عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-19, 09:19 PM   #12123

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,440
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*


لمست بأطراف أنامها الحلق الماسي المتدلي من أذنها وهي

تبتسم للداخلين للتو فذاك الباب الواسع لم يتوقف عن استقبال

ضيوفهم الليلة ويبدو لن يحدث ذلك قريباً .. استقبلتهما بترحاب

وضحكت لتعليق المرأة على أناقتها فهي في هذه الليلة تحديداً

سينظر لها الجميع بنظرة مختلفة وإن كانت أنيقة دائماً تهتم

بمظهرها وكونها فرد من عائلة السلطان المعروفة في تلك البلاد

فإن كان الانجاز الأول الذي تفعله المرأة في حياتها بأن تنجب

وإن طفلاً واحداً فالآخر هو أن تراه يتزوج .. لكن ما لا يعرفه إلا

القلة بأنها اختبرت هذا الشعور وعاشته سابقاً وبكل صدق حين

تزوج وقاص ومن كانت تعتبره الابن الأول لها ومن قبل أن تختبر

شعور الأمومة أو تعرفه ولن تكذب أبداً إن قالت أنها لم تجد

الشعور اليوم مختلفاً رغم قلقها الشديد إن كان بالنسبة لزواج

وقاص المتزعزع وبشكل ملحوظ مؤخراً أو بسبب اختيار ابنها

للفتاة التي قرر الارتباط بها ... وانتقل نظرها سريعاً ناحيتهما

فبينما كانت ملامح رواح مسترخية يضحك ويمزح مع الجميع

وقد برز في بذلة سوداء أنيقة ومميزة بالفعل الليلة كانت الواقفة

بجانبه تدير وجهها بين المدعوين طوال الوقت متجنبة الحديث

مع أي ممن يتحلقون حولهما من حين لآخر بينما تمسكت

ملامحها الشقراء الجميلة ببرود قاتل ...

هي لا تكره أن تكون ساندرين زوجة لابنها كما أنها تحبها وترى

شخصيتها متطابقة تماماً مع شخصية ذاك المشاكس الذي لطالما

أتعبها وعلى مرور أعوام حياته لكنها تخشى فعلاً من الفشل

الذريع لزواجهما أيضاً وهي التي لن تتمنى في الوجود شيئاً

كاستقرار ابنيها وسعادتهما وهي ترى وبوضوح أن ساندرين لا

تتقبل كل ما يحدث بالرغم من أنها من أعلن موافقتها عليه سابقاً

وعلى العلن !

لكنها لم تبدي إلا الكره له ومنذ طفولتهما ولن تلوم سوى ابنها

المجنون ذاك على هذا ..

وما زاد الأمر سوءاً أنه لم يبلغها أحد بأن ما يحدث الليلة ليس

مجرد حفل خطوبة لهما بل ما جلب ضرار من مشروعهم الضخم

والمهم في تلك الجزيرة إلى هنا اليوم هو عقد القران الذي تم

بالأمس ولأنهم في مجتمع حفلات الزفاف فيه تقام في الكنائس

اختاروا إقامة هذا الحفل في قصر العائلة بينما كانت باقي

الإجراءات قانونية فقط .. لكن ما أراحها أن رواح قرر سلفاً بأن

إتمام الزواج متوقف حالياً وحتى وقت لم يقرره وتأمل فعلا بأن

يكون ينوي ترك ذلك لزوجته تلك فستكون الأمور أسهل حينها

ولن تجد نفسها مع زوجة ابن أخرى غاضبة في منزل عائلتها.

تنهدت بحزن وهي تنقل نظرها منهما للمعني بالأمر ومن لم تتركه

نظراتها هذه الليلة ولم يكن سوى وقاص الذي كان على حالته

ذاتها منسجم تماماً في الحديث مع مجموعة من أصدقائه المقربين

ومن كانوا ضمن المدعوين الليلة وكانوا ثلاث شبان وفتاتان ممن

يعملون معه في مكتب المدعي العام .. كما يبدو أنهم انتهزوا

الفرصة جيداً ليتحدثوا فيما لا يتوقفون عن التحدث عنه بالطبع

وحتى في حفل كهذا لا يمت لعملهم بأي صلة ...!

كانت تراه كما يراه كل من وقع نظره عليه منفصلاً تماماً عما

حوله وهو يبدو كمن يدير نقاشاتهم تلك بحرفية لا يهتم بشيء

آخر غيرها في تلك الحفلة وذاك المكان الواسع الذي بدأ يمتلئ

سريعاً بأصدقاء العائلة المنحدرين من أصول انجليزية لأغلبيتهم

لكنها كانت ترى أيضاً ما لم يراه أحد وهو أن انعزاله المتعمد ذاك

لم يكن تاماً وكاملاً كما يوحي للجميع أو يقصد أن يُظهر ذلك كما

تجزم فوحدها بالتأكيد من استطاعت أن تلحظ تلك النظرات القليلة

الخاطفة التي سرقتها عيناه الجامدة نحو شقيقه نجيب

وزوجته ...

المرأة الواقفة ملاصقة له تقريباً يدها تحضن ذراعه ومن بدت

أنيقة بل رائعة وفاتنة الليلة وليس لها أن تقول غير ذلك وهي

من لم تكن لتتخيل أن تراها في حلة أجمل مما رأتها عليه في

الحفل السابق والذي أقاموه من أجل النجاح الأول الذي حققته

شركتهم الجديدة وها هي تخون توقعاتها فذاك اللون الدافئ

لفستانها الطويل الناعم تناغم وبشكل آسر مع لون شعرها وجمال

بشرتها النقية ولون عينيها الواسعة وكم تخشى مما يخفيه قلب

ابنها الذي لم تنجبه ذاك فهي تعرف وقاص جيداً ولها أن تتوقع

موقفه الدفاعي عنها بسبب ظروفها وما أصبحت عليه هنا لكنها

تخشى أيضاً من انحدار تلك المشاعر لما هو أسوأ من ذلك رغم

هروبها المتكرر من الاستسلام لتلك الأفكار فوقاص لن يكون بتلك

الأخلاق المتدنية أبداً فحتى وإن كان زواجه ينزلق نحو الفشل

التام إلا أن تلك المرأة متزوجة ومن شقيقه مهما كان ذاك الزواج

خاطئاً وظالماً ... وبالرغم من كل ذلك لازالت مخاوفها تطفو

للسطح كلما رأت نظراته تستقر عليها وهي من ربت ذاك الشاب

وعرفته جيداً فكل شيء في وقاص تغير تقريباً منذ أصبحت تلك

الفتاة هنا ... لا بل تحديداً منذ أصبحت زوجة لنجيب وخرجت من

عزلتها الطويلة لتشارك العائلة حياتها وكل ما تتمناه أن تكون

مجرد مشاعر إنسانية تلك التي تدفعه للمحاربة من أجلها وبكل

تلك الشراسة كقريبة له أولا وكشخص يتعرض للظلم ثانياً حتى

إن تخلصت يوماً من ذاك الزوج الفاشل فهو لا يستحق أن يخرج

من جحيم الزواج بجمانة للتورط مع من تراها لا تجيد شيئاً سوى

كرههم وبالإجماع بل وانعزالها عن كل شيء حولها وكأنها

تعيش عالماً خاصاً رغم سواده ترفض أن يشاركها أحد فيه

وأيا كان ..

فحتى هنا وفي المكان الذي عج بالضحكات والأحاديث المختلفة

كانت نظراتها تنتقل بين المدعوين فقط ... نظرات خاوية غامضة

أحياناً ومتفحصة أحياناً أخرى وكأنها تخزن صوراً للجميع في

عقلها أو تبحث عن أحدهم في تلك الملامح بينما تجهل اسمه !

فهي تراها لا تشعر بأي شيء من حولها ولا حتى تلك النظرات

الرجولية الخاطفة التي تحيطها بحماية حذرة ترفض الخضوع

لقوانين صاحبها والابتعاد عنها رغم عزمه على فعل ذلك وكم

باتت تخشى على حياة ابنها ذاك من الانحدار للأسوأ فأحواله

جميعها لم تعد تعجبها .... هجرانه الشبه تام للمنزل ..

شجاراته المتكررة مع نجيب وعلاقته الشبه منقطعة مع زوجته

والهشة مع جده والمتدنية مع الجميع !!

حتى أن صديقته الانجليزية تلك والمدعوة إلينا لم تكن مع عائلتها

الليلة هنا وقد اعتذروا بلباقة بالنيابة عنها ويبدو واضحاً بأنها

تتعمد عدم المجيء !.

تنهدت بعمق مجدداً وهي تعود بنظرها إليه وكانت نظراته هذه

المرة مركزة عليهما عكس السابق !!

فتحركت نظراتها سريعاً نحوهما وغضنت جبينها تنظر باستغراب

للرجل الذي أصبح يقف معهما ... كان تقريباً في الخمسين من

عمره وله ملامح عربية واضحة ولم تستطع فعلاً أن تحدد سنه

فلا يبدو أن للون الأبيض مكاناً في شعره الداكن بينما تؤكد

الخطوط في فكيه وملامحه أنه في سن متقدم نسبياً ويبدو أنه

لا يفتقد للحيوية والصحة لكنها لا تعرفه ولم تراه سابقاً !!

أخرجها من أفكارها تلك كما انتزع نظراتها عن تلك الجهة اليد

التي لامست كتفها فنظرت سريعاً للذي قال مبتسما بفتور

" لا تقولي شاهر أهذا أنت هنا ؟ فأنا أقف خلفك منذ وقت

وأنت لا تشعرين "

استرخت ملامحها قبل أن ترتسم ابتسامة صادقة على شفتيها

ولامست يدها ذراعه قائلة بضحكة صغيرة

" لم تترك لي شيئاً أقوله إذا "

وتبدلت نظرتها للاستغراب حين نظر حوله ثم خلفه وكأنه يبحث

عن أحدهم أو ثمة من كان برفقته ويود أن يقدمه لها ! وليس

لها أن تتخيل أن يفكر في جلب تلك المرأة معه مجدداً بعدما حدث

وفعلته تلك المرة ، راقبت بتوجس نظراته التي تبدلت للحنق

وهو يجول بنظره بين الموجودين وكأنه يبحث بالفعل عن أحدهم

وانتقلت لها العدوى سريعاً لعلها تفهم على الأقل من هذا الذي

جاء بصحبته فهو لم يفعلها سابقاً حفاظاً على سريات هويته

الانجليزية المزيفة ليتم تقديمه على أنه مجرد صديق للعائلة !

وما أن كانت ستعود بنظرها إليه لتسأله إن كان يبحث عن أحدهم

ابتعدت بنظرها سريعاً جهة باب الشرفة الزجاجي الواسع

والمفتوح وسرق نظرها تحديداً الشاب والفتاة الداخلان منه

متخالفان بذلك مع الجميع وبشكل متعمد تفهمه جيداً وهو رفض

ذاك الشاب أن يحتك بها وهو متأكد من وجودها هنا قرب الباب

مع ضرتها تستقبلان الضيوف .. ورغم كل ذلك فهي لم تتأثر

باستنتاجها المحبط للآمال ذاك وقد قالت مبتسمة بسعادة

" أليس هذا ابنك وزوجته ؟

لم أكن أتخيل أن تفعلها تلك الفتاة وتجعله يأتي !! "


قالت جملتها تلك وقد انتقلت نظراتها نحو الذي تخطاها نحو

الداخل متمتما ببرود

" لا جدوى مما تفعلونه جميعكم ... لما لا تقتنعون بذلك ؟ "

فتبعته نظراتها الحزينة المتأسية وهو يبتعد في اتجاه آخر لن

يجمعه بابنه ذاك بالتأكيد وكم يحزنها وضعهما بل ووضع جميع

أفراد عائلتها فعلاقته بشقيقه تأخذ ذات المنحدر كما علاقة

شقيقها ذاك بها وهو من اتهمها وعلانية بأنها تقف في صف

شاهر ولا يمكنها أن تراه مذنباً بينما معه هو العكس مما سبب

انقطاع شبه تام بينهم منذ تلك المشكلة أو الشجار العنيف الذي

دار بين الشقيقين قبل أعوام وكان سببه الرئيسي ذاك الابن الذي

لا يعترف بأي منهم ولا يراهم عائلة له .


انتقلت نظراتها جهة من أصبحا قربها يتبادلان التحية مع ضرتها

والدة ضرار وابتسمت بحب وهي تستقبلهما فكأنما خرج هذا

الرجل من أفكارها ! وها هو يقول مبتسماً بتكلف واضح

" نعتذر عن التأخر الخارج عن إرادتنا ... مبارك زواج

ابنك يا رقية "


فقالت بسعادة تمسك بيده بكلتا يديها

" سعيدة بحضوركما وأنا من عليها أن تعتذر لأني لم أكن معكم

في الحفل في منزلكم "


فابتسم وافترقت أيديهما بسبب التي قالت وقد اقتربت منها وقبلت

خدها مبتسمة

" مبارك لكم ولنا إذا فمصابنا واحد "


وتشاركتا الضحك فبالرغم من الفتور الواضع في علاقتها بشقيقها

الذي لم يعد يزورها سوى في المناسبات وبدعوة رسمية أيضاً

فإن زوجته تراها تختلف في أفكارها عنه وكأنها ترفض كل ما

يحدث وكم هي ممتنة لهذا فحتى كنانة توقفت عن زيارتهم ومنذ

أعوام ولن تلومها في ذلك فهي في هذا ستراعي مشاعر والدها

في جميع الأحوال وذاك ما حاولت شرحه لها متأسية بعكس

شقيقها عثمان والذي كان غضبه أسوأ من والده فهو انقطع عنهم

وبشكل نهائي عكس البقية وكم تتمنى بالفعل أن ينتهي هذا

الشقاق بين الأشقاء والذي تراه لن يتحقق مادام ذاك الشاب

المدعو تيم غاضب من الجميع وكأن غضبه ذاك لعنة عصفت

بهم جميعهم لن تختفي تبعاتها إلا باختفائها .


*
*
*


شتت نظراتها الباردة بعدم اهتمام بعيداً عنه بل وعنهما وقد

سئمت فعلا من تصنيف مشاعرها فهي لم تكن هكذا أبداً ولم تحتج

يوماً لأن تلتفت لهذه التفاهات وليس عليها أن تتساءل مجدداً

عن توجيه مشاعرها اتجاه هذا الرجل المسمى خالها ولا بأن

تسمح لكل ما يقوله ذاك المحامي الفاشل أن يؤثر في أفكارها

فجميع من في هذا الكوكب مجرد أعداء حقيقيون لها ..

عليها أن تصنف الجميع على هذا النحو وحتى خالها دجى وابن

شقيقه فهم في النهاية تركوها وحيدة حين اقتنعوا بأنها لم تعد

بحاجة لأي أحد فقد فعلوا ما يستطيعون عليه... أليست تلك كانت

عبارة طبيبها الأخيرة والتي قالها في وجود مطر وهو لم يعارض

أو يناقشه فيها ؟ إذا هم فعلو ما في استطاعتهم وهي لا تحتاج

لأي منهم .. هذا ما قررته وعازمة عليه .

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها الجميلة الرقيقة ونظرها

الشارد يتبع حركة سيدة شقراء تتمايل في فستان حريري طويل

مبتسمة ... هل هي بالفعل قررت ذلك لأنها لم تعد تحتاجهم ؟

لا بل الواقع أقسى وأسوأ من ذلك بكثير فهي لم تفقد مربيتها

وحلقة الوصل الوحيدة بينهم فقط بل وباتت ممنوعة من الخروج

لوحدها من هذا السجن الذي بات أوسع الآن وبأوامر وجهت

للحرس الواقفين في الخارج تحديداً كما يُمنع على من في مثل

حالتها اقتناء هواتف شخصية فهي لازالت الفتاة المعلولة نفسيا

بل وعقلياً وفي نظر الجميع .. لكن ذاك لن يثنيها عما عزمت

عليه وهي تدخل هذا المكان وإن كلفها حياتها .

رسمت ابتسامة أخرى متكلفة على شفتيها لم تغير شيئاً في

ملامحها الباردة حين اكتشفت أن الحديث بات موجهاً لها وهي لا

تعلم بل لم تهتم فلم تجد فيما يتحدثان عنه شيئاً مسلياً أو مهماً ولا

ينقصها المزيد من الملل وتستغرب جدياً أن هذا المدعو نجيب لم

يدعو أحداً من شلة الفاشلين تلك المدعوون أصدقائه فهل خالها

من طلب هذا بسبب طبعه الانطوائي والذي تستغرب معه أن دخل

مكانا مليئاً بالأشخاص كهذا ! أم ثمة أسباب أخرى تجهلها تدور

في هذا الرأس الخبيث ؟

قالت ببرود وصوت بالكاد يُسمع

" آسفة لقد شردت قليلا "

ابتسم الواقف أمامهما ابتسامة أظهرت خطوط فكيه العريضان

بوضوح وقال ونظراته لم تترك عينيها

" وهل لي أن أعلم فيما تفكر ابنة شقيقتي الحسناء ؟ "

ولم ينتظر منها الجواب وقد تابع ونظره ينتقل للواقف ملاصقاً لها

" هل فكرت يوماً في قراءة أفكار النساء ؟ إنها أصعب مهمة

يورط الرجل نفسه فيها كما يقولون "


فضحك نجيب سريعاً وقال يرمقها بنظرة ماكرة

" بلى ومع ابنة شقيقتك تحديداً سيكون الفشل مضاعفاً

بل ومريعاً "

فتنهدت بضيق مبعدة نظرها عنه بل وعنهما وهما يتشاركان

الضحك لحظة أن اقترب منهم أحد الخدم المنتشرين في المكان

الواسع وهمس للواقف بجانبها شيئاً ما من خلف أذنه جعله

يسحب ذراعه تاركاً أصابعها تنزلق منها وغادر خلفه مباشرة

نظراتها تتبعه حتى اختفى خلف باب صالة الاحتفالات المرتفع

ويبدو غادر المكان بأكمله وتستغرب تكرار هذا الأمر كلما كانوا

ثلاثتهم معاً وكأن الأمر متعمد !! نظرت حولها تمرر نظراتها

ببطء بين الموجودين تبحث عن تفسيرات لأمور كثيرة باتت

تجهلها فهي لا تثق في أي منهم ولا تعلم لما تشعر بأنه ثمة شبكة

عنكبوت تحاك حولها في صمت ولن تتمكن من اكتشافها حتى تجد

نفسها عالقة فيها ؟!.


أجفلت بشكل خفيف ظنت بأنه لم يلاحظه أحد سواها حين لامست

أطراف الأصابع الباردة للواقف أمامها أسفل ذراعها ومرفقها

وكان ينوي قول شيء ما مبتسماً قبل أن تنطفئ تلك الابتسامة

تاركة تجهما غامضا في ملامحه .. ومن إبعاده السريع ليده

علمت بأنه فهم أمراً ما وأثبت ذلك حين قال بأحرف مشدودة

" تخافين مني يا زيزفون ....؟ من خالك ...! "

فأبعدت نظرها عنه وهمست ببرود تمرر أصابعها على مرفقها

حيث لازالت تشعر بلمساته تلك

" بل كنت شاردة الذهن ولم .... لم أكن أتوقع بأنها يدك "

تنقلت نظراته في ملامحها وقال بجمود

" لم تنسي الماضي ولم تشفي منه إذاً ...؟ ألا زالت تنتابك

الكوابيس ؟ لازلت ترين ذاك الرجل فيها ؟ "

حضنت نفسها بيديها تقريباً في حركة لا إرادية تبعد نظرها

عن عينيه وقالت بجمود

" افضل أن لا نتحدث عن الأمر "

قال وكأنه لم يسمع ما قالت

" عليك أن تنسي كل ذلك فهو لم يعد له وجود ... كان ماض

وانتهى يا زيزفون "

فنظرت له سريعاً ولم تشعر بنفسها مطلقاً وصوتها يخرج

مرتفعاً حاداً وإن لم يكن تغلب على الضجيج من حولهما وصوت

الموسيقى التي أصبحت تنبعث من مكان ما

" انتهى كيف ؟ ماذا عن القضية وعن إسحاق وعن عائلة ذاك

الرجل ؟ وتعلم بالتأكيد بأنهم يسعون وبقوة لنقل القضية هنا

لمحاكم بريطانيا فأنت تعلم عن كل شيء ومن حيث لا أعلم ..!

كما تعلم جيداً بأن اختبائي خلف اسم مزور لن يدوم طويلاً "


كان صدرها يرتفع ويهبط بقوة من شدة انفعالها الغاضب فابتسم

بسخرية وهو يقول

" أي الإثنين تعني انجي جاكسون أم سيلين إسحاق ضرار ؟

لم أعرف امرأة مثلك تعيش بثلاث شخصيات مثبتة قانونياً

وسليمة لا نقاش فيها وأن تكون زوجة لابن عمها باسمها

الحقيقي تحديداً ! "

شعرت بغضبها يزداد مع تصاعد أنفاسها من سخريته ولا مبالاته

أولاً ومن كم الحقائق التي يعلمها عنها ثانياً فهي لم تعطي هذا

الخال حجمه الحقيقي بالتأكيد ولا يبدو لها أنه الرجل الانطوائي

المنعزل الذي عرفته في الماضي ...!!

قال حين لاحظ غضبها المكبوت والذي أوشك على الوصول

للانفجار

" حسناً أنا لا أتحدث عن القضية ولا عن إسحاق بل عنك أنت

وعن تأثير ذاك الماضي في...."

قاطعته بحزم آمر تنظر لعينيه

" لننهي الحديث في الأمر خالي رجاءً "

ولم تعجبها مطلقاً نظرة عدم الاقتناع التي رمقها بها فلما يهتم

أساساً إن كان ذاك الماضي لازال يؤثر بها أم لا وإن كانت تنفر

بالفعل من لمسات الرجال غير المتوقعة أو المقصودة ؟

ماذا يتوقعون منها مثلاً ؟ أن تجتاز كل ما حدث وكأنه لم يكن ؟

لم تكن روحها وحدها ما أزهقت تلك الليلة بل وشقيقها معها

احترقاً كما احترق جسد والدتهما أمام عينيهما وكما دُمرت

براءتها وبوحشية أمام شقيقها ... بأي حق يطلبون منها النسيان

وتخطي كل ذلك ؟

هي ماتت وانتهت منذ ذاك الوقت وعليهم جميعهم الاقتناع بهذا

ومهما كانت أسبابهم ودوافعهم فقد كان بإمكانها اجتياز كل ما

مرت به وبقوة حتى الجنون الذي كادت تصاب به وأنجزوا الكثير

وصفقوا لأنفسهم مهنئين وهم يخلصوها من كل تلك العقد

النفسية التي التصقت بها لكن هذه لا ...

لا يمكنهم فعلها كما لا يمكنها تخطيها ولا مساعدتهم في ذلك فذاك

دُفن داخلها وللأبد كما دُفنت جدتها ووالدتها ووالدها من قبلهما

قبضت أصابعها المرتجفة بقوة ونظرت جانباً متجنبة النظر لعينيه

المحدقة فيها بجمود ولم تستطع فهم ولا دراسة أفكاره فهو ثالث

شخص يعلم عنها وعن ماضيها الكثير بعد خالها دجى ومطر

شاهين لكن لم يعد يمكنها الوثوق به كما في الماضي وإن كان

دافع عن سرها ذاك وبقوة وحتى أمام القانون .

تركزت نظراتها وحدقتاها الغائمة بلون غامق فجائي أطفى عليهما

زرقة عميقة لا تشبه لونهما الأساسي بتاتاً وهي تنظر للواقف

بعيداً ومن كان ينظر لهما بتركيز منفصل تماماً عن أحاديث

الواقفين حوله ولم تفهم نظرته المستغربة المتفحصة تلك عمّا

تبحث تحديداً وهو من كان يتجاهلها بتعمد واضح ؟

ويبدو وكما لاحظت أن تساؤلاته تلك جميعها تدور حول الواقف

أمامها الآن والذي يبدو أيضاً لاحظ بوضوح نظرتها تلك بل

وتجزم بأنه كاد يقرأها وهي تعود بنظرها لعينيه ورأت فيهما تلك

النظرة وهو ينقلها بينها وبين الواقف هناك قبل أن يقول ناظراً

لعينيها

" من يكون ذاك الشاب ؟ يبدو يعرفك ؟ "

لم تفهم أكان سؤالاً ذاك أم استجواباً ! وبأي حق يرمقها بنظرة

الاتهام هذه ؟

أعليها أن تكون دنيئة منحطة كزوجها ؟

وماذا يقصد تحديداً ومما يبدو غاضباً ؟

حركت شفتيها متمتمة ببرود

" ذاك شقيق نجيب من والده ، ماذا تظنه مثلا ... عشيقي ؟

أنت لم تنسى حديثك السابق عن عُقد الماضي بالتأكيد "

لم يعلق كما لم يدفع الاتهام عن نفسه بل تنقلت نظراته بين

عينيها في شرود مبهم وكأنه يحاول تذكر شيء ما وقال بعد

برهة وبوجوم

" أهو شقيقه المحامي ؟ ذكر لي أن له شقيق أكبر منه يمتهن

المحاماة ؟ "


نظرت بريبة لعينيه المحدقتين فيها بفضول وترقب حذر لاحظته

بسهولة وقالت بدهاء أنثوي يشبهها

" بل نائب للمدعي العام في محكمة أولد بيلي الجنائية "

واصطادت بصدمة النظرة المرتبكة التي رمقها بها قبل أن

تجحض عيناه في الفراغ بوجوم مخيف وكادت تجزم بأنها نظرة

ذعر تلك التي رأتها في عينيه والتي أخفاها وبشكل سريع

وغامض عنها وهو يحدق فيها مجدداً حين قال بأحرف مشدودة

" ماذا يعلم عن الأمر ؟ هل أخبرته ؟ "

" لا ... ولا يعلم شيئاً "

قالتها مباشرة ولازالت تحاول فهم ما يجري في دماغ هذا الواقف

أمامها والذي لم تعد تراه كما كانت في السابق منذ زرع ذاك

الرجل الشكوك في داخلها حوله وها هي تزداد الآن ...!!

راقبت نظراته المشتتة والتي كانت تتسم بالثقة والكبرياء قبل

قليل ! فمما هو خائف فحتى انكشاف خبايا الجريمة لن يدفع هو

ثمنه بل شقيقها ! أم يخشى أن يُحاسب قانونياً على تستره عن

الحقيقة ؟ وذاك ليس بالسبب الكافي أيضاً !.

قال ينظر لعينيها وبجدية

" لا يجب أن يعلم شيئاً إذاً ... سبق وأخبرت زوجك ذاك بأني لا

أريد التعرف على أفراد عائلته ولا أن يعلموا هويتي ومن أكون

بالنسبة لك "

وتابع بانفعال فجائي وغريب حين رمقته بشك

" من أجل سلامتك وسلامة شقيقك يا زيزفون فتوقفي عن

التحديق بي هكذا وكأني قطة مسجونة في قفص "

رفعت حاجبيها في نظرة تعلم بأنه فهمها جيداً وكأنها تقول له

( ما بك انفعلت فجأة وبدون سبب !! )

فتأفف ونظر لساعته من تحت كم بذلته الرمادية المنشاة قبل

أن ينظر حوله قائلا

" علي أن أغادر الآن فثمة موعد مهم لا يجب أن أتأخر عنه

وزوجك يبدو سيغيب طويلا "

وما أن أنهى عبارته تلك حتى غادر مبتعداً عنها بل ومن المكان

بأكمله نظراتها المشككة لازالت تتبعه حتى اختفى قبل أن تنظر

للجانب الآخر وللذي لم تحتاج للبحث كثيراً حول تلك الجهة

لتجده فقد ابتعد قليلاً عن المجموعة التي كان يقف معها منذ وقت

ولم يكن سوى وقاص ... وانعقد حاجباها البنيان الرقيقان وهي

تنظر للهاتف الذي كان يضعه على أذنه يبدو يتصل بأحدهم

وينتظر أن يجيب كما يبدو أن صبره بدأ ينفذ غضباً من الذي لم

يجب عليه حتى الآن .. ومن نظراته التي كانت مركزة على

المكان الذي خرج منه خالها للتو علمت ما ينوي فعله فشدت

قبضتاها بقوة تشد على أسنانها وتحركت من فورها ناحيته فعليها

أن توقف ذاك المتهور فوراً .


*
*
*




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس