الفصل الخامس والأربعون
توقفت أيفين ومرافقها بجانب أحد الباعة وتناول كل منهما كوبا من الشراب المثلج , وأخذا يراقبان رقصة الجيغ السريعة التقليدية على أنغام الطبول والدفوف ونوع غريب من القرب الموسيقية , وفي ركن آخر من الساحة كان فريق من الغجر يقدم رقصاته , والعربات القروية تأتي من التلال مزدانة بالزهور , تحمل المزيد من الناس في ثياب زاهية.
كان أشبه بمهرجان تاريخي من مهرجانات الماضي , وكانت أيفين مأخوذة ومتلهفة لرؤية كل شيء , ورفعها كينيت الى عتبة نافذة حجرية في أحد بيوت الساحة بحيث يمكنها أن تشاهد على أفضل نحو مشاهد الموكب أثناء مروره , وقد شعرت بدفء كتفه تحت يدها.... وفي الوقت نفسه شعرت فجأة بدافع للنظر الى أحدى شرفات قصر شامخ في الساحة.
هناك رأت دون جوان الى جانب راكيل ووالدها , كانت راكيل ترتدي ثوبا أنيقا أزرق وقد غطّت شعرها الفاحم اللامع بطرحة بيضاء مطرزة تتلألأ ماساتها تحت الشمس , أحست أيفين كأن قلبها يثب هلعا , كانت راكيل تبدو أشبه بعروس وهناك قرنفلة صغيرة في عروة سترة المركيز.
سألها كينيت:
" أهذا هو ؟ أهذا هو الوصي المهيب الطويل القامة الواقف بجوار دونا راكيل المتألقة؟".
أومأت برأسها .
ونظر كينيت الى دون جوان ثانية وقال :
" أجل , أنه أصغر بكثير مما كنت أظن , أنهما هو وراكيل يؤلفان زوجين رائعين.... ومن يكون الأسباني الآخر الواقف وراءها ؟ إنه يرتدي ثياب مصارع الثيران!".
تأملت أيفين الأسباني الذي كان يرتدي فعلا ثياب المصارع , كان يضحك ويلوح للجمهور المحتشد تحت الشرفة , وتذكرت أيفين قول راكيل ذات مرة أن مصارع ثيران مشهورا طلب يدها وأنه يتردد على زيارة الجزيرة من حين الى آخر لكي يتقدم الى خطبتها.
وبينما كانت أيفين تراقب شرفة القصر , رأت دون جوان ينحني برأسه ويهمس بشيء الى راكيل , أبتسمت ونظرت الى المصارع ووضعت يدا نحيلة على كم دون جوان , ولمعت أشعة الشمس على ماسات السوار الذي يحيط بمعصم راكيل كنار ملتهبة فوق كم دون جوان القاتم.
أبتعدت أيفين بنظرها ناحية أخرى , في هذا الصباح بالذات قال لها دون جوان على الأفطار أن الرجل في الجزيرة لا يزال يعطي الفتاة التي يحبها سوارا لكي يعرف الجميع أنه يريدها , وراكيل بالطبع إنما تطلب سوارا ماسيا يناسبها , ودون جوان يعطي بسخاء حتما لمن يقول لها ( أنا أريدك).
أقترب صوت فرقة موسيقية وعم الطنين الحشود المرتقبة , وأقبل الموكب الى الساحة وحمل الآباء أطفالهم على أكتافهم حتى يمكنهم أن يلقوا بعقود الزهر , وأخذت الفتيات يرقصن للشبان ...... حواء تغري آدم.
لمست أيفين سوارها , ولكنها لم تقو على رفع بصرها الى كينيت , وهذا المهرجان هو أحتفال للحب ! الغواية تفوح في الهواء , وفي وسعها أن تستسلم الآن وتقول له خذني بعيدا عن الجزيرة.
****************************