عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-19, 10:06 PM   #5356

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 24-2

غارقة بين القدور والأواني هي والعنود منذ الصباح، روائح الطعام الناضج تفتح الشهيّة، تشعر بالتوتّر والاثارة معا فهذه تقريبا هي المرّة الأولى التي تكون فيها مسؤولة عن إعداد وليمة كاملة رغم سنوات عمرها التي تقارب الثانية والثلاثين فأخواها كزوجها السابق كانوا إمّا يحضرون الطعام الجاهز رغبة بإراحتها أو يأخذون ضيوفهم خارجا للمطاعم والفنادق

تنظر للسّاعة بين كلّ دقيقة وأخرى تتأكّد أنّها لا تزال تمتلك بعض الوقت قبل موعد الأذان ووصول الضيوف فتكتشف أنّها لم تعد تمتلك أكثر من ساعة، فتزداد وتيرة التوتّر في عدّادات أعصابها وتعلن حالة من الاستنفار: عنود شعلي الغاز على الزيت مشان تقلي السمبوسك.... نبراااااس

ثواني قليلة وكان نبراس يقف أمامها متأهّبا متفاعلا مع حالة الاستنفار التي أعلنتها عليهم منذ صباح اليوم: حاضر وموجود وجاهز لتنفيذ الأوامر

تنظر له لثوان مقطّبة وقد نسيت ما تريد فيرفع حاجبيه متسائلا ومنتظرا: شو؟ اشتقتيلي وبدّك تتفرّجي عليّ؟ اشتهيتي تشوفيني؟ يعني أنا بعرف إنّي حلو بس مش هيك، حاسس حالي راح أنحسد

عيل صبرها من ثرثرته فأسكتته قائلة: خلص نبراس والله نسّيتني شو كنت بدّي...

تقف لميس مكانها للحظات بحالة من التوهان ثمّ تمسّد صدغيها برفق قائلة: لا إله إلّا الله... يا ربّييييي.. شو كنتِ بدّك يا لميس؟!

سعيدا بنسيانها سألها براحة: أروح؟

بضيق أجابته: روح

مسرعا تأهّب نبراس ليغادر المطبخ ولكنّها سرعان ما استدركته تقول: استنّى أحكيلك تعال تعال

بضيق تخصّر نبراس فبدى نسخة عن والده وهو ينظر إليها مقطّبا بفروغ صبر ويقول: روح ولّا تعال والله احترنا عاملة زيّ فيروز تعا ولا تيجي عأساس ما بتحبّي الأغاني

نفثت لميس الهواء بغيظ وأجابته: نبراس أنا حاليا بنصّ عقل بلاها خفّة الدم هلّأ

شهق نبراس مدّعيا الصدمة وقال: خفّة دمّي هاي طول عمرها بتعجبك ولّا عشان المعازيم أهلك قلبتي عليّ آآآآخ بسّ على قول الشاعر عاصي الحلّاني يا ماكل الملفوف قصدي يا ناكر المعروف

وضعت لميس يدها على خدّها بهلع وقالت: آه ييي سلطة الملفوف والفتّوش نسيت أكمّلهم... اسمع روح اعملّك جولة تفقدية بالبيت لغاية ما أتذكّر شو كنت بدّي منّك

مدّعيا الغضب رفع نبراس يديه قائلا: اووف شو هالاضطهاد صايرة نسخة من جوزك كل هاد عشان عزومة؟! الحمد لله اللي ما عندنا عزومة كلّ يوم

العنود من خلفها وأمام الموقد انفجرت ضاحة مرغمة شامتة بنبراس المتهرّب دوما من واجباته، ولكنّها فجأة استدركت قائلة: صحيح خالتي مش لازم نصحّي بابا عشان يبدا يجهّز حاله ويستعدّ للضيوف؟

أغلقت لميس الموقد تحت قدر محشي ورق العنب بينما تجيبها بجديّة قائلة: أبوكي ونمر أحسن إشي بيعملوا بهيك أوقات إنهم يناموا

قهقهت العنود بتسلية وشعور من نوع خاصّ بالألفة يملأها، بالإضافة لأريحيّة جديدة بالتعامل نحو زوجة والدها تشعر بها منذ تلك الليلة عندما سمعتها تقولها صادقة لحنان بأنّها تحبّها، بأنّها تهتمّ بها دون أن تهتمّ بأن تقدّم هي لها بعض التنازلات وكثير من التزلّف لكي ترضى عنها وتتقبّل وجودها

ابتدأت تلقي بداخل مقلاة الزيت الكبيرة رقائق السمبوسك المحشوّة بعضها باللحم وأخرى بالبطاطس المهروسة فيما الضحكة كانت لا تزال ترتسم وضّاءة على وجهها لكنّها فجأة سرعان ما كتمتها بارتباك وهي ترى والدها يدخل المطبخ يحمل بين ذراعيه النمر ويبدو على ملامح كليهما إمارات العبوس والنكد، فيباغت لميس الغافلة عنه بقوله حانقا: شو رأيك نضل نايمين لبعض الفطور ستّ لميس مشان نريح حضرتك

بحلقت لميس عيناها بصدمة وابتلعت ريقها بحرج قبل أن تلمح العنود تكتم ضحكتها بشقّ الأنفس فتبتسم هي الأخرى رغما عنها قبل أن تنظر إليه وتقول مسترضية: ما إلنا غنى عنكم ايْخلّيلي ايّاكم الهي

قالتها واقتربت منهما مقبّلة نمر بحبّ ومربّتة على كتفه هو، فيرفع الكاسر حاجبه مكشّرا ويقول لها بهمس خشن كي لا تسمعه ابنته: هوّ وضحكتي عليه ببوسة، طيبّ وأبوه كيف بدّك تضحكي عليه؟

فتبتسم لميس لعيناه بنعومة وتقول بهمس مماثل وشقاوة لذيذة: ببوستين

يطرف بعينيه للحظة قبل أن يطالعها بغطرسة من فوق أنفه مستهينا برضوتها ثمّ تبدأ ملامح وجهه فجأة بالتغيّر ليقول فجأة: كإنّه في إشي انحرق

شهقت لميس فجأة واستعادت حالة الاستنفار القصوى واتّجهت صوب الفرن حيث صينية الكباب المدخّن وصينيّة شرائح اللحم بالكريمة فابتدأت تتفقّدهما بفزع ولكنّها سرعان ما أخذت نفسا عميقا مطمئنّا فكلّ شيء بأمان والأمور كلّها مستتّية، ثمّ بحقد حدجت الكاسر الذي يفعل هذا الأمر بها كلّ يوم تقريبا وهي لا تتعلّم أبدا ولا تعتاد

أخذت لميس تعمل بالإعدادت النهائيّة من تجهيز للسلطات والمقبّلات المتنوّعة والمخلّلات، تاركة سكب الطعام لآخر اللحظات حتّى لا يبرد فعمّها كالكاسر لا يحبّ الطعام إلّا ساخنا شديد الحرارة

يراقبها الكاسر من بعيد يدقّق في ملامحها يبحث عن شحوب أو وهن كان ملازما لها طوال الأربعة أيّام الماضية منذ تلك الليلة التي زاره فيها زملاءه وبيت أخيه

لا يزال يتذكّر ذلك الخوف المقيت الذي ملأ صدره في اللحظة التي خرج فيها من غرفة الضيوف متقصّيا عن سبب ذلك الصخب وتلك الفوضى ليجدها تقف خلف الباب شاحبة شحوب الموتى تنظر للفوضى العارمة التي تسبّبت بها من غير قصد، ولكن ما أثار فزعه حقّا كان تلك الرعشة المخيفة التي كانت تضرب جسدها بقوّة وبلا رحمة

بهمس خافت سألها عمّا بها فاكتفت بهزّة نفي صامتة من رأسها وفي ذات اللحظة كانت العنود تهرول نحوهما بفزع ثمّ تنظر إليهما مستفهمة بهمس مشابه عمّا حدث، فينظر لها هو للحظة في ضياع قبل أن يجيبها أنّها قد تكون متعبة، ثمّ يطلب منها أن تقوم بسرعة بإعداد قهوة جديدة ومن ثمّ تبدأ بتنظّيف بعضا من هذه الفوضى الحاصلة

أمّا هو فاحتضن لميس بذراعه يسندها على جسده آخذا إيّاها إلى سريرهما ولولا حياءه من أولاده وقتها لكان قام بحملها مهرولا بها إلى هناك

لا يعلم كيف استطاع مفارقتها وقتها بعد أن ساعدها على الاستلقاء رافعا لها قدميها فوق وسادتين وقد خلع من قدميها خفّها البيتيّ المريح ليغطّيها ويسارع في العودة لزملائه متمّما واجبه معهم على أكمل وجه ومتعجّلا انهاء الزيارة

وكم يشكر الله أنّهم كان لديهم من الذوق الكافي ما جعلهم يرفضون القهوة ويسارعون بالرحيل بعد أن أخبرهم بأنّ "الأهل" قد أصابها بعض الدوار ولكن ليس قبل أن يرمونه بالطّبع بنظراتهم الوقحة وتوقّعاتهم النسوية البحتة!!

لا يكاد يصدّق حتّى الآن كيف أمضت تلك الليلة تختضّ تحت وطأة حمّى شديدة رافضة بتعنّت الذهاب لأي مستشفى أو مركز للطوارئ لتستيقظ في اليوم التالي وقد استعادت بعضا من صحّتها إنّما مخلّفة روحها هناك طريحة فوق فراش المرض

يومان أمضتهما خائرة تبدو كما لو أنّها تحوم هائمة في ملكوت آخر بعيد لم يستطع أن يصل إليها فيه أو حتّى يتكهّن بما وراءه وحتّى عندما قرّر أخيرا أن يسألها أجابته أنّها مرهقة ليس إلّا لكنّه بالطبع لم يقتنع فعلا بصدق كلامها فكيف يفعل وهو الذي يسمع بكاءها الحارّ في كلّ ليلة عندما كانت تظنّه نائما بينما هي ساجدة تتضرّع فوق سجّادة الصّلاة

والآن وبينما هو يراها تبذل هذا المجهود الخرافيّ في إعداد هذه الوليمة منذ ليلة الأمس لا يعلم أعليه أن يفرح لأجلها ولأجل استعادتها بعضا من ذاتها أم يخشى عليها من الارهاق والانهاك الذي سيليها

تمرّ من أمامه لتفتح باب الثلّاجة التي بجانبه وتبدأ بإخراج أكياس العصائر المتنوّعة من ليمون وتمر هندي وخرّوب، وترصّها على الطاولة خلفها لتسكبها لاحقا بأباريق العصير الزجاجية الشفّافة يشرف عليها بطوله من وراء الباب ويوقفها ممسكا بذقنها فيرفع وجهها يدقّق به باهتمام قبل يسألها بقلق حقيقي أذاب قلبها: كيف حاسّة حالك؟

تبتسم له برقّة ودفء وتقول: الحمد لله كويسة لا تخاف

يحدّق بها قليلا يودّ إخبارها أنّه الكاسر ولا يخاف فيتلجّم لسانه لهنيهة ويقول: مش هسّة تحكيلي كويسة وبآخر الليل أقعد أجرّ فيكي للتخت جرّ

تبحلق لميس به للحظات ثمّ تضحك من اهتمامه القاتل برقّته فتعاكسه بالقول الساخر: اممم قول إنّك خايف على مصلحتك

فينتفخ صدره سعيدا بأنّه قد وجد تبريرا منطقيّا لمشاعره المضطربة أخيرا: حقّي شوفي كم يوم إلي مراعيكي ومريحك

تفتح فمها تريد أن تجيبه ولكن تقاطعها العنود قائلة: خالتي خلّصت السمبوسك شو بدّك أعمل هلّأ؟

تنظر لميس حولها ثمّ تتذكّر نمر الذي كان قد نزل من حضن والده منذ بعض الوقت فتطلب منها: غيري لنمر أواعيه الله يرضى عنّك لبسيه شي حلو على ذوقك...

تتورّد العنود سعيدة بالمديح من خالتها ذات الذوق الرفيع وتسارع في الخروج لتبحث عن نمر، فتوقفها من جديد مستدركة: آه صحيح ابعتيلي نبراس مشان يبدا يطلّع صحون المخلّلات والتمر وكاسات الميّ والعصير

تهزّ العنود رأسها وتجيبها بعفويّة: حاضر

تبتسم لميس للحظة ثمّ تخرج آخر كيس للعصير من الثلّاجة وتناوله للكاسر قائلة بتلقائيّة غير مقصودة: عبّي العصير بالشافات "املأ الأباريق بالعصير"

فيرفع الكاسر حاجبه بغطرسة ذكوريّةّ وينظر للكيس بين ذراعيه برفض قبل أن يأخذه ويضعه بين ذراعيها قائلا بغرور وهو يغادر المطبخ: شكلك أخدتي عليّ زيادة!

تنظر لميس للكيس بين ذراعيها بذهول فتنفخ الهواء حنقا منه وتدور حول نفسها لتتابع ما تفعل

ثمّ في اللحظة التالية كان رنين مميّز قصير لجرس الباب يصدح عندها بالمطبخ فزفرت براحة فهذا لا بدّ أنّه صارم وفعلا ما كانت إلّا لحظات حتّى وجدته يدخل عليها المطبخ مسلّما: السّلام عليكم

فتزفر براحة لمرآته وتسارع بالاقتراب منه واستقباله بذات كيس العصير ملقية إيّاه بين ذراعيه بينما تقول بعجلة: وعليكم السّلام، اسكب العصير بالشّافات وطلّعهم على طاولة السفرة برّه!!

يحدّق صارم بها للحظة يحاول استيعاب ما تقول فتنظر له بطرف عينها منبّهة: بسرعة ما في وقت

ينظر صارم لنبراس الذي دخل المطبخ توّا بصدمة ويغمزه بصمت مستفهما فيهزّ نبراس كتفيه قائلا: مش بحكيلكم أبوي أثّر عليها!

غير مبالية برأيه تأمره لميس قائلة: نبراس طلّع كلّ الصحون والمعالق اللي وراك على الطاولة ورتّبهم على القعدة الأرضيّة بغرفة الضيوف أمّا الموجودين على الكنباي برّة فرتّبهم على الطاولة الصغيرة بالصّالة

.................................................. ......................................

ما ان انتهت لميس من ارتداء نقابها حتّى سمعت قرع جرس الباب فسارعت بالخروج من غرفتها واستقبال الضيوف الذين وصلوا كلّهم معا قبل موعد الأذان بدقائق قليلة

ما إن وقفت بجانب زوجها حتّى نظر إليها عابسا وبغير رضا، فارتبكت ملامحها للحظة قبل أن تستقبل زوجة عمّها وكنّتها وابنتها المجنونة سراب

أمّا عمّها فبادرها بحضن دافئ أثلج صدرها وملأها بهجة، تبعته مباشرة زاكية بحضن عاطفيّ آخر أثار استغرابها وكأنّها قد اشتاقت لها فعلا ليس وكأنّها قد جاءت لزيارتها وحدها أثناء غياب الكاسر في عمله قبل يومين لتطمئنّ عليها بعد أن علمت بالحمّى التي أصابتها

بطرف عينها نظرت زاكية لكاسر وقالت وهي شبه مشيحة عن ناظريه: كيفك أبو صارم حمد لله عسلامتك

هزّة بالرأس وتمتمة خشنة بالشّكر كانت جوابه لها فكزّت على أسنانها حنقا ناسية أنّها أكثر من ممتنّة لطريقته الجلفة هذه بالتعامل

مطرقا برأسه غاضّا لبصره سلّم أحمد على الكاسر بطريقة رسميّة بعد أن ألقى على لميس سلاما خافتا جعل لميس رغما عنها تبتسم وتنظر لسراب الواقفة بجانبها وتهمس لها بمشاكسة: سبحان الله ولا كإنّه جوزك!

فتقترب منها سراب وتردّ عليها تهمس هي الأخرى بشغب: لا تغرّك المظاهر المثل بيحكي ما تخافي إلّا من السّاكت

تكتم لميس قهقهة وهي تسمع صوت مجد يسألها عن حالها قائلا: كيف الحال بنت عمّي ان شاء الله بخير؟

بصوت خفيض وإطراقة بصر ردّت عليه بمودّة: الحمد لله نشكر فضله كيفك انت ابن العمّ؟

بأخويّة صادقة أجابها: الحمد لله بخير طول ما انتِ بخير

لم تكن إلّا جملة اعتاد قولها لسراب وزاكية لكنّها على مسامع الكاسر كانت تجاوزا غير مرغوب به، فأحاط كتفه بقوّة ووجّهه نحو غرفة الضيوف قائلا بودّ زائف: نورّتنا ابو المجد تفضّل هون استريح

وفي ذات اللحظة التي تحرّك فيها الكاسر مع ابن عمها، دخل يوسف يحمل بين يديه دميته الصغيرة غلا، وبعد أن حيّاها وسألها عن أخبارها قال لها بينما يناول الطفلة لوالدتها: والله غلّبتوا حالكم يا...

تلكّأ يوسف للحظة محرجا أن يناديها باسمها مجرّدا فابتسم لها متابعا بعبث: يا أم صارم

اندهشت لميس للحظة وشعور دافئ غريب بأن تكنّى كزوجها يداعب أنوثتها، لا تعرف كيف تفسّره ما بين فخر التسمية وهيبة المسؤولية وشعور عارم جدا جدا... بالانتماء، أمّا صارم الذي كان يقترب منهم خارجا من المطبخ فجمد للحظة قبل أن تداعب شفتيه ابتسامة غريبة هو بنفسه لم يعرف تفسيرا لها لكنّه سرعان ما اقترب وهو يعقّب بينما يمدّ يده ليوسف الذي كان قد تعرّف عليه سابقا بالمستشفى يوم مرض نمر: أهلا عمّو... بسّ والله مش زابطة على لميس... مش راكبة بعقلي

في هذا الوقت لمح يوسف الكاسر يقترب منهم ضخما خشنا مهيبا و... عابسا فأجابه بينما يغمز له بطرف عينه عابثا و... هامسا: والله الصورة كلها على بعضها مش راكبة!

قالها يوسف ونظر لزاكية مغمغما بخفوت: طول عمري بحكي إنّه كرم وغزل عاملين زيّ الجميلة والوحش بسّ اليوم اقتنعت انّي كنت ظالم أخوي

ضحكة لميس انطلقت رغما عنها... خافتة رقيقة... أثارت غضب الوحش المتحفّز قريبا منها فاقترب من يوسف الذي قطّب مدقّقا في وجه الكاسر للحظة وشعور غريب بأنّه سبق له وأن رآه يستفزّ ذاكرته دونما نتيجة

بحالته تلك لم يشعر يوسف إلّا والكاسر يلتقط كفّه معتصرا إيّاها بقوّة والمسمّى مصافحة، ثمّ يضرب كتفه بقوّة بدت له مقصودة بينما يقول من تحت ضروسه بابتسامة متجمّدة: يا هلا بالعديل... تفضّل تفضّل ليش لسّة واقف هون؟!

كتم صارم ابتسامته وهو يرى نظرة يوسف الذاهلة غير المصدّقة ليده وهو يمشي مع أبيه لغرفة استقبال الضيوف، بينما يمشى هو بعدهما بخفّة لاحقا بخطواتهم

وفجأة ومن حيث لا يدري ظهر أمام يوسف ولدٌ وسيمٌ أشقر تحكي عيناه اللتان تتراقصان مشاكسة عن شخصية هزليّة مميزة، يبدو في بداية عمر المراهقة يبتسم له يتزلّف مفضوح ويمدّ يده مسلّما عليه قائلا: هلا والله بعمّي أبو... الغلا

جمدت خطوات يوسف للحظات بينما ينظر للولد بشكّ ويسأله متوجّسا شرّا: نعم حبيبي؟ عيد ما فهمت

تغيّرت نظرات نبراس بشكل مضحك وجحظت عيناه ومسّد رقبته بعفويّة بينما يقول بتهذيب زائف: الداعي نبراس ابن الكاسر

يضيّق يوسف عينيه مدقّقا في ملامحه... نظراته... ثمّ يمدّ له يده ويقول متعمّدا الخطأ: أهلا سراج

ينظر إليه نبراس بغيظ ويصحّح له بابتسامة بلاستيكيّة: قصدك نبراس

يهزّ يوسف كتفيه ويجيبه بلا مبالاة بينما يتجاوزه داخلا غرفة الضيوف: نبراس سراج ما بتفرق كلهم مصابيح!!

باعتراض يهتف نبراس به وهو يلحق به: عفكرة النبراس هوّ الأسد

باستهانة ينظر يوسف إليه ويقول: طول عمره مصباح من متى صار أسد؟

يكزّ نبراس على أسنانة وقد ابتدأ يغتاط فعلا خاصّة مع الضحكة المنفلتة لراشد ورشيد أولاد أحمد وقال: مصباح صح وكمان الأسد يعني اله معنيين

حينها يفتح راشد فمه ويقول متهكّما: بسّ مصباح لابقتلك أكتر خاصّة مع كلّ هالشقار

يكتم رشيد ضحكاته وينكز أخاه في خصره لينبّهه لنظرات أحمد المتوعّدة لكنّه يأبى إلّا أن يكمل قائلا: بالله عليك عمرك شفت أسد... أشقر؟!

يبتسم نبراس ويقول مغايظا: طول عمره الأسد أشقر، بسّ القصّة مش قصّة شكل، العبرة هون...

قالها وهو يضرب صدره بقوّة ويكمل: وهوووون قلب أسد!

ابتسامة عريضة زيّنت وجه صارم أمّا الكاسر فالتمعت عيناه بالرضا بينما يشير لهم لطاولة الطعام قائلا: تفضّلوا يا جماعة دقيقة وبيأدّن المغرب!

.................................................. ......................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس