عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-19, 06:27 PM   #3

رانا محمد

? العضوٌ??? » 410955
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 68
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانا محمد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
العبقرية فى التبسيط وليس التعقيد
?? ??? ~
My Mms ~
New1 الفصل الاول

الفصل الأول
(بداية)
في أحدي المناطق الشعبية في القاهرة؛ هالة الفتاة ذات العشرينات من عمرها في كل مرة تعلن جدتها "رجاء" عن خاطب جديد سيزورنا، تجلس أسيرة غرفتها ليالي عديدة تراجع في ذاكرتها تلك المقاييس التي وضعتها لاختيار شريك حياتها، وفارس أحلامها المنتظر..
كل ما تتمناه من زخارف الدنيا رفيق آنس بقربه، تسكن إليه، تجد لذة العيش في الحديث معه..
متدين، مثقف، صاحب بفكرة وله رأي يؤمن بقضيته، ناجح في عمله، والكل يحبه، وسيم، طويل مفتول بالعضلات.
تعلم "هالة" أنها ليست كاملة، ولكنها تحتاج لشخص رائع وكامل، ولا تشعر بجواره بنقصها، تأمل أن يأتيها كما تمنته، يأخذ بيدها ويرفعها لأعلي، يحلق معاها فوق الغيوم.
هالة.. وجه ندي رياني، متفائل ضاحك، مبيتهج مبهج ، مضيء كالشمس الضحى ، كالقمر أنيق مهندم، قوام فارغ، وصوت فارغ،، السماحة في صفحة الوجه وأوتار الصوت، ، الخد أسيل مستطيل، ينساب إلي ذقن بيضاوي، خفيفة الظل، هادئة.

قررت هالة أن تبحث عن وظيفة تنشغل بها وتكتسب لآرضي نفسها التي أوجعتها بكثرة التفكير ولأرياحها من الحساسية المفرطة وكأنها عبق علي جدتها وهي أخيها.
مكثت في غرفتها كعاداتها التي حفظتها عن ظهر قلب، لجأت لربها ودعته كثيرا أم ييسر لها عملًا جديدًا تنتفع بيه، تنفع بيه الناس ويرضي سبحانه وتعالي.
ويسر الله لها، ورزقت كما ترزق الطير التي تغدو خماصًا وتروح بطانًا، وها هي الآن تستلم وظفتيها الجديدة، مدرسة اللغة العربية في إحدى المدارس الثانوية للبنات.
كان يومها الأول مزدحمًا، لكن بدايته كانت مشرقة عندما التقيت بمديرة المدرسة الأستاذة "فاطمة"، وجه بشوش تحيط به هالة وضاءة من الشرف والنبل تغشاها سحابة خفيفة من الهم، شممت فيها رائحة والدتها.
لم يختلف الأمر كثيرًا عن "فاطمة" فهي ما زالت تتذكر هذا الشعور الرائع عندما التفت إلي "هالة" وهي مقبلة كالنسمة اللطيفة في نهار الربيع، وقد ألبستها الأيام ثوب الشباب القشيب.
أقبلت "هالة" تسلم عليها بوقار، وقد أُعجبت "فاطمة" بهيئتها وملابسها المتحشمة وحاجبها المنضبط دون إهمال.
فكم تمنت "فاطمة" أن تعمل لديها في مدرستها معلمة لطيفة مثلها تحبها الطالبات، صالحة لتكون قدوة للبنات.
لاتبالغ في زينتها وتمثل المعني الحقيقي الحجاب، حجاب المظهر وحجاب الجوارح معه.
كان مظهرها بسيطًا وأنيقًا في نفس الوقت، دققت في وجهها الخالي من مستحضرات التجميل، وتفحصتها أنفها وهي تقبلها مرحبة بها، ولم تلتقط تلك العطور النفاذة التي تضايقها بها بعض المعلمات بكفوفهن الرطبة، فتبقي بقايا عطورهن عالقة في كفها بعد انصرافهن.
حينها ابتسمت فقد تذكرت زوجها رحمه الله عندما كان ينبها بلطف منذ أربعين عامًا، عندما كانت تتهىء للخروج معه وتتعطر من أجله، فيغضب وينهاها عن الخروج متعطرة امتثالا لهدي النبي عليه أفصل الصلاة والسلام.
ولكن عبث وجهها انزعجًا من صوت الفتيات التي حملتها إليها الجلبة البعيدة وهن يضحكن بأصوات صاخبة، ولا يبالين بحرَاس المدرسة الواقفين علي البوابات، ولا بالمعلمين من الرجال وهم يراقبون ما يحدث فيلتفتون فجأة رغم عنهم في كل مرة تطلق إحداهن ضحكة عالية بصوتها الناعم، مرحلة عمرية خطيرة ، وفترة حرجة.
ترتفع هرمونات الأنوثة وتضخ في أجسادهن لتصرخ وهي سجينة تحت جلودهن، وتتخبط أنفسهن بعشوائية وهن يصارعن ما يتغير فيهن، عاجزات عن ضبط انفعالاتهن، ضاحكات عفوية أحيانا، أو محبطات ربما، وأيضا تائهات في كثير من الأحيان.
قدمت هالة بنفسها وهي تمد يدها تصافح فاطمة، فاحتضنت فاطمة كفها الرقيق، وسحبتها خلفها متوجه نحو الفتيات، احتجت لتغيير نبرة صوتها والعبوس في وجوههن قليلًا حتى يخفن منها، وتحدثت بحزم معهن
انصرفت الفتيات لفصولهن، ثم التفتت إلي هالة ترتب علي كفها الصغير بيدها الأخرى وبدأت تتحدث إليها قائلة:
-أنتي "هالة" أهلا وسهلا بيكي معانا.
فأجابتها هالة بطريقة مهذبة:
-أهلا أستاذه "فاطمة" مبسوطة أني شوفتك النهاردة.
- أنا حبيتك، ودخلتي قلبي، و ياريت يكون عقلك يكون جميل زى وشك.
وأمسكت برأس "هالة" بين كفها وهزتها برفق فابتسمت إليها، وغادرت هالة متجهة إلي غرفة إحدى المشرفات بالمدرسة، للتعرف علي مهامها وتبدأ عملها...
......................................
تقوي.. تمتلك شعر ينسدل علي الكتفين، جبين وضاء منير وأنف طويل كالصولجان يتكئ علي عرشه، والشفاه ممتلئة، الشفتان مطبقتان علي شكل ورقة الورد،عينان واسعتان لؤلؤتان كعيني قط سيامي، ورموش مشرعة كأشواك تحيط بعش العصافير، صوتها يفوح منه رائحة الورد البلدي، مثُلها مثل أي فتاة بدأت زهور قلبها تتفتح مع أبواب عالم الأنوثة، تلجُه يخجلٍ، إلا الأمر تخطي مرحلة الخجل بكثير، كانت تتمني الولج إلي هذا العالم؛ ولكنها وجدت نفسها تلتصقُ بجدرانه بخزي شديد، لقد كانت تخجل من بوادر تلك الأنوثة التي بدأت بالظهور علي معالم جسدها بدلًا من أن تكون مًتباهية كما تفعل كل فتاة في عمرها، لسبب ما وجدت نفسها تُخفي معالمه أسفل حقيبتها المدرسية التي تحتضنها بذراعيها، لا أن تُعلقها خلف ظهرها.
ربما تلك النظرات المُريبة التي بدأت تُحاصرها في كل مكان هي السبب.
المدرسة وناظرها، الخضراوات وبائعها، صارت مراقبة من الجميع.
مع تضارب قراراتها بشأن جسدها، أضربت "تقوي" عن الطعام لأسبوع؛ تصورًا منها أنها بذلك ستفقد كيلوجرامات كثيرة من وزنها، وتصبح نحيلة جدًا فتتواري عن الأنظار..
"تقوي"
ليست مُمتلئة القوام بشكل لافت، ولكن نظرات والدتها لها وهي تتناول طعامها تجعلها تتركه، بل وتنتزع اللقمة من فمها، وهي تحمد الله ثم تنهض، وكانت نتيجة ذلك أنها ترنحت هي تعبر الطريق عائدة من مدرسة الثانوية، مما جلها ترضَ بما كتب الله عليها ولا تتذمر.
......................................
ركبت سامية سيارة أجرة إلي أرض المعركة، وصلت بيت والدتها الذي تقيم فيه ، احتفالها بالطالق الذي تعده أمها »كارثة« بالتأكيد أيقظ بداخلها وحشًا عليها الآن مواجهته.
كانت حربًا روسًا، شنتها الأم ببراعة فائقة تثير الجسد، ثالوثها المقدس هو كلام الناس، والعيب، والطالق أبغض الحلال.. لم ينجح أي ضلع في الثالوث في أن ينتقص من عزيمة »سامية«، كلام الناس لا يساوي ثمن نعالها، والعيب لا يخرج سوى من أهل العيب وهي ليست من أهله، أما الطالق فمشروع حتى إن كرهه جميع أهل الأرض، أين المشكلة إذن؟
-هتقل فرصك في الجواز، هتضطري أنك توافقي بأي رجل!
-جواز إيه اللي بتكلمي فيه يا ماما!،مش خايفة من الوحدة، أنا بقيت حرة
حتى هذا السلاح لم ينجح في هزيمتها، ظلت تبارز في صبر جندي يسكن الإيمان قلبه، ويلهج بالدعاء لسانه؛ فكيف يهزم من اعتصم من الناس برب الناس؟
-مش هتجوز تاني!
هزم العدو وولي الدبر، سكتت ُ أمها مُرهَقة ومِرهِقة، غاضبة على ابنتها التي أفسدت حياتها بنفسها، سألتها والدتها كمن يبحث عن
ضوء في جوف الظالم ليهتدي به:
-إيه اللي حصل لكل ده؟!
سكتت سامية عن الجواب ، لأنه ً أبدا لن يروق لأمها.. ً أبدا.
واليوم تقف على أعتاب حياة جديدة خالية من القيود كما أن خروجها من حياة محمود لن يشكل أي مشكلة في سريان حياته، كان ينظر إليها كعقبة يف طريقه، هو أسعد الناس الآن بإزاحتها عن حياته.
......................................
توقفت السيارة بعد رحلة طويلة أمام إحدى محطات الوقود لتُعيد تعبئة خزان السيارة بالبنزين .. فنظر مالك من نافذة السيارة - ذات الموديل القديم – المجاورة له ليجد أمام ناظريه أراضي زراعية وأشجار كثيفة، وها هي الغيوم تحاول أن تحجب أشعة الشمس المتبقية من هذا الصباح البارد ..
مـــال مالك بجسده قليلاً على ذلك الشخص الكهل الجالس بجواره ليسأله عن المسافة المتبقية علي العاصمة البعيدة التي سيتوجه إليها ، فأخبره ذلك الكهل بأنه لم يتبقى سوى بضعة أميــال ..
تنهد مالك في تعب وإرهــاق ، فقد تيبست عضلاته من كثرة الجلوس دون حراك على المقعد الخلفي لفترة طويلة .. فتح أحد الركاب باب السيارة فتسربت بضعة نسمات هواء باردة ، فجعلت أوصـــال مالك ترتعد ، فقام بإحكام إغلاق معطفه الأسود الثقيل ، ثم لف جيداً حول عنقه ذلك الوشــاح الرمادي الداكن ليمده ببعض الدفء ..
انتهى السائق من تعبئة السيارة بالوقود ، ثم عــاد مجدداً ليجلس خلف عجلة القيادة ، ومن ثم أدار المحرك ، وبدأ ينطلق بالسيارة بسرعة أكبر ..
*****
تتبع>>>>


رانا محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
مشروع أديبة
رد مع اقتباس