حبيبتي .
لأن كل من سيساعدك الآن ، تأكدي سيذلك في المستقبل على كل مرة مد يده فيها إليك و أولهم أمك هذه .
نعم أمك هذه ، كررت و هي تتجاهل نظرات ليلى المستنكرة ، ستجعلك تندمين على كل ثانية قضيتها في رحمها و ستقرفك في حياتك و هي تمن عليك كل لحظة بإقامتك المجانية بداخلها .

تلونت ملامح ليلى بالامتعاض و أشاحت بوجهها تتجول بنظراتها داخل الغرفة ، تشاهد الأوراق المتناثرة هنا و هناك قبل أن تقول بهدوء :
- ما السر وراء كل هذه الفوضى ؟

سياسة التجاهل إذن ؟ هل هذا ما قررت أخته فعله معها ؟ فكرت فرح دون أن ترفع عينيها عن الطفلة .
- نفس ما أخبرتك به المرة الماضية ، تمتمت بعدم اهتمام ، بما أني لا أستطيع الاستمرار مع أسامة كمشرف على رسالتي ، قمت بالتسجيل في كلية أخرى و حالما يوافق أحد الدكاترة على استلام ملفي سأكمل معه .
- و الزواج ؟ نطقت ليلى بعد أن بحثت دون جدوى في ملامح شقيقتها المغلقة .
- هل وافقتم على شادي ؟

أشاحت ليلى بوجهها ثانية مع زفرة مسموعة فقالت ببرود :
- إذن لن يكون هناك زواج .
- أنت تعرفين أنه ليس مناسبا لك فرح و تعرفين جميع مصائبه .
- و أنت تعرفين أني سأتزوجه لوحدي و وحدي سأتحمل مصائبه .
- و تظنين أني كأختك سأرمي بك بضمير مستريح في زواج كهذا ؟
- و هل ضميرك سيكون مستريحا و أنت تعلمين أني سأتزوج رجلا بينما قلبي ملك لغيره ؟
- أنا واثقة أنك بمجرد ارتباطك برجل حقيقي ستنسينه ، تمتمت ليلى بتصميم هادئ .
- طبعا لأني بالنسبة لك لست قادرة على الحب ، لأن آخري في الشعور هو بعض الإعجاب السطحي ، أليس كذلك أختي ؟
- كلا فرح ، ليس كذلك بل لأني متأكدة أن مقامه هو بعض الإعجاب السطحي لا أكثر ، أنت تستحقين من هو أفضل منه .
- و أنا لا أريد الأفضل منه ، هتفت بحدة ، أنا أريده هو لأنه الأفضل بالنسبة لي .
تعرفين لماذا أختي .
لأني لن أضطر إلى التمثيل عليه كما اضطررت إلى التمثيل عليكم طوال حياتي معكم .
أو كما سأضطر إلى التمثيل على أي رجل سأتزوجه .
معه سأكون على حقيقتي أخيرا .
أنا و هو نشبه بعضنا البعض ، فيه ضعف و في طيش .
أنا و هو نكمل بعضنا البعض ، واصلت و هي تعود تدريجيا لهدوئها ، لديه كل ما أحتاجه و لدي كل ما ينقصه .
هو ضائع و أنا كنت طوال الوقت أبحث عن نفسي و لم أجدها سوى معه .
نحن اثنان تائهان في طريق الحياة أختي ، ممزقان بين رغباتنا الأقوى منا و بين إرضاء ضميرنا و أنا واثقة أننا معا ، يدي في يده ، قلبي إلي جوار قلبه سنجد ما نريده و حبنا سيكون منارة لنا و لغيرنا .
هل كلامي هذا يكفي أختي لأثبت لك أني أحببته بحق أم أحتاج إلى تأليف محاضرة أخرى .

إغماضة عين طويلة حاولت ليلى من خلالها أن تسافر إلى عالم الحكمة و التعقل و تهرب من العاطفة الهوجاء التي حملتها كلمات طفلة أسرتهم لكنها وجدت نفسها تعود فقط بعد لحظات لتقول رغما عنها :
- لم أتخيل أبدا أنك حين تحبين ستحبين إلى هذا الحد .
لكني ما زلت أعتقد أنك تنثرين مشاعرك عليه هباءًا .
فرح أختي حبيبتي أنا ببساطة أعتقد أنك وجهت عاطفتك نحو الإنسان الخطأ و …
- ليلى أختي ، قاطعتها فرح بهيجان و هي تحضن وجهها بين كفيها ، تنظر داخل عينيها ، هذا قلبي ، قلبي أنا فلا تحاولي أن تزرعي فيه أحاسيسك أنت .
أنا أحبه هو لأني أريد أن أحبه هو ، نقطة حبيبتي و إلى السطر ، هكذا هو الحب : قدر و اختيار يا أختي و أنا لن أهرب من قدري و في نفس الوقت متمسكة جدا باختياري .

صمت طويل امتد بينهما .
صمت طرفه تردد ، طرفه الآخر أمل .
صمت أنهته ليلى أخيرا تقول بشرود :
- هل تعرفين أن طليقته بدأت تتكلم عنك منذ الآن ، تصوري كل ما ستواجهينه بعد زواجك منه .
- و من قال لك أختي أني أكره المواجهات ؟ تساءلت باستهانة و هي تطلق شعرها من محبسه لتسدله على كتفها الأيمن ، بالعكس ، ستكون حربا جميلة و سأقضي وقتا أكثر من ممتع في قصف الجبهات و الأهم أني لن أكون وحدي ، سأكون مسنودة .
- تقصدينني أنا ؟ تساءلت ليلى بشك .
- أنت أختي ؟ أنت تقصفين الجبهات ؟
كلا أختي ، قالت و ملامحها تسترخي بابتسامة واسعة ، أنت استمري كما أنت ، عيشي في كوكبك الوردي الجميل برفقة سلامك النفسي و هدوئك الروحي .
فقط استمري على نفس وضعك فالعالم يحتاجك كما أنت .
أنا أقصد شاهيندا ، ستكون في صفي و سأستفيد من خبرتها .
و لا تفهميني خطأ من فضلك ، قالت رافعة يدها تردع كلمات الدهشة التي كادت تقفز من شفتي أختها ، ما زلت لا أطيقها لكني عرفت من شادي أنها لا تطيق تلك ال.... و عدو عدوي هو كما يقولون صديقي .

أمام الاستغراب الذي تجمد على ملامح ليلى ، أغمضت عينيها و هي ترفع وجهها تستنشق الهواء باستمتاع تكاد تتشمم رائحة الانتقام القادم .
........................



التعديل الأخير تم بواسطة نغم ; 13-01-19 الساعة 10:02 PM
نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس