عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-19, 05:32 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



مدخل الفـصل الخامس والعشرون

رائعـةٌ كُلُّ فعـالِ الغربِ والأذنابِ
أمّـا أنا، فإنّني
مادامَ للحُريّـةِ انتسابي
فكُلُّ ما أفعَلُـهُ
نـوعٌ مِـنَ الإرهـابِ !

×احمد مطر×



.
.
.

صــلاتكم أولأً. . .



عُدنا إلـى البيت بعد فوضويةً داخلية في قلب كلُ واحداً مننا، بدءٍ بعمتي التي تصدُ جانباً حتى لا تنظر إلـى مَهـتاب مبتدئة العقاب الأزلـي التي بدأت به!
وآلـن الذي تبيضُ مفاصـله نتيجة ضغطه على مقوّد السيارة بشكل غاضب وكأنه هو من أغضبه!
لا أعلم لما نطقتُ كلمتين وصمتّ، هل هذا دليلاً على حنيّتي السابقة لها ،
والله لن تريَ بعد اليُوم إلا وجهاً آخـر تحنّي لآلـن بسببـه ..

دخلت عمـتي الغاضبة في مجلسٍ نتقاسمه انا وآلـن بصمتٍ مُطبق: طلعوا هالإيرانية من هنانا ما أريد اشوفـها مرةً لُخ

تحدث آلـن الصامت على غير عادته: ما نكدر نذبـها، رأسـاً بتروح أقرب حاجز وتبلغ علينا ! "نذب= نرمي"، "رأسـاً = مباشرة".

تحدثت عمتي المصدومة إلـى الآن: لك كيييف طلعت هـيج؟
ما تكول إيـران تطالب بيها ؟ كيف هسه يريدون يحموها ؟

تحدثتُ مُجيبها : يمكن ملعوب عليـنا من أول،
ولا شتريد بيج تونسيها وهي جاية لعمل صحفي !!
أكيد شافتنا صيده سهلة وكالت العب على الحجية وولّدها.

عمتـي بعدما لطمت جيبها: خرب حظها على حظ إيـران،
يعني مجندة!


نعم يا عمـتي!
مُجنـدة لصالح من حبكت سيناريوهاتها معهم،
كيف لها أن تبقـى هُـنا وترحل صحيفتها في يوم اعتقالها ؟
كيف لم تتدخل الخارجية الإيرانية وقت اعتقالها في نقرة السـلمان،
دخل آلـن المسرحية بشهامته، وخرجنا منها وجميعاً "مضحوكاً" علينا بغبائه!

***


ما الذي جعلهم يفكروا بي هكـذا ؟
هل هو من أجل سياسيين إيرانيين مغتربين في نعيمُ لندن نُقلت آرائهم على إذاعة طهران!
أعلم ان إيران ليست بالضعيفة ولا ركيكة السُلطة ومهزوزة الأركان حتى تغفر لي غلطةً كُبرى كهذه!
أعلم انها ستطالب بي لمعاقبتي أولاً ،
ثقتي بإيران القـوية ويامن الصادق جعلتني أعلم أن ما سمعت هو فقط آراء وليست حقائق!
ولكن من هو ذاك المسؤول الذي طالب بعودتي وتمجيـدي؟
بالطبع انه أهوازيٍ كره سُلطة الـفُرس الناقمـة مني، التي أعادت أبناء عرقها إلى أرض الوطن غير ابهين بعربيةً أسيرةً في ارض العرب..
يجب أن أوضح ما حصل لزينب وبنيها ، لن أبقَ هكذا متهمة بشيءٍ لم يكن!
يا لسوء حظٍ أملكه،
أتلهف لسماعِ خبراً عاديـاً صادراً من أرضِ إيران، فيُذاعُ خبراً ليست عاديـاً،
خبراً يخصني .. بل ويراني متعاونة مع إيـران في كل ما حدث!
ليت هذا حصـل وكُنت خير سفيرةً لبلادي .. في أرض ضجّت بها الفتن وخوّنَ بها من صدق ، وصُدّقَ بها من خان!
لا أريد اتهاماً جميـلاً كهذا ..
فانا سمعتُ مذيع الاخبار ينعتني بالُمطاردة!
وهم لم يسمعوا إلا حديثٍ من سياسيين أقوالهم وآرائهم تخصهم وحدهم لا تنتمي لجهة ولا لكيـان ..


طُرقَ البـاب .. بالتأكيد أنـها زيـنب، ولكن ماذا ستقولُ لي وهي نعتتني بالجاسوسة قبل ساعة!
لا ألومها ولا ألومُ أبنيها، فجميعهما عانا الامرّيـن بسببي، لابُد أن أرحـل ..
سأفاتحها بالموضوع فـواحدةٍ مثـلي لا يحق لهم أن يكسروا عزتها بذلهم وامتنانهم باحتضانها ..
لا يجوز لهم إذلالي هكـذا..
وأن قَتَلتْ بلادهمّ مليونَ إيـراني ، هذا لا يعني أن أقتلُ عزةَ نفسي مِن أجلهم ،
فعُزتـّي أن كُسـرت تساوي مليـون إيرانيٍ آخـرين!
فهل سيصمت برلمان دولتي عندما تُذبح عـزتي .. أقصد مليون إيراني آخرين!
المَهـتاب جديرةً أن تساوي أرواح بني البشـر أجمع ، فهي لهـا مميزات تميزها عن الجمـيع وأولها إيرانيتها التي ستصبح في قادم الأعوام حلماً لكل مواطن في بلاد الـعرب!

فتحت البـاب وأنا لم أزل بجلبابـي فتحدث الطـارق: حي الله الصحفية العظيـمة، أو المتخابـرة العظيمة! "متخابـر = مصطلح يستخدمه العرب لمن يتعامل مع العـدو ".

ابتسمت مستفزته: واللي يساعد بلاده يسمـى متخـابر!

تحدث وأصبـح هو من يستفزني : دا يتـسمى خاين للعشرة..

أردت أن أردُ أصمتني قائلاً : انطيني تردد إذاعة الصخام مالتج !

أعلم انه يقصد إذاعة طهران التي سمعتُ منذُ قلـيل، ولكن لن يـنالُ مني ذلك،
فطهران لا يُقال لها "صخام" أيها البغدادي: ما اعرف تردد الصخام أني!

هممتُ بإغلاق الباب فإذا هو يدفعهُ بكتفه الأيمن مُعيدني إلى وسط الغرفة ويتقدم أيـضاً ليتوسطـها بفحيحٍ الأسـد الآسـر : مدا تسكرين الباب بوجهي!
ولج أني آلـن .. التنفتح بوجهه أبـواب وزراء ورؤسـاء.

أرعبني بحق مُحـمد !
لما هو آسـرٍ حتى بغضبـه، أرعبني غضبـه وأرعبني جماله الذي تهجمّ علي،
بحقِ عيـناك النجل التي خُلقت لتُكـملّ جمال وجهٍ يوسفـياً لا مثيل له !
نظرته القـاسية الجميلة،
تلك هي الخيبات والخسارات التي تورث في وجه محبوبي القسوة المُمتعة.
نعمّ!

لقد خسرت محبـوبي انتشلني من أفكاري إلى عالمي الذي يحتويه : اشبيج ؟
ما تسمعيـن ؟ أكلـج وما راح أعيدها مرةً لُخ !

علمت أنه يريد تردد الإذاعة، ألقيت أرقامها على أسماعه وكأنني لم أعزم منذُ دقائق علـى تركه بلا إجـابة حتى ينطقُ أسم طهران !

أمسـك يدي مُلصقني به: أخر مرة تسكرين الباب هيج،
افتهمتي ؟

أعلم أنني تجاوزت حدودي للمرة الثاني وأنا أراه يوليني ظهره خارجاً فأمسك به: آلـن دخيل الله خليني أطلع من هـنانـا .

***


كفاكِ قرباً يُميت القلب!
كفاكِ حُبـاً .. كفاكِ تقرُباً .. كفاكِ أيتها الإيرانية الـغازية،
كفاكِ تمسكاً بي لما عزمت الرحـيل ، أُغربي عن وجهي قبل أن تُحيطُ بكِ جمرات عشقـي وتحرق ملككِ ونفسك وسبع أجيـال من ذراريك.
لا تكوني ضحيتي أيـضاً ، كفاني ضحـايا وأهلٍ شـامتين!
كفاني وجدٍ على ما مضـى !
لا تجعلي العشـقَ يصل ذروته بلمساتك المجنونة هذه ولا نحمد عُـقبى ما تخالج في الصـدور .
ما الذي تُريدين بعد خيانتك؟
هل ستضنين قُربـك ورجاءاك الكسـير سيغفر ؟
وهل ستغفر أرض بغداد؟
وتُنّسِيني أرض ديـالى ندب الحرب التي اعتلت جسدي بسببك ،
ألم أُريـك عشرون ندبةً ملأت ظهري تُذكرني بك كلما تناسيتك،
ألم تري جرحاً أعتلى ظاهر كف أخي.. ستكون ذكراه واضحةً وجليةً أمامي!
تطبعي ذكراك كعلامات لا تزول وتطلبين الـزوال من عالمّ ملأتيه أسى، وجرعتي سُكانه الخيبـة!
لا مـثيلُ لخيبة من أخرجك من نقرة النعمان قاتلاً جيبين عسكريين من أجلـك..
يعترف لكِ انه لم يأخذ ثأر بـغداد، بل كان ثأرك انتي وحدك .
ألا تعلمين انه عشق الواحدة ليلا التي لقاك بها في موقع الحراسة ذاك ؟

تحدثتُ إليـها وأنا أشتت نظري في كل شي عدا عينيها : مـاكو طلعة من هنـانا ،
لين أعرف الحق!

تحدثتَ متمللة، أو غاضبة لا أعلم: حق شـنو؟
مو سمـعتوا باذنكم حجي الإذاعة !
عوفني انهزم دخيـلك ..

نظرتُ إليـها هذه المرة وأنا أعلم لو كان تهمتها التي اتهمناها صحيحة لبررت ذلك!
وهذا أيـضاً لا يعني إنها بريئة: وأنتي خرج خيانة؟ "هل انتي أهلٌ للخيانة".

أعلم أن نظرتي تلك تُربكـها وتجعلها تتفـوه بما لا تعقل، أراها تمسحُ وجهها وتصدُ وكأنها تسمح شيءٍ سيءٍ من ذاكرتها: ما أعرف دخيل الله ما أعرف اشي أني.
لا أعلم لما كل تلك الرجفـة والشُعـور القاتل الذي مررتِ به!
ولكن كل ما أعرف أني صدري بدأ يضيقُ بي، بألمٍ لا أستطيع مجابهته، وقلبي الذي ثُقبَ حتى المـوت لم يعد هُنالك متوسعـاً به لثقوبٍ أُخـرى ..

خرجتُ ناهيٍ نفسي عن قُربـها الذي أصبح في الآونة الأخيـرة مُميت ..
ما تفـسير ذلك يا قلبّ !
هل هي وطنيتُك التي بدأت تنجرف وتتبخر عن وصـولك إلى شـقلاوةّ !
أم شيءٍ يتملكك بوجودهـا لا تعلمّ ما هو ، كل ما تعلمه أنك لا تستطيع قربـها إلى هذا الحد !

***


مـسافرٌ من تلك الأوطـان المُشـعة بالحيـاة والمُكـتظة بالموت أيـضاً، لقد مررتُ ببغداد منذُ قليل وهي في حالةِ تـأهبٍ يسبق عـاصفة، بتُ أعرف لُغة الشـارع قبل أن يتحدث !
وها هو المذياعُ يُعلن عـن هجوم مُسلحين على سوقٍ مركزيٍ ويُخلفّ ذاك الهجوم مقـتل العشـرات وجراح الآلاف .. ونواح المـلايين!
ها هي العـاصمة التي تُفهم بحياة الغيـر على أنها تتطور بشكل ملحوظٍ غير مسـبوق، إلا بغداد كلما تقدم بها الوقت عادت إلى الوراء!
إلـى أيـن يا بغـداد ؟
أن سلمتي من التفجير المفخخ لم تسملي من مسلحيّ الشوارع الرئيسية!
إلا تُخبريهـم أنكِ دُرة الـشرق والشـرف؟
إلا تخبريهم أنكِ بغداد الرشـيد وقـلاع هـارون وبيت المنـصور ؟
أخبريهم يا منوّرة .. أخبريهم يا مدوّرة من أنتِ !
لقد نسيَ الأبـناء أمهم التي حبلت بهم سنوات ولم تزل تحـبل، ولكنهم أوقفوا مخاضها المتعسـر عندما قدّوا بطنها قاتلـيها هي وأبناءها الأوفـياء ..
الوفـيّ المُختبئ في أحضـان بغداد وداخل أحشائها لا يريد الخروج منها، وأن مسها ضررٍ فداها بنفـسه، ها هـو يُقتّل بشوارعها ..
لم يبقَ ببغداد إلا قُلة غادرة .. وقليلٍ من النازحيـن!
هل رأيتمّ حربـاً ينزحُ أهلها إلى حرباً أعمـق؟
نعمّ انه عراقيٍ شعر بالخطر على بغداد فنرح لها حتى يُضمّد جراحها ..

***


لم أزل في مكاني صبـاحاً الذي نُمت به مجاوراً لآلن الذي لم ينم حتى الآن، مُصغيـاً سمعه لتلك الإذاعة التي أنارت بصيرتنا على حقيقة صحفيتها ..
أراهُ متشتتاً يـفهم كلمة واحدة ويجهل مئات الكلمات، مرتين فقط أصـغى سمعهُ مُحقاً لعربيٍ تحدث عن قطـع الكهرباء في الأهـواز وآخرٍ إنكليزيٍ يحكي إضـرار خسـارة الاقتصاد العالمـي على إيـران!

لم يكن ما نسمـع مُجدياً ، فلربـما كان مُوضوعاً عابراً ولن يُذاع ثانيةً ،
أو ربـما كانت حلقةً أسبوعية تُنـاشد أمـر مَهـتاب من خلال الإذاعـة!

تحدثتُ إلى آلـن المُمسك بسيجارته وأمامـه كأس شـاي : شكد الساعة؟

نظر إلى ساعته: سـت المـغرب – ثم أردف مُبرئاً نفسه – حاولت أصحيك تصـلي ما كنت راضـي تكـعد !

هذا يعني أن صـلاتين فاتتني وهذا اللئيم بجواري، أين تلك الحنينة التي تقرع رأسـي بصوتها حتى أفيق لصلاتي: وين عـمتي

تحدث بعدما أتكأ إلى الخـلف وهو يستنشق سيجارته: ضوجتها ..

لا أريدُ سؤاله عن سبب غضبها منه ولا أريدُ معاتبته، فأني أرى باكيت السجـائر مرميـاً بجانبه، فهذا دليـلٍ على ندمـه أو غلطةٍ قيلت بحقه من مخاصمـه الذي لم يكن هذه المرة إلا عـمتي !!
لم أستفسر عن مكانها لأنني أعلم أين ستلجئ،
علي أن أُصلـي ثـم أذهـب إليـها ..

***


له الحق ابـن آدمّ!
فقـد طلبتُ منه محادثة اهله أن أتـى مُحـمد وهبّ في وجـهي سائلي ان كان ذلك شيئاً مُهماً ويقال أمام مصائبنا التي بدأت تأتينا من كل صُوب..
لا يعلم معـنى انقباض القلب الذي أشـعر به منذُ صـباحي، لو شعر بما شعرت لذهب إلى أسـرع كبينةً محادثهمّ!
يسألني عن تعلقي بأهله فأجيبه بسبب أختيه وأمـه !
وهل تراني سأقول لك لأنني عاشقة أبيـك؟
وما هي ردة فعله!
يٌعاشر عمة صديقه وتصبح فيما بعد عمـته ثم يكتشف آخر الأمر أنها عاشقـةً لأبيـه ، وأنه أوصاها بـه قبل رحيـله!
ما هي ردة فعله !
عندما يعلم انني خُنت أمه وملكت قلب زوجـها ..
ما هي ردة فعله !
لو عرف ان العذاب الذي يقاسيه من غيابهما كُنت سبباً رئيسياً به ؟
لن يعلم بكُل هـذا ..
مريم وأدم انتهيَ مـن حياته وأصبح ابني وحـدي!
أبني الذي تمنيت انه ابنٍ حقيقياً وليس صـورياً ، لكم تمنيتُ أن يصبح لي ولدٍ من أدم ، وها هو أتـى على طبقٍ من ذهـبّ
تتخلـى مريم عن أبنها .. فأحتضنه لتحقيق حلـمٍ مضـى !!
هذا الولد الذي جعلني أمس أُسعّر جمرات غضبي بوجه مَهـتاب،
نعمّ!
لقد غضبتُ من أجله، ماذا لو سُجنَ أبن أبيه؟ من سيبقى لي إذن؟
سيُنفـى وتعود الغادرة إلى بيت أهلها سـالمة!
سأبقـى أعاني منفى أبيه الاختياري ومنفاه الاجبـاري .
سأبقـى بغداديةٍ بـلا بغداد، سـأبقى أسيرُ في المشـاية بلا مساجد كربلاء تَهديني طريقي!

دخل أبن اخي مما جعلني أمسح دمعٍ طفر من عيني إلى وجنتي: هـلاو بالضلـع !

دخل ابن اخي مُستغرباً مدامـعي، وأظنه عرف سببها قبل قدومه سببها الظاهر البسيط "السـخيف نوعاً ما" ، ما الذي يُغضب امرأة ان رفض احدهم محادثة أهله ، أو بالأصـح ما الذي يُبكيها ؟: اشبيييج زينب ؟ لا حبّابه ما أريد أشوف دمعج مرةً لُخ،
خبريني هالمسودن اش كَايل لج، والعبّـاس ليصير اللي تريدين.

قبّلت رأسه وأنا أشـعر فـعلاً أن ابن أخـي هو من سيبقى لي!
وهو وحده من يخاف على عمته من مصائب الزمن وشوائبه، مهما أحببت آلن وأفرطتُ في حبه لن يأتيني مثلُ صـادق، ومَهتاب الغريبة ستعود يوماً إلـى ديارها ، لن يبـقى لي إلا ابن أخـي على المحافظة عليه بعيداً عن طور الأحـداق المرعبة: أروحن لك فدوة حبيبي،
لا ما كو .. آلـن حبّاب ما كَال اشي، بس أني حنيييت لأيـامي مع أمـه وأهلـه علمود هيـج بس!

نظر إلـي متفحصـاً : بس؟

ألم تكُف عن تكذيبي أيها الوغـد ؟
ليس هذا كل الأمر ان أردت ، فأنا اشتقت حقاً وليس لمريم لآخر لو علمته لغضبت كـغضب أباك وباقي عمومتـك : أي مـاما بس.

وقف: لعد يلا نزلي ويـايه محمد على وصـول،
د نـشوف شسوى مع اخته ببغداد.

***


لو بقيت ساهراً يومين لا يهمّ،
الأهمّ ان أثبت براءتها او عدمـها ، لن نبقى هكـذا لا نعلم هل نحنُ ظـالـمين أو مظلومين!
لا بُد من معرفة الحقيقة ، أيتها الأذاعة اللعينة أعرضي جدول برامجك واريحي قلبـي من لهفة الانتظـار .. أعرضي ذاك البرنامـج وحده أو اجعلي أحد مُذيعيك يُخطئ وينطق براءتها أو خيانتها ..
لا تُبقيني هكـذا أسيراً لأثيرك ، لمَا لم تبحثُ مَهتاب عن هذه الإذاعـة إلا على سفح سفين!
مع العلم انها تصل تذبذباتها إلى هُـنا ، هل هي خُطةٍ مدروسة من أسيادها ؟
أم صدفت !
وكيف لا تصدف وأنا من أقترح الخروج للجبـل ..
ولكن كيف لم تبحث عن تلك التذبذبات من قبل ؟ لما لم أسـمعها متلهفة على هذه الإذاعة إلا أمـس؟
الويل لها لو كـانت حبكتٍ تتم ما سـبقها ، والويل لي أن ظلـمتها ..

أغلقت الراديـو على صوت صادق الذي ينده علي: آلـن..

وضعت الراديـو جانباً ، مُطفئٍ سيجارتي التي للتو أشعلت !
مُحـمد يكره هذه الرائحـة، فلن أجبـره عليها حتى نعـرف " ساسنا من خلاصـنا" بـلا حرق أعصـاب تتبـع هذه الرائـحة التي يراها بحاسته إنها نتنة !
لا يعلم أنني اتنفس الحـياة من تلك الرائحــة !

***


وجوههم تُنبئ عن شـيءٍ سـيءٍ قـد حدثَ!
أعلم حالة الوجوه ان اكفهررت، كوجهِ أبـي أمـس عندما زفّ لنا خبر أبو آلـن ،
لا أعلم كيف سأخبر آلـن بأمرٍ هكـذا ..
لو لم يكن مطلوباً هان الأمـر، أما الآن لو أراد الذهـاب لم يكنّ بمقدوره ذلك،
وأبيه أيـضاً فضلاً عن صحته السيئة لقد مُنَع هو وأسـرته من دخـول العراق ما دام ابنهم مُطلوب..
جلسـنا في تلك الجلسة الداخلية بعدما قرصنـا برد تشرين خـارجاً، شـقلاوة أبرد من ديـالى وتفوقها برودة بعشـر درجات وأكـثر!
كُل عام أرى الثلوج التي تُغطي أرضَ شـقلاوة من بعيد، فهل سيبقى صاحبيّ مطلوبـين حتى أتمكن من رؤية ثلوج شـقلاوة؟
يا لسـخافة ما يتفوه بـه عقلك!
صاحبك وعمتـه يشوبهم الأسـى وأنت تتمنى رؤيـة ثلج شـقلاوة..

تحدثتُ سألهم : شاكو ماكو ؟

تكلم صادق أولاً : والله أخبـار ما تسـر يا أبـو خالد !

هل علمَ بما حل بأبو آلـن، وأين آلن: وين آلـن ؟

بدوره رفع صادق صوته مُنادياً : آلـن .

وما هي دقيقتين حتى دخل الآخـر: مسـاء الخيـر .

وقفتُ مُسلّماً ومحيياً : مساء النور، هلا بيك .

جلـسَ بعدما قال: هاا شصار عليكم ؟
كدرتـوا تأخذوا الـملكية ؟

***


جميعهما في الأسـفل مُستمعين لحديث مُحمد الذي يبدو انه عن مغامرته هو وأخته في بيت صـادق !
ليتني أستمع لما استمعا إليـه .. لا علي بتلك القـصة ، فأنا قادمـة علي شيءٍ أهم!
مُحـمد هو الأهم ..
لا بُد له أن يُخلصني من سوء ظنهم الذي أحاط بي وجعل زيـنب لا تحادثني إلا عندما تخبرني بأن عشاءها أو غداءها أصبح جاهزاً ..
لما لم تناديني لأسـاعدها؟ هل لأني جرحت يد ابن أخيـها في المرة الأخيـرة ؟
أو بسبب خيانتي الوهمية ؟
تلك الخيانة الباطلـة المُحببة إلى قلبي لو كانت صحيحة، وهل يشين المرء خدمة دياره؟
قدماي تحُثني للسـير أسـفـل، وكرامتي تقول لا تعودي لمثل هذا ، هم لم يندهوا عليك كعادتهم، هم لم يجعلوك كسابقكِ تنتظرين مُحمد بلهفـة!
عودي أدراجك فأنتِ مَهـتاب التي لا تستسيغ المهانة ولو كانت غير مُبـاشرة..

***



تحدثت زينب أولاً من هول ما سمعت: خرب حظكم كيـف ما خفتوا يغدر بيكم؟

تحدث مُحمد وهو يسرق النظر إلـي: شو هاي يغدر ما يغدر ؟
عميمة هـو فـضيل، مو معناته مسيحي يعني ما فاضل وعالم!

صمتت زينب وكأنها تداركت وجودي قائلـة: طيب حبّاب ليش ما جبت مَـلاذ وياك؟
تجي تشوف لنا هالمصيبة اللي وكعنا بيها .

نظر إلـي مُحـمد أولاً وكأنني انا من يتبنى تلك المصائب: شالحجاية ؟

تحدثتُ وأنا أرمقُ زينب بنظرة!

نعم عمتي ولكن لا يجوز لكِ تصرفٍ هكـذا، أعلم ان مُحمد يطالب رضاءها أولاً ثم يحل مشكلتها: هذا يا صاحبي .. بَسـعاد طلعت شلايتية ! "سيئة الخُلق".

زجرني مُـحمد : آلـن،
تحجى عدل بلا طيحان الحظ مالك !

لقد طاح حظي!
عندما أحببتها ، عندما أمسكت عضدي للمرة الأولـى: عـواينية .. يا محمد،
طول وكـتها تلفق هالقصص ويا إيـران .

تحدث مذهولاً مما سـمع : كيف ؟ احجي عدل!

ما الذي تريدني أحكيه يا مُحـمد ؟
أقول لك بالمعـنى الصريح خذلتني!
وقفت عاكفاً على بابها حتى طعنتني عندما تسللت من الخلف حتى لا أراها؟
أم أُريـك دمـاء القلب التي بدأت تؤلمني حتى دقاته ولم تغفى عيني بسببه!
ما الذي أقول لك يا أخي.. وما هو القول المنـاسب لمثل هذا الحديث،
أعلم انها ليست كفواً لخيانةً كهذه، ولكن بنفس الوقت لا أملك دليلاً على براءتها.


تحدث صادق بعدما ملّ مُحـمد من صـمتي: أمس المساويات طلعنا لسفين،
وطلبت مَهتاب تشغل إذاعة طهران بحكم انها فوك مرتفع وهيج!
ولـما اشتغلت الإذاعة جان برنامج سـياسي ديتحجى عن نظالها وصمودها بالأرض هاي ،
وهمينه بعد يكولون بيه هناكا نائب ما أعرف مسؤول تكفل بحمايتها وكلهم ناطرين رجعتها من مهمتها سالـمة..

تحدث مُحـمد : هذا ما يعني أنها خاينة .

تحدثتُ مُجدداً وأنا أصارعُ قـلبي: أكولك إيران جانت مرسلة لها الانتربول يتلوها من راسها لهناكا ، كيف هسه بقدرة قـادر صاروا رايدينها ؟
بالله فسـري لي هاي كييف ؟

أجاب الآخر على تساؤلي: بلكي افتهمتوا الخبـر غلط!

صمتُ تاركـاً ساحة النقـاش لصادق ومحمـد وتدخلات زينب البسيطة التي لا تفتؤا هي وابن اخيها عن إقناعه بخيانة بَسـعاد،
بينـما الآخر يُبرر ثم يُبرر تلك الخيـانة!

إلـى أن وجَد حلاُ عادلاً بوجهةٍ نظرة : عميمة ، حبابة كـومي صيحي عليـها .

فززت من متكأي معتدلاً : طبها مرض ، شتريد بيها؟

تحدث مُحمد ناقمـاً من فكرٍ نحمله : قابـل شريد بيها؟
دا حاجيها عن هالصخام مالكمّ !

قطع حديثنا نداء عمـتي المتكرر لتلك الفتاة التي تظنُ أن كبريائها أكبـر من فرصـةً كهذه!
مُحـمداً هُـنا ..
يعني أن جميـع ما تشكين سيزول، حتى ولو كان أحد صاحبيه!
ألم أخبرك انه حلفنّي بيـسوع ان لا أعقد معكِ حرباً كلاميةً تضر أحدى مقدساتكِ ؟
مقدساتك التي تفتقد القُدسية،
وهل كانت إيرانُ قدّسية في يوماً مـا ، كلما اتجهت القداسةُ غرباً اتجهت بلادك شرقاً .. أعلمي جيداً ان القداسة أختصها الله في بـلاد العربّ!
وأختص العراق بأقـدس معاركـها .. معركة القادسيـة التي كانت ضـد فُرسـك..
دخلت وهي بجلبابها الذي لا تلبسه إلا إذا حضـر مُحـمد !
لا أعلم ما وجه الشبه بين زينب وبَسعاد ، فكليهما يحترمان مُـحمد ، عمتي لا تجعله متوسداً فخذها كما تفعل مـعي ، ولا تخضع معه بقولٍ ساذجٍ كـما تقولّ!
والأخـرى تُضيف للباسها لباساً في حضرةِ مُـحمد !
لا أعلم هل هو إجلال يرنّه يتجلـى بـه، أو بسبب بُعده المكاني عن موقعـنا ..
لا أعلم ولكن كُل ما أعرفه أن طلـة صاحبي تجعل النساء أستر من ما كانَ عليهّ.

تحدث مُحمـد إلى الواقفة ولم تحدد لها مكانٍ : تعالي باباتي يمّي.

أ يُـقال لتلك الفاتنـة "باباتي " ..
وهـل أنت تراها صغيـرةً حتى تُناديهـا كما تُنادي أُختك؟
وهل تلك أيـضاً صغيرة حتى يُقـال لها هـكذا !
كفاكِ دلالٍ تدللهما إياه .. فقد دللتُ اثنتين وكليهما تخليا عنـي في أقرب فرصة سُنحت لهما ..
لا تُدلل المرأة ، فدلالك لها يجعلك في أوائل قائمة المغادرين من عالمـها .


***

قضيةُ مَهـتاب وانشغالهم بهما تجعلني أخبئ خبر أبو آلن عنهم جميعاً .
فشُرود ابنه الذي يُبنيني عن تفكيرٍ لا ينقطـع يجعلني أتكتم على الخـبر فقد فقد صاحبـي من أعصابه ما يكفيـه .. هذا فـضلاً عن هالاتٍ تُحيـط عيـنيه تُخبرني أيـضاً انه لم ينمّ ..
ابـوُه سيكسر ظهره لا محالـة، فلو كان الأمـر أبسط من كونه مُطـارد لأخذته بيدي إلى مـطار أربيل أو مطار دهـوك وإلى أول طيـارة تتجه إلـى بلجيـكا ..
ولكن وضعك أختلف يا صاحبي عن سنين الست الماضـيـة!
كُنت مُخيـراً بها ،
وتستطيع الذهاب وقتما شئت !
ولكنك لم تذهب .. والآن أعلم فور أخبارك بما جـرى ستنوي الرحيـل إلـى بلجيكـا ، وهذا ليس بمقدورك ولا مقدور الجـميع ..

دخلتَ تلك الذابلة أيـضاً ، لقد شبعت منكم أسـى .. لقد شبعت أيضاً في ليلتها الماضيـة خيبة!

ناديتها وأنا أشعر بها حائرة لا تعلم اين تذهب : تعالي باباتي يمّي..

رأيت نظراتُ صديقي تنتقل إليـها وكأنها من ارتكبت جريمةً بحقهّ !
كفّ عن ذلك يا آلـن .. فما أتاها مـنك يكفيـها .
جلست بجانبي وهي ترجفُ كورقةٍ خريفيـة بللها المـطر، نظرتُ إليـها وأنا أرى بعيـني مـلاذُ تبكي ، ملاذُ ترتجف!

وذاك الغريب ما زال يلتهمها بعيـنيه: حبـابه لا تصيحين ..
شاللي تريدينه وراح يـصير ؟
أني عارف براءتج ما عليج بيهم ، وهاي بالله تُهمة دا يتهموج ؟
اكو واحد ما يحنّ لبلاده ؟ أكو واحد تعوفه بلاده بلا حماية بأرض كلها حرب !
من حقج ومن حق إيران ياللي صار ، صح لو لا ؟

جحدت كُل حديثي السـابق وهي تتحدث بصوتٍ يختنق: مـحمد عفية حباب،
بحق الله وحق القُران لا تخليني هـنانا ، خذني ويـاك دخيلك والله لو بقيت هنانا أمـوت دخيـلك .

رجاءها الكـاسر كسـرني ، وكسر تلك الطاولة التي وقـعت أثر وقفة صاحـبي مُلقياً لهيب غضبه على مسامعـها :





مخرج الفصل الخامس والعشرون

نَعَـمْ .. أنا إرهابـي .
أنصَـحُ كُلّ مُخْبـرٍ
ينبـحُ، بعـدَ اليـومِ، في أعقابـي
أن يرتـدي دَبّـابـةً
لأنّني .. سـوفَ أدقُّ رأسَـهُ
إنْ دَقَّ ، يومـاً، بابـي !

×احمد مطر×




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس