عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-19, 10:07 PM   #5357

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 24-3

بعد صلاة التراويح

تتنقّل ما بين حضن وآخر، مرة مع يوسف يشقبلها ويطيّرها، وتارة مع مجد يناغشها ويلاعبها، وأخرى مع أحمد يحتضنها ويقبّلها، وفي طريقها تنال قبلة على اليد من الرجل الكبير أبي مجد، أمّا الأولاد فيتحلّقون حولها يتتبعون ضحكاتها وحركاتها، ينهرهم نبراس قائلا ببرودة مستفزّة: خفّوا عالغلا والله خنقتوها

فجأة ثلاثة أزواج من العيون كانت ترشقه بغضب والدها وثنائيّ الرشد كما يحلو له أن يناديهم، فهذه ابنتهم دمهم ولحمهم وهو يعترف أنّه قد تمادى في قلّة أدبه!!

يتنحنح بحرج مبرّرا: أنا.. بس لإنها بتشبه خالتي لميس... نسخة عنها.. بحبها

قالها ويا ليته لم يفعل، فنظرات الثلاثة مجتمعين كانت أرحم من تلك النيران التي قذفه بها... والده، وفجأة وجد نبراس نفسه يتذكّر مشهدا من مسلسل شاميّ قديم يعتقد أنّ اسمه كان "أيّام شاميّة" تابعه مرّة مع جدّته حيث دخل الولد الصغير المرافق دوما لوالدته خارج البيت على والده غرفة الضيوف وكان معه رجال

والنساء في تلك الحقبة الزمنيّة كنّ لا يظهرن أبدا على الرجال ولا يخرجن إلّا مغطيات بالكامل فلا تُعرفن لمن يراهن

عندما رأى الأب ابنه يدخل عليهم جنّ جنونه فقد "فضحه" ابنه وعُرف بينهم وبالتّالي ستعرف أمّه "المغطّاة" وهو يرافقها خارجا فكان جزاءه بالطّبع "فلقة" محترمة أنسته حليب أمّه كما يقولون، والآن وبينما هو يرى نظرات والده إليه يشعر بحكّة غريبة في باطن قدميه

يبتلع نبراس ريقه ويكمل بخوف في خفوت: بس مش كتير!

تبدأ الصغيرة بكاءها الحادّ فيهتف يوسف بملل: اشتغلت صفّارات الانذار... أبو راشد بضميرك متأكّد إنّه البنت ما فيها إشي؟ فحصتها منيح؟ ترى انت حالف القسم!! البنت عياطها المتواصل بالساعات كلّ يوم مش طبيعي

يناظره احمد باستهزاء ويقول ببديهيّة: بنتك! من الطبيعي تكون مش طبيعيّة!! بكفّي العمايل اللي بتعملها انت فيها عشان تصير مش طبيعيّة

يتجاهله يوسف ويقول في غرور: مش صحيح كلامك، أصلا إمّي بتحكيلي يمكن محسودة بتعرف غلاي بياض وشقار وعيون زرق هاي الخلفة الي بتفتح النّفس مش زي خلفتك اللي بترد العين!!

ينفجر نبراس ضاحكا بشماتة ويرقص حاجبيه لهما بإغاظة فيما

يكزّ الكاسر على أسنانه غيظا شاعرا أنّهم يستقصدونه، ينظر للطفلة بغيظ، فمن أين جاءته هذه المصيبة، ولزيادة قهره يكمل عديله المستفز كلامه قائلا: وينها أم صارم خدولها البنت خلّيها تقرإلنا عليها وترقيها لعلّ وعسى نقدر انّام الليلة

بلهفة وحماس يتحرّك نبراس ويقترب منه قائلا: إعطيني إيّاها أنا راح آخدها...

يرفع يوسف حاجبه متوجّسا من جديد من هذا الفتى فيكمل قائلا ببرود ماكر: كنت بدّي أودّيها لخالتي... بسّ إذا ما بدّك براحتك

بريبة يناوله يوسف الطفلة وينبّهه قائلا: دير بالك عليها

يشير نبراس بسبّابته لعينيه الاثنتين قائلا بمشاكسة أثارت ضحكاتهم قبل أن يتناول "غلا": بعيوني!

.................................................. .....................

الطفلة بين ذراعيها، كفٌّ تضعها فوق رأسها الصغيرة القابعة على كتفها فتتلقّى رقبتها أنفاسها الناعمة القصيرة، وبالثانية تمسّد على ظهرها بحنوّ شديد

تستند لميس بجسدها المنهك على ظهر سريرها وتغمض عينيها تاركة العنان أخيرا لشبح الهلع الذي وارته عن روحها منذ يومين خلف حجاب الانشغال الشديد الذي فرضته على ذاتها محيطة نفسها به، لكن الآن وبينما الليلة تصل إلى نهايتها.. بينما الضيوف يوشكون على الرحيل.. وبعد أن سار كلّ شيء كأفضل مما تمنّته أن يكون، يعود ذلك الشعور ليعربد بداخل روحها... ثقيلا... موجعا... قاطعا لأنفاسها... مفسدا لسكينة قلبها التي قد ابتدأت تشعر بها... أخيرا، أمّا أشدّ مظاهر قسوته فتتجلّى بأبشع صورها بتلاعبه بأفكارها وآه وآه من أفكارها ما أشدّ وطأتها على ضميرها المعذّب!!

"إلى جهنّم وبئس المصير"

هكذا قالها بكلّ تلك البساطة دون أن يرفّ له جفن، بالضبط بنفس البساطة التي عذّبها بها قبل اكثر من أربع سنوات وهو يرميها بكلمات لم تستطع أن تنساها يوما، بل بقيت تجد لها في كلّ ليلة مكانا لتجول في عقلها وروحها فلا تهنأ في نومها ابدا

"موجوعة؟ مبسوطة إنّك عشتي وما متّي زيّه؟ بتفكري حالك خلص خلصتي؟ لااا أوعي تفكري حالك خلصتي أوعك ترتاحي وتطمّني، بتعرفي ليش؟ لإنّه نار الدنيا كتييييير أهون من نار الآخرة"

يقشعر بدنها والكلمات تتردّد في عقلها من جديد، ترتعد خوفا وهي تتذكّر عيناه، ربّاه كيف نسيتهما!

كيف سمحت للاهتمام فيهما اليوم أن ينسيها قسوة الأمس؟ كيف تقهقرت نظرة الاحتقار بأحلامها أمام نظرة الرضا؟ كيف اختلطت عليها الأمور وظنّت... بل أوهمت نفسها أنّه ربّما... ربّما فقط يوما ما... عندما تخبره بنفسها... قد يغفر

تختنق لميس بأفكارها، فتحاول أن تأخذ نفسا طويلا، تريد أن تجلي بها الغصّة في حلقها، ولكنّها عاجزة تسحب شهقيها متقطّعا مرتجفا حادّا وبدلا من أن يريحها تغصّ به فتقذه من حلقها بشهقة بكاء عنيفة شقّت صدرها لكنّها سرعان ما غطّت فمها بيدها حتّى لا تفزع الطفلة الساكنة بين ذراعيها فخنقتها لتجحظ عيناها من شدّة ما تكتم من حرقة الوجع

لكنّ الطفلة كانت قد أجفلت وانتهى الأمر فابتدأت بالبكاء لتسارع لميس بتهدئتها وهي توبّخ نفسها فتدلّلها بحلو الكلام وتلاعبها حتّى استكانت أخيرا فتمدّدها بحضنها ثمّ تقرّبها من صدرها وتبدأ برقيتها بآيات من الذّكر الحكيم بينما يدها تمسّد على جسدها بتتابع ورقّة غير مدركة لتلك الدموع التي كانت تسحّ من عينيها بصمت وهدوء وهكذا إلى أن غفت الصّغيرة بين يديها باستغراق تامّ!

صوت قبضة الباب التي تحرّكت بقوّة أجفلتها، شاهدت الكاسر يفتح الباب ويدخل إلى الغرفة، كان يضع الهاتف على أذنه يستمع له بتركيز شديد وإمارات الغضب تبدو واضحة جليّة على وجهه

كان واضحا أنّ الكاسر يستعدّ لتوبيخ من معه على الهاتف بل وربّما الصراخ فيه أيضا فسارعت لميس بوضع سبّابتها على فمها مشيرة له برأسها على الطفلة الغافية بين ذراعيها

فيدقّق فيها وفي الطفلة للحظات يتأمّلهما ثمّ ينسحب لداخل الحمّام مغلقا الباب وراءه منعا لوصول الصوت وإيقاظ الصغيرة ولكن هيهات أن لا يصل للميس وهو الذي كان يهتف بصوت مرتفع شبه فاقد لأعصابه

رغما عنها أصخت لميس السّمع لمكالمته خاصّة وأنّها فهمت من محور الكلام أنّه يتكلّم مع طليقته... لبنى

(نعم؟... إنتِ متى بدّك تصيري تفهمي آه؟ قاعد بين زلام وبدل المرة كنسلتك عشر مرات وإنت أبدا مش راضية تفهمي رن رن رن لدرجة إنّي فكّرتك بتنازعي وبدّك تشوفي ولادك تودعيهم وبالآخر بتحكيلي أواعي العيد؟! إنتِ أصلا شو دخلك بأواعي العيد؟!.... لا إنتِ ريحي حالك على الآخر ولادي أنا اللي راح أشتريلهم وعلى حسب مقدرتي وإمكانياتي... ولا حتّى العنود يا لبنى... قصدك ولااادي، أوعك تنسي إنهم ولادي واه يا ستّي أنا حرّ وبدّي ألبّسهم على ذوق مرتي... والله إذا كتير حابّة تلبسيهم على ذوقك اشتريلهم انتِ ما حد راح يمنعك وبسّ ييجوا عندك لبسيهم إيّاهم على كيفك... اسمعي أنا عندي نسايبي ومش فاضي للحكي الفاضي تبعك هاد... شوفي متى بدّك إيّاهم وإحكي لإمّي وهيّ بتبلغني سلام)

ما إن أنهى الكاسر آخر كلماته حتّى خرج من الحمّام، فصدمه وجودها وقال بخشونة وأثر بواقي غضب لا يزال يغلّف نبراته: شو لسّة بتعمل هون؟

أجفلت لميس من صوته فقد كانت لا تزال مستغرقة بتفاصيل حواره مع زوجته... السابقة، هكذا ذكّرت لميس نفسها، ونظرت إليه تجيبه مندهشة: أنا هون من أوّل

فتح الكاسر عينيه وأجابها: ما أنا بعرف إنّك هون من أوّل بس مستغرب إنّك لسّة تاركة ضيوفك وقاعدة هون...

برّرت لميس بسرعة خوفا من أن يظنّ أنّها بقيت لتتسمّع على مكالمته مع زوجته... السابقة... ذكّرت نفسها من جديد: أنا كنت بنيّم غلا وبرقي فيها

ضيّق الكاسر عينيه بغيظ وقال: اممم زيّ ما جوز أختك البارد طلب

بحلقت لميس فيه بصدمة ولكنّها صمتت ولم تجبه كي لا تثير حفيظته، فاقترب منها كاسرا الصرامة في صوته ببعض الاهتمام وسألها: نامت؟

ابتسمت لميس ابتسامة ذائبة وهي تنظر إليها وأجابته برقّة: نامت!

ثمّ نظرت إليها وأكملت بابتسامة مشرقة: شوف ما أحلاها

ابتسم الكاسر وجلس بجانبها يتأمّل الصغيرة للحظات قبل أن يقطّب قائلا لها بضيق وكلمات نبراس تطرق رأسه: بتشبهك!

ارتبكت نظرات لميس للحظة ثمّ نظرت له بتوق تسأله بخجل: يعني أنا حلوة زيّها؟

تأمّلها الكاسر للحظات بإشفاق وهو يرى الارهاق واضحا على ملامحها قبل أن يبتسم لها قائلا: لأ!

قالها الكاسر ووقف مشرفا عليها فتلاشت الابتسامة عن وجه لميس وأطرقت رأسها بضيق فمهما ادّعت أنّها أضحت ناضحة ولم تعد تهتمّ بهذه الأمور السطحية التافهة إلّا أنّها تظلّ أنثى تتمنّى أن تبدو جميلة في عين رجلها، إلّا أنّ يده التي امتدّت لذقنها لترفع رأسها نحوه باغتتها فنظرت له مستغربة وشاهدته كيف ينظر إليها بعمق قبل أن يكمل قائلا: إنتِ أحلى منها!

ابتسمت لميس ابتسامة واسعة أبهجت قلبه بطريقة بدت له صادمة وهو الذي لم يعتد أن يستقي سعادته من مجرّد... ابتسامة!!

لتنقلب ابتسامتها لقهقهة وهي تسمعه يكمل قائلا: ومع ذلك نفسي....

توقّف للحظة بينما ينظر حوله قبل أن يرى علبة المناديل الورقية فيأخذ منها واحدة يرميها على وجه الطفلة ويكمل قائلا: نفسي أغطّي وجهها عشان ما حدى يشوفه خاصّة وهالابن الكلب نبراس حكى اليوم إنّه البنت نسخة عنّك بس يروحوا الضيوف حسابه معي!

بحلقت لميس في وجهه بصدمة وقهر من فعلة نبراس وفي ذات الوقت عضّت شفتيها خوفا عليه من غضب والده، أمّا هو فأكمل قائلا: مفكّر أخطبها لواحد من هالاولاد وأجيبها عندي على البيت أخبّيها في وأربّيها على إيدي

من جديد قهقهت لميس من كلماته وأفكاره المتعسّفة فابتسم لها قائلا: شايف القعدة بالغرفة عاجبتك شو مش ناوية تطلعي لضيوفك؟

ابتسمت وأجابته بينما تضع غلا على السرير وتغطّيها جيّدا: بلى هايني طالعة بسّ كنت حاسّة حالي تعبانة شويّ ومش قادرة أقوم بسّ هلّأ خلص صرت منيحه

جمد الكاسر للحظات قبل أن ينظر إليها قائلا بنبضات هادرة ونظرات ملتمعة و رجولة... فخورة بنفسها: طيّب مادام هيك اذا استعجليلنا بالقهوة والحلو يرضى عليكِ!

قال الكاسر كلماته وسارع بالخروج أمّا هي فوقفت خلفه للحظات تفكّر بكلمة الرضا التي اعتاد أن يجود بها عليها فقط لأنّه يعلم كم تفرحها لكنّها اليوم لم تكن بذات الأثر بل إنّ العكس هو ما حدث فرضاه المنطوق بلسانه والمنظور بعينيه لم يتسبّبا لها سوى بحزن كبير ووجع مُلحّ بضميرها

لقد عاهدت نفسها يوما أنّه ما إن يعرفها جيّدا ويدرك صلاحها وتكسب رضاه، فيصبح في رصيدها عنده ما يشفع لها ستخبره بالحقيقة المريرة المخزية دون أيّ مماطلة، حينها سيكون قد رأى بعينيه كم تغيّرت وكيف أصبحت، سيقتنع صاغرا أنّ من مثلها يتوبون، وهي لا بدّ... سترحّب بأيّ عقاب قد يفرضه عليها... راضية

قرار.. اتّخذته قديما... عاهدت نفسها عليه، ورغما عنها نسيته أو.. تناسته، وربّما نادرا بقرارة نفسها تمنّت لو... تتجاهله، تعيش حياتها معه و... وتتجاوزه، ولكن ماذا تفعل حينها بضميرها المعذّب الذي كان قد ابتدأ يستكين فعلا قبل أن تسمع كلماته قبل أيّام فينتفض بقسوة موجعة من جديد

فإلى متى ستستطيع تجاهل عذابه أكثر وتأجيل ما هو مقرّر ومحتوم؟!

.................................................. .........................................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس