عرض مشاركة واحدة
قديم 21-04-19, 11:53 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني - عودة الماضي

قفز قلبها من مكانه، ثم أخذ يخفق بعنف.
-
لويس...

هتفت بذلك من بين شفتين بالكاد استطاعتا الحركة، لا... هتف بذلك عقلها..إنها هلوسات..إذ تحلم به صاعدا من أعماق مخاوفها..لأن هذا المكان وجنون أبيها هما مترادفان في عقلها مع هذا الرجل..(لا...)
قالت ذلك مستنكرة بصوت مرتفع.

-
آسف،ولكن..نعم.

أجابها بذلك هازلا بجفاء.لكن هذا الهزل لم يصل إلى ظلمة عينيه،إذ بدأت الغرفة تظلم حولها وتحولت الصدمة في نفسها إلى ذعر مؤلم.

-
اتركني من فضلك.
قالت ذلك وهي ترتجف، متلهفة إلى الابتعاد عنه بعض الشيء لتتمكن من مواجهة الأمر.
-
طبعا.

أبعد يديه عنها على الفور، ولسبب غريب، وجدت نفسها تقارن بين موافقته الفورية هذه، وعدم الاكتراث البالغ الذي أظهره ذلك الغريب في الطابق السفلي عندما طلبت منه الشيء نفسه.
ذلك كان رجلا ذكرها بلويس..رجلا لم يعجبها منذ النظرة الأول، بينما لويس..

وقال ونظره مركز على ماكان يجري خلفها:"أرى الحظ بجانب أبيك"
-"
أحقا؟"
سألته ذلك بارتياب جعل نظراته تعود إلى وجهها.

لكن كارولين لم تعد تستطيع النظر إليه، إن ذلك يؤلمها،لأن لويس يمثل كل ماتحتقره في رجل، التسلط، الكيد،الخداع،الخيانة.

تملكتها فجأة مرارة غمرت كيانها، أرادت أن تبتعد عنه، ولكن، في اللحظة نفسها، بدا الحشد يفعها، متلهفين لتهنئة أبيها، إظهارا لسرورهم برؤية واحد منهم يهزم الكازينو، عادت ذراع لويس تحيط بها تحميها هذه المرة من دفع الناس لها. وجدت كارولين نفسها مضغوطة إلى جسمه بشكل جعلها تتمنى الموت على ذلك.

تصاعدت دقات قلبها وتسارعت أنفاسها، كان ذلك فظيعا. فقد تدفقت الذكريات إلى ذهنها. لقد تحابا ذات يوم، تحابا كثيرا. وها هما الآن هنا، فقد حشرهما الحشد الذي حولهما معا. جاعلا من ذلك أسوأ عقاب يمنيها به القدر بسبب غبائها في الموافقة على العودة إلى هنا.

قالت بلهجة لاذعة ساخرة:" أما زلت تقامر لتعيش، يالويس؟ لا أدري ماالذي ستفعله هيئة الإدارة إذا علموا أن لديهم، في ناديهم، مقامرا محترفا"
ضاقت عيناه السوداوان،ولأنها كانت مرغمة على الالتصاق به، فقد شعرت بجسده بتوتر..ثم سألها بحذر:"هل هذا تهديد مبطن منك؟"

أهو كذلك حقا؟
سألت كارولين نفسها، مدركة أن كل مايلزم لذلك هو كلمة هادئة لهيئة الإدارة، فيخرجوا لويس بهدوء حازم من هذا المكان، ولكن..

-
كان هذا مجرد سؤال.

وتنهدت عالمة بأن ليس لها الحق في انتقاد لويس فأبوها يماثله سوءا.
أجاب:"إذن، الرد على سؤالك هو..لا فأنا لست هنا للعب"
لكنها لم تكن تصغي إليه.فقد خطرت لها فكرة مفاجئة، فكرة جعلت قلبها يقفز في صدرها. فتمتمت بسرعة: "لويس..إذا تحدثت بهدوء إلى مجلس الإدارة بشأن أبي، فهل سيمنعونه من الاستمرام في المقامرة؟"
فقال هازئا:"ولم يمنعونه؟ هو ليس محترفا، بل مجرد رجل تحولت رذيلته إلى هاجس"

أكملت تقول وهي ترتجف:"هاجس انتحاري"

أخذت يده التي على ظهرها تمر عليه برفق. والأسوأ أنه لم يقل شيئا، كان يعرف أباها.. يعرفه جيدا جدا.
شد ما أكره هذا !

همست بذلك، متمنية لو كان بإمكانها أن تبتعد متظاهرة بعدم حدوث شيء.لكنها لم تستطع، وبشكل ما، بطريقة ما، عليها أن تحاول وضع حد لهذا الجنون من أبيها قبل أن يدمرهما تماما.

قال لويس:"أتريدين أن أوقفه عن اللعب؟"

رفعت بصرها إليه بلهفة:"وهل يمكنك ذلك؟"

أجابها بأن رفع بصره إلى حيث كان أبوها يخرج من بين حشد المهنئين.

ثم قال له :"سير إدوارد"

كان هذا كل شيء، لم يرفع صوته، ولم تتضمن لهجته أي تحد، وإنما مجرد كلمتين هادئتين ولكن كان لهما تأثير كبير إذ توقف بسببهما طنين الإثارة الذي يسود المكان.

كما وقف شعر رأس كارولين وهي ترى أباها يستدير. وفي لحظات الصمت المتوتر الطويلة، شعرت بالصدمة التي تملكت أباها. لكن استفاقته منها كانت سريعة.فقال ببطء: "حسنا، إذا لم يكن هذا لويس..فهي مفاجأة.."

ثقافته في كلية"إينون"، نشأته بطريقة تجعله شاعرا بأهميته على الدوام، وهكذا كانت لهجة السير نيوبري الملوكية مزيجا من التهكم والتنازل جعل ابنته تجفل.لكن لويس لم يجفل وإنما ابتسم ساخرا بجفاء، وهو يقول موافقا: " إنها مفاجأة حقا، أن نلتقي بعد سبعة أعوام، وفي الوقت نفسه والمكان نفسه".
أضاف أبوها بجفاء:"لابد أنه القدر"

والقدر على وشك تغطية ذلك..بهذا أخذت كارولين تفكر.

تابع لويس قائلا:" أرى أنك محظوظ هذه الليلة، فقد أفرغت صندوق مدير اللعبة، أليس كذلك؟"
-
ليس تماما، لكنني سأتمكن من ذلك.

بدا صوتها أبيها، فجأة، منتعشا نشيطا. فاستدارة كارولين بين ذراعي لويس لترى بنفسها تألق عيني أبيها، لكنها رأت رأت أيضا الاعتداد الصبياني بالنفس وهو وهو ينظر إلى وجهها. كان يعلم جيدا مقدار خذلانه لها هذه الليلة، لكن التمرد كان يبدو عليه.

وهذا ماجعل قلبها يتحطم يأسا.

سأله لويس:"كم استطعت أن تربح حتى الآن؟"

لكن السير إدوارد لم يهتم حتى بإلقاء نظرة على أرباحه، فقال:" تعلم أن عد الأرباح يجذب النحس، يالويس"

-
إذا كنت تشعر بأنك محظوظ حقا، مارأيك في اللعب معي؟ فتضع جميع ربحك في دورة العجلة التالية، فإذا أنت ربحت، سأضاعف المبلغ ثم ألاعبك بالمبلغ كله في البوكر، هل يعجبك ذلك؟

أضاف ذلك يستحثه، متجاهلا شهقة احتجاج كارولين.

بدا الفضول على المستمعين، وجمدت كارولين مكانها. هل يسمي لويس هذا (إيقاف عن اللعب؟). لم تشعر قط بمثل هذه الخيانة. بما في ذلك آخر مرة خان فيها لويس ثقتها به.

-
لا

همست بذلك وعيناها تتوسلان إلى أبيها بألا يطيع لويس. لكنه لم يعد يشعر حتى بوجودها، وكانت تعلم بالضبط ماكان يقوم به. فقد كان مشغولا بعد أرباحه في ذهنه ثم مضاعفتها مرة بعد أخرى، ليلعب مع لويس بلعبة تدرك هي مقدار مهارة لويس فيها.

-
ولم لا؟

لقد قبل التحدي.وعندما حدقت ابنته فيه بذعر،استدار إلى مدير اللعبة قائلا ببرودة:"فلنبدأ"
وعادت العجلة إلى الدوران.

وكانت كارولين تشعر بلويس خلفها وهو يراقب الأمور من فوق رأسها. بينما وقف أبوها أمامها، هادئا ظاهريا. وقد بدا عليه عدم الاكتراث البالغ بالنتيجة النهائية، ومع أن حياتهما متعلقة بذلك..بدا كأن كل الموجودين في الكازينو قد وقفوا حول المائدة جامدين حابسي الأنفاس يراقبون نتيجة اللعبة. لم يكن بينهم شخص يعتقد بـن بإمكان السير إدوارد أن يربح إذا راهن على اللون الأحمر نفسه للمرة الرابعة. خصوصا كارولين التي قالت للويس وهي تخلص نفسها منه: " لن أصفح عنك قط لهذا الأمر".

تركها تذهب، لكنه بقي واقفا خلفها مباشرة. ثم وقفا كلآخرين يراقبان العجلة وهي تتباطأ، ناظرين إلى تلك الكرة التعسة وهي تتقافز من لون إلى آخر.

وكان هذا أسوأ هذاب عاشته.أدركت أنه ما كان لهما أن يحضرا إلى هنا.لقد دأبت على القول لأبيها مرة بعد أخرى بأن "ماربيا" عي آخر مكان على الأرض عليهما أن يبحثا فيه عن الخلاص،لمنه لم يصغ إليها. كان بائسا، والرجل البائس يقوم بأعمال طائشة، وكل ماقاله لها: "ليس أمامنا خيار! فالشركة الممولة التي اشترت كل ديوننا مركزها في ماربيا، وقد رفضوا الحديث معنا إلا إذا ذهبنا بنفسنا. لذا علينا الذهاب إلى هناك، كارولين"

-"
وديونك في القمار؟ أتراهم وضعوا أيديهم الجشعة على كل تلك أيضا؟

احمر وجهه حينذاك لشعوره بالذنب، وقال بشراسة كعادته كلما واجهه أحدهم بعدم كفاءته:"هل تريدين المساعدة في وضع حد لهذا المأزق الذي نحن فيه أم لا؟"

وكانت تريد ذلك ولكن ليس بهذه الطريقة، ليس بالمقامرة بكل ما يملكونه بوضعه على عجلة الروليت الغبية.
عاد رأسها يدور، وتسرب الدم من رأسها ببطء وكأن تلك العجلة المتباطئة تعتصره، ثم إذا بذلك يتوقف فجأة.وساد القاعة صمت شامل حتى قال السير إدوارد بهدوء بالغ: " إنها لي، كما أظن".

ودون أن تنطق كارولين بحرف، سارت مبتعدة تاركة الشجار ينفجر خلفها.

كم تراه ربح؟ لم تعلم. متى سيلاعب لويس؟ لم تكن تهتم، حتى الآن، بالنسبة إليها هذا الأمر التعيس كله قد انتهى حقا. لقد نالت مافيه الكفاية وأكثر، ولن تضع قدمها في مكان كهذا قط، بعد الآن.

وليس هذا فحسب إذ كانت تشعر بالاشمئزاز من نفسها لاقتناعها بالمجيء إلى هنا. كان عليها أن تعلم أنه لايستطيع الوفاء بالوعد. كان عليها أن تعلم أنه لايهتم حقا لما يحدث لهما مادام يحصل على متعته.

انغلق باب الكازينو الدوار خلفها، أما هي فسارت نحو السلم بعينين متألقتين وفم متوتر وجسم متخشب ناوية الذهاب إلى جناحهما لكنها أدركت فجأة أن ليس بإمكانها أن تفعل هذا، لا تستطيع أن تعود إلى هناك تنتظر الحلقة الأخيرة في تنقيب أبيها عن دمارهما الكلي، ودون تفكير، وجدت قدميها تتجهان، عبر الردهة نحو الباب المواجه للكازينو.

توقعت أن تجد غرفة بركة السباحة مقفلة في هذا الوقت من الليل لكنها لم تكن كذلك. رغم أن الأضواء كانت خفيفة إلى أدنى حد، وهكذا كانت البركة نفسها مضاءة، ولا أحد بجانبها.
خلعت حذاءها ثم ثوبها، ووضعتهما على كرسي قريب، ثم غاصت في المياه.

لماذا فعلت هذا؟ لاتدري. فهي لم تهتم بأنها غاصت مرتدية ملابسها الداخلية وجوربيها.. أخذت فقط تغوص في الماء وتعلو كشخص يريد أن يفوز بميدالية.

كانت تؤدي دورتها الأخيرة في السباحة عندما رأت لويس جالسا على كرسي بجانب الكرسي الذي وضعت عليه ثوبها، نظرت إليه ببرودة بالغة وهي تتابع السباحة, وكان موجودا بعدما قامت بجولتها السادسة في الماء، وبقي حتى جولتها الثامنة، ثم العاشرة ولكن التعب حل بها أخيرا وأخذت تلهث فتوقفت لتتنفي. وضعت ذراعيها متصالبتين على حافة البركة، ثم أسندت جبينها عليهما وبقيت بهذا الشكل حتى خف لهاثها.

سألها بهدوء: " هل يشعرك هذا بالتحسن؟"
-
لا
أجابت بذلك، لترفع وجهها أخيرا وتنظر إليه: "وهل تشعر أنت بذلك إذ تتفرج علي؟"

فأجاب ببساطة:" إنك ترتدين من الملابس أكثر مما ترتديه معظم النساء اللواني يسبحن في هذه البركة".

-
لكن السيد المهذب ينسحب بأدب ما أن يرى الفرق.

-
ونحن كلانا يعلم إنني لست سيدا مهذبا.

وابتسم

أتراها استدرجته للاعتراف بذلك؟ نعم. لقد فعلت هذا.وسرها أن تجعل لويس يعترف بحقيقته.
-
أين أبي؟

-يعد أرباحه، كما أتصور.
وهز كتفيه بعدم اكتراث.

-
هل أنت مستعدة للخروج من الماء، أم تراك تريدين مني أن أخلع ملابسي وأنضم إليك؟

-
بل سأخرج.

قررت ذلك على الفور، حتى دون أن تفكر في أن قوله هذا قد يكون خداعا، خبرتها السابقة بهذا الرجل الخطر، جعلتها واثقة من أنه لن يتوانى عن النزول إلى المسبح لينضم إليها.

ولم تكن تريد بأي شكل، أن ترى لويس فازكيز على مقربة منها. أخذت تفكر بذلك عابسة وهي تسبح مقتربة من درجات الصعود.

وعندما نهضت واقفة، كان لويس ينتظرها بمنشفة كبيرة بيضاء. أما من أين أتى بها فهذا مالم تعرفه كارولين, ووجدت مرة أخرى أنها لاتهتم بذلك، بدا أن عقلها قد أضرب عن الاهتمام بشيء.

وهكذا صعدت الدرجات وتناولت المنشفة منه بهدوء وشكرته بأدب وبنبرة لاتعبر عن شيء.
لاحظ غياب المشاعر عن وجهها، فقال:"إنك هادئة جدا".
لفت جسدها بالمنشفة، قائلة:" أنا أكرهك وأحتقرك، هل هذا ينفع؟"

ثم انحنت تعصر شعرها.

قال عابسا:"هذه بداية.هل تريدين منشفة أخرى لتجفيف شعرك؟"

أخذت تمشط بأصابعها خصلات شعرها، ثم ألقت رأسها إلى أعلى تبعد خصلة شعر عن وجععا. كانت السباحة قد محت معظم زينةوجهها ولم يبق منها إلا الكحل حول عينيها فبدتا وكأنهما ملوثتان بالسخام في وجهها الناصع البياض.

قالت:"لا أريد منك شيئا يالويس، لأن فكرتك عن العظاء هي أن تقطع اليد التي تمتد إليك".

فقال داسا يديه في جيبي بنطلونه:"آه,,هل اليد التي قطعتها هي يدك؟"

لم تشأ الحديث عن ذلك، وهكذا ابتعدت عنه لتأخذ ثوبها عن الكرسي ثم اتجهت نحو الباب، قائلة ببرودة:"أنا ذاهبة إلى غرفتي.وداعا يالويس وددت لو أقول إن رؤيتك مرة أخرى شيء حسن، ولكنه سيكون كذبا، ولهذا لن أزعج نفسي...."

قال متكاسلا:" ألم تنسي شيئا؟"

وقفت ثم التفتت عابسة حائرة..فما زال واقفا مكانه طويلا رشيقا فائق الوسامة بسمرته الجذابة التي تجعل قلب أي فتاة يهفو إليه.

وهفا قلب كارولين إليه، هي أيضا.فاحتقرت نفسها لتأثرها به وهي التي تعرف حقيقته.

-مازال حذاؤك ومحفظتك هنا.

أشار إليها بلطف، ثم سار ليحضرهما لها. سبق أن ألقت ألكيس على على الكرسي ورفست حذاءها تحته بعدم اكتراث.

ناولها حذاءها ممسكا برباطيه، فتناولته متوترة الشفتين ولكن عندما أرادت أن تأخذ محفظتها، وضعها لويس في جيب سترته. فأمرته بقولها:"أعدها إلي، أرجوك"

لكنه ابتسم لها فقط بكسل وسخرية:"كأنك بهذه اللهجة المتكلفة، مديرة مدرستي"

-
وما أدراك بذلك؟ ألم تخبرني يوما أنك لم تذهب إلى المدرسة إلا نادرا؟"

ضحك برقة راضيا، ولكن كان في لهجته شيء ما وهو يضيف قائلا:
"
آه، عرفت بعض النساء من ذوات الظهور المتصلبة والأعين الباردة"

ذكرها هذا على الفور بكل المؤسسات الخيرية التي عاش فيها في طفولته. وتصورت فجأة صبيا أسبانيا صغيرا وحيدا، أسود الشعر والعينين، تعلم، حتى وهو في التاسعة، كيف يعتمد على نفسه لكي يعيش.
كم من الأسرار تبادلاها في ذلك الصيف الحار منذ سبعة أعوام؟ وهل كل ماأخبرها به كان حقيقيا؟ وكم من الكلمات استخدم ليكسب عطفها في الوقت نفسه الذي كان فيه يسلب أباها أمواله باللعب معه؟

-
لماذا هذا العبوس؟

سألها بذلك بصوت أبح وهو يدنو منها بشكل مقلق. فطرفت بجفنيها ورفعت بصرها إليه, فوجدته مستندا إلى الباب. كانت نيته في أعاقتهاعن الخروج واضحة وهذا دفع كارولين إلى توخي الحذر.
-
أريد المحفظة من فضلك، لويس.

طلبت ذلك بإلحاح، متجاهلة سؤاله ومدت يدها التي كان حذاؤها متدليا من أصابعها.فتمتم يقول متجاهلا بدوره لهجتها الآمرة ويدها الممدوة:"أتعلمين أن عينيك تصبحان رماديتين عندما تغضبين؟"

سرت الإثارة في دمها، فكررت قولها:"محفظتي من فضلك"

منحها ابتسامة حركت مشاعرها.
-
وفمك يتوتر، و . .

فقالت بحدة:"كف عن هذه الحركات الصبيانية"

-
ومثيرة . .







أطلقت زفرة مقصودا بها تبديد ضيقها، ولكنها بدت فقط مشحونة بالمشاعر. وبدأت أصابعها الممدودة إليه ترتجف فسارعت تسوي بها المنشفة الملتفة حولها، وقالت:"سأصاب بالبرد إن بقيت هنا واقفة بهذ الشكل".

وأخذت ترتجف فعلا، رافضة التفكير في ما إذا كان السبب البرد أو شيء آخر. وهذا السبب مهما كان، شغله عن إغاظتها لها، فاستقام في وقفته بسرعة وخلع سترته ووضعها حول كتفيها المبللتين.

شهامته الغريبة هذه أوهنت دفاعاتها، فاغروقت عيناها بالدموع وقالت ضارعة:"لا تشاركه اللعب لويس".
قال وهو يأخذ منها ثوبها وحذاءها:" أعطيني هذا وأدخلي ذراعيك في الكمين وانزعي المنشفة المبتلة هذه . . "

هذا يعني أنه يرفض الإصغاء إليها، وتملكها اليأس وأطاعته دون تفكير، دافعة ذراعيها في كمي سترته، شعرته بدفء البطانة الحريرية على جلدها الرطب البارد، وغمرتها رائحته فجأة. وقالت بصوت مختنق:
"
ظننتك ستساعدني، ولكن مافعلته هو جعل الأمور أسوأ فأسوأ".

-
الجنون يتجاوب فقط مع جنون أشد منه. الطريقة الوحيدة لمنعه الليلة من الاستمرار في المقامرة، هي إعطاؤه سببا جيدا للتوقف، وهكذا سنلعب خلال ساعة، بعيدا عن الفندق، لأنني لست . . .

قاطعته كارولين مادة يديها تضغط بهما على صدره بضراعة وألم:
"
أرجوك لاتفعل هذا! كيف يمكنك أن تفعل هذا بي مرة أخرى؟"

لكن لويس لم يصغ إليها، بل كان يحدق في يديها الضاغطتين على صدره، ثم مد يديه يغطي بهما يديها، وإذا بها تشعر فجأة بحرارة جسده وقوة عضلاته وخفقات قلبه القوية تحت ذلك كله.

هذا القلب الذي كانت تعلم كيف كان يخرج عن طوره عندما ضمها إليه.
جف حلقها، فقد عادت المشاعر تحتدم بينهما. وتحركت يداه تاركة يديها ليشدها إليه وتلامس جسداهما، وصدرت عن كارولين شهقة:
-
لا . .

تأوهت عندما جرؤت على النظر إلى عينيه الملتهبتين، لكنه لم يجب، لقد فات الأوان على كل حال، لأنه أخذ الآن يعانقها . . يعانقها كعاشق . . يعانقها بعنف وعمق كادت تتحطم معه.

فكرت والدموع في عينيها، في أنها افتقدته حقا . . افتقدت مقدار تأثر أحدهما في الآخر . . وتحركت أصابعها من فوق قميصه إلى وجهه تتلمس تقاطيعه, فتجاوب هو بزفرة شدد من احتضانها بشكل انطلقت معه حواسها.

كانت تعلم أن هذا جنونـ لكنها في هذه اللحظات القصيرة، أدركت أن لويس هو لها، وأنها تمتلكه. فإذا قالت له : مت لأجلي يالويس، فسيموت.

ولكن الأهم والأغرب أنها هي أيضا مستعدة للموت من أجله.
-
لويس . .
همست بذلك في أذنه، وكان لهذا الصوت الهامس الرقيق تأثير بالغ فيه.

وسخرت من نفسها . . ذلك أن لويس هو نقطة ضعفها، كما القمار نقطة ضعف أبيها، فالإدمان على شيء يدوم العمر بطوله، قد ينقطع الشخص سنوات عما أدمن عليه ولكن هذا سرعان ماينفجر لدى أقل رشفة. وكانت هي ترتشف الآن ما أدمنت عليه . .

لقد أيقظ عناقه في أعماقها حبا هجع طويلا في عقلها الباطني فهو أول شخص أحبته بل هو الأول والأخير . . الرجل الذي لم تحب سواه، الرجل القادر على سلبها روحها إذا أراد، إنه حبيبها الوحيد , , ولكنها تمنت ألا يشعر بما تشعر به . . وألا يدرك أن تجاوبها القوي هذا دليل على أنه الرجل الوحيد الذي أحبته.

نسيت في خضم هذه المشاعر أنه الرجل الذي دمرها ذات يوم، وغدر بها بشكل لم تستطع الشفاء منه. لم يعد يهمها أبوها. وماسيقدم عليه، ولم يعد يهمها أن لويس قد يغدر بها مرة أخرى.

كانت في الواقع، من الضياع بحيث لم تفهم معنى القرع على باب قاعة البركة الذي تصاعد، حتى استقام لويس فجأة ثم سار ومازال يحتضنها نحو الباب بشقه.

أخذت تشعر بالذعر من قوة العاطفة والمشاعر التي تجمع بينهما، سبع سنوات مرت على فراقهما وهاهما يلتقيان ويتدفقان شوقا إلى بعضهما بعضا وكأنهما جائعان وقعا على وليمة.

بدا لها هذا عملا من البذاءة والعار، وهذا ماجعلها تدس وجهها في كتف لويس خجلا، داعية إلى الله ألا يكون الطارق أباها.

قال صوت لم تسمعه من قبل بلهجة أمريكية كلويس:"كل شيء جاهز أمامك نصف ساعة".
-
لا بأس.

قال لويس ذلك بخشونة ثم عاد يغلق الباب بسرعة، ثم أبعدها عنه بحزم صدمها.

لم تدرك ماحدث إلا بعد لحظات. ولكن ماهي إلا نظرة واحدة إلى وجهه الجامد البارد، حتى أدركت أن الرجل المحموم العواطف الذي كانت تعانقه ، قد عاد فجأة عدوها.

سألته متوترة:"ماهو الجاهز؟"
فأجاب:"وماذا تظنين؟"

أدركت أنه يعني لعبه مع أبيها، حتى بعدما عانقها بذاك الشغف، ما زال يريد أن يلعب معه.
-
خذي . .
وانحنى يلتقط ثوبها الذي سقط من يدها
-
ارتدي هذا، فقد جف جسدك. فأمامنا عمل ولايمكنك الخروج من هنا بهذا الشكل.
عاد يضع سترته على كتفيه العريضتين غير عابئ بأحاسيسها وهي تقف أمامه شاعرة بنفسها ذليلة رخيصة.

بدلا من تلك العواطف المحمومة، وقفت الآن وقد تملكها برودة الثلج لشدة الرعب، صعد الغثيان إلى حلقها، ماجعلها ترغم نفسها على ابتلاع ريقها عدة مرات قبل أن تستطيع الكلام.
-
أكرهك.
همست بذلك، فكان جوابه: "لا أظنك تكرهينني بالقدر الذي تريدين".

شعرت بنفسها تتحطم،لأن ماقاله حقيقة صارخة.
وقف ينظر بينما أخذت تسوي ثوبها. وكان التوتر بينهما مرعبا، لم يحاول أي منهما أن ينظر في عيني الآخر، لم يحاول أي منهما الكلام بعد ما قالاه أخيرا.

عندما وقفت أخيرا جامدة، ما يعني أنها أنهت كل ما عليها عمله في هذه الظروف، فتح هو الباب، ثم وقف جانبا متجهم الوجه كي تمر أمامه إلى ردهة الطابق السفلي.

كان الغريب الذي سبق وصادفته في المصعد واقفا يتحدث إلى أحد المستخدمين، وعندما ظهرا رفع بصره إليهما ثم انتبه حالا.
لم تلحظ كارولين، فقد كانت مشغولة بمقاومة الشعور الذي تملكها عندما وضع لويس يده على ظهرها وهو يرافقها على السلم.

لم تشأ أن يلمسها الآن ولم تشأ أن يكون لويس بجانبها، كانت قامتها منتصبة ورأسها عاليا، لكن عينيها كانتا لاتريان، وفي داخلها كانت تشعر بالموت.
وفي اللحظة التي وصلا فيها إلى الردهة الرئيسية العليا، سارت مبتعدة عنه.
-
إلى أين تذهبين؟
سارت خطوتين ثم وقفت دون أن تلتفت.

-
إذا كنت تريد تدمير أبي للمرة الثانية، يمكنك ذلك لأنني لا أستطيع منعك، ولكن ليس علي أن أتفرج عليك.
فعاد يسير نحوها: "لكننا لم ننته بعد"

ومد يده يمسك بيدها وسار بها بصمت نحو باب مكتوب عليه (خاص) انفتح بشكب سحري عندما اقتربا منه.
قطبت جبينها إذ لم تفهم مايجري، ووجدت نفسها داخل ردهة أخرى مبلطة برخام أسود وتبني اللون، ثم قادها إلى باب آخر فتحه بيده هذه المرة، مشيرا إليها أن تتقدمه إلى الداخل، ثم أغلق الباب خلفهما بهدوء.

كان هذا مكتبا، كما رأت كارولين . . مكتبا بالغ الأناقة باللونين الأسود والتبني.
-
ماهذا المكان؟
فسار متجها إلى المكتب حيث جلس خلفه وانحنى يفتح درجا فيه.
-
إنه مكتبي.
فأخذت تنظر في أنحاء الغرفة : "أتعني . . أنك تعمل هنا؟"

فأجاب بهدوء: " أعمل هنا وأعيش هنا . ."
ووضع ملفا جلديا ثقيلا على المكتب أمامه : "فهذا فندقي، يا كارولين"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس