بعد ان اتصلت بالقصر وتركت رسالة للبارونة ، نامت على امل ان تنسى هذه السهرة اللعينة . لكن الحقيقة لحقت بها الى احلامها . كانت تحلم بأنها تقف وحدها في مشغلها الهادئ المهجور . وعندما استيقضت ، كانت الدموع تسيل على خديها . لسلي لم تكن تتكلم عبثاً . الخطر الحقيقي . حتى الآن ، استقال بعض عمالها وانضموا الى معسكر عدوها . فهمت جوليت الآن فقط لماذا سمح كارل للمدرسة بالاستفادة من اخشاب الغابة . كان يعلم مسبقاً ان العمال سيهجرونها وبالتالي تعود بحاجة للاخشاب . نهضت الفتاة وهي تحمل همها على كتفيها واستعدت لمقابلة رئيس عمالها . سألته على الفور اذا كان كارل ادلر قد اتصل بالعمال وقدم لهم عروضاً مغرية . " لا "، اجابها ويليام " ولكني سمعت شائعات رجالنا رؤوا الحطابين الذين يعملون لشركة ادلر وجيوبهم ملئ بالمال ... بالتأكيد طرحوا عليهم بعض الاسئلة ..." " اسئلة ؟" " سألوهم عن الرواتب ، وشروط العمل ، باختصار ، اغراهم المال ". ثم نظر الى الفتاة واضاف . " وانا ايضاً". " اوه ، ويليام !" صرخت بقلق وبصوت مخنوق . " اطمئني "، اضاف ويليام بسرعة . " لقد فكرت كثيراً ، وقلت لنفسي ويليام ، توقف عن التصرف كالصغار ، انت اصبحت مسناً لا يمكنك تغيير نمط حياتك ومهنتك . انت فنان في الحفر على الخشب ، كوالدك وجدك ، وستبقى !" " اوه ، ويليام ". صرخت جوليت ضاحكة . " لقد اخفتني ! ولكن الآخرين ؟ كيف نعرف اي جهة سيسلكون ؟ ايجب علي ان اجمعهم واكلمهم ..." " لا ! وفري قواك ليوم المعركة . اشعر انه لن يتأخر كثيراً ... بانتظار ذلك ، ابقي طبيعية ". رغماً عنها ، اعترفت جوليت ان وليام على حق والتزمت الصمت . كان اليوم يوم احد ، فقررت ان تقوم بنزهة طويلة وحدها .. وهكذا اعدت سلة الزاد وسلكت عند الظهر طريق الجبلواختارت ممراً صغيراً كان القرويون قد شقوه في القديم عبر الغابات . عندما وصلت توقفت تتأمل المنظر الرائع الذي جعلها تنسى همومها : البساط الاخضر الممتد تحتها ، البحيرة الزرقاء المتلألأة تحت اشعة الشمس . وتنمت لو تستطيع ان تبني منزلاً في هذا المكان حيث لا يعيش اي كائن على بعد عدة كيلومترات . لكن الطريق تسمح اذا قضت الحاجة بالوصول الى عالم الحضارة بأقل من نصف ساعة فقط . الموقع مثالي حقاً. عادت الى الواقع ، واختارت مكاناً بين الاشجار ، بسطت فيه شرشفاً وافرغت عليه محتويات سلة زادها . فجأة سمعت هدير سيارة تقترب . هل سيتابع السائق طريقه نحو قمة الجبل ام انه سيسلك الطريق الفرعي ؟ بعد لحظات فهمت الفتاة انه يجب عليها ان تودع احلام الوحدة . توقف السائق ونزل من سيارته يحمل لوحة رسم وآلة تصوير . رأى الفتاة جالسة تحت الشجرة فاتجه نحوها بعد لحظة تردد . " مرحباً ، فراولن اتمنى ان لا اكون قد ازعجتك ..." " لا ، ابداً". اجابته بدهشة . " انا هيرمن برنتل ". قدم نفسه . " انا مهندس ويجب علي ان التقي هنا بأحد زبائني ..." " هنا ؟ لكن المكان ملك للبارونة فون بودن ". " نعم ، لكن زبوني يأمل ان يشتري هذه الارض منها ، شرط ان اوافق على اختياره ... من النظرة الاولى ، اعتقد انني لن اعارض " اضاف وهو ينظر حوله . " ايرغب زبونك ان يبني منزلاً هنا ؟" سألته بفضول . " نعم ... لماذا تضحكين فراولن ؟" " لانني كنت اتخيل منذ لحظات اي نوع من المنازل ابني هنا ، اذا كنت املك المال الكافي ! يالها من صدفة !" " انا وصلت باكراً على موعدي ، لكن ، لاتقطعي وجبتك ، بامكاني ان انتظر الزبون في سيارتي ..." فهمت انه لا ينتظر منها سوى كلمة واحدة ليجلس ، فدعته لمشاركتها طعامها . " بكل سرور ، فراولن "... ثم جلس على الاخشاب وبدأ يلتهم السندويش الذي قدمته له . " هل انت من عائلة دون بودن ؟" " لا ، انا انكليزية " " لهذا السبب لهجتك مختلفة ". " انا ادير مدرسة الفنون اليدوية في ريتغن . ولكن ... ايمكنني ان اعرف اسم زبونك ؟ ربما اعرفه ..." " هذا ممكن جداً . انه كارل ادلر ، مدير شركة ادلر " هذا الخبر لم يفاجئها، كانت منذ لحظات تتوقع سماع اسمه . " اعلم انه اشترى كل اخشاب الغابة لكنني لا اعرف شيئاً عنه في الاقامة هنا ..." " لا شيء مؤكد حتى الآن . السيد ادلر ينتظر سماع رأيي ليقدم بعده عرض شراء البارونة ." فكرت جوليت ان كارل لن يتأخر اكثر في الوصول ، وهي لا ترغب بلقائه ! لكن ضيفها كان يحدثها وليس من اللطف ان تجمع اغراضها وتنهض بهذه السرعة لكن املها مات عندما سمعت هدير سيارة اخرى تقترب . انهى هيرمون برانتل قطعة الحلوى الثالثة وقفز على قدميه ليستقبل كارل . ابقت جوليت رأسها منخفضاً وبدأت تجمع بقايا زادها . لكنها كانت تشعر بنظرات كارل منصبة عليها بدهشة ... " وصلت باكراً " شرح له هيرمن . " وهذه الفتاة الساحرة ، الآنسة هايرمون دعتني لمشاركتها طعامها ." " حقاً ؟" اجابه كارل بسخرية . " مع انك تعلم بأننا سنتناول الطعام في الفندق عندما تنتهي من عملنا " ثم اقترب من جوليت واضاف . " اي سحر لا يقاوم يملكه صديقي هيرمن كي تسمحي له بما رفضته من اجلي ؟" سألها بتهكم . ثم التفت نحو المهندس الذي يستمع له بدهشة . " ذات يوم " شرح له كارل " التقيت انا ايضاً بالآنسة هايرمون تنتاول طعامها لكنها لم تدعني للجلوس ، انا اي سحر تخفي اذاً ، هيرمن؟ اني اتساءل ... ربما التقيت انت بها في لحظة من اللحظات النادرة التي تكون فيها مزاجها سمحاً ..." " يبدو انك غيور ، كارل "، مازحه هيرمن . " من ماذا ؟ من سندويشات اكلتها ، ام من نجاحك امام الآنسة هايرمونن ؟ لن اجيب بالتحديد ... والآن ، لنأتي الى المهم ، ما رأيك بهذا الموقع ؟" " انه مناسب تماماً ، ولكن سعر الارض سيكون بالتأكيد مرتفعاً جداً ..." " لا تهتم بهذه التفاصيل . عندما ارغب بشيء ، احصل عليه مهما كلف الامر ". " اي اصرار !" " لا ، انا عنيد ، وصبور ... حسناً ، اذا اعجبتني خططك ، متى يمكنك ان تبدأ بالورشة ". " بعد ثلاثة اسابيع ." |