عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-19, 05:36 PM   #1308

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي






يتوسد فراشه بابتسامه صار يجيدها مع كل من حضر للاطمئنان عليه وخاصة في حضرتها .. لم يسألها كلمة منذ عادت ولا يعرف أين أمه الآن ؟!!.. لم يسألها لأنه يعلم أنها ستجيد التعامل معها .. فجسور تبدو نار محرقة لكنها مميزة التهذيب لن تعامل من في مثل حالة أمه بشكل سيئ .. يبحث عن طيفها المحرق يعيش في ذكريات هذا اليوم عندما حضرت فهمي مع عروسه أم الطفل مازن الذي كان السبب في عودته سالماً.. كان يعرف قصة فهمي ويسر فهذه القصص تنتشر في العائلات كالنار في الهشيم خاصة مع جواد الذي كان معه خطوة بخطوة لجلب حق ابنة عمه راشد فما كان سيفعلها جواد بمفرده وهو أولى بحق فرسان لأنها ابنة عمته أن كان أبوه قد نسي القرابة فهو لن ينسى رحمه .. الغريب أنها لم تتركه لحظة .. ظهر التهذيب الجيد من خلال حسن اللقاء .. حتى انتهى اللقاء وغادرا.. اقتربت منه بغتة لتطبع قبلة على خده .. حركتها المفاجئة كسرت مقاومته لها .. لتتقافز ذرات الرغبة داخل خلاياه متناسياً جرحه الذي لن يعجزه عن شيء .. أغمض عينيه يريد أن يقاومها ..الآن يريد لها أن لا تكون نقطة ضعفه الواهية .. حتى لا يفقدها .. فتح عينيه ليجدها تقف مكانها هناك بطرف الفراش بالقرب من قدمه وكأنها تعلن عن خدمته وأنها متواجدة بشكل مثير لأعصابه .. هتف بصخب :" لماذا جسور ؟!!".
ابتسامة جذابة ودلال لا يليق إلا بها ثم اقتراب بطيء منه معقبة بسؤال :" لماذا ماذا هادر ؟!!". صمت فلم يرد أن يقول لها أن الإجابة القبلة .. ليجد منها تحدي جديد بصوتها مترافق مع تمسيدة راحتها لظاهر كفه العريض :" قبلت رتبة أعلى من رتبتي .. أشادت للتو أني السبب في إنقاذ الأطفال من عملية كبيرة تعدى صداها للعالم كله ".
إحباط شديد نال صوته وسحب كفه بغتة من تحت كفها ليضعها فوق جسده :" عمل ".
ثم أتبعها بعبارة :" هذا حقك فأنت في مكانك ومن خلال تحليل مميز تتبعنا الخيط فتغير مصير هؤلاء ".
هتفت بحنو :" هذا ما أقصده .. عادة هذه العمليات لا يذكر بها الصغار وتكتفي القيادات بتسليط الضوء على نفسها .. لكن أنت لم تفعل هذا .. سواء لدى أهل الطفل المخطوف .. فقد قدمتني لهما على أني منقذة ابنهما الحقيقية ..حتى بالصحافة اسمي صار مكتوب لدرجة هناك إحدى القنوات تريد إجراء لقاء حواري معي عن الحادث ".
تتحرك حوله في كل مكان .. لا تهدأ بمكان .. هكذا هي منذ الصغر تدور بكل منطقة كغزال مشتعل بوهج أحمر ..ها هي تعود لتتمسك بنقطة البداية حيث قدمه فتقوم بتغطيتها ثم تمسيدها من فوق الغطاء .. كل حركة منها تجعله يريد أن يتقزم حتى يفر من راحتها هجم عليها بالكلمات فهو ما يستطيعه :" لست من هؤلاء القيادات .. ثم لا أريدك أن تظهرين بالقنوات هناك أطراف لمخطط إجرامي كبير قد أسقطني له جدار فلا تمنحينهم فرصة الانتقام ".
همست بصوت خفيض :" شكرا لأنك خائف علي ".
انغمس صوته في حشرجة خافتة ليجيبها :" أنت ابنة عمي وزميلتي ".
انتفضت فجأة وصارت تدور بالغرفة تكرر :" فقط ابنة عمك التي أهنتها بالماضي وزميلتك التي قتلت طفلها بالحاضر .. من أنت وماذا تريد مني حضرة الضابط الذي لم أكن وأنا بفراشه أعلم أنه ضابط وفي قطاع مهم أيضاً".
هدر فيها بغضب :" لم تنتظري لأقول لك .. أرسلتِ المعلومة لمن يقضي علي .. أليس كذلك ؟!!".
هتفت فيها بذات الحدة وهي تقطع الغرفة بخطواتها الملتهبة فتدور حول فراشه بلا توقف :"هذه المعلومة أرسلتها لاثنين .. واحد منهم هنا لا يتركك لو كان هو كان قتلك بحقنة هواء يدلفها لأنبوب التغذية هذا ". وكانت سبابتها الصغيرة تشير لأنبوب شفاف يحمل له العلاج والتغذية بالأملاح اللازمة .. ثم أكملت بصوت مؤكد :" والآخر هو من علمت أنه متواجد مع نهاية كل ملف تتولاه أنت .. هل كان هذا بالصدفة .. أبوك الروحي جاء لي في يوم بالعمل .. زيارته كانت غريبة ولكني انتهزتها فرصة لأمرر له اعتراف بشيء لم أفعله ثم أنتظر المردود .. لم أتخيل انه سيضحي بك فأنت كنز معلوماته .. أنت ومن خلال خطواتك يعرف الربات المسبقة .. أتعرف كان يريد وصمك أنت بالخيانة .. الحقيقة أني لم أتحدث بالقصر لأحد .. تركوني أنتظر وكانت غلطتهم المقيتة .. غادرتهم لأنهم لا يستحقون ".
صرخ فيها :" كنت دائماً تفسدين عملي أجدك في كل مكان بنهاية كل فشل ".
رفعت سبابتها تجاه عينيه :"إياك والتحدث عن الفشل فأنت السبب في ما أصبحنا فيه .. وهل كنت أنا السبب في قضية زملاءك الذين تم تفجيرهم وراح فيها عمرو نوار علوان شاب في عمر الزهور انتحر بسبب هذا العجوز المتصابي .. لم يتورع عن قتل ابن أخيه الكبير ".
انتفضت عيناه بقوة بينما هي تراقص الغضب في عينيها .. طرقة الباب حلت بغتة لتقف بينهما قاطعة الصراخ كان يظنه مروان ولكن أطل وجه كوثر التي تربى في بيتهم فكانت نبراس أمهم الاختيارية لفترة صباهم حتى تفرق جمعهم ما أن علم سنمار بحقيقة قاتل عائلته أو هكذا قيل له .. هم جالساً بطريقة كلها اعتزاز من يشتاق للأيام الغابرة وصفحة الطفولة البيضاء .. لكن الجرح نبهه أن القيام بالحركات الصعبة مؤلم فعاد يغالب ألمه الذي قرأه الجميع على صفحة وجهه .. مما جعل غزاله تتولى عنه مهمة الترحيب :" مرحباً أستاذة كوثر .. أهلاً بك تفضلي ".
بلحظات تظهر مهذبة وكأنها ما كانت غاضبة بالمرة .. عانقتها كوثر بترحاب وتولت تقديمها للرجل خلفها :" وسيم الخشن خطيبي ".

بينما هادر يمد يده لكوثر التي شددت على كفه هاتفة بحرقة :" لا أكاد أصدق أنك هنا أمامي .. بعد أشهر لم أرك فيها أراك مصاب هادر ونعلم من القنوات .. لم تكن أخوة يا رجل ".
ثم استدارت تقدم له خطيبها:" وسيم خطــ..". الذي لم تكن تعلم بمدى معرفتهما إلا هذه اللحظة عندما مال عليه وسيم يعانقه بحرص شديد :" يبدو أن السرية شديدة هادر بعملكم حتى زوجتك لم يبدو عليها معرفتي ".
اندفعت الكلمات المتعثرة من شفتي هادر المتوجع وكأنه يلقى الضوء على الخطبة حتى يجعل قناصته القصيرة تتلهى عن أي شيء آخر :" كوثر .. وسيم متى حدث هذا؟!!".
اعتدل وسيم في وقفته ليقبض على أصابع كوثر المتجمدة في الهواء وكأنها ما زالت على تقديمها له .. أنزلها ببطء .. مسدداً لها نظرته المعلنة بشكر بالغ :" هذا الرجل الذي أخترق مجموعة الحقيرة ميادة تحت ادعاء اسم وهمي فقط ليجمع أدلة وهي التي مكنتني من نيل حقي وأعادت لي كل هيبتي بين الناس .. أنه ..".
طفر اسم "العاشق المشتعل " داخل عقلها فتنظر إليه من مكانها هاتفة بالاسم بنعومة خالصة :" العاشق المشتعل ". راحة جلست بمحيا وسيم وصار يتحدث بما لم تعد تريد سماعه عن بطولته وكيف فعل والوقت .. كل شيء جعلها تغضب أكثر .. وجلست في مقعد جانبي لتترك لهما مساحة كافية فتطمئن عليه كوثر بنفسها كأخت فرضية له.. ولتعلم هي ما لا تعلمه عن زوجها فقد جلب الحديث أشياء كثيرة عن وحدته الدائمة وكيف كان حاله بدونها .. رفقته لجواد وأخوتهما القوية .. حتى نطقت كوثر بشيء جعلها تنصت بشغف أكبر :" يبدو أن الجميع يعلمون عنك وعن الحادث قبلنا هادر .. لقد علمنا أن المهندس فهمي وعروسه في الطريق إليك وكذلك شمس تبلغك سلامها وتمنياتها لك بالشفاء ".
وظلت تكمل بطريقتها الطبيعية كدأب الناس الطيبين الذين لا يحملون كلمة في جوفهم .. مستفسرة من وسيم :" لماذا كانت تتقاتل شمس مع الشيخ تيمور ".
أجابها بهدوء من ينزع عنها الأفكار الغريبة :" لم يكن قتال .. كانت فقط تسأله لماذا يجلس أمام معرض العم ناجي المغلق .. وتطالبه بالذهاب لعمله ".
لم يعلما أنهما بلحظات تهامساً فيها أفسحا مجالاً كبيراً لزوجين من العيون المتحاورة .. هو بعيني المذنبة وهي بعين جامدة تدرك أنه هو من جعل من أدم نذل حقير .. كل شيء تجمعت خيوطه الآن .. خاصة عندما اندفعت كوثر تردف بحيوية :" نعم تذكرت كذلك ..أم شمس كانت تطل من الشرفة وتبلغك سلامها وتتمنى أن توصل سلامها لبنت الأصول فرسان كما وصفتها بالضبط .. وتقول عاملوني معاملة الضيف عندما كنت بمنزل الوزير ،وأعادوا لي ابنتي .. أعاد الله لهم كل غالِ لديهم "..
هل ما تسمعه هو صحيح بالفعل .. أكانت هذه الشمس بمنزل عمها .. صوت هادر يجلي صوته بإحباط ثم يجامل بالكلمات ليصعد بكل أنواع التوتر النفسي داخلها فيرتفع درجة أكبر :" الحادث الذي قام به التوأم كان السبب في جمع الأم وابنتها على ما أظن .. عامة سوف أبلغهم بالدعوات ".
كان يعرف القصة ولم يكلف نفسه ليفهمها .. صوتها المعتذر حاملة هاتفها :" ماذا تشربون حتى أطلب ؟!!".
اعتذرت كوثر هاتفة :" سنشرب عندما يعود لمنزله .. سنحضر ووقتها لن نرفض ولكن الآن أسمحا لنا سنغادركما ".
عادت جسور تؤكد بتهذيبها :" لا .. لقد تعبنا من الانفراد .. وهو قد بدأ يحيا بوجودكما .. أنا سأطلب من المقهى ليصعد لكما أي فرد ريثما أقوم باتصال هاتفي كنت قد نسيته ".
لم تحتاج أكثر من إيماءة كوثر وابتسامة مشجعة من خطيبها .. حتى غادرت مغلقة خلفها الباب وعينيها ترسلان وعيداً التقطته عيناه .. علم أنها ستتصل بمنزل عمها وأن أحد الصبيين سيجيبها بكل ما تريد .. مدد يده لينال هاتفه من مكانه ليرسل رسالة نصية ولكن هاتفه لم يكن بمكانه .. مد يده أسفل الوسادة ربما قد وضعه هنا .. ثم ابتسم لكوثر التي سألته بقلق بالغ :" أليس هناك من خبر عن جواد منذ غادر ولم يتصل علينا ".
حاول ان يركز على الحديث معها وينزع التشتت العقلي الذي أصيب به لمجرد ان تعرف أنه كان يعرف بكل ما يدور بمنزل عمه والأدهى عندما تصل لشمس .. ستعلم أنه السبب في فراقها عن زوجها .. ستظن أنه ينتقم منها وأن قتل طفلهما هو غايته .. كل الخيوط تشابكت فجأة ..
غمغمت كوثر مرة أخرى فعاد ليجيب على سؤالها الأول :" لا لم يتصل بي .. طالما لا خبر سيئ فأعلمي أنه بخير فالأخبار السيئة تنتشر أسرع ".
أجلى وسيم صوته مؤكداً له أنه كان شارد :" كانت كوثر تستفسر هل شريحة هاتفة تظل فعالة في أي مكان أم أنها خاصة بحدود الدولة فقط .. تبدو مرهقاً .. يفضل أن نغادر ".
رفض هادر وهو يطوح بيده :" لا يمكن .. المشروبات قادمة ".
مضيفاً بسرعة بإلحاق :" هناك بعض الشركات لها فروع بكافة أنحاء العالم فيتيح هذا للشخص التعامل سريعاً من خلال إضافة أرقام أو الاتصال بالدعم الفني للشركة وهناك دول تفضل أن تكون الشريحة فعالة في حدودها فقط بالهواتف أصبحت مشاريع جواسيس كبيرة بالصوت والصورة والمعلومة تخرج بلحظات".
كلمات لم تكن تحتاج لأحد يتحدث بها أصلاً وخاصة مع وضعه المرتبك .. هذه المجنونة لن تتوانى عن كشف كل غطاء يتدثر به .. ستستغل حالته لتكون في كل مكان .. عاد يهدر في عقله اسم عمرو نوار علوان .. كيف توصلت لهذا الاسم وما يؤكد لها أنه ’قتل ولم ينتحر .. غاصت عيناه بغيمة غشت رؤيته فلم يعد يبصر الخطيبين اللذين بدأ يتبادلا النظرات .. مرتبكين مفضلين المغادرة .. انتفض عندما سمع طرقاً على الباب .. أمرت كوثر :" تفضل ". أراحه تعاملها ، كأنها أخته الفعلية كم تذكره بمهرة في هذه اللحظة الفارق بينهما في العمر فمهرة كانت وقت وفاتها أمرأه ثلاثينية .. كانت جميلة ..
تقدم شاب يرتدي قميص عليه شعار المشفى معلناً أنه من خدمة الغرف وضع أقداح الشاي والماء أمام الزائرين فوق منضدة صغيرة قريبة منهما... فيما أخذ قدح كبير من العصير تجاه منضدة المريض الجانبية :" أمرت السيدة لك بكوب عصير أيها البطل مؤكدة أن تشربه كله حتى تعدل من حالتك الصحية والنفسية .. مثلج جداً كما تحب " تأكد هادر أنها رسالتها التي أكدت على الفتى أن يتلوها بذات الطريقة .. ابتسم هادر وداخل عينيه يرى الخطر الذي تزج نفسها داخله ..
الصمت المطبق كان شعار الجميع عندما بات الرجل خارج الغرفة فلم يجد أحد ما يقال ليقطعه .. توتر هادر جعل التوتر يتقافز في الجميع شعور سلبي دلف لكوثر ظناً منها أنها غير مرحب بوجودها .. فيما اكتفى وسيم برشف الشاي صامتاً ..
في الخارج **
كانت ترعد بصوتها الناقوسي :" كيف لم تتفضل وتعلمني بكل هذا السيدة جلست في منزلنا هي وابنتها .. وأنا لا أعرف ".
كان صوت آنس يحاول امتصاص شذرات الغضب منها :" لم يتم تجاهلك جسور .. فأنت كنت متألمة بسبب الحمل وأبي أختلف معنا وقتها وصفع مالك ثم اختفى مالك ثم مشكلة فرسان فلم نجد غير إرسال الأم لتقيم مع ابنتها .. كلها أشياء كانت رهيبة وكبيرة علينا .. لا تغضبي لم يكن هذا مقصوداً ".
صدح صوتها بوجع متعب لتذكرها فقد طفلها الذي مازال يؤلمها للآن :" هل أنت من أوصلها ؟!!".
أجابها باقتضاب :" نعم مع السائق ".
هتفت بسؤالها :" أين بالضبط ؟!!".
كانت تتذكر في هذه اللحظة صور الفيديو وتنطلق ذاكراتها حيث قابلته في البداية لتعود تحدد :" بالشارع الشعبي حيث كانت فرسان تقيم ".
أجابها :" نعم هناك .. أمام معرض المصوغات القريب من منزلها .. ستجدين المعرض في الجهة المقابلة من التقاطع ".
صدح صوتها :" شكرا لك آنس ..أعذرني على غضبي .. لكني أختكم وأشعر بالقهر عندما تخفون شيئاً..".
أجابها بتأكيد صارم ممازحاً:" كل شيء لم يكن متقصد أختي المتهورة ".
أغلقت الهاتف والآن تريد تحقيق شيئين .. كلاهما ضروريان ..
عادت تدلف للداخل .. وجدت كوثر وخطيبها مغادرين .. وقفت تعتذر لهما عن انشغالها عن الترحيب بهما .. وبدأت تنسج حبل الحديث حول السيدة نبراس وأحوالها ثم تفرعت بسرعة مدروسة لتجد المدخل لحديثها عن شمس بعد أن أجابت كوثر .. :" أمي بخير حال .. لكنها ستكون أفضل بعد عودة جواد بزوجته .. شكرا لسؤالك ".
صوتها الطبيعي غير الفضولي خفت بسؤال مشابهه :" والسيدة صابرين أم شمس كيف هي الآن تعافت من كسور ضلعيها ".
تحدثت كوثر عن عدم دراية :" اليوم فقط رأيتها بسبب الصخب الذي أحدثته شمس بالشارع ومما رأيته هي أفضل حالاً ".
وصلت لما تريده لتوها :" هل أنتما ذاهبين للمنزل مباشرة ؟!!".
اندهشا معاً وتبادلا النظرات مما جعل جسور تبرر:" كان عمي أوصاني أن أوصل مظروف لأم شمس وقد نسيت كلياً بسبب ما حدث لهادر .. رجاء أن تسامحان تطفلي .. فلا قدرة لي على القيادة نهائياً ،ومن التعب أخشى النوم في السيارة ،فلو أوصلتماني معكما أكون شاكرة لكما".
الراحة بلغت مبلغها من وجهيهما .. كون لا شيء يسوء هتف وسيم :" كم يسرنا هذا فالبطل وعائلته يطلبان ونحن نجيب ".
ابتسامتها الساحرة أبلغته شكرها العميق .. هكذا ستتخلص ممن يعيقون تحركها .. سواء أمن هادر الذين يتعقبونها حتى في ممرات المشفى . وها هو أحدهما يتلصص عليها مدعياً أنه ينظر لأرقام الغرف .. وكذلك تلك السيارة التي تتبعها أينما ذهبت والتي تحمل أرقام مسروقة لا تدل على هوية صاحبها .. اكتشفتها منذ البداية لذا تعمد على الفرار منهم كل مرة بمراوغة مختلفة .. لكنهم لا يكفون عن متابعتها والآن باتت واثقة أنهم رجال هشام علوان ..
حدد لها وسيم نوع سيارته وأعلمها أنه قد صفها أمام المشفى مباشرة ليجد منها طلباً جديداً:" هل لك أن تدور حول المشفى وتقف أمام الباب الجانبي المكتوب عليه طوارئ حيث لابد لي من جلب تحاليل هادر من المعمل القريب من الطوارئ ، وسوف أختصر المسافة لألحق بكما .. بعد ان أطمئن على هادر .. خمس دقائق فقط وأكون معكما ".
ابتسما بلا دهشة .. هي أصبحت أدرى بالمشفى ود
روبها .. لوحت إليهما وغادرا بهدوء .. داخل كوثر سعادة أن ليس الجميع يعلم بموضوعها .. لتعيد داخلها نصائح أمها بأن القرب من ذوات الأخلاق فضيلة .. فعلاً كل هؤلاء ربيبات راشد يتحلين بحلاوة الروح ..

بالداخل .. دفعت الباب بهدوء لتجده أمامها واقفاً عاري الصدر يتجول في سرواله المنزلي الطويل ويجر خلفه عمود مدولب العجلات يحمل الأمصال التي تغذيه .. شهقتها أعلنت عن وجودها ثم حضره صراخها :" ماذا أفعل بك .. هل أقيدك بفراشك أيها المتعافي على نفسك ".
هتف بها بلا مبالاة لقلقها عليه :" أين هاتفي .. لا أجده ".
أمرته بصرامة :" عد لفراشك وسوف أجلبه لك ".
هتف وهو يجر العمود بأصابعه يسحبه خلفه :" ليس لك شأن بي ولا بشيء يخصني ".
مدت أصابعها تجذب العمود بأصابع ثابتة بدلاً من حركته الواهنة الخرقاء المنحنية للأمام ما زال يعاني بعناده .. ثم وضعت نفسها تحت أبطه بطريقة جلبت كل الشحنات الساخنة حيث هي سرعان ما اندفعت لجسده كله أمرة بهدوء بارد :" أستند علي .. لا أعرف لماذا تفعل هذا .. أتحتاج دليل على أني لم أتواطئ في المؤامرة عليك .. لم أفعلها يا هادر ولو أردت قتلك فعلاً كنت تقدمت بكل الشبهات التي معي كان هذا كفيل لمن يرأسوك بفصلك عن الخدمة .. ان لم يحاكموك مهنياً".
نظر تجاهه لأنه لم يكن يرى هذا الجانب .. ليعود هناك بوقت طلب منه عدم التوجه للطائرة المغادرة مع رفاقه .. كانوا ثلاثة وكل منهم كان في نال أمر مختلف .. هو أخرج مؤمن من الشرك المنصوب له وكانت معه حجة غياب ليسقط فيها عمرو نوار علوان .. يال الحقارة .. أوقع بابن أخيه ليجد صوت عقله يهدر بسخرية ..ألم يبعك أبوك من قبل من أجل وضع كل ما تملك تحت وصايته هو ..
ألم يقتل لك ابنك من أجل هذا .. أمور جديدة تفتحت أمام عقله الباطن .. كانت قد أجلسته مكانه وساوت فراشة ودثرته باهتمام حقيقي .. كان غارق في ذاته لدرجة لم يشعر بها حتى ملامستها لقدميه التي كانت تجعله ينتفض .. كان يفكر كيف كشف أبيه مراقبته له .. بعد فترة .. كيف حدث هذا ظنها هي من أبلغته .. عندما حضره بعد ذهابها مباشرة هاتف برقم غريب عنه رفعه ليجد صوت أبيه يضج بالضحك :" هل ظننت أني لن أعرف أنك تراقبني .. الخاتم فضاح يا بني مثله مثل كل شيء.. لأسامحك ولا أفضحك لدى غزالتك المريضة .. أريد توكيل كامل منك بأموال أمك طالما تريدها دعها لك وأنا أخذ حاجتي منكما .. وأيضاً تعلمني أين ابنة أختي الحبيبة .. الخال والد يا هادر.. سأمهلك يومان لتنفذ هذا كله " ثم أغلق الهاتف من فوره .. يشمت به وهو هكذا لقد تعدى كل الحدود ..
كانت تتحرك لتقترب منه فانتفض بغتة للمفاجأة مما جعلها تهتف :" كنت شارد وأنا أقول ما به لا يملأ الكون صراخاً واعتراضاً ".
لم يفهم ما تقوله لتهتف وهي تداعب ذقنه النابتة ببربرية :" كم أعشق هيئتك هكذا .. بربرياً وبذات الوقت مستكين ..للأسف ليس أمامي وقت كاف لأجعلك تشتعل كالألعاب النارية ".
هتف فيها لا يعلم ما تفعله :" أين هاتفي ؟!!"... كان يخشى أن يكون قد أرسل له شيئاً مكتوباً تقرأه وتظن به ظنوناً جديدة .. كانت قد خطت خطوتين لقلب الغرفة مخرجة إياه من جيب سروالها الخلفي لتضعه على المنضدة البعيدة عنه:" ها هو .. لم أفتحه لأنه فرغ شحنه .. يحتاج كهرباء .. هذا الشاحن ".
أخرجت الشاحن الخاص به من حقيبتها التي كانت تحملها لتضعها على كتفها ..
صدح صوته أمراً بجفاء يدعيه :" أوصليه بالقابس ".
لوحت له بأصابعها مودعة له ولم تنتظر ليجيبها حتى :" عندما أعود .. إلى اللقاء ".
قفزت بخطوتين ناحية الباب جاذبة إياه بتعجل لتغادر فوراً..
شيء فيها جعله يخاف عليها .. أراد الحصول على هاتفه حتى يتصل بأفراد الحراسة المعينين لها لتنبيههم من حركاتها .. فهي قادرة على التملص منهم..
تحرك للحافة فكاد يسقط عندما لم تستجيب قدمه المقيدة .. سحب الغطاء ليكشف عنها فوجدها مقيدة بالفعل بقيد حديدي لامع .. يعرفه جيداً .. هذه إحدى قيوده .. الأصفاد التي يقيد بها المجرمين .. جذبها بعنف فلم تستجيب له سوى بإصدار صوت وجلبة عارمة .. ليجد من صوتها الذي عاد ليطل من الباب :" قلت لك سأقيدك ولم تعترض وأنا أفعل .. فلا تغضب فلن تفك نفسك بهذه الطريقة .. ستضر جرحك ".
هتف بصراخ :" أي مصيبة جلبتها على نفسي .. بالعودة إليك .. من أنت ؟!!!.. ".أجابته محتمة خلف الباب فقط وجهها هو ما يراه :"أنت من عدت .. وأنا لن أمنحك أمر الفرار من حياتي .. انتهينا .. أنت لي وستظل لي .".
لو كان بوقت آخر كان حملها ليغادر بها للا مكان حيث يجعلها تقسم على عشقه مدى الحياة .. لكن الآن ستعود وتتركه عندما تعلم ما فعله خاصة مع الدليل الجديد الي جلبه أبوه ولا يعرف من أين هو .. صدح صوته :" لماذا لم تطلقيني جسور ؟!!".
صوتها المعاند جعله يضطرب أكثر من أي شيء بالكون :" لأني نسيت أني أستطيع الخلاص منك .. لأني أحبك أيها المتعنت الغبي .. نعم عندما كدت تموت شعرت أن حياتي انتهت .. لم أجد غير دموعي المنهزمة .. لم يعد يهمني شيء سوى أنت .".
هتف بها بجدية :" الآن تقولين هذا .. كنت أتوسلك كلمة حب .. حتى وأنت زوجتي كنت أخشاك وأخشى رداتك الغريبة .. أخشى شكك ".
صوتها أجابه بسؤل حاد قابع بمرارة داخلها :" لماذا لم تطلقني أنت هادر ؟!!".
ثم أتبعتها بكلمات :" لن أطالبك بإجابة الآن .. عندما أعود سيكون لنا حديث .. لكن فكر جيداً قبل الإجابة حتى لا تفقدني نهائياً.. لا أريد إجابة سخيفة أو أريد الكلمة ذاتها ".
كادت تتراجع خلف الباب ليهتف بها بتعجل :" تعالي افتحي هذا القيد .. ثم من أين حصلتي على عهدة العمل الخاصة بي ".
وجدها تشير لمظروف بالجهة الأخرى للغرفة :" هناك متعلقاتك التي سلمتها لي لمشفى بعد الجراحة ".
اتبعتها بحركة جديدة أحنقته: "المفتاح ". كان يبرق بيده اليسرى لتلقي به هناك بالزاوية البعيدة للغرفة .. ثم غادرت .. صدح صوته :"تباً لك جسور".. صرخ منها يأساً :" تباً لك يا لك من لعنة ".
كانت تكتم ضحكاتها بخارج الغرفة .. تشعر بفخر داخلي من نفسها .. هكذا أحبك يا عنيد .. سنلتقي .. ربتت على الباب لتغادر مكانها .. عازمة على الخروج من الباب الجانبي .. لتبدأ ما اعتزمت عليه ..
***************




التعديل الأخير تم بواسطة الأسيرة بأفكارها ; 06-04-19 الساعة 04:37 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس