عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-19, 05:22 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

مدخل الفـصل الرابع والعشـرون

يا ساكنه حينا .. والله قتلتيني
خافي من رب السما وحدي لا تخليني
أنتِ على دينكِ .. وأنا على ديني
تصومي خمسينيكِ .. وأصوم ثلاثيني

×فلكلور×
.
.
.
شحوبٍ يسكن وجهه!
وكأنه هو من جُرحت يده، أراه يتصدد حتى لا يرى وجه عمـته الباكي، قدّمت إليه العصـير طالبة منه تقديمـه لصـاحبه!
قتلت القتـيل ومشيت بجنازته ، هذا ما تفكر به يا آلن، ليتك أفرغت بي غضبك ولم أبقَ هكذا دون مُعاتبّ!
حتى زينب لم تغضب منـي وتكف دمعها وتُجيبني على اسئلتي السخيـفة !
صادق همس لك بكلمة أوقفت غضـبك ..
أعلم أنني جرحتكم جميـعاً،

لحقتُ بـه بعدمـا خرج مُمسكة به: آسـفة، ما كنت أقصد

أفلت يدي من عضده ثم وضع ما في يده على الطاولة التي بقرب صادق ثم عاد إلـي: شنـو ؟

حسيت بشعور البلهـاء وأنا أعيد أحرفي اليتيمة لهُ : آسـفة، ما كنت كاصدة أأذي صادق.

اقترب بانحناءةٍ بسيطة تجعلني أعود إلى الخلف حتى ارتطم بالجدار: ليش هي وكفت على صادق!!
يتهمني بكُل مـاحلّ بهم ، ولكن بطريقة غيـر مُباشرة!
لا يهمني رأيه بي وجُل ما يهمني ان لا ترانا زينبّ بهذا الحـال.

وضعت يداي على صدره دافعتـه: بعـد هيج، زيـنب لا تباوع علينا!


***


أراهـا تضع يديـها على صدري تبعدني عنها : بعد هييج ، زينب لا تباوع عليـنا .

بقيتُ ساكنـاً أنظر إلـى تلك النجـل التي لم تكن دامعةً كعادتها،
مليـئةً بالـتحدي والإصـرار !
يبـدو أن ابعادها لي لم يكن إلا بسبب واحـداً فقط،

زينب هي سببها ، متجاهلة صادق الذي يلقينا ظهره أو نحن من أتى خـلف ظهره إن صح القـول : خايفـة من زينب؟

تحدثت وهي مـا زالت تحاول ان تدفع بـي: خايفـة من ربّي!

عدتُ إلى الخلف بسرعة وكأنها هي من دفعت بي، وأرى ابتسامتها تعلو ملامحها، جميلٌ هو اللعب في مشاعر هذه الفتـاة والأجمـل من ذلك خداعها.
إنـها لا تُجـيد اللفّ والدوران وهذا ما جعلني أخادعها باليـوم الفِ مرة ، وأكسب ودها بكملة، وأجعل منها بائسـة في كلمة أخرى أيـضاً.

سمعتُ زينب من بعيد: اش عدكم واكفيـن ، - ثم أردفت مبتسمة -
تنـاقشـون قضيـة فلسـطين ؟

ابتسمت لها وأنا أُدير لها وجهـي : وانتي الصادكَـة نناقش قضية صـادق..

تقدمـت تلك الحنينة إلى ابن اخيـها الذي يبـدو انـه غفـى: صادق،
صادق يـمّه قوم تعـشى.

استيقظ وهو يـمسـح وجهه الشـاحب بيده دلالة على أرقـه، فأنا أعرف تفاصيله، تلك التفاصيل التي بُت أراقبها من بعيـد بسبب فجوة حدثت اليُوم وكان سببها الرئيسي تلك الإيـرانية التي وقفت بيننا في المُنتصف وكلما اردت ان أبعدها يعاتبني صاحبي ويساعدها على توسيع هذه الفجـوة، تحدثت إليـه : شلونك هسه؟

كفاك يا صادق ابتسام شاحباً هكـذا، هذه الابتسامة تتـوغل في لُب قلبي وتنزعُ كل جمـيلاً امتلأ به!
كفاك خداعاً لـنا .. فأنت لست بخير وأن قُلت ذلك.
أنت لست بخير ما دامت تلك السكينة التي لا تستخدم إلا للذبح وأصبحت مؤخراً أداة طعن .. تخترق يدك!
أخـشى أن أحدى مفاصلك قد تهشـمّ، فجرحك ليس ببسيط فهو يساوي رصاصة قنـاصٍ مـاهر..
تشابه تلك الرصاصة اخترقت يدي بتلك الليلة الظُلمـاء التي خرج بها صادق باحثـاً عن طبيب، ونامّ تلك الليلة بجانبي تاركة سريره الوثير أعلـى ليستقل كنبةً قاسية بجواري!

مع تلك الابتسامة التي تُريح قلب عمته وتذبُح قلبي: الحمّدلله هسّه أحسن،
أصـلاً هـو ما شي .. بسـيط .

تُبسط الأمر حتى لا يُؤنبها ضميرها؟
لا تعلم انها برأت نفسها من ذنبٍ اقترفته بك!


***

هل حقـاً عُدنـا ؟
دون أي ضرر يمسُ بـنا، لقد انتابني الخوف مُجدداً عندما تجاوز مُحمد ديـالى قاصداً بعقوبة حتى يوصل القسيس إلى كنيسته !

وقتها اغلظتُ يميني ان هُناك مكيدةً تنتظرنـا، ولكن عُـدنا منهـا كتلك العـودة التي قدمنا بـها إلى بغداد.
كُنت كالأسيـر الذي تحرر من قيودهَ، يـرى أرضـه من بعيد ويتوق إليـها ولكن الجُـند تُخطئ المسير وتتجاوزهـا قاصدةٍ مكانٍ آخـر !
لا يعلم هذا الأسيـر أن الجُند تسير به إلى موقع إطـلاق الأسرى..
لم اصدقُ عودتي إلـى ديـالى .. صرتً ألتمس جُدران البيت حتى أعلم أنني حقاً بهّ !
أن كان هذا حال الغائبة عصـراً وعادت قبل مُنتصف الليل ، ما حال مَـهتاب التي تعيشُ خطراً حقيقاً وليست هي من جرّت قدميها خلفها إليـه ..
كيف عاشـت ليالي أسرٍ ، ثم عاشت شهور الغمّ في شـقلاوة كما تقول خالـتي زينبّ!

صـحيح !
على ذكرُ شـقلاوة نسيت صُور ساكنُ شقلاوة التي وضعتها في حقيبتي، وقفتُ مُسـرعة إلـى حقيبتي مُخرجة منها تلك الصـورتين، متجاهلة الأولـى التي رأيت ببغداد قبل ساعات .. موجهة أنظاري إلـى هذه التي لم يسبقُ لي رؤيـتها ..
تحوي تلك الصـورة رجـلاً وسـيماً بحق، يتجاوز وسـامة آلـن الشبيهة لوسامته، لولا شيباً يسكنُ عارضيـه.. بل أن هذا الشيبُ وقـاراً لهذا الرجـل الذي بان لي انه والداً لآلـن، تلك المرأة التي تُحيط كتفيّ الرجل الوسيم بيديها لم تكن إلا زوجـته وأمُ آلـن ..
جميلة هذه المرأة التي يشـع من عينيها حنانٍ جلياً أمـامي، بعينيها التي تحمل لون عينيّ ابنها ، وبشعرها الأشـقر القصيـر الذي بالكاد يتجاوز رقبتها، لقد أعطاها هيبة الأميرات الأوروبيـات وجمالهنّ .. بل هي أجمل بعربـيتها التي جعلت من أنـفـها شامخاً وثغراً مكتنزاً بلون التوت وجسمٍ ممشوقٍ بالكـاد أراه في تلك الصـورة، بل رأيت من كان بجوارها انه آلـن ..
بشكل أبـهى وأجـمل وأصـغر، لم يتغيـر به شيئـاً إلا أن مـلامحه صُقلت أكثـر وازدادت جـمالاً، ولكن هُـناك شيئاً لم أره أمـس !
بريقاً يسكنُ عينيه .. بـريقاً تشـع منه الحـيـاة، يبدو انه مُدلل أمـه أراه يحاوطـ خصرها بيمينه!
وهي تحاوط كتفيّ أبـيه ضاحكةً لهذا الشقـي الذي بجانبها ..

غير ابهين بمن رأى الصـورة رسميةً بحق!
رسميةً سكنت ملامحه زادته وسـامة ورزانة، وبيّنت به حـنان أبيه وجمال أمـه التي لم أرى ملامحها بأخيـهّ السـابق،
في عينيه لمعـانٌ غـريب.. يبدو أنه لمعان حُزن!
فأنا أعرف نظرة العـين عندما تكنّ عاشـقـة، والله انها نظرةُ عـاشق..
بوركـت عشيقةً غابت فملأت عيناه حزناً وخطفت ابتسامته التي لم تضحً بها صورةً عائلـية!
هذه العائلـة غريبة الأطـوار كيف لها أن تلتقط صورة شخصية،

لقد رأيت ابنتيها واحدة تبدو الكُبـرى تحـتضن كتف أخيـها البائس الذي يبدو انه نقل لها بؤسـه وجعلها تتكرم على المُصـور بنصف ابتسامة!
بحثت عيـناي عن الصُغـرى الشقية التي شاركتها يومين من حياتها، زُمـرد.
التي كانت بحق زُمـرد ..
تجلـس أرضـاً أمام أبيهـا بابتسامةً عذبـة جمـيلة من تلك الفـتاة التي كانت مزيـجاً بين أبيـها وأمـها ، أخذت منهمـا ما جمّلهما .
لم تكن شبيهة بأبيها الذي طابقهُ آلـن !
ولم تكن شبيهة أيضـاً بأمها التي طابقاها ينال وياسـمين..
كانت حكايةً أخـرى لم تزل حديثُ آلـن الذي فقدها ست سنوات ،
لم تزل ترنُ ضحكتها بأذنه..
كلما عاد مُحمد من شـقلاوة وجـدت رقـمها على قائمة الاتصال، ولم أجد أي رقماً آخـر.
يبدو انها حلقة الـوصل الذي توصله بأهله.


***


العصـر المُـوعود .
أرى عمـتي تُجهـز مـا نوت أخذه إلـى رحلتنا التي تبدو انهـا مشؤومة منذُ بدايتـها،
فآلن لم تهدأ شيطان لـيلته إلـى الآن!
فقد تشـاجر مع الجميـع صـباحـاً بسبب اختفاء سـلاحه ..
صـباحه الكئيب الذي لم ينمّ ليلته، لقد صحوتُ مراراً متقلباً بسبب وجـعي ورأيته جالـساً أمامـي ..
وعندما فقدتهُ وقفت أتطلع أين ذهـب رأيته خارجاً حتى يستنشق ذاك السّم الـذي بدأت تذوي روحه بسببه!
يعـلم أنه مُضـر .. فأبوه سـابقاً كان محط ضحكاً يتناقله أقرانه الكبـار عندما يقولون " طبيب ويدخـنّ!".
لا يعلمون أن الطبّ لا يُغني الروح ولا يذهب قليلاً من كبتها،
عكس الدُخـان الذي يأخذ من الروح حزنها ويُعطيها الوجع!
سـألت عـمتي عن تلك الغائبة أيـضاً: وين مَهتـاب ؟

تحدثت عمـتي بعدما تنهدت: خطيّة،

محمّلة روحها خطيتك و ما تريد تكابلك تكَول خجلانة مـنه!

ضحكت على من تحمل بداخلـها عقلُ طفلـة،
هل هذا سبباً ؟
كان يتوجب عليها الاعتذار ان كان هذا سبباً حقيقاً ولـيس تهرباً من عمتي: وآلـن ما صحـى ؟

هذه المرة دمـعت عينيّ عـمتي : لا والله من قهره على سـلاحه نام،
حتى ما تغـدا !

دعيـه يا عمتي يعيشُ همّه بعيـداً عن عيناكِ ..
نوى الجـهاد وأخبـرنا انه عزم عليه وأخبره محمداً أن لا يأخذ سـلاحه معه، فسمعَ نصيحة صاحبه من جهة وسُرق سـلاحه من جهةً أُخـرى!
لقد أخـبرني أنه ذهب بعد مُنتصف الليل لشراء الدخان ، وعاد ولم يجده!
لا يعلم هل أخذه معه، أو لم يُحـركـه من موضعه!
بل بات لا يُجـمع حديثـه وهو يـقول لعمتي انه أبقاه عنـدها ثم ترد الثانيـة انه أخذه فجراً قـبل يوميـن ..
هذا ما جعله يـغضب ولم يُركز أيـن وضعه في المرة الأخيـرة ..
كُل الخـوف من سرقته !
فقد نُحتَ عليه أسم آلـن بالكـامل، ومن سرقه بالتأكيد أنه سرقه وقت نزول آلن إلـى السـُوق..
فهذا الاحتـمال يضعنا على المـحك، لأن ذلك يجرّ السارق إلى مراقبـة آلـن ..
ومعرفة البيت وموقـعه!
وبالـتأكيـد ان خروجنا إلـى الجبل سيثبت ظنون السارق ويُخبـر عن ثـلاثةِ مُجرمين بدلاً من واحدٍ لقاه في محضِ صدفة!


***


أيـن ذهب سـلاحـي؟
لقد وضعتهُ هـنا تحت وسـادتي خوفاً من سرقـته في مخزن الأسلحة!
لقد سُرقّ!
وهل سارقه دخـل إلـى غُرفتي متجاوزاً جميـع الغُرف !!
وهـل سارقه كان على علماً بوجوده هُـنا بجانبي؟
كيف لم تشعر زينب بخطواته، كيف لم يراه صـادق المُعتكف أسـفل !
كيف مرّ هكـذا..
يبدو أنني مُخطئ !
ولكن أين عقلي وأنا أحمل السـلاح معي إلى تلك السيارة المجهولة..
لا أتذكر أنني فعلتُ ذلكّ!
وبنفس الوقت لا أتذكر أنني أخذت سلاحي من زينب قبل يومين، بل أنني أتذكر وضعي لهُ تحت وسادتـي،
ربـما كان وضعي له هُـنا قبل أخذ زينب له !
يا ربّ أرحمّ ضعفي وقلة حيـلتي..
كيف لي أن أخرج بهما وأنا لا أعلـم ان كُنت مراقـباً أم لا !
كيف أن أُخلف بوعدي وأقتلُ حمـاس عمتي التي أعلم أنها تعدُ العدة لتلك الرحلة..
لا يهمني أن مُـت أو حييت، كُل ما يهمـني أن لا تعلم زيـنب بقـتلي ولا بسجنــي،
أن رُقبتَ فـعلاً .. فهذا يعنـي أن ابن أخيـها أيضـاً وقع!
يا أيـها الربّ .. المُقـدس !
لا تفجعها بـنا على مرأى عيـنها ..


***


اعتذرت لـزينبّ أنني لا أستطيع النزول أسفل بسبب ما فعلتُ بصادق،
يا لطيبتها !
تُصدق هراءٍ هـكذا، وكأنها لا تراني أتعشـى أمامه ليلة البـارحة..
بل وتحدثت كثـيراً وبررت موقفـي،
لا علاقةُ بي بقطـع يده ، ثم تُردف تحادثني عن طيبته وعن نسـيانه للأمـر أيضاً ..
لا تعلم أنني أتحاشـى أن أنظر إلى عينيها هـي، وحـدها من يُقبضُ قلبي عندمـا أرها ، لا أعلم لما وهـي كانت سلوة غُربتي!
هل تراه بسبب جرحي لأبنها ، أم بسبب الدمـع الذي لا ينكف كلما تحدثت لها عن صادق ووجعه ليـلاً ..
أو بسبب آلـن الذي لا ترضى عليـه ولو بكلمةً تُقلل من قـدره !
تأتيني دوماً تراضيني حتى لا يـنزل قدر ابنها عندما يعتذرُ لـي ، لا أعلم سبب اللهفة التي تسكنها وهي تحادثه!
تُداريـه طول الوقـت كالطفل الذي يُدارى بغيـاب أمـه..
تتجنب عينيه كمـا تجنبت أنا عينيها !
هل تُرى هُناك ذنباً تُخفيه تسببت به لتلك العينين كالذي أخفيه عنها ؟
لا أعلم ما الذي بينهما ولكن كل ما أعرفه ان هُـناك أمراً عظيـماً تُخفيه زينب،
وتـخشى معرفة آلـنٍ به !
أو تخشـى على آلن من معرفته ..


***


أبنـائي لم يعـدوا هؤلئك الأولاد الذي تربوا في حجري ولعبـوا في فـناءِ منـزلي!
لم يعدوا اللذانِ يذهبانِ سوياً للخطـر .. لأنه واحداً منهما أراد ذاك الطريق ،
لا أنسـى ذهابهم عند سقوطِ تمثالِ صدام وبقائهم هُنالك ساعـات ..
متناسين الخطـر الذي يحدق بهم والانظار التي تتفتح عليـهم،
كـل هذا من أجلِ رغبة آلـن !
وذلك يشابه ذهابهم يوميـاً إلـى ديـالى الذي عادوا أخيـراً بطامتهم الذي جعلتهم مطـاردين!
بإمكان ابن أخـي أن يعتذر عن هذه المهمة.. ولكنه أراد أن يُحقق لآلـن رغبته فأصبح مُطارداً مثلـه ..
يبدو أنهما نسيا تلك السنين التي جمعتهم منذ أربع وعشـرون سنة حتى يبيعوا تلك العشرة بسبب عراكٍ سببته فتاةً إيـرانية!

نعمّ سأقول لها إيرانية !
فهـي من تسببت بعراك أبنيّ، هي من جعلتهما يفترقا رغم قربهما من بعض، وكل من أتيت يسألني عن الآخـر !
ما الذي سكنّ قلبيهما وغيرهمـا على بعض، لم يتغيـرا إلا بعد إصابة صـادق..
هل تُراها أخذت آلن جانباً وحادثتهُ عن شيئاً لم يكنّ.
ولكن آلـن لن يتغير بسبب حديثٍ لم يسمعه !
خُلق ليواجه،
وأن لم يجد ما يواجه ، واجه نفسه وعاقبـها !
كمعاقبته لها اليُوم بسجائره وغضبه المكتوم..
ولو رفـع صوته بوجهـنا مُلقياً كلمتين بائسـة، هذا لا يعني انه موجةِ غضباً ومرّت!
بل هذا يُنبئ عن قدوم عاصـفة لن تهدأ ولن تكنّ حـتى تُسكن في قلبه لوعةً وهلعٍ جديـدين .
لقد عانا ما يكفيـهّ!
لقد صمد ثم وقع ووقع ثانيةً وصـمد ثم صمد وصمـد ..
صموده الدائـم لا يُنبئ إلا أن وراءه سقوطاً دائمـاً اعيذه منه!


***


نزلتُ أسـفل متحرية عودة مُـحمد وأبـي، فالسـاعة تجاوزت الخامسة عصراً فوقت عودتهم حلّ ..
أخـذت قهوتي التي للتـو اعددت متجهة بها نحـو الصـالة، بعدما حرمني تشرين من جلسةً في الفنـاء.

رفعتُ صوتي مستجوبة أمي: مـاما
جنـهم تأخروا ؟

ردت أمي التي كانت في المطبخ: لا مـاما، هي حزّتهم "وقتهم".

وما انهت أمي جملتها حتى دخلـوا،
أبي بوجهٍ خالي من أي تعبيرٍ ، بينما مُحمد الذي بان على وجهه العبُوس!

تحدثتُ: بـابا، اشبييه ؟
صاير اشي.

تحدثت أبي بعدما جلـس: لا، ماكـو إلا الخـيـر.

سكبتُ له فنجانٍ تناوله بشكل تلقائيـاً ثم صمّت على غير عادتهّ!
وما ان قدمت أمي حتى قُبضَ قلبـها كقلبـي: اللهم أجعله خير،
اشبيكم تحجو !

نطق ابي بعدمـا وضع فنجانه على الطاولـة : مـاكو ،
بس آدم تخربط علـى أهله، ووكَعته شينة ! "وقعته".

تحدثت أمي بعدما ضربت جيبها : أبو ينال؟
أومأ مُحمـد، مما جعل أمي تُردف: ما تدري وش سبب وكعته .

أجابها مُحـمد : إلا السُكري!
وهاي ثانية مرة يتخربط هالسـنة.

تحدث أبي مُسترجعاً حديثُ ينالُ معه: يكَول ابنه أول مرة يوكَـع هيج
شكلها عـودة !

دمعت أمـي: سودة عليـك يا آلن،
كيف دتخبرونه !

تحدثَ أبـي لمُحمد: لا تخبره،
أعطيـه موبايلك يخابر أهلـه ويسمع منهم.

تحدثتُ متدخلة: لا حمّـود، همّ ما كَالوا لك إلا عشـان تكَوله ، خطيّة تلكاه متلهف عليه ، ويفجعونـه اهله !

جميعنا نعلم علاقةُ آلن بوالده التي تجاوزت علاقة الاب بأبنه ،
وأصبحت علاقة جميلة سطرتها أرضُ بغداد وشهدتها أرضُ ديـالى!
كان يصطحبهُ كلما خرج من بيته، وعندما يُلام على ذلك يقول لهم " ما أكـدر على فراقه"..
تلك القدرة التي جعلته لا يفارقـه وهو لا يبعد أميالٍ عن بيته ، جعلته يقدرَ على تركـه في العراقِ ذاهباً إلـى بلجيـكا ..
الرجل الوسيم الوقور الذي رأيت مساءً لا تليقُ لـهُ القسوة!
رُبـما هُنـاك سبباً لا نعرفه عن تركه أرضه ودياره تاركاً خلفه ابنه ..

***


في قـمة سفيـن ..
هل حقاً تلك الأعـمدة البعيدة الـتي بالكـاد تُـرى هي الأهـواز؟
هـل تلك الأرض الخضراء .. الجنةُ بعيني هي الأهـواز ..
لقد وجدتِ سلواكِ يا مَهتاب،
فقد كذبتي عندما قُلتي زينب تُسلـيني ، لقد كذبتي عندما رأيتِ الصحافة تسليـة.
إيـران وحدها سلوتي ومعشوقتي ..
إيـران وحدها محبوبة الصغر وغرام الصِـبا،
إيران فقط لم تتغيـر عليّ مهما فـعلت!
لم تقحّلُ أرضهـا عندما رأيتها ، لم تُزيل منارات الأهـواز غاضبةً مني!
إيـران وحدها من ستستقبلني إن عُـدت..
هذا إن عُدتي يا مَـهتاب!
لما فُرض عليك ثلاثة سجُوناً في العـراق ؟
وهل أنتٍ أهلٌ لهذه السجون؟
أثنين باختياري والثالثُ مُرغمةً ..
دخلتُ ذاك القـصر الذي سُجنتُ به حتى بحثت عن امرأة تُسليني برغبتي،
ودخلت أيـضاً سجن الـسماوة الذي جنيت على حالي عندما عبثت بما لا يعنيني وكان ذلك برغبتي..
ولكن تهريبي من السـجن وقتل العسكر وسجناً مجدداً في شـقلاوة لم يكن برغبتي!
ولما استصعب الأمـر ؟
هل شخصيتي التي لا تسمح ان يُفرض عليها شيئاً كان سبباً ؟
لا أعلـم ما السبب ولكـن أعلم انه لا يحقُ لي أن أُفكر بشيءٍ خلـفي وإيرانُ تتجلـى أمـامي..

عُذراً إيـرانـي!
أن فكرتُ بأرضٍ تنقصكِ هيبةً ومنظر،
عُذراً إيران!
إن فكرتُ بقصرٍ يتوسط بغداد لا يضاهي شوارعكِ جمالاً .
عُذراً إيـران!
من محادثـتي لهذا المُتطفل الذي قطع خلوتنا : في أحد الله ميّزه بعقل يعوفّ العراق ورا ظهره علمود يباوع هالـمنارات ؟

تحدثتُ إليـه بعدما رأيته يجلس بمحاذاتي ناظراً إلى العراق الواضحة والجليةُ امامه واضعاً إيران خلف ظهره: البـلد لو هي قطعة أرض صغيرة ما احد يساوم عليـها، عاد كيف بالله لو صارت هالبلـد إيران ؟

تحدث بنبرة مستفزة تلك مُتغابياً بعض الشيء: و إيران ينساومّ علـيها؟

يساومنـي على بلادي بهذه الطريقة!
وكأنك لم تُغربني عن بلادي وتُنفيني بـاختطافك لي!!
والله لو لم تطالب بـي أميـركا ، لسلمتُ نفسـي إلى إيـران، أ تعلم ان الموت في الـوطن جنة؟
وأن نار الوطن خيراً من نعيـم البلدان أجـمع !
بغدادك لم تخبرك بهـذا كما اخبرتني طهـرانـي، تُراك مُخلصاً لبلدك وبقاؤك هنا من اجله ؟
كذبتَ فأنت بقيت حتى تُـعاند أمـك، وتريد ان تحارب من أجل صدامك لا وطـنك، أشبـع بصدامك ولكن لا تجادلني بما يخصُ إيـران فحفنة ترابٍ من أرض إيران تسوى عراقك وسبع بـلاد !
وقفتُ نافضة غباراً تعلق بجلبابي : عقلّ سـز . " لا عقل لك"

توجهت إلـى زينب وصادق وسط سماعي لضحكته التي خُلقت من أجل تبسـمي الذي لا يشعـر به وأنا أعطيهُ ظهري مُكملة سيـري ..
نـظرت إليـه بعدنا جلست بجانب زيـنب ، فقد اختفت ابتسامته التي لابُد انها خُلقت بسبب ضحكته!
أرى شروداً يسكنُ عينيه التي تنتصب أماماً حيثُ شـقلاوة،

تحدثت زيـنب: اش بيج متضوجة ؟

تحدثتُ إليـها وأنـا أعلم أنها تُريد معرفة شرودَ آلن ولكن بطريقة غير مباشرة: يساومنـي على إيـران هالمـسودن " المجنون".

ابتسم صـادق وسط ضحك عـمتي التي أعلم انها للتو ارتاحت انني لم أزعج ابنها بكلمة، تحدث الأول: ما عليج بيه،
هو هيج ما يشوف بـلاد الا العـراق – ثم أردف بكلمـة للتو سمعتها من هؤلاء الأشـخاص بعدما أكملت معهما شهري الثـالث – وما عده دين إلا دينه،
هيج عـقله جـاريه .


***


جـاريه قبل ان تخسريه!
فقد ناقشته بدينه فغضـب وتكونت بيننا حواجزٍ حديدية لن تُـزاح حتى يحينُ لها ربـها ،
وقفتُ عازمـاً على إزالة تلك الحواجز حتى لو خُـذلـت .
سرتُ بُخـطى بطيـئة وكأن ثُقلَ قلبي توزع على اعضائي ولم اعد قادراً على الحراك،
أحمالٌ القلب تتوزع مع الدمّ وتضخمّ كُل الأعضـاء بعد شكوى القلب وتجعلهـا نائحة،
فبعض الأعـضاء يُصيبها خلل من فرط البُكاء ويجري الدمُ مجدداً للقلب مخبره بحال الأعـضاء حتى يحزنُ القلب فوق حُزنه بعدما ضغط عليـه الدم بحال الأعـضاء .. فيصابُ بعدها بضغط الدمّ!
ليست الناس من تشكي لبعضها فقط ، بل حتى الأعضـاء بين بعضها البعض تشـكو..

وقفتُ بجانبه : اللهَ بالخيـر حجي!

ابتسم وهو يرفع رأسـه لي ويزيح جانباً وكان المكان مزدحمّ : حي الله أبو كـاظمّ!

يبدو أن هذا عربون اعتـذاراً أيـضاً، هذا اعتذار الرجال التي تكابر ثم تكابر ولا تكسر غرورها، فينتهي ذاك الهُجران بعزيمةَ أو مكالمة!
انه اعتذارا حقيقاً يُصدر من شخصاً يكابر : تعرف صـادق لـو أنسرق المسدس بنروح فيـها !

تحدثتُ وأنا أضرب فخذه بخفة : هونها أبـو آدمّ،
ما أظـن مسروق، بلكي انته حاطه بمكان هيج ، ولا شامرة، إذا رجعنا ان شاء اللهَ ندوره عـدل! " شامرة = مُسّقطـه".

أومـأ الآخـر برأسـه : إن شاء الله ..

***


تحدثتُ متوسلتها: عميمـة دخليج كَولي لآلن ينطيني الراديـو ماله.

نظرت إلـي : طلبتي منه وكَال لج لا ؟

ما الذي ترنو به الداهيـة حتى تسأل ذلك: لا ،
بس يهون عليج أروح أطلبه ولا ينطيني ؟

وقفت تلك المرأة بعد رجائـي لها ، وما ان وقفت حتى لفت انتباه الاثنينِ معـاً ، فأشارت لهما بالقـدوم..
وما ان قـدموا حتى طلبت من آلن: عفيـة ماما جيب لي الراديـو .

ابتسمّ ثم "شلـع قلبي" كما يقولون بلهجتهم: اش تريدي بيه،
ما عوايدج عميمه !

تحدثت بابتسامة بالية، صفراوية تتنبأ بما يحدث: مَـهتاب خطيّة أريدها تتونس بيه ، من اليوم ضايـجة .

وما انهت كلمتها حتى زفـر الآخـر وذهب إلى سيارته قادمـاً بالراديـو : خليها تتونس.

***


لا أعلم لما ترغب سماع الراديـو !
فضـولي اقتادني لتلبية رغبتها، وما ان وضعت الراديو بيد عـمتي، حتى التقطتهُ الأخـرى من عمتي مُلقيته بين يديّ صـادق: عفيـه افتحي لي إذاعة طـهران.

اخذه الآخر مُغيراً محطته التي كانت عليـها ، لقد فـاتني ذلك!
رُبـما تصلها التذبذبات الإيرانية فضلاً على جلستها على سفح جبلاً يصلها بإيـران !
لقد فاتتك هذه يا أبـو آدمّ ..
جلستُ بمـكاني القريب منها ، بعدما سمعتُ المذيع يتحدث بفارسية لم ألتقط منها الا اسم العراق ..
اصغيتُ السمـع مع علمي انني لن أفهم شيئاً مما يُقـال!
تبـدو انها نشرةُ أخبـار ..

لقد سمعتُ أسمـاً آخـراً ، لقد قال مَهتاب يُـوسف.
لا أريدُ سؤالها عن ذلـك، فقد سألتها سابقاً وكُنت كالأبـله أمامها.
فلتحـترق هي وإيـرانها التي تعشق أن ارادت.
ثم بدأت موسيقـى تُعلن نهاية النشـرة، ثـمّ بدأ بعدها برنامجٍ حوارٍ يُبث من بريطانيا كما قال مُذيـعه، سائلٍ ضيفيّه عن ذاك الخبـر الأخيـر الذي أختص مَهـتاب قائلاً انها حديثُ إيران والشرق الأوسـط، ثـمَ


أجاب الآخـر بإنكليزيته:
" مَهـتاب صحفيةً عظيمة، أرى الشـوارع الإيـرانية تضـجّ بصورهـا ولم يفتأ أطفالها وشبابها عن الهتافُ باسمـها من طهران الـى الأهـواز ، إيـران ولو طالبـت بـها فهي لا تقصـد إيذائها بل أرسلت الانتربـول لحمايتها .. وليس لمعاقبتها،
كيف لإيـران ان تُحاكم إيرانيةَ؟
فما بالكم عندما تُصبح هذه الإيرانية فتـاةً عصامية ذهبت حتى توثقُ مقتل الطاغيـة التي تاقت لرؤيته قـتيلا ".


تحدث الآخـر..
" ولا أنسـى أيـضاً حديثٍ سابق لمسؤول كبير عندما سُئلَ عنها فقال انها ابنته وابنـة الأرض ويضع كل لومه على صحيفتها التي همّلتها في تلك الأرض كما انه تكفّل بحمايتها حـتى وهي في أرض العراق ، ولا زالت هناك مباحثات بينه وبين الخارجية الأميركية لعودتها سالمة لأرض الـوطن !".



أ تراها مسرحيةً لُعبت بينها وبين الحكومات فكان ضحيتها أنا وعمتي وصادق!
لقد أكد لي ابتسامة على ثغـرها .. يبدو انها تبتسـمُ تحدياً ابنة ايرانها.

سحبتُ الراديـو مُغلقه، على صوت عمتي: عليج الله كَولي ديتشاقون ،
كَولي مسرحية .. أي صـخام!
مو صج صح ؟
لا أنتي بتـي ما جاسوسة، ولج شلوون هيج يتحجون وتسمعين بقلب بارد،
باعي ولّدي اللي عافوا حياتهم وتطاردوا علمودج،
باعيـني تركت بيتي وبغدادي علمـود ما يصيبج أذى، جنت بموت لما كَـالوا مَهتاب بالسـجن، كنت أعرف ان ولّدي من طركاعه لطركاعه بس لما عرفت انه علمودج كَلت ولّدي يضحون لأختهمّ!

تحدث صادق المندهـش الذي يبدو للمرة الأولى بشكل جلفٍ معها: واحنا نطلع من انجاز لإنجاز ونكَول عفارم عليـنا ، محمد يكَول ما دا يسلمونكم مَهتاب بالسـاهل طلعت مَهتاب مسلمتنا حالها !!

***


ما بالهمّ يهاجمونني هكـذا !
حتى أنـا لا أعلمّ ما المقصد من حديث الصحفيين، هل يقصدون إطاحتي بالفخ؟
أعلم ان دولتي ليست بالضعيفة حتى تتجاوز خطأً فادحاً كخطأي !
أعلم أيـضاً ان ما قاله أخـي يامن صحيحاً .. يامـن لا يكـذب.
إن كذب الجميـع أخي لا يكذب!
لا أريدُ تبريراً سخيـفاً ألقيـهُ على مسامع العراقييـن،
فليظنوا ما شاءوا .. هذا حديث زينب وابن اخيـها ، ماذا لو تحدث آلن!
ما الذي سيقول؟
لا أريدُ رداً مني باهـتاً يعقبهُ حديثٍ قاسيـاً من لسـانه اللاذع!

***


عُدنا إلـى البيت بعد فوضويةً داخلية في قلب كلُ واحداً مننا، بدءٍ بعمتي التي تصدُ جانباً حتى لا تنظر إلـى مَهـتاب مبتدئة العقاب الأزلـي التي بدأت به!
وآلـن الذي تبيضُ مفاصـله نتيجة ضغطه على مقوّد السيارة بشكل غاضب وكأنه هو من أغضبه!
لا أعلم لما نطقتُ كلمتين وصمتّ، هل هذا دليلاً على حنيّتي السابقة لها ،
والله لن تريَ بعد اليُوم إلا وجهاً آخـر تحنّي لآلـن بسببـه ..

دخلت عمـتي الغاضبة في مجلسٍ نتقاسمه انا وآلـن بصمتٍ مُطبق: طلعوا هالإيرانية من هنانا ما أريد اشوفـها مرةً لُخ



انتهى ..

مخرج الفصل الرابع والعشرون :

سَهِرْتُ وَ طَالَ شَوْقي لِلْعَـراقِ
وَ هَـلْ يَدْنُـو بعيدٌ بِـاشْتِيَــاقِ
وَ مَـا لَيْلـي هُنَــا أَرَقٌٌ لَـدِيْغٌ
وَ لَا لَيْلي هُنَـاكَ بِسِحْــرٍ راقِ
وَ لَكـنْ تُربَـةٌ تَجْفُـو و تَحْنُـو
كَمَــا حَنَتِ المَعَاطِـنُ لِلنّيَــاقِ

×الجواهريّ×

لا تنسـوني من دعـواتكم ..
اليُوم يبدأ أول اختباراتي : (



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس