المساء***
أصوات عويل قطعت نياط قلبه وقلب من جاوروا الرجل العجوز الذي ما أن دفن ابنه بيديه حتى إنهار صامتاً فلم ينطق بأي حرف .. داخل صيوان العزاء الذي انتصب واقفاً في الشارع يسد مداخله أمام أي سيارة
سامحاً فقط للمارة بالتواجد .. فقط يجلس في كمن يجلس الكون فوقه .. شارد الذهن وكأن عقله غادر مع ابنه الذي كان هو الوحيد الراعي له ولأخته.. نادى الحاج ناصف بهدوء صوته :"أأمروا لنا بالقهوة أنا وعمكم ناجي يا شباب ".
وقف فتحي ليلبي نداء أبيه منادياً لصبي القهوة كأول تعامل بينهم من ذاك اليوم الذي لاك سمعة فرسان وضاع فيه مازن .. جاء ملبياً بسرعة :" نعم حاج فتحي ".
قاطع خالد التصرف بحسن نية .. فقط أراد أن يكون مشاركاً بكل شيء :" نزل دور قهوة للرجال جميعاً وحساب اليوم عندي ".
ثم نظر لفتحي مضيفاً:" سأصعد عند العم ناجي أجعل أمي أو خالتي تصنع أقداح قهوة من بن مخصوص جلبته لها اليوم من أجل ليلة بيشوي ".
أكمل فتحي مضيفاً بصوت أخرسه داخله فلم يحرك شفتيه لينطلق :" أو أسما".
كتم غيظه داخله .. كبته ككل شيء مر اليوم منذ رآه يقف معه يداً بيد وكأنهما صحبة قديمة .. وليسا اثنين كانت نفس الفتاة لهما .. تحرك بعد أن أومأ برأسه فقط ليجلس جوار أخيه فهمي الذي كان يتقبل العزاء في بيشوي كأخ له .. بينما عينا فتحي لم تترك هذا الرجل الذي غادر الشارع للمنزل كأنه سعيد بما يفعل أو لن يقول سعيداً ولكن تحركاته الواثقة في الشارع كأنه من أهله وقاطنيه تغيظه حقاً..
التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 07-03-19 الساعة 02:08 PM |