عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-19, 02:33 AM   #26

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن

الربيع. كانت شفتاها تتمتمان بصمت تلك الكلمة وهي

ترفع شباك نافذتها وتتنفس بعمق من نسيم الصباح الدافى

العطر. وقد أضحى ذلك عادة من عاداتها في أقل من أسبوع،

فهي تفتح نافذتها وتأخذ نفسا عميقا وهي تحاول أن

تتعرف إلى تلك الروائح الذكية الجديدة التي كان العالم

يقدمها مع كل فجر، هذا الصباح كانت رائحة الأرض الذكية

الغنية تتصاعد إليها من الحديقة الكائنة تحتها، فتفرح

وينشرح صدرها لمساهمتها في تعزيز هذا المهرجان

الحسي القائم نصب عينيها.

في المدينة، كان الربيع ينساب أمامها وهي في غفلة

عنه. أما هنا، في الجبل، فقد كان الربيع يعود للحياة وهو

يغمر حواسها بفيض من كل عطر ولون.

وراحت تفكر. سيبقى هذا الربيع عالقاً في ذهني حتى

آخر أيامي، على الرغم من كل شيء.

تحولت الحياة في روزوود إلى رتابة مملة من الساعات

المتتابعة. وفيما كان الياس يعمل بمفرده في الأستديو،

كانت مادلين تصرف صباحياتها في حديقة الورد، وهي

غارقة في جمال الطبيعة الخفية. تلك ساعات صفائها

الحقة، لا يعكر صفوها أي شيء.

أما فترات بعد الظهر، فكانت تقضيها مع الياس، في

الاستديو، وهي عاكفة على عملها، في عزف البروفات

والاعادات، فيما كان هو يمرر يديه في خلال شعره، وهو

عابس وغير راض مطلقا عما كان يقوم به. فقد كان واضحا

أنه يدور في حلقة من الاحباط في خلقه وإبداعه ولم يستطع

أن يجد منفذا إلى الخارج. ثم يذرع الغرفة جيئة وذهابا

فيما هو يشتم ويكسر الأقلام ويمزق الأوراق، حتى أنه في

الأمس ضرب بقبضته على الحائط؛ ولكن، لم يكن يلومها

لأجل هذا الاحباط. فقد كانت محادثتهما محدودة في إطار

الموسيقى ولم تتعداها إلى شيء آخر، و كان كلما خاطبها

بقي حريصا على ابقاء نبرته ناعمة ولطيفة ومزاجه

مكبوحا، وطبعه هادئا.

كأن مليون سنة قد مرت منذ أن تصافحا بالأيدى لأول

مرة وتعاهدا على الصداقة، وفي استعادته للأحداث

الماضية والتأمل فيها بدت هذه الصداقة مادية صرفاً.

ففي كل الساعات التي امضياها سوية لم يتبادلا الحديث إلا

في الموسيقى. كانت الرابط الوحيد بينهما. وحتى هذه، في

الوقت الحاضر بدأت عراها بالتفكك بسبب إلهامه المتدفق.

ولشد ما كان يزعجها ظنها بان تكون هي الملامة في عزفها

و أنه على وشك استبدالها بغيرها، وأن معاملات فطامها عن

الموسيقى قد بدأت.

في الأيام الثلاثة التي تلت بقي الياس سجين الاستديو،

رافضا الذهاب إلى البيت لتناول وجبات لعامه، وأخذ

يتحاشى رفقتها ما استطاع. أما هي فقد كانت تعيش يومها

في مرمى مناداته، وقد سربلتها الوحدة بجلبابها.

كانت بيكي تحضر يوميا لتنظيف البيت وتحضير

الطعام، وعلى الرغم من أن وجودها كان يخفف من هذا

الصمت المخيم على المنزل، إلا أن مادلين لم تكن تشعر

بارتياح لوجودها.

وكان نظراتها المذهلة وعلاقتها الودية

مع الياس لم تكن بكافية لارعابها، فقد كانت مادلين تشعر

بأن تيارا خفيا من العدائية بات يسري تحتها من دون أن

تدرك كنهه، لأنه لم يكن موجودا قبل ذلك.

خلصت في استنتاجها إلى أن الياس قد يكون أفضى

إليها بأن عازفته الجديدة كانت تضيق الخناق عليه بطريقة

ما، وتثير عند بيكي غرائزها الدفاعية إلى أقصى درجة.

لم تكد تصل إلى آخر استنتاجها هذا، حتى بانت بيكي.

فقد سمعت مادلين صوت سيارتها وهي تقف في الطريق

الخاصة خارجا، ثم فتح الباب الأمامي وأغلق وراءها.

كشرت تكشيرة لا شعورية لدى علمها بدخولها إلى

المنزل، إلا انها سرعان ما شعرت بالذنب وهي تدغدغ هذه

الفكرة. ليست الغلطة غلطة بيكي إذا كانت قد ولدت جميلة،

ولا في أن يكون الياس قد راح يشعر ازاءها بمشاعر

وأحاسيس لم يكن ليشعر بها تجاه مادلين. وتنهدت وهي

تستعيد ذكرى أطباق الفطور المغطاة بمناديل السفرة والتي

كانت بي تصعد بها إلى الاستديو كل يوم فيما كانت هى

تتناول طعامها وحيدة في بيتها. ونادرا ما تعود بيكي

أدراجها قبل مضي ساعة، ولم يكن ذلك يحتاج إلى كبير

عناء في تصور كيف كان الأثنان يصرفان تلك اللحظات.

عندما نزلت مادلين إلى الطابق السفلي كانت بيكي منحنية

على الأرض وهي عاكفة على فرك أرض المطبخ فيما كان

شعرها مشدودا إلى الوراء تحت شريط أزرق، ووجهها يلمع

بقطرات العرق الناضجة منه. وكانت كالعادة ترتدي بنطال

الجينز المقصوص وقد صار زيها العملي في عرف مادلين.

وإلى ذلك، فقد كانت مر تدية قميصا خاليا من الكمين، بهت لونه

الأحمر واقترن بلون من الزهر الضبابي. وقد بدت، كما العادة،

مذهلة. وجلست على عقبيها وراحت تمسح أعلى ذراعها على

حاجبيها فيما كانت مادلين تولج إلى الغرفة.

استهلت بيكي كلامها قائلة: “القهوة جاهزة، أظنك

تستعدين لقضاء صباح آخر في الحديقة.

أشارت مادلين بأناملها إلى شعرها المعقوف كذنب

المهر في قمة رأسها وراحت تحدق في الجينز الباهت

والرث وقميصها ذا المربعات، الفضفاض. وقالت: لدينا

الكثير من العمل لنقوم به.

هزت بيكي رأسها وهي تقول: لقد كانت والدة الياس

تهوى هذه الحديقة، مثلك تماما.” وترددت وهي تبتسم

ابتسامة خفيفة وأضافت: لربما هي الآن تنظر من عليائها

إلى هذا المكان وهي تضك ضحكة عريضة إذ قد جاء من

يرعى ورداتها ويهتم بها.

كان ذلك أول محصلة من الأخبار عن هذه المرأة التي

جعلت من هذا المكان منزلأ مثاليا وهي تغذيه بحبها. وعضت

على شفتها السفلى ثم قالت: “هل كنت تعرفينها جيدأ؟”

هزت بيكي برأسها وقالت؛ "ليس بالشكل الذي كنت أحب

فيه أن أتعرف إليها. فقد انتقلت إلى برايتون سكوير قبل

سنة من موتها.”

“ولكنك أعجبت بها.

“بل أحببتها، فقد كانت امرأة رائعة.

قالت مادلين: “اعتقد أنها كانت كذلك.” ثم غرقت فـي

تفكيرها وهي تتذكر كل تلك اللحظات التي شعرت فيها

بحضور تلك المرأة العحبب في البيت، في الخميلة. ثم

أضافت: "لهذا السبب لم أكن أعلم لماذا كان الياس يكره

هذا البيت.

راحت بيي تحدق في عينيها في نظرة ملؤها الوعيد ثم

قالت: “لا تعلمين شيئا عن الياس، ألـيس كذلك؟”

بدت وكأنها في مجال الاتهام، فيما هزت مادلين

برأسها وهي تشعر فجأة بأنها مذنبة لجهلها.

قالت بيكي: “حسنا، فيجدر بالياس أن يصارحك بما

يريد منك أن تطلعي عليه، وليس أنا.” ترددت ثم طقطقت

بلسانها قليلا وكانها قد ندمت لكونها كانت مقتطبة على هذا

النحو الفظ وأضافت قاطة: لم أكن أقصد أن أصرئ فى

وجهك. والله عليم بذلك، وأعتقد أنك تعانين بما فيه الكفاية

بالعمل مع إيلي.

أخفضت مادلين من نظرتها وراحت تغمغم قائلة: “لم يعد

يفعل ذلك كثيرا الآن. أو على الأقل، فهو يحاول أن لا يفعل.

لقد توصلنا إلى اتفاق.

أجابت بيكي ببساطة قائلة: “هكذا سمعت أو هكذا تناهى

إلى مسمعي.” وأضافت وهي تنظر في دلو الماء الممزوج

بالصابون: لم أصدقه حين قال لي الياس إنكما تعاهدتما

على أن تكونا صديقين.” قالت تلك الكلمة الأخيرة بسخرية

ظاهرة وكأنها لا تصدق الأمر.

أفلتت الكلمات من فم مادلين قبل أن تدرك أنها ستتفوه

بها: “لا أعجبك كثيرا، أليس كذلك؟” ورمقتها بيكي

مندهشة.

قالت أخيرا: “لا أعرفك تماما.” ثم اشتبك حاجباها فيما

راحت تتفحص مادلين ثم أردفت: “تذكرينني قليلا بأمه.

فقد كانت وسيمة مثلك، وباردة مثلك تقريبا.” و أنشأت تحدق

في ثوبها ثم قهقهت فجأة وقالت: “بالطبع، فلم يكن للموت

أن يفاجئها أبدا وهي في لباس كهذا. أما نمطها فكان فى

القبعة البيضاء والقفازين وفستانها الشفاف.

غمغمت مادلين: “لا يتوجب علي أن أرتدي الأبيض. فقد

أكون تلاشيت.

تنهدت بيكي: "ليس هذا ما يقوله الياس.” وانحنت

لتستأنف عملها في فرك أرض المطبخ قبل أن تتفوه مادلين

بأي حرف وتابعت: “النساء أمثالك يبدين جميلات في كل ما

يرتدين. إني أشعر بالغيرة منهن حتى الموت، بصراحة.

راحت مادلين تحملق، وهي مصعوقة، إلى شعر بيكي

اللماع وهو يهتز مع حركات ذراعيها النشيطتين وهمست:

“ولكنك بارعة الجمال، فأنت أجمل امرأة رأيتها في

حياتي.

جلست بيكي على عقبيها مجددا ونظرت إليها بنظرة

ملؤها الحيرة: “جميلة ربما، ولكن لست ببارعة الجمال.

ليس مثلك.”

مالت برأسها إلى مادلين وهي تنظر بتجهم قائلة: “يا

إلهي، حتى أنك لا تعرفين هذا. ألـيس كذلك؟”

بلعت مادلين ريقها، وهي ترف أهدابها فيما راحت

بيكي تقهقه عاليا. وفجأة، وكأنها تذكرت أنها لا تحب

مادلين، انحنت على عملها وقالت بصوت أجش: “والأن،

خذي فطورك واخرجي من هنا. فأنا سأغادر اليوم عند

الظهر، وأمامي الكثير من العمل لانجازه قبل ذلك!

ترددت مادلين لبرهة ثم همست: لقد نسيت شيئا فوق.

تحولت مهرولة في الرواق، وصعدت السلالم في أقصى

سرعتها وكأن هذا الشيء كان على أهبة أن يختفي قبل أن

تسنح لها الفرصة برؤيته. ودخلت غرفتها بسرعة وتوقفت

عند المرآة، وهي تلهث"وقد راحت عيناها تتسعان ملؤهما

الدهشة والتساؤل فيما انشقت شفتاها قليلا.

جميلة؟ تجهمت أساريرها قليلا وهي تتفحص في

انعكاس صورتها في المرأة. فقد اكتسبت بعضا من اللون

بسبب تواجدها المستديم في الخارج؛ ولكن، وفيما خلا

ذلك، فقد كانت تبدو رقيقة ولطيفة كما كانت هي الحال دائما

بعينيها الرماديتين بلونهما الفاتح، بشرتها الفاتحة أيضا،

على الرغم من تعرضها للشمس؛ شعرها الفاتح أيضا

وأيضا معقوف الآن على شكل ذنب المهر... وكل شيء فيها

كان أشبه بتلك الصورة التي تعرضت كثيرا للشمس فبهت

لونها. إلا أن ذلك ليس بالجمال. فالجمال يستدعي الانتباه.

وكل انسان يعلم ذلك. فالجمال يتجسد في أشخاص أمثال

بيكي ممن يفضن حيوية ولونا

، حيث تتحول الوجوه اليهن مراقبة.

تنهدت وهي تشعر بانخداعها، وكان بيكي قد أعطتها

هدية ملفوفة بذوق، تبين فيما بعد أنها علبة فارغة.

عثر عليها الياس بعد ساعة في حديقة الورد وهي

منحنية فوق كوكبة من الأغصان الهشة والجافة. وهي تزيل

عنها ما علق فيها من أوراق وحشائش صمغية، وتمهد

كومة التراب بعناية.

تناهى صوته من ورائها: “إنك تضيعين وقتك.” وغزلت

على ركبتيها وأدارت رأسها بسرعة، مندهشة.

عندما رأى وجهها ابتسم في الحال، ثم بطريقة لا

شعورية، مد يده ومسح بقعة من التراب كانت عالقة على

طرف أنفها، ثم قال: “رائع.” وارتبكت فجأة لشكلها الخارجي

، فقد كان سروالها رطبا وأسود اللون نزولا من

عند الركبتين وفيه أخاديد طويلة من التراب العالق على

بيديها. استطاعت بطرف عينها

جا فخذها حيث مسحت

أن ترى خصلتين من شعرها قد تحررتا من عقدتهما وهما

تسبحان طليقتين في النسيم العليل. ومدت يدها لتمررهما

خلف أذنيها ثم توقفت فجأة وقد أدركت أن يديها كانتا

ملطختين بالتراب. قام هو بذلك جالسا القرفصاء قريبا

منها، وأخذ يراقب يديه وهما تلمان شعث تلك الخصلات

المتشردة التائهة وترو ضانهما.

أخذت مادلين تراقب وجهه وقد انشقت شفتاها قليلا عن

ابتسامة، وقد أثار دهشتها كم بدا مختلفا تحت الشمس،

بعيدا عن أضواء الاستديو الاصطناعية. كانت خضرة عينيه

تتناغم مع براعم شجيرات الليلك في مؤخرة الحديقة خلفه

وشعره يرتعش ويتماوج في زرقة خلفيتها سوداء. حتى

أن ثغره بدا ألطف وأقل اكتئابا.

مال برأسه باتجاه خميلة الورد وقال: “إنها ميتة، أنت

تعلمين ذلك.

تمتمت: “لا.” ومدت بيديها نحوه وأمسكت بأنامله

وقادتها إلى حيث كانت علوج التطعيم في قاعدة الخميلة،

تحت التراب. “تحسس ذلك؟ تلك الدرنة القاسية في ساق

النبتة؟ ثم هنا، بلطف الآن... ذلك النتوء البسيط؟ هذه هي

البداية. إنها تعود إلى الحياة.” ابتسمت وهي تنظر إلى

العيدان القاسية والجافة وقد سحرتها معجزة الربيع

الناهض من غفوته. وقالت: “أليس ذلك أكثر الأشياء إثارة

للدهشة؟ أن تشعر به تحت خفق نبضك؟”

عندما حدقت في وجهه ثانية، أربكها تعبيره. للحظة،

فقط لحظة، كانت عيناه تعكسان أحاسيس قلبها، حنانه

الظاهر في نظرته الناعمة... ولكن فجأة تجهمت أساريره

وسحب يده منها بفظاظة.

شد على ركبتيه ووقف وكأن تلك اللحظة لم تحدث قط،

راح ينظر حوله إلى العشرات من شتل الورد التي كانت

مادلين قد عملت على تنظيفها من الأجسام الغريبة. وشذبت

الأرومات القصيرة في أصل الشجرة وقال: لم ألاحظ من

قبل كم عملت هنا.

“لا أدري كيف كان باستطاعتك أن تلاحظ؟ فأنت لم تغادر

الاستديو منذ أيام.

رمقها بنظرة فيما راحت هي تنظر إلى يديها المسبلتين

على طول فخذيها وكأن شيئاً ما في عينيه قد جعلها تنظر

إلـى ذاك المكان.

قال بنبرة تعوزها الفخامة: “إني مغادر الاستديو اليوم.

يمكنك التمرين فيه إذا أحببت أو تأخذين فر صة بعد ظهر هذا

اليوم. لن أعود قبل المساء.

ارتخت كتفاها ببطء فيما كانت تراقبه وهو يبتعد باتجاه

البيت، إلى حيث بيكي. وكانا قد غادرا حين دخلت المنزل

لتتناول طعامها.

وقفت في رواق المطبخ وهي مذهولة من حدة ما كانت

تشعر به. فلم تكن الوحدة، أو الحسد، أو الغيرة، أو خليط

لهذه المشاعر. فقد كان أعمق من ذلك وأقوى... أشبه ببذرة

متنامية من الثورة، ليس فقط كونها منبوذة بل لكونها غير

جديرة بالإعتبار أيضا. فقد غادر مع بيكي من دون الاهتمام

على تركها لوحدها، وكأنها أضحت مثل الآلات التي تطفا

عندما لا يحتاج إليها. بالنسبة له فهي ليست بإنسان من لحم

ودم، بل زوج من اليدين لا وظيفة لها خارج لوحة المفاتيح.

فالمرة الوحيدة التي اعترف فيها بوجودها كانت عندما

أدت أداء أشبه بأداء الحيوان المدرب في الاستديو، ولكنها،

هي أكثر من ذلك. فهي كائن بشري

أيضا، امرأة، مثل

بيكي... وقد أن الأوان كي يلاحظ ذلك.

أمضت أطول وقت حتى فترة بعد الظهر وهي تستحم

وتغسل شعرها وتعزن قوتها البدنية عبر تلك الحركات

التقليدية التي لم تكن لتلجأ إليها قبلا.

إنتهت عند الغسق وكانت سعيدة من جراء ذلك. وأعجبتها

الطريقة التي كان فيها النور الوردي يجمل صورة وجهها،

ولم يرق لها شيء في منظرها الخارجي وقد ادهشتها

صورتها المنعكسة في المرآة.

عملت على رفع شعرها فوق قمة رأسها فيما كانت بعض

الخصلات متدلية فوق حاجبها ومعقوفة فوق أذنيها.

واسرفت فى استعمال الصبا غ وبدت عيناها خامدتين وراء

رموشها الكثيفة وقد جعلها الكحل تبدو أكثر سواداً.

كان فستانها من دون كمين، باللون الأزرق الفاتح

وكانت قد اشترته لحضور احدى حفلات تلامذتها

الموسيقية. تلك هي المرة الأولى التي ترتديه. في ذلك

الوقت شعرت بالإرتباك لأنه يلتصق بزوايا جسدها،

وسخرت من ياقته العالية، لكن الآن هي مسرورة لإرتدائه.

أما التنورة فكانت واسعة تلتف حول وركها عندما

تتحرك، قد امتحنت تأثير

ذلك أمام المرآة بعينين واسعتين

وجلتين. فلم يكن باستطاعتها أن

تحدد الخط الذي يميز

بين ما هو مغر وما هو سيىء الذوق، غير أن شيئا واحدا

كان أكيدا وهو أنه لن يكون بمقدوره أن يتجاهلها وهي

بلباسها هذا.

إذا حاول أن يختبىء في الاستديو مجددا الليلة، فكرت،

ساخرج وأنا أتهادى بحذائي ذي الكعب العالي وألح عليه

أن يأخذني إلى العشاء. فهذه الليلة لن اتناول طعام العشاء

بمفردي.

ترنحت قليلا وهي تتهادىء بحذائها ذي الكعب العالي

عندما سمعت الباب الأمامي يغلق بعنف.

كان واقفا في آخر السلم عندما نزلت وكأنه كان ينتظرها

لتعلن عن دخولها. بادلته النظر بجر أة فيما هي تنزل درجات

السلم وهي تشعر بحفيف الحرير على ساقيها. وابتسمت

لدى سماعها صوت تنفسه بين أسنانه.

راحت عيناه تطوفان عليها قبل أن تصبح على مرمى

يديه، ثم توقفتا عند عينيها في نظرة باردة وكأنها قوة

ملموسة تنذر بدفعها إلى الوراء.

قال بقرف ظاهر: “كدت أنسى اليوم الذي نحن فيه.” ثم ومن

دون أن ينبس ببنت شفة، استدار ومشى بعيدا في البهو عابرا

المطبخ وخارجا من الباب الخلفي وقد أغلقه بعنف وراءه.

وقفت مادلين على السلالم وقد شلت حركتها وهي

مصعوقة من ردة فعله، وأفكارها تردد مرارا وتكراراً أن

كون المرء غير مرئي ليس شيئاً سيئاً، لكن أن يشاهد، ثم

ينبذ، فهذا أسوأ، أسوأ بكثير.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-03-19 الساعة 03:24 PM
samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس