عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-19, 04:35 AM   #43

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة التاسعة والعشرين

لم تعد تتمالك أكثر من ذلك ..سقطت تنعي حالها بدموعها الغزيرة .. لتصبح رفيقتها في ذلك الفراش .. بشهقات متقطعة .. وبأنين خافت .. هي حقاً أكتفت وما عادت تحتمل أفعاله بقسوتها المتصاعدة .. فلا يوجد موقف بينهما إلا وتفنن في جرحها .. لتكون كل مصابها في الحياة بأنها امرأة .. كتب عليها ان تتحمل أخطاء امرأة أخرى !!

ولكن من حسن حظها بأنها ستنتهي من كل هذا وستعود لبلادها بلغتها العربية وأهلها الطيبون .. ستعود لأحضان والدتها ولا تفارقها أبدا تنعم بأمانها ونسيم قربها .. فعذرا ايها الجد صاحب القلب الطيب ما عاد ينفع الأصلاح في جسد تصلب بالرزيلة .. فيبدوا بان حفيدك ألُقيت عليه تعويذة متينة من امرأة يهودية جعلته بلا قلب بعنفهُ الهمجي تحت عباءة القسوة !!!

قطعت وصلة عتابها بعض الطرقات القليلة علي باب غرفتها ليلازم المكان بعدها بالصمت التام .. رفعت جسدها من نومته قليلا متتطلعه له بنظرات محيرة بعد أن محت دموعها المنسابة بظهر يدها .. فمن فعلها .. فلا أحد بهذا القصر إلا هي والقاسي وهو حتما لن يفعلها مهما بلغ يقينها بأن لاحد في البيت غيرهما !!

تملكها الخوف بعض الشئ ولكن تمسكت بإيمان قلبها وتجاهلتها وكأن لم يكن .. عندها وعت لقرب موعد صلاة الفجر ..
قامت بهدوء من جلستها متوجها لحقيبتها تتناول بعض حبات التمر التي تكفي لبناء وتغذية جسدها ومن ثم يأتيها القدرة علي الصوم في اليوم التالي .. رافضة بعزة نفس عالية الهبوط للإسفل وتناول أي شئ يفيد الغرض ..

أنتهت وشربت المياة التي تحتاجها ، ورفع الأذان حسب أحدي التطبيقات المخصصة لهذا فأقامت فرضها .. ومن ثم توجهت للفراش تنعم ببعض ساعات النوم التي تكفي للاستعداد ليوم الغد الشاق ..

---------------------

تسرب ضوء النهار من نوافذ غرفته شاسعة الأتساع لتقلق نومته .. جعلته يتقلب بضيق وتملل في الفراش إلي أن استوعب حاضره .. ففتح عيناه بقوة حين تذكر ما مر عليهما بالأمس وصومها .. أنتفض في الحال من نومته لينعم بحمامه المائي الصباحي علي أمل أن يشاهد حامل الطعام تم أفراغه بالكامل ومن ثم قدرتها الجيدة علي الصوم .. وبالتالي قدرتها علي السفر ..

وها قد انتهي وبدأ بأرتداء ملابسه الرياضية لممارسة رياضته الصباحية ..

خرج من غرفته لممر الطابق ، يرمق بنظرات قوية أسفل بابها إلي أن توقفت خطواته في الحال حين شاهد ما صدمه بالفعل ..

الطعام كما هو بوضع يده !!

هل هذا يعني بأنها اكملت صومها لليوم التالي بدون طعام !!

إلي هذا الحد هي غاضبه !! لدرجة أن تنسي مقومات الحياة !!

ضيق صدره رجع بقوة .. بل ويكاد يشعر ببطء أنفاسه .. لهذا لم تقاومه أرجله للتقدم بل رجع بأدراجه من حيث أتي !!

رجع يزيح ملابسه بعنف متغاضيا لأول مره بحياته عن ممارسة رياضته المفضلة .. شرع بارتداء حلة العمل بعجالة ومن ثم مغادرة ذلك القصر نهائيًا ..

مع جهله حتي الأن بهوية هذا الصراع الداخلي المتناقض والجديد عليه !!

---------------------

- ما بك ؟!!

رفع مؤخرة رأسه من راحتها علي المقعد خلفهُ ينظر بتفحص للسائل بحدقة عيناه الضيقة .. هل يحكي له هو دوناً عن غيره مشاعره اللعينة .. كيف وهو أصبح متيقن من مشاعره الواضحة في عينيه .. عند تلك النقطة تلهب نار صدره لأقصي معدلاته .. حتي وأن كان شئ في داخله أقنعه بضرورة أقصاء جاك من أمامه ومن عمله ومن كل شئ يخصه .. فهناك شئ أخر في نفسه اجبرته علي التروي أيضاً فجاك ليس بالشخص الهين في صرح أعماله الضخم .. وحين يخرج سيؤذي به حتما ً..
كان يتمني تجهيز تذكرتها سريعاً ومغادرتها من تلك البلاد علي الفور .. ولكن بعد مشهد الصباح وضيق صدره .. لم يستطع .. محي تلك الفكرة تماماً من مخيلته .. فهي لن تغادر ! ولن تغادر !!

أفاق من شروده ببطء إلي واقعه .. يردد بضيق خفي :
- لا شئ ..

تعجب " جاك " صامتاً من هيئته المريبة فتغاضي سريعًا لأجل أكمال بعض الأعمال الهامة ..
ولكنه تفاجأ ب "علي " ينتفض من جلسته سريعا متناولة سترة حلته السوداء مستعدا للمغادرة ..

فأسرع " جاك " يهتف باندهاش :
- أين أنت ذاهب ؟!

فأجابه " علي " بأستياء ظاهري :
- أشعر بضيق في صدري .. سأخرج قليلا ..

قال جاك ببلاهه :
- والعمل " الَي "... أمامنا صفقات كثيرة ..

أجابة وهو يربت علي كتفه :
- تابعها انت فأنا لست علي ما يرام للعمل الان !

قالها ليغادر في الحال كي لا يعطي فرصة لجاك للاعتراض ..

بعد أن ابعد سائقه وسيارة الحرس الخاص به ، تحرك بسيارته بغير هدي في شوارع المدينة يأكله الحيرة والضيق وهيئتها لا تفارق مخيلته .. يأتيه هاجس الخوف وبشدة عندما يتخيلها بدون طعام لليوم التالي .. ومع هذا يأمل خيراً بأن تتناول طعامها اليوم فهو لن يدخل ذلك القصر نهائيًا طالما في كل مقابلة معها تأتي بكارثة كبرى .. تؤدي نتائجها الي مثلما حصل بالأمس ..

بعد ساعتين من السير أهتدي به الحال للذهاب لأحدي الملاهي الليلية التي يتردد عليها كثيرا ومن ثم بعدها الذهاب لشقته السرية المخصصة للحالات الطارئة والمبيت بها والذي يخفيها عن الجميع .. فهو لا يأمن أحد من حوله مهما كان بالقدر الكافي إلا العجوز ورحل !!

-------------------------

ارتدت ملابسها وأحكمت وضع غطاء الوجة بعناية علي وجهها أمام المرأة .. ظلت لوهله تنظر لذاتها الداخلية جيداً بها وما هو الذي حققته من تلك الزيارة !! استدارت ببطء خلفها تتطلع لحقيبة السفر التي أعددتها مسبقاً بأعين تنذر بانسياب مائها المالح في القريب العاجل .. فهذا هو نتائج رحلتها سترجع كما أتت بعد أن فشلت مهمتها بجدارة ..
استنشقت بعض الهواء ثم أطلقته في تنهيدة عميقة تعبر بها عما بداخلها من حزن .. ثم استجمعت شجاعتها وتحركت نحوها بخطوات هادئ .. فهي لن تنتظر حتي يأتي ويطردها بنفسه مع كلماته الجارحة الشبية بالسم فالجسد .. قبضت علي مقبض الحقيبة وأسقطتها من علي الفراش استعداد للمغادرة .. حركت أقدامها بتثاقل واستدارت حول نفسها لتودع تلك الغرفة .. نعم شهدت لها الكثير من الدمعات .. والكثير من الألم والقهر .. ولكن كانت صومعتها للدعاء والصلاة والتقرب أكثر الي الله للثبات في ظل المواقف القاسية التي مرت بها .. حينها فقد سيطرتها وتسابقت الدمعات للهبوط واحده تلو الأخري .. فأسرعت تلملم حالها سريعا ..وبدات تتحرك بخطوات مسرعة خوفا بأن تتمادى مشاعرها لأكثر من ذلك فحينها لن تستطيع جبر خاطرها .. إلي أن همت بفتح الباب فأجبرت خطواتها فجأة علي التوقف .. ليتسع حدقة عينيها لأوسع حدودهما .. لتتوقف الدموع تلقائيًا .. وهي تشاهد حامل به طعام أمام باب غرفتها !!

للحظات مرت عليها كأنها تجرعت مخدر ما أصاب جميع أوصالها بالسكينة .. حتي ذهنها لم يستوعب ما يحوط بها .. و سؤال يتبعه سؤالٍ يتردد بداخله بقوة .. من احضر ذلك الحامل ؟! بل من قام بتحضير ذلك الطعام ؟!
تسربت حالتها المخدرة في الهواء حين طرأ علي عقلها بأنه هو لا محال وبالتالي هو صاحب ضربات الأمس علي بابها .. هل " علي " حضر لها أحدي الوجبات بنفسه !!

يالله !!

قالتها وهي تسقط أرض أمام ذلك الحامل .. لم تتمالك نفسها وانطلقت بلا توقف في البكاء المتواصل ولكنه الان بشهقات مرتفعة يصدح صوتها مابين غرفتها وذلك الممر .. وهي تحدث ذاتها هل يعقل بأنه شعر بخطئه وبدأ يستجيب لما حوله بالفعل ... ابتسمت رغم بكائها القهري .. ابتسمت لأن حقاً سعد قلبها لأجله .. ولكنها تلاشت كليا حين تذكرت مغادرتها اليوم .. فحين يبدأ بزوغ الأمل به تغادر هي في نفس اليوم !!

جففت براحة يداها دموعها برضا داخلي بأن هذا نصيبها وهي راضية بما قسمة الله ..
استندت بيدها علي باب الغرفة للنهوض فسيطرتها علي جسدها ذهبت هباءً .. قامت حتي تستعد بتهيئة نفسها والمدي قدماً بما أراده الله لها ..

هبطت للأسفل لتضع حقيبتها قرب الباب ثم اتجهت إلي أحد المقاعد المجاورة واستقرت جالسه تنتظر جلادها لكي يطلق صراحها من قبضته الحديدية...

---------------------

جلس يتجرع كأس وراء كأس في حالة يرثي لها .. ورغم هذا لم يغادره ألم صدره وتلك المشاعر اللعينة تتملك منه حقا ً.. بل وتزداد ليقابلها طفولته الألعن .. حرب هي ما بداخله حقاً!

ما بين مشاعر تسربت لقلبه لتأنب ضميره في كل فعل يفعله بحقها .. وبين امرأة عاهره باعت أسرتها من أجل هواها !!

حينها أطاح بذراعه بعنفوانية جبارة كل ما علي البار من أمامه من زجاجات كحولية وكؤس مرافقة ، صدح صوت تهشم عنيف في أرجاء ذلك النادي رغم صدح أصوات موسيقاه .. ليتوقف الجميع عن فعل كل ما يفعلونه في ذهول جلي .. ليسرع مديره بتحفيز الزبائن ببعض الكلمات علي استكمال رقصاتهم والتغاضي عما حصل .. ف " علي " أحدي زبائنه المميزين ولا يريد خسارته .. وبالفعل تسرب كلا منهما إلي حيث كان يفعل ..

بنظرات دهاء إقتربت الي مكانه قائلة بأبتسامة هادئة وهي تمرر يديها علي ظهره ببطء :
- مرحبا أيها الوسيم .. أراك بمزاج سئ ؟!

رمقها بنصف نظرة قائلا دون تفكير :
- لا تكثري من الكلام .. هيا معي من هنا ؟!

ابتسمت بخبث لتنفيذ مخططها دون عناء ، فأسرعت تهتف له قبل مغادرته بدلال أنثوي :
- سيارتي ليست أمام النادي ..

علي أثر جملتها .. استدار يرمقها باندهاش بعض الثواني المعدودة ثم هتف باستفسار :
- أين هي أذاً ؟!

- عند الباب الخلفي ؟!

تحولت نظراته الي الغموض وهو يهتف بهدوء خافت:
- هنا او هناك لا نحتاجها في شئ فأنا لدي سيارة !

هتفت بعجاله يصاحبها الارتباك دون تمعن :
- ولكني احتاجها ضروريًا !!

أيماءة هادئة هي كل ما خرجت من حفيد الثعلب بنظرته الغامضة .. ليفسح لها المجال بعد ذلك للمرور أمامه والوصول لوجهتهم المحددة...

--------------------

أذُن أذان العصر ليتبعه أذان المغرب ورغم هذا لم يأتي .. فوقفت من جلستها بضيق جلي .. كيف يوعد ولا ينفذ وعده .. ويجعلها تنتظر كل تلك الساعات ..

أقنعت نفسها بضرورة تناول أي شئ لقطع صيامها .. وحتي لا تسقط مغشياً عليها بسب قلة طعامها .. ومن ثم تجلس تنتظره ثانياً حتي يأتي ..

حركت أقدامها امامها بأتجاة غرفة إعداد الطعام .. للتذكر حينها طريقة تحضيره للطعام الموضوع أمام غرفتها فاطلقت لنفسها العنان في الضحك .. فيبدوا من هيئة الطعام بأنه كان يصنع كوارث وليس بطعام يغذي الأبدان !!

--------------------

تتبعها بخطوات ثابتة علي عكس عقله الذي أنشغل كثيراً منذ حديثها .. فالباب الخلفي لا يصطف في محيطه اي سيارة مهما كان .. ولهذا لن يمتنع عن الذهاب معها حتي لا يفوته معرفة من ورائها .. أتبعها بترقب رافعاً راحة يده ببطء خلف ظهره يتحسس سلاحه المتخفي أسفل قميصه وسترته !!

ماهي إلا لحظات حتي خرجت وهو خلفها للفناء الخلفي .. وكما توقع أخترق أُذنه الدقيقة صوت سحب الزينات لأحدى الأسلحة .. فأغمض عيناه باستسلام .. وتهيئ ذهنيا لتلقي تلك الرصاصات حين قبض بسرعة البرق علي ذراعها قبل أن تبتعد من أمامه .. مستدير بجسدها في حركة دائرية سريعة .. جعلتها أمامه كدرع بشري يتلقي وابل الرصاصات الكاتمة للصوت التي أسقطت عليهما في أنٍ واحدٍ دون حسبان !!

أنتفض جسدها من أمامه بعنف وهي تتلقي رصاصة تلو رصاصة أثناء تشبثه بها جيدا وفي ظل أسراعه للأختباء خلف أحد الجدران القريبة ..

عندما أمن نفسه خلف ذلك الجدار ترك جسدها يسقط مرة واحدة بعيدا عنه وهو يهتف لجثتها الهامدة بتقزز نافر :
- هذا جزاء الخيانة أيتها الساقطة !!

لم يعي أثناء فراره للاختباء بجرح ذراعه بخدش متوسط لرصاصة عابرة من جانبه ..

سحب سلاحه سريعاً من خلف ظهره وبدأ يبادلهم ضرب أطلاق النار .. إلي أن أسقط قتيلاٍ ليتبعه قتيلاً أخر .. وفر الباقون عقب سقوطهم !!

حينها ترجلت قدمه من مخبأة إلي اماكن رقد الجثث .. يتفحصهم بحيطه وحذر وهو مشهر سلاحه في وجههم .. فذهل عندما شاهد واحدًا منهما مازال يخرج أنينه فأقترب سريعاً اليه واضعا فواه سلاحه أسفل ذقنه وهو يردد جملته من بين أنيابه المضغوطة :
- من الذي دفعك لهذا ؟! ولماذا ؟!

خرج صوته بالرفض التام .. مما دفع " علي " بالضغط اكثر بسلاحه كتهديد بالقتل الفوري .. فخرج صوت الرجل دون تردد وبتقطع من شدة ألم جراحه :
- براد ! .. براد فيليب .. أما لماذا .. للقضاء عليك .. ولكن قبلها نجبرك علي أن تعرفنا بمكان المعادلة الفيزيائية !!

------------------------
-------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس