عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-19, 09:56 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


|§ البـارت الـسادس عـشـر §|

اليوم مميز فتلك اللؤلؤة قد أخرجت من القوقعة في أعماق البحار...
وضعت بين أحضان محل المجوهرات...
عرضت أمام أعين الناس..
فأطلقوا شهقات مندهشة من بياضها الناصع..
الذي يعكس صفاء الذهن و براءه التفكير...
مرت خمسة عشر سنه...
لتفقد قوقعتها...
أمها...
لذا زاد تشبثها بغطاء القوقعة...
أبيها...
وفي ليلة هادئة ، هاجت حين نثر عليها سم...
يسمى بسم الصدمة...
إتهام القتل الذي علق على أبيها...
بهت لونها ليميل الى الرمادي...
أكملت حياتها بشك...
و بيوم آخر مال لونها للوردي...
و فاحت منها رائحة ورد و ياسمين...
قال صاحب المحل العجوز الحكيم...
أنها أعراض الحب..
عاشت أيام جعلت منها تلك الرقيقة الوردية المتعطرة بالحب...
لكن سرعان مانفذت قارورة العطر و سلب لونها الوردي...
ليزيد ميله للرمادي الغامق...
بل الأسود..
فقد نثر عليها سم الكاذب الذي زار المحل في ذلك الصباح...
زاد مفعوله حين أضاف جرعة أخرى من التجريحات ..
فأكملت قبوعها بين تلك المجوهرات المعروضة في واجهة أشهر المحلات...
صورها الصحفيون...
و إنبهر بها المصممون...
نشرت أخبار في مجلات الموضة تحت شعار
" اللؤلؤة الأعجوبة "
" لؤلؤة سوداء تصدم العالم "
حملت في أحد الليالي و إستلمت العنوان ..
لتذهب باحثة عن الراحة
فتصدم بصندوق المجوهرات الذي ألقي عليها و أخرجت لؤلؤة كتب فيها [ مرحبا بك في غابة الاحزان و الخوف و الحقد ]
كانت هذه اللؤلؤة هي تلك الحزينة التي تخفي مابداخلها...
لكن تطلقه كعصبية...
نزلت من السيارة مع أختها لتقول : شوفي يا أثير لاعاد تتأخرين كذا و الله حسحب عليك
هزت أثير رأسها بمجارات لتقول : طيب طيب
هزت رأسها لتقول : أنت متى توقفي شغل التسليك ذا
تجاهلتها أثير لتدخل الى العمارة في حين عادت شذى الى السيارة لتناول محفظتها
و بسرعة لا تدري كيف لبشري أن يمتلكها خطفت منها محفظتها لتصرخ بجزع : هــيـه شنطتي
جحظت عيناها بغضب لتركض خلف ذلك السارق غير آبهة بنظرات المتعجبة التي تلقى عليها ...
لمحت رجل لتقول بعجلة : أأ سرق سرق شنطتي
ناظرها الرجل بتعجب للحظات ثم لحق بها..
أما هي فأكملت جريها دون أن تنتظره هامسة : من قرادة حظي طحت فواحد فاغر ساعة عشان إستوعب
اوقفها صوته الذي يقول : يا بنت وقفي شوي
توقفت و عيناها تتابعا ذلك السارق لتقول : أقولك هذاك سرقني و أنت تقول وقفي
هز الرجل رأسه ليقول : طيب كيف شكله عشان نبلغ عنه
جحظت عيناها بصدمة من هذا البارد : أقولك واحد خطف شنطتي و راح جري كيف يعني حأقعد أتأمل وجهه
زفرة بضجر لتكمل جريها صارخة : يا الزفت وقف و الله حأمسكك
تعب سكنها حين بدأت لهثاتها بالوضوح...
و ذلك السارق قد إختفى...
فزادت صدمتها حين رأت المكان الذي هي فيه...
مكان مجهول..
سؤال غريب طرحته بهمس خائف : ضعت ؟
إمتزج خوفها بتعبها و نظرات حائرة راحت تتفحص الشارع الذي يضج بالمارة..
يجب أن تتصل بأحد...
لكن من..؟
ليس لها إلا أبيها...
إبتسمت حين لمحت مجموعة بنات لتوقفهم بعجلة : سوري ممكن موبايل عشان أتصل ببابا ضعت و شنطتي نسرقت
نظرنها البنات للحظات ليعتذرنا بنفاد رصيدهن...
تابعتهن بنظراتها لتهمس : أبيخ عذر قال ماعندي رصيد قال
إلتفتت لتوقف إمراة مع أولادها لتقول محاولة إلتقاط أنفاسها : خالتي ممكن موبايل أتصل بالبيت ضعت و جوالي قصدي شنطتي إنسرقت
إعتذرت المرأة لتذهب..
فتنعقد حاجبا شذى بتعب...
للتأمل مركز الشرطة الذي أمامها...
لو بلغت عن سرقة محفظتها هل سيساعدونها بالعثور على السارق...
رفعت رأسها فجأة لتقول : يالله إيش نوع الغباء لي فيني
بالتأكيد سيساعدونها بالإتصال و الوصول إلى البيت...
إبتسمت لتتوجه إلى المركز و تروي ماجرى لها ليتصل بأبيها الذي جاء لإصطحابها إلى البيت
.
.
.
هدوء...
هو الشيء الوحيد الذي يطغى على المكان..
و تشاركه أنفاس تلك المصدومة لتقول وعيناها قد حقنت بالدموع : مافهمت !؟ كيف أنت من جدك!؟
شتت نظره ليقول : قد شفت أمي تحط فيها و صرت دايما أحاول أراقبها عشان أعرف من وين تجي حتى عرفت و هي حكتني كل شيء
وففت وهي تهز رأسها بالرفض القاطع لتقول بصوت مرتجف و قطرات الدمح قد شقت طريقا على وجنتيها : لا لا حسام شكلك خرفت ، مستحيل دا يصير
خرجت من الغرفة متجهة إلى المطبخ فلمحت أختها تحاول إخراجها لتصرخ بنهر : لا تلمسيها
إلتفتت لها أمل بدهشة لتقول : اوه فجعتيني ، ليش إنشاء الله مانلمسها
توجهت لها لتمسك بمعصمها و تدفعها خارج المطبخ و تقول بنفس الحدة : و الله و الله يا أمل لو لمستيها و لا طلعتي فلس واحد بحرقها بيها بلي فيها
ضحكت أختها بصدمة لتقول : هديل أنجنيتي

هزت رأسها بالإيجاب لتصرخ بنفس الحدة : إيوة انجنيت
دفعت امل من طريقها لتتجه نحو غرفتهما
مصرخة بقهر : حقير
.
.
.

مرت ساعة و لازالت تتجول في الشوارع...
لازالت الحياة مستمرة...
لن تتوقف في منتصف الطريق..
و تتأمل العقبة التي تمنعها..
ستكمل سيرها..
و ستقضي على كل عقبة بهدوء...
ستكمل المشي بخطى كسيرة في الطريق الوعر...
لكن ستتقدم..
رغم أن ذاكرة لا تنسى...
و جروح القلب ستبقى على مدى الزمن...
رغم الدمعات التي تنسكب عند كل مرة يزورها طيف ذلك اليوم...
لكن ستمسك بفأسها و تحارب...
لن تضيع حياتها على إنسانة لا تريدها...
رغم شوقها لها...
رغم بكاء تلك الطفلة التي تسكنها الباحثة عن حضن أم...
يقال أن حلاوة القهوة بمرارتها...
هكذا الحياة لابد أن يواجه الإنسان عقبات بحياته...
يعيش لحظات ضعف و قوة...
يرتجف خوفا و يقف شامخا...
يكره و يحب...
يشتاق...
لكن لا ينسى...
إنتبهت للإبتسامة التي إعتلتها لتحافظ عليها و تتوجه إلى بائع الزهور لتتقدم طالبة أصيص من الزهور...
ثم أضافت بنبرة فرحة لتقول لصاحبة المحل : عندكم اوركيد !!
هزت العاملة رأسها بالإبتسامة لترد : إيوة واضح أنها تعجبك
إبتسمت لتهز رأسها بحماس و هي تراقب تلك الزهور الفخمة الأنثوية بلونها الزهري الناعم ثم إلتفتت لها لتقول : من زمان و أنا أدور عليها و أخيرا لقيتها...
لم تزل إبتسامة الاخرى التي قالت : صح هي نادرة شوي
بنفس الإبتسامة و عيون الخضراء المائلة للزرقة التي تراقب تفاصيل النبتة سألت عن السعر..
لتلين ملامحها و تمسح إبتسامتها...
باهضة الثمن...!
تملك هذا المبلغ لكن سيذهب نصفه إن دفعته ...
تنهدت لتهز رأسها طالبة أن تأخذها و ستدفع الثمن..
لاتريد أن تطلب من أحد...
لاتريد نقود ذلك المسمى بأب...
طردها...
ربما وجد الفرصة ليتخلص من عبئها...
فستخلصه من عبء مصاريفها...
أخذت الزهور لتكمل تجولها في الشوارع...
أو بحثها عن عمل...
بالفترة المسائية يناسب جدولها...
.
.
.
في الغرفة جالسة على السرير و تضم قدميها إلى صدرها...
للمرة العاشرة تطرق أختها عليها الباب
وهي تتجاهلها بتعمد في كل مرة...
غاضبة...!
نعم..
تشعر برغبة للبكاء...
صحيح...
لكن لا شيء يظهر على ملامحها سوى الهدوء...
تحاول تشتيت تفكيرها الذي ينزلق دون إنذار إلى الإتهامات التي تلقى على والدها...
هل صحيحة...!؟
لا كذب...
كل شيء حولها عبارة عن كتلة من الكذب...
كل الناس كاذبة...
عقلها المتخلف لازال يلقي عليها بهذه العبارة...
رغم انها تنفي بداخلها كل هذا...
تسللت دمعت خائفة على خذها...
لاتريد أن يكون أبيها هكذا...
لا تريد أن تبتعد عنه...
واثقة به حقا...
لكن كل شيء من حولها يحاول هز هذه الثقة...
لو كشف كل شيء..
و إنتهى الامر بفقدانها لأبيها خلف قضبان السجون...
كيف ستعيش...
هل ستكمل مع فتاة لم تتجاوز الثاني عشر و أخ مهمل مستهتر...
تنهدت لتقف منزعجة حين تذكرت ذلك السارق لتقول بهمس : وجع يعني على الأقل كان عطاني جوالي و كتبي
ثم سكتت للحظة لتضيف : حماس كان خذا بس المحفظة لي مافيها إلا كم فلس بعدين ينصدم
وقفت لتفتح الباب لأختها المزعجة و تقول : نعم إيش تبغي صارلك ساعة ماسكة الباب قلت ماأبغى أفتح ياخي خلوني أكتئب شوي على الشنطة لي انسرقت من ذاك الحقير
زفرة ضجر أطلقتها أختها القائلة : أنا إيش دخلي فشنطتك لي انسرقت ترى هاذي غرفتي كمان
فتحت شذى الباب لتكمل بتذكر : يوه أثير تعرفين جارتنا ذي لي جنبنا
هزت أثير رأسها و هي تخرج جهازها من الدرج
فتكمل شذى : هههه طلعت تدرس فنفس جامعتي و من الشلة البايخة لي قلتلك عنهم اوف غثة
تجاهلتها أثير
فتكمل : هههه و في وحدة إسمها سجى كمان ذي غثة بس بحاول أتجنبها ذي الفترة بعدين بأرجع لها اوف مجرد التفكير فيها يستفزني تعرفين ذاك النوع لي تقوليلو كلمة يروح يشتكي للإدارة هي رئيسة ذي العصابة
لم تجد ردا من أثير المنسجمة مع جهازها
فتكمل أختها بنفس التذمر : اوه تدرين منو أتذكرت ، السارق الغبي و الله عبيط يعني إيش يبغى بشنطة بنت بياخذ الكتب الفاضية لي داخل و لا النظارة و لا الروج اوك خلنا من الجوال يمكن هو الوحيد لي يفيده متخلف الناس تسرق بنك و هو لساته يسرق شنط البنات و يهرب مدري متى ينقرضون لي زيه أستغفر الله بس
لتقول شذى بضجر : طيب ردي علي لا تطنشيني ، دام دخلتك عالأقل خففي علي واسني مدري حاولي تشتتي تفكيري يعني مو تجاهليني كاني أهرج مع الجدران
رفعت أثير عيناها لتقول بتملل : اوك خلاص أختي ماصار شيء ، المرة الجاية أطلعي من دون شنطة و لا تاخذين جوالك و خرابيط فمحد يسرقك
ثم أخفضت عيناها للجهاز لتكمل
وقفت شذى بغضب : تستهبلين أنت ووجهك
لتتقدم و تأخذ منها الجهاز
فتقول أختها : شذى أعطيني
تجاهلتها أختها التي أخفضت عيناها تكمل لعبة أختها
التي صرخت قائلة : شذى أعطيني أنت ماتعرفي تلعبين و بتخسريني
وضعت شذى الجهاز بجانبها لتقول بدهشة : أنا ما أعرف ألعب ، ترى والله اليوم صايرة مستفزة
هزت أثير رأسها لتقول : إيوة ماتعرفي تلعبين
وقفت شذى لتقول بتحدي : تعالي الصالةة أوريك اللعب جد مو خرابيطك ذي
تبعتها أثير إلى الصالة في حين وقفت شذى فجأة لتقول : ياربي هو فغرفة فارس اووه مشوار اللحين يقوم يافلسلف علي
ثم أكملت و هي تتجه إلى غرفته : مع نفسه
طرقت الباب مرتين لتفتحه
فجأها صوته القائل : ماتعرفي تستأذنين
رفعت حاجبها لترد : مو مشكلتي إذا أنت ماتسمع أظنك تعرف أني أدق مرة مرتين و أفتح يا تقول ماتدخلين يا تقفل الباب بالمفتاح
رفع نظره نحوها ليقول : إيش اتبغي !؟
ناظرت [ اللابتوب] الذي يعمل فيه لتقول : إيش بتسوي لا تقولي تدرس بس لأني مارح أصدق
تدري كم صارلك ساحب أشك انهم بيعطوك حرمان
رفع حاجباه ليقول : لا تكبيرنها كلها ثلاث أيام
و في واحد أعرفه دكتور يسويلي عذر طبي
جحظت عيناها لتقول بدهشة : أحلف يا خي وينك عني من زمان
قاطعها بقوله : أنسي ، المهم إيش تبغي أكيد موجاية تشوفين إيش أسوي
ضحكت بإستخفاف لتقول : أكيد ، جاية أدور عالبلاي ستايشن
إعتلى ملامحه الإستغراب ليقول : من جدك
هزت رأسها لتقول : طيب وينه
وقف ليخرجه و يعطيه لها مع شريط كرة قدم لتقول بإخباط : مافي إلا ذا
هز رأسه ليقول بتهكم : لا تنسي بعدين تقوليلي كم النتيجة
تجاهلته لتتجه عند أختها و تركبه
ثم تقول بإبتسامة و هي تمد لها باليد : خذي و حنشوف منو لي مايعرف يلعب
هزت أثير رأسها بحماس لتجلس بجانبها
و أصواتهم تملء المكان
.
.
.
في شقة المقابلة
و أصوات الطبيعة ملأت المكان..
خرير ماء...
و زقزقة عصافير...
صوت ناي هادئ...
وقفت من الأريكة ذات اللون الرمادي الهادئ لترفع الصوت...
ثم عادت لترتشف من عصير الفواكه الذي أمامها...
أناملها البيضاء تداعب صفحات الكتاب الذي تقرأه...
رفعت عيناها للحظة فتتأمل المكان الذي ملأ بالنباتات و الأزهار...
تعشق الطبيعة الهادئة...
تحب كل ماهو هادئ و أنوثي...
رغم كل أفكارها الجنونية التي تصيبها بين فترة و أخرى ..
ترى أنه من اللازم في حياتها أن تخصص وقت تحبس فيه نفسها بعالم آخر...
بوقت آخر...
تنسى الزمان و المكان..
تنسى الهموم و المتاعب...
تركز على هدفها...
حياتها...
طموحاتها...
تتنعم بعالم هي عنوانه...
تحضر ماتفضل أكله...
و تقرأ ماتريد قراءته...
تهتم بنفسها...
إبتسامة هادئة إعتلتها حين تذكرت أختها
لترفع هاتفها و تتصل على رقم مسجل بثلاث نقاط...
فضلت أن تتركه فارغ...
كأهميتها عنده...
و ربما أهميته عندها..
بعد ثلاث رنات أغلق ..
ضحكت بتهكم..
لتقف بنفس هدوئها و تتوجه إلى غرفتها فتلتقط فستان ربيعي ابيض جزءه العلوي أزرق سماي و ينتهي لتحت الركبة بشبرين مميز بكسراته الطفولية
لتضيف له حذاءها الابيض و تطلق الحرية لشعرها الأسود الكثيف ..
بعد إبتسامة حنين إلتقطت آلة التصوير الخاصة بها...
كانت هدية من زوجة ابيها...
أغلقت الباب وراءها لتنزل إلى حديقة العمارة...
أطفال يلعبون...
و آباء يبتسمون على ضحكات أبنائهم..
هزت رأسها بالرفض...
لا تريد أن تفكر بشيء يحزنها و يعكر مزاجها...
إبتسمت لفتاة تطلب منها أن تفتح كيس البسكويت...
لفت أنتباهها ثلاث بنات على ألارض يلعبون لعبة العائلة...
إبتسامة ذكريات إعتلتها...
بعيدا عن صور الألم و الإشتياق..
صور طفولة و حماس اطفال ..
شارة كهربائية أصابتها تسمى حب التصوير...
رعشة بعثت في جسمها لتقودها للبحث عن الزاوية المناسبة لإلتقاط الصورة...
كلش..
كلش...
كلش..
كانت ثلاث صور إلتقطتها بشغف....
لتتقدم لهم بهدوء قائلة : سلام بنات
إبتسموا ليرحبوا بها ببراءة على أنها ضيفة في بيتهم...
إبتسامة بعثت من طفلة بداخلها تحن لهذه البراءة ..
لتقول بحماس : ممكن ألعب معكم
هزوا رأسهم بنفس الفرح لتجلس هي الأخرى متظاهرة أنها ترتشف القهوة في جلسة ضيوف إدعت المسماة بنور أنها من أعدتها و تقمصت دور صديقة من البيت المجاور و هي تأكل الكعكة التي ماهي إلا ببسكويت إشتروه الآن..
سألتهن بإستفسار : أنتوا صديقات
ردت المسماة بمايا : إيوة إحنا صديقات و أخوات مامتنا و بابتنا نفسهم
جارتهم لتين بقولها : و أنا أقدر اصير أختكم
إستغراب إعتلاهن لترد جنى بنفي مستغرب : لا ما يصير مامتك و بابتك مو هما نفسهم حقنا
ضحكت بهدوء لترد : مو أنا صديقتكم ، ترى تقدر تصير الصديقة أخت
إستغراب إعتلاهم لتقول مايا : كيف!؟
إعتدلت في جلستها لتقول بنفس الإبتسامة : إيوة لما تكون الصديقة مرة تحبك و أنت مرة تحبيها و تحكيلها كل شيء و هي كمان تحكيلك كل شيء ، لما تحتاجيها تجي تساعدك و أنت كمان لما تحتاجك تساعديها و مهما صار و تدخل أحد بينكم ماتتكركوا بعض هذه هي الصديقة لي نقدر نسميها أخت
دهشة إعتلتهم لتقول جنى بفرح : آه صح يعني لما تكون عندنا صديقات كثير كذا يصيروا أختنا
ضحكت على آخر كلمة لتهز رأسها بالإيجاب ثم قالت بهدوء : إلا ماتكم و بابتكم وينهم
أشاروا عليهم..
لتقف متجهة لهم قائلة بعد السلام و هي تريهم الصور : بصراحة مرة حبيت جلستهم لعبتهم براءتهم جذبتني كثير ذكرتني فأيام طفولتي فقلت أصورهم بس بستأذن إذا بخليها عندي و إذا عندكم مانع بأمسحها
ناظروا بعضهم بإسافساروا ليوافقوا فتقول المرأة : مشاء الله عليك مرة موهوبة حبيت الصورة ، إذا مافي مشكلة ممكن تعطيني وحدة كذكرى للبنات
إبتسمت بموافقة لتقول : اكيد مافيه مشكلة بس وين بألقاكم لأني مأقدر الحين بكرة إنشاء الله
إبتسم الرجل ليقول : بكرة فذا الوقت بتلاقينا هنا
شكرتهم و إتجهت إلى أحد المقاعد و إلتقطت هاتفها الذي يرن بإسم أختها فترد قائلة بإبتسامة : هلا برودي وحشتيني يا بنت
ضحكت رودينا لاقول : و الله و أنت كمان وينك بجي عندك
ردت عليها بفرح : طيب طيب ببعتلك العنوان
فزادت إبتسامتها حين وصلها صوت أختها القائل : إيش تسوي يلا يلا أعترفي فيه أكشنات
ضحكت لتين لترد : إيوة توني كنت أراقب عصابة هنا إيه صح ماقلتلك صرت جاسوسة
قاطعتها رودينا التي تقول بإحباط : كذابة صح!
علت ضحكة لتين لتقول : أكيد واضح ، من جدك وين حاسبتني فهوليود ترى كله كم شارع و تلقيني
ثم أنهت المكالمة عندما قالت : أذا كم دقيقة و بتلقيني عندك هيا بيباي
أغلقت لتين بعد أن ودعتها هي الأخرى لتبعث لها بعنوان البيت
.
.
.
في بيت آخر
و غضب قد سكن تلك الجالسة بمحاولة لضبط أعصابها من تلك التي تتذمر قائلة : اوك خلاص فهمت ماتبغي تاخذي فلس ، طيب أنا أبغى ليش تمنعيني مدري أصلا بروح آخذ دام لسى مالقيت مبرر لتصرفك العجيب ذا
الغضب زاد و راح يتغلغل بين كل خلية فجسمها ليدفعها إلى الوقوف مصرخة : بس ، أصلا تدرين أنتي ماتفهمين كذا
لتخرج نحو المطبخ و تحمل تلك الحقيبة متجهة إلى الخارج ركضا رغم إستفسارات أختها التي لحقت بها
لتمشي بجانبها بعد هرولة ليست ببسيطة قائلة : هديل وين رايحة ، بطلي جنان إيش بتسوين
تجاهلتها هديل لتزيد في هرولتها
لكن هذا لم يقطع إصرار أمل فتعيد قائلة : هديل وين رايحين !
توقفت هديل فجأة لتلتفت إلى أمل و تقول بحدة غاضبة : رايحة جهنهم ، بغيتي تجين اهلا و سهلا مابيغيتي أرجعي للبيت
ثم أكملت هرولتها و هي تعض على شفتها بقهر
مل شيء يدل على إنكسارها...
الغضب الذي يكسوا ملامحها...
و هو الذي حقن وجهها بالإحمرار رغم سمار بشراها الخفيف...
خصلات شعرها السوداء المتمردة التي إلتصقت بوجهها بعد أن غسل بالدموع...
إرتجافها...
رغبتها العظيمة بالبكاء...
هل لأنهم فقراء يظن الناس أن النقود هي من ستتحكم بهم...
سيقومون بأي عمل ..
سيتسترون على أي شيء...
حتى لو كانت جريمة...
يظنون أنهم يعيشون بعالم آخر يلبون كل رغباتهم مقابل نقود تخرجهم من هذا العالم...
يظنون أن المال هو ألأساس الذي تبنى عليه عائلة... ربما جزء من هذا التفكير صحيح...
فكل شخص يريد أن يحظى على مايأمن معيشته...
لكن ليس بهذا الشكل...
إحتقرت نفسها الآن لأنها إتبعت تلك الغبية الخبيثة...
مسحت دموعا تساقطت بخفة لتقف فجاة و تخرج هاتفها من جيب سروالها لتتصل بحسام الذي رد مستفسرا عن الإتصال و صوتها الغير متوازن
فقالت بمحاولة فاشلة لتعديل أحبالها الصوتية : بيت ذاك الزفت وين
جاءها صوته المتفاجأ : ليش!
ردت عليه بحدة : لا تجاوبني بسؤال قلت وين يسكن يا تقول يا أروح ادور عليه شارع شارع
وصلتها تنهيدته قبل قوله : طيب طيب ، شارع ###العمارة ##الشقة رقم 4
أغلقت الهاتفةدون أن تضيف كلمة لتشير إلى سيارة أجرة التي ستقيلها إلى بيت ذلك المتعجرف
.
.
.
في الشقة رقم 4
ضحكت و هي تضع الغذاء على الطاولة التي تجمع أبيها و اخويها فقالت : و الله حسبتك ماتعرفي تلعبين ترى لما كنت صغيرة ماحد قدر يربحني بس يلا شكلي نسيت تكتيك اللعب
ضحكت أثير لترد : شذو حياتي إعترفي أنك خسرتي خلاص عادي كذا الحياة ربح و خسارة
ضحك الأب الذي أضاف : أنا أشهد أنه ماكان أحد يربحها فاللعبة
هز فارس رأسه بتفهم حين قال : آه خسرت عشان كذا ماجات تقولي كم النتيجة
إلتفتت لأبيها قائلة : بابا شوفهم من أول و هم يتحرشون
ضحك الأب ليقول : ماعليك منهم اكيد غيرانين منك
ظهر الملل على وجه أثير القائلة : بابا و الله المفروض أنا لي تدلعوني لأني اصغر وحدة مو هي
لعبت شذى بحاجباها لمغايظة أختها
التي قالت بهمس : بزرة
إلتفتت لها شذى القائلة : مدري من البزرة فينا
إبتسم الأب لأثير قائلا : و ليش انت مو
مدلعينك؟
هزت أثير رأسها بالرفض قائلة : أكيد مدلعيني لأني صغيرة بس بالنسبة لعمر شذى مايصير خلاص كبرت
هز الأب رأسه بيأس من هذه البنت ليقول بإبتسامة : قد مارح تكبرون بتقعدون صغار عندي
إبتسامة إعتلت شذى التي قالت بحب إبنة لأبيها : الله يحفظك لنا
هز رأسه ليقول : و يحفظكم من كل شر
بعد دقائق قالت شذى بإستغراب : اوه أثير غريبة أول مرة تعترفين أنك بزرة
إلتفت لها أثير بإستغراب قائلة : متى
إبتسمت شذى لتقول : قبل شوي قلتي أنك بزرة و الله عمري ماظنيت بأسمعها من عندك
حكت أثير رقبتها بتذكر لتقول : موكذا قصدي ، يعني أنا أصغر وحدة فالعايلة ، أما بالنسبة لعمري مني بزرة
ناظرتها شذى بإستخفاف
إلتقطت أثير إستخفافها لتقول : لا تتمسخري جد أنا كبيرة
هزت راسها بمجرات : طيب خلاص مرة كبيرة
تجاهلتها أثير لتكمل أكلها
لكن قطع عليهم صوت طرق الباب القوي ليقفوا بفزع مستغرب....
.
.
.

اما في الخارج...
فضرباتها للباب تكاد تكسره...
كل غضبها و قهرها تحاول إخراجه بالباب الذي يتألم و لا يشتكي...
مثلها يقول أنه سيتحمل هذا لوحده...
لكن لا يستطيع...
يتظاهر بالصلابة من الخارج...
لكنه يتألم من قوة الضرب...
فتح الباب ليظهر رجل خمسيني و بنت وولد عشرنيان...
قالت بحدة بشرسة : حيدر صح !؟
هز رأسه بإستغراب
لتكمل بنفس الحدة : أكيد ماعرفتني
ثم أكملت بعد أن رمت بالحقيبة أرضا نحو الداخل : أظن هاذي عرفتها ، و لا يمكن ماتعرفها من كثر ما سكت بها ناس يمكن عن جريمة ولا
بتر كلامها صوت الفتاة التي لم تكن إلا شذى : اذا انت مجنونة محنا ملزومين نتحملك أنقلعي برى و شوفيلك أحد ثاني أرمي عليه إفتراءاتك
دفعتها هديل من أمامها لتدخل إلى الشقة باحثة عن كبريت...
في حين تبعتها شذى المصرخة : تدرين انت شكلك ماتفهمين كذا بأتصل على الشرطة
توجهت إلى غرفتها ثم صرخة بغضب أكبر : الله ياخذك يالغبي لي سرقت الجوال
عادت إليهم لتأخذ هاتف البيت لكن أوقفها صوت أبيها الحاد : وقفي
تركت الهاتف لتقول بصدمة : لا انا جد مومستوعبة لي يصير أنتو مستوعبين انه في وحدة دخلت البيت و جايبة معاها هرجة او مصيبة و أنتوا واقفين تتفرجون
خرجت هديل في هذا الوقت لتشعل كبريت وترميه على النقود بعد ان فتحت الحقيبة
صرخ فارس : مجنونة انتي بتحرقي لبيت
في حين دفعتها شذى و أمسكت بشعرها بغضب قائلة : إذا انت مجنونة انا أكثر منك بأحرقك معهم و ماعندي مشكلة
إبتعدت هديل من بين أيدي هذه المتوحشة
حين ركض فارس ليأتي بدول ماء يطفأ اللهيب الذي بدأ بالإشتعال
حقد...
هو عنوان قصة الجنون الذي اصاب هديل...
كرامة خدشت...
و صفعة إهانة...
رؤية هذا المجرم المتعجرف أمامها الآن...
يبث شعورا قاتلا بداخلها...
بسببه إنحرمت من أبيها...
بسببه إنجرحت كرامتهم...
أهانة...
كل هذه المشاعر جعلتها تدفع كل مافوق طاولة الزينة أرضا...
ليصدر إنكسار الزجاج صوتا قويا...
غطى على صوت إنكسار الحاجز الذي يمنع دموعها من النزول...
حاولت إيقافها لكن أبت...
فلجأت إلى صراخ بقولها : صدقني بخليك تندم عاللحظة لي فكرت فيها تسوي ذا الشيء ، إذا أنت فكرت تسكت أمي عشرين سنة بكم فلس أنا مارح أسكت و بدور على الدليل لي يمرمطك فالسجون
إرتجف جسمها لتقول لتقول بصوت أضيف له علقم ألم و وجع مع بعض قطرات الحقد : اللله لايسامحك ، اللله يحرق قلبك زي ماسويت فينا
ثم خرجت متجاهلة أختها التي أصيبت بالجمود أمام بابا الشقة لم تفهم شيء..!؟
عند نهاية الطابق الاول ترنحت خطواتها لتجلس على أحد الدرجات و تطلق شهقاتها التي حبستها....
أتاها صوت أختها المرتجف : هديل إيش بك إيش صاير !؟
هزت هديل رأسها بالرفض لتقول بين شهقات ألم : لا تدخلين أمل ، كم مرة اقولك لا تدورين على أجوبة ممكن تأذيك مرات الواحد لما يجهل الجواب يكون نعمة
لما ميعرفه و يعيش حياته وهو يبحث بيكون أهون
ضحكت بألم لتضيف : ممكن فيه ناس الحين قاعدين يقولون لما الواحد يعرف الجواب مهما يكون يوجع بيكون أهون من أنه يجهله و يقضي حياته كلها يبحث عن شيء يقنعه
مسحت دمعاتها لينزل جيش أخر لتكمل بصوت مرتجف : هذه هي الحياة لكل واحد عقبة ممكن يشوفها شخص ثاني اهون من عقبته ، بس مايحس بالصعوبة إلا لي قاعد يحارب عشان يتخطاها
جلست أمل بجانبها مستفسرة : هديل وش تخربطين أي عقبة ؟
شتت هديل نظرها لتكمل بصوت مبحوح : العقبة هي شيء يحاول يعيق السلام و الطمانينة لي نكون عايشينها ، أو بنقول إبتلاء و إختبار من عند ربنا عشان يشوف قدرة تحملنا و صبرنا ، لازم الواحد يحارب و يحارب و يسوي المستحيل عشان يتجاوزها و مايخليها تعيق حياته
إلتفتت لتنظر ألى أعين أختها السوداء الهادئة ثم أكملت بإبتسامة ذابلة : بس أنا أؤمن انه لما الواحد يتخلص من ذي العقبة فحياتها بيذوق طعم الإنتصار بيتعلم شيء و بتكون كدرس له كيف يعيش ، بيتنعم براحة خيالية لحتى تطلع عقبة ثانية و يحارب كمان و كذا هي الحياة عند كل عقبة ليتعلم درس و يزيد صبره و قوة تحمله
هزت أمل رأسها بالفهم لتقول : بس لسى مافهمت إيش كان صاير فوق؟
وقفت هديل لتقول بهمس : ماصار شيء خلينا نرجع البيت كل شيء فيني تعبان
هزت أمل رأسها لتتبع أختها التي اوقفت سيارة أجرة لتعود إلى البيت
.
.
.


أما في الأعلى بعد عاصفة الجنون التي ضربت بذلك البيت...
توجه فارس إلى أبيه ليقول : هذه بنت ولد عمك صح
ناظره أبيه بصدمة
ليقول فارس بعد أن شتت نظره : أدري بكل شيء
صرخة جعلته يلتفت لتلك الواقفة بوجهها المحمر القائلة : حقير و كذاب تصدق كل شيء تسمعه لانك غبي
تجاهلهم حيدر ليغادر الشقة
أما شذى فتوجهت لغرفتها و أغلقت الباب...
لكن تفاجأت من تلك الجالسة على السرير و صوت بكائها الرقيق غطى عليه الصراخ و الجنون الذي كان قبل دقائق...
توجهت لها لتجلس بجانبها و تقول بتساؤل : أثير ليش تبكين !؟
لم ترد عليها أثير
أحاطت يدها حول كتفيها لتقول بصوت متعب مبحوح : أثير لا تهتمي بلي سمعتيه لساتك صغيرة
أدارت وجهها لها لتكمل مجاهدة بحبس دمعتها : أصلا هادي وحدة مجنونة تجي ترمي إفتراءات على الناس و بتلقاها الشرطة و تاخذها أهتمي بدراستك و حياتك بس أنسي كل لي شفتيه
هزت أثير رأسها لترمي بنفسها لحضن أختها
فشدت عليها شذى...
تحس أنها من تحتاج لهذا الحضن...
هي من تحتاج للكلام الذي قالته....
بكت بصمت كعادتها...
مشكلتها هي ضعفها بهذه المواقف...
لا تستطيع تحمل هذه الإتهمات التي تلقى على والدها...
شهقات حاولت كبتها صارت تتمرد...
إنجرحت شفتها من قوة عضها عليها لمنع صوت بكائها من الخروج...
لاتدري كم مر و هي متكأة على الحائط و ذراعها يحيط بأختها...
لكن لاحظت سكون حركة أثير التي يبدوا أنها نامت...
وضعتها على السرير لتغطيها...
يبدوا أنها نامت من البكاء فهذا طبعها...
خرجت من الغرفة لترى الجو الكئيب الذي في البيت أخوها الجالسة على الأريكة شارد الذهن...
طاولة الطعام التي لازالت كما هي...
الزجاج المبعثر على الأرض...
كل هذه كانت نوتات معزوفة حزينة رقصت عليها الأحداث الأخير بجنون...
أتت بالأدوات لتنظف المكان...
تريد شيء يشتت ذهنها...
مرت ساعة و لم يتغير الوضع لتصرخ قائلة : ليش مسويين ذا الجو الكئيب يعني أي أحد يجي يدخل و يكذب تصدقونه و تعيشون الجو
إلتفت لها فارس ليقول بهدوء : شذى ممكن ترحمينا من صراخك ماني ناقصك
وضعت المكنسة التي فيدها لتقول بنفس النبرة : و ليش يا حبيبي أنا من زمان كذا ، و بعدين مصدق الخرابيط لي كانت تقولها ذيك المجنونة.
زفر بملل منها ليقول : و انتي لين متى تشوفي كل الناس كذابة أظن ان هذا اقوى دليل
شعرت أنها ستقتلع قلبها هذا الذي لازال يقول أنه كذب...
إرتخت عضلاتها و أثقلت ملامحها بالحزن لتقول بضعف : بس بابا مو مثل مايقولوا ، مستحيل يسوي شيء أصلا هو حنون و دايما يهتم فينا و طيب مع الناس كيف يقولون أنه قاتل مستحيل اصدقهم اصلا مستحيل يكونون صادقين
وقف ليأخذ محفظته و هاتفه و يقول و هو متوجه إلى الخارج : شكله أنتي وراك مشوار طويل عشان يفيق عقلك الغبي ذا
إستفزتها جملته الأخير لتقول بعصبية : أنتا الغبي مو أنا
ثم أكملت تنظيفها...
.
.
.
إبتسامة رسمت على محياها...
تختلف عن كل إبتسامات العالم...
و بريق إشتياق ظهر بعيناها....
ينافس النجوم في لمعته ...
نسمة هواء هبت لتسمح لشعرها أن يصعد المنصة....
و يعبر عن مشاعرها...
راح يتمايل...
فتحول لطبيب يشرح عن دقات قلب الإنسان الغير طبيعية.....
إنعكاس أشعة الشمس على سواده جعلته يلمع...
ليتقمص دور العروس التي تألقت بطلتها اللامعة و راح يسرد عن مشاعرها حين رأت عائلتها تحتفل بها....
إختفت نسمة الهواء ليسكن تحركه...
و تظهر خصلاته المتسابقة الى آخر خصرها...
فعاش دور الشاعر الذي يكتب قصائد عن إشتياق الأخت لأختها...
أشارت بيدها ملوحة لرودينا التي أتت ركضا وإحتضنتها لتهمس : وحشتيني وحشتيني وحشتيني
شدت عليها أختها لتقول : و أنا كمان
جلست أختها بجانبها على المقعد لتقول بنفس الحماس : ياي حماس وينها جارتك الغثة ذي أبغى أشوفها
أنكمشت ملامح لتين ببتقزز لتقول: من جدك جاية عشان تشوفي وحدة مستفزة و سامجة زيها
و الله أفضى منك لسى ماشفت
دفعتها رودينا بخفة من كتفها لترد : ياشيخة انت لي حمستيني و بعدين تقولي عني فاضية
مسكت لتين كتفها لتقول : أي بشوي صاير جفصة
حركت رودينا يدها بلامبالاة لتقول : عادي من يومي كذا
ثم إلتفتت لها بعد أن زادت إبتسامتها لتضيف : لوتي فيه شيء متغير فيني صح ؟ إيش هو ؟
تأملتها لتين بإستغراب لتقول : مدري مغيرة لبسك و لا لابسة شيء جديد إيش دراني
هزت رودينا رأسها لتقول : لا فكري قصدي أتأملي
تأملتها لتين بإستغراب
وفي وسط إندماجها بالبحث عن التغير
تفاجأت بصرخة أختها...
ملامحها المتفاجأة و دقات قلبها التي توقفت للحظة ثم زادت سرعتها يدل عن مدى تفاجئها...
في حين إحمر وجه أختها من الضحك على ملامح لتين لتقول : ههههههه لوتي وجهك مرة نو ههههههه أي بطني هههه
وقفت لتين بغضب لتقول : وجع فجعتيني كم مرة اقولك لاتسوي ذي الحركة تخيلي قلبي وقف
ناظرتها رودينا بإستخفاف لتقول : بالله قلبك يوقف عشاني صرخت كذا مرة اوفر
جلست لاين لتقول : لاتسوي فيها لي ماتخاف مدري من كانت كل ماتضارب مع لمى ولا مدري شسمها أجي أنا أدافع عنها
أرجعت رودينا خصلة من شعرها خلف أذنها لتقول بمرح : يا ليل ترى ذليتينا كلها كم كلمة قلتيها للبنت المشكلة صارلها اكثر من عشر سنين و انتي لساتك تتكلمين عنها
إلتفتت لها لتين بعد أن أطلقت ضحكة خفيفة :هههه من حقي يا شيخة قريب ماجتني حالة نفسية من كثر ماحسيت نفسي ظالمة
ضحكت رودينا التي أضافت : هههههههههه باللله إيش سويتي مني متذكرة عدل

تذكرت لتين التي زاد ضحكها لتقول بعد محاولة لإلتقاط أنفاسها : هههههههه جد حاسة نفسي حقيرة
ضحكت رودينا بهدوء لاقول : مدري نسيتي بس لي متذكرته أنك سويتي شيء حقير لو أحد سواه لي عادي أقتله
لم يتوقف ضحك لتين لكن بعد محاولات عديدة للكلام قالت : ههههههه كنا فبيتهم و ماحبت تعطيك عروسة ههههه يعني شين و قوي عين فوق مأنك حابة تاخذي لعبتها غصب جاية تشتكين أنها ضربتك هههه كذا شعرك مشعتر و تبكي ههههههه المهم هههههه أنا رحت سويت فيها الأخت الكبيرة لي تاخذ بحقك مع أنه مافي أي حق تاخذينه ههههه رحنا غرفتها و قلنالها مامتك تناديك هههههه ولما طلعت جبنا كل ألعابها كسرناهم و العروسات كذا قصينا شعرهم بعدين كسرناهم يعني جد أجرمنا فألعاب البنت ههههههههه و لما جات إنصدمت مسكينة ههه و بدينا نخترع قصص من عندنا عشان تخاف هههه قلنا وحش جاء و كسرهم و مدري إيش ههههههههه آه ياربي خليتيني أصير مجرمة مع اني كيوت

ضحكت رودينا حين تذكرت و إمتزج صوتها مع ضحكة أختها لتقول بعد إلتقاط للأنفاس : لوتي يلا نروح الشقة جايبة فلم أنمي نتفرج عليه يجنن ، عندك شيء ناكله معه ؟
هزت لتين رأسها لتقول : اكيد عندي يلا بسرعة من زمان عن أفلامك
وقفت رودينا معها لتتبعها
.
.
.
و لأول مرة في ذلك البيت الهادئ صوت ضجيج مزعج من الللعبة التي يلعبها ذلك الواقف بحماس و صوت صراخه يعلو في كل مرة يربح او يخسر
إنتبه لصوت الباب الذي إنفتح ليقول دون أن يلتفتت وهو مندمج مع اللعبة : نعم
اتاه صوت العاملة تقول: سيد سامي هناك من يريدك على الهاتف
توقف عن اللعب فجأة ليقول : منو ذا لي يتصل على تلفون البيت
لكن إبتسم فجأة ليضيف بثقة : يعني منو إكيد المعجبات و أخيرا لقوا الرقم
إلتفتت للعاملة الواقفة ليقول : حسنا أتٍ
توجه إلى عطره ليبخ منه و يرتب شعره : مسكين طارق شكلهم سحبوا عليه و جو لي
لكن توقف في منتصف نزوله الدرج ليقول : اللحين ليش أنا متعطر كأنه رح يشموني أو يشوفوني مدري من وين جاني الغباء مع أنها مو من صفاتي أبدا
إلتقط الهاتف ليقول بصوت هادئ واثق : نعم أختي معك سامي الهاني ، بس معليش مقدر أقبل لانه
قاطعه صوت شاب يقول : أختك فعينك شكلك خرفت أنت
حك سامي رقبته ليقول : أه آسف حسبتهم المعجبات المهم مين معي؟
ظهر الانزعاج عليه حين سمع صوت ضحكت الطرف الآخر الذي يقول : مصدق نفسك أي معجبات الله يعينك على نفسك و
قاطعه بنفس الإنزعاج الواضح من نبرته : ياخي من الآخر منو أنت
وصله صوت الأخر الذي يقول : أنا الذي أظهر في الليل و أختفي في النهار و إذا ماعرفت الجواب بتشوفني بعد خمس دقائق
فهمه سامي مقصده ليقول بعد أن زاد إنزعاجه من هذا الغبي مع أنه يشك أنه أحد فله نفس الأسلوب : شوف يا تتكلم يا بأسكر فوجهك ماعندي مشكلة
وصله صوت الطرف الآخر الذي يقول : اوه سام صاير عصبي بس عادي ماعرفت الجواب مافيها الشيء بأعيده انا الذي يظهر
أغلق سامي العاتف بنفس الإنزعاج ليعود إلى اللعب
.
أما بعد خمس دقائق
يقف ذلك الشاب الذي يكاد ان ينتصف العشرين من عمره في مدخل البيت بحقيبة السفر و نظاراته الشمسية التي نزعها للتو ثم صعد إلى الأعلى بعد ان طلب أن توضع حقيبته في غرفته و بعد سؤاله عن عمه الذي قالوا أنه لم يأتي بعد
دخل العرفة و هو يرى ذلك الذي يلعب بحماس ليقول بمرح : يوه سامي وقاحة أكثر من كذا لسى ماشفت أقولك جاي بعد خمس دقائق تسحب علي و تروح تلعب
أما سامي فأغمض عيناه بعد أن أوقف اللعب ليقول : انا أحلم صح أقرصوني عشان اصح من ذا الكابوس
إبتسم الشاب بشر ليقول : أبشر ماطلبت شيء
في حين إلتفت له سامي ليقول بتفاجأ : لؤي متى جيت ؟
ناظره لؤي للحظة ليقول : صارلي شهر هنا بس كانت عندي قدرة الإختفاء
زفر سامي براحة ليقول : مارح أعلق على سماجتك بس أحسن انك جيت كنت بانتحر من طفش لي عايشه
تقدم لؤي ليقول : شفت فايدتي يلا جيب ألعب
ناظره سامي بإستغراب ليقول : توك جاي من السفر
رفع لؤي كتفه بلا مبالاة ليقول : عادي يلا ابدا
بدء سامي اللعب مع إبن عمه الذي قضى فترة طويلة بالعيش معهم بعد وفات أبيه و زواج أمه مرة أخرى و سفرها فقد عاد بعد شهر من السفر لزيارة والدته
.
.
.
في غرفة بناتية
تضم خمس صديقات و أصوات الأغاني الاجنبية تدوي في مكان تجلس إليزا على الأريكة البرتقالية
و انواع من الحلويات و المرطبات موزعة على الطاولة رغم الأجواء التي تحبها إلا أنها تشعر بأن هناك عنصر ناقص أقرب صديقة لها سيلا لم تتصل اليوم و هاتفها مغلق حتى أنها لم تحظر لجمعتهم
إبتسمت لصديقتها سلمى التي تقول : إليزا مسوية دايت ليش ماتاكلي
فردت عليها بمجاملة : لا مو مسوية دايت بس شبعانة كليت كثير فالعشى
ضحكت ميساء التي قالت : حتى أنا نفس الشيء إذا كليت كثير فالعشى مأقدر أحط لقمة بعدها فالسهرة
هزت رأسها لتقف بعد أن رن هاتفها و تجيب على أمها التي قالت : إليزا وينك وش ذا الصوت
اجابت إليزا بعد تنهيدة : وحدة من البنات مسوية جمعة فبيتهم دام مافي احد
وصلها صوت أمها المتفاجأ : إليزا لا تستهبلين قاعدين فالبيت لوحدكم
سندت إليزا نفسها على الحائط لتقول :! et alors ( و إذا ! )
زفرت أمها بضجر من تصرفات إبنتها المستهترة : لا والله مافيها شيء ، هبلة انت تخيلي يدخل أحد يسرق و يلقى بنات قدامه مدري تخيلي يصير شيء ، تعالي ماتزيدي دقيقة
ظهر الملل على نبرتها لتقول : اصلا كنت جاية ، إلا ماما ممكن تتصل على خالة سعاد مدري سيلا ماجات و حتى تلفونها مقفل من البارح قلقلت مو من عادتها
إبتسمت حين سمعت أمها تقول : d'accord ( حسنا)
فردت بنفس الإبتسامة : بيباي مام
ودعتها أمها لتغلق
ودخلت إلى الغرفة لاقول : بيباي بنات لازم أروح بكرة عندي مدرسة ماأقدر أسهر كثير
ضحكت أحدى البنات لاقول : هههههاي عشان سيلا مو هنا ، يا بنت انت ماتقدري تعشي بدونها مدري إيش شايفة فيها اعوذ بالله منها النار تحت التبن
إنعقدت حاجبا إليزت بغضب لتقول بحدة بعد أن أمسكت بالبنت من منتصف ذراعها : تكلمي عنها مرة ثانية قدامي تشوفي وجهي الثاني
ثم دفعتها لتقول : أنا أروح قبل لا أغير تركيبة وجهك

ثم خرجت بغضب...
ركبت السيارة مع السائق كونها لا تعرف السياقة ليلا
رن هاتفها لترد بسرعة قائلة : نعم مام
أجابتها أمها قائلة : مافي شيء بس أن البنت تقول أنها مضغوطة فالدراسة فسكرت الجوال
زفرت اليزا براحة لتقول : اوف خوفتني
ضحكت أمها بهدوء لتقول : ماله داعي الخوف أبدا ، حتى انتي مرات تختفي و ماأشوفها اتصلت
شتت إليزا نظرها نحو اليمين لتقول : لا دايما تتصل و نتكلم
ودعت أمها بعد إخبارها أنها في الطريق ..
برود من صديقتها بدأ يحيرها...
تنهدت لتتصل على هديل التي قالت بعد رنتان : بأطلع من الشغل
ضحكة بدهشة لتقول : و عليكم السلام و رحمة الله ، ممكن تعيدي مافهمت
أعادت هديل بنفس الصوت المتحدي : بأستقيل
ضحكة بتهكم لتقول : هديل يا قلبي ترى أنا حزنانة عليك عشان كذا لقيت لك شغل و انت كذا تجازيني
لازال صوت هديل هادئ يحمل نبرة تحدي : محد طلب منك فلاتستفزيني
لازالت نبرة إليزا تحمل التهكم فتقول : ياحياتي و الله صايرة ممتعة و إذا إستفزيتك إيش بتسوين
لم يهتز هدوء هديل و لا ثقتها لترد : بكل بساطة بأجمع ليث و منى ووقتها بأتكلم عن كل شيء
إختفت إبتسامة إليزا لتقول بهدوء: الدليل ؟
اجابتها هديل بنفس النبرة : المسجات
خلخلت إليزا يدها في شعرها لتقول : و مثلا إذا كانت محذوفة ولا مافادتك
ضحكت هديل ببرود لترد : يمكن إذا شافك ليث مادام منى بتعرفك ممكن هو يتعرف عليك و يعرف لي تبغي توصلين له من طلباتك
تجمدت إليزا لتقول بعصبية : و الله ياهديل إذا فتحتي فمك بشيء أنت بتتحملي لي يصيرلك
زادت إبتسامة هديل حين عرفت نقطة ضعفها لتقول : ليش معصبة ، إذا ماتبغيني اتكلم اممم لاعاد تتصلي عليا ولا تدرين رقمي كله أمسحيه أنسيه و تقربي شبر مني أسهل شيء بسويه أني أروح و يصير لي مايعجبك
ضحكت إليزا بقهر لتقول : أنت قد تهديدك ذا
زاد غضبها حين سمعتها تقول ببرود : إيوا قده
وضعت الأخرى رجل على رجل لتقول : إذا تحملي لي يجيك

.
.
.

اما هديل فأغلقت الخط دون أن تضيف كلمة ثم إتصلت بمنى لتطلب إستقالتها بإعطائها مبررات أن لا أحد في البيت مع إخوانها فقبلت بعد عناء لتدعوها غدا إلى البيت لتأخذ أجرتها
إنتبهت لأختها التي خرجت من الدكان الذي إشترت منه قارورة ماء
و أكملت مشيها بخطوات متعبة بعد أن وضعتها سيارة التاكسي في احد الاحياء الهادئة التي تبعد نوعا ما عن البيت فقد فضلت المشي لتهدئة نفسها.....
توقفت أختها لتقول بتعب : تعبت اوف
توقفت هي الأخرى لترد بتشجيع: امشي بس يلا مابقى شيء و نوصل
هزت أمل رأسها و حين همت بالرد
قاطعتها هديل القائلة بمحاولة سمع : لحظة أمل ماتسمعين شيء
هزت أمل رأس تقول : اسمع ، مو كانه صوت احد يبكي
صوت نشيج كان يطغى على المكان..
تقدمت هديل إلى المصدر لتتوقف بصدمة...
مرأة عجوز تجلس على الرصيف و قد أثقلت ملامحها بالحزن...
و الدموع تتغلغل بين تجاعيدها...
لا تدري أي سهم ألم رمي عليها...
كأنه مشهد من مسرحية تراجيدية....

تقدمت لها لتقول برقة : خالتي اساعدك بشيء ؟
رفعت العجوز رأسها لتهزه بالرفض و تكمل عزف مقطوعة البكاء...
جلست بجانبها لتردف : طيب ليش حالتك كذا ممكن اقدر أساعدك ؟
صوت أثر عليه الزمن و بحة ألم ميزتها فيها وصلها يقول : ماتقدري تساعديني
لازالت ملامح هديل تدل على التعاطف لتقول بنفس النبرة : ليش؟
قاطعهم الصوت الرجولي القاسي الذي يقول الذي يقول : أنت مازلتي هنا !
رفعت هديل نظرها لتقف قائلة : نعم اخوي فيه مشكلة
وجه أسمر ذو عينين جاحظتين و أنف معكوف ملامحه تدل على القسوة كان يقول : مين أنت عشان تحشرين نفسك ؟
و قفت لتقول بهدوء : مو مهم مين أنا ، أنت لي مين و ليش تكلمها كذا
ناظرها بتهكم ليقول : ياربي متى توقفي أنت و أشباهك تدخلون فمواضيع الناس
بدأت تفقد هدوءها من هذا البارد : من جدك أشوف وحدة قد أمي الله يرحمها كذا قاعدة فالشارع و تبكي و بعدين ينزل واحدك زيك يتفلسلف كيف ماتبغاني أدخل
راقبت ملامحه الساخرة و هو يقول : اوه لا يكون متعاطفة معاها ، لاتغرك الكم دمعة لي تنزلهم توها كانت مسويتلي مشكلة مع مرتي
هزت رأسها بإستفسار لتقول : كيف
لف وجهه لجهة العجوز ليقول بنفس النبرة الباردة : وقفي بكا فضختينا قلتلك باخذك لدار المسنين بس انتي معندة
إنعقدت حاجبا هديل بغضب لتقول : هيه صاحي أنت بصفتك إيش تاخذها ، و بعدين عدل نبرتك ذي بديت تنرفزني
ظهر الضجر على صوته الذي يقول : بصفتي ولدها يعني موضوع عائلي لاتدخلين
جحظت عيناها لتسكن حركتها بصدمة...
شخص يطرد أمه..
إبنها...
يعني انها أمه...
معادلة مستحيلة...
في عصر تحقق المستحيل فيه...
إبن يريد ان يرمي بأمه...!
يريد فراقها...
بينما هناك من سلبت ألوان حياته من بعد ذهابها...
هي التي سهرت عليه...
هي التي كبرته إلا أن صار رجل يستند على نفسه...
تتمنى لو أن امها لازالت هنا...
تؤمن أن الموت حق...
لكن لا تقوى على رؤية مكان نومها...
الغرفة التي كانت تنام فيها لازالت مغلقة...
لاتستطيع فتحها...
و فتح شريط الذكريات...
ذلك السرير الذي كانت تلجأ إليه عند حزنها و تتوسد حضنها...
تلك الخزانة التي كانت تخبئ فيها حوائجها لتخفيها عن أختها التي كانت تريد أخذها...
عباءتها المعلقة...
و رائحتها التي لازالت تداعب أنفها ..
تشتاق كل هذا و تتمنى عودتها...
ثم ترى شخصا مثل هذا القاسي...
يتجاهل أحد روائع الدنيا قلب الام و حنانها...
و يجسد أحد فجائع الدنيا قسوة قلب الإبن على أمه و جهله لقيمتها...
تأملت ملامحه المتهكمة و المستصغرة لها ليدفعها قائلا : يلا شوفي وين تنقلعي فضحتيني
شهقت ألم أطلقتها تلتها شهقة أختها التي تقدمت قائلة بعد أن دفعته بغضب رغم أن قوتها لم تظهر أمامه الذي لم يتزعزع من مكانه : أنت إيش أنت ، إنسان و لا حيوان ، كيف تسوي كذا هذي أمك يا لي خسارة فيك كلمة إنسان حيوانات ماتسوي زيك ، مدري كيف يطاوعك قلبك ترميها ماتدري أن الجنة تحت أقدام الامهات
ضربت يدها على الجدار لتقول بقهر بعد أن شقت دموعها طريقا على وجنتيها : تدري إيش يعني أم هي لي غسلتلك و كبرتك هي خلاتك تصير كذا و اللحين تجي تستقوي عليها هي لي عطاتك من حياتها كل شيء كانت توكلك و ماتاكل هي الوحيدة لي تقبل تقعد بردانة و تدفيك هي الوحيدة لي تقعد تسمع لشكاويك من دون ماتمل هي الوحيدة لي تتحملك رغم كل عيوبك
قطعت كلامها حين خانتها كلماتها التي لم تجد طريقة لتتجاوز بها صوت بكائها...
إلتفتت لشهقة أخرى أخرجتها هديل
التي إقشعر جسدها...
و رجفة ألم أصابتها لتبعث بدموعها التي تضن أنها لن تجف...

قالت بصوت متعب ظهرت فيه بحت وجع : مريض ، تدري أنك مريض لازملك تشوف أي مصحة نفسية تروح لها ، رميت أمك عشان إيش ؟
أجابها ليقول بصوت قاس : تستاهل هي لي وصلت نفسها هنا حتى مرتي و طفشت منها و مو غلطانة ماهي مجبورة تتحمل عجوز و تخدمها تزوجتني أنا مو عشان تكون ممرضة لذي
إستعادت قوتها رغم التعب الذي يصيبها لتصرخ قائلة : عشان مرتك ، مرتك ذي تقبل ترمي أمها ولا أنت ماعندك شخصية لي تقولك عنه تسويه و عيونك مغمضة ماتقدر لها تجي تستقوي على أمك حتى تدري الشنب ذا خسارة فيك لانك مو رجال
أمسك بمعصمها ليقول : تكلمي عدل و لاتخليني اوريك مين لي مو الرجال
نفضت يدها منه لتقول بصوت ظهرت فيه نبرة تهكم مقهور فيه : تعال أضربني كمان تعال ماقدرت لمرتك جاي تستقوي ، ليش؟ ماستحملت كلامي ! هاذي هي الحقيقة مافي رجال يرمي أمه و مرته تمشيه زي ماتبا ، تدري مافي فايدة من الكلام معاك روح شوف المدام يمكن قاعدة تتكلم مع أمها و لا صديقتها و تحكيلها كيف خلتك تطرد أمك لأنك غبي ، بس حيجي يوم و تندم تتمنى لو أنها موجودة أنا مؤمنة أنه مافي شخص يكره أمه بس فيه شخص قاسي و جاهل و حتندم لما تشوف عيالك يسولك كذا ، تندم لما تتوفى و هي مو مسامحتك وقتها بتشوف حياتك كيف تصير ، أنت مسلم صح ؟
هز رأسها بالإيجاب
لتكمل هديل بعد محاولة لتهدئة نبرتها : تعرف أن ربي قال «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانَا إِمَا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَْدُهُما اوْ كِلاَهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا افٍ وَ لَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلَا كَرِيمَا وَ اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِي إِرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَيَانِي صَغِيرَا » أظن انك تعرف ذي الآية قريتها و انت بالإبتدائي تجاهل كلام ربي كمان ماتدري أن رسول صلى عليه وسلم قال لما جاه واحد سأله يا رسولَ اللهِ، من أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي؟ قال: أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك

وتستهر بأحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم عن الأم و تمشي ورى مرتك ذي لي صدعتنا بها هي تروح عند أمها لي راضية عنها و انت كل ماتقدم على شيء تنغلق الباب بوجهك و هذا غير عن أنك ماتشم ريحة الجنة
لم يتغير شيء في ملامحه ليقول : إذا كسرت خاطرك لذي الدرجة خذيها و ريحيني منها بدل ماتجي تفتين عليا
ناظرته بغضب لتقول : ايوة حخذها لان راسك مثقوب و مافيه فايدة انك تعرف قيمتها
إلتفتت لها لتقول بحنان : خالتي تعالي معايا البيت ترتاحي
وقفت العجوز التي تمشي بخطى كسيرة و هي تراقب إبنها الذي حملته تسعة أشهر بين أحشائها و تعبت في ولادته و تربيته و هو يعطيها بظهره ذاهبا لزوجته
طلبت هديل سيارة تاكسي لتتجه إلى البيت
.
.
.

في الطابق الثالث من العمارة
تنتظر أمها التي راحت لتلبس عباءتها..
ليذهبوا إلى المستشفى عند أبيها...
حقد...
تحمله لتلك الرفيعة التي تلقى بسموم إلى داخل الجسم و تنفث الدخان في الهواء...
سجارة خبيثة...
رغم فخامتها وهي تتوسط شفتي الشخص الذي ينعم بصحته...
رغم أنها تظهر ضعفها الخبيث فقيل أنها تحترق لأجل إراحة الشخص...
إلا أن كل كاذب يكشف...
فبعد سنوات يدمنها الإنسان...
فتفتخر أنها و أخيرا ستقضي على هذا الذي يتبع شهواته...
تبعث بسموم مميتة في دم المدخن...
ثم تنتقل إلى الرئتين فتلوثها و هي تضحك بإستمتاع...
تستدعي شركائها...
أمراض...
خلايا سرطانية تحتل الرئة...
و هناك يندم الإنسان...
حين يشهد موته البطئ...
و يراقب أحباءه و حزنهم يزيد...
لكن بعد فواة الأوان لاينفع الندم...
كانوا متجاهلين لقوله تعالى
« ولا تَرمُوا بِأَيديكم إِلَى التَّهلُكَة »
إبتسمت لتخرج مع أمها
لازال شرودها واضح و هذا ماجعلها لا تنتبه إلى من أمامها لتقول بإنزعاج: وجع ماتشوفين
إبتسمت الأخرى لتنظر إليها قائلة : و الله أشوف نفسي أنا واقفة و أنت لي صقعتي فيني ، بس تدرين كنت رح أعطيك نظارة ممكن تساعدك بس شكل الخلل فمخك مو فعيونك
ناظرتها مريم لفترة بسيطة تريد فعل شيء لكنها متأخرة فدفعت لتين من أمامها لتقول : أبعدي أبعدي بس
جحظت عينا لتين بدهشة من حركتها لتمسكها من معصمها قائلة : هيه تلمسيني مرة ثانية بأكسر إيدك
ثم عادت لتين إلى شقتها وهي تستعجل أختها
في حين عضت مريم شفتها بغضب لتضرب الباب بقوة
و صعدت أمها قائلة : وين قعدتي تعالي ماأبغى أتاخر شوفي الساعة كم
أشارت لأمها بلحظة
ثم إلتفتت للباب الذي فتح و ظهرت لتين بملامحها البريئة قائلة : مريوم خلاص قلتلك الكتاب مو عندي أعطيته لغادة مدري ليش مو مصدقتني و فوق كذا تقولينلي كذابة الله يسامحك صح أني زعلانة منك
صدمة ظهرت على وجه مريم لتقول بتعلثم :كيـ ف
وبترت كلامها حين سمعت أمها تقول : ليش تقولي كذا للبنت خلاص قالت لك ماعندها الكتاب شوفي عند شذى ممكن يكون عندها
زادت لتين في تمثيلها لتقول : يا خالة وفوق كذا دايما تضايقني بالجامعة
صدمات متتالية ترمى على مريم
و زادت عندما سمعت أمها تقول : خلاص يابنتي كلنا صارتلنا ذي المشاكل و حتعتذرلك مريم
ثم أشارت لأبنتها التي قالت بدفاع : كذابة كل شيء قالته مدري من وين مطلعته
ظهر العتب المصطنع على وجه لتين التي قالت : أنا كذابة يعني مو فالعادة تضايقيني بالجامعة و تحارشيني
اما مريم فحقا لاتدري مذا تفعل بهذه الغبية الماكرة سمعت حدة صوت أمها التي تقول : مريم اعتذري
شدت مريم على كلامها بقهر و هي تقول : آسفة بالغبية لتين
إبتسامة شماتة إرتسمت على وجه الأخرى قائلة : عادي مريوم ماصار شيء و بعدين حنا زميلات
لم تجبها مريم لتتبع أمها إلى الخارج
في حين إلتفتت لتين لأختها لتقول : اوه كذا خلاص خذيت حقي ، عبالها بأسكت عن هبالها
ناظرتها رودينا بأسف لتقول : ماكذبت لما قلت عنك حقيرة شفتي البنت كيف صارت
رفعت لتين كتفها بلامبالاة لتقول : أحسن هي لي دايما تبغى مشاكل و أنا سكت لها كثير
وحين رأت التوتر على وجه أختها قالت : خلاص رودي لاتخافي و بعدين تراك عندي مو فالشارع
هزت رودينا رأسها لتقول ،: بس بيسألني بابا وين كنت و أكيد بيعصب
خرجوا من الشقة لتقول لتين و هي تغلق الباب : انا حأتكلم معاه و أقوله كمان إذا تجي. تقعدي كم يوم هنا
هزت لتين رأسها لتنزل متوجهت بسيارتها إلى البيت ذلك المسمى بأبيها
لاتنكر توترها...
لكن تستطيع التغلب عليه...

[ إنــتـهـ دمتم بود 🖤 ــــى ]


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس