منزل كريمة
صوت جرس الباب اخرجه عن تركيزه بالعمل نظر بالساعة وجدها السادسة مساء.
تعجب كيف مر الوقت بدون ان يشعر ... اتجه للباب و فتحه فوجدها واقفة بحياء و خجل فقال بابتسامة تزين وجهه : اهلا يا انسة كريمة ... بنت حلال كنت لسه هابعتلك مع عاليا تيجي عشان عايز اخد رأيك في حاجة
قالت بفظاظة غير مقصودة : لسه هتاخد رأيي!! ليه انت هتخلص الشغل امتى !!! داخلين على اسبوعين اهو و لسه مخلصتش.
رفع حاجبه متعجب توقع شكره للمجهود المبذول فوجدها تهاجمه كأنه يتعمد التأخير.
فقال بتوضيح : انا لقيت كهربة البيت كلها بايظة فقلت بالمرة طالما بدأت يبقى اخلص الشغل مظبوط.
احتقن وجهها حرجا من سخافة كلماتها فقالت بتلعثم : انا ... انا مش قصدي ... كتر خيرك على وقتك و مجهودك ... بس اصلي ... حاسة يعني ... اني ضيفة تقيلة عليكو و مش مخلياك تاخد راحتك.
قال سريعا بشهامة اولاد البلد : ازاي تقولي كده لو مشلتكيش الارض نشيلك فوق راسنا.
عدلت من طرحتها في توتر و قالت : طيب انا هامشي ميصحش اطول و احنا لوحدنا.
فقال سريعا : طب استني بس ... تعالي حتى شوفي الشغل.
حركت رأسها يمين و شمال برفض و قالت : تسلم ايدك اكيد شغل زي الفل لو لقيت عاليا رجعت هاجيبها و ارجع.
بعد ساعة و نص بمنزل حازم
تضع والدته طعام الغداء له و لاخته و لكريمة التي اصرت على انتظار عودة عاليا من العمل و التي بدورها انتظرت اخيها.
قال حازم و هو يأكل بنهم لعدم تناوله اي طعام منذ الصباح : الحمد لله الشقة كده خلصت ... حتى الحاجات اللي كنت عايز اسألك فيهم اتصرفت انا و عملتهم ... فاضل بكرة اشتري لمبات جديدة و اركبها لان اغلبهم ضرب و كلمت سلطان يظبط مع عبده عشان يجي يشتغل ان شاء الله اول ما وقته يسمح.
قالت و هي تتحاشى النظر له : طيب و التكاليف كام و ممكن كمان تسأل عبد الله عن التكاليف و الخامات عشان اجيبها و تكون جاهزة.
نظر لها فهو لا يريد ان يأخذ اي اموال منها لكن بنفس الوقت عاليا هي من دفعت ثمن الخامات فهو لا يملك اي شئ بعد توقفه عن العمل لمدة شهور و شهور لذلك ليس في استطاعته رفض المال اما بالنسبة لاجرته هو بالتأكيد لن يطالب بها.
قطعت عاليا تفكيره و قالت : عيب يا كريمة احنا اخوات مش هنتحاسب على كلام فارغ.
تركت كريمة الطعام و قالت بانفعال : لا والله العظيم لا يمكن يحصل ابدا كفاية بقالي اسبوعين اكل و شرب و نوم ولسه قدامي زيهم و اكتر.
و انتو ذنبكوا اية تتكلفوا كل المصاريف دي يا عاليا.
ربتت على كتفها و قالت : طب بس اهدي لزومه اية الحلفان ده.
قالت بتوتر : انتو عملتوا اللي عليكو و زيادة عيب اطمع في اكتر من كده
ابتسمت عاليا و قالت ببساطة : لا طمع و لا حاحة يا ستي الموضوع ابسط من كده
على العموم الخامات اللي جابها حازم اتكلفت 1700 جنية.
نظرت لحازم و قالت : طيب و مصنعيتك كام!!!
هب واقفا و قال بانفعال غير متوقع : و لا مليم و ده مفيهوش كلام كتير ... اهو ده اللي ناقص هاخد اجرة ايدي ... ليه مش شيفاني راجل قدامك و لا اية.
شكل الغربة نستك اننا هنا ايد واحدة اي حد يقع هتلاقي 10 يسندوه ... و لولا الظروف مكناش اخدنا منك مليم واحد.
و ترك الصالة و دخل غرفته بينما كريمة تنظر في اثره بانشداه و تقول باستفهام : هو انا قلت حاجة غلط عشان يزعل مني كده!!!
وقفت عاليا تجمع الاطباق و هي تقول بمرح : لا بس طول عمرنا متعودين لو شغل لجار او قريب بيكون من غير فلوس بس زي ما قالك الظروف مش سامحة نعمل كده.
ثم اضافت بحزن : حازم بقالو شهور مش بيشتغل ... بس لو معاه فلوس مكنش خد منك جنية واحد.
قالت بفضول : ليه ... اقصد ليه مش بيشتغل ... مش لاقي شغل و لا كان تعبان و مش قادر.
تنهدت بارهاق و قالت : تعالي نشيل الأطباق و احكيلك كل حاجة و احنا بنشرب الشاي في البلكونة.
بعد نصف ساعة كانت عاليا انتهت من سرد الحكاية فقالت كريمة بتعاطف شديد : يا خبر ابيض الله يكون في عونكوا كلكوا.
انتو عشان المسؤلية و التعب و هو عشان الظلم و الصدمة اللي بعد خروجه.
اومأت عاليا موافقة و قالت : الحمد لله فيه غيرنا بيطلعوا مدمرين تماما هو ربنا وقفلوا ولاد الحلال و اتعامل كويس.
المشكلة انه رافض يرجع يشتغل ... رافض ينزل حتى يقعد على القهوة او يشوف الناس
حبس نفسه في قوقعة و خايف يطلع منها
اول مرة يتعامل بالانفتاح ده كان معاكي عشان كده ماما تقولك جميلك على راسنا من فوق.
قالت بإقرار : في الاخر شهامته غلبت خوفه و لما لقى حد محتاجله مقدرش يتأخر و ده اللي لازم نستغله الفترة الجاية
قالت عاليا بدون فهم : ازاي ... تقصدي نعمل اية؟؟ذ
قالت : يعني نستغل شهامته عشان ينزل ... مرة صاحبتك ظروفها صعبة و الكهربا عايزة تصليح و مش معاها ... مرة جار ليكو بيتجوز و الفلوس مقصرة يا حازم اعمله شغل الكهربا هدية ... مرة جارتكو اللي جوزها توفى عايزة ابنها يشتغل علمه صنعة تنفعه جنب دراسته
اقصد حالات زي دي تخليه يشتغل و يخرج تاني للشارع يحس انه بيعمل حاحة ليها قيمة ... مرة في مرة هتلاقيه رجع يشتغل و يرجع احسن من الاول.
نظرت لها عاليا بامتنان و قالت : تصدقي فكرة ممتازة ... كانت تايهه عن بالي خالص.
من بكرة باذن الله اشوف اي حد عايز تصليح في كهربة بيته و ابعتله حازم.
|