الفصل التاسع
بدلاً من ان تستريح من أجل رحلة ميامي سهرت لاسي ومن الارق بدا وجهها شاحباً في الصباح من قلة النوم
رن جرس الباب ثم اخذ حقائبها ليضعها في التاكسي الواقف امام شقتها ولم يقل لها شيئاً الا صباح الخير
وظلا صامتين طوال الطريق حتى وصلا الى مطار سولت ليك الدولي حيت لاسي ميلو بحرارة فإذا لم يهتم بها ماكس فتستطيع التحدث مع ميلو فنيك
وجيف سافرا بالامس مع اسرتيهما وسيتقابل الجميع في ميامي .
ومازاد الامور سوءاً أن ماكس أخذ يتناقش مع ميلو في العمل طوال الطريق الى فلوريدا وعندما قابلوا اصدقائهم ركبوا سيارة فان لتنقلهم الى فندق يطل
على الشاطئ .
لم تصدق لاسي أنها سافرت فقط لو يعاملها ماكس بلطف حتى تستمتع بأول رحلة لها منذ سنوات ولكنها شعرت بالتوتر .
حرص ماكس الا يجلس بجانبها في السيارة الفان , عرف الرفاق أن ثمة مشكلة بينهما لكنهم لم يعلقوا .
أعد جيف ترتيبات الرحلة و اعطاها مفتاح حجرتهما واللتي من المفترض ان يشاركها فيها ماكس الذي كان مستغرقاً في حديث مع ميلو ولم يبدو انه لاحظ
عدم وجودها في المكان .
كانت خطتهم ان يتقابلوا في مطعم الفندق على عشاء ثم يناموا وفي الصباح يستاجرو سيارة ليذهبوا بها الى ايفر جلادس سيسكنون في قرية صغيرة على
الحدود لمدة عشرة ايام .
لم تحتمل معاملة ماكس الجافة وفضلت ان تأكل في حجرتها واتصلت بالمسؤولين عن الخدمة الفندقية وطلبت منهم بعض الشوربة والسلطة وان يرسلوها
الى غرفتها وبينما تأكل سمعت طرقاً خفيفاً على بابها :
- لاسي لم تنزلي لتأكلي معنا ؟
- انا متعبة ماكس وقررت أن اتناول عشائي في غرفتي تصبح على خير سأكون مستعدة في الصباح في الثامنة في ساحة استقبال الفندق اليس كذلك ؟؟
تفوه بكلمات لم تلتقطها ومشى .
في السابعة صباحاً استحمت لاسي وارتدت زياً قطنياً واخذت حقيبتها ونزلت الى صالة الاستقبال .
كانت قد اخذت كفايتها من النوم واحست بالجوع فتوجهت للمطعم المزين بكثير من النباتات مختلفة الاشكال ولاحظت اهتمام المضيفين بها الذين
تحدثوا في البداية بلغة اسبانية لم تفهمها رغم انها تعلمتها في المدرسة
وبعد ان تناولت وجبتها سألها خمسة او ستة منهم عدة اسئلة بالانجليزية مثل : منذ متى وانت تقيمين هنا ؟ هل يمكن مصاحبتك عندما افرغ من عملي ؟
شعرت بارتياح تجاه هذا الاهتمام خاصة بعد المعاملة العدائية التي تلقتها من ماكس , فجميل ان تضحك وتتناسى حاجتها اليه . وبمجرد ان ظهر ماكس
حتى انفض عنها المضيفون وقال :
- انسيت أننا في عمل ؟ زملائنا ينتظرون في صالة الاستقبال .
وجمت لاسي ونظرت لساعتها وقالت : الساعة ثمانية الا عشرة فقط كان يرتدي قميص مشابه لقميصها وبنطلون جينز . بدا على وجهه انه لم ينم جيداً ونظر
إلى جسمها نظرة اشتياق وسدد ثمن الوجبة ثم سألته :
- الن تأكلوا قبل أن نذهب ؟
أمسك معصمها وقادها لخارج المطعم وقال :
- لو كنت تناولت العشاء معنا لعرفت اننا اتفقنا ان نتناول افطارنا في السادسة والنصف .
قابلها الرجال بترحاب وذهبوا لمكتب تأجير السيارت , فوجئت به يجلس بجانبها في السيارة المستأجرة ولم يعلق أحد من الرجال .
قررت لاسي ان تتجاهله وان تحاول الاستمتاع بما تراه حولها . تنوع المناظر ادهشها ففي البداية جبال صخرية ثم أرض ممهدة ومباني خرسانية مغطاة
بالزجاج بالكامل والمطاعم التي تقدم الوجبات السريعة منتشرة على جانبي الطريق الى ايفر جلادس وبسرعة وصلوا الى البراري كانت قد قرات كتاب نهر
الحشائش تمهيداً للرحلة وعرفت ان النباتات في هذه المنطقة لا تنمو الا في الجو الدافئ
- ماكس من فضلك لا تجعل الاخرين يشعرون ان هناك مشكلة بيننا
- اذا كنت تقصدين بذلك دعوتي للاقامة معك في كوخك ففكري مرة اخرى .
رده المفاجئ المحبط جعلها تصمت حتى وصلو للمكان الذي سيقيمون فيه , وقفت السيارة امام المبنى الرئيسي نزل ماكس من السيارة ليفرغها من
حقائب السفر والكاميرات وكان ميلو بجانبها ولاحظ ماكس ذلك
اقترب منها جيف وقال :
- كوخك المبنى الرئيسي وموقعه جميل جداً ومحاط بمناظر جميلة
ولمحت لاسي ماكس ينظر اليها مما جعل نبضها يتسارع والرطوبة جعلت جلدها لزجاً ولكنها لم تعرف كيف تتصرف في ذلك . وفكرت في علاقتهما وتمنت
ان يزيل الشكوك من راسه ويحبها ..
- استطيع حمل حقائبي
هز ماكس رأسه مما لفت انتباهها الى شعره البني الداكن الذي جعلته الرطوبة مجعداً وقال لها :
- كوني على راحتك اليوم فلن نصور الا غداً .
اقتربت منهم . سيدة في عمر لورين تقريباً يعلو راسها شعر رمادي يتخلله شعر بني ترتدي الجينز وبلوزة ابتسمت لهم قائلة
- كنا في انتظاركم فنحن نرحب باهتمامكم ببرنامج مساعدة مربي القرود اسمي روث ستيفنس
- اهلاً روث هه لاسي وست بطلة الفيلم .
- نحن سعداء بقدومك لاسي نحن عائلة كبيرة ونعيش هنا ونأكل جميعاً معاً في غرفة الطعام
استلطفت لاسي روث بسرعة وقالت : هذا شيء جميل وماذا تفعلين هنا ؟
- أنا طبيبة بيطرية واعتني بزوجي دريو الذي درس القرود لسنوات وأنشأ معهداً مختصاً بذلك .
- انت تشعرينني اني لا افعل شيئاً في حياتي .
- كيف ذلك وانت تشاركين في هذا الفيلم انه برنامج فائق الاهمية .
ثم التفتت نحو ماكس قائلة :
- دريو متفائل لان شخصاً مثلك بشهرتك العالمية اختار ان يشارك في عمل كهذا يا مستر جارفس
ابتسم ماكس واجاب :
- ماكس يا سيدتي وليس مستر جارفس
- ثق يا ماكس في ان زوجي سيقدم لك العون الكامل واخبرني ان اعلمك بذلك .
- نشكركما على تعاونكما وسنحاول ان نخرج المشروع في أفضل صورة والفضل في ذلك يرجع ل لاسي التي عرفتني على جورج القرد الذي علمت
بأمر البرنامج وعرفت انه يمكن الاسهام بشيء ولذلك نحن هنا .
ارضاها مدح ماكس لكن جفائه لا زال يؤلمها .
تبعت لاسي روث وماكس الى داخل الكوخ الخشبي وقالت روث :
- لقد خصصت لك يا لاسي الغرفة المجاورة لغرفتي انا ودريو وفي المساء اذا اردت الانفراد بنفسك فاذهبي الى غرفتك فلن تجديها مغلقة ابداً
- اشكرك على اهتمامك
- ماكس اعرف انك ستشارك احد زملائك في غرفة فتفضلوا وكونوا على راحتكم ثم عودو للكوخ الرئيسي ففيه غرفة الاستراحة والحممامات
ابتسمت لاسي قائلة :
- شكراً لاهتمامك جعلتني اشعر وكأنني في بيتي
دخلت لاسي غرفتها ودخل ماكس والرجال الغرفة المربعة , وضعت حقائبها على الارض التي كانت مغطاة بحصيرة جميلة وستائرها مرسومة عليها زهور و
ورائها شبابيك صغيرة وبدا كل شيء نظيفاً ولم ترغب في اكثر من ذلك .
كان ماكس قد اخبرها انه سيقيم في الغرفة المجاورة لها مع ميلو وطمانها انها ستجد من يغيثها في حالة اقتحام اي كائن لغرفتها ولكنها اخبرته انها ليست
من النوع الذي يخاف بسرعة وانه سيكون آخر شخص تلجا اليه اذا احاجت المعاونة فتحداها بقوله :سنرى
سمعت لاسي عن النساء والرجال الذين يتعاركون بالايدي ولم يتخيل ان ذلك يحدث بالفعل حتى قابلت ماكس الذي كان غريب الاطوار
وسمعت ان بين الحب والكراهية شعرة واعتقدت ان ماكس قد ينطبق عليه هذا المثل تماماً
نامت لمدة ساعة ونهضت وهي تشعر بتحسن ولكنها عطشانة فتوجهت الى الكوخ الرئيسي ومعها بعض متعلقاتها وسمعت صوت مولد اذاً فالتكنولوجيا وصلت
الى هنا
- هالو
ادارت راسها فوجدت رجلاً اسبانياص وسيماً في مثل عمرها تقريباً خارجاً من غرفة الطعام
- أكيد انت الممثلة التي حدثتني عنها روث انا كارلوس ريفيرا وهنا ابدا عملي كطبيب بيطري لاول مرة
- انا لاسي وست وانا من سولت ليك فابتسم قائلاً:
- الذكاء والجمال ., هل يمكن ان تتناولي معي مشروباً؟
- على الرحب والسعة ولكن امهلني خمسة دقائق . ودخلت الحمام الذي فاجئها بتصميمه الذي يواكب الطراز الحديث غسلت وجهها وصففت شعرها
وخرجت تبحث عن كارلوس .
دخلت غرفة الطعام فوجدتها مليئة بالمقاعد واريكة كبيرة وعدة رفوف كتب مرصوص عليها كتب متنوعة والعاب وعلى الجانب الاخر منضدة .
جاءت روث من المطبخ حاملة المشروبات واعطتها لهما آخذت لاسي كوب ليمون وارتشفت منه رشفة كبيرة فالجو حار وهي عطشى فوجدته لذيذاً .
خاطبها كارلوس قائلاً :
- من الافضل لك ان تقضي يومك الاول في اللعب فقط
فقاطعته روث قائلة :
- كارلوس لما لا تصحب لاسي للبحيرة بعد الظهر فهي افضل مكان عرفته للاسترخاء والتمتع بالجو المعتدل
وقد نصحت ماكس و رفاقه بذلك فذهبوا هناك منذ ساعة .
بمجرد ان سمعت اسم ماكس حتى تلاحقت انفاسها وقالت :
- يمكن ان نؤجل ذلك
لم يكن ينقصها سوى ان يراها ماكس تسبح مع كارلوس حتى تشتعل الحرب بينهما
- كارلوس : ربما ترغبين في رؤية مستشفى الحيوانات حيث تسكن القرود ؟
- لاسي : نعم احب ذلك
اخذت روث الاكواب الفارغة وقالت :
- بمجرد عودتكما ستجدان العشاء جاهزاً
لمدة ساعتين استغرقت لاسي مع كارلوس في مشاهدة المعمل المدهش الذي لم تحلم برؤيته فقد وجدته عبارة عن قفص كبير من مساحة نصف فدان
وغير معزول عن الهواء الجوي الطبيعي ويعيش فيه اكثر من عشرة قرود ذات الاصل الجنوبي ذكرتها القرود بجورج فأحست وكانها في بيتها وكان كارلوس
خبيراً بالقرود واخبرها انها ليست كل القرود اليفة ففهمت لاسي لماذا تهتم لورين بتربية القرود منذ مولدها وادركت صعوبة ذلك .
استغرقت لاسي في الحديث مع كارلوس وهي داخلة الى الكوخ ثم ادركت ان ماكس ينظر اليها وفي عينيه نظرة اتهام , حدث ذلك بمجرد ان دخلا
الغرفة
استقبلتهما روث قائلة : احتفظت بطعامكما ساخناً
- كارلوس : لم نشعر بالوقت ونحن هناك
تقدم زوج روث وكان رجلاً طويلاً وقال :
لم نتقابل من قبل انا دريو ستيفنسن .
- لاسي : وانا لاسي وست تشرفت بمعرفتك
صافحها وهو مبتسم ثم نظر لكارلوس وقال :
- ما رايك في المكان
- كارلوس : رائع وساحر لا زلت لا اصدق أنني هنا وكذلك لاسي
-دريو : اعرف ما تعنيه جئنا هنا منذ ستة وثلاثين عاماً ولم نسافر لاي مكان منذ وقت طويل . اجلسا طهت روث وجبة دجاج للعشاء ترحيباً بكم
جلست لاسي بجوار دريو , كان العشاء جيداص وكان دريو وكارلوس يجيبان على اسئلة الجميع وعندما دقت الساعة الثامنة اعلن ماكس انه حان وقت
النوم فالليل يبدأ مبكراً في جلاديس وسيبدؤن التصوير في السادسة صباحاً
عندما طلب كارلوس من لاسي البقاء للتحدث معه لفترة قصيرة انبرى ماكس قائلاً :
- سأصحبك لكوخك فهناك تغيير بسيط في نص الفيلم و اود ان اناقشه معك قبل ان نصور غداً .
تأسفت لكارلوس وشكرت روث و زوجها ثم تبعت ماكس الذي اضاء كشاف نور امامها حتى يصلا لكوخها ثم اضاء مصباح الكوخ , فوجئت لاسي انه لم
يذكر كلمة عن كارلوس .
- ماكس : ذهبت للبحيرة و وجدتها أفضل مكان نبدا فيه تصوير الفيلم فالمنظر هناك خلاب والكائنات الحية متنوعة كما ان الضوء مناسب , كتبت سيناريو
لهذه المقدمة و وضعته في خزانتك اريدك ان تدرسيه قبل نومك .
تحدث ماكس بلهجة عملية ولم يوح كلامه بأي غضب , اين المشاعر التي جمعتهما اذاً ؟ عندما هم بالخروج امسكت ذراعه ولكنها عندما لاحظت برودة
ردة فعله افلتتها قائلة :
- انا لا ادعي انني سأعلمك عملك ولكن بعد ظهر اليوم عندما اراني دكتور ريفيرا القرود المريضة في المعمل عرفت لماذا تعد اثمان القرود مرتفعة وخطر
لبالي ان تصوره في الفيلم ليشرح ذلك ويكون المعمل خلفية له .
صمت ماكس طويلاً حتى ظنت انه لم يسمعها او انه لم يقبل الفكرة لأنها اختارت اول رجل وجدته امامها .
فوجئت به يقول :
- لماذا لم تخبريني بذلك الى الان ؟ على العموم سأكتب السيناريو بالكامل الليلة سأحضر كراستي .
نظرت اليه بائسة , كلما ظنت انها تحرز تقدماً تجد ماكس يهدم كل شيء فوق رأسها فتفقد الامل فوراً ان يحبها
عاد بعد لحظات وجذب كرسياص ليجلس عليه تاملته وهي متشوقة للمسة منه او ابتسامة او نظرة حانية
جلست على السرير وحاولت تذكر حديثها مع كارلوس في المعمل وبينما هو يكتب تأملت شعره الذي تجعد بفعل الرطوبة وانتابتها رغبة ملتهبة ان تمرر
اصابعها خلاله .
نظرت الى وجهه الذكي وفمه القوي الذي اشعل النار فيها حينما قبلها اول مرة , لا يهم القسوة التي عاملها بها فهي تريد ان ترتمي بين ذراعيه وان يقبلها
بجنون مرة آخرى .
افاقت على سؤاله فطلبت منه ان يكرره ولم تستطع ان تجيب بجملة مفيدة
- ماكس : يبدو انك متعبة اذاً عليك مراجعة التغيرات غداً ويمكن ان نعمل في هذا في اي وقت
وقف فتوسلت اليه بصوت ضعيف : " لا تذهب "
لم يقل شيئاً كان جافاً لدرجة انها تمنت لو قطع لسانها قبل ان تناديه
- ماكس : كوخ دكتور ريقيرا أمامك يبو انك في حاجة الى خدماته وقد لاحظت على العشاء انه مفتون بك اتريدين ان استدعيه لك ؟!!
- انا اكرهك يا ماكس جارفس
ساد الصمت فترة قبل ان يقول :
- لا تستطيعين الكراهية ما دمت تحبين , صلي لله ان لا تفقدي جمالك بعد فنرة قصيرة لأنه حين تفقدينه ستفقدين كل شيء .
تألمت لاسي من كلامه وما ان خرج حتى استلقت لتسمع اصوات الكائنات الحية في جلاديس , كائنات تعيش لتصيد وتصاد ثم سمعت صرخة هائلة بدى
لها وكأنها صرخة موتها .
في اقرب لحظة ستعود الى سولت ليك وتترك شقة اختها وسيكون على فاليري ان تجد شخصاً اخر يسكنها وبمجرد ان تترك لاسي فلوريدا فلن ترغب في
رؤية ماكس مرة اخرى .
نهاية الفصل التاسع