عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-19, 06:56 PM   #26

عيون الرشا

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية عيون الرشا

? العضوٌ??? » 105883
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » عيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond reputeعيون الرشا has a reputation beyond repute
افتراضي

فتاة في بيتي

حين وصلت إلى العمارة حيث شقتي في الطابق الثالث، كان الشارع هادى غير أزيز الرعد المدوي في السماء برفقة زميله صاحب السياط..البرق ..كان الجو باردا. ملابسي الرطبة من أثري وقوفي تحت المطر لعدة دقائق أشعرت جسدي بحاجة إلى الكابتشينو الساخن ..ذلك الشراب الرائع الذي يملى الجسد بدفء جميل ، كما لو انه موصل حرارة يتوزع في عروقه وصولا إلى العضلات جاعلا منها تسترخي بهدوء ..لكن ما أثأر استغرابي هدوء تلك الفتاة الجالسة بجانبي ، كانت تحدق إلى الأمام مستغرقة التفكير طوال الطريق دون أي التفاتة تذكر.
كان لهدوء الشارع وتسمر الناس أمام شاشة التلفاز لمشاهدة المباراة خدمني كثيرا ..فمجرد فكرة أن يراني شخص ما برفقة فتاة تصعد إلى شقتي ، أمر يثير الشكوك حولي ويبدأ القيل والقال ..خاصة صاحب أفران الخبز..ذلك الرجل المسن (خزعل ) الذي أشاهده في خروجي ودخولي للعمارة كأنه يرقبني ويراقب المارة بعينيه الجاحظتين ..من حسن حظي في تلك اللحظة أنه لم يكن جالس في كرسي إعتاد وضعه خارج واجهة أفرانه..فقد أصابه الزكام منذ مساء أمس، ليعفيه عن التلصص .
-"لقد وصلنا " .قلتها وأنا أطفئ محرك السيارة بعد إيقافها قرب مدخل العمارة ..كان جواب الفتاة الصمت وهي ما تزال محدقة نحو الأمام .
" هل إنتِ بخير ؟ " سألتها ممعنا التفاتتها الهادئة نحوي وقد ارتسمت على وجنتيها ابتسامة خفيفة..لم تبدو حينها قلقة أو خائفة !
حركت عتلة باب السيارة ليفتح بهدوء وخرجت ..يبدو أنها نجحت هذه المرة في معرفة كيف يفتح !
ترجلت غالقا الباب في حين كانت هي تقف بشموخ رغم هندامها البالي!
اقتربت منها وأغلقت الباب الذي كان من المفترض ان تغلقه هي ..لكن لا بأس..أحكمت غلق أبواب السيارة بالتحكم عن البعد..وأشرت إليها إلى باب العمارة قائلا " هيا بنا ..الشقة في الطابق الثالث " .
بدأت تسير بمحاذاتي وهي تتلفت إلى ما حولها وكأنها تستكشف المكان .
وصلنا إلى شقتي عبر السلالم ولم أفكر في المصعد..بل أني لم أفكر فيه حتى..فقد تظاهرت بتجاهله مع الأيام ..فأنا أعاني من فوبيا الأماكن المغلقة ..ومجرد وجودي في مصعد يعني اضطرابا ، قلقا وفزعا كبيرا يشل أوصالي.
دخلت الشقة وفي عينيها تفحص مما حولها من الأشياء..الكنبات الزرقاء التي احتلت مقدمة الشقة وتلك التحفة الزجاجية على شكل فيل يحتل مركز منضدة صاجية..أشعلت جهاز التدفئة المعلق على الجدار ملتفتا إلى ملابسها الرثة الرطبة.
-" تفضلي بالجلوس .." قلتها مشيرا إلى الكنبة " ...حسنا أنتِ بحاجة إلى هندام جديد .." أضفتها مفكرا لو إني احتفظت بهندام واحد من هندام إحدى شقيقتي بعد هجرتهما برفقة والداي إلى لندن قبل أربعة أعوام ..فتحت خزانتي باحثا عن هندام يناسبها.. يناسب جسدها الرشيق.. قلبت عدة ملابس ولم أجد غير بلوزة صفراء كانت قد أهداتها لي والدتي الشتاء السابق وكانت ضيقة، لكنها تبدو مناسبة بعض الشيء للضيفة.. بحثت عن سروال مناسب..فليس لدي تنوره بالتأكيد...وجدت واحد اسود يمكن طي أكمامه فيكون مناسبة أيضا.
عندما عدت لها، كانت جالسة على الكنبة محدقة النظر إلى لوحة كانت معلقة قبالته..لوحة هاتجيت للرسام بوريس فاليو..سيدة عليها إمارة الشباب والهيبة ، تناهز الثلاثين ، ترتدي هندام لافت بمفاتنها ، تحمل في إحدى يديها كأس والأخر مسدس يتطاير منه دخان لعيار ناري وقرب حذاءها الأسود اللامع تهالك جسدي رجلين يحملان مسدس وكأن صراع كان بينهما، لتكون هذه النهاية المأساوية لهما ، في حين كانت تلك سيدة تحتفظ بنظراتها الثاقبة وملامحها الهادئة على بشرتها البرونزية ..بالتأكيد ليست لوحة أصليه لكنها نسخة قد أهداها لي ابن عمي مجدي بمناسبة نيلي شهادة الماجستير.
" حسنا ..أنه ليس بقياسك لكن أظنه الأنسب لك حاليا..هل أعجبتك اللوحة ؟ " ..سألتها مناولا إياها الهندام الذي اخترته..وبدورها تناولته دون أن تجيب بكلمة..أقصد دون أن تومئ باشارة ...فمن الصعب تقبل أن تكون هذه الفتاة الحسناء بكماء.
" حسنا ..يمكنك أخذ حمام ساخن وتغير ملابسك..أنه من هنا ؟ " قلتها شاعرا بشيء من الاضطراب يجتاح جسدي..فتاة في حمامي ..يا لها من وسوسة شيطان لعين..رافقتني بهدوء إلى الحمام ..ألقيت عليها محاضرة بسيطة عن كيفية فتحه ..فقد خيل لي إنها لا تعرف هذا كما لم تعرف كيفيه فتح باب السيارة...خرجت وأغلقت الباب خلفي ..كانت الساعة تشير إلى الثالثة والربع ..المباراة على نهايتها ربما..لكن المباراة بين شيطاني وضميري قد بدأت.
ذهبت إلى غرفتي ..غيرت هندامي بسرعة ..اتجهت إلى المطبخ الذي يجاور الحمام ..كان صوت المياه المتساقطة من ( الدوش ) تصدر صدى كبير في تفكيري ..إنها عارية تحت المياه ..ذلك الجسد الناعم ..والشعر الطويل..و ..و ..كثيرا هو حرف الواو الذي بدء يتردد بشكل نقطة تلي الأخرى ، يجلبها الوسواس الذي حاولت أسكته بتشغيل التلفاز وتعليه صوته حتى استطعت سماع صوت معلق المباراة وأنا في المطبخ ..أخرجت أربعة قطع من(البيف بركر) ..قمت بقليه متحسسا نار الطباخ وفكرة نار جهنم كيف لها كي جسدي وتحمصه بشكل رهيب إذا ما زلت نفسي بخطيئة مع تلك الفتاة الذي لا يفصلني عنها غير باب خشبي لم تقفله هي بمزلاجه.
كانت دقائق عصيبة ..صعبة للغاية ..لكني وجدت مفرا منها بإشغال نفسي مع طبخ الطعام ..كان صوت الجوع يقرقر في بطني ....أستغرق الأمر خمس عشرة دقيقة لأنتهي من إعداد المائدة..أما هي فلم تخرج بعد .
حقا أن الفتيات يحتاجون إلى وقت طويل في الحمام.. خاصة هي مع شعرها الطويل الغريب بلونه..أذكر كيف كنت أتشاجر مع شقيقتي في الصغر من أجل دخول الحمام أولا..كنت دوما أدعي بإستغرق وقت أقل منهن ..وكانت هذه نقطة لصالحي ..انتظرت خمس دقائق أخرى لعلها أنهت حمامها..لكن ...لا شيء..اقتربت الباب لأناديها ولكن بأي أسم ؟
طرقت الباب ثم قلت
-"ألم تنتهي بعد ! ..إن الطعام جاهز..لابد إنك جائعة ..بالمناسبة يمكنك استخدام المنشفة المعلقة إنها نظيفة "..لكن لا شيء تغير ..كانت المياه ما زالت على هديرها دون تغير في سيمفونيته ..رجعت إلى المائدة ..كان الجوع بدء يتأكلني والطعام البارد ليس مفضلا لدي .. صنعت سندويش بسرعة وتسمرت أمام شاشة التلفاز لمشاهدة المباراة لعلي أشغل تفكيري عن الوسواس الذي بدء يرافقني مع كل ثانية تمر ..انتهيت من سندويش واحد وبدئت بالثاني ..ثم أكملته مع قنينة مشروب غازي ..حتى بدء الشوط الإضافي والنتيجة 1-2 لصالح الريال ....نظرت إلى الساعة مستنتجا إن الفتاة مضى عليها نصف ساعة في الحمام..الأمر بدءا يتحول من وسوسة إلى قلق..هل يمكن إن تؤذي نفسها !..وفجأة ملأت شفرة الحلاقة مخيلتي ..هل يمكن أن تقدم على عمل مجنون !..هل يمكن أن تنتحر !!...قفزت بسرعة متجها إلى الحمام مرة أخرى ..
" ألم تنتهي بعد ! .." سألتها طارقا الباب بشيء من القوة, لكنها لم تقترب حتى لتريني وجهها لأقرأ إماءه منها تجيب بها سؤالي أو تغلق صنبور المياه لتشير لي بشيء..انتظرت لبرهة ..لكن لا شيء ..وكأني أحدث نفسي !
مسدت جبيني لعلي أهتدي إلى طريقة يمكن قتل الفكرة المجنونة ..فكرة إنها قد تؤذي نفسها ..عندها لم أجد غير أن أدخل الحمام ..إنها الطريقة الوحيدة لاكتشاف ما يحدث.
تنفست بعمق محاولا تخفيف الاضطراب الذي اجتاحني لأخرج منه منتصرا بفكرة القلق ليس على هذه المسكينة التي لا حول لها ولا قوة..بل على نفسي أن أصابها مكروه..قد أقضي حياتي وراء قضبان صدئة لأني قدمت مساعدة لمن لا يستحقها.
صرخت " أسمعي جيدا ..إذا لم تغلقي صنبور المياه حالا سأضطر لدخول الحمام ".. مرة أخرى .. لا شيء..عندها لم أجد حلا أخر.
فتحت الباب ببطء فأندفع بخار الماء الساخن في وجهي ، حاجبا شيء من الرؤيا ..وما هي ثانية حتى وقعت عيناي باتجاه الدوش، لم أجدها واقفة ، بل جالسة على الأرض متكورة على نفسها وقد احتضنت وجهها بين ساقيها بحيث يكون شعرها يغطي كامل جسدها العاري!
" يا ألهي..هل أنتي بخير " قلتها مسرعا نحو المنشفة ..أغلقت صنبور المياه ثم أحطت المنشفة على ظهرها..لففتها جيدا عليها وهي ما تزال على جلستها " ما الذي يحدث لك بحق السماء !"
رفعت رأسها لأرى وجهها ..كان بدر يتلألأ بحزن صامت ..كانت قطرات المياة تنحدر من أعلى راسها بسلاسة مدهشة ..كانت جميلة بقدر يصعب وصفها ..تسمرت كالأبلة أنظر إليها لثانية ثم تلعثمت قائلا
-" أسمعيني جيدا ..كل شيء سيكون بخير ..اطمئني ..كل مشكلة لها حل..فكري بهذا فقط ..واعتمدي على الله وعلي ..أعدك سأبذل قصار جهدي في تقديم العون..والآن هيا لننهض ".
لم أجد نفسي إلا وأنا أمد ذراعي لحملها عن الأرض المبللة ومن حسن الحظ أن منشفتي البيضاء كانت كبيرة تغطي معظم جسدها غير ساقيها الفارعتين الرائعتين..حملتها دون أن يتلامس جلدينا معا ...أخرجتها من الحمام وأجلستها على الكنبة القريبة من المدفئة .
أسرعت وملأت أبريق الشاي بالماء لغرض صنع حليب ساخن لها ..أخرجت الهندام المفترض أن ترتديه وبدأت أملي عليها ملاحظاتي في كيفيه ارتداءه..ولولا شكلها البشري لأيقنت إنها قادمة من كوكب أخر.
-" انظري إلي ..أنظري كيف أرتدي هندامي..أرتدي هذا البلوزة بهذا الشكل والسروال بهذا الشكل " ..عدت من جديد إلى المطبخ ..صنعت كوبا من الحليب..وعدت به إلى الصالة كانت هي قد ارتدت الهندام كما أشرت لها..حاولت كتم ضحكة تشاطرت على الظهور لما بدت الفتاة من مظهر مضحك ..تناولت مني كوب الحليب وبدئت تأخذ رشفة بعد الأخر بهدوء محدقة نحو سجادة الصالة..كانت تبدو كطفلة..ومن هذا الموقف ترسخت في مخيلتي إنها كذلك طفله لا أكثر ..طفلة بحاجة إلى رعاية واهتمام خاصين ..طفلة متقمصة جسد أخر ..جسد فتاة مليء بمفاتن أنوثة رائعة..أنوثة أحاول تجاهلها لأصل إلى تلك الطفلة بداخلها .


عيون الرشا غير متواجد حالياً