عرض مشاركة واحدة
قديم 14-04-19, 06:52 PM   #9

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع



حاولت اليكس معظم الليل مواجهة قلبها وعقلها , معترفة ان هناك شيئا ما في ماركوس فاق ذلك الشعور القوي بينهما , وخلّف تفاعلا في نفسها يخيفها ولا ترغب به . أطل الصباح ليجدها مازالت مستيقظة ويائسة , وأظهرت مرأتها شحوب وجهها القلق , وظلالا سوداء تحت عينيها .
لم تكن ترغب يمواجهة أحد من الآخرين على مائدة الفطور. فذهبت مباشرة إلى الاسطبل لتجد أن ماركوس لحق بها .
غار قلبها كالعادة عند رؤيته لكنها استطاعت أن تتجاهل ذلك وتتظاهر أنها لم تشعر بوجوده هناك واقفا عند مدخل الباب ينظر إليها .
سألها : لماذا لم تتناولي طعام الفطور ؟".
أجابته :" لم أشعر برغبة في ذلك ".
أنزل السروج ومرر إليها سرج ميسترال قائلا :" لا بأس بذلك , إذا يمكننا الذهاب إلى الطبيب البيطري مباشرة ".
وأضاف بجفاف :" إلا إذا كنتِ لا ترغبين بالركوب أيضا ".
قالت له بهدوء :" لا خيار في ذلك , إنه عملي . لكني سعيدة لأنك تعتبر أنه أصبح ممكنا امتطاء ميسترال ثانية ".
أكد لهما الطبيب البيطري بعد نحو ساعة أن الجواد الصغير قد تحسن كثيرا , وهو متاكد أنهما لن يواجها متاعب في المرفأ إن قررا أن يكملا رحلتهما في الصباح .
قال ماركوس بارتياح ظاهر :" هذا أمر جيد ".
ونظر إلى اليكس قائلا :" أعرف أنكِ ستكونين مسرورة لتتابعي طريقكِ من جديد".
" مسرورة جدا " وقد تقاذفها شعور بالارتياح لفكرة نهاية الإتفاق وشعور مزعج من الألم لفكرة الفراق الذي لا مفر منه عن الرجل الذي كان له تأثير عميق على مشاعرها .
ستحاول أن تتحاشاه طوال النهار , ومع قليل من الحظ ستتمكن من ذلك . وفي الغد سيعبران القنال حيث يتبقى بضعة أميال عليهما عبورها على الأراضي الإنجليزية .
صُعقت عندما قال لها ماركوس فجأة وهما في طريق العودة :" حالما نتصل بالمنزل لنعلمهم بموعد وصولنا . سنخرج لتمضية بقية النهار ".
سألته اليكس :" لماذا ؟".
نظر إليها نظرة حزينة وقال :"لسببٍ مهمٍ جدا . إنني أدير قوة عاملة تفوق المائة عامل في أماكن عدة . لا أعلم عدد الزبائن وعدد المرات التي أتعامل فيها معهم . كل شيء يسير متيسرا وبسلاسلاة وفعالية . سأنفجر إن وصلت إلى المنزل وأنا أشعر أن فتاة صغيرة لا تفشل أبدا في إثارة غضبي . سنمضي معا ساعات مهذبة, و إني أقترح تمضية نهار في الخارج . وليس في غرفة التعذيب ! ".
بدأت اليكس قائلة :" ولكن ....".
قاطعها قائلا :" لكن لاشيء سنرى إن كان في إمكاننا أن نكون مهذبين تجاه بعضنا البعض لساعة أو اثنتين . لذا لطفا لا تقولي شيئا وحاولي تحمل ذلك ".
قالت بجفاف :" ليست هذهِ بداية واعدة جدا ".
نظر إليها ودفع لاسكو ليجري خببا وقد حذت ميسترال حذوه أيضا , وتساءلت اليكس يائسة , كيف ستتمكن من تخطي هذهِ المحنة الأخيرة ؟ .
لم يكن هناك تأجيل لذلك الإقتراح بعدما عادا إلى المنزل حيث أرشدهما تيم إلى مطعم صغير في القرية المجاورة , و أخبرهما عن طريق جميلة للسير على الأقدام حيث يستطيعان القيام بذلك بعد تناول طعام الغداء إن شعرا برغبة في ذلك .
ووعدتهما كريستين , حالما عرفت أنها قد تكون ليلتهما الأخيرة في ضيافتها , بإقامة حفلة لهما . صعدت اليكس أخيرا الرينج روفر إلى جانب ماركوس وقد غمرها الخوف كل من الحفلة والنزهة فير المرغوب بهما .
كان للبهجة التي أضفتها أجواؤ المطعم الصغير تأثيرها . وكان الطعام ممتازا جدا كما وصفه تيم . لكن الجو بينهما لم يرق إلى مستوى الطعام . استمر ماركوس في محادثتها بطريقة مهذبة وكأنه يجري مقابلة مع ضيف عمل , لكن كل ما كانت اليكس قادرة على التفكير فيه , كان يأس شخصين متباعدين مثلهما يحاولان التواصل إلى أي شيء كإحداث جو مألوف بينهما .
تمنت وتضرعت أن يقرر عكس مااقترحه تيم بشأن النزهة سيرا على الأقدام . لكن من الواضح أن ذلك كان تحديا آخر عليها مواجهته .
تقدم ماركوس في الطريق الريفي , رغم أنه بدا منشغل البال إلا أنه مازال مصمما على ذلك . وقد بدا الجو نظيفا والهواء منعشا بعد عاصفة الليلة الماضية . لقد جففت أشعة شمس الصباح الساخنة المطر و كأنه لم يكن قط .
قادهما الممر إلى فوق هضبة تكسوها الأشجار حيث كان خلفها بقعة صخرية عالية , حيث يمكن عندها رؤية البقاع الخضراء في جميع الاتجاهات .
كانت هناك بقعة خضراء على بعد بضعة أقدام إلى أسفل الجهة المقابلة من المنحدر , إتجها إليها وجلسا ينظران وقد لفهما الصمت . فكرت اليكس شاكرة أن مهزلة هذا اليوم ستنتهي قريبا .
تكلم ماركوس أخيرا قائلا :" طالما أننا سنتابع طريقنا غدا وستلتقين بيكي اخيرا في نهاية المطاف , هناك شيء يجب أن أخبركِ به ".
نظرت إليه اليكس وقالت متسائلة :" نعم ؟"؟.
قال :" ليس بهذه الكلمات , لكن بوجه شفاف كوجهكِ , لست في حاجة الآن لأن تقولي ما تشعرين به ".
قالت :" إذا أتمنى ألا تفعل بي ذلك , فالمشاعر غير المعلن عنها هي مشاعر خاصة ".
إلا أنها شعرت بارتياح عندما قال :" إن مشاعر بيكي هي التي تهمني الآن , مع فكرة أنكِ ستلتقين بها فعلا في الغد . في ليلتنا الآولى في المنزل هنا تظاهرتِ أنكِ في حاجة لتأكيد عن وجود الفتاة . ولو أني لا أدرك كيف ذلك , مع أنكِ تحدثتِ عني إلى حد معين مع شقيقتكِ الغالية ".
قالت اليكس بدفاع حاد :" ايلين هي شقيقتي الغالية ! تماما كما هي بيكي الغالية بالنسبة إليك ".
نظر إليها متأملا وقال :" لكن السؤال الذي أطرحه على نفسي هو , هل أنتِ من طينة أختكِ ؟".
قالت له :" كيف لا أكون كذلك ؟ فنحن شقيقتان من نفس الأب والأم , العائلة والنشأة ذاتها ".
سألها :" والمشاعر ؟ هل تشاركين أختكِ مشاعرها ؟".
آوه . نعم , فكرت اليكس بمرارة . إني أشاركها مشاعرها من كل ناحية , حتى إلى درجة أني بدأت أحب الرجل ذاته ,لكني أكثر حماقة منها . لأني عرفت منها أن لا وجود لمستقبل بين امرأة من آل ليوارد ورجل من آل ويكفورد .
أجابته :" حتما , في بعض المواضيع , لكن ليس كلها ".
قال :" حسنا . دعينا ندرس الموضوع من ناحية الإعاقة الجسدية . بيكي هي معاقة بشكل خطير جدا . هل تفضلين عدم مواجهتكِ بذلك ؟".
صدمها السؤال لكونه لا يحتمل ابدا فأجابت عليه بسخط :" كيف استطعت أن تسألني عن أمر كهذا ؟ لقد أمضيت معظم حياتي مع أناس يعانون من عاهة أو أخرى . هل كنت لأختار أن أواصل ذلك العمل لو أني لا أستطيع التعامل معه ؟".
قال دون أي شعور بالندم :" كان علي أن أسأل .عندما تحدثنا عن موضوع بيكي لأول مرة , لم نصل إلى هذه المسألة الخاصة , لقد .. انجرفنا عنه , إن كنتِ تذكرين , لقد ولدت بيكي معاقة وحاليا لايمكنها السير دون القضبان الحديدية التي تضعهما على ساقيها . الإعاقة هي جسدية تماما , إنها لا تؤثر على نفسيتها إطلاقا . عندما يصل الأمر إلى الشجاعة الكلية , إنها أكبر و أكثر ضجة من الحياة نفسها . أتصور أن ذلك قد يغير قليلا الصورة التي رسمتها لها في مخيلتكِ ".
" أعتقد أنك تستمد سرورا حقيقيا من اهانتي ؟".
أجابها :" إني لا أفكر في إهانة أحد . لكني أقوم بأي شيء لأدافع عن بيكي و أحميها من المزيد من الأذى . لقد قست عليها الحياة كفاية . لا تحب أن تسمعني أقول ذلك , والحقيقة المجردة أني بصدقٍ تام , لا أفكر بها معظم الوقت كطفلة معاقة . عندما تلتقينها ستعرفين لماذا . إنها ليست موضع شفقة . إنها فتاة جريئة صغيرة . مقاتلة منذ ولادتها . تلك هي الصورة التي ترتسم عنها في الذهن , وليس ماعليها أن تحارب ضده ".
سألته :" ماذا حدث لوالديها ؟".
قال :" لقد وقعا في إحدى تجمعات لبضباب . تلك التي لا يمكن تفسيرها على الطريق العام فقتلا على الفور ".
ابتلعت اليكس ريقها بصعوبة وقالت :" ونجت بيكي ؟".
أجابها :" لم تكن معهما . كانت في ذلك الوقت في المستشفى تستعيد صحتها من إحدى العمليات العديدة التي خضعت لها . كان جاك وتريسيا هناك , بالطبع . لكن احتاجا إلى بعض الأشياء من المنزل , وحالما تعدت حالة الخطر عادا إلى ساسكس ليأتيا بها . كانا في طريق عودتهما إلى لندن عندما حصل لهما ما حصل . لقداعتادت بيكي على المستشفيات , إنما كما يمكنكِ أن تتخيلي أن هذه العملية قد خلفت آثارا مختلفة في نفسها عن غيرها . وستعاود الدخول إلى المستشفى ثانية في غضون ستة أشهر . تستطيعين تصور الخطر هذهِ المرة . ستتذكر أن المستشفى مرتبط بفقدانها أناسا أحبتهم . لذلك , عندما أظهرت هذا الحب لجواد الكارماغ , قررت أنها يجب أن تحصل على واحد , ربما إن استطاعت أن تحد تفكيرها في العودة إلى جوادها المحبوب , لن تنجرّ بذلك إلى التفكير في أمور أخرى ".
عندما لم تجب اليكس استدار لينظر إليها ورأى الدموع تنهمر من عينيها . قال برقة :
" لا تبكي . إن بيكي لا تبكي على نفسها , إنها تكره أن يبكي لأجلها أي شخص آخر ".
تنهدت وقالت بصوت مخنوق :" لا تكن لطيفا معي ". وبدا بكاؤها جديا .
" أليكس !". بدا ناسيا من تكون للحظة , وضع ذراعه حولها و أمال برأسها على قميصه القطني و أخذ يداعب شعرها ليتركها تبكي وتبكي . شعرت أنها اكثر ارتباكا كما لم تكن مرة في حياتها . لماذا كانت تبكي ؟ جزئيا من أجل بيكي , ولكن أيضا على الورطة التي وجدت نفسها فيها .
استدارت يائسة وتعلقت به كطفلة مذعورة , ودفنت رأسها بقوة عند عنقه . ظنت في البداية أن ذراعيه قد أحكما الطوق حولها , لكنها تيقنت لاحقا أنه كان يبعدها بلطف وثبات بعيدا عنه .
قال لها ضاحكا :" دعينا لا نتخطى القمة ".
تحولت مشاعر اليكس المرتبكة ثانية وانفجرت غضبا .
قالت ماجال في خاطرها عن كل شيء بتناقض يفتقر غلى العقلانية :
" بالطبع , كان علي أن أتذكر بأن آل ويكفورد ليس لديهم شعور بل سعة دم بارد فقط لاتخاذ القرارت ".
تغيرت ملامحه وسألها بخبث :" هل هذا هو رأيكِ السديد أو أنه واحد من أخطائكِ الفاضحة ؟ لنرى إن كنت أستطيع إقناعكِ بطريقة أخرى ".
كان هناك وقت مختصر لنظرة خائفة من عيون متأججة . دُفعت اليكس إلى الوراء على العشب فيما كان يضغط عليها بثقله , وقد هوى عليها بقبلة و كأنه يعافبها بقساوة لم تستطع معها أن تطلق صرخة حذر . وتنفست أخيرا بعياء . فقد أفلتها وجلس ينظر إليها باحتقار .
سألها بقساوة :" هل اكتفيتِ بهذا ؟".
ردت عليه فيما كانت تلملم نفسها المهانة بسرعة :" لم يكن ذلك شعورا ! بل كان قوة وحشية . وأعني وحشية ".
نهض واقفا وقال :" اعطيتكِ ما تطلبينه , والآن لا تريدين ذلك . أنتِ متقلبة ولا يوقف لكِ على حال مثل أختكِ , لكت على الأقل يبدو أننا وضعنا حدا للأعاب البيانية . لذا ربما يمكننا أن نقوم بشيء مفيد وننهي هذهِ النزهة اللعينة ".
انتظر حتى تمكنت من الوقوف على قدميها , ثم سار أمامها عن الهضبة . تبعته اليكس وهي تناديه بصوت يملؤه الغضب قائلة :
" أرجوك , أريد العودة إلى المنزل ".
صح غاضبا :" لا تقلقي ! لقد نلت الكفاية أنا أيضا ".
فكرت اليكس وهي تحزم أمتعتها في غرفتها في القصر أن ما آلمها أكثر من الشفاه المجروحة والكبرياء المهان , معرفتها بأن حتى تلك الذكرى المهينة كانت أمرا واضحا أرادت التعلق به .
لقد ضبطت نفسها متلبسة وهي تمسك علبة الثقاب التي رمتها داخل حقيبتها في المطعم حيث تناولا الطعام . كانت دعاية للمطعم وقد رسمت عليها صورة للمبنى الحجري للمطعم ؟
وضعتها جانبا مع شريط القبعة الأحمر الذي يربط قرني الثور , مزدرية نفسها " مفسدات المرأة " كلاهما تذكاران ليس فقط عن الرأس ذي الشعر اللامع والعينين الرماديتين اللتين تنتقلان بين حرارة الفضة وبرودة حجر الصوان , بل عن ضعف ولائها وخيانتها الأولية , ربما يستحقان الاحتفاظ بهما كتذكار وخاصة تلك الاخيرة.
تنهدت بصعوبة وغطت التذكارين الصغيرين مع الكثير من القطع العاديه , لو أنها لم تقابل ليز قط مهما كانت الصعوبة في العودة إلى الديار كانت أفضل لديها من أن تجد نفسها في نفس الوضع الذي كانت فيه أختها . وقد سحرها الرجل المستحيل بسهولة , كم هي حمقاء . لقد عرفت من تجربة ايلين الحزينة , أن لا خير بأي نوع من الترابط بين عائلتي ليوارد وويكفورد . مع ذلك فقد سمحت لنفسها أن تحترق بالنار التي لم يكن عليها قط اللعب بها .
تنهدت ثانية . مهما يكن , فقد انتهى الأمر . غدا العودة إلى انجلترا , حيث البيت والأمان وفرصة اكتشاف حقيقة المثل القديم القائل :" بعيد عن العين , بعيد عن القلب ".
رفضت كريستين كل عروض المساعدة بتحضير طعام الحفلة , قائلة بما أن اليكس هي واحدة من ضيوف الشرف لذا عليها الحضور فقط لتجد كل شيء كمفاجأة ضخمة.
أخبرت أن غرفتي الطعام والجلوس قد فتحتا على بعضها البعض وخيارها الوحيد السماح لها برؤية واطعام الجوادين وتأمين الراحة لهما وأن تأخذ قدر ماتشاء من الوقت استعدادا للحفلة .
لذلك كانت اليكس المهندمة والأنيقة التي غادرت غرفتها عند السابعة والنصف عازمة على إخفاء ملامح روحها المبعثرة وراء طلتها المحببة . كانت ترتدي ثوبا رائعا أسود اللون عاري الكتفين , وقد لف جسدها النحيف . ياقته المربعة تدلت منها شرائط تقاطعت فوق بشرة ظهرها التي لوحتها أشعة الشمس لتثبت مع الزرين الذهبيين المرصعين , الزينة الوحيدة للثوب الأسود .
بدا شعرها النحاسي اللون بلمعانه مقابل بساطة الثوب الأسود . بمنأى عن الرباط الذهبي اقتصرت حليها على قرطين لهما شكل الحبيبات من الأجراس الذهبية الصغيرة والصوت الناعم الذي تحدثه , جعلها تبدو وكأنها قادمة من عالم آخر .
شق تيم طريقه وسط الضيوف المجتمعين حالما دخلت غرفة الجلوس وجال معها معرفا عن كل شخص بمفرده .
سأل ممازحا آخر شخصين عرفهما بها :" هل تعتقدان وأنتما تنظران إلى هذهِ الآية من الجمال بأنها قادرة على العمل الشاق في الاسطبل كأي رجل عادي ؟".
تناهى ذلك إلى مسمع جان بول والذي همس قائلا بنعومة في أذنها بعدما انتحى بها جانبا :" تبدين جميلة الليلة , أيتها الأميرة ".
قال ماركوس وقد انضم إليهما :" هل تضع عليك سحر فرنسا القديمة يا جان بول ؟".
واستدار نحو اليكس قائلا :" عمتِ مساءا يا اليكس , أرى التكلف بادٍ عليكِ".
قال جان بول :" هل هذهِ هي فكرة الرجل الإنجليزي نحو ملاحظة الاطراء ". فيما التفت يده حول ذراع اليكس بطريقة استملاكية , أضاف :
" لا عجب إن وفدت الفتيات الانجليزيات إلى هذه البلاد وهن في أمس الحاجة إلى ذلك".
قال ماركوس ببرود :" حاجة ماسة ؟ اعتقدت أنها نظرة النفور نحو كل أمر تافه يسمعونه . تذكر أنهن لم يتبعن حمية تجاه ذلك من المهد ".
ضحك جان بول بسخرية طويلا , لكن جوابه يشوبه مسحة من الخبث حيث قال :" طالما أن هناك تفاهما بينكما معشر الانجليز , سأجرب بعضا من كلماتي الجميلة على اليكس خلال العشاء وأرى ماذا ستفعل بها , آوه , هل أرى شقيقتي تحاول أن تسترعي انتباهك يا ماركوس ؟".
فيما استدار ماركوس لينظر إلة الناحية التي كان جان بول يشير إليها . قام الرجل الفرنسي وقد وضع اصبعه على شفتيه , ودفع اليكس عبر الباب نحو غرفة الطعام.
شعرت اليكس أنها أسيرة معركة حامية الوطيس على وشك الاندلاع . كانت تشعر أن ماركوس على أهبة الاستعداد للمقاتلة مع أي كان , وسرت أن تكون بعيدة عنه , لكنها كانت قليلة الصبر تجاه مزاح جان بول .
أخبرته قائلة :" لا أتذكر أني وعدتك أن أكون رفيقتك على طاولة العشاء ".
" ليست طولة , إنما عشاء مفتوح . لكنكِ وافقتِ أن تشاركي إن سألتكِ , أليس كذلك ؟ كيف يمكنكِ مقاومتي ؟".
قالت:" بسهولة . لكن لا أستطيع مقاومة طعام آلبرتين اللذيذ , لذا سأوافق على أن تكون رفيقي الطارئ ".
قال لها :" جميلة وقاسية ! تآلف آسر وحالة دراستها أمر ممتع . لكن دعينا نأكل أولا . بالمناسبة لا تنظري تجاه ماركوس وأنتِ تأكلين فقد تسبب لكِ ملامحه عسرا في الهضم ".
ضبطت اليكس ماركوس عدة مرات خلال السهرة وهو يحدق بها بنظرته الخطيرة لكنه لم يلقِ نظره مرة أخرى على جان بول , كما أنه مر وقت طويل دون أن يقوم بأي محاولة ليصبح قريبا منها , أخبرت نفسها أنها مسرورة لذلك , لكنها كانت تعرف موقعه بالضبط في الغرفة , وبماذا يفكر من دون أدنى تساؤل يساورها .
كان تيم قد أوصل الأنوار بين الأشجار في الجهة الغربية . وقد مد خطا فوق الخندق المائي حيث يمكن عزف الموسيقى للرقص كانت اليكس تشعر برغبة ملحة لذلك وعمل جان بول على أن يبقيها تراقصه ملتصقة به طوال الوقت .
سألته اليكس عندما أفرط في إضفاء سحره الفرنسي عليها عندما رقصا قريبين جدا من ماركوس ورفيقته :" هل أنت مضطر لتفعل ذلك ؟" .
قال :" لمَ لا ؟ قد أكون خاسرا معكِ , يا حلوتي , ولكني أنظر إلى مهمتي في الحياة وهي تحريك مشاعر أكبر عدد ممكن من الرجال الانجليز . إلا إذا كنت مخطئا , فإن صديقنا العزيز ماركوس قد نال كفايته من تحريك المشاعر لهذه الليلة بحيث أنه متوجه نحونا الآن يحدوه العزم الكبير . استعدي للمواجهة ياعزيزتي اليكس ".
ربت ماركوس على كتف جان بول قائلا :" امضي في طريقك , هذه الرقصة لي ".
تابع جان بول رقصته وقال :" ماذا يحدث إن لم أوافق ؟".
قال ماركوس بصوت حاد وابتسامة مصطنعة :" سأرميك في الخندق المائي . لا تشك في ذلك ولو ثانية واحدة ".
تنخى جان بول جانبا وقال :" انني لا أرغب أن نبدو كلانا سخيفين , طالما أنك وضعت بهذا الاطار الجميل يا ماركوس ..". نظر بتمعن نحو اليكس وانحنى ساخرا تجاه ماركوس .
قالت اليكس بشدة فيما دفعها بقسوة بين ذراعيه :" ها أنت ترمي بثقلك يا ماركوس ".
قال بخبث :" ليس بأكثر مما يستحق ذلك المزاجي الساخر والمغرور ! ".
فيما يده على ظهرها تدفعها نحوه بقوة أكثر وقد خشن صوته بالفرنسي المفضل لديكِ وكأنكِ شريط لاصق خلال الرقصتين السابقتين . ربما يمكنكِ ايقاف أبحاثكِ بأننا قطبا المغناطيس المتنافران ".
قالت اليكس :" أعتقد أن ذلك هو ما نحن عليه "ز لكن جسمها رفض الانصياع لأوامر عقلها وسمحت لنفسها أن تذزب بين يديه .
لِمَ الحال هكذا ؟ سألت نفسها يائسة فيما تحرك ببطء على أنغام الموسيقى . هل هو الانجذاب نحو الممنوع . هل كان المستحيل أكثر فتنة من الحاضر المتوفر ؟".
فليس ولائها لشقيقتها ووالدها ولا اهتمامها المعقول بمصلحتها الشخصية بدا عاملا ضد الاعتداء المحير على حواسها عندما لمسها . وشعرت أنه كلما أسرعا في العودة كان ذلك أفضل . والمحير في الأمر بالرغم من تركيزها على هذه الفكرة , إن جسمها كان متيقظا بكل حواسه ويتمنى ألا تنتهي هذه الرقصة أبدا ليبقى ملاصقا لجسمه .
انتهت الاغنية وتبعتها أخرى . قامت اليكس بمحاولة فاشلة لتحرر نفسها من الذراعين اللتين أمسكتاها بقوة .
قالت عاجزة :" لقد نلت مرادك ضد جان بول , فلماذا الإصرار على مواصلة الرقص معي ؟".
قال بصوت ساخر :" لأقنع كل واحد أن الأمور على مايرام . إنها حفلة كبيرة ونحن نمضي وقتا رائعا ".
وضغط عليها لتلتصق به أكثر , وتوالت الموسيقى وبقيا يرقصان دون كلام . وعندما شارفت الاسطوانة على الانتهاء أحست اليكس بإطلاق سراحها ونظرت إليه وهي منذهلة .
قال وهو ينظر إليها برقة :" أعتقد أن ذلك قد أوفى بالغرض . شكرا لكِ يا آنسة ليوارد على هذه الرقصة الممتعة . يمكننا الالتحاق بما تبقى من الحفلة الآن ".
لم يقترب منها ثانية حتى غادر الضيوف , فيما وقفا هما وجان بول , تيم وكريستين يلوحون بأيديهم للضيوف المغادرين وهم يراقبون أنوار السيارات تنير السيارات تنير الأشجار وهي تشق طريقها في الظلام الواحدة تلو الأخرى .
عادوا إلى الداخل ليرتبوا الأشياء دون اهتمام ويأووا إلى الفراش تاركين التنظيفات الجدية إلى الصباح .
قالت كريستين :" كم يكون جميلا أن تكوني بيننا ثانية . هذا ما آمله , أنا متأكدة أن ماركوس سيصحبكِ ثانية لرؤيتنا ".
قالت اليكس بخيبة أمل :" لا , لن يقوم بذلك فعلا . الحقيقة أن علاقتنا علاقة عمل فقط . أما كأفراد مستقلين فنحن قطبان متباعدان ".
أمالت كريستين برأسها وهي تتأمل اليكس وقالت :" رأيتكما ترقصان سوية . فلغة الجسدتعبر أكثر من الكلمات ".
توردت اليكس وقالت :" لكن قد تكون كاذبة . كنت نصف نائمة , هذا كل ما في الأمر ".
قالت كريستين بمرح وتسامح :" يا حبيبتي اليكس , أعرف مثلاً انجليزياً يقول :" قص ذلك على البحارة " وهذا جواب مناسب تماما لعذركِ ! على أية حال سوف نرى ".
وقف كل من ماركوس واليكس جنبا إلى جنب متكئين على حافة المركب دون أن يتكلما وكل منهما غارق في تفكيره . كانا يراقبان المرفأ الفرنسي وهو يختفي تدريجيا عن أنظارهما كلما ازداد المركب ابحارا في اليم .
سألها ماركوس فجأة :" هل قررتِ ماذا ستفعلين . أعني فيما يتعلق بالعمل ".
" تقريبا , أود الاستمرار في العمل الطبي , وسأحاول أن أحصل على وظيفة أخرى في مركز الصحة الوطني ".
قال :" لقد فاجأتني ".
أجابت :" لماذا ؟ لقد تدربت في مركز الصحة الوطني ".
نظر إليها وقال :" اعتقدت أنكِ قد تهتمين بمصلحتكِ الشخصية لجني المال من خلال خدمات طبية خاصة ".
أجابته بسأم :" حسنا, لقد كنت مخطئا ". دون أن تهتم للمعنى الضمني الجارح الذي تضمنته كلماته .
أخذا ينظران بصمت إلى طيور النورس فوق مجرة المركب . وقد بدأت تشعر بثقل الصمت الذي يسود بينهما .
قالت اليكس أخيرا :" لابد أن بيكي قلقة الآن ".
قال :" لقد جعلتني أحسب بالضبط كم تستغرق رحلتنا من نيو هافن إلى المنزل , كما أنها أوضحت لي أنها تتوقع وصولنا على صهوة الجوادين . هل لي أن أطلب منكِ أن تقومي بذلك ؟".
نظرت إليه اليكس وقالت :" أنت الرئيس ".
قال لها بقسوة :" لقد كنتِ متعاونة جداً , إني آسف لأن رحلة العودة قد طالت مدتها ".
هزت كتفيها وقالت :" لم يكن ذلك غلطة أحد منا ".
انتصب في وقفته وقال :" أوشكت رحلتنا على النهاية الآن . على أية حال , بعد ثلاث ساعات ونصف نصل إلى المرفأ . ثم نقطع مسافة هي قصيرة جدا إذا ما قورنت بالمسافة التي قطعناها , سأذهب لتناول القهوة , هل تأتين ؟".
كانت عينا مازالتا تنظران نحو الشاطئ الفرنسي الذي كان يختفي تدريجيا وقالت :" ليس الآن , سأنزل بعد برهة ".
فارقها دون أن يحاول اقناعها بمرافقته , لقد شعر على الأرجح بالارتياح لتركها كما كان شعورها لمغادرته .
حالما يصلان إلى ساسكس حيث جذور النزاع بين عائلتي ويكفورد وليوارد , حينها ستكتشف سبب اضطراب عواطفها المرتبكة , النادمة عن وجودها على أرض غريبة وتقارب غير مرغوب به ... ونفحة صغيرة من القدر .
رسى مركبهما في نيوهافن في وقت مبكر بعد ظهر ذلك اليوم , وكانت الشمس على وشك المغيب عندما مرّا بالبلدة متجهين نحو وادي شكمير حيث شاستس , منزل ماركوس , الذي يربض في ثنايا الدونز .
اعتمر ماركوس قبعته فيما كانا يستعدان للركوبة الأخيرة عبر الطريق المتبقية للوصول إلى شاستس .
كان شكل المنزل طويلا , وقد امتدت نبتة معترشة فوق بابه وعبر الكلس الأبيض طليت به الجدران بين الأرض ونوافذ الطابق الأول .
لم يكادا ينعطفان نحو الطريق الخاص حتى ظهر طيف صغير عند مدخل البيت وقد هرع نحوهما . دون أن يعيقها المسماكان اللذان كانا في ساقيها الهزيلتين . كانت الفتاة تقريبا فوق تقريبا فوق الأرض قفزا حتى وقفت أخيرا دون خوف في طريق الجوادين . كانت تبدو رقيقة وهزيلة , شعرها الأسود المجعد معقوص إلى الوراء بعقدة عريضة واحدة والإثارة تملأ عينيها .
عندما توقف الجوادان , ذهبت مباشرة نحو ميسترال ومدت يدها لتمسك لجامها , أخفضت الفرس رأسها بفضول لتتحقق من الوجه الصغير المشرق , تنفست برقة على عنق الطفلة و أطلقت صهيلا خافتا , أطلقت الفتاة الصغيرة تنهيدة رقيقة , ويدها تلاعب شعر عنق الفرس الأبيض وهي تضع وجهها على خطم الفرس .
ترجلا . اليكس و ماركوس , عن ظهر الجوادين وقال ماركوس بمرح :" مرحبا , يابيكي ! لاحاجة لأن اسأل من يأتي في الطليعة عندك!".
قالت بصوت مكتوم وقد تعلقت بساقه :" آه يا عمي ماركوس ! إنها رائعة ! " ومدت يدها لتلامس لاسكو وأضافت :" وأنت أيضا ".
ابتسم ماركوس ابتسامة عريضة , وبدا لاليكس أنها ترى رجلا مختلفا الآن , لطيفا وغير معقد . حين قال :" لاشك أنهما وجدا استحسنا لديكِ يا آنستي الصغيرة ".
لاحظت بيكي وجود اليكس فابتسمت لها ابتسامة خجلة .
قال لها ماركوس :" هذهِ اليكس , التي اهتمت بميسترال طوال الرحلة إلى المنزل , إنها قادرة على إخباركِ كل شيء عن حسناتها وسيئاتها ".
ابتسمت اليكس لها ابتسامة مطمئنة وقالت :" مرحبا , يا بيكي . لا تقلقي , إنها لا تملك أية سيئات طالما أنتِ تذكرين أن تضغطي لجامها وقدميكِ عليها برقة ".
قالت بيكي بجرأة تامة :" ذلك من حسن حظي , فساقاي الضعيفتان سوف تناسبانها تماما , إذا . هل لي أن امتطيها إلى الاسطبل , يا عمي ماركوس ؟ أرجوك ! لقد جهزنا أنا وآنا الحظيرتين ووضعنا فيهما بندقا وتبنا وماء وكل شيء".
نظر ماركوس نحو المنزل وقال :" أين آنا ؟ اعتقدت أنها ستكون جزءا من فرقة الاستقبال ".
قالت بيكي بلا مبالاة :" كان عليها الرحيل . تركت لك رسالة تخبرك عن ذلك . أرجوك هل لي أن امتطي ميسترال ؟".
قال :" لحظة إذا , من معكِ إن لم تكن آنا موجودة ؟".
قالت :" كانت السيدة آلرتزن هنا طوال اليوم كل شيء على مايرام حقا , يا عمي ماركوس . أرجوك هل لي ... "".
رفعها إلى فوق سرج الفرس وقال :" فقط إلى الاسطبل , واليكس سوف ترافقكِ , لأن هذا السرج غير مناسب لكِ ".
استدار نحو اليكس ليقول :" هل تمانعين ؟ يجب أن أرى ماذا يجري هنا . آنا هي المسؤولة عن كل شيء هنا ".
امسكت اليكس بميسترال جيدا , فيما رسن لاسكو في يدها الأخرى وقالت :" سنكون بخير , هيا يابيكي ".
ناداهما بعد أن انطلقت قائلا :" بعد اعادة النظر , أرى أنه من الأفضل أن تضعا الجوادين في الحقل في الوقت الحاضر , لدي شعور أنه لن يكون هناك متسع من الوقت لتدريبهما بشكل جيد الليلة ".
كان في إمكان اليكس أن تعرف على الفور , عندما عادت هي وبيكي إلى المنزل أن ماركوس قلق جدا , لكنه تجهم وأشار لها بهدوء ألا تطرح أية أسئلة . طلبت بيكي من اليكس أن ترافقها إلى الطابق العلوي لترى غرفة نومها . لذا مرت نحو نصف ساعة قبل أن يتمكن من إخبارها عن المحنة التي وقع فيها .
قال لها :" لقد أصيبت شقيقة آنا بنوبة قلبية , وليس هناك من أحد ليهتم بها سوى آنا وتعتقد أنها لن تتمكن من العودة قبل أسبوع . اتصلت بالوكالة التي أح رت منها آنا , لكن الأمر لا يبدو مشجعا جدا. كل الأشخاص الدائمين لديهم في وظائفهم , واثنتان من ممرضات الطوارئ مصابتان بالانفلونزا . اللعنة على المتاعب ".
مرر يده بحيرة في شعره ثم نظر إلى اليكس وأضاف :" لا بد أنكِ تريدين المغادرة . يبدو أن هناك وجبة طعام جيدة في انتظارنا . قد يعاودون الإتصال من الوكالة , لذا ربما علينا أن نأكل ".
أتى اتصال الوكالة في منتصف تناولهما الطعام . عاد ماركوس في أثره وهو يبدو متجهما .
قال :" أخشى من أنه لا يوجد مفر . العرض الوحيد الذي استطاعوا تقديمه للأسبوع القادم هو تأمين شخص من الثلاثاء حتى الخميس . ذلك ليس كافيا . ببساطة علي العودة إلى العمل نهار الأثنين و أخذ فرصة بقية الأسبوع كله , علي تحضير بيانين نهائيين مهمين ".
سألته :" ماذا عن السيدة التي كانت هنا اليوم ؟".
قال :" السيدة آلرتون ؟ إنها تعمل عند أناس آخرين أيضا . كان توقيت حالة الطوارئ التي حصلت اليوم جيدا , لأنه نهار السبت , لكنها لا تستطيع التخلي عن التزاماتها الأخرى طوال الأسبوع ".
أخذ يتناول بعض الفراولة بصمت لفترة من الوقت فيما طانت اليكس منشغلة بأفكارها الخاصة . كانت على وشك أن تتكلم عندما قال :" أفكر في شخص أو اثنين من الأشخاص المحليين قد يشغلون هذه الوظيفة لمدة أسبوع , عندما يحين موعد تناول القهوة , سأتناولها في مكتبي , إن كنتِ لا تمانعيم وأقوم ببعض الاتصالات ".
استطاعت اليكس سماعه , فيما كان يرتشف قهوته وهو يجري اتصالا تلو الآخر , ومن التحركات التي تناهت إلى مسمعها عرفت أنه لم يلق تجاحا ".
قال بمرارة , عندما عاد إلى غرفة الجلوس :" لم يمر علي من قبل أناسا منشغلين إلى هذا الحد . فهم جميعا إما مرتبطون بمواعيد خلال عطلاتهم أو ينتظرون قدوم ضيوف يزورونهم أو مدعوون لحفلات زفاف خلال الأسبوع ".
نظر إليها وقال :" إسمعي , لا تدعي ذلك يؤخركِ , فليست هذه مشكلتكِ , سأوصلكِ إلى المحطة عندما تصبحين جاهزة ".
سكبت له المزيد من القهوة . ثم استجمعت شجاعتها وقال :" أعرف شخصا ليس منشغلا ".
نظر إليها , فقالت ببساطة وقلبها يخفق بقوة :" أنا ".
حدق بها , ثم قال رافضا الفكرة :" تعنين , حسنا , لكن لا أعتقد أن أيا منا يستسيغ الفكرة . أليس كذلك ؟ اعتقد أن الأيام الماضية تضمنت مايكفي من المشاكل دون اطالة الوضع "؟
صدمت اليكس من موقفه , فقالت باقتضاب :" لم أكن أفكر تماما في التفاوض , كنت أقدم عرضا يتناسب مع الظروف الراهنة ".
قال :" أدرك ذلك ". تجهم بتركيز ثم أضاف :" مازال هناك اصدقاء قد يكونون على استعداد لأخذ رعاية بيكي على عاتقهم , رغم أنهم لا يستطيعون العيش هنا . حيث عليهم العناية أيضا بالكثير من الدواجن ".
سألته :" هل تتذكر دواجنك التي اشتريتها مؤخرا ؟ رعاية بيكي عن هنا يعني ابعادها عن ميسترال و لاسكو بهذه السرعة بعد وصولهما مباشرة . ألا يبدو ذلك نوعا مهذبا من التعذيب ؟".
" أقنعيني أنكِ حقا تريدين البقاء ".
قالت اليكس بتوتر "
يمكنك أن تنسى الفكرة . لقد شجعني التدريب الذي قمت به للإستجابة للحالات الطارئة , هذا كل ما في الأمر ".
وقف غارقا في بحر أفكاره لبرهة ثم قال أخيرا :" سأحاول الاتصال بعائلة هاروكورتس " وغادر الغرفة .
تمنت اليكس لو أنها لم تتقدم بعرضها هذا . لقد اكتشفت أنها كانت حمقاء لتفكر في هذا الطلب .
عاد في الحال أشعث الشعر تقريبا . فقال :" أنتِ محقة بما قلته حول الجوادين . أنظري , هل تعتقدين خقا أنكِ تستطيعين تحمل البقاء هنا ؟ أكره أن أطلب منكِ ذلك , لأنني أعرف كيف تشعرين حيال الأمور ".
أجابته بهدوء :" أنت لم تطلب ذلك أنا عرضت عليك , ونعم , أستطيع تحمل البقاء هنا ". ولأن لهجته كانت جارحة .
أضافت :" على أية حال , لن تكون هنا , أليس كذلك ؟ ذلك سيجعل الأمور أسهل ".
تمتم قائلا :" مغرورة كما أنتِ دائما ". تجاهلت ماقاله , وقد شعرت فجأة بتعب شديد .
قالت :" والآن , إن كنت لا تمانع , أريد أن انظف هذهِ الصخون وآوي إلى الفراش . ربما ستريني المكان الذي سأنام فيه ".
قال :" قبل أن أفعل ذلك , من الأفضل أن أذهب و أحضر الرينج روفر أو أنكِ لن تحصلي على بيجامتكِ التي تزينها صورة الفأرة , لاحاجة لأن تزعجي نفسكِ بتنظيف الصحون . في امكاننا أن ننظفها غدا , إن كنتِ تشعرين بالتعب ".
قالت بفظاظة :" غسل الصحون لا يزعجني , إنني فقط لا أشعر برغبة في البقاء هنا والتحدث ".
قال :" حسنا , لن أتأخر ".
حملت اليكس فنجاني القهوة إلى المطبخ . ماذا فعلت ؟ ما الذي دفعها لتقدم ذلك العرض المجنون ؟ وضعت الصحون وهي تعرف تماما الجواب عن هذا السؤال . ولم يكن في الأمر أي عمل نبيل . كانت أمنية جنونية في داخلها , وكم هي نادمة عليها الآن , لأن تستمر تجربة الأيام الماضية , وأن لا يفترقا .
حسنا , لقد كانت حمقاء . والآن عليها أن تدفع ثمن ذلك , كان عليها أن تأمل في أن تتمكن من دفع الثمن .


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس